مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 98

(15)
جلسة 31 من أكتوبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد المهدي مليحي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد أمين المهدي وصلاح عبد الفتاح سلامه وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد المنعم رفاعي عماره المستشارين.

الطعنا رقما 3401 لسنة 31 و316 لسنة 32 القضائية

استثمار مال عربي وأجنبي - بنوك الاستثمار - مدى مشروعية الترخيص لها بالقيام بعمليات ارتهان المحال التجارية.
القانون رقم 11 لسنة 1940 بشأن بيع المحال التجارية ورهنها - القانون رقم 43 لسنة 1974 بنظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة وتعديلاته.
سمح المشرع لبنوك الاستثمار وبنوك الأعمال التي يقتصر نشاطها على العمليات التي تتم بالعملات الحرة أن تقوم بالعمليات التمويلية الاستثمارية سواء تعلقت بمشروعات في المناطق الحرة أو بمشروعات محلية أو مشتركة أو أجنبية داخل جمهورية مصر العربية - أجاز المشرع لهذه البنوك القيام بتمويل عمليات تجارة مصر الخارجية - استثنى المشروع نشاط هذه البنوك من الخضوع لأحكام القوانين واللوائح والقرارات المنظمة للرقابة على عمليات النقد - هناك ارتباط وثيق بين عمليات منح التسهيلات الائتمانية التي يقوم بها البنك وبين الضمانات التي يطالب بها - خلو القانون رقم 43 لسنة 1974 من النص الصريح على حق تلك البنوك في قبول الضمانات لا يعني حظر قبوله لها - أساس ذلك: أن قبول الضمانات من مقتضيات نشاط تلك البنوك في المجال المصرفي - القول بغير ذلك يجعل دعوة الشارع لهذه البنوك للإسهام في تمويل المشروعات الاقتصادية في البلاد بلا طائل طالما أن من شأنها تعريض تلك البنوك لمخاطر جسيمة قد تؤذي بأموالها وهو ما يتعارض مع أهداف القانون رقم 43 لسنة 1974 التي ترمي إلى تشجيع رؤوس الأموال الأجنبية للمساهمة في إعادة بناء الاقتصاد المصري تحقيقاً لأهداف الدولة وخطتها القومية - لم يفرق المشرع بين البنوك المصرية والأجنبية في صدد الترخيص بارتهان المحال التجارية - صدور ترخيص من وزير التجارة لبنوك الاستثمار ببيع المحال التجارية ورهناً جائز قانوناً - لا يجوز لجهة الإدارة إلغاء هذا الترخيص إلا إذا تحققت الأسباب المبررة له وكانت مستمدة من أصول ثابتة بالأوراق - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 3 من أغسطس 1985 أودعت إدارة قضايا الحكومة (هيئة قضايا الدولة) بمقتضى القانون رقم 10/ 1986 نيابة عن السيد/ وزير التموين والتجارة الداخلية والسيد/ وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 3401 لسنة 31 القضائية ضد بنك أبو ظبي الوطني عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 4 من يونيه 1985 في الدعوى رقم 1277 لسنة 39 القضائية القاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الطلب العاجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام الجهة الإدارية بمصروفات هذا الطلب. وطلب الطاعنان للأسباب المبينة في تقرير الطعن الأمر بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده بمصاريف وأتعاب هذا الطلب عن درجتي التقاضي.
وفي يوم السبت الموافق 28 من ديسمبر 1985 أودع الأستاذ الدكتور...... المحامي نائباً عن الأستاذ........ المحامي بصفته وكيلاً عن الممثل القانوني لبنك لويدز انترناشيونال قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 316 لسنة 32 القضائية ضد السيد/ وزير التموين والتجارة الداخلية عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 19 من ديسمبر 1985 في الدعوى رقم 1626 لسنة 39 القضائية القاضي برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي بالمصروفات. وطلب الطاعن للأسباب الموضحة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم إلغاء هذا الحكم، والحكم مجدداً بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه رقم 173/ 1984 فيما تضمنه من سحب الترخيص السابق صدوره للبنك الطاعن لمباشرة نشاطه بارتهان وبيع المحلات التجارية طبقاً للقانون رقم 11/ 1940 وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليه بصفته بالمصاريف شاملة أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وأعلن الطعنين قانوناً وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في كل منهما فارتأت بالنسبة إلى الطعن الأول الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء هذا الحكم، والقضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام البنك المطعون ضده بالمصروفات عن درجتي التقاضي، واقترحت بالنسبة إلى الطعن الثاني الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعي وإلزام الطاعن بالمصروفات. وعرض الطعن رقم 3401/ 31 القضائية على دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 1/ 12/ 1986 وتداول بالجلسات طبقاً للمحاضر حتى قررت بجلسة 1/ 6/ 1987 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) لنظره بجلسة 3/ 10/ 1987، ثم عرض الطعن رقم 316 لسنة 32 القضائية على دائرة فحص الطعون بجلسة 17/ 2/ 1986 وتداول بالجلسات طبقاً للثابت بالمحاضر حتى قررت بجلسة 1/ 6/ 1987 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) لنظره بجلسة 3/ 10/ 1987 وفيها عرض الطعنان على المحكمة على الوجه المبين بمحضرها، وبعد أن سمعت ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات قررت في ذات الجلسة ضم الطعن رقم 316 لسنة 32 القضائية إلى الطعن رقم 3401 لسنة 31 القضائية للارتباط وليصدر فيها حكم واحد، وإصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية - ولا عبرة بما أثاره البنك المطعون ضده في تعقيبه على الطعن رقم 3401 لسنة 31 القضائية عن قبول الجهة الإدارية للحكم المطعون فيه باستجابتها لسحب القرار المطعون فيه بمقتضى قرارها رقم 426 لسنة 1985 الصادر بعد إيداع تقرير الطعن، وذلك طالما أن الثابت أن هذا القرار قد صدر تنفيذاً للحكم وكأثر مترتب على قضائه بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ثم تبعه القرار الوزاري رقم 470/ 1985 بتعديل القرار الأول ليؤكد هذا المبنى بما ينفي حالة القبول المانع من الطعن في هذا الحكم.