أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 48 - صـ 484

جلسة 9 من مارس سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد القادر سمير نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ كمال محمد مراد، حسام الدين الحناوي، محمد شهاوي عبد ربه وعبد الجواد هاشم فراج, نواب رئيس المحكمة.

(92)
الطعن رقم 11815 لسنة 65 القضائية

إيجار "إيجار الأماكن" "الأماكن المؤجرة مفروشة".
الأماكن المؤجرة مفروشة. استثناؤها من أحكام الامتداد القانوني. خضوعها لحكم المادة 18 ق 136 لسنة 1981 بصدد تحديد أسباب الإخلاء. مؤدى ذلك. وجوب تكليف المستأجر بالوفاء خلال المدة المحددة وعدم إعمال الشرط الصريح الفاسخ المنصوص عليه بالعقد إلا بالمعنى الذي وضعه المشرع.
المقرر – في قضاء محكمة النقض - أن المشرع نظم الأحكام العامة لعقد الإيجار في القانون المدني وهي واجبة التطبيق في الأصل على ما يبرم في ظلها من عقود ما لم يرد في تشريعات إيجار الأماكن الاستثنائية نص آخر يتعارض وأحكامها فهذه التشريعات أملتها اعتبارات تتعلق بالنظام العام ومن ثم تعتبر مقيدة لنصوص القانون المدني التي تتعارض معها. لما كان ذلك وكان النص في المادة الأولى من الباب الأول من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر أنه "فيما عدا الأراضي الفضاء تسري أحكام هذا الباب على الأماكن وأجزاء الأماكن على اختلاف أنواعها المعدة للسكنى أو لغير ذلك من الأغراض سواء كانت مفروشة أو غير مفروشة مؤجرة من المالك أو من غيره...." والنص في المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية..... (ب) إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفه بذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول دون مظروف أو بإعلان على يد محضر.... ومع عدم الإخلال بالأسباب المشار إليها لا تمتد بقوة القانون عقود إيجار الأماكن المفروشة....." يدل على أن المشرع وإن كان قد استثنى عقود إيجار الأماكن المفروشة من أحكام الامتداد القانوني إلا أنه أبقاها خاضعة للأحكام المنظمة لحالات الإخلاء فلا يجوز للمؤجر طلب إخلائها إلا إذا لم يف المستأجر بالأجرة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفه بسدادها على النحو المبين بنص المادة 18 سالفة الذكر بحيث إذا تضمن العقد شرطاً صريحاً فاسخاً يبطل ولا يعمل به فيما لا يوافق حكم التشريع الاستثنائي فإذا كان مقتضى الشرط الصريح الفاسخ هو التأجير في سداد الأجرة تعين أن يكون بالمعنى الذي وضعه الشارع على ما سلف بيانه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الشركة الطاعنة دعوى صار قيدها برقم 968 لسنة 1994 مدني الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بإخلائها من الأعيان المبينة بالصحيفة وتسليمها له شاملة المنقولات المبينة بالكشف المرافق بعقد الإيجار المؤرخ 10/ 7/ 1985 وقال بياناً لها أنه بموجب هذا العقد استأجرت منه العقار الكائنة به تلك الأعيان مفروشة بالمنقولات المبينة بالكشف المرفق بالعقد بقصد استعمالها في النشاط التجاري لمدة ثلاث سنوات تبدأ من 1/ 11/ 1985 وتنتهي في 31/ 10/ 1988 قابلة للتجديد لمدة أخرى بأجرة مقدارها 90000 جنيه سنوياً تزاد بواقع 7% عن كل سنة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من 1/ 11/ 1985 وتنتهي في 31/ 10/ 1988 قابلة للتجديد لمدة أخرى بأجرة مقدارها 90000 جنية سنوياً تزاد بواقع 7% عن كل سنة من السنوات التالية للسنوات الثلاث الأولى ثم بواقع 5% عن كل سنة من الثلاثة سنوات التالية وأن الأجرة تدفع على قسطين الأول في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر والثاني في الأسبوع الأول من شهر مايو من كل عام وإذ تأخرت الطاعنة في سداد مبلغ مقداره 45000 جنيه من الأجرة والتي تستحق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر سنة 1993 وقام بتكليفها بالوفاء بتاريخ 18/ 11/ 1993 إلا أنها لم تمتثل فقد أقام الدعوى بطلبيه سالفي البيان. ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره حكمت بعدم قبولها، استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 14057 لسنة 112 قضائية وبتاريخ 19 من ديسمبر سنة 1995 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف وبطلبي المطعون ضده. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرة، وفيه التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول إنه قضى بالإخلاء على سند من أن عين النزاع تم تأجيرها مفروشة ولا تسري عليها قوانين إيجار الأماكن وإنما يطبق عليها أحكام القانون المدني بما في ذلك حكم المادة 158 منه سيما وقد تحقق الشرط الصريح الفاسخ المنصوص عليه في عقد الإيجار بعدم سداد الأجرة في ميعادها في حين أن المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 لم تستثن الأماكن المفروش من الخضوع لأحكامها بصدد تحديد أسباب الإخلاء وشروطه وإنما الاستثناء قاصر على تحديد أجرتها والامتداد القانوني لعقد إيجارها فلا يشمل التكليف بالوفاء في حالة التأجير في سداد الإيجار بالشروط التي نُص عليها قبل رفع الدعوى وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، وذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أن المشرع نظم الأحكام العامة لعقد الإيجار في القانون المدني وهي واجبة التطبيق في الأصل على ما يبرم في ظلها من عقود ما لم يرد في تشريعات إيجار الأماكن الاستثنائية نص آخر يتعارض وأحكامها، فهذه التشريعات أملتها اعتبارات تتعلق بالنظام العام، ومن ثم تعتبر مقيدة لنصوص القانون المدني التي تتعارض معها. لما كان ذلك وكان النص في المادة الأولى من الباب الأول من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على "أنه فيما عدا الأراضي الفضاء تسري أحكام هذا الباب على الأماكن وأجزاء الأماكن على اختلاف أنواعها المعدة للسكنى أو لغير ذلك من الأغراض سواء كانت مفروشة أو غير مفروشة مؤجرة من المالك أو من غيره...." والنص في المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية: ..... ب - إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفه بذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول دون مظروف أو بإعلان على يد محضر.... ومع عدم الإخلال بالأسباب المشار إليها لا تمتد بقوة القانون عقود إيجار الأماكن المفروشة......." يدل على أن المشرع وإن كان قد استثنى عقود إيجار الأماكن المفروشة من أحكام الامتداد القانوني إلا أنه أبقاها خاضعة للأحكام المنظمة لحالات الإخلاء فلا يجوز للمؤجر طلب إخلائها إلا إذا لم يف المستأجر بالأجرة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفه بسدادها على النحو المبين بنص المادة 18 سالفة الذكر بحيث إذا تضمن العقد شرطاً صريحاً فاسخاً يبطل ولا يعمل به فيما لا يوافق حكم التشريع الاستثنائي. فإذا كان مقتضى الشرط الصريح الفاسخ هو التأجير في سداد الأجرة تعين أن يكون بالمعنى الذي وضعه الشارع على ما سلف بيانه، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من عقد الإيجار محل الدعوى المؤرخ 10/ 7/ 1985 أنه وارداً على عقار قسطين متساويين قيمة كل قسط 45000 جنيه يدفع في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر والأسبوع الأول من شهر مايو من كل عام وأنه في حالة التأخير في دفع الأجرة في هذه المواعيد يكون ذلك العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون أن يلتزم المؤجر بإنذار المستأجر بالوفاء رسمياً وتصبح يد الأخير غاصبة وليس لها سند من القانون وخلص من ذلك إلى أن عين النزاع وقد أُجرت مفروشة فلا تسري عليها قوانين إيجار الأماكن وإنما ينطبق عليها القانون المدني بما في ذلك المادة 158 منه وإذ رتب الحكم على ما جاء بتقرير الخبير من أن الطاعنة لم تسدد القسط الأول من الإيجار المستحق عليها في الأسبوع الأول من نوفمبر سنة 1993 إلا في 28/ 12/ 1993 فتحقق الشرط الفاسخ الصريح وأن عقد الإيجار يعتبر لذلك مفسوخاً دون حاجة إلى إنذار فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وقد حجبه هذا الخطأ عن التصدي للتكليف بالوفاء الصادر من المؤجر للمستأجر لتأخره في سداد الإيجار وبيان ومدى صحته بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.