مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 56

(8)
جلسة 25 من أكتوبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عصام الدين السيد علام نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة نبيل أحمد سعيد علي ومحمد يسري زين العابدين وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.

الطعن رقم 808 لسنة 28 القضائية

قرار إداري - قرار إنهاء الإعارة لدولة عربية - سبب القرار (مسئولية إدارية).
القرار الصادر بإنهاء إعارة مدرس لدولة عربية استجابة لرغبة الحكومة الأجنبية المستعيرة لا يعد عقاباً أو تأديباً للمعار - لا وجه للقول بمسئولية الإدارة عما أصابه من أضرار - أساس ذلك: انتفاء ركن الخطأ في جانب الإدارة - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 15/ 4/ 1982 أودعت هيئة قضايا الدولة بالنيابة عن وزير التربية والتعليم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 808 لسنة 28 ق عليا في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم بجلسة 16/ 2/ 1982 في الطعن التأديبي رقم 120 لسنة 14 ق المقام من........ ضد وزير التربية والتعليم والذي قضى بإلغاء القرار الصادر بحرمان...... من الإعارة لمدة أربع سنوات وحرمانه من تكملة مدة إعارته التي كان بها وما يترتب على ذلك من آثار. وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء القرار المطعون فيه من حرمان المطعون ضده من تكملة مدة إعادته وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص المحكمة التأديبية وإحالته بحالته إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 8/ 12/ 1986 حيث قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" لنظره أمامها جلسة 21/ 12/ 1986 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على النحو المبين بمحاضر الجلسات قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدي النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 24/ 12/ 1978 أقام السيد........ الدعوى رقم 431 لسنة 33 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزير التربية والتعليم طالباً الحكم بإلغاء القرار المتضمن حرمانه من تكملة مدة إعارته مع صرف مرتبه عن مدة الأجازة الصيفية وهي أربعة أشهر مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات، وقال شرحاً لدعواه إنه يعمل مدرساً بوزارة التربية والتعليم وتم إعارته خلال عام 1975 إلى اليمن الجنوبية، وبتاريخ 21/ 4/ 1977 ألغيت إعارته دون سبب مقبول من جانب حكومة اليمن الجنوبية بعدن، وتم التحقيق معه في القضية رقم 213 لسنة 1977 إعارات بواسطة إدارة الشئون القانونية لجنوب القاهرة التعليمية وانتهى التحقيق إلى عدم ارتكابه أية مخالفة، غير أن إدارة الشئون القانونية بوزارة التربية والتعليم أصدرت قراراً بحرمانه من الإعارة لمدة أربع سنوات وذلك في القضية رقم 352 لسنة 1977، مع طلب استكمال مدة الإعارة، وأضاف قائلاً أنه بتاريخ 18/ 6/ 1978 قدم تظلماً من القرارات المشار إليها، فضلاً عن ذلك فإن إدارة الإعارات بالوزارة لم تصرف إليه مرتبه عن مدة الإجازة الصيفية وهي أربعة أشهر من مايو سنة 1977 حتى 31 أغسطس سنة 1977 أسوة بزملائه المعارين للخارج حيث إن إلغاء الإعارة كان بسبب لا دخل لإرادته فيه. وإذ لم تستجب جهة الإدارة إلى طلباته فقد أقام هذه الدعوى.
وقدمت جهة الإدارة مذكرة بدفاعها متضمنة ردها على الدعوى، كما قدم المدعي مذكرته بدفاعه حدد فيها طلباته: أولاً: بإلغاء القرار الإداري رقم 402 الصادر بتاريخ 2/ 7/ 1978 بحرمانه من التقدم للإعارة مدة أربع سنوات وبحرمانه من استكمال الإعارة. ثانياً: صرف مرتبه عن الإجازة الصيفية وهي أربعة أشهر أسوة بزملائه المعارين إلى الخارج مع ما يترتب على من آثار.
وبجلسة 17/ 4/ 1980 قضت محكمة القضاء الإداري: أولاً: بعدم اختصاصها بنظر طلب إلغاء القرار المطعون فيه وأمرته بإحالته إلى المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم للاختصاص. ثانياً: بعدم اختصاصها بنظر طلب صرف مرتب المدعي عن مدة الإجازة الصيفية محل النزاع وأمرت بإحالته إلى المحكمة الإدارية للعاملين بوزارة التربية والتعليم للاختصاص وقد وردت الدعوى إلى المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم وقيد بجدولها طعناً تأديبياً برقم 120 لسنة 14 ق ونظر بجلساتها على النحو المبين بالمحاضر.