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 9/ 12/ 1983 أقام بنك أبو ظبي الوطني الدعوى رقم 1277 لسنة 39 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) ضد وزير التموين والتجارة الداخلية ووزير الاقتصاد والتجارة الخارجية ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة. طالباً الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الوزاري رقم 173 الصادر بالتفويض بتاريخ 30/ 10/ 1984 فيما تضمنه من إلغاء الترخيص لبنك أبو ظبي الوطني بعمليات ارتهان المحال التجارية والصناعية طبقاً لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1940 وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليهما الأول والثاني بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة من الدرجتين. وجاء في بيان الدعوى أنه بتاريخ 15/ 2/ 1974 صدر قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة رقم 56/ 13 - 4 بالترخيص لبنك أبو ظبي الوطني. بإنشاء فرع له في جمهورية مصر العربية ليباشر نشاطه فيها وفقاً لنص الفقرة الخامسة من المادة الثالثة من القانون رقم 43/ 1974 وكان من مقتضى ذلك أن يتمتع فرع البنك في مصر بكافة الحقوق والضمانات المقررة للبنوك في مباشرة نشاطها الاستثماري بما في ذلك تملك العقارات اللازمة لمباشرة هذا النشاط، ولما كان من أهم أنشطة البنك تمويل المشروعات الاستثمارية فضلاً عن تمويل تجارة مصر الخارجية فقد كان ضرورياً أن يكون له الحصول على كافة الضمانات التي تقررها القوانين المصرية ومن بينها ارتهان العقارات رهناً رسمياً وكذلك ارتهان المحلات التجارية الذي نظمه القانون رقم 11 لسنة 1940 والذي صدر لحكم نشاط المشروعات الاقتصادية التي تحتاج إلى ائتمان البنوك فذلك مقرر في التشريع لصالح هذه المشروعات وليس لصالح البنوك والتي لا تمنح الائتمان إلا مقابل ضمانات، واستهداء بهذا الفهم أصدر وزير التجارة الداخلية القرار رقم 706/ 1978 بتاريخ 12/ 5/ 1978 بالترخيص لبنك أبو ظبي الوطني بارتهان المحلات التجارية عملاً بالمادة العاشرة من القانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها وذلك بعد أن تم الرجوع إلى البنك المركزي المصري والحصول على موافقته. وإزاء ذلك فقد توسع البنك في تمويل العديد من المشروعات الاقتصادية حتى بلغت جملة القروض التي منحها بضمان رهن المحال التجارية أكثر من ثمانية عشر مليوناً من الدولارات الأمريكية واستمر البنك في رسم سياسته الائتمانية على أساس من هذا الترخيص حتى فوجئ في 5/ 11/ 1984 بإخطاره بصدور القرار الوزاري رقم 173 الصادر من وكيل وزارة التموين والتجارة الداخلية بالتفويض بتاريخ 30/ 10/ 1984 بإلغاء القرارات الوزارية الصادرة بالترخيص للمصارف التي تزاول عملها بالنقد الأجنبي فقط بعمليات ارتهان المحال التجارية والصناعية طبقاً لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها ومن بينها الترخيص الصادر لبنك أبو ظبي الوطني وذلك بناء على كتاب صادر من وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بتاريخ 20/ 10/ 1982 بطلب إلغاء هذا الترخيص ومذكرة صادرة من مصلحة السجل التجاري بتاريخ 28/ 10/ 1982 ونعى البنك المدعي على هذا القرار مخالفة لأحكام القانون من عدة أوجه حاصلها أن الأصل العام هو أن حق الارتهان من الحقوق الطبيعية التي تقررها التشريعات المختلفة لكل دائن وأنه وإن كان القانون رقم 11 لسنة 1940 قد خول وزير التجارة في المادة العاشرة سلطة تحديد شروط الرهن ولم يصدر بعد القرار الذي يحدد هذه الشروط اكتفاء بدراسة كل طلب يقدم على حدة، فإن الترخيص الصادر للبنك المدعي بارتهان المحلات التجارية يكون مبناه اقتناع الجهة الإدارية ببطلان الطلب واتفاقه مع اعتبارات الصالح العام، وهو بهذه المثابة يكون قد أنشأ له مركزاً قانونياً ذاتياً أكسبه حقاً لا يجوز المساس به إلا في حدود القانون، وإذ خلا القانون رقم 11 لسنة 1940 من بيان حالات إلغاء الترخيص فإن ممارسة الوزير لسلطة الإلغاء يجب أن تكون على مقتضى القواعد العامة والتي تستوجب أن يكون ثمة سبباً قد تجد بعد منح الترخيص ما يبرر إلغاءه وهو الأمر الذي لم يتحقق بالنسبة إلى البنك فليس في المعاملة بالنقد الأجنبي فقط وطبقاً للقانون ما يبرر إلغاء الترخيص الصادر له بعمليات ارتهان المحال التجارية خاصة وأن هذا الوضع كان مصاحباً للبنك منذ بدء مزاولته لنشاطه، هذا إلى أن جوهر الوظيفة المصرفية هو منح الائتمان ولا يتم ذلك إلا مقابل ضمانات ومن أيسرها رهن المحال التجارية ولا يوجد سبب أو غاية تستهدف مصلحة عامة تستوجب إلغاء حق البنك في الحصول على أيسر الضمانات إلا أن يكون الهدف هو غل يد البنوك الأجنبية عن ممارسة وظيفتها الجوهرية في منح الائتمان أو إجبارها على إخباره وسائل بديلة ترهق كاهل المشروعات الاقتصادية أخذ في الاعتبار أن القانون رقم 11 لسنة 1940 لم يفرق بين البنوك المصرية والبنوك الأجنبية وأن التعامل شيء والضمانات التي تقدم لحماية هذا التعامل شيء آخر فلا يعد ذلك قبولاً لودائع أو لمدخرات أو من قبيل عمليات التمويل الداخلي والخارجي، كما لا خشية من تملك البنوك الأجنبية للعقارات والمحلات التجارية لأن ذلك محظور على البنوك كافة طبقاً للمادة 39 من القانون رقم 163/ 1957 