مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 73

(12)
جلسة 31 من أكتوبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد أمين المهدي وصلاح عبد الفتاح سلامه وعبد المنعم عبد الفتاح عمارة والسيد السيد عمر المستشارين.

الطعنان رقما 1513 و1525 لسنة 28 القضائية

مسئولية إدارية - أركانها - علاقة السببية (قرار إداري).
القانون رقم 639 لسنة 1953 بشأن إنشاء مناطق اقتراب وانتقال وأمان للمطارات.
حدد المشرع القيود الواجب مراعاتها لتسهيل الملاحة الجوية بما يتفق والمصلحة الحربية التي هي من صميم المصلحة العامة - أعطى المشرع المالك حقاً في التعويض عن إزالة ممتلكاته التي تتعارض مع الملاحة الجوية - يقدر التعويض بمعرفة لجنة يصدر بتشكيلها قرار من وزير الحربية - يكون للمالك أن يعارض في التقدير أمام المحكمة الابتدائية التي تصدر في هذا الشأن حكماً غير قابل للطعن فيه - صدور قرار من المحافظ بسد عيون أبراج حمام مجاورة للمطار لتمكين القوات الجوية من مباشرة نشاطها هو قرار سليم ولا وجه لطلب التعويض عن الأضرار الناشئة عن توقف النشاط بسبب هذا القرار - أساس ذلك: انتفاء علاقة السببية بين الضرر والقرار - الضرر راجع إلى عدم صلاحية المكان لممارسة هذا النشاط وليس إلى القرار ذاته - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 25 من يوليه سنة 1982 أودعت إدارة قضايا الحكومة (هيئة قضايا الدولة) نيابة عن السيدين/ وزير الدفاع ومحافظ الغربية بصفتيهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد تحت رقم 1513 لسنة 28 القضائية عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) بجلسة 30 من مايو سنة 1982 في الدعوى رقم 1431 لسنة 33 القضائية القاضي بإلزام وزير الدفاع ومحافظ الغربية بصفتيهما بأن يؤديا للمدعي مبلغ خمسة عشر ألف جنيه، وطلب الطاعنان للأسباب المبينة بتقرير الطعن أن تأمر دائرة فحص الطعون بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتاً حتى تمام الفصل في الطعن وبإحالته للمحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وإلا فبرفضها موضوعاً مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وفي يوم الثلاثاء الموافق 27 من يوليه سنة 1982 أودع الأستاذ/ ....... المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ........ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1525 لسنة 28 القضائية عليا في ذات الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1431 لسنة 33 القضائية، وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه إلى استحقاقه تعويضاً نهائياً بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه سنوياً من تاريخ القرار المطعون فيه حتى تاريخ صدور الحكم النهائي في النزاع على الفوائد التعويضية بواقع 15% سنوياً من تاريخ الاستحقاق حتى استكمال السداد والفوائد التأخيرية بواقع 4% من تاريخ صدور حكم نهائي في النزاع مع المصروفات.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعنين ارتأت فيه قبول الطعنين شكلاً وفي موضوعهما بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر المنازعة وإلزام كل طاعن مصروفات طعنه. وتحدد لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون جلسة 15 من ديسمبر سنة 1986 وبها قررت ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد. وتداول نظرهما بالجلسات على النحو المبين تفصيلاً بالمحاضر حتى قررت الدائرة بجلسة 6 من إبريل سنة 1986 إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) وحددت لنظرهما جلسة 9 من مايو سنة 1987. وبذلك الجلسة نظرت المحكمة الطعنين وتداول نظرهما أمامها بالجلسات على النحو المبين تفصيلاً بالمحاضر حتى قررت إصدار الحكم بجلسة 31 من أكتوبر سنة 1987. وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية فيتعين قبولهما شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، في أن السيد/ ...... كان قد أقام الدعوى ابتداء أمام محكمة طنطا الابتدائية بتاريخ 26 من ديسمبر سنة 1977 حيث قيدت بجدولها برقم 6311 لسنة 77 طالباً إلزام المدعى عليهما (وزير الحربية ومحافظ الغربية بصفتيهما) بأن يدفعا له متضامنين مبلغ عشرة آلاف جنيه وإلزامهما المصروفات. وقال شرحاً لدعواه إنه سبق أن أقام الدعوى رقم 2349 لسنة 72 كلي طنطا ضد المدعى عليهما