أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 48 - صـ 551

جلسة 27 من مارس سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين المتناوي، شكري جمعه حسين، محمد الجابري نواب رئيس المحكمة وأحمد عبد الكريم.

(107)
الطعن رقم 4791 لسنة 63 القضائية

(1) حكم. "عيوب التدليل. التناقض".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته.
(2) إيجار "إيجار ملك الغير".
عقد الإيجار. ماهيته. التزام المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بشيء لقاء أجر معلوم. م 558 مدني. عدم اشتراط أن يكون المؤجر مالكاً للعين المؤجرة. مؤداه. ليس للمستأجر التنصل من آثاره طالما مكنه المؤجر من الانتفاع بها ولم يدع تعرض المالك له فيها.
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما تتعارض به الأسباب وتتهاتر فتتماحى ويسقط بعضها بعضاً بحيث لا يبقى منها ما يقيم الحكم أو يحمله.
2 - مؤدى