أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 48 - صـ 353

جلسة 26 من فبراير سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ فهمي السيد الخياط نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم بركات, محمد خيري أبو الليل، محمد يسري زهران وأحمد فرحات نواب رئيس المحكمة.

(69)
الطعن رقم 1770 لسنة 66 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن: امتداد عقد الإيجار". أحوال شخصية. دعوى "الخصوم فيها". نيابة عامة.
تدخل النيابة العامة وجوباً - حالاته. م 1 ق 628 لسنة 1955، 88/ 3 مرافعات. إيراد الحكم في تقريراته في دعوى ثبوت العلاقة الإيجارية أن طلاق الطاعنة من المستأجر كان طلاقاً رجعياً وأن وفاته قبل انقضاء عدتها وإبان قيام الزوجية حكماً باعتباره واقعاً مطروحاً في الدعوى وليس فصلاً في مسألة أحوال شخصية. خروجه عن الحالات الواجب تدخل النيابة العامة فيها.
(2) حكم. "تسبيبه: عيوب التسبيب: الفساد في الاستدلال".
إقامة الحكم قضاءه على واقعة استخلصها من مصدر لا وجود له أو موجود ولكنه مناقض لما استخلصه أو غير مناقض ولكن يستحيل عقلاً استخلاص تلك الواقعة منه. فساد في الاستدلال.
(3) إيجار. "إيجار الأماكن: امتداد عقد الإيجار: ترك العين المؤجرة".
ترك الإقامة الذي يحول دون الاستفادة من مزية استمرار عقد الإيجار. شرطه. هجر المستفيد الإقامة في العين على وجه نهائي عن طواعية واختيار حتى وفاة المستأجر الأصلي. تخلف ذلك. أثره. عدم تحقيق انقطاع الإقامة الذي يحول دون الاستفادة من الامتداد.
1 - إعمالاً لنص المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 بشأن بعض الإجراءات في قضايا الأحوال الشخصية والوقف والمادة 88/ 3 من قانون المرافعات يكون تدخل النيابة واجباً عند نظر النزاع - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - كلما كانت القضية تتعلق بالأحوال الشخصية مما تختص بنظرها المحاكم الابتدائية طبقاً للقانون 462 لسنة 1959 الخاص بإلغاء المحاكم الشرعية والملية يستوي في ذلك أن تكون الدعوى أصلاً من دعاوى الأحوال الشخصية التي تختص بها المحاكم الابتدائية أو أن تكون قد رفعت باعتبارها دعوى مدنية أثيرت فيها مسألة تتعلق بالأحوال الشخصية. لما كان ذلك وكانت الدعوى الراهنة مدنية متعلقة بالعلاقة الإيجارية وكانت مسألة انقضاء عدة الطاعنة أو عدم انقضائها للوقوف على مدى اعتبار الزوجية قائمة حكماً وقت وفاة المستأجر الأصلي لم تكن محل منازعة بين الخصوم على نحو يتعين أن تقول المحكمة فيه كلمتها وإنما طرحت كواقع في الدعوى لم يثر بشأنه جدل ومن ثم لم يكن إيراد الحكم في تقريراته أن الطاعنة كان طلاقها من المستأجر الأصلي طلاقاً رجعياً وأن وفاته قبل انقضاء عدتها وإبان قيام الزوجية حكماً سوى بياناً للواقع المطروح في الدعوى وليس فصلاً في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية بما يخرجها من عداد الحالات التي أوجب القانون تدخل النيابة العامة في الدعوى.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إذا بني الحكم عن واقعة استخلصها من مصدر لا وجود له أو موجود ولكنه مناقض لما أثبته أو غير مناقض ولكن من المستحيل عقلاً استخلاص تلك الواقعة منه كان الحكم مشوباً بالفساد في الاستدلال.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن ترك الإقامة من المقيم مع المستأجر الأصلي الذي يحول دون استفادته من مزية استمرار عقد الإيجار إليه هو الترك الفعلي وهجر الإقامة في العين على وجه نهائي ويستمر لحين وفاة المستأجر الأصلي عن طواعية واختبار فإذا تخلف هذا الشرط بأن حيل بينه و الإقامة بالعين لأي سبب كان لا دخل لإرادته فيه فلا يتحقق انقطاع الإقامة الذي يحول دون الاستفادة بامتداد عقد إيجار المستأجر المستأجر الأصلي المقرر بنص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأول والثاني أقاما على الطاعنة والمطعون ضدها الثالثة الدعوى رقم 3797 لسنة 1993 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 23/ 10/ 1957 والإخلاء والتسليم. وقالا بياناً لها إن المرحوم.... استأجر شقة النزاع بموجب العقد المذكور وأقام فيها بمفرده بعد تطليقه الطاعنة وزواج ابنته المطعون ضدها الثالثة وإذ توفى دون أن يكون أحد مقيماً معه فقد أقاما الدعوى. رفعت الطاعنة دعوى فرعية بطلب الحكم بثبوت العلاقة الإيجارية لها عن العين موضوع النزاع وإلزام المطعون ضدهما الأول والثاني بتحرير عقد إيجار لها عنها على سند من أنها كانت تقيم بها مع زوجها المستأجر الأصلي إلى أن طلقها طلاقاً رجعياً وتوفى قبل انقضاء عدتها منه شرعاً. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ثم حكمت في الدعوى الأصلية بانتهاء عقد الإيجار والإخلاء والتسليم وفي الدعوى الفرعية برفضها. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1557 لسنة 51 ق لدى محكمة استئناف الإسكندرية التي قصت بتاريخ 17/ 1/ 1996 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الخامس منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإجراءات. وفي بيان ذلك تقول إن مسألة أولية ثارت في الدعوى تتعلق بانقضاء أو عدم انقضاء عدة الطاعنة ومدى تعلق حق المطلقة رجعياً بمسكن الزوجية وهي مسألة من مسائل الأحوال الشخصية التي أوجب القانون تدخل النيابة العامة فيها وإذ لم يتم هذا الإدخال من جانب محكمة أول درجة فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالبطلان.