بطلب إلزامهما بأن يدفعا له مبلغ ثلاثة آلاف جنيه مقابل الأضرار التي لحقت به نتيجة مداهمة وحدتين من القوات الجوية التابعة للمدعى عليه الأول بتاريخ 20/ 7/ 1969 لأبراج الحمام المملوكة له والمقامة بزمام محله مرحوم مركز طنطا وصدور قرار محافظ الغربية رقم 385 لسنة 1969 بتاريخ 24/ 7/ 1969 بسد عيون فتحات أبراج الحمام مع تشكيل لجنة لتقدير التعويضات. وأثناء تداول تلك الدعوى قام بتعديل طلباته إلى إلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ عشرة آلاف جنيه كتعويضاً عن المدة من 20/ 7/ 1969 حتى نهاية سنة 1972. فقضت المحكمة بندب خبير لمباشرة المأمورية التي كلف بها. وبعد تقديم تقريره قضت المحكمة بجلسة 20 من مارس سنة 1975 بإلزام المدعى عليه الأول (وزير الحربية) بأن يدفع للمدعي مبلغ 1312 جنيهاً وذلك بعد حساب مبلغ 350 جنيهاً تسلمها المدعي من المدعى عليه أثناء التقاضي. واستطرد المدعي بأنه قد ورد بأسباب ذلك الحكم أن المحكمة تستبعد من نطاق الدعوى ما عساه يكون مستحقاً للمدعي من تعويض عن القرار الإداري الذي حال دون استمرار نشاطه بعد مداهمة الأبراج، ولا تضع في اعتبارها في تقدير التعويض سوى الضرر الذي أصاب المدعي ونشأ مباشرة عن خطأ تابعي المدعى عليه الأول (وزير الحربية). وقال المدعي أنه والمدعى عليه الأول طعنا في الحكم المشار إليه فقضت محكمة استئناف طنطا بتاريخ 23 من ديسمبر سنة 1976 برفض الاستئنافين موضوعاً. وانتهى المدعي بأنه إذ أفادت محافظة الغربية بأن قرار منع تشغيل واستغلال الأبراج المملوكة له ما زال سارياً لخطورة ذلك على الطيران فإنه يقدر ما لحقه من أضرار نتيجة هذا القرار بمبلغ عشرة آلاف جنيه هي طلباته في الدعوى.
وبجلسة 14 من فبراير سنة 1979 حكمت محكمة طنطا الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محاكم مجلس الدولة المختصة بنظرها. وقد وردت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري حيث قيدت بسجلاتها تحت رقم 1431 لسنة 33 القضائية وبجلسة 30 من مايو سنة 1982 حكمت تلك المحكمة (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) بإلزام وزير الدفاع ومحافظ الغربية بصفتيهما بأن يؤديا للمدعي مبلغ خمسة عشر ألف جنيه والمصروفات ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. وقد رفضت المحكمة الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 2349 لسنة 71 كلي طنطا على أساس أن الثابت من حيثيات الحكم في الدعوى المشار إليها أن المحكمة لم تدخل في اعتبارها عند الحكم بالتعويضات الذي حكمت به ما عسى أن يستحقه المدعي من تعويض عن حرمانه من تشغيل منشآته التزاماً بأحكام القرار الإداري الذي حظر عليه وعلى غيره هذا التشغيل والاستغلال. وعلى ذلك فإن موضوع الدعوى الماثلة يكون مختلفاً تماماً عن موضوع الدعوى السابقة وهو تعويض عن فعل مادي لجهة الإدارة يتمثل في تعدي رجال القوات الجوية على أبراج الحمام وهدمها وتكسيرها. كما رفضت الدفع بسقوط حق المدعي بالتقادم الثلاثي على أساس أن الدعوى هي دعوى تعويض عن قرار إداري لا يسري في شأنها حكم المادة 172 من القانون المدني: ذلك أن مسئولية الحكومة عن القرارات الإدارية، على ما جرى به قضاء المحكمة الإدارية العليا، تنسب إلى المصدر الخامس من مصادر الالتزام وهو القانون فتتقادم بخمسة عشر يوماً. ثم رفضت الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الثاني (محافظ الغربية) بمقولة أنه لا صلة له بالنزاع فمردود بأن النزاع يتصل أساساً بالقرار الصادر من المدعى عليه الثاني وهو أساس المطالبة بالتعويض، ولا يؤثر في هذا أن يكون القرار قد صدر بناء على تعليمات القوات الجوية مما يترتب مسئوليتهما معاً ولا يخلي مسئولية أي منهما. وعن موضوع الدعوى أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على أنه لا خلاف بين أطراف الدعوى على أن المدعي أقام عدة أبراج للحمام بأرض يملكها بناحية محلة مرحوم مركز طنطا. وبتاريخ 20/ 7/ 1969 قامت قوة من رجال القوات الجوية بمداهمة تلك الأبراج وأحدثت بها تلفيات جسيمة ثم أعقب ذلك صدور قرار محافظ الغربية رقم 385 لسنة 1969 بتاريخ 24/ 7/ 1969 بسد عيون فتحات الأبراج وما زال هذا القرار مستمراً، فقد حاول المدعي إعادة فتح الأبراج إلا أن الجهات المختصة بالمحافظة منعته من ذلك بعد الرجوع إلى القوات الجوية. ومتى كان حق الملكية هو جماع الحقوق العينية فمن له