أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 35 - صـ 1440

جلسة 27 من مايو سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم فراج نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد العزيز فوده، وليم بدوي، محمد لطفي السيد ومحمد لبيب الخضري.

(275)
الطعن رقم 2073 لسنة 50 القضائية

(1) دعوى "تقديم المستندات".
تقديم المستندات في فترة حجز  الدعوى للحكم. شرطه. تصريح المحكمة بتقديمها واطلاع الخصم عليها. عدم كفاية إعلان الخصم بفحوى المستند. علة ذلك.
(2) دعوى "تأجيل الدعوى". محكمة الموضوع.
استئجال نظر الدعوى. خضوعه لتقدير المحكمة. شرط ذلك. عدم قيام عذر للخصم في تقديم دفاعه رغم انفساح المجال أمامه لذلك.
1 - جرى قضاء هذه المحكمة على أن شرط تقديم مستندات في فترة حجز الدعوى للحكم هو أن تكون قد صرحت بتقديمها واطلع الخصم عليها، ولا يكفي في ذلك إعلان الخصم بفحوى المستندات ما دام لم يثبت إطلاعه عليه بذاته، وأن الغرض من عدم جواز قبول أوراق أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها وفقاً للمادة 168 من قانون المرافعات إنما هو عدم إتاحة الفرصة لأحد الخصوم لإبداء دفاع لم يتمكن خصمه من الرد عليه.
2 - لئن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استئجال نظر الدعوى يرجع الأمر فيه إلى تقدير المحكمة ولا عليها إن لم تجب الخصم إلى طلب التأجيل، إلا أن ذلك مشروط بألا يقوم عذر للخصم في تقديم دفاعه رغم انفساح المجال أمامه لتقديمه، وإلا يتعين عليها تمكينه من ذلك بإجابته إلى طلب التأجيل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر...... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على الطاعنة الدعوى رقم 423 سنة 1979 مدني كلي المنصورة بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 22/ 1/ 1973 والتسليم، وقالت بياناً لها إنها ابتاعت من الطاعنة مساحة 2.86 مشاعاً في المنزل الموضح به والعريضة لقاء ثمن مقبوض قدره 5000 جنيه وأنها لما كانت ترغب في الحصول على حكم بصحة ونفاذ هذا العقد مع التسليم فقد أقامت الدعوى بطلباتها السالفة البيان. وبجلسة 22/ 5/ 1979 قضت المحكمة بإجابة المطعون ضدها إلى طلباتها. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 699 - سنة 31 ق المنصورة وقدمت ثماني سندات على أنها تعني مديونية المطعون ضدها لها في ثمن الحصة المبيعة، طعنت المطعون ضدها عليها بالتزوير، وفي 10/ 3/ 1980 قضت المحكمة بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لتحقيق التزوير، ولدى حجز الدعوى للحكم لجلسة 12/ 5/ 1980 قدمت المطعون ضدها عقد صلح تاريخ 19/ 4/ 1980 فأعادت المحكمة الدعوى إلى المرافعة لجلسة 10/ 6/ 1980 ثم حجزتها للحكم لجلسة 14/ 6/ 1980 وفيها حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعى به الطاعنة بالسببين الثاني والثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع بما يبطله، وفي بيان ذلك تقول إن المطعون ضدها قدمت عقد صلح في فترة حجز الدعوى للحكم لم تعترف به وطلب محاميها أجلاً للرجوع إليها لمعرفة ما إذا كان التوقيع المنسوب لها على العقد صدر عنها أم لا لأنه لا يستطيع تقرير ذلك بمفرده قبل الرجوع إليها في هذا الشأن خاصة وأنها لم تعلن بهذا العقد، وإذ عولت المحكمة دون إقرار واعتراف منها به من جانب وكيلها ولم تمنح الأخير فرصة الرجوع إليها بل حجزت الدعوى للحكم لأربعة أيام وحرمتها بالتالي من اتخاذ إجراءات الطعن عليه بالتزوير لو أتيح لها فرصة الاطلاع عليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وأخل بحقها في الدفاع مما يبطله.