أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 35 - صـ 1111

جلسة 26 من إبريل لسنة 1984

برياسة السيد المستشار/ عاصم المراغي، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد كمال سالم نائب رئيس المحكمة، محمد العفيفي، شمس ماهر وممدوح السيد.

(212)
الطعن رقم 1501 لسنة 50 القضائية

حراسة "الحراسة الإدارية". دعوى "قبول الدعوى".
الأموال والممتلكات التي وضعت تحت الحراسة بموجب قانون الطوارئ. صيرورتها ملكاً للدولة بقوة القانون من وقت رفع الحراسة. تحديد التعويض عنها بمقدار صافي قيمتها وبحد أقصى قدره ثلاثون ألف جنيه. ق 150 لسنة 64 عدم اعتبار الدولة خلفاً عاماً أو خاصاً لأصحاب هذه الأموال. تخويل المدير العام لإدارة الأموال سلطة الفصل في جدية الديون. اللجوء إلى القضاء بطلب دين قبل عرضه عليه لإصدار قرار بشأنه. أثره. عدم سماع الدعوى. القرار الجمهوري رقم 1876 لسنة 1964.
يدل نص المادة الثانية من القانون رقم 150 لسنة 1964 برفع الحراسة عن أموال وممتلكات الأشخاص الذين فرضت عليهم طبقاً لأحكام قانون الطوارئ والفقرة الرابعة من المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 1876 لسنة 1964 الصادر بالاستناد إلى ذلك القانون - على أن المشرع جعل الأموال والممتلكات التي وضعت تحت الحراسة بموجب قانون الطوارئ ملكاً للدولة من وقت رفع الحراسة بحكم القانون، وأراد أن يكون التعويض عنها بمقدار صافي قيمتها وبحد أقصى لا يجاوز المبلغ الإجمالي الذي قدره بثلاثين ألف جنيه، والغرض من ذلك تصفية الحراسة التي فرضت على أصحابها وتجريدهم من أموالهم وممتلكاتهم وحصر مراكزهم المالية في نطاق التعويض الإجمالي لاعتبارات اقتضتها مصلحة الدولة محافظة على نظامها العام وحماية لأهدافها، وإذ كانت أيلولة الملكية إلى الدولة بقوة القانون ولا تتلقاها بمثابة خلف عام أو خاص عن أصحاب هذه الأموال فإنها لا تكون مسئولة بحسب الأصل عن ديونهم في الأموال والممتلكات التي كانت في الضمان العام أو الخاص محلاً للوفاء بحقوق الدائنين، إلا أن القرار الجمهوري الذي وضع القواعد الخاصة بالتصفية جعل من اختصاص المدير العام لإدارة هذه الأموال والممتلكات تقدير قيمتها والفصل في جدية الديون التي يتقدم بها أصحابها، وأجاز له استثناءً من هذا الأصل أن يصدر بشأنها قرار بقبول أداء الدين من قيمتها فيسدده بعد استنزاله لتكون سندات التعويض ممثلة لناتج التصفية أو يصدر قرار برفض الأداء لعدم جدية الدين أو صوريته أو لأي سبب يقرره القانون فيستبعده من حساب التعويض، ولا يكون للدائن إلا حق الرجوع على المدين، وإذ كان القانون يجعل للمدير العام سلطة الفصل في جدية الديون يملك استنزال ما يقبله واستبعاد ما يرفضه من حساب التعويض، ويعتبر قراره في هذا الشأن جزءاً لا يتجزأ من نظام تصفية الحراسة يتوقف عليه تحديد ناتجها لتحقيق أغراضها المتعلقة بالنظام العام فإنه لا يجوز للدائن أن يلجأ إلى القضاء بطلب دينه قبل عرضه على المدير العام لإدارة الأموال التي آلت إلى الدولة لإصدار قرار بشأنه، وإذ هو لجأ إلى القضاء دون أن يسلك السبيل الذي رسمه القانون فإن الدعوى لا تكون مسموعة ولا يعد حظراً على الأفراد في الالتجاء إلى القضاء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على المطعون ضده الأول الدعوى رقم 118 سنة 1973 تجاري كلي الإسكندرية انتهت فيها إلى طلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي لها مبلغ 32605.064 جنيهاً وقالت في بيانها أن المطعون ضده كان شريكاً متضامناً ومديراً لشركة كلونيال التجارية وقام بسحب المبلغ المطالب به من خزينتها قبل تأميمها وإدماجها في الشركة الطاعنة وقد أقامت الدعوى طالبة رد هذا المبلغ لها. أدخل المطعون ضده الأول باقي المطعون ضدهم للحكم عليهم بما عسى أن يحكم به عليه. وبتاريخ 18/ 11/ 1973 حكمت محكمة أول درجة بندب خبير في الدعوى وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 28/ 1/ 1979 بإلزام المطعون ضده الأول بأن يدفع للشركة الطاعنة مبلغ 386 مليم، 254860 جنيه. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 290 سنة 35 ق تجاري الإسكندرية، كما استأنفته الشركة الطاعنة بالاستئناف رقم 308 سنة 35 ق الإسكندرية وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الأخير للأول حكمت بتاريخ 19/ 4/ 1980 بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثمانية أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفى بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه أخطأ في قبوله للدفع الذي أثاره المطعون ضده الأول بعدم سماع الدعوى لعدم التقدم بالدين إلى المدير العام دون أن يقدم الأخير دليل صحة دفعه المرتكن على نص الفقرة الرابعة من المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 1876 سنة 1964 ودون أن تمكنها من تقديم ما يدحض ذلك ولم تبين في حكمها دليل ثبوت صحة ذلك الدفع مما يعيب حكمها بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان البين من مدونات الحكم الاستئنافي أن الشركة الطاعنة لم تثر أمام محكمة الموضوع دفاعها الوارد بسبب النعي كما أنها لم تقدم في طعنها الماثل الدليل على عرضه لدى تلك المحكمة ولئن تعلق هذا الدفاع بسبب قانوني إلا أنه يخالطه واقع إذ يستلزم تحقيق ما إذا كان المطعون ضده الأول ممن فرضت عليهم الحراسة طبقاً لأحكام قانون الطوارئ وخضع لأحكام القانون رقم 150 سنة 1964 وهو ما لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض ومن ثم يكون ذلك النعي غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالأسباب من الثاني إلى السابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه قضى بقبول الدفع بعدم سماع الدعوى مستنداً في ذلك إلى نص الفقرة الرابعة من القرار الجمهوري رقم 1876 سنة 1964 بوجوب عرض جميع الديون على المدير العام لإدارة الأموال والممتلكات التي آلت إلى الدولة قبل الالتجاء إلى القضاء في حين أن ذلك القرار الجمهوري لا يعد وأن يكون قراراً إدارياً ولا يرقى إلى مرتبة القانون وعلى ذلك فإن ما تضمنه من حظر اللجوء إلى القضاء يكون مخالفاً للقانون ويترتب عليه مصادرة الحقوق التي لم يتم التقدم بها إلى المدير العام وفي ذلك خروج عن التفسير الصحيح لذلك القرار إذ مؤدى ذلك أن يكون من تقدم بدينه للمدير العام وثبت عدم جديته أو صوريته في وضع أفضل ممن لم يتقدم بدينه للمدير العام وعلى ذلك فإنه يتعين قصر ذلك القرار الجمهوري على من تقدموا بديونهم دون غيرهم كما وأن مؤدى رفع الحراسة عملاً بالقانون رقم 150 سنة 1964 عودة حق التقاضي لمن فرضت عليهم الحراسة فيجوز مطالبتهم بالديون التي عليهم قبل فرض الحراسة وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم سماع الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المادة الثانية من القانون رقم 150 لسنة 1964 برفع الحراسة عن أموال وممتلكات الأشخاص الذين فرضت عليهم لأحكام قانون الطوارئ تقضي بأن تؤول إلى