حق الملكية على شيء يكون له حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه وهو ما يقرره حكم المادة 802 من القانون المدني، وعلى ذلك فإن نطاق الملكية يتسع ليشمل سطح الأرض وما فوقها وما تحتها وهو أيضاً يتناول مع الشيء المملوك كل ما ينتجه من ثمار ومنتجات. ولئن كان لحق الملكية وظيفة اجتماعية تقوم سنداً لكثير من القيود التي ترد على هذا الحق تقررها القوانين واللوائح للمصلحة العامة التي تقتضيها على ما يتضمنه حكم المادة 806 من القانون المدني، إلا أن المشروع قرر في المادة 805 من القانون المدني أنه لا يجوز أن يحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون وبالطريقة التي يرسمها وفي مقابل تعويض عادل. ومؤدى ذلك أن الحق في التعويض مصدره في هذه الحالة القانون، وسبب استحقاقه حرمان المالك من ملكه حتى ولو كان القرار الذي يترتب عليه الحرمان متفقاً مع حكم القانون، لأن التعويض لا يكون مترتباً في هذه الحالة على خطأ الإدارة مما لا يسوغ معه القول بعدم استحقاق المدعي تعويضاً متى كان القرار الصادر من المحافظة موضوع الدعوى قد صدر مطابقاً للقانون متوخياً المصلحة الوطنية. والتعويض كما يستحق في حالة حرمان المالك من ملكه تماماً كما في حالة نزع الملكية للمنفعة العامة مثلاً يستحق أيضاً في حالة حرمانه من عنصري الاستعمال والاستغلال لأن ذلك ينطوي على حرمان المالك من ملكه جزئياً. وبالتطبيق لذلك فإن أحكام القانون رقم 639 لسنة 1953 بشأن إنشاء مناطق اقتراب وانتقال وأمان للمطارات خولت في المادة (14) لوزير الحربية أن يأمر بإزالة ما يكون قائماً من مبان أو منشآت أو أشجار أو غيرها بالقدر الذي يتعارض مع تطبيق أحكام القانون فيما يتعلق بالمطارات التي يصدر قرار منه بسريان أحكامه عليها، كما نصت في المادة (15) على أن يدفع للمالك في مقابل الإزالة المنصوص عليها في المادة (14) تعويض تقدره لجنة يصدر بتشكيلها قرار من وزير الحربية. وعلى ذلك فالتعويض المنصوص عليه بالمادة (15) المشار إليها قد يكون أحد صور التعويض عن الحرمان الجزئي للمالك عن ملكه لأن الإزالة المنصوص عليها من المادة (14) من القانون قد لا تؤدي إلى نزع الملكية نزعاً تاماً بل قد يكون أثرها مقصوراً على حرمان المالك من عنصري الاستعمال والاستغلال كما هو الأمر في المنازعة الماثلة التي ترتبت على قرار المحافظ بسد عيون أبراج الحمام فيها حرمان المالك من عنصري الاستعمال والاستغلال لملكه. وإذ كان التعويض المشار إليه في القانون رقم 639 لسنة 1953 تقدره لجنة يصدر بتشكيلها قرار من وزير الحربية وتجوز المعارضة فيه أمام المحكمة الابتدائية وكان التعويض الذي صرف للمدعي من جهة الإدارة بناء على قرار لجنة مشكلة في المحافظة المدعى عليها الثانية خلافاً للقانون إلا أن الدعوى وقد أحيلت إلى محكمة القضاء الإداري الصادر من محافظة الغربية بناء على طلب القوات الجوية فتصبح تلك المحكمة هي المختصة بنظرها والفصل فيها خصوصاً وأنه لا يمكن أن يكون مؤدى عدم التزام جهة الإدارة التزاماً تاماً أحكام القانون رقم 639 لسنة 1953 المشار إليه الإخلال بالحق الكامل للمدعي في التعويض. وترتيباً على ذلك فلئن كان قرار محافظ الغربية المطلوب بالتعويض عنه متفقاً وأحكام القانون وصادراً لتحقيق مصلحة عامة إلا أن ذلك لا يخل بالحق الكامل للمدعي في التعويض. وعن تقدير التعويض فإن ما حصل عليه المدعي من تعويض بمقتضى الحكم الصادر في الدعوى رقم 2349 لسنة 71 مدني طنطا لا يجب كل الضرر الذي حاق به، ويغطي فقط ما حدث من هدم بعض منشآته. ويكون الأمر المعروض في النزاع الماثل هو حرمانه من استمرار استغلال هذه الأبراج. وفي هذا الصدد فقد قرر الخبير الذي سبق ندبه من القضاء المدني التعويض المستحق للمدعي عما فاته من كسب كان يغله مشروع تربية الحمام بمبلغ 1510 جنيهاً شهرياً اعتباراً من تاريخ صدور قرار محافظ الغربية بتاريخ 24/ 7/ 1969 وهو ما تقرره المحكمة بصفة عامة لسلامة الأسس التي بني عليها. إلا أنها في ذات الوقت لا ترى وجهاً لاستمرار إلزام الجهة الإدارية بدفع المبلغ المذكور سنوياً للمدعي طوال فترة سد أبراج الحمام التي قد تطول لأجل غير مسمى حتى لا يتحول التعويض إلى حد يزيد على ما يمكن أن يستحق للمدعي في حالة نزع ملكية أرضه والأبراج المقامة عليها وحرمانه من ملكه تماماً مما تكتفي معه المحكمة بتعويضاً إجمالياً بمبلغ خمسة عشر ألف جنيه يلزم به المدعى عليهما.