بإصدار قانون البنوك والائتمان وحتى لو تم ذلك فلا يكون إلا بأمر من القضاء وبالقيمة الحقيقية. وبذلك يتوافر ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ وكذلك ركن الاستعجال لما يترتب على القرار المطعون فيه من آثار خطيرة تحول دون تجديد قيد رهون المحلات التجارية الضامنة لأموال البنك التي هي في الحقيقة أموال المودعين وبالتالي تضحى عارية من الضمان معرضة للضياع. وأيدت إدارة قضايا الحكومة دفاعها في الدعوى استناداً إلى أن الترخيص تصرف إداري مؤقت بصفته قابل للسحب أو التعديل في أي وقت متى تم - وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة ولم يكن مشوباً بإساءة استعمال السلطة وقد استبان أن الترخيص للبنوك الأجنبية التي تتعامل بالنقد الأجنبي فقط بعمليات ارتهان المحال التجارية والصناعية يخلق صعوبات بالنسبة إلى كيفية حصولها على حصيلة بيع هذه الرهونات في مصر حيث إنه غير مرخص لها أصلاً بالتعامل في العملة المصرية التي يتم بها التعامل بالنسبة للرهون والبيوع المترتبة عليها ومن ثم انتهى الرأي إلى ضرورة قصر هذا الترخيص على البنوك المرخص لها بالتعامل في النقد المصري مع إلغاء أية تراخيص تكون قد صدرت لفروع البنوك الأجنبية التي تتعامل بالنقد الأجنبي فقط لمخالفتها لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 الذي قصر نشاط بنوك الاستثمار وبنوك الأعمال وشركات إعادة التأمين على العمليات التمويلية الاستثمارية وتمويل عمليات تجارة مصر الخارجية دون غيرها طبقاً للبند (5) من المادة الثالثة من القانون المشار إليه، فضلاً عن مخالفته الترخيص لأحكام القانون رقم 97 لسنة 1976 بشأن تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي، كما أن مقتضى رهن المحلات التجارية والصناعية في حالته عدم الوفاء بالدين هو اتخاذ إجراءات البيع بالمزاد العلني طبقاً للقانون المصري وبمقتضاه تكون عملة الشراء هي العملة المصرية حتى ولو كان بين المتزايدين أجانب ولا يتصور إجبار المتزايد على الشراء بالعملة الأجنبية وإلا كان في ذلك مساس بالمساواة بين المتزايدين بل وإضرار بالمدين نفسه لما يترتب عليه من قبوله بيع محله لمن يدفع بعملة أجنبية حتى ولو كان سعره أقل من المتقدمين بالعملة المصرية ولذلك فإن حصيلة بيع المحل في المزاد والتي ستكون بالعملة المصرية سوف تؤول إلى الدائن المرتهن وبالتالي يتعين أن يكون مسموحاً له بالتعامل في النقد المصري، ولما كان البنك المدعي يتعامل فقط بالعملات الأجنبية فإن من شأن قيام البنك المذكور بارتهان المحال التجارية أن يؤدي إلى أحد أمرين أولهما عدم إمكانية بيع المحل التجاري الضامن للمدين ويكون نشاطه في هذه الحالة لا طائل من ورائه، وثانيهما الحصول على العملة المصرية بالمخالفة للقانون فضلاً عن أن الفعل بالترخيص يؤدي إلى انتقال ملكية المشروعات التجارية والصناعية التي تعجز أصحابها عن الوفاء بسداد قروضهم بالعملة الأجنبية إلى البنك الدائن وهو ما يعني سيطرة الأجانب على تلك المشروعات. وبجلسة 4 من يونيه 1985 أصدرت المحكمة حكمها في الشق المستعجل من الدعوى وأقامت قضاءها بتحقق ركن الجدية على أنه وإن كان الترخيص الصادر من جهة الإدارة مؤقت بطبيعته قابل للسحب أو التعديل في أي وقت متى اقتضت المصلحة العامة ذلك وأنه لا يكسب صاحبه حقاً يمتنع معه على جهة الإدارة سحبه أو إلغاؤه أو تنظيمه أو الحد منه طبقاً لسلطتها التقديرية وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة إلا أن ذلك مشروط بضرورة توافر الأسباب المبررة لذلك والتي تخضع لرقابة القضاء، والثابت من الأوراق أن مبررات القرار المطعون فيه بإلغاء الترخيص التابعة صدوره للبنك المدعي بقبول تلقي طلبات رهن المحال التجارية بالتطبيق للقانون رقم 11 لسنة 1940 هو ما قررته جهة الإدارة من أن الترخيص من شأنه خلق إشكالات بالنسبة إلى كيفية حصول البنك على حصيلة بيع هذه الرهونات في مصر في حين أنه غير مرخص له أصلاً بالتعامل في العملة المصرية، كما أن الأصل هو التعامل بالنقد المصري والاستثناء هو التعامل بالنقد الأجنبي في الحدود التي نظمها القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي وفي الأنشطة المحددة لذلك دون أن يتجاوز الأمر إلى نشاط تكثفه صعوبات عمليات مجال التنفيذ بالعملة المصرية وأن هذه الصعوبات تعني في الواقع منع البنوك التي لا تتعامل بالنقد المصري من ارتهان المحال التجارية وإن لم يوجد نص صريح بذلك واستطرد الحكم إلى أن تلك المبررات لا تقوم - بحسب الظاهر - على سند سليم من القانون والواقع، ذلك أن مقتضى الترخيص بإنشاء فروع للبنوك التي يقتصر نشاطها على العمليات التي تتم بالعملات الحرة وفقاً للمادة (3) فقرة (5) من نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974 أن تتمتع هذه الفروع بكافة الحقوق والضمانات المقررة للبنوك في مباشرة نشاطها الاستثماري فضلاً عن تمويل تجارة مصر الخارجية وذلك يقتضي أن يكون لها الحصول على كافة الضمانات التي تقررها للقوانين المصرية ومن أهمها في المجال التجاري ارتهان المحال التجارية الذي نظمه القانون رقم 11/ 1940 والذي لم يتضمن حظراً على هذه البنوك بشأن ارتهان المحال التجارية ضماناً لديونها بالعملة الأجنبية، وإذ صدر استناد إلى هذا المفهوم قرار وزير التجارة الداخلية رقم 706 لسنة 1978 بالترخيص للبنك المدعي بارتهان المحال التجارية بعد الرجوع إلى البنك المركزي وموافقته على ذلك، فإن إلغاء هذا الترخيص بمقولة أنه يؤدي في حالة عدم الوفاء بالدين إلى اتخاذ إجراءات بيع المرتهن بالمزاد العلني بالعملة المصرية التي لا يجوز إجبار المتزايدين على الشراء بغيرها وأيلولة حصيلة هذا البيع إلى الدائن المرتهن غير المسموح له بالتعامل بالنقد المصري - هذا القول - لا يصادف محلاً في الواقع