أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 35 - صـ 1213

جلسة 8 من مايو سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد المرسي فتح الله نائب رئيس المحكمة، سعد بدر، جرجس إسحق وعبد النبي غريب.

(232)
الطعن رقم 2136 لسنة 50 القضائية

(1، 2) دعوى "دعوى عدم نفاذ التصرف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
1 - حق الدائن الذي يستعمل دعوى عدم نفاذ التصرف. شرطه المواد 237 و238 و239 مدني. ثبوت علم المدين والمتصرف إليه بإعسار المدين وقت التصرف كاف لاعتبار التواطؤ قائماً. إثبات الإعسار. وسيلته. للمدين أو المتصرف إليه نفي الإعسار بإثبات أن للأول مالاً يغطي ديونه.
2 - تقدير دليل التواطؤ والعلم بإعسار المدين كشرط لعدم نفاذ تصرفه من سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
(3) نقض "أسباب الطعن" "السبب الجديد".
عدم التمسك أمام محكمة الموضوع بسقوط الحق في رفع الدعوى وبعدم قبولها لرفعها على غير ذي كامل صفة. سبب قانوني يخالطه واقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - المقرر وفقاً لما تقضي به المواد 237 و238 و239 من القانون المدني وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه يشترط في حق الدائن الذي يستعمل دعوى عدم نفاذ التصرف أن يكون دينه حال الأداء وسابقاً في نشوئه على صدور التصرف المطعون فيه والعبرة في ذلك بتاريخ نشوء حق الدائن لا بتاريخ استحقاقه ولا بتاريخ تعيين مقداره والفصل فيما يثور بشأنه من نزاع، وأن يثبت الدائن التواطؤ بين المدين وبين المتصرف إليه على الإضرار بحقوقه ويكفي لاعتبار الغش متوافراً أن يثبت علم كل من المدين والمتصرف إليه بإعسار المدين وقت صدور التصرف المطعون فيه، وإذا ادعى الدائن إعسار المدين فليس عليه إلا أن يثبت مقدار ما في ذمة مدينه من ديون وحينئذ يكون على المدين نفسه أن يثبت أن له مالاً يساوي قيمة الديون أو يزيد عليها ويكون ذلك أيضاً للمتصرف إليهم لا دفعاً منهم بالتجريد بل إثباتاً لتخلف شروط الدعوى المذكورة.
2 - المقرر أن تقدير الدليل على التواطؤ والعلم بإعسار المدين هو من المسائل الموضوعية التي تدخل في سلطة محكمة الموضوع دون معقب عليها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بني قضاءه بعدم نفاذ البيع المحرر عنه العقد الابتدائي المؤرخ 22/ 1/ 1952 على ما استخلصه من مستندات المطعون ضده الأول وأقوال شهوده التي أطمأن إليها من أن تاريخ نشأة دينه سابق على التصرف المطعون فيه، وبتوافر الغش لدى كل من الطاعنين ومورثهما المدين وعلمها بإعسار الأخير وقت صدور التصرف لمعرفتهما بظروفه المالية لرابطة الزوجية التي تسمح لهما بذلك، وأن مورثهما لم يقصد من تصرفه سوى الإضرار بحقوق دائنة، وإذ كان ما أورده الحكم في هذا الصدد سائغاً وله أصل ثابت في الأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإن ما تثيره الطاعنتان في هذين السببين لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع وتنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
3 - المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز التحدي لأول مرة أمام محكمة النقض بسبب قانوني يخالطه واقع لم يسبق إثارته لدى محكمة الموضوع أو كانت عناصره غير مطروحة عليها، ولما كانت الطاعنتان لم تقدما رفق طعنهما ما يدل على سبق تمسكهما أمام محكمة الموضوع بالدفع بسقوط الحق في رفع الدعوى وبعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي كامل صفة، كما خلت الأوراق مما يفيد ذلك، فإن النعي بذلك يعتبر سبباً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق وبالقدر اللازم للفصل في هذا الطعن تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 4431 لسنة 1977 مدني كلي جنوب القاهرة ضد الطاعنتين وباقي المطعون ضدهم بطلب الحكم بعدم نفاذ البيوع الصادرة من مدينة المرحوم...... إلى زوجتيه الطاعنتين عن العقارين المبينين بعريضة الدعوى والمحرر عنها عقود ابتدائه صدرت بها لصالحهما أحكام صحة تعاقد سجل أحدها برقم 6226 لسنة 1975 القاهرة وقال بياناً لدعواه أن مورث الطاعنتين وباقي المطعون ضدهم مدين له في مبلغ 2414.300 جنيه بموجب سندين مستحقي الأداء في 15/ 8/ 1959، 4/ 5/ 1961 وقد قضي لصالحه نهائياً بإلزام ورثته بأداء هذا الدين من تركة مورثهم وذلك بموجب الحكم رقم 2569 لسنة 90 ق استئناف القاهرة بتاريخ 14/ 5/ 1975، ولما كان المورث قد عهد حال حياته إلى إبرام البيوع الثلاثة موضوع التداعي بطريق الغش والتواطؤ إلى زوجتيه الطاعنتين وذلك بقصد الإضرار به والتهرب من أداء دينه ومن ثم فقد أقام دعواه. أحالت محكمة