أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 35 - صـ 1453

جلسة 28 من مايو سنة 1984

برياسة السيد المستشار عبد الحميد المنفلوطي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد زغلول عبد الحميد، د. منصور وجيه، محمد فؤاد بدر وفهمي الخياط.

(278)
الطعن رقم 425 لسنة 49 القضائية

(1) إحالة. اختصاص. حكم "الطعن في الحكم". استئناف.
قضاء المحكمة الجزئية بعدم الاختصاص والإحالة. قضاء منه للخصومة كلها فيما فصل فيه. جواز الطعن فيه بطريق الاستئناف استقلالاً. علة ذلك. انصراف حكم المادة 229 مرافعات إلى الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها. هذه المادة تكمل - في خصوص الاستئناف - قاعدة المادة 212 من نفس القانون.
(2، 3) نقض "السبب المجهل". إثبات "إجراءات الإثبات". محكمة الموضوع.
2 - عدم بيان الطاعن للمستندات ودلالتها التي ينعى على الحكم إغفالها. أثره. اعتبار النعي مجهلاً غير مقبول.
3 - إحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب خبير فيها ليس حقاً للخصوم. لمحكمة الموضوع رفض إجابته متى وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها.
1 - إن حكم محكمة أبو حماد الجزئية بعدم الاختصاص والإحالة قد أنهى الخصومة كلها أمام المحكمة التي أصدرته فيما فصل فيه وحسمه بصدد عدم الاختصاص، ولن يعقبه حكم آخر في موضوع الدعوى من المحكمة التي أصدرته ومن ثم فيجوز الطعن فيه على استقلال باستئنافه في حينه عملاً بالأصل العام المقرر في قانون المرافعات - وهو ما لم يتم على ما يبين من الأوراق - وإذ صار هذا القضاء نهائياً بعدم الطعن عليه خلال الميعاد القانوني فإنه يجوز قوة الأمر المقضي، ومن أثر ذلك التزام المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها ولو كان القضاء في مسألة الاختصاص قد بني على قاعدة غير صحيحة في القانون، وذلك أن قوة الأمر المقضي تعلو على اعتبارات النظام العام، ومن ثم يمتنع على المحكمة المحال إليها، كما يمتنع على الخصوم الجدل فيه من جديد، ولا يغير من ذلك ما ورد بنص المادة 229 من قانون المرافعات من أن استئناف الحكم المنهي للخصومة يستتبع حتماً استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية ما لم تكن قد قبلت صراحة لأن حكم هذه المادة إنما ينصرف إلى الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها، وهي بذلك تكمل القاعدة الواردة في المادة 212 من قانون المرافعات.
2 - إن الطاعن لم يبين المستندات التي يعزو إلى الحكم عدم إيرادها ودلالة كل منها وأثره في قضاء الحكم المطعون فيه بما يكون معه النعي مجهلاً ومن ثم غير مقبول.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن إحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب خبير فيها ليس حقاً للخصوم في كل حال، وإنما هو حق جوازي للمحكمة متروك لمطلق تقديرها، فلها رفض ما يطلبه الخصوم في شأنه إذا ما وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها فيها بما يغني عن إجراء التحقيق أو ندب خبير، فإذا لم يطلب الخصم إحالة الدعوى التي التحقيق أو ندب خبير فيها فلا يجوز له النعي على المحكمة عدم اتخاذها هذا الإجراء من تلقاء نفسها، وإذ كان الطاعن لم يقدم ما يدل على تمسكه أمام محكمة الموضوع بطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب خبير فيها، فإنه لا يقبل منه النعي على الحكم بالقصور بما يكون معه النعي في هذا الوجه أيضاً غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر..... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 161 سنة 1974 مدني جزئي أبو حماد على المطعون ضده الثاني بصفته والطاعن بطلب الحكم بصحة عقد الإيجار الصادر من هيئة الأوقاف إليها بمساحة 1 س و7 ط و2 ف ونفاذ هذا العقد في مواجهة الطاعن وتمكينها من الانتفاع بالأطيان المؤجرة إليها، وقالت بياناً لها إنها تستأجر من المطعون ضده الثاني أطياناً زراعية موضحة الحدود والمعالم بالصحيفة وتضع اليد عليها باعتبارها مستأجرة لها، وقد فوجئت بالطاعن ينازعها في انتفاعها بفدان من هذه الأطيان مدعياً أنه أحق منها باستئجاره، ولما كانت الجهة المؤجرة والتي يمثلها المطعون ضده الثاني ملزمة بحماية انتفاعها بالأطيان المؤجرة، وكانت منازعة الطاعن تهدد حقها في هذا الانتفاع بالخطر فقد أقامت دعواها بطلباتها. وبتاريخ 29/ 6/ 1976 حكمت محكمة أبو حماد بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة الزقازيق الابتدائية، وقيدت أمام المحكمة الأخيرة برقم 840 سنة 1976 - مدني كلي الزقازيق. وبتاريخ 26/ 4/ 1978 حكمت المحكمة بصحة ونفاذ عقد الإيجار المؤرخ 2/ 4/ 1974 والصادر من المطعون ضده الثاني بصفته إلى المطعون ضدها الأولى والمتضمن تأجيره لها المساحة الموضحة الحدود والمعالم بالعقد والصحيفة لقاء مبلغ 45.922 جنيهاً سنوياً وذلك في