أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 35 - صـ 1404

جلسة 23 من مايو سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ يحيى العموري، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ جهدان حسين عبد الله، نائب رئيس المحكمة، ماهر قلادة، واصف، الحسيني الكناني، وحمد محمد علي.

(271)
الطعن رقم 859 لسنة 53 القضائية

1 - نقض "الخصوم في الطعن". إيجار "إيجار الأماكن". "المنشآت الآيلة للسقوط".
الجهة الإدارية القائمة على شئون التنظيم. اعتبارها خصماً حقيقياً في خصومة الطعن في قرار لجنة المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة. م 59/ 1 ق 49 سنة 1977. علة ذلك. اختصامها في الطعن بالنقض صحيح في القانون.
2 - نقض. قوة الأمر المقضي.
اكتساب الحكم قوة الأمر المقضى فيه. مانع للخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة لمناقشة المسألة التي فصل فيها ولو بأدلة قانونية أو واقعية جديدة.
3 - قرار إداري "قرار لجنة المنشآت الآيلة للسقوط".
القرار الإداري. ماهيته. القرار الصادر باستعجال تنفيذ قرار ترميم. عدم اعتباره قراراً جديداً منشئاً لأثر قانوني. مؤداه. عدم جواز الطعن فيه.
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة 59 من القانون 49 لسنة 1977 على أن لكل من ذوي الشأن أن يطعن في القرار المشار إليه في المادة السابقة..... وعلى قلم الكتاب إعلان الجهة الإدارية القائمة على شئون التنظيم بالطعن في قرار اللجنة وبالجلسة المحددة لنظر الطعن يدل على أن الجهة القائمة على شئون التنظيم التي يمثلها المطعون ضده الثالث تعتبر خصماً حقيقياً في الطعن - ويؤيد هذا النظر أن المشرع ناط بهذه الجهة في المادتين 56/ 57 من القانون المذكور - معاينة وفحص المباني والمنشآت وتقرير ما يلزم للمحافظة على الأرواح والأموال سواء بالهدم الكلي أو الجزئي أو الترميم أو الصيانة لتأمين سلامتها أو للحفاظ عليها في حالة جيدة لجعلها صالحة للغرض الذي أنشئت من أجله وبتشكيل لجان فنية تتولى دراسة هذه التقارير وإصدار قرارات في شأنها، فإذا طعن ذوو الشأن في هذه القرارات طبقاً للمادة 59 سالفة الذكر فإن اختصام الجهة الإدارية القائمة على شئون التنظيم في الطعن يكون إعمالاً لصحيح القانون حتى يدافع ممثلها عن القرارات الصادرة للمصلحة العامة.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن للقضاء النهائي قوة الأمر المقضي فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم ومتى حاز الحكم هذه القوة فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها.
3 - القرار الإداري وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة هو إفصاح جهة الإدارة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادتها الملزمة بها لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين يكون ممكناً وجائزاً ابتغاء مصلحة عامة لما كان ذلك - وكان الثابت أن لجنة المنشآت الآيلة للسقوط سبق أن أصدرت قراراها رقم 368 لسنة 1980 في 18/ 7/ 1980 والذي قضى أساساً بإجراء الترميمات للدور الأرضي الذي يشغله الطاعن وإزالة الدور الأول العلوي وأصبح هذا القرار نهائياً سواء بالنسبة للدور الأول العلوي لصدور حكم نهائي بشأنه أو بالنسبة للدور الأرضي الذي قبله الطاعن - والمالك - المطعون ضده الأول ولم يطعن عليه ومن ثم فإن إصدار الجهة الإدارية المختصة القرار الآخر رقم 289 سنة 1981 بسرعة تنفيذ القرار الأول وبذات المضمون لا يعد قراراً جديداً منشئاً لأثر قانوني وبالتالي فإنه لا يجوز للمطعون ضده الأول المالك حق الطعن على هذا القرار.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام ضد الطاعن والمطعون ضده الثاني بصفته - الدعوى 1311 لسنة 1981 مدني الفيوم الابتدائية يطعن فيها على القرار رقم 289 لسنة 1981 الصادر في 27/ 7/ 1981 من لجنة المنشآت الآيلة للسقوط بسرعة تنفيذ القرار السابق رقم 368 لسنة 1980 عن ذات العقار بتنكيس جميع أسوار الجيران بالكامل وخاصة في الأجزاء المتساقطة منه وإزالة العقار حتى سطح الأرض مبتغياً من طعنه الحكم بقبوله شكلاً وإزالة المنزل جميعه حتى سطح الأرض. دفع الطاعن الدعوى بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها في الدعوى 1511 لسنة 1980 مدني الفيوم الابتدائية ندبت الدرجة الأولى خبيراً لبيان حالة العقار وبعد أن قدم تقريره بتعديل القرار المطعون عليه وإزالة العقار حتى سطح الأرض، وقضت في أسباب حكمها برفض الدفع المبدى من الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها - استأنف الطاعن في هذا الحكم بالاستئناف رقم 288 ق بني سويف "مأمورية الفيوم". وبتاريخ 9/ 3/ 1983 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ودفع المطعون ضده الثاني - بصفته - بعدم قبول الطعن بالنسبة له، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض هذا الدفع وبنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع المبدى من المطعون ضده الثاني - رئيس مجلس مدينة الفيوم - بعدم قبول الطعن بالنسبة له مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة 59 من القانون 49 لسنة 1977 على