لأنه وإن كان نشاط البنك مقصوراً على التعامل بالنقد الأجنبي إلا أن التعامل شيء والضمانات التي تقدم لحماية هذا التعامل شيء آخر فلا شك أن قبول ضمانات سواء كانت عقارية أو منقولة مقدمة بالجنيه المصري لا يدخل في دائرة العمليات التي يزاولها البنك بحكم وظيفته الطبيعية والأساسية ولا يعد هذا الأمر من باب قبول الودائع أو المدخرات أو من عمليات التمويل الداخلي أو الخارجي وعلى ذلك فإنه يخرج عن دائرة التعامل بالنقد المصري ويظل كذلك طالما كان الغرض منه هو مجرد قبولها كضمان، كما أن التعامل عمل إداري نتيجة اجتماع إرادتين متقابلتين وهو أمر غير قائم في حالة البيع الجبري أو التنفيذ بمقتضى حكم قضائي. أما عن الصعوبة العملية التي أشارت إليها الجهة الإدارية والتي تتمثل في أنه في حالة اتخاذ إجراءات بيع المحل التجاري الضامن للمدين بالمزاد العلني بالعملة المصرية سوف تؤول حصيلة البيع إلى بنك المرتهن غير المسموح له بالتعامل بالنقد المصري - فإن ذلك مردود عليه بأن مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة وضع حلاً لهذه الصعوبة يشمل كيفية التصرف في هذه الحالة تنفيذاً لحكم قضائي فقد صدر قرار مجلس إدارة الهيئة بجلسته رقم 4/ 82 بتاريخ 1/ 6/ 1982 بإيداع المبلغ في أحد بنوك القطاع العام التجارية بدون فائدة ويتم الإفراج عنه خلال سنة على ألا يعتبر مالاً مستثمراً في أحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 وذلك لاستخدامه في الصرف محلياً على أية تحسينات أو تجديدات لفرع البنك في جمهورية مصر العربية وقامت وزارة الاقتصاد والتعاون الاقتصادي بإخطار البنك الأهلي المصري بفتح حساب بالعملة المصرية للبنك المدعي لإيداع هذه الحصيلة فيه وبذلك تنتفي الصعوبة التي أشارت إليها جهة الإدارة..... وعن ركن الاستعجال فقد أقام الحكم قضاءه على أن في استمرار تنفيذ القرار المطعون فيه توسيع للمخاطر التي يتعرض لها البنك إذ أن التسهيلات الائتمانية التي سبق له تقديمها بضمان رهن المحال التجارية سوف تصبح عارية من الضمان لسقوط الرهون القائمة لاستحالة تجديدها، الأمر الذي يعرض أموال البنك للضياع وهي مخاطر لا يمكن تداركها..... وبتاريخ 20/ 12/ 1984 أقام الممثل القانوني لبنك لويدز انترناشيونال الدعوى رقم 1626 لسنة 39 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) ضد وزير التموين والتجارة الداخلية طالباً الحكم أولاً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار وزارة التوين رقم 173 لسنة 1984 فيما تضمنه من سحب الترخيص السابق صدوره للبنك المدعي لمباشرة نشاط ارتهان وبيع المحال التجارية طبقاً للقانون رقم 11 لسنة 1940 وما يترتب على ذلك من آثار. ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصاريف شاملة مقابل أتعاب المحاماة، وأوضح أنه صدر قرار وزير التموين رقم 173 لسنة 1984 بإلغاء القرارات الوزارية التي صدرت بشأن الترخيص للمصارف التي تزاول نشاطها بالنقد الأجنبي فقط بالقيام بعمليات ارتهان المحلات التجارية والصناعية طبقاً للقانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها وكان قد صدر لصالح البنك المدعي القرار رقم 96 لسنة 1978 بالترخيص له بعمليات ارتهان المحال التجارية والصناعية طبقاً لأحكام هذا القانون، ولم يستند القرار الوزاري الساحب لقرار الترخيص المشار إليه إلى أي سبب سوى ما جاء به ديباجته من إشارة إلى فتوى بقصر عمليات ارتهان المحال التجارية وبيعها على البنوك التي تتعامل بالنقد الأجنبي والجنيه المصري. ونعى البنك المدعي على القرار المطعون فيه صدوره على غير أساس من المنطق أو القانون وإجحافه بحقوقه للأسباب التي أوردتها العريضة والتي لا تخرج في جوهرها عن الأسباب التي أقيمت بناء عليها الدعوى الأولى رقم 1277/ 39 ق وأفادت الجهة الإدارية بأن بنك لويدز انترناشيونال أنشئ (المدعي) وفقاً للقانون رقم 43 لسنة 1974 بنظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة ووافق البنك المركزي المصري بتاريخ 26/ 8/ 1976 على قبول تسجيله كبنك غير تجاري (بنك استثمار وأعمال) يتعامل بالعملات الأجنبية فقط بجمهورية مصر العربية وبتاريخ 31/ 8/ 1978 صدر قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 96 لسنة 1978 بالترخيص للبنك بالقيام بعمليات ارتهان المحال التجارية والصناعية طبقاً لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1940، ثم استطردت الجهة الإدارية إلى أسباب إلغاء هذا الترخيص بمقتضى القرار المطعون فيه على نحو لا يخرج عما سبق أن ذكرته في دفاعها في الدعوى رقم 1277 لسنة 39 ق المشار إليها وأضافت أن قيام البنك المدعي بمنح قروض بالعملات الأجنبية لعملاء لا تتوافر لهم موارد ذاتية من ذات العملات يترتب عليه اتساع نطاق التعامل في السوق السوداء وخارج الجهاز المصرفي ثم خلصت إلى أن القرار المطعون فيه قد بني على سبب صحيح قانوناً كما لم يشبه عيب الانحراف بالسلطة وبذلك يتلف ركن المشروعية وكذلك ركن الاستعجال بالنظر إلى أن ما يترتب على هذا القرار مجرد آثار مالية يمكن تداركها بالتعويض. وبجلسة 19 من ديسمبر 1985 أصدرت المحكمة حكمها في الشق المستعجل من الدعوى وأقامت قضاءها بانتفاء ركن الجدية على أن الاستناد إلى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 4/ 6/ 1985 في الدعوى رقم 1277 لسنة 39 ق في غير محله ومردود عليه بأنه ولئن كان قرار وزير التموين رقم 173/ 1984 المشار إليه المحكوم بوقف تنفيذه هو ذات القرار المطلوب وقف تنفيذه في هذه الدعوى إلا أن ذلك الوقف جاء نسبياً وليس مجرداً حيث انصب على ما تضمنه القرار من سحب الترخيص الخاص ببنك أبو ظبي الوطني في حين أن البنك المدعي بطلب الحكم بوقف تنفيذ ذات القرار ولكن فيما تضمنه من سحب الترخيص السابق منحه له بمزاولة