ومن حيث إن مبنى الطعن المقام من الجهة الإدارية أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله: ذلك أنه قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بحكم نهائي حائز لقوة الأمر المقضى وهو الحكم الصادر في الدعوى رقم 2349 لسنة 71 مدني كلي طنطا رغم أن كلا الدعويين اتحدتا في الخصوم والموضوع بل قامتا، في الحقيقة على سبب قانوني واحد هو التعدي الذي وقع على ملك المطعون ضده سواء بهدم المنشآت أو بسد عيون الأبراج، وقد ترتب على ذلك ضرر واحد هو حرمان المطعون ضده من بعض عناصر ملكه وإن تعددت عناصر هذا الضرر. ذلك أن الهدم أتى على الأبراج ذاتها فلم تعد قائمة ولا يكون المطعون ضده قادراً على استعمالها أو استغلالها، وعن كل ذلك تم تعويضه طبقاً للقانون رقم 639 لسنة 1953. وإذا كان الحكم الصادر في الدعوى رقم 2349 لسنة 71 مدني كلي طنطا قد قضى بمبلغ يزيد على التعويض الذي صرف للمطعون ضده، فإن ذلك الحكم الذي قضي في دعوى التعويض عن فعل التعدي الذي وقع على ملك المطعون ضده ليقوم حائلاً دون إمكان معاودة التداعي بطلب التعويض عن ذات الفعل أمام أية جهة قضاء أخرى. ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع قد خالف حكم القانون. وفضلاً عن ذلك فإن الحكم المطعون فيه وقد سلم بمشروعية القرار المطلوب التعويض عنه فقد كان حرياً به رفض طلب التعويض عنه. خاصة وأن المحكمة كانت على بينة تامة بالتعويض الذي تم صرفه للمطعون ضده طبقاً لأحكام القانون رقم 639 لسنة 1953 عن تلك الأبراج التي حرم من استعمالها واستغلالها لإعاقتها حركة الطيران في المنطقة فيكون سبيل الاعتراض على هذا التعويض هو التداعي بشأنه أمام المحكمة الابتدائية المختصة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فقد أدى به ذلك إلى نتيجة غير مقبولة وهي حصول المطعون ضده على تعويضات متتالية عن فعل واحد، والبادي أنها تفوق كثيراً في مجموعها القيمة الحقيقية لتلك الأبراج.
