أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 48 - صـ 213

جلسة 26 من يناير سنة 1977

برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ خيري فخري، حسين نعمان، سعيد فوده نواب رئيس المحكمة وفتحي محمد خنضل.

(41)
الطعن رقم 9214 لسنة 65 القضائية

(1) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة: مسائل الواقع" حكم "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً".
محكمة الموضوع. لها السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة فيها، خضوعها في ذلك لرقابة محكمة النقض. إطراحها للأدلة والأوراق والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون تدوين أسباب هذا الإطراح. قصور.
(2) حكم "بطلانه" "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً". دعوى "الدفاع الجوهري".
إغفال الحكم بحث دفاع جوهري أبداه الخصم. قصور في أسباب الحكم الواقعية. مقتضاه. بطلان الحكم.
(3) حكم "عيوب التدليل: تسبيب الحكم: ما يعد قصوراً". خبر. دعوى "الدفاع في الدعوى". محكمة الموضوع.
أخذ المحكمة بتقرير الخبير الذي انتهى إلى نتيجة لا تؤدي إليها أسبابه ولا تصلح رداً على دفاع جوهري. قصور.
(4) تأمين "عقد التأمين على الأشياء".
عقد التأمين على الأشياء. مقتضاه. اتفاق المؤمن والمؤمن له على تغطية الأضرار التي يُحتمل أن تصيب المؤمن له خلال مدة معينة. أثره. تحمل المؤمن تبعة الأضرار مقابل جُعل التأمين إذا وقع الحادث أو تحقق الخطر المؤمن منه. الاتفاق هو الذي يحدد الخطر المؤمن منه محلاً وسبباً. مؤداه. التزام المؤمن بتغطية الأضرار الناشئة عن الخطر إذا كان ناتجاً عن السبب المعين الوارد في العقد.
1 - المقرر في قضاه هذه المحكمة أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة فيها وترجيح بعضها على البعض الآخر إلا أنها تخضع لرقابة محكمة النقض في تكييف هذا الفهم وفي تطبيق ما ينبغي من أحكام القانون بحيث لا يجوز لها أن تطرح ما يقدم إليها تقديماً صحيحاً من الأوراق والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن تدون في حكمها بأسباب خاصة ما يبرر هذا الإطراح وإلا كان حكمها قاصراً.
2 - إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها إذ يعتبر ذلك الإغفال قصور في الأسباب الواقعية يقتضي بطلانه، وبما مؤداه أنه إذا أطرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصراً.
3 - لما كان أخذ محكمة الموضوع بتقرير الخبير المقدم في الدعوى وأحالت في بيان أسباب حكمها إليه وكان ما أورده الخبير لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها بحيث لا تصلح رداً على دفاع جوهري تمسك به الخصوم كان حكمها معيباً بالقصور.
4 - لما كان من مقتضى عقد التأمين على الأشياء اتفاق المؤمن له على تغطية الأضرار التي يحتمل أن تصيب المؤمن له من خلال مدة معينة يتحمل فيها المؤمن تبعة الأضرار مقابل جُعل التأمين الذي يتقاضاه من المؤمن له وذلك بشرط وقوع الحادث أو تحقق الخطر المؤمن منه، واتفاقهما هو الذي يحدد هذا الخطر محلاً ونطاقاً وسبباً، فإذا انعقد اتفاقهما على التأمين ضد الخطر أياً كان سببه التزام المؤمن بأداء مبلغ التأمين عند تحقق الخطر المؤمن منه بغض النظر عن سببه، أما إذا كان الخطر محدداً بتحديد سببه فإن المؤمن لا يلزم بتغطية الأضرار الناشئة عن الخطر إلا إذا كان ناتجاً عن السبب أو الأسباب المعينة الواردة بالعقد مع مراعاة باقي شروط التعاقد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 12639 سنة 1983 مدني شمال القاهرة الابتدائية ضد الشركة الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي له مبلغ 191184 جنيه، وقال بياناً لذلك إنه بموجب وثيقة التأمين رقم 12010 وملحقها رقم 1350 الصادرة من الطاعنة في 21/ 7/ 1981، 25/ 7/ 1981 تعاقد مع الشركة الطاعنة على التأمين على اللحوم والأسماك المجمدة المخزونة بثلاجات شركة..... من خطر تلفها حال تخزينها. وإذ تلفت بضاعته المؤمن عليها وتحقق الخطر المؤمن منه، أخطر الطاعنة بذلك، وطلب منها صرف مبلغ التأمين المستحق له وقدره مبلغ 311184 جنيه، إلا أن الطاعنة استغلت ظروفه الطارئة وأكرهته أدبياً على التوقيع على مخالصته ولم تدفع له سوى مبلغ 120000 جنيه تسلمه منها إنقاذاً لسمعته التجارية، ولأنه يحق له المطالبة بكامل مبلغ التأمين فقد أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن قدم تقريره أحالت الدعوى للتحقيق واستمعت إلى شهود الطرفين، وبتاريخ 30/ 4/ 1990 حكمت المحكمة ببطلان المخالصة المؤرخة 21/ 10/ 1982 وبإلزام الطاعنة أن تؤدي للمطعون عليه مبلغ 287100.927 جنيه بعد خصم ما يكون قد تسلمه منها. