مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 60

(9)
جلسة 25 من أكتوبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عصام الدين السيد علام نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد يسري زين العابدين وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل لطفي عثمان والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.

الطعن رقم 2386 لسنة 29 القضائية

قوات مسلحة - اللجان القضائية العسكرية - (اختصاص) (قانون) (مرافعات).
(مرافعات):
القانون رقم 235 لسنة 1959 بإصدار قانون الخدمة والترقية لضباط الشرف والمساعدين وضباط الصف والجنود معدلاً بالقانونين رقمي 106 لسنة 1964 و123 لسنة 1981.
المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
تسري الأحكام المنظمة للاختصاص القضائي للجان القضائية العسكرية المنصوص عليها بالمادة (11) من القانون رقم 123 لسنة 1981 بأثر حال مباشر على جميع المنازعات الإدارية المتعلقة بخدمة وترقية ضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة - تختص تلك اللجان بنظر هذه المنازعات ولو كانت قد نشأت قبل العمل بالقانون المذكور ما لم يكن قد فصل فيها بحكم قضائي - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

بتاريخ 12/ 6/ 1983 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2386 لسنة 29 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "الدائرة الاستئنافية" في الطعن رقم 391 لسنة 13 ق. س المقام من وزير الدفاع ضد السيد/ ........، والذي قضى بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى مع الأمر بإحالتها إلى اللجنة القضائية العسكرية المختصة وإبقاء الفصل في المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" لنظره أمامها جلسة 12/ 4/ 1987 وتداول الطعن بالجلسات حيث استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من أوراقها في أن السيد/ ...... أقام الدعوى رقم 6 لسنة 23 القضائية ضد وزير الدفاع بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارتي الري والدفاع في 8/ 11/ 1975 طالباً الحكم بوقف الخصم من مرتبه لحين الفصل في الدعوى وبأحقيته في المرتب والبدلات المقررة في مصر عن فترة عمله في الخارج مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وقال شرحاً لدعواه إنه يعمل مساعداً فنياً بالقوات الجوية، وأوفد بقرار من وزير الحربية مع قوة من العسكريين بالقوات الجوية إلى الجمهورية الليبية في مهمة تتعلق بمصالح مصر والقيام بدراسة عملية وفنية على السلاح خلال الفترة من 5/ 8/ 1970 إلى 7/ 8/ 1974، وعاد بعض أفراد القوة إلى مصر، إلا أنه استمر مع باقي القوة في ليبيا لسد احتياجات السلاح من الإعداد والتجهيز والصيانة إلى أن تقرر سحب القوة من ليبيا. وكانت ليبيا تصرف له مبالغ لا تصل إلى ما كانت تقضي به اللوائح من مصروفات سفر وانتقال، وكان مرتبة في مصر يصرف إلى ذويه حتى فوجئ بإيقافه من شهر أكتوبر سنة 1971 تأسيساً على أن التعليمات المالية رقم 7 لسنة 1971 من هيئة الشئون المالية بتاريخ 24/ 3/ 1971 تقضي بوقف صرف الماهيات والبدلات بالداخل اعتباراً من تاريخ استلام العمل بالخارج باعتباره معاراً لجمهورية ليبيا، وإثر عودته قامت وزارة الدفاع بخصم ربع راتبه استيفاء لما سبق صرفه من مرتبات في مصر، ولهذا أقام دعواه. ولم ترد الجهة الإدارية على الدعوى، ولم توضح ما إذا كان المدعي منتدباً أم معاراً للجمهورية الليبية إلا أن هيئة قضايا الدولة قدمت كتاباً صادراً عن شئون العاملين المدنيين بالقوات الجوية يفيد أن المدعي ليس من العاملين المدنيين ودفعت بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 87 من القانون رقم 58 لسنة 1971 وطالبت برفض الدعوى تأسيساً على أن المعاملة المالية للمعارين يحكمها قرار رئيس مجلس الوزراء الصادر في 24/ 8/ 1955 وأن منح المرتبات في مصر رخصة مخولة لجهة الإدارة، وقد صدرت تعليمات برقم 7 لسنة 1971 بوقف صرف المرتبات المقررة بالداخل من تاريخ استلام المعار لعمله بالخارج، ومن ثم فقد أصبحت المبالغ التي صرفت للمدعي أثناء إعارته بالداخل قد دفعت دون وجه حق وتعين استردادها.
وبجلسة 11/ 1/ 1981 حكمت المحكمة الإدارية برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها، وبأحقية المدعي في صرف مرتبه طوال فترة عمله بليبيا حتى تاريخ عودته منها مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات وبالمقاصة في أتعاب المحاماة.