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك لأن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن شرط تقديم مستندات في فترة حجز الدعوى للحكم هو أن تكون المحكمة قد صرحت بتقديمها واطلع الخصم عليها، ولا يكفي في ذلك إعلان الخصم بفحوى المستند ما دام لم يثبت اطلاعه عليه بذاته، وأن الغرض من عدم جواز قبول أوراق أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها وفقاً للمادة 168 من قانون المرافعات إنما هو عدم إتاحة الفرصة لأحد الخصوم لإبداء دفاع لم يتمكن خصمه من الرد عليه، ومن المقرر كذلك أن على الوكيل أن يبادر إلى إخطار موكله بالأمور الهامة أثناء تنفيذ الوكالة إعمالاً للمادة 705 من القانون المدني ليتلقى منه تعليماته بشأنها، كما أنه ولئن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استئجال نظر الدعوى يرجع الأمر فيه إلى تقدير المحكمة ولا عليها إن لم تجب الخصم إلى طلب التأجيل، إلا أن ذلك مشروط بألا يقوم عذر للخصم في تقديم دفاعه رغم انفساح المجال أمامه لتقديمه وإلا تعين عليها تمكينه من ذلك بإجابته إلى طلب التأجيل، لما كان ذلك، وكان البين من محاضر الجلسات - المقدم صورتها من الطاعنة - أن المستأنف عليها (المطعون ضدها) في فترة حجز الدعوى للحكم لجلسة 12/ 5/ 1980 تقدمت بعقد صلح مؤرخ 19/ 4/ 1980 وطلبت إعادة الدعوى إلى المرافعة فأجابتها المحكمة إلى طلبها وأعادت الدعوى إلى المرافعة لجلسة 10/ 6/ 1980 مع تكليف قلم الكتاب إعلان منطوق هذا القرار لمن لم يحضر النطق به، ولم يثبت بمحضر جلسة النطق بالقرار حضور أي من طرفي الخصومة، ثم ثبت بمحضر جلسة 10/ 6/ 1980 - حضور الطرفين كل بوكيل عنه وطلب الحاضر عن الطاعنة أجلاً لأخذ رأي موكله بشأن عقد الصلح، فأصدرت المحكمة قرارها بحجز الدعوى للحكم لجلسة 14/ 6/ 1980 بما مؤداه رفض طلب التأجيل وقفل باب المرافعة في الدعوى، وبالجلسة المذكورة صدر الحكم المطعون فيه تأسيساً على ما أورده بمدوناته من أن "عقد الصلح المقدم تضمن تنازل المطعون ضدها بالتزوير (الطاعنة) عن تمسكها بالإقرارات المطعون عليها بالتزوير..... ولذلك يتعين إنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير...... وحيث إن عقد الصلح تضمن إقرار المستأنفة (الطاعنة) بقبضها ثمن البيع موضوع عقد البيع المؤرخ 23/ 1/ 1973 سند الدعوى ووافقت على الحكم المستأنف عليها بطلباتها المبينة بالحكم المستأنف وبتنازلها عن كافة الطعون الموجهة منها على البيع الصادر به الحكم المذكور. ومن ثم يتعين الحكم في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف"، ولم يرد بالحكم المطعون أي ذكر لطلب التأجيل أو الرد عليه، ولما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم السالفة البيان مدى أهمية عقد الصلح في حسم النزاع فيما تضمنه من تنازل الطاعنة عن كافة ما أبدته من دفاع ودفوع جابهت بها عقد الدعوى والحكم المستأنف وبالأخذ بهذا الصلح يؤكد وجه الرأي في الدعوى برفعها. ومن ثم كان واجب محاميها يحتم عليه الرجوع إليها في شأنه بعد أن قدم في غيبتها ولا علم له به ولا يملك تناوله بالدفاع قبل هذا الرجوع، وأبدي طلب التأجيل فور مثوله بالجلسة الأولى التي حددت بعد تقديم هذا العقد في فترة حجز الدعوى للحكم، ولم يسند للحكم قضاءه برفض طلب التأجيل إلى ما يبرره وخلت الأوراق ومدونات الحكم المطعون فيه مما يرشح للقول باطلاع سابق عليه أو انفساح أجل يسمح لمن قدم هذا المستند في غيبته أن يقدم دفاعه بشأنه وإلا عذر له في ذلك قبل الجلسة التي أعيدت الدعوى للمرافعة إليها، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغلق على الطاعنة باب المرافعة في الدعوى ولم يمكنها من الاطلاع وصادر عليها حقها في الدفاع على النحو السالف بشأن ذلك العقد المقدم في غيبتها واتخذه الدعامة الأساسية لقضائه لما ورد فيه من تنازل الطاعنة عن كافة دفوعها ودفاعها وبتسليمها بطلبات المطعون ضدها بالحكم ضد الطاعنة فإنه يكون معيباً بالقصور والإخلال بحق الدفاع بما يستوجب نقضه. دون ما حاجة لتناول سائر أسباب الطعن الأخرى.