وبجلسة 16/ 4/ 1982 أصدرت المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم الحكم المطعون فيه والذي قضى بإلغاء القرار الصادر بحرمان المدعي من الإعارة لمدة أربع سنوات وحرمانه من تكملة مدة إعارته التي كان بها وما يترتب على ذلك من آثار، وقد أقامت المحكمة قضاءها على أن المعنى التأديبي للقرار المطعون فيه قد وضح من الإجراءات التي سبقت إصداره من مذكرات وتحقيقات وإدانة ومن ثم يكون هذا القرار قد صدر بصفته جزاءً تأديبياً لما ارتكبه المدعي من مخالفات أثناء إعارته إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وهو جزاء لم يرد ضمن الجزاءات التي حددتها المادة 80 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة ولذلك فإنه يكون قد ورد على خلاف القانون ويتعين إلغاؤه.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من حرمان المطعون ضده من تكملة مدة إعارته قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك لأن قرار الطعن قد استند في هذا إلى سبق إلغاء إعارة المطعون ضده فعلاً بقرار من وزير التعليم اليمني لخروج المطعون ضده عن حدود اللياقة أثناء حديثه معه ومن فإن هذا القرار لم يصدر عقاباً أو تأديباً للمطعون ضده وإنما تنفيذاً لرغبة الحكومة المعار إليها فضلاً عما ينطوي عليه مسلك المطعون ضده من المساس بسمعة مصر والمصريين بالخارج مما يصمه بمخالفة أحكام القرار الوزاري رقم 1 لسنة 1978 بشأن شروط الإعارة الخارجية ويكون هذا القرار قد بني على أسباب سائغة تبرره قانوناً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر من المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم دون أن تكون الدعوى متعلقة بجزاء تأديبي صريح إلا أنها وقد أحيلت إليها الدعوى بحكم من محكمة القضاء الإداري على النحو المبين آنفاً أصبحت ملتزمة بالفصل فيها طبقاً للمادة 110 من قانون المرافعات دون أن تعيد بحث موضوع الاختصاص من جديد.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده أعير إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بالأمر التنفيذي رقم 971 في 28/ 7/ 1975 واستمر بها إلى أن أصدر وزير التعليم اليمني الجنوبي قرار بإنهاء الإعارة بعد أن حدثت بينه وبين المطعون ضده مشادة بسبب طلب الأخير تغيير جدول الحصص له لكي يحصل على يومين إجازة بدلاً من يوم واحد عدا يوم الجمعة وتخلفه بعد ذلك عن المدرسة في اليوم الذي اعترض عليه مما اعتبره الوزير ماساً به حيث أصدر قراره المنوه عنه، وبناء عليه قامت سفارة جمهورية مصر العربية باليمن الجنوبي بإخطار المطعون ضده بالعودة إلى أرض الوطن في 10/ 3/ 1977، وإثر عودة المطعون ضده لاستلام عمله أجرت الجهة الإدارية تحقيقاً معه انتهت فيه إلى اعتبار سلوكه حيال الوزير اليمني ماساً لسمعة مصر والمصريين في الخارج وأصدرت قرارها الطعين بحرمان المطعون ضده من استكمال إعارته وبحرمانه كذلك من التقدم للإعارة لمدة أربع سنوات من العام الدراسي 77/ 78.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه في شقه الخاص بحرمان المطعون ضده من استكمال الإعارة هو في حقيقته استجابة لرغبة الحكومة الأجنبية المستعيرة التي قامت بإلغاء الإعارة من جانبها بالفعل ومن ثم فهو لا يمثل أدنى خطأ في جانب الإدارة كما لا يعد عقاباً منها أو تأديباً للمدعي ويكون القرار في هذا الشق منه قد بني على أسباب صحيحة في الواقع والقانون.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه وقد أخذ بغير النظر المتقدم قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله الأمر الذي يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من حرمان المدعي من استكمال مدة الإعارة وإلزام المطعون ضده المصروفات عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من حرمان المدعي من استكمال مدة الإعارة.