نشاط ارتهان المحال التجارية والصناعية وبذلك لا يحوز ذلك الحكم أية حجية في خصومة هذه الدعوى ثم استطردت إلى أن الترخيص الصادر من جهة الإدارة هو تصرف إداري يتم بالقرار الصادر نتيجته وأنه تصرف مؤقت بطبيعته وقابل للسحب أو التعديل في أي وقت متى اقتضت المصلحة العامة ذلك وكان قرار سحب أمر التعديل غير مشوب بعيب إساءة استعمال السلطة وأن مقتضى نصوص القانون رقم 11 لسنة 1940 في شأن بيع المحال التجارية والصناعية ورهنها أن يكون لوزير التجارة سلطة تقديرية واسعة في مجال الترخيص للبنوك وبيوت التسليف بمزاولة نشاط ارتهان المحال التجارية لا يحدها إلا إساءة استعمال السلطة ولا يكون سند تلك البنوك في مزاولة ذلك النشاط حقاً مستمداً مباشرة من القانون المشار إليه وإنما من قرار وزير التجارة الصادر تطبيقاً لنصوصه وأحكامه، كما يستفاد من تلك النصوص أنه في حالة عدم الوفاء للبنك المرتهن بباقي الثمن أو الدين في تاريخ استحقاقه يباع المحل المرهون بالمزاد العلني ويستوفي البنك المرتهن دينه من حصيلة بيع المحل بالمزاد العلني، وطبقاً لأحكام هذا القانون (مادة 14) تتم إجراءات البيع طبقاً لأحكام القانون المصري مما يعني ضرورة أن تكون حصيلة البيع بالعملة المصرية حتى ولو كان المتزايدون أجانب وفي هذه الحالة تؤول حصيلة البيع بالعملة المصرية إلى البنك المرتهن في حدود دينه ومن ثم يتعين أن يكون مرخصاً له بالتعامل بالعملة الوطنية ولما كان البنك المدعي يقتصر نشاطه المرخص له به من الهيئة العامة للاستثمار المال العربي والأجنبي على التعامل بالنقد الأجنبي فقط فإن الترخيص له بمزاولة نشاط ارتهان المحال التجارية يكون صدر مخالفاً للقانون، ومن ناحية أخرى فإن البادي من ظاهر الأوراق أن البنك المدعي من البنوك الأجنبية التي أنشئت طبقاً لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 ومن ثم يتعين ألا يرخص له بمزاولة أنشطة غير ذلك التي حددها القانون المذكور طبقاً للمادة 3/ 5 منه والتي لا تخرج عن القيام بالعمليات التمويلية الاستثمارية وتمويل تجارة مصر الخارجية وبذلك يكون الترخيص للبنك بمزاولة نشاط ارتهان المحال التجارية قد تجاوز أحكام القانون سالف الذكر ومن ناحية ثالثة فإن الترخيص للبنك المدعي أو لغيره من البنوك بمزاولة نشاط ارتهان المحال التجارية والصناعية حال كونه غير مرخص له بالتعامل بالنقد المصري ينطوي على مخالفته للأصل العام المقرر المستفاد من نصوص القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي ومؤداه أن يكون التعامل داخل جمهورية مصر العربية بالنقد المصري ولا يجوز التعامل بالنقد الأجنبي إلا في الحدود بالشروط التي عينها هذا القانون وفضلاً عن ذلك فإن ثمة اعتبارات عملية تؤيد صحة السبب الذي قام عليه القرار المطعون فيه وهي تلك التي استندت إليها وزارة التموين والتجارة في طلب الفتوى من مجلس الدولة في مدى جواز إلغاء التراخيص السابق منحها للبنوك الأجنبية التي لا تتعامل بالنقد المصري ومن ذلك الصعوبات العملية التي تواجه عمليات بيع المحال المرتهنة المصرية طبقاً للقانون المصري لصالح بنوك لا تتعامل بالنقد المصري وكذلك ما يترتب على منح قروض بالعملات الأجنبية لعملاء لا تتوافر لديهم أصلاً موارد ذاتية من ذات العملات يتيسر لهم سداد تلك القروض من اتساع نطاق التعامل في السوق السوداء بتلك العملات وخارج نطاق الجهاز المصرفي وما يؤدي إليه منح تلك التراخيص من بيع المحلات المرهونة والمملوكة لمصريين وأيلولة ملكيتها عند العجز عن الوفاء بالديون والقروض إلى البنوك المرتهنة بما يؤدي إلى سيطرة الأجانب على المشروعات التجارية والصناعية ويمس المصلحة العامة والسيادة الوطنية وبذلك لا يكون القرار المطعون فيه قد استهدف غاية أخرى غير المصلحة العامة إذ صدر في صورة قرار تنظيمي عام استهدف إلغاء كافة التراخيص السابق منحها لبنوك أجنبية لا تتعامل بالنقد المصري بمزاولة نشاط ارتهان المحال التجارية والصناعية ولم يخص البنك المدعي أو غيره بهذا الإلغاء فيكون بحسب الظاهر من الأوراق صادراً في إطار تنظيم يهدف إلى حماية المصالح الاقتصادية الوطنية العليا والحفاظ على النظام العام الاقتصادي بما يرقى إلى مستوى الأمور المتعلقة بسيادة الدولة على أراضيها والتي لا يجوز قانوناً غل يد الإدارة عن تناولها بالتنظيم والتعديل كلما دعت إلى ذلك متطلبات المصلحة العامة.....
ومن حيث إن الطعن رقم 3401 لسنة 31 القضائية المقام عن الحكم الصادر في الدعوى رقم 1277 لسنة 39 القضائية يقوم على أن هذا الحكم قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، وأسانيد الطعن في ذلك لا تخرج في جوهرها عن أوجه دفاع الجهة الإدارية في الدعوى الأصلية، فهي تتحصل في قابلية الترخيص الصادر للبنك المطعون ضده بعمليات ارتهان المحال التجارية للسحب أو التعديل أو الإلغاء في أي وقت لدواعي المصلحة العامة وفي مخالفة التراخيص المشار إليه لأحكام القانونين رقمي 43 لسنة 1974 و97 لسنة 1976 وفيما يترتب على إصدار هذا الترخيص من اتساع نطاق التعامل في السوق السوداء خارج إطار الجهاز المصرفي إلى جانب الصفة المتعلقة بحالة عدم الوفاء بالدين المضمون برهن المحل التجاري وبيعه بالمزاد العلني مع عدم إمكان حصول البنك على حصيلة البيع بالنقد المصري بالنظر إلى أنه غير مسموح له بالتعامل في النقد المحلي، وما يؤدي إليه العمل بالترخيص من انتقال ملكية المشروعات التجارية والصناعية التي يعجز أصحابها عن الوفاء بسداد قروضهم بالعملة الأجنبية إلى البنك الدائن فتحقق سيطرة الأجانب على هذه المشروعات بما لا يتفق مع وجه المصلحة العامة وبذلك لا يتحقق ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ولا حتى ركن الاستعجال لأن كل ما يترتب على تنفيذ القرار مجرد آثار مالية يمكن تداركها بالتعويض.
