أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 48 - صـ 489

جلسة 10 من مارس سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد مصباح شرابيه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فتحي محمود السيد، سعيد غرياني، عبد الحميد الحلفاوي نواب رئيس المحكمة وحسن حسن منصور.

(93)
الطعن رقم 6 لسنة 63 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية "المسائل المتعلقة بالمسلمين" "المتعة: استحقاقها".
المتعة. استحقاق المطلقة لها سواء كان الطلاق من الزوج أو من القاضي نيابة عنه. علة ذلك. لجوء الزوجة إلى القاضي لتطليقها على زوجها بسبب مضارته لها. لا يتوافر به الرضا بالطلاق. علة ذلك.
(2) أحوال شخصية "المسائل المتعلقة بالمسلمين". قانون "القانون الواجب التطبيق".
مسائل الأحوال الشخصية. وجوب تطبيق ما ورد بشأنها من قوانين خاصة والراجح من مذهب أبي حنيفة فيما عدا ذلك. مؤداه. عدم سريان قواعد القانون المدني عليها. م 280 لائحة شرعية.
(3 - 5) أحوال شخصية "المسائل المتعلقة بالمسلمين" "نفقة، المتعة: أساسها، تقديرها". محكمة الموضوع. نقض "أسباب الطعن: السبب الموضوعي".
(3) تقرير المتعة للمطلقة. أساسه. جبر خاطر المطلقة ومواساتها ومعونتها. وليس جزاء لإساءة الزوج استعمال حقه في التطليق.
(4) المتعة. استقلال محكمة الموضوع بتقديرها دون رقابة محكمة النقض. شرطه. ألا ينزل الحكم بها عن الحد الأدنى المقرر بنفقة سنتين على الأقل بمراعاة حال المطلق يسراً أو عسراً وظروف الطلاق ومدة الزوجية.
(5) الحكم بفرض قدر محدد من النفقة. اعتباره مصاحباً لحال المحكوم عليه يسراً أو عسراً حتى يقوم الدليل على تبدل ظروف فرضها. قضاء الحكم المطعون فيه بمتعة قدّرها بنفقة سنتين بمراعاة ظروف الطلاق ومدة الزوجية ويسار الطاعن استناداً لحكم النفقة النهائي. النعي عليه في ذلك دون ادعاء تغير الظروف المصاحبة للحكم المذكور. جدل موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
1 - إن الشريعة الإسلامية قد قصرت الحق في إيقاع الطلاق على الزوج دون غيره. فإذا طلق القاضي الزوجة فإن فعله هذا - وفقاً لمذهب الحنفية - يضاف إلى الزوج فكأنه طلقها بنفسه مما يستوي معه في شأن استحقاق المتعة أن يكون الطلاق من نفس الزوج أو من القاضي نيابة عنه. ولا يغير من ذلك ما ورد في نص المادة 18 مكرراً من القانون رقم 25 لسنة 1929 باستحقاق الزوجة للمتعة من عبارة "إذا طلقها زوجها" لأن هذه العبارة مقررة للوضع الشرعي من أن الطلاق ملك للزوج وحده دون سواه سواء استعمل حقه هذا بنفسه أو بمن ناب عنه نيابة شرعية مثل القاضي، لما كان ذلك، وكان لجوء الزوجة إلى القاضي لتطليقها على زوجها بسبب مضارته لها وثبوت هذه المضارة فيه إكراه لها على طلب التطليق لتدفع الضرر عنها بما لا يتوافر به الرضا بالطلاق.
2 - مسائل الأحوال الشخصية لا تحكمها قواعد القانون المدني، بل يتعين تطبيق ما ورد بشأنها من قوانين خاصة ويطبق فيما عدا ذلك الراجح من مذهب أبي حنيفة عملاً بنص المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية.
3 - تقرير المتعة للمطلقة وفقاً لنص المادة 18 مكرراً من القانون رقم 25 لسنة 1929 ليس جزاء لإساءة الزواج استعمال حقه في التطليق، بل إن الأساس في تقريرها - على ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لهذا النص - أن المطلقة في حاجة إلى معونة أكثر من نفقة العدة، وفي المتعة ما يحقق هذه المعونة ولأن الأصل في تشريعها جبر خاطر المطلقة ومواساتها.
4 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير المتعة من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك طالما لم ينزل الحكم بها عن الحد الأدنى المقرر بنفقة سنتين على الأقل بمراعاة حال المطلق يسراً وعسراً وظروف الطلاق ومدة الزوجية.
