أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 35 - صـ 1045

جلسة 18 من إبريل سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ يحيى العموري، نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: جهدان حسين عبد الله، ماهر قلادة واصف، حسين علي حسين والحسيني الكناني.

(199)
الطعن رقم 1148 لسنة 53 ق

(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن": "الإخلال للتنازل عن الإيجار"، مهجرون "إزالة آثار العدوان" "امتداد عقود التأجير للمهجرين".
1 - حماية المشرع للمهجرين طبقاً للقانون 76 لسنة 1969 المعدل بالقانون 48 لسنة 1970 أثرها سلب حق المؤجر في طلب إخلال المستأجر الأصلي للتنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن. قبض المؤجر الأجرة من المهجر باعتباره شاغلاً العين بسند من القانون وليس مستأجراً.
2 - عودة المهجر إلى موطنه الأصلي الذي هجر منه واستقراره فيه ومباشرته لعمله على نحو معتاد. أثره. إزالة أثار العدوان بالنسبة له علة ذلك زوال صفة التهجير التي أكسبته الحماية. مؤدى ذلك عودة حق المؤجر في طلب إخلائه.
3 - المهجر. اعتبار شغله للعين مستنداً للقانون وليس مستأجراً مؤداه أن الإيجار أو التنازل الصادر منه للغير ولو كان مهجراً مثله موجب لإخلائه من العين. عدم استفادة غير المهجر بحماية القانون 76/ 1969 - المعدل. ولو كان من أقاربه أو المشاركين له في المسكن.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحماية التي أسبغها المشرع على المهجرين من القانون 76 لسنة 69 المعدل بالقانون 48 لسنة 70 قد سلبت من المؤجر حق طلب الإخلاء للتنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن بحيث أضحى ولا خيار أمامه وقد انقطعت صلته من حيث الواقع بالمستأجر الأصلي إلا قبض الأجرة من المتنازل إليه المهجر لا باعتباره مستأجراً وإنما باعتباره شاغلاً العين لا اعتداداً بإرادته كمؤجر بل بسند من القانون لا يملك حياله صرفاً ولا عدلاً.
2 - زوال آثار العدوان وبالتالي زوال الحماية عن المهجر يتحقق فعلاً وواقعاً إذا عاد المهجر إلى موطنه الأصلي الذي هجر منه واستقر فيه وباشر عمله هناك على نحو معتاد وكان البين مما أثبته الحكم المطعون فيه بمدوناته ومن أوراق الدعوى ومستنداتها أن الطاعنة الأولى - المتنازل إليها - قد عادت إلى موطنها الأصلي ببور سعيد واستقرت وباشرت عملها فيه على وجه معتاد فإنها بهذه العودة تبلغ حماية القانون لها أجلها بانقضاء علة إسباغها عليها وهي قيام آثار العدوان ويعود للمؤجر الحق في الاستناد من جديد إلى قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية في طلب الحكم بالإخلاء إذا توافرت شروطه ذلك أن ما شرعه القانون سالف الذكر قد استهدف مواجهة حالة ملحة عاجلة استبقت تهجير نفر من المواطنين من مساكنهم الأصلية ونزوحهم إلى سائر مدن الجمهورية واضطرارهم إلى استئجار مساكن بها فيجب عدم التوسع في تطبيقه باعتباره استثناءً من قوانين إيجار الأماكن.
3 - الميزة التي منحها القانون للطاعنة الأولى - على نحو ما سلف تقتصر عن إنزالها منزلة المستأجر وبالتالي فليس للطاعن الثاني أن يدعي امتداد عقد إيجار شقة النزاع له بدعوى مساكنته لأمه منذ بداية التهجير إذ لا وجود لمثل هذا العقد ولكن - كما سبق - قد فرض القانون شرعية إقامتها لعين النزاع - على خلاف الأصل - إلى حين، كما ليس له أن يدعي تنازل الطاعنة الأولى له عن الإيجار ذلك أن هذا التنازل بفرض حصوله لا ينتج أثراً في صحيح القانون إذ يجب للاعتداد بهذا التنازل طبقاً للقانون أن يكون صادراً للمهجر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدهما الأولى والثانية أقامتا الدعوى 2980 سنة 974 مدني الإسكندرية الابتدائية ضد الطاعنين والمطعون ضده الثالث بطلب الحكم بإخلائهم من شقة النزاع تأسيساً على أنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 4/ 964 استأجر المطعون ضده الثالث هذه العين منهما بيد أنه تنازل عنها للطاعنة الأولى في فبراير سنة 970 بدون إذن كتابي منها بدعوى أنها من مهجري بور سعيد وأقام بعين أخرى والتي تركتها بدورها لولدها الطاعن الثاني وعادت إلى موطنها الأصلي ومن ثم فقد أقامتا الدعوى أحالت محكمة الدرجة الأولى الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع شهود الطرفين قضت بالإخلاء. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف 358 سنة 32 ق الإسكندرية وبتاريخ 28/ 1/ 78 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به إخلاء الطاعن الثاني ورفض الدعوى بالنسبة له، طعنت المطعون ضدها الأولى والثانية في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن 478 سنة 48 ق وبتاريخ 13/ 1/ 1982 قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية التي حكمت بتاريخ 15/ 2/ 1983 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العام مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنان بأوجه الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم استدل من بطاقة تهجير الطاعنة الأولى في 24/ 6/ 69 أن محل إقامتها منطقة الحضرة بالإسكندرية وقصرت فاعلية البطاقة على هذه المنطقة وحدها حالة أن الطاعنين تمسكا أمام محكمة الموضوع بإقامتهما بشقة النزاع منذ أن هجراً وأنه لم يكن لهما أي مسكن آخر بمنطقة الحضرة وأن ما ذكره المطعون ضدهما بصحيفة الدعوى من أن التنازل عن شقة النزاع تم في فبراير سنة1970 يدل على إقامة الطاعنين بعين النزاع منذ أن هجرا إلا أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع فضلاً عن خطئه فيما أورده بأسبابه من أن صفة المهجر لا تثبت لا ببطاقة التهجير واتخذ ما أثبت بها من تهجير الطاعنة إلى منطقة الحضرة دليلاً على إقامتها بهذه المنطقة وأن الجهة المختصة لا بد وأن تكون قد أعدت لها مسكناً، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على ما تمسكت به الطاعنة في صحيفة الاستئناف بخصوص إلزام المستأجر بعقد الإيجار بدفع 70% من الأجرة للمؤجر في حالة التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار وأن استعمال المستأجر هذا التصريح يسقط حق المؤجر في طلب الإخلاء فضلاً عن خطأ الحكم إذ قضى بإخلاء دون أن يتحقق من ملكية المطعون ضدهما لعين النزاع أو أنهما ورثة المؤجر.
وحيث إن هذا النعي - أياً كان وجه الرأي فيه - غير منتج ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحماية التي أسبغها المشرع على المهجرين من القانون 76 لسنة 969 المعدل بالقانون 48 لسنة 970 قد سلبت حق المؤجر في طلب الإخلاء للتنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن بحيث أضحى ولا خيار أمامه وقد انقطعت صلته من حيث الواقع بالمستأجر الأصلي إلا قبض الأجرة من المتنازل إليه المهجر لا بوصفه مستأجراً وإنما باعتباره شاغلاً العين بسند من القانون لا يملك حياله صرفاً ولا عدلاً، لما كان ذلك وكان زوال آثار العدوان وبالتالي زوال الحماية عن المهجر يتحقق فعلاً وواقعاً إذا عاد المهجر إلى موطنه الأصلي الذي هجر منه واستقر فيه وباشر عمله هناك على نحو معتاد وكان البين مما أثبته الحكم المطعون فيه بمدوناته ومن أوراق الدعوى ومستنداتها أن الطاعنة الأولى - المتنازل إليها - قد عادت إلى موطنها الأصلي ببور سعيد واستقرت وباشرت عملها فيه على وجه معتاد فإنها بهذه العودة تبلغ حماية القانون لها أجلها بانتفاء علة إسباغها عليها وهي قيام آثار العدوان ويعود للمؤجر الحق في الاستناد من جديد إلى قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية في طلب الحكم بالإخلاء إذا توافرت شروطه ذلك أن ما شرعه القانون سالف الذكر قد استهدف مواجهة حالة ملحة عاجلة استبقت تهجير نفر من المواطنين من مساكنهم الأصلية ونزوحهم إلى سائر مدن الجمهورية واضطرارهم إلى استئجار مساكن بها فيجب عدم التوسع في تطبيقه باعتباره استثناءً من قوانين إيجار الأماكن، وإذ كانت الميزة التي منحها القانون للطاعنة الأولى - على نحو ما سلف - تقصر عن إنزالها منزلة المستأجر وبالتالي فليس للطاعن الثاني أن يدعي امتداد عقد إيجار شقة النزاع له بدعوى مساكنته لأمه منذ بداية التهجير إذ لا وجود لمثل هذا العقد ولكن - كما سبق - قد فرض القانون شرعية إقامتها لعين النزاع - على خلاف الأصل - إلى حين، كما ليس له أن يدعي تنازل الطاعنة الأولى له عن الإيجار ذلك أن هذا التنازل بفرض حصوله لا ينتج أثراً في صحيح القانون إذ يجب للاعتداد بهذا التنازل طبقاً للقانون أن يكون صادر للمهجر لا صادراً منه وينبني على ذلك أن التنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن الصادر من المهجرين لغيرهم ولو كانوا مهجرين مثلهم لا يمنحهم ميزة الاستفادة من أحكام القانون رقم 76 لسنة 69 المعدل بالقانون 48 لسنة 1970 بل يطبق عليهم حكم قوانين إيجار الأماكن في طلب الإخلاء ذلك أن القانون رقم 76 لسنة 69 المعدل بالقانون 48 لسنة 70 لا يعطي للمستفيدين من أحكامه ذات الحقوق والمزايا المقررة للمستأجرين العاديين بمقتضى قوانين إيجار الأماكن وإنما تقتصر الميزة التي يمنحها للمهجرين على عدم جواز الحكم بإخلائهم إذا كان شغلهم للعين قد تم بطريق التنازل أو التأجير من الباطن وتكون إقامتهم لعين النزاع لا بناءً على هذا التنازل أو التأجير من الباطن، بل بناءً على سند من هذا القانون والذي لا تعتبر أحكامه دائمة بل مرهونة بزوال أثار العدوان وذلك على النحو السابق إيراده وبالتالي فلا يسوغ للمهجر إسكان الغير أو إشراكه معه في المسكن كما لا يحق له تأجير العين من باطنه خالية أو مفروشة أو التنازل عنها، وكان ما أثاره الطاعنان في شأن عدم تحقق الحكم المطعون فيه من صفة المطعون ضدهما كورثة للمؤجرة ودون إقامة الدليل على ملكيتهما للعقار الكائن فيه عين النزاع غير مقبول لأنه سبب جديد لم يسبق للطاعنين التمسك به أمام محكمة الموضوع ومن ثم فلا يجوز لهما التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى الحكم بإخلاء شقة النزاع المتنازل عن إجارتها للطاعنة بغير إذن كتابي من المطعون ضدهما المؤجرتين فإنه يكون قد أعمل القانون على وجهه الصحيح ويكون الطعن على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.