ومن حيث إن الطعن رقم 316 لسنة 32 القضائية المقام عن الحكم الصادر في الدعوى رقم 1626 لسنة 32 القضائية مبناه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه للأسباب الواردة تفصيلاً في تقرير الطعن، وتخلص في أنه التفت عن الحكم الصادر في الدعوى رقم 1277 لسنة 39 ق بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه - بالنسبة إلى بنك أبو ظبي الوطني - وهو يمثل المبدأ الذي أخذت به المحكمة وأعقبته الجهة الإدارية ذاتها وقامت بتنفيذه وكان لزاماً وتوحيداً للمعاملة واستمراراً للمراكز والأوضاع الأخذ به بالنسبة إلى البنك الطاعن أما القول بأن بيع المحال المرتهنة إذ يتم بالعملة المصرية فيمتنع حصول البنك على حصيلة البيع لأنه غير مرخص له أصلاً بالتعامل في النقد المصري فإنه في جميع حالات الرهن إذا تخلف المدين الراهن عن الوفاء بدينه - يتم بيع المحال المرتهن جبراً عنه وتؤول حصيلة البيع إلى الدائن فضلاً عن أن هيئة الاستثمار وإعمالاً للقانون قد أقرت حق هذه البنوك في فتح حسابات لها بالعملة المصرية لدى أحد البنوك المرخص لها بذلك لاستخدام حصيلة هذا الحساب في الاتفاق المحلي على مصروفاتها وبالتالي لم تعد هناك عقبة تحول بين البنوك الأجنبية وبين تحصيل ديونها بالجنيه المصري والقول بأن الترخيص الصادر للبنك الطاعن بارتهان المحال التجارية يخالف القانون رقم 43 لسنة 1974 قول غير صحيح فالترخيص للبنك بمزاولة نشاطه المصرفي مؤداه الواضح الإقراض وقبول الودائع باعتبارها جوهر النشاط المصرفي وأداء هذه الأنشطة يستلزم حصول أي بنك على ضمانات منها رهن البضائع ورهن المحال التجارية وغير ذلك من أنواع الضمانات فضلاً عن أن القانون المشار إليه وأن نص على تعداد لأنواع المشروعات الاستثمارية ومنها بنوك الاستثمار وبنوك الأعمال إلا أنه لم يضع أي قيود عليها سوى أن تتعامل بالعملات الحرة ومن ثم فإن خلو القانون من عبارة رهن المحال التجارية ليس سند للحرمان من مزاولة هذا النشاط بدليل أن وزارة التموين رخصت لكافة البنوك بممارسته ولم يكن أغراضها لمخالفة هذا الترخيص للقانون المذكور بل لأمر آخر وهو أن التعامل يتم بالعملات الأجنبية، فضلاً عن أن العبارة الواردة في المادة 3/ 5 من القانون رقم 43/ 1974 بشأن قيام البنوك الاستثمارية بتمويل تجارة مصر الخارجية مقتضى تمتعها بكافة الضمانات التي يقترضها التمويل، ولا وجه للاستناد لأحكام القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي، ذلك أن البنك الطاعن مصرح له بالتعامل في النقد الأجنبي طبقاً للقانون فلا تثريب عليه في ذلك، وإذ لا تتعلق القضية بالتعامل بالنقد الأجنبي وإنما بالتصريح له بارتهان المحال التجارية وعلى ذلك يكون الاستناد إلى أحكام القانون المشار إليه بعيد في مجال الدعوى الماثلة، أما عن مسألة الاعتبارات العملية التي يقوم عليها الحكم المطعون فيه فهي أقوال مرسلة فلا يمكن أن يصادر النشاط الاقتصادي بدعوى أن العملاء يحصلون على قروض بالعملات الأجنبية وليس لديهم موارد تمكنهم من سدادها فهؤلاء العملاء هم أساساً أصحاب النشاط الاقتصادي الذي يحتاج إلى هذه العملات كما أن منطق الحكم في ذلك معناه مصادرة أي نشاط بالعملات الأجنبية بارتهان المحال التجارية يؤدي إلى تخلف الأجانب للمشروعات الاقتصادية أو أنه ينطوي على خروج على النظام الاقتصادي للدولة - فرهن المحلات التجارية، كنائبين لا يعني رغبة هذه البنوك في تملكها وإنما للحصول من ثمنها على قيمة القرض وإذ تشجع الدولة المستثمرين الأجانب على الاستثمار في البلاد في إطار القانون وتحت إشراف وإدارة السلطات المصرية فلا يكون ثمة حساب بالمصلحة العامة، كما لا حجة فيما نال به الحكم من أن الترخيص مؤقت بطبيعته وقابل للإلغاء في أي وقت طبقاً لمقتضيات المصلحة العامة، فذلك يجب أن يقوم على سبب صحيح له أصل في الأوراق وإذ تبين عدم صحته فإن القرار المطعون فيه يكون واجب الإلغاء، وعلى هذا النحو يتوافر ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ كما يتوافر ركن الاستعجال لخطورة النتائج المترتبة على حرمان البنك الطاعن من أهم ضمانة لمواجهة عمليات التسهيلات والقروض التي يمنحها لتنمية النشاط الاقتصادي في الدولة.
ومن حيث إن مناط الفصل في الطعنين المضمومين المشار إليهما يتعلق بمدى مشروعية الترخيص للبنوك الأجنبية التي يقتصر نشاطها على العمليات التي تتم بالعملات الحرة، وفقاً للمادة 3 بند 5 من نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974 بالقيام بعمليات ارتهان المحال التجارية طبقاً لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها، وبالرجوع إلى نصوص القانون رقم 43 لسنة 1974 المشار إليه وتعديلاته يتبين أنه نص في المادة الثانية من مواد الإصدار على أن "تطبق أحكام القانون واللوائح المعمول بها في كل ما لم يرد نص خاص في القانون المرافق" ونصت المادة 3 من القانون المرافق على أن "يكون استثمار المال العربي والأجنبي في جمهورية مصر العربية لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية في إطار السياسة العامة للدولة وخطتها القومية على أن يكون ذلك في المشروعات التي تتطلب خبرات عالمية في مجالات التطوير الحديثة أو تحتاج إلى رؤوس أموال أجنبية وفي نطاق القوائم التي تعدها الهيئة ويعتمدها مجلس الوزراء وذلك في المجالات الآتية...... بنوك الاستثمار وبنوك الأعمال وشركات إعارة التأمين التي يقتصر نشاطها على العمليات التي تتم بالعملات الحرة، ولها أن تقوم بالعمليات التمويلية الاستثمارية بنفسها سواء تعلقت بمشروعات في المناطق الحرة أو بمشروعات محلية أو مشتركة أو أجنبية مقامة داخل جمهورية مصر العربية، وكذلك لها أن تقوم بتمويل عمليات تجارة مصر الخارجية. كما نص في المادة 13 على أنه "مع مراعاة حكم البند (6) من المادة الثالثة تستثنى البنوك المتفقة بأحكام القانون من شرط تملك المصريين لجميع أسهمها.... وكذلك تستثنى بنوك الاستثمار وبنوك الأعمال