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 7543 سنة 107 ق، ندبت المحكمة لجنة من ثلاثة خبراء وبعد أن قدموا تقريرهم حكمت في 20/ 6/ 1995 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وعُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن أسباب التلف الذي أصاب البضاعة المؤمن عليها لا تغطيها وثيقة التأمين إذ لم يكن بسبب عطل الثلاجات المحفوظة بها أو تغير درجة الحرارة وإنما يرجع إلى عيب في البضاعة ذاتها لانتهاء تاريخ صلاحيتها واستندت في ذلك إلى الحكم الصادر في الدعويين رقميّ 12333 سنة 1982، 2472 سنة 1983 مدني كلي جنوب القاهرة - المقدمة صورة رسمية منه - والذي قضى برفض دعواها والدعوى المقامة من المطعون عليها قبل الشركة مالكة الثلاجة تأسيساً على أن تلف البضاعة محل التداعي ليس مرجعه إلى عيب بالثلاجات المخزونة فيها، غير أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع الجوهري إيراداً ورداً، وأغفل دلالة ذلك القضاء السابق صدوره في الدعويين المشار إليهما، وأقام قضاءه بإلزامها بمبلغ التأمين على سند من تقارير الخبراء المندوبين في الدعوى رغم قصورها إذ اكتفوا بإثبات هذا الدفاع غير أنهم قعدوا عن بحثه أو تمحيصه وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة فيها وترجيح بعضها علي البعض الآخر إلا أنها تخضع لرقابة محكمة النقض في تكييف هذا الفهم وفي تطبيق ما ينبغي من أحكام القانون بحيث لا يجوز لها أن تطرح ما يقدم إليها تقديماً صحيح من الأوراق والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن تدون في حكمها بأسباب خاصة ما يبرر هذا الإطراح وإلا كان حكمها قاصراً. كما أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في الأسباب الواقعية يقتضي بطلانه، وبما مؤداه أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصراً. وأنه إذا أخذت محكمة الموضوع بتقرير الخبير المقدم في الدعوى وأحالت في بيان أسباب حكمها إليه وكان ما أورده الخبير لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها بحيث لا تصلح رداً على دفاع جوهري تمسك به الخصوم كان حكمها معيباً بالقصور. وكان من مقتضى عقد التأمين على الأشياء اتفاق المؤمن والمؤمن له على تغطية الأضرار التي يحتمل أن تصيب المؤمن له خلال مدة معينة يتحمل فيها المؤمن تبعة الأضرار مقابل جعل التأمين الذي يتقاضاه من المؤمن له، وذلك بشرط وقوع الحادث أو تحقق الخطر المؤمن منه، واتفاقهما هو الذي يحدد هذا الخطر محلاً ونطاقاً وسبباً، فإذا انعقد اتفاقهما على التأمين ضد الخطر أياً كان سببه التزم المؤمن بأداء مبلغ التأمين عند تحقق الخطر المؤمن منه بغض النظر عن سببه، أما إذا كان الخطر محدداً بتحديد سببه فإن المؤمن لا يلتزم بتغطية الأضرار الناشئة عن الخطر إلا إذا كان ناتجاً عن السبب أو الأسباب المعينة الواردة بالعقد مع مراعاة باقي شروط التعاقد. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن تلف البضاعة المؤمن عليها لديها لم يكن سببه راجعاً إلى عطل الثلاجات أو تغير درجات الحرارة فيها وإنما يرجع إلى ذاتية اللحوم والأسماك المجمدة المؤمن عليها لفوات تاريخ صلاحيتها بما يخرج هذا التلف على نطاق التأمين المتفق عليه. كما تمسكت بدلالة قضاء الحكم الصادر في الدعويين رقميّ 12333 سنة 1982، 2473 سنة 1983 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على النحو الوارد بسبب النعي، وأعادت التمسك بهذا الدفاع أمام لجنة الخبراء الثلاثة المندوبين من محكمة الاستئناف لفحص النزاع فاكتفوا بإثباته وقعدوا عن فحصه الاستئناف لفحص النزاع فاكتفوا بإثباته وقعدوا عن فحصه وتمحيصه وكان البين من وثيقة التأمين سند الدعوى أنها تضمنت أن تحقق الخطر المؤمن منه محدد بالأسباب الواردة بالوثيقة وملحقها وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بتقرير الخبير سنداً لقضائه دون أن يعرض لما تمسكت به الطاعنة في هذا الخصوص واستقصاء ما إذا كان تحقق الخطر المؤمن منه راجع إلى الأسباب المتفق عليها بوثيقة التأمين وتغطية هذه الوثيقة، وتناول دفاعها ومناقشته والرد عليه مع ما له من أثر، ومن شأن بحثه وتحقيقه ما قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.