5 - الحكم يفرض قدر محدد من النفقة يعتبر مصاحباً لحال المحكوم عليه يسراً وعسراً حتى يقوم الدليل على تبدل الظروف التي اقتضت فرض هذه النفقة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استند في تقديره للمتعة إلى حكم النفقة الصادر في الدعوى رقم 489 لسنة 1988 شرعي مستأنف الجيزة وقُضى للمطعون ضدها بنفقة سنتين وهو الحد الأدنى المقرر بمقتضى نص المادة 18 مكرراً من القانون رقم 25 لسنة 1929 وبمراعاة ظروف الطلاق ومدة الزوجية ومدى يسار الطاعن. وإذ لم يدع الطاعن أن الظروف التي صاحبت حكم النفقة المذكور، قد تغيرت، فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع وتقدير الدليل في الدعوى لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 1622 لسنة 1986 كلي أحوال شخصية الجيزة على الطاعن بطلب الحكم بمتعة لها، وقالت بياناً لدعواها إنها كانت زوجاً له ودخل بها، وقُضي بتطليقها عليه في الدعوى رقم 1622 لسنة 1986 كلي أحوال شخصية الجيزة، وهذا الطلاق بسبب من جانبه، ومن ثم أقامت الدعوى, أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ولم ينفذ هذا الحكم وبتاريخ 29/ 2/ 1992 قضت برفض الدعوى، استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 372 لسنة 109 ق القاهرة، وبتاريخ 9/ 11/ 1992 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدها متعة قدرها تسعة آلاف وستمائة جنيه، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظرة وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ويقول بياناً لذلك أن المناط في استحقاق المطلقة للمتعة وفقاً لنص المادة 18 مكرراً من القانون رقم 25 لسنة 1929، أن يكون الزوج هو الذي أوقع الطلاق بإرادته المنفردة دون رضاء الزوجة، في حين أن المطعون ضدها، طُلقت قضاء بناء على طلبها، كما خلت الأوراق مما يفيد أنه أساء استعمال حقه قبلها طبقاً لنص المادة الخامسة من القانون المدني، وهي أساس القاعدة المقررة في المادة 18 مكرراً من القانون رقم 25 لسنة 1929 التي نصت على حق المطلقة في المتعة شريطة أن يلحقها ضرر من جراء الطلاق، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بمتعة للمطعون ضدها رغم أنها لم تثبت أن ضرراً أصابها فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد, بأن الشريعة الإسلامية قد قصرت الحق في إيقاع الطلاق على الزوج دون غيره, فإذا طلق القاضي الزوجة فإن فعله هذا - وفقاً لمذهب الحنفية - يضاف إلى الزوج فكأنه طلقها بنفسه مما يستوي معه في شأن استحقاق المتعة أن يكون الطلاق من نفس الزوج أو من القاضي نيابة عنه, ولا يغير من ذلك ما ورد في نص المادة 18 مكرراً من القانون رقم 25 لسنة 1929 باستحقاق الزوجة للمتعة من عبارة "إذا طلقها زوجها" لأن هذه العبارة مقررة للوضع الشرعي من أن الطلاق ملك للزوج وحده دون سواه سواء استعمال حقه هذا بنفسه أو بمن ناب عنه نيابة شرعية مثل القاضي، لما كان ذلك، وكان لجوء الزوجة إلى القاضي لتطليقها على زوجها بسبب مضارته لها وثبوت هذه المضارة فيه إكراه لها على طلب التطليق لتدفع الضرر عنها بما لا يتوافر به الرضا بالطلاق, وما يثيره الطاعن من أنه لم يتوافر في الدعوى شروط إساءة استعمال الحق طبقاً لنص المادة الخامسة من القانون المدني، فهو مردود، ذلك بأن مسائل الأحوال الشخصية لا تحكمها قواعد القانون المدني، بل يتعين تطبيق ما ورد بشأنها من قوانين خاصة ويطبق فيما عدا ذلك الراجح من مذهب أبي حنيفة عملاً بنص المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، وتقرير المتعة للمطلقة وفقاً لنص المادة 18 مكرراً من القانون رقم 25 لسنة 1929 ليس جزاءً لإساءة الزوج استعمال حقه في التطليق، بل إن الأساس في تقريرها - على ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لها النص - أن المطلقة في حاجة إلى معونة أكثر من نفقة العدة، وفي المتعة ما يحقق هذه المعونة ولأن الأصل في تشريعها جبر خاطر المطلقة ومواساتها, لما كان ما تقدم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه اتخذ من حكم النفقة الصادر ضده لصالح المطعون ضدها كأساس لتقدير المتعة دون مراعاة العناصر الأخرى التي قررها المشرع عند تقريره حق المطلقة في المتعة بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير المتعة من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك طالما لم ينزل الحكم بها عن الحد الأدنى المقرر بنفقة سنتين على الأقل بمراعاة حال المطلق يسراً وعسراً وظروف الطلاق ومدة الزوجية, والحكم بفرض قدر محدد من النفقة يعتبر مصاحباً لحال المحكوم عليه يسراً وعسراً حتى يقوم الدليل على تبدل الظروف التي اقتضت فرض هذه النفقة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استند في تقديره للمتعة إلى حكم النفقة الصادر في الدعوى رقم 489 لسنة 1988 شرعي مستأنف الجيزة وقضى للمطعون ضدها بنفقة سنتين وهو الحد الأدنى المقرر بمقتضى نص المادة 18 مكرراً من القانون رقم 25 لسنة 1929 وبمراعاة ظروف الطلاق ومدة الزوجية ومدى يسار الطاعن, وإذ لم يدع الطاعن أن الظروف التي صاحبت حكم النفقة المذكورة، قد تغيرت، فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع وتقدير الدليل في الدعوى لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ومن ثم فإنه يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.