وحيث إن النعي في غير محله، ذلك أنه إعمالاً لنص المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 بشأن بعض الإجراءات في قضايا الأحوال الشخصية والوقف والمادة 88/ 3 من قانون المرافعات يكون تدخل النيابة واجباً عند نظر النزاع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - كلما كانت القضية تتعلق بالأحوال الشخصية مما تختص بنظرها المحاكم الابتدائية طبقاً للقانون 462 لسنة 1959 الخاص بإلغاء المحاكم الشرعية والملية يستوي في ذلك أن تكون الدعوى أصلاً من دعاوى الأحوال الشخصية التي تختص بها المحاكم الابتدائية أو أن تكون قد رفعت باعتبارها دعوى مدنية أثيرت فيها مسألة تتعلق بالأحوال الشخصية. لما كان ذلك وكانت الدعوى الراهنة مدنية متعلقة بالعلاقة الإيجارية وكانت مسألة انقضاء عدة الطاعنة أو عدم انقضائها للوقوف على مدى اعتبار الزوجية قائمة حكماً وقت وفاة المستأجر الأصلي لم تكن محل منازعة بين الخصوم على نحو يتعين أن تقول المحكمة فيه كلمتها وإنما طرحت كواقع في الدعوى لم يثر بشأنه جدل ومن ثم لم يكن إيراد الحكم في تقريراته أن الطاعنة كان طلاقها من المستأجر الأصلي طلاقاً رجعياً وأن وفاته كانت قبل انقضاء عدتها وإبان قيام الزوجية حكماً سوى بياناً للواقع المطروح في الدعوى وليس فصلاً في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية بما يخرجها من عداد الحالات التي أوجب القانون تدخل النيابة العامة في الدعوى ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال. وفي بيان ذلك تقول إن الحكم رفض دعواها بمقولة أنها تركت عين النزاع اختياراً بنية التخلي عنها نهائياً قبل وفاة المستأجر في حين أنها ما تركت منزل الزوجية إلا بسبب ما شجر بينها وبين زوجها المستأجر الأصلي من نزاع أدى إلى تطليقها وهو أمر عارض خارج عن إرادتها ولا يحول دون استمرار عقد إيجار المسكن وامتداده لصالحها.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا بني الحكم على واقعة استخلصها من مصدر لا وجود له أو موجود ولكنه مناقض لما أثبته أو غير مناقض ولكن من المستحيل عقلاً استخلاص تلك الواقعة منه كان الحكم مشوباً بالفساد في الاستدلال وكان ترك الإقامة من المقيم مع المستأجر الأصلي الذي يحول دون استفادته من مزية استمرار عقد الإيجار إليه هو الترك الفعلي وهجر الإقامة في العين على وجه نهائي ويستمر لحين وفاة المستأجر الأصلي عن طواعية واختيار فإذا تخلف هذا الشرط بأن حيل بينه والإقامة بالعين لأي سبب كان لا دخل لإرادته فيه فلا يتحقق انقطاع الإقامة الذي يحول دون الاستفادة بامتداد عقد إيجار المستأجر الأصلي المقرر بنص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة على ما أورده من أنها أخذت بعد طلاقها كافة منقولاتها من الشقة موضوع التداعي واتخذت في صحيفة دعوى النفقة التي أقامتها على مطلقها عنواناً آخر واعتبر ذلك تركاً للإقامة بالشقة وتخليها نهائياً عنها وكان هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه لا يفيد بطريق اللزوم ترك الطاعنة للإقامة بشقة النزاع بمعناه القانوني وتوافر عنصره المعنوي في ظل خلافاتها الزوجية التي احتدمت إلى حد تطليقها مما يعيبه بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ويوجب نقضه.