ومن حيث إن الطعن المقام من السيد/ ...... يقوم على أساس أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وجاء مجحفاً بحقوقه: ذلك أن التعويض الذي تلتزم به الإدارة، متى توافرت مسئوليتها، ينبغي أن يكون جابراً لكامل الضرر الذي يصيب المضرور، على ما جرى به القضاء واستقر عليه الفقه. وقد خالف الحكم المطعون فيه ذلك من وجهتين: أولهما: أن مبلغ التعويض المحكوم به لم يستوعب كافة ما أصاب الطاعن من أضرار، وثانيهما: أن مبلغ التعويض المحكوم به للطاعن في سنة 1982 لم يراع فيه أثر انخفاض قيمة العملة على القوة الشرائية للنقود منذ وقوع الضرر في عام 1969 واستقراره حتى صدور الحكم في عام 1982. وعن الوجه الأول يقول الطاعن أن الحكم المطعون فيه قد اعتمد فيها قدره من تعويض جزافي على ما سبق أن قدره الخبير الذي سبق للمحكمة المدنية أن انتدبته بأن يكون التعويض المستحق للطاعن عما فاته من كسب كان يغله مشروع تربية الحمام هو مبلغ 151 جنيهاً اعتباراً من تاريخ صدور قرار محافظ الغربية في 24/ 7/ 1969. وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أغفل أن تقدير الخبير كان عن عام 1969 في وقت كان مشروع الطاعن لتربية الحمام في بدايته ولم يدخل الخبير في اعتباره ما يترتب على توفر مزيد من الخبرة عاماً بعد الآخر من زيادة الإنتاج بما يؤدي إلى وجوب زيادة مقدار التعويض سنوياً على ربح الطاعن عن عام 1969 اتخذ أساساً لحساب التعويض. وأن الحكم المطعون فيه صرح بأنه يكتفي بالتعويض الإجمالي المحكوم به، ويوازي ما فات من كسب عن عشر سنوات فقط، في حين أن الجبر الكامل للضرر كان يقتضي مراعاة أن يشمل التعويض سنوات 1980، 1981، 1982 وهو يقارب مبلغ خمسة آلاف جنيه أخرى. وفضلاً عن ذلك فإن الحكم المطعون فيه لم يدخل في اعتباره ما تحمله الطاعن من جهد ووقت ومال في سبيل عرض ظلماته على المسئولين بالجهات الإدارية وما تكبده من أعباء لإقامة الدعاوى القضائية للمطالبة بحقه. كما أن الحكم المطعون فيه لم يقض بالفوائد التي سبق أن طالب بها بجلسة المرافعة أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 25/ 1/ 1981 وهي فوائد تعويضية بواقع 15% سنوياً من تاريخ الاستحقاق حتى تمام السداد وفوائد تأخيرية بواقع 4% من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه حتى تاريخ السداد. وثانيهما أنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يراعي في تقدير التعويض أن يكون ذلك على وجه يجبر الضرر في كل عناصره ووفقاً لقيمته النقدية يوم الحكم، في حين أنه لم يراع فيما قضى به من تعويض التدهور في قيمة النقود منذ وقوع الضرر واستحقاق التعويض في 24/ 7/ 1969 وحتى تاريخ صدور الحكم المطعون فيه بجلسة 30/ 5/ 1982.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن السيد/ ........ تقدم إلى السيد رئيس نقطة شرطة محله مرحوم بتاريخ 21/ 7/ 1969 بشكوى قيدت تحت رقم 1159 لسنة 1970 إداري مركز طنطا أورد بها أنه يمتلك برجين لتربية الحمام بحوض القصار بمحلة مرحوم وقد قامت قوة من المطار بتاريخ 20/ 7/ 1969 بإزالة أعلى البرج والاستيلاء على بعض الأخشاب دون إخطاره. وتسبب ذلك في طيران جميع الحمام الذي كان موجوداً بالأبراج، وقدره بما لا يقل عن ثلاثة آلاف زوج حمام. كما قرر الشاكي بأنه يقدر التلفيات بما لا يقل عن ستمائة جنيه. وأثبت محضر المعاينة التي تمت في ذات التاريخ وجود برج حمام منشأ على قاعدة مسلمة مكونة من شمعتين ارتفاعه حوالي خمسة عشر متراً وقاعدة مسطحها 804 متراً ووجود كسر فخار من التواريس وإزالة الشمعتين الخشب ووجود بعض الأخشاب مكسرة وملقاة على الأرض وعدم وجود أخشاب الشمعتين التي ادعى الشاكي فقدها، كما أثبت المحضر خلو البرج من الحمام وتواجده على الأشجار المحيطة بأعداد لا يمكن حصرها. وقامت لجنة الشئون الداخلية بوحدة الاتحاد الاشتراكي عملية مرحوم، بناء على شكوى السيد/ ........ وأخيه السيد/ ........ بإجراء معاينة موقع البرجين (مستند رقم 9 من حافظة مستندات السيد/ ........ المقدمة بالدعوى رقم 2349 مدني كلي طنطا بجلسة 2/ 12/ 1971 أشار في ديباجته إلى كتاب قيادة القوات الجوية رقم 8050 بتاريخ 26/ 6/ 1969 وبتاريخ 24/ 7/ 1969 صدر قرار محافظ الغربية رقم 385 لسنة 1969 ونعى في المادة (1) على أن "تسد عيون أبراج الحمام الواقعة بالبلاد الموضحة بالكشف المرفق" وعلى أن "يتحدد يوم الاثنين 28/ 7/ 1969 للانتهاء من سد عيون الأبراج. وفي حالة عدم القيام بالسد أو في حالة فتحها ثانية يتم إزالة الأبراج. (2) كما نعى في المادة (3) على أن "تشكل لجنة بمديرية الزراعة لتقدير التعويضات المستحقة نتيجة تنفيذ هذا القرار". وقد تحرر محضر تقدير قيمة برجي الحمام المملوكين للسيد/ ...... ورد به أنه بناء على الشكوى المقدمة منه لمجلس مدينة طنطا حيث إن التقدير كان قد تم نظرياً لعدم تمكن اللجنة من الدخول لغياب صاحب الملك تم تشكيل لجنة معاينة وتقدير مشكلة من 1 - ........ مدير التنظيم بمجلس المدينة. 2 - المهندس........ عن مجلس مدينة طنطا. 3 - ملازم أول........ عن القوات الجوية. وقد تمت المعاينة بحضور السيد/ ....... وكان التقدير حسب المقاسات الموجودة وقرار اللجنة كما يلي: 1 - القاعدة المباني بالسقف خرسانة مسلحة تقدر بمبلغ 200 جنيه. 2 - عدد 2 شمعة × 100 جنيه تقدر بمبلغ 200 جنيه. 3 - عدد 900 × 2 قادوس بها 1800 زوج حمام × 12 تقدر بمبلغ 216 بإجمالي ستمائة وستة عشر جنيهاً (المستند رقم 8 من المستند من حافظة المستندات المقدمة من السيد/ ...... المشار إليها). وبتاريخ 23/ 5/ 1970 تقدم السيد/ ........ بمذكرة إلى كل من السيدين/ وزير الحربية ومحافظ الغربية تضمنت سرداً للواقع وورد بها أنه كان قد بدأ سنة 1966 في إنشاء مزرعة ضخمة للحمام بزمام ناحية محلة مرحوم مركز طنطا بلغت تكاليفها حتى نهاية سنة 1966 ما يزيد على 700 جنيهاً، في بداية سنة 1967 بدأ في وضع أصناف منتقاة من الحمام للوصول إلى سلالات ممتازة وبقصد التهجين، مما أدى إلى توافر ما يزيد على 4000 زوج في بداية عام 1969 فشرع خلال شهر مايو سنة 1969 في عمل ثلاث قواعد مباني بالطوب الأحمر والأسمنت نواة لثلاثة أبراج جديدة من الحمام تكلفت 110 جنيهاً. وقد أخطره سلاح المهندسين بضرورة هدم كامل مبنى البرج وهو ما تم فعلاً يوم 20/ 7/ 1969 بواسطة قوة من سلاح المهندسين من مطار الجمهورية رغم أنه في تاريخ لاحق صدر قرار محافظ الغربية بالإبقاء على المباني والاكتفاء بسد الفتحات وانتهت المذكرة إلى طلب صرف التعويض المناسب على أساس تكلفة الإنشاءات وثمن الحمام وتوقف النشاط بالكامل. (مستند رقم 11 من المحافظة المشار إليها). وأقام السيد/ ........ الدعوى رقم 2349 لسنة 1971 مدني كلي طنطا ضد السيدين/ وزير الحربية ومحافظ الغربية طالباً إلزامهما بأن يدفعا له مبلغ ثلاثة آلاف جنيه تعويضاً عما لحقه من خسارة وفاته من كسب وبجلسة 24/ 2/ 1972 حكمت المحكمة بندب خبير لتقدير قيمة الضرر إذا وجد. وبعد أداء الخبير للمأمورية حكمت المحكمة للمدعي بتعويض قدره 1162 عن الضرر المادي ومبلغ 500 جنيه عن الضرر الأدبي وفوات الكسب ألزمت وزير الحربية بأدائه للمدعي. وأورد الحكم في أسبابه أن المحكمة لا تضع في اعتبارها أو تدخل في تقدير التعويض ما عساه مستحقاً للمدعي من تعويض عن حرمانه من تشغيل منشآته التزاماً بأحكام القرار الإداري الذي حظر عليه وغيره التشغيل والاستغلال