وشركات إعادة التأمين المشار إليها في البند (5) من المادة الثالثة من هذا القانون من أحكام القوانين واللوائح والقرارات المنظمة للرقابة على عمليات النقد. ومفاد ذلك أن لبنوك الاستثمار وبنوك الأعمال التي يقتصر نشاطها على العمليات التي تتم بالعملات الحرة، والمنشأة وفقاً للمادة 3 بند 5 من القانون المشار إليه، القيام بالعمليات التمويلية الاستثمارية سواء تعلقت بمشروعات في المناطق الحرة أو بمشروعات محلية أو مشتركة أو أجنبية مقامة داخل جمهورية مصر العربية كما أن لها أن تقوم بتمويل عمليات تجارة مصر الخارجية، ونشاطها في هذا المجال مستثنى بحكم القانون من أحكام القوانين واللوائح والقرارات المنظمة للرقابة على عمليات النقد، وأنها كما يخضع لأحكام هذا القانون تخضع أيضاً لغيره من أحكام القوانين واللوائح المعمول بها وذلك في كل ما لم يرد فيه نص خاص في القانون المذكور وبالنظر إلى أن ثمة تلازماً وارتباطاً وثيقاً بين عمليات منح التسهيلات الائتمانية التي يقوم بها البنك وبين الضمانات التي يطالب بها لكافة حقوقه قبل المشروعات المستفيدة من هذه التسهيلات فلم يكن خلو القانون رقم 43 لسنة 1974 من النص الصريح على حق تلك البنوك، قبول تلك الضمانات دليلاً على خطر قبوله لها وذلك باعتبارها من مقتضيات نشاطها في المجال المصرفي والذي لا تقوم له قائمة بدونها - والقول بغير ذلك يجعل دعوة الشارع لهذه البنوك للإسهام في تمويل المشروعات الاقتصادية في البلاد بلا طائل من ورائها، طالما أن من شأنها تعريض تلك البنوك لمخاطر جسيمة قد تؤدي بأموالها وهو الأمر الذي يتعارض تماماً مع أهداف القانون رقم 43/ 1974 وقوامها تشجيع رؤوس الأموال الأجنبية للمساهمة في إعادة بناء الاقتصاد المصري تحقيقاً لأهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية في إطار السياسة العامة للدولة وخطتها القومية. ويبين من أحكام القانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها - أنه نص في المادة 8 على أنه "يجوز بالشروط المقررة في هذا القانون رهن المحال التجارية" ونص المادة 9 على أن "رهن المحل التجاري يجوز أن يشمل ما يأتي: العنوان والاسم التجاري والحق في الإجازة والاتصال بالعملاء والسمعة التجارية.... ونص في المادة 10 أنه "لا يجوز أن يرتهن لدى غير البنوك وبيوت التسليف الذي يرخص لها بذلك (وزير التجارة والصناعة) بالشروط التي يحددها بقرار يصدره. ونص في المادة (11) على أن يثبت الرهن بعقد رسمي أو بعقد عرفي مقرون بالتصديق على توقيعات أو أختام المتعاقدين.... ونص في المادة 14 على أنه "عن عدم الوفاء بباقي الثمن أو بالدين في تاريخ استحقاقه ولو كان بعقد عرفي يجوز للبائع أو الدائن المرتهن بعد ثمانية أيام من تاريخ التنبيه على مدينه والحائز للمحل التجاري بالوفاء تنبيهاً وسحباً أن يقدم عريضة لقاضي الأمور المستعجلة في المحكمة التي يوجد بدائرتها المحل بطلب الإذن بأن يباع بالمزاد العلني مقومات المحل التجاري كلها أو بعضها التي يتداولها امتياز البائع أو الراهن..... وواضح من هذه النصوص وغيرها مما ورد في القانون أنها لم تفرق بين البنوك المصرية والبنوك الأجنبية في صدد الترخيص بارتهان المحال التجارية كما لم تتضمن لائحته التنفيذية الشروط التي أشارت إليها المادة (10) والتي يحددها الوزير المختص بقراره الذي يصدره بمنح الترخيص. ومؤدى ذلك كله أن الترخيص الذي يصدره وزير التجارة لبنوك الاستثمار وبنوك الأعمال المنشأة وفقاً لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 بالقيام بعمليات ارتهان المحال التجارية بعد ترخيصها قانونياً سليماً متى صدر طبقاً للإجراءات والأوضاع المنصوص عليها في القانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها على هذا النحو لا يجوز للجهة الإدارية المختصة إصدار قرار بإلغائه إلا إذا تحققت الأسباب المبررة لذلك وكانت هذه الأسباب مستمدة من وقائع صحيحة لها أصل ثابت بالأوراق.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم وفي صدد هذه المنازعة - في حدود الشق المستعجل منها موضوع الطعنين الماثلين - فإنه يلزم لوقف تنفيذ أي قرار إداري توافر ركني الجدية والاستعجال، وعن ركن الجدية، فالبادي من الأوراق أن مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة سبق أن وافق بتاريخ 25/ 12/ 1974 على فتح فرع لبنك أبو ظبي الوطني (المطعون ضده في الطعن رقم 3401 لسنة 31 ق عليا) في جمهورية مصر العربية للتعامل بالنقد الأجنبي الحر استناداً إلى البند (5) من المادة (3) من القانون رقم 43 لسنة 1974 المشار إليه كما وافق بتاريخ 15/ 11/ 1974 على فتح فرع لبنك لويدز انترناشيونال (الطاعن في الطعن رقم 316 لسنة 32 ق عليا) ليباشر نشاطه في نظام أحكام القانون سالف الذكر، وبناء على طلب هذين البنكين الترخيص لهما بارتهان المحال التجارية كضمان لما يمنحانه من قروض وسلفيات وبعد موافقة البنك المركزي المصري على ذلك فقد صدر قرار وزير التجارة رقم 706/ 1978 بالترخيص لفرع البنك الأول بالقيام بعمليات ارتهان المحال التجارية والصناعية طبقاً لأحكام والشروط الواردة بالقانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها، كما صدر قرار مماثل بالتفويض برقم 96 لسنة 1978 لصالح فرع البنك الثاني - ثم بدأت وزارتي الاقتصاد والتموين - في بحث مشروعية الترخيص لفروع البنوك الأجنبية التي تتعامل بالنقد الأجنبي فقط بعمليات ارتهان المحال التجارية وذلك في ضوء ما لاحظته جهة الإدارة من صعوبات تتعلق بكيفية حصول هذه البنوك على حصيلة ببيع الرهونات من النقد المصري على الرغم من أنه غير مرخص لها أصلاً بالتعامل في العملة المصرية، واستناداً إلى فتوى صادرة من إدارة الفتوى لوزارة المالية والتجارة والتموين ذهبت إلى أن حصيلة بيع المحال التجارية بالمزاد والتي تكون بالعملة المصرية تؤول إلى الدائن المرتهن في حدود دينه وبالتالي يتعين أن يكون مسموحاً لهذا الدائن بالتعامل في