مواجهة الطاعن. استأنف الأخير هذا الحكم بالاستئناف رقم 271 لسنة 21 ق المنصورة (مأمورية الزقازيق) بغية إلغائه والقضاء أصلياً بعدم الاختصاص واحتياطياً برفض الدعوى. وبتاريخ 28/ 1/ 1979 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيان ذلك يقول إنه دفع أمام محكمة الاستئناف بعدم اختصاص محكمة الزقازيق الابتدائية بنظر الدعوى طبقاً لنص المادة 39 مكرراً من القانون رقم 67 سنة 1975 التي تقض بأن تختص المحكمة الجزئية أياً كانت قيمة الدعوى بنظر المنازعات المتعلقة بالأراضي الزراعية الناشئة عن العلاقة الإيجارية بين مستأجر الأراضي الزراعية ومالكها وقد رد الحكم المطعون فيه على هذا الدفع بأن محكمة أبو حماد الجزئية قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة الزقازيق الابتدائية، وأن الطاعن لم يستأنف ذلك الحكم فتكون المحكمة الأخيرة - المحال إليها - ملزمة بنظر الدعوى حتى ولو كان حكم الإحالة خاطئاً، وهذا الذي أقام الحكم عليه قضاءه برفض الدفع غير صحيح ذلك أن الحكم بعدم الاختصاص والإحالة غير منه للخصومة فلا يجوز الطعن عليه على استقلال، بل يلزم التريث حتى صدور الحكم في الموضوع، وقد طعن على الحكم الصادر في الموضوع بما يتضمن الطعن على الحكم الصادر بعدم الاختصاص والإحالة بطريق اللزوم، مما يعيب الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن حكم محكمة أبو حماد الجزئية بعدم الاختصاص والإحالة قد أنهى الخصومة كلها أمام المحكمة التي أصدرته فيما فصل فيه وحسمه بصدد عدم الاختصاص، ولن يعقبه حكم آخر في موضوع الدعوى من المحكمة التي أصدرته، ومن ثم فيجوز الطعن فيه على استقلال باستئنافه في حينه عملاً بالأصل العام المقرر في قانون المرافعات - وهو ما لم يتم على ما يبين من الأوراق - وإذ صار هذا القضاء نهائياً بعدم الطعن عليه خلال الميعاد القانوني، فإنه يحوز قوة الأمر المقضي، ومن أثر ذلك التزام المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها ولو كان القضاء في مسألة الاختصاص قد بني على قاعدة غير صحيحة في القانون ذلك أن قوة الأمر المقضي تعلو على اعتبارات النظام العام ومن ثم يمتنع على المحكمة المحال إليها، كما يمتنع على الخصوم الجدل فيه من جديد ولا يغير من ذلك ما ورد بنص المادة 229 من قانون المرافعات من أن استئناف الحكم المنهي للخصومة يستتبع حتماً استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية ما لم تكن قد قبلت صراحة لأن حكم هذه المادة إنما ينصرف إلى الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها، وهي بذلك تكمل القاعدة الواردة في المادة 212 من قانون المرافعات، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في موضوع الدعوى، فإنه لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني للطعن القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه ركن في سبيل إثبات دفاعه باستئجاره عين النزاع من هيئة الأوقاف أمام محكمة الموضوع. إلى العديد من المستندات التي ترشح لقيام تلك العلاقة الإيجارية وثبوتها، إلا أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع بأنه لم يقدم عقداً محرراً بينه وبين هيئة الأوقاف وأن المستندات المقدمة منه لا تؤدي إلى قيام العلاقة الإيجارية، دون أن يورد تلك المستندات ومضمون كل منها لبيان وجه عدم كفايتها في إثبات هذه العلاقة، مما يشوبه بالقصور، هذا إلى أن العلاقة الإيجارية تثبت بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن عملاً بنص المادة 39 مكرراً من قانون الإصلاح الزراعي، فإن كانت مستندات الطاعن لا تكفي فقد كان يتعين على المحكمة إحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب أهل الخبرة لاستكمال عقيدتها بشأن إثبات العلاقة الإيجارية.
وحيث إن النعي في وجهه الأول غير مقبول، ذلك أن الطاعن لم يبين المستندات التي يعزو إلى الحكم عدم إيرادها ودلالة كل منها وأثره في قضاء الحكم المطعون فيه مما يكون معه النعي مجهلاً ومن ثم غير مقبول والنعي في وجهه الثاني مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب خبير فيها ليس حقاً للخصوم في كل حال، وإنما هو حق جوازي للمحكمة متروك لمطلق تقديرها فلها رفض ما يطلبه الخصوم في هذا الشأن إذا ما وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها فيها بما يغني عن إجراء التحقيق أو ندب خبير، فإذا لم يطلب الخصم إحالة الدعوى التي التحقيق أو ندب خبير فيها، فلا يجوز له النعي على المحكمة عدم اتخاذها هذا الإجراء من تلقاء نفسها، وإذ كان الطاعن لم يقدم ما يدل على تمسكه أمام محكمة الموضوع بطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب خبير فيها، فإنه لا يقبل منه النعي على الحكم بالقصور بما يكون معه النعي في هذا الوجه أيضاً غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.