الدرجة الأولى الدعوى إلى التحقيق ثم قضت برفضها. استأنفت المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 5579 لسنة 16 ق القاهرة - وبجلسة 1/ 11/ 1980 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم نفاذ البيع المحرر عنه العقد الابتدائي المؤرخ 22/ 1/ 1952 والمشهر برقم 6226 لسنة 1975 القاهرة والمتضمن بيع المورث إلى الطاعنتين اثني عشر قيراطاً شائعة في كامل أرض وبناء العقار رقم 48 شارع الكردي قسم الخليفة - طعنت الطاعنتان على هذا الحكم بطريق النقض - وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن - وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنان بالسببين الأول والرابع منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك تقولان أن دين المطعون ضده الأول لاحق على تصرف المدين لهما إذ أنه لم يستحق الأداء إلا بصدور الحكم الاستئنافي رقم 2569 لسنة 90 القاهرة بجلسة 14/ 5/ 1975 في حين أن التصرف المطعون عليه صادر من المورث بموجب عقد البيع الابتدائي المؤرخ 22/ 1/ 1952 والذي قضي بصحته بموجب الحكم المشهر برقم 6226 لسنة 1975 فضلاً عن أن هذا التصرف لم يسبب إعساراً للمدين كما أنهما لا تعلمان بأنه كان بقصد الإضرار بالدائن. هذا إلى إغفال المحكمة الاستئنافية الرد على مستنداتهما وشهادة شاهديهما مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب تقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن من المقرر وفقاً لما تقضي به المواد 237 و238 و239 من القانون المدني وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه يشترط في حق الدائن الذي يستعمل دعوى عدم نفاذ التصرف أن يكون دينه حال الأداء وسابقاً في نشوئه على صدور التصرف المطعون فيه والعبرة في ذلك بتاريخ نشوء حق الدائن لا بتاريخ استحقاقه ولا بتاريخ تعيين مقداره والفصل فيما يثور بشأنه من نزاع - وأن يثبت الدائن التواطؤ بين المدين وبين المتصرف إليه على الأضرار بحقوقه ويكفي لاعتبار الغش متوافراً أن يثبت علم كل من المدين والمتصرف إليه بإعسار المدين وقت صدور التصرف المطعون فيه - وإذا ادعى الدائن إعسار المدين فليس عليه إلا أن يثبت مقدار ما في ذمة مدينه من ديون وحينئذ يكون على المدين نفسه أن يثبت أن له مالاً يساوي قيمة الديون أو يزيد عليها ويكون ذلك أيضاً للمتصرف إليهم لا دفعاً منهم بالتجريد بل إثباتاً لتخلف شروط الدعوى المذكورة. لما كان ذلك وكان من المقرر أيضاً أن تقدير الدليل على التواطؤ والعلم بإعسار المدين هو من المسائل الموضوعية التي تدخل في سلطة محكمة الموضوع دون معقب عليها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه بعدم نفاذ البيع المحرر عنه العقد الابتدائي المؤرخ 22/ 1/ 1952 على ما استخلصه من مستندات المطعون ضده الأول وأقوال شهوده التي اطمأن إليها من أن تاريخ نشأة دينه سابق على التصرف المطعون فيه، وبتوافر الغش لدى كل من الطاعنتين ومورثهما المدين وعلمهما بإعسار الأخير وقت صدور التصرف لمعرفتهما بظروفه المالية لرابطة الزوجية التي تسمح لهما بذلك، وأن مورثهما لم يقصد من تصرفه سوى الإضرار بحقوق دائنة، وإذ كان ما أورده الحكم في هذا الصدد سائغاً وله أصل ثابت في الأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإن ما تثيره الطاعنتان في هذين السببين لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع وتنحسر عنه رقابة محكمة النقض، ويكون النعي بذلك على غير أساس.
وحيث إن الطاعنتين تنعيان على الحكم المطعون فيه بالسببين الثاني والثالث مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقولان أن - المطعون ضده الأول الدائن كان يعلم بالتصرف المطعون فيه الصادر من مدينه منذ سنة 1962 وقد أقام دعواه بعد مضي أكثر من خمس عشرة سنة، فتكون الدعوى قد سقطت بمقضي المدة عملاً بنص المادة 243 من القانون المدني - كما أنهما تمسكتا أمام المحكمة الاستئنافية بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي كامل صفة لعدم اختصام جميع ورثة المدين، إلا أن المحكمة أغفلت الرد على هذا الدفاع.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز التحدي لأول مرة أمام محكمة النقض بسبب قانوني يخالطه واقع لم يسبق إثارته لدى محكمة الموضوع أو كانت عناصره غير مطروحة عليها. ولما كانت الطاعنتان لم تقدما رفق طعنهما ما يدل على سبق تمسكهما أمام محكمة الموضوع بالدفع بسقوط الحق في رفع الدعوى وبعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي كامل صفة، كما خلت الأوراق مما يفيد ذلك، فإن النعي بذلك يعتبر سبباً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.