النقد المصري وأن الترخيص لفرع البنك الذي يتعامل فقط بالعملات الأجنبية بالقيام بعمليات ارتهان المحال التجارية يؤدي إما إلى عدم إمكانية بيع المحل التجاري الضامن للدين أو إلى الحصول على العملة المصرية بالمخالفة للقانون مما يقتضي إلغاء الترخيص الصادر لفرع البنك الأجنبي فيما يتعلق بعمليات ارتهان المحال التجارية والصناعية طبقاً للقانون رقم 11/ 1940 - إزاء ذلك - فقد صدر بتاريخ 30/ 11/ 1984 القرار الوزاري رقم 973 لسنة 1984 بالتفويض - المطعون فيه - بإلغاء القرارات الوزارية التي صدرت بشأن الترخيص للمصارف التي تزاول نشاطها بالنقد الأجنبي فقط بالقيام لعمليات ارتهان المحال التجارية والصناعية طبقاً للقانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها، وتضمن قرار الإلغاء الترخيص السابق صدوره لبنك أبو ظبي الوطني بموجب القرار رقم 706 لسنة 1978 وكذلك الترخيص الصادر لبنك لويدز انترناشيونال بمقتضى القرار رقم 96 لسنة 1978، ومتى كان ذلك هو المستظهر من الأوراق فإن إلغاء هذا الترخيص على هذه الصورة الجماعية دون أن يجد جديد ينسب إلى هذه البنوك وقائع محدودة أو أموراً واقعية معينة تبرر إلغاء التراخيص الصادر لها بارتهان المحال التجارية وفقاً للقانون رقم 11 لسنة 1940 واكتفاء بملاحظات الجهة الإدارية تحقق صعوبات عملية أو تصوراته تقدم على اقتراحات نظرية كان بالوسع توقعها عند دراسته الطلبات المقدمة من هذه البنوك للترخيص لها بارتهان المحال التجارية لأمر يخالف - بحسب الظاهر - أحكام القانون، إذ يتعين مشروعية قرار إلغاء الترخيص المطعون فيه أن يكون قائماً على أسباب صحيحة مستمدة من وقائع لها أصل ثابت بالأوراق، وما ذكرته الجهة الإدارية تبريراً لقرارها عن الصعوبة العملية من عدم إمكان حصول البنك (الدائن المرتهن) الذي يتعامل بالنقد الأجنبي فقط على حصيلة بيع المحل التجاري المرتهن بالمزاد العلني وهو حتماً بالعملة المصرية، أمر ينبت الصلة بالترخيص له بعمليات ارتهان المحال التجارية إذ يمكن أن تتحقق هذه الصعوبة في كل حالة يطالب فيها البنك مدينه بحقوقه لديه ويتخلف المدين عن الوفاء في الميعاد، فيتم التنفيذ في هذه الحالة جبراً عن المدين بحكم قضائي ويكون للبنك الدائن استيفاء حقوقه من حصيلة البيع إما بالأولوية على غيره من المدينين إذ كان دينه مضموناً بضمان أو يشارك هؤلاء في النظام العام للدائنين ويقسمه الغرماء إن لم يكن لدينه أي ضمان - وفي الحالتين تظل الصعوبة المشار إليها قائمة فلا يذللها إلغاء الترخيص الصادر للبنك بارتهان المحال التجارية طبقاً للقانون رقم 11 لسنة 1940، كذلك فإن ما قيل من اتساع نطاق التعامل في السوق السوداء خارج الجهاز المصرفي وسيطرة البنوك الأجنبية على المشروعات الاقتصادية في البلاد في حالة التنفيذ الجبري على المحل التجاري المرخص للبنك الأجنبي بارتهانه، لا أساس له من القانون، ذلك أن القرار الذي يصدر للبنك بهذا الترخيص لا ينتج عنه بذاته مثل هذه النتائج فهناك القانون رقم 43/ 1974 المشار إليه الذي صرح لبنوك الاستثمار وبنوك الأعمال المنشأة وفقاً لأحكامه بالتعامل بالعملات الحرة فقط في المجالات التي حددها، والمدين لها ملزم بالوفاء بذات العملة عند حلول ميعاد السداد فيكون سبيله إلى الوفاء بدينه إن لم يكن لديه موارد ذاتية كافية من ذات العملة للجوء إلى السوق السوداء للعملة الحرة وخارج نطاق الجهاز المصرفي الرسمي ولو لم يكن ثمة تنفيذ جبري على محله التجاري المرتهن لدى البنك الدائن - إما عن سيطرة هذه البنوك على المشروعات الاقتصادية في البلاد كنتيجة للترخيص لها بارتهان المحال التجارية، فضلاً عن خلو الأوراق مما يصمها بذلك في هذه المنازعة بالذات، فإن الأمر في ذلك لا يكون قد تعلق بالترخيص الممنوح لها بارتهان المحال التجارية طبقاً للقانون رقم 11 لسنة 1940 وإنما يكون متعلقاً بالنظام القانوني لبنوك الاستثمار والأعمال المنشأة وفقاً للقانون رقم 43 لسنة 1974 والذي يسمح بنشاط هذه البنوك وما يترتب عليه من آثار وهي أمر آخر يخرج عن مجال هذه المنازعة فإذا ما ذهبت إلى ما تقدم أن القانون رقم 43 لسنة 1974 لم يحظر الترخيص للبنوك الأجنبية المنشأة وفقاً لأحكامه بالقيام بعمليات ارتهان المحال التجارية على ما سلف بيانه، وأن القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي قد خلا من هذا الحظر ولم يفرق القانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها بين البنوك المصرية والبنوك الأجنبية في صدد مزج التراخيص بارتهان المحال التجارية، فإن القرار المطعون فيه والحالة هذه يبدو بحسب الظاهر مخالفاً للقانون فيتحقق ركن الأسباب الجدية في طلب وقف تنفيذه كما يتحقق أيضاً ركن الاستعجال بالنظر إلى خطورة النتائج المترتبة على الاستمرار في تنفيذه فيما لو فرض وقضي بإلغائه، وعلى ذلك يتعين الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه من مثل البنكين المذكورين ولما كان الحكم المطعون فيه بمقتضى الطعن رقم 3401 لسنة 31 القضائية قد ساير هذا النظر فقضى بوقف تنفيذ هذا القرار بينما قضى الحكم المطعون فيه بالطعن رقم 316 لسنة 32 القضائية بغير ذلك، فإن الحكم الأول يكون قد صادف صحيح النظر في تطبيق حكم القانون بينما يكون الثاني قد أخطأ في تطبيقه وتأويله مما يستوجب رفض الطعن رقم 3401 لسنة 31 القضائية وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة بمصروفاته، وإلغاء الحكم المطعون فيه بمقتضى الطعن 316 لسنة 32 القضائية والقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات عن درجتي التقاضي.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي موضوعهما أولاً: برفض الطعن رقم 3401 لسنة 31 القضائية وألزمت الجهة الإدارية بمصروفاته. ثانياً: وفي الطعن رقم 316 لسنة 32 القضائية بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.


[(1)] راجع كذلك الحكم الصادر بجلسة 25/ 6/ 1988 في الطعن رقم 1564 لسنة 33 ق.