أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 48 - صـ 544

جلسة 23 من مارس سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد القادر سمير نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ كمال محمد مراد، خلف فتح الباب متولي، محمد شهاوي عبد ربه، عبد الجواد هاشم فراج نواب رئيس المحكمة.

(105)
الطعن رقم 344 لسنة 63 القضائية

(1) قرار إداري. قانون. دستور.
القرارات اللازمة لتنفيذ القوانين. عدم تعيين الجهة المختصة بإصدارها. لرئيس الجمهورية أو من يفوضه إصدارها. شرطه. أن تكون في نطاق التفويض القانوني. مخالفة ذلك. أثره. انعدام هذه القرارات. المادتان 144، 156 من الدستور.
(2) قرار إداري. ملكية. إيجار "إيجار الأماكن" "تمليك المساكن الشعبية".
تفويض رئيس مجلس الوزراء إصدار قرار بتنظيم قواعد وشروط تمليك المساكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها المحافظات إعمالاً للمادتين 68، 72 من القانون 49 لسنة 1977. اقتصاره على ما تم شغله منها قبل العمل بالقانون المذكور. قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 110 لسنة 1978 فيما تضمنه من وضع ملحق ثان بقواعد تمليك ما تم شغله من هذه المساكن بعد العمل بذلك القانون. خروجه عن حدود التفويض. أثره. اعتباره عديم الأثر. إصدار اللائحة التنفيذية في غير حالة المادة 72 منوط بوزير الإسكان والتعمير. م 87 ق 49 لسنة 1977.
1 - النص في المادتين 144 و156 من الدستور، يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أنه إذا لم يعين القانون الجهة المختصة بإصدار اللائحة التنفيذية، فإن لرئيس الجمهورية - وحده - أن يصدرها بما ليس فيه تعديل أو تعطيل للقوانين أو إعفاء من تنفيذها ويكون له أن يفوض غيره في إصدارها، وبتعين أن يكون القرار الصادر باللائحة التنفيذية في نطاق التفويض المنصوص عليه في القانون، فإذا خرج القرار عن نطاق هذا التفويض أصبح معدوم الأثر قانوناً ويكون للقضاء العادي ألا يعتد به في مقام تطبيق القانون الذي صدر تنفيذاً له.
2 - النص في المادتين 68، 72 من القانون رقم 49 لسنة 1977، يدل على أن تفويض رئيس مجلس الوزراء مقصور على إصدار قرار بتنظيم القواعد والشروط والأوضاع التي يتم بمقتضاها تمليك المساكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها المحافظات وتم شغلها قبل التاسع من سبتمبر سنة 1977 - تاريخ العمل بالقانون - وكان البين من قرار رئيس مجلس الوزراء 110 لسنة 1978 الصادر إعمالاً لهذا النص - المعدل بالقرارين 527 لسنة 1980، 4 لسنة1981 - أنه جاوز نطاق هذا التفويض بوضع ملحق ثان اشتمل على قواعد وشروط تمليك ما أقامته أو تقيمه المحافظات من هذه المساكن وتم شغلها في تاريخ تال لسريان ذلك القانون، ومن ثم فإن هذا القرار في الملحق الثاني منه يكون قد تجاوز حدود التفويض المنصوص عليه في القانون والذي يستمد منه مشروعيته بما يجعله عديم الأثر متعيناً الالتفات عنه من هذا الخصوص، ولا يغير من ذلك أن المادة 68 من القانون رقم 49 لسنة 1977 تبيح لأجهزة الدولة ووحدات الحكم المحلي إنشاء المباني يقصد التمليك، إذ حدد القانون في المادة 87 منه الجهة المنوط بها إصدار اللائحة - في غير الحالة المنصوص عليها في المادة 72 سالفة الذكر - وحصرها في وزير الإسكان والتعمير، فلا يملك رئيس مجلس الوزراء إصدار هذه اللائحة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاما على المطعون ضدهما الدعوى رقم 635 لسنة 1991 مدني سوهاج الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهما بتحرير عقد تمليك لكل منهما عن الوحدتين المبينتين بالصحيفة، اعتباراً من 26/ 9/ 1981، وقالا بياناً لها أنهما منذ هذا التاريخ استأجرا هاتين الوحدتين من المطعون ضده الأول بصفته، ولما كانت الشروط الواردة بالقانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تملك المساكن الاقتصادية متوافرة في حقهما، فقد أقاما الدعوى بطلبهما سالف البيان. أجابتهما المحكمة لطلبهما. استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط "مأمورية سوهاج" بالاستئناف رقم 517 لسنة 67 قضائية. وبتاريخ 15من نوفمبر سنة 1992 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه. وفي بيان ذلك يقولان إن النص في المادة 72 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على تملك المساكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها المحافظات وتم شغلها قبل العمل بهذا القانون.... جاء