أن لكل من ذوي الشأن أن يطعن في القرار المشار إليه في المادة السابقة.. وعلى قلم الكتاب إعلان الجهة الإدارية القائمة على شئون التنظيم بالطعن في قرار اللجنة وبالجلسة المحددة لنظر الطعن" يدل على أن الجهة القائمة على شئون التنظيم التي يمثلها المطعون ضده الثاني تعتبر خصماً حقيقياً في الطعن ويؤيد هذا النظر أن المشرع ناط بهذه الجهة في المادتين 56، 57 من القانون المذكور - معاينة وفحص المباني والمنشآت وتقرير ما يلزم للمحافظة على الأرواح والأموال سواء بالهدم الكلي أو الجزئي أو الترميم أو الصيانة لتأمين سلامتها أو للحفاظ عليها في حالة جيدة لجعلها صالحة للغرض الذي أنشئت من أجله وبتشكيل لجان فنية تتولى دراسة هذه التقارير وإصدار قرارات في شأنها فإذا طعن ذوو الشأن في هذه القرارات طبقاً للمادة 59 سالفة الذكر فإن اختصام الجهة الإدارية القائمة على شئون التنظيم في الطعن يكون إعمالاً لصحيح القانون حتى يدافع ممثلها عن القرارات الصادرة للمصلحة العامة ويكون الدفع بذلك قائماً على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى 2511 لسنة 1980 مدني الفيوم الابتدائية المقامة من شاغل الدور الأول العلوي بذات العقار محل النزاع عن القرار الأول رقم 368/ 1980 الصادر من لجنة المنشآت الآيلة للسقوط والتي قضى فيها بتأييد القرار المطعون عليه وأن هذا الحكم أصبح نهائياً حائزاً لقوة الأمر المقضي لعدم استئنافه - إلا أن الحكم انتهى إلى رفض هذا الدفع لاختلاف الخصوم والسبب والموضوع رغم أن القرارات الصادرة من لجان المنشآت الآيلة للسقوط عينية تتعلق بذات العين بقطع النظر عن الشاغلين لها فهو وإن لم يكن ممثلاً حقيقة في هذه الدعوى إذ لم يكن طرفاً فيها إلا أنه كان ممثلاً فيها حكماً لمعاينة هذا العقار مما يعيب الحكم بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة أن - للقضاء النهائي قوة الأمر المقضي فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم ومتى حاز الحكم هذه القوة فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن شاغل الدور الأول العلوي بالعقار محل النزاع هو الذي أقام الدعوى 1511 لسنة 1980 مدني الفيوم الابتدائية وذلك طعناً على القرار رقم 368 سنة 1980 الصادر من لجنة المنشآت الآيلة للسقوط فيما قضى به من إزالة الدور الأول العلوي الذي يشغله ولم يختصم الطاعن الذي يشغل الدور الأرضي في هذه الدعوى بل كانت الخصومة مرددة بين المطعون ضده الأول وآخر غير الطاعن وبذلك لم تكن بين ذات الخصوم في الطعن الحالي - كما أن موضوع ذلك النزاع يختلف عن موضوع النزاع الماثل فالنزاع السابق كان موضوعه القرار بالنسبة للدور العلوي من العقار أما النزاع المطروح فموضوعه القرار الخاص بالدور الأرضي ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد عاود المناقشة في النزاع السابق وبالتالي فإن الحكم السابق لا يحوز قوة الأمر المقضي ومن ثم فإن شروط الدفع تكون غير متوافرة وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن مما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن لجنة المنشآت الآيلة للسقوط كانت قد أصدرت القرار رقم 368 لسنة 1980 متضمناً إزالة الدور الأول العلوي من ذات العقار مع ترميم جميع أسوار الدور الأرضي فأسوار الجيران وقد أصبح هذا القرار نهائياً بتأييده بالنسبة للدور الأول العلوي في الحكم الصادر في الدعوى 1511 سنة 1980 مدني كلي الفيوم وبعدم الطعن عليه منه أو من المالك بالنسبة للدور الأرضي، إلا أن اللجنة عادت وأصدرت القرار رقم 289 سنة 1981 بسرعة تنفيذ القرار السابق وأنه لما كان القرار الأخير لا يعتبر قراراً جديداً ولا يخرج عن كونه قراراً تنفيذياً غير منشئ لمركز قانوني جديد ولم يعدل وضعاً كان قائماً من قبل فإنه لا يجوز الطعن عليه وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي هذا القرار الأخير قراراً جديداً وعدل مضمونه إلى الإزالة فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه الفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن القرار الإداري وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة هو إفصاح جهة الإدارة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين يكون ممكناً وجائزاً ابتغاء مصلحة عامة لما كان ذلك - وكان الثابت أن لجنة المنشآت الآيلة للسقوط سبق أن أصدرت قرارها رقم 368 لسنة 1980 في 18/ 7/ 1980 والذي قضى أساساً بإجراء الترميمات للدور الأرضي الذي يشغله الطاعن وإزالة الدور الأول العلوي وأصبح هذا القرار نهائياً سواء بالنسبة للدور الأول العلوي لصدور حكم نهائي بشأنه أو بالنسبة للدور الأرضي الذي قبله الطاعن - والمالك المطعون ضده الأول ولم يطعن عليه - ومن ثم فإن إصدار الجهة المختصة القرار الآخر رقم 289 سنة 1981 بسرعة تنفيذ القرار الأول وبذات المضمون - لا يعد قراراً جديداً منشئاً لأثر قانوني وبالتالي فإنه لا يجوز للمطعون ضده الأول المالك حق الطعن على هذا القرار. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بقبول الطعن شكلاً وبتعديل القرار محل الطعن إلى إزالة الدور الأرضي فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.