وقد تأيد هذا الحكم بالحكم الصادر من محكمة استئناف طنطا بجلسة 23/ 12/ 1976 برفض الاستئنافين المقامين عليه رقمي 157 لسنة 25 القضائية و49 لسنة 26 القضائية. وبصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة طنطا الابتدائية أقام السيد/ ....... الدعوى رقم 6311 لسنة 77 مدني كلي طنطا طالباً إلزام وزير الحربية ومحافظ الغربية بأن يدفعا له متضامنين مبلغ عشرة آلاف جنيه تأسيساً على أن محافظ الغربية أفادته بأن قرار منع تشغيل الأبراج المملوكة له ما زال سارياً لخطورة ذلك على الطيران ومبيناً أن التعويض المطالب به هو عما لحقه من ضرر نتيجة عدم إمكان موالاة النشاط في مزرعة تربية الحمام المملوكة له عند المدة من 20/ 7/ 1969 تاريخ حصول التعدي على المزرعة وحتى نهاية ديسمبر سنة 1972. وبجلسة 14/ 2/ 1979 حكت تلك المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محاكم مجلس الدولة المختصة بنظرها. وأحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات العقود الإدارية والتعويضات) حيث قرر الحاضر مع المدعي بجلسة المرافعة أمام تلك المحكمة بتاريخ 25/ 1/ 1981 أنه يعدل طلباته في مواجهة الحاضر عن المدعى عليهما إلى طلب إلزامهما متضامنين بتعويض نهائي قدره ثلاث آلاف جنيه سنوياً عن المدة من تاريخ القرار سبب التعويض حتى تاريخ صدور الحكم النهائي في النزاع مع الفوائد التعويضية بواقع 15% سنوياً من تاريخ الاستحقاق حتى استكمال السداد والفوائد التأخيرية بواقع 4% من تاريخ صدور حكم نهائي في النزاع. وقدم المدعي بذات الجلسة المشار إليها حافظة مستندات تضمنت مستنداً واحداً هو كتاب موصى إليه من السيد/ مدير عام الشئون الاقتصادية بمحافظة الغربية مؤرخ 3/ 1/ 1981 يفيد بأنه إيماء إلى الشكوى المقدمة بخصوص إعادة استغلال أبراج الحمام الكائنة بزمام محلة مرحوم مركز طنطا فقد أفاد السيد/ قائد مطار محلة مرحوم أن وجود أي طيور في منطقة المطار شيء غير مرغوب فيه ويعوق حركة الطيران ويتسبب في أضرار بالغة الخطورة للطائرات الهابطة والصاعدة بالمطار وعليه فإنه لا يوافق على استغلال هذه الأبراج. وتضمنت حافظة المستندات المقدمة من السيد/ ........ بجلسة المرافعة أمام هذه المحكمة بتاريخ 10/ 10/ 1987 كتابين وردا إليه من السيد/ مدير الإدارة القانونية بمحافظة الغربية أولهما مؤرخ 22/ 3/ 1984 ويتضمن أنه بشأن الإفادة عما إذا كان القرار رقم 385 لسنة 1969 الصادر من محافظة الغربية ما زال ساري المفعول فإنه يرجى الرجوع إلى قيادة القوات الجوية في هذا الشأن حيث إنها الجهة التي طلبت إصداره، وثانيهما مؤرخ 17/ 6/ 1987 ويتضمن أن السيد/ قائد القاعدة الجوية بمحلة مرحوم أفاد بالكتاب رقم 1814 المؤرخ 11/ 6/ 1986 بأن قائد التشكيل لم يوافق على فتح وإعادة النشاط للأبراج التي تسري عليها أحكام القرار رقم 385 لسنة 1969 لتعارض ذلك مع طلعات الطيران.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها فالثابت أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 2341 لسنة 71 مدني كلي طنطا أورد في مجال تكييفه موضوع الدعوى وسببها أن "المحكمة فهما منها للواقع في الدعوى لا ترى أن المدعي بطلبه العارض قد ابتغى تغيير سبب الدعوى، ذلك أنه وفي مذكرته التي قدمها رداً على الدفع بعدم الاختصاص الولائي الذي أبداه الحاضر عن المدعى عليهما نفى أنه يبغي تعويضاً عن القرار الإداري وأن دعواه تقوم على الخطأ التقصيري الحاصل في 21/ 7/ 1969 وبالتالي فإن طلب التعويض عن القرار الصادر من محافظ الغربية رقم 385 لسنة 1969 يكون مغايراً لسبب الدعوى التي سبق الحكم فيها مما يكون معه الدفع غير قائم على أساس من القانون متعين الرفض.
