أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 35 - صـ 1019

جلسة 16 من إبريل سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ أحمد شوقي المليجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود مصطفى سالم، صلاح محمد أحمد، أحمد طارق البابلي وأحمد زكي غرابة.

(193)
الطعن رقم 1991 لسنة 53 القضائية

(1، 2) تأمينات اجتماعية "إصابة العمل". مسئولية "المسئولية الشيئية". حكم "تسبيب الحكم: ما يعد قصوراً".
(1) خطأ صاحب العمل الشخصي الذي يرتب مسئوليته الذاتية في معنى المادة 68/ 2 ق 79 لسنة 1975، خطأ واجب الإثبات لا تطبق في شأنه أحكام المسئولية المفترضة المنصوص عليها في المادة 178 مدني. علة ذلك.
(2) عدم بيان الحكم سبيله إلى ثبوت الخطأ وصلته بالحادث الذي قضى بالتعويض عنه. قصور. مثال.
1 - لما كان الخطأ المعني بالفقرة الثانية من المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 - المنطبق على واقعة الدعوى - الذي يجيز للمصاب بإصابة عمل أو للمستحقين عنه التمسك قبل صاحب العمل بأحكام أي قانون آخر إذا نشأت الإصابة عنه - هو خطأ صاحب العمل الشخصي الذي يرتب مسئوليته الذاتية، وهو خطأ واجب الإثبات فلا تطبق في شأنه أحكام المسئولية المفترضة الواردة في المادة 178 من القانون المدني لأن النص في الفقرة الثانية من هذه المادة على أنه "هذا مع عدم الإخلال بما يرد في ذلك من أحكام خاصة" يدل على أنه عندما يكون قد ورد في شأن المسئولية الشيئية أحكام خاصة فإن هذه الأحكام هي التي تطبق دون أحكام المسئولية المفترضة الواردة في صدر تلك المادة التي تقوم على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء افتراضاً لا يقبل إثبات العكس فلا ترتفع هذه المسئولية إلا إذا أثبت الحارس أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأسس قضاءه بالتعويض على اقتراض الخطأ من جانب الطاعنة بالتطبيق لأحكام المسئولية الشيئية المنصوص عليها في المادة 178 من القانون المدني - فإنه يكون قد - تحجب بذلك عن إعمال أحكام المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي سالف الإشارة إليها فيما تضمنه من أحكام خاصة بشأن خطأ صاحب العمل الواجب الإثبات.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه أن الطاعنة لم تؤمن على طاقم الطائرة ومنهم مورث المطعون ضدهما الأولى والثانية بالمخالفة لما توجبه نظم واتفاقات الطيران الدولية دون أن يبين سبيله إلى هذه المخالفة وكيف ثبتت له وصلة ذلك بالحادث الذي قضى بالتعويض عنه، فإنه يكون فضلاً عن مخالفته القانون قد عابه القصور بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر.... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى عن نفسها وبصفتها وصية على ولديها..... والمطعون ضدها الثانية أقامتا الدعوى رقم 1358 سنة 1979 عمال كلي جنوب القاهرة على الطاعنة - شركة نيل دلتا اير سرفيس - والمطعون ضدها الثالثة - الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية - وطلبت الحكم بإلزامها متضامنين بأن يدفعا لهما مبلغ ستين ألف جنيه، وقالتا بياناً لذلك أن مورثهما المرحوم.... كان قد التحق بالعمل لدى الشركة الطاعنة في وظيفة طيار، وبتاريخ 5/ 11/ 1978 توفى إثر إحدى طائراتها أثناء قيادته لها. وتحرر عن ذلك المحضر رقم 315 لسنة 1978 إداري الدخيلة، ولما كانت وفاته قد نشأت عن حادث عمل ومن حقهما اقتضاء التعويض عن الأضرار الناجمة عنها، وكانت الطاعنة قد أنكرت هذا الحق فقد أقامتا الدعوى بطلبهما آنف البيان، وبتاريخ 26/ 2/ 1980 قضت المحكمة بندب خبير لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 8/ 5/ 1982 برفض الدعوى، استأنف المطعون ضدهما الأولى والثانية هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 922 سنة 99 ق وبتاريخ 20/ 6/ 1983 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضدها الأولى عن نفسها وبصفتها مبلغ عشرين ألف جنيه، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنه لما كان قد أسس قضاءه بالتعويض على افتراض الخطأ في جانبها إعمالاً لأحكام المسئولية الشيئية الواردة في القانون المدني في حين أن المادة 68 من القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي صريحة في عدم جواز التمسك ضد صاحب العمل بأحكام أي قانون آخر إلا إذا كانت الإصابة قد نشأت عن خطأ من جانبه، وهو في هذا الخصوص خطأ شخصي ذاتي يقع عبء إثباته على من يدعيه فضلاً عن ضرورة إثبات أن الحادث قد نشأ عن هذا الخطأ وبسببه، وكان ما ذهب إليه الحكم من أن الطاعنة لم تقم بالتأمين على طاقم الطائرة الذي كان مورث المطعون ضدهما الأولى والثانية من بينهم خلافاً لما تقضي به نظم واتفاقات الطيران الدولية ليس له أصل ثابت في الأوراق ولم يورد الحكم وجه الخطأ في ذلك وأثره في وقوع الحادث، فإنه يكون قد خالف القانون وعابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كان الخطأ المعنى بالفقرة الثانية من المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 والمنطبق على واقعة الدعوى - الذي يجيز للمصاب بإصابة عمل أو للمستحقين عنه التمسك قبل صاحب العمل بأحكام أي قانون آخر إذا نشأت الإصابة عنه - هو خطأ صاحب العمل الشخصي الذي يرتب مسئوليته الذاتية، وهو خطأ واجب الإثبات فلا تطبق في شأنه أحكام المسئولية المفترضة الواردة في المادة 178 من القانون المدني لأن النص في الفقرة الثانية من هذه المادة على أنه "هذا مع عدم الإخلال بما يرد في ذلك من أحكام خاصة" يدل على أنه عندما يكون قد ورد في شأن المسئولية الشيئية أحكام خاصة فإن هذه الأحكام هي التي تطبق دون أحكام المسئولية المفترضة الواردة في صدر تلك المادة التي تقوم على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء افتراضاً لا يقبل إثبات العكس فلا ترتفع هذه المسئولية إلا إذا أثبت الحارس أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه، وكان الحكم المطعون قد خالف هذا النظر وأسس قضاءه بالتعويض على اقتراض الخطأ من جانب الطاعنة بالتطبيق لأحكام المسئولية الشيئية المنصوص عليها في المادة 178 من القانون المدني، تحجب بذلك عن إعمال أحكام المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي السالف الإشارة إليها فيما تضمنه من أحكام خاصة بشأن خطأ صاحب العمل الواجب الإثبات، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه أن الطاعنة لم تؤمن على طاقم الطائرة ومنهم مورث المطعون ضدهما الأولى والثانية بالمخالفة لما توجبه نظم واتفاقات الطيران الدولية دون أن يبين سبيله إلى هذه المخالفة وكيف ثبتت له وصلة ذلك بالحادث الذي قضى بالتعويض عنه، فإنه يكون فضلاً عن مخالفته القانون قد عابه القصور بما يستوجب نقضه دون ما حاجة لبحث السبب الثاني للطعن.