لتعديل العلاقات القائمة في شأن هذه المساكن من تأجيرها إلى تمليكها، أما بالنسبة لما ينشأ منها مستقبلاً فقد قصد المشرع - من سكوته عنها - أن تملك ابتداء كما هو واضح من تقرير لجنة الإسكان بمجلس الشعب، وقد نص قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 110 لسنة 1978 على تملك المساكن التي أقامتها أو تقيمها المحافظات بعد 9/ 9/ 1977 ونظم القواعد والشروط الخاصة بها والتي تتوافر في وحدتيّ النزاع، وإذ جرى الحكم المطعون فيه في قضائه على خلاف ذلك، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 144 من الدستور على أن "يصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيها تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها. وله أن يفوض غيره في إصدارها، ويجوز أن يعين القانون من يصدر القرارات اللازمة لتنفيذه، وفي المادة 156 منه على أن "يمارس مجلس الوزراء بوجه خاص الاختصاصات الآتية: ( أ ) الاشتراك مع رئيس الجمهورية في وضع السياسة العامة للدولة والإشراف على تنفيذها وفقاً للقوانين والقرارات الجمهورية (ب) .... (ج) إصدار القرارات الإدارية والتنفيذية وفقاً للقوانين والقرارات ومراقبة تنفيذها، يدل - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - على أنه إذا لم يعين القانون الجهة المختصة بإصدار اللائحة التنفيذية، فإن لرئيس الجمهورية - وحده - أن يصدرها بما ليس فيه تعديل أو تعطيل للقوانين أو إعفاء من تنفيذها ويكون له أن يفوض غيره في إصدارها، ويتعين أن يكون القرار الصادر باللائحة التنفيذية في نطاق التفويض المنصوص عليه في القانون، فإذا خرج القرار عن نطاق هذا التفويض أصبح معدوم الأثر قانوناً ويكون للقضاء العادي ألا يعتد به في مقام تطبيق القانون الذي صدر تنفيذاً له. لما كان ذلك وكان النص في المادة 68 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أن "يجوز لأجهزة الدولة ووحدات الحكم المحلي... إنشاء المباني بقصد تمليك كل أو بعض وحداتها السكنية"، وفي المادة 72 منه على أن "تملك المساكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها المحافظات وتم شغلها قبل تاريخ العمل بهذا القانون نظير أجرة تقل عن أجرتها القانونية إلى مستأجريها على أساس سداد الأجرة المخفضة لمدة خمس عشرة سنة وذلك وفقاً للقواعد والشروط والأوضاع التي يصدر بها قرار من رئيس مجلس الوزراء، يدل على أن تفويض رئيس مجلس الوزراء مقصور على إصدار قرار بتنظيم القواعد والشروط والأوضاع التي يتم بمقتضاها تمليك المساكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها المحافظات وتم شغلها قبل التاسع من سبتمبر سنة 1977 - تاريخ العمل بالقانون - وكان البين من قرار رئيس مجلس الوزراء 110 لسنة 1978 الصادر إعمالاً لهذا النص - المعدل بالقرارين 527 لسنة 1980، 4 لسنة 1981 - أنه جاوز نطاق هذا التفويض بوضع ملحق ثان اشتمل على قواعد وشروط تمليك ما أقامته أو تقيمه المحافظات من هذه المساكن وتم شغلها في تاريخ تال لسريان ذلك القانون، ومن ثم فإن هذا القرار في الملحق الثاني منه يكون قد تجاوز حدود التفويض المنصوص عليه في القانون والذي يستمد منه مشروعيته بما يجعله عديم الأثر متعيناً الالتفات عنه من هذا الخصوص، ولا يغير من ذلك أن المادة 68 من القانون رقم 49 لسنة 1977 تبيح لأجهزة الدولة ووحدات الحكم المحلي إنشاء المباني بقصد التمليك، إذ حدد القانون في المادة 87 منه الجهة المنوط بها إصدار اللائحة التنفيذية - في غير الحالة المنصوص عليها في المادة 72 سالفة الذكر - وحصرها في وزير الإسكان والتعمير، فلا يملك رئيس مجلس الوزراء إصدار هذه اللائحة. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، وذهب في قضائه إلى أن الطاعنين لا تنطبق في شأنهما شروط وقواعد تمليك وحدتيّ النزاع على هذا الأساس فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب غير سديد.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم لم يتعرض لما يثيره المطعون ضدهما بصفتهما من ملكية حساب الخدمات والتنمية المحلية للوحدتين محل النزاع، مع أن ذلك يخالف أحكام المادتين 72 من القانون رقم 49 لسنة 1977، 25 من القانون رقم 136 لسنة 1981، وقانون الإدارة المحلية المعدل مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه صحيحاً إلى عدم توافر شروط تمليك وحدتيّ النزاع بالنسبة للطاعنين، فإن النعي عليه بهذا السبب - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.