ومن حيث إن حق الملكية دستوراً وقانوناً ليس حق مطلقاً من كل قيد فقد نص الدستور الصادر في 25 من مارس سنة 1964 في المادة (16) من أن "الملكية الخاصة مصونة وينظم القانون أداء وظيفتها الاجتماعية. ولا تزال الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل وفقاً للقانون". كما نص دستور سنة 1971 في المادة (32) على أن "الملكية الخاصة تتمثل في رأس المال غير المستغل وينظم القانون وظيفتها الاجتماعية في خدمة الاقتصاد القومي وفي إطار خطة التنمية دون انحراف أو استغلال. ولا يجوز أن تتعارض في طرق استخدامها من الخير العام للشعب". وقد نعى التقنين المدني في شأن القيود التي ترد على حق الملكية في المادة 806 على أن "على المالك أن يراعي في استعمال حقه ما تقضي به القوانين والمراسيم واللوائح المتعلقة بالمصلحة العامة أو بالمصلحة الخاصة وعليه أيضاً مراعاة الأحكام الآتية". وجاء بالمذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في خصوص نص المادة المشار إليها أنه "تبدأ سلسلة القيود القانونية التي ترد على حق الملكية بنص يشير إلى القوانين الخاصة وما يلحق بها من مراسيم ولوائح تتعلق بالمصلحة العامة أو بالمصلحة الخاصة ويكون من شأنها التقييد من حق الملكية وذلك كقانون نزع الملكية وقوانين الآثار وقانون المحلات المقلقة للراحة ولائحة الترع والجسور. ومن القيود القانونية المقررة للمصلحة العامة تلك المقررة لتسهيل الملاحة الجوية وللمصلحة الحربية. وعلى ذلك فقد صدر القانون رقم 639 لسنة 1953 بشأن مناطق اقتراب وانتقال وأمان للمطارات والذي تضمن قيوداً على إقامة مباني أو منشآت في المناطق التي حددها ونص في المواد 5 و6 و7 وعلى وجوب الحصول على ترخيص سابق من وزير الحربية لإنشاء أي شيء من ذلك، كما نص في المادة (14) على أنه "يجوز لوزير الحربية أن يأمر بإزالة ما يكون قائماً من مباني أو منشآت أو أشجار أو غيرها بالقدر الذي يتعارض على تطبيق أحكام هذا القانون فيما يتعلق بالمطارات التي يصدر قرار منه بسريان أحكام هذا القانون عليها....." كما تضمنت المادة (15) أحقية المالك في تعويض عن الإزالة تقدره لجنة يصدر بتشكيلها قرار من وزير الحربية ويكون للمالك أن يعارض في التقدير أمام المحكمة الابتدائية التي تصدر في هذا الشأن حكماً غير قابل للطعن فيه. فإذا كان ذلك، وكان الثابت من واقعة المنازعة الماثلة، أن قرار محافظ الغربية رقم 385 لسنة 1969 صدر بناء على كتاب قيادة القوات الجوية رقم 8050 المؤرخ 26/ 6/ 1969، وكان سلاح المهندسين قد قام بإخطار السيد/ ....... بضرورة هدم كامل مبنى البرج (على ما أورده بمذكرته المقدمة إلى السيدين/ وزير الحربية ومحافظ الغربية - المستند رقم 11 من حافظة مستندات المقدمة للمحكمة المدنية بجلسة 2/ 12/ 1971 - وكان قرار المحافظ رقم 385 لسنة 1969 قد نص على سد فتحات الحمام الكائنة بزمام البلاد الواردة بالكشف المرفق بالقرار ومنها محلة مرحوم الكائن لها أرض السيد/ ..... وهو القرار الذي يطلب التعويض عنه على أساس أنه تضمن حظر ممارسة نشاط تربية الحمام، وأنه يرتب أضراراً متجددة ناتجة عن استمرار سريانه، فإنه وأياً ما كان من مشروعية القرار الصادر من المحافظ في هذا الشأن متوخياً الصالح العام، وما إذا كان قد صدر بالتنفيذ لقرار سبق صدوره صحيحاً ومطابقاً لحكم القانون رقم 639 لسنة 1953 المشار إليه، فإنه يتعين حتى تقوم المسئولية عن قرار المحافظ أن تتوافر أركانها بأن يكون قد ترتب عليه ضرر وقامت علاقة السببية بين القرار والضرر. فالثابت أن السيد/ ....... قرر أمام الخبير المنتدب من المحكمة المدنية بجلسة 3/ 9/ 1973 (ص 8 من محضر أعمال الخبير) "أنكم تلاحظون الصوت القوي العتيق الذي ينبعث من الطائرات لحظات قيامها وهبوطها الأمر الذي يتعذر مع استمرار تربية حمام". وعلى ذلك فإن ما عساه يكون قد لحقه من ضرر نتيجة عدم ممارسة نشاطه في تربية الحمام لا يكون مرده إلى قرار المحافظ بسد عيون أبراج الحمام في المناطق المجاورة للمطار لخطورة ذلك على الطيران بل هو نتيجة عدم صلاحية المكان ذاته لممارسة هذا النشاط وقيام الحالة الواقعية يتعذر ممارسة النشاط على ما أكده السيد/ ..... مما ينفي توافر علاقة السببية اللازمة لقيام أركان المسئولية. وبالترتيب على ذلك لا تكون الدعوى الماثلة بالتعويض عن قرار محافظ الغربية رقم 385 لسنة 1969 قائمة على أساس من القانون مما يتعين معه رفضها وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى غير هذا النظر فإنه يكون متعين الإلغاء.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها إعمالاً لحكم المادة 184 من القانون المدني.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات.