أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 35 - صـ 1507

جلسة 30 من مايو سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ يحيى العموري نائب رئيس المحكمة والسادة المستشارين/ جهدان حسين عبد الله نائب رئيس المحكمة، ماهر قلاده واصف، حسين علي حسين والحسيني الكناني.

(288)
الطعن رقم 1007 لسنة 52 القضائية

(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن": "التأجير من الباطن للمهجرين". قانون.
حق المهجر في الحصول على مسكن يستقر فيه عند التهجير. ق 76/ 69 المعدل. ثبوت سبق استئجار المهجر لمسكن استقر فيه. أثره. سقوط هذا الحق عنه.
2 - تواجد المهجر بمكان على سبيل الإيواء أو الاستضافة غير مانع من استئجاره من الباطن مكاناً يقيم فيه.
3 - التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار طبقاً للقانون 76/ 969 المعدل استثناء من القواعد العامة. قصر نطاقه على المهجر والمكان الذي هجر إليه. تنقله من مكان لآخر. أثره. زوال هذه الصفة عنه. علة ذلك.
4 - حكم "تسبيبه". الفساد في الاستدلال".
مجرد مضي فترة زمنية من تهجير الطاعن وحتى شغله عين النزاع ليس دليلاً على استقراره في مكان آخر وزوال صفة المهجر عنه. إقامة الحكم قضاءه بالإخلاء دون التحقق من استقرار الطاعن بمسكن آخر عقب التهجير. خطأ في القانون وفساد في الاستدلال.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الغرض من إصدار القانون رقم 76 لسنة 1969 المعدل بالقانون رقم 48 لسنة 1970 هو مواجهة حالة المهجر الملحة في الحصول على مسكن يستقر فيه عند التهجير، بحيث تسقط عنه ميزة هذا الاستئجار من الباطن أو التنازل عن العقد إذا ثبت على وجه يقيني سبق استئجاره لمكان استقر فيه بمشيئته على وجه معتاد.
2 - مجرد تواجد المهجر بمكان أو التحاقه بالسكن فيه على سبيل آخر خلاف التأجير بما مفاده أن تواجد المهجر بمكان على سبيل الاستضافة أو الإيواء لا يسقط عنه ميزة الاستئجار من الباطن أو التنازل عن الإيجار.
3 - التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار طبقاً للقانون رقم 76 لسنة 1969 المعدل - هو استثناء من القواعد العامة في تطبيقه بحسب كل حالة وكذلك يقتصر عليه صفة المهجر على الجهة التي هجر إليها مباشرة من إحدى محافظات القناة وسيناء بحيث تزول عنه هذه الصفة ويصبح مواطناً عادياً عند تنقله من مكان لآخر مستغلاً ما أباحه المشرع له من تيسير إذ لا يسوغ للمهجر الاستفادة من هذا التيسير الذي ورد على خلاف الأصل كلما وجد مسكناً أكثر ميزة من المسكن الذي استقر فيه عند التهجير.
4 - إذ استخلص الحكم من مجرد مضي فترة زمنية من تاريخ تهجير الطاعن إلى القاهرة وحتى شغله شقة النزاع دليلاً على استقراره في مسكن آخر وزوال الحالة الملحة التي ألجأته إلى التهجير بمحض إرادته فإنه استخلاص غير سائغ ولا يدل بذاته وبمجرده على سبق استئجاره لمكان استقر فيه بمشيئته على وجه معتاد حتى تسقط عنه ميزة التنازل عن الإيجار وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى القضاء بالإخلاء ودون أن يتحقق من أن الطاعن قد استقر عقب تهجيره بمسكن آخر وأن إقامته كانت تتسم بصفة الاستقرار والبقاء وأنه لم يتخل عنه لأي سبب وكان الحكم المطعون فيه قد جرى على هذا النظر فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر..... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى 8483 سنة 1979 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء شقة النزاع من الطاعن والمطعون ضده الثاني لتنازل الأخير عنها للأول - الطاعن - بدون إذن كتابي صريح منها، كما أقام الطاعن من جانبه الدعوى 1665 سنة 1980 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإثبات العلاقة الإيجارية بينه وبين المطعون ضدها الأولى عن ذات العقدين لأنه من مهجري بور سعيد فضلاً عن قيام علاقة إيجارية مباشرة بينهما عنها، قضت محكمة الدرجة الأولى - بعد ضم الدعويين - برفض دعوى المطعون ضدها الأولى وفي دعوى الطاعن بإثبات العلاقة الإيجارية استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف 4278 سنة 98 ق القاهرة، وبتاريخ 9/ 1/ 1972 حكمت للمطعون ضدها الأولى بالإخلاء، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالسبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قد استخلص مجرد مضي فترة زمنية من تاريخ تهجيره إلى القاهرة في شغله شقة النزاع دليلاً على زوال صفة المهجر عنه وهذا استخلاص يعوزه الدليل إذ خلت الأوراق من أن الطاعن سبق له استئجار مسكن قبل شقة النزاع حتى يمكن القول بزوال هذه الصفة عنه إذ قام دفاعه على أنه كان يقيم وأسرته لدى صهره وهو دفاع جوهري لم يعن الحكم بتمحيصه فإذا قضى الحكم بالإخلاء رغم ذلك فإنه يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون معيباً بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الغرض من إصدار القانون رقم 76 لسنة 69 المعدل بالقانون 48 لسنة 1970 هو مواجهة حالة المهجر الملحة في الحصول على مسكن يستقر فيه عيشه عند التهجير بحيث تسقط عنه ميزة هذا الاستئجار من الباطن أو التنازل عن العقد إذا ثبت على وجه يقيني سبق استئجاره لمكان استقر فيه بمشيئته على وجه معتاد، ولا يكفي في هذا المقام مجرد تواجد المهجر بمكان أو التحاقه بالسكنى فيه على سبيل آخر خلاف الإيجار بما مفاده أن تواجد المهجر بمكان على سبيل الاستضافة أو الإيواء لا يسقط عنه ميزة الاستئجار من الباطن أو التنازل عن الإيجار، وأن ما استحدثه القانون سالف الذكر هو استثناء من القواعد العامة في تطبيقه بحسب كل حالة ولذلك تقتصر فاعلية صفة المهجر على الجهة التي هجر إليها مباشرة من إحدى محافظات القناة وسيناء وبحيث تزول عنه هذه الصفة ويصبح مواطناً عادياً عند نقله من مكان إلى آخر مستغلاً ما أباحه المشرع له من تيسير إذ لا يسوغ للمهجر الاستفادة من هذا التيسير الذي ورد على خلاف الأصل كلما وجد مسكناً أكثر ميزة من المسكن الذي استقر فيه عند التهجير وإذ استخلص الحكم من مجرد مضي فترة زمنية من تاريخ تهجير الطاعن إلى القاهرة وحتى شغله شقة النزاع دليلاً على استقراره في مسكن آخر وزوال الحالة الملحة التي ألجأته إلى التهجير بمحض إرادته فإنه استخلاص غير سائغ ولا يدل بذاته وبمجرده على سبق استئجاره لمكان استقر فيه بمشيئته على وجه معتاد حتى تسقط عنه ميزة التنازل عن الإيجار وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى القضاء بالإخلاء دون أن يتحقق من أن الطاعن كان قد استقر عقب تهجيره بمسكن آخر وأن إقامته كانت تتسم بصفة الاستقرار والبقاء وأنه لم يتخل عنه لأي سبب لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد جرى على خلاف هذا النظر فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.