وبجلسة 13/ 4/ 1983 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً، وأسست قضاءها على أن إيفاد المدعي إلى ليبيا لم يكن بمثابة إعارة وإنما كان مكلفاً بمهمة أو منتدباً للعمل بها وفي كلتا الحالتين يستحق مرتبه طوال فترة عمله بليبيا حتى تاريخ عودته منها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف أحكام القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لأن القانون رقم 123 لسنة 1981 قد أخرج المنازعات الإدارية الخاصة بضباط الشرف وضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة من اختصاص القضاء الإداري وأصبحت من اختصاص لجان قضائية عسكرية خاصة بالقوات المسلحة، ومن ثم كان يتعين القضاء بعدم الاختصاص خاصة وأن القانون رقم 123 لسنة 1981 قد عمل به اعتباراً من 25/ 7/ 1981 وكانت الدعوى ما زالت مطروحة على القضاء ولم تحجز للحكم.
ومن حيث إن قانون الخدمة والترقية لضباط الشرف والمساعدين وضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة صدر بالقانون رقم 235 لسنة 1959 ثم بالقانون رقم 106 لسنة 1964، وصدر أخيراً القانون رقم 123 لسنة 1981 الذي تضمنت أحكام قانون الخدمة المرافق له النص في المادة 129 على أن تنشأ بالقوات المسلحة اللجان القضائية العسكرية الآتية:
أ - لجان قضائية فرعية في قيادات الأفرع الرئيسية للقوات
المسلحة وقيادات الجيوش الميدانية والمناطق العسكرية، ويحدد اختصاص كل لجنة بقرار من وزير الدفاع.
ب - اللجنة القضائية العسكرية العليا على مستوى القوات
المسلحة.
ونصت المادة 130 على أن تختص اللجان القضائية العسكرية المشار إليها في المادة السابقة دون غيرها بالفصل في المنازعات الإدارية الخاصة بضباط الصف والجنود ذوي الراتب العالي بالقوات المسلحة بتطبيق أحكام هذا القانون وذلك عدا الطعن في العقوبات الانضباطية.
ومن حيث إن مؤدى ما تقدم أن اللجان القضائية العسكرية المشار إليها في المادة 129 من قانون خدمة ضباط الشرف وضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة تختص دون غيرها بالفصل في المنازعات الإدارية الخاصة بضباط الصف والجنود ذوي الراتب العالي بالقوات المسلحة المتعلقة بتطبيق أحكام قانون الخدمة المشار إليه سواء صدرت بمقتضى أحكام هذا القانون أي بالقانون رقم 123 لسنة 1981 أو بمقتضى القوانين السابقة عليه المنظمة لشروط خدمة وترقية هذه الطائفة والتي حل محلها هذا القانون وذلك إعمالاً لنص المادة 129 المشار إليها، باعتبارها من الأحكام المنظمة للاختصاص القضائي فتسري بأثر حال مباشر على جميع المنازعات الإدارية المتعلقة بخدمة وترقية ضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة، ومن ثم تختص اللجان القضائية بالقوات المسلحة بنظر هذه المنازعات حتى ولو كانت نشأت قبل العمل بالقانون رقم 123 لسنة 1981 ما دامت تتعلق بشئون الخدمة والترقية للمذكورين ما لم يكن قد فصل فيها بحكم قضائي.
ومن حيث إن القانون رقم 123 لسنة 1981 عمل به اعتباراً من 25/ 7/ 1981 في وقت كانت المحكمة الإدارية لوزارتي الدفاع والري قد فصلت بتاريخ 11/ 1/ 1981 في موضوع الدعوى بأحقية المدعي في صرف مرتبه خلال فترة عمله في ليبيا ومن ثم يكون حكم المحكمة الإدارية والحالة هذه قد أصاب الحق في تصديه لدعوى تدخل في اختصاص تلك المحكمة ويكون ما طرأ على تعديل الاختصاص بعد ذلك بالقانون رقم 123 لسنة 1981 لا يمس الدعاوى التي فصل فيها بأحكام قضائية وهو ما تقضي به إعادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية حيث تقضي بأن:
تسري قوانين المرافعات على ما لم يكن فصل فيه من الدعاوى أو ما لم يكن تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل به ويستثنى منه ذلك.
1 - القوانين المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالموضوع فإن جهة الإدارة وقد تقاعست عن الرد على دعوى المدعي أو إيضاح الأساس القانوني في عدم استحقاقه مرتبه في مصر أثناء تكليفه للعمل مع القوات المسلحة بليبيا. فإن الأصل أن يستحق راتبه في مصر طالما انقضى سبب حرمانه من هذا الراتب وهو الذي تنكبت جهة الإدارة عن إثباته، وإن لم تجحد إيفاده إلى ليبيا خلال الفترة التي قررها المدعي في صحيفة دعواه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أخذ بهذا النظر، فيكون قد أصاب صحيح حكم القانون، مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.


[(1)] يراجع الحكم الصادر في الطعن رقم 1761 لسنة 29 القضائية الصادر بجلسة 2/ 2/ 1986.