الدولة الأموال والممتلكات التي رفعت الحراسة عنها ويعوض عنها صاحبها بتعويض إجمالي قدره 30 ألف جنيه ما لم تكن قيمتها تقل عن ذلك فيعرض عنها بمقدار هذه القيمة، وتنص الفقرة الرابعة من المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 1876 لسنة 1964 الصادر بالاستناد إلى ذلك القانون على أن "الأموال والممتلكات التي تؤول إلى الدولة ويعوض عنها صاحبها وفقاً لأحكام القانون رقم 150 سنة 1964 المشار إليه هو صافي قيمتها بعد استنزال جميع الديون العقارية والممتازة والعادية بحيث تكون سندات التعويض ممثلة لناتج التصفية، ولا يجوز الرجوع على صاحب هذه السندات بغير الديون التي يرفض المدير العام أداءها بقرار مسبب لعدم جديتها أو صوريتها أو لأي سبب آخر يقدره القانون" يدل على أن المشرع جعل الأموال والممتلكات التي وضعت تحت الحراسة بموجب قانون الطوارئ ملكاً للدولة من وقت رفع الحراسة بحكم القانون، وأراد أن يكون التعويض عنها بمقدار صافي قيمتها وبحد أقصى لا يجاوز المبلغ الإجمالي الذي قدره بثلاثين ألف جنيه، والغرض من ذلك تصفية الحراسة التي فرضت على أصحابها وتجريدهم من أموالهم وممتلكاتهم وحصر مراكزهم المالية في نطاق التعويض الإجمالي لاعتبارات اقتضتها مصلحة الدولة محافظة على نظامها العام وحماية لأهدافها، وإذ كانت أيلولة الملكية إلى الدولة بقوة القانون ولا تتلقاها بمثابة خلف عام أو خاص عن أصحاب هذه الأموال فإنها لا تكون مسئولة بحسب الأصل عن ديونهم في الأموال والممتلكات التي كانت في الضمان العام أو الخاص محلاً للوفاء بحقوق الدائنين، إلا أن القرار الجمهوري الذي وضع القواعد الخاصة بالتصفية جعل من اختصاص المدير العام لإدارة هذه الأموال والممتلكات تقدير قيمتها والفصل في جدية الديون التي يتقدم بها أصحابها، وأجاز له استثناءً من هذا الأصل أن يصدر بشأنها قراراً بقبول أداء الدين من قيمتها فيسدده بعد استنزاله لتكون سندات التعويض ممثلة لناتج التصفية أو يصدر قراراً برفض الأداء لعدم جدية الدين أو صوريته أو لأي سبب يقرره القانون فيستبعده من حساب التعويض، ولا يكون للدائن إلا حق الرجوع على المدين، وإذ كان القانون يجعل للمدير العام سلطة الفصل في جدية الديون يملك استنزال ما يقبله واستبعاد ما يرفضه من حساب التعويض، ويعتبر قراره في هذا الشأن جزءاً لا يتجزأ من نظام تصفية الحراسة يتوقف عليه تحديد ناتجها لتحقيق أغراضها المتعلقة بالنظام العام، فإنه لا يجوز للدائن أن يلجأ إلى القضاء بطلب دينه قبل عرضه على المدير العام لإدارة الأموال التي آلت إلى الدولة لإصدار قرار بشأنه، وإذ هو لجأ إلى القضاء دون أن يسلك السبيل الذي رسمه القانون فإن الدعوى لا تكون مسموعة ولا يعد حظراً على الأفراد في الالتجاء إلى القضاء ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي عليه بتلك الأسباب بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفى بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه فصل في النزاع دون اختصام جهاز تصفية الحراسات الذي كان ممثلاً أمام محكمة أول درجة على خلاف نص المادة 218 مرافعات.
وحيث إن هذا النعي - أياً كان وجه الرأي فيه - لا يصادف محلاً في قضاء الحكم المطعون فيه إذ أن الثابت من الصورة الرسمية من الحكم المطعون فيه والمقدمة بحافظة مستندات الشركة الطاعنة أن جهاز تصفية الحراسات كان مختصماً أمام محكمة الاستئناف فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
لما كان ما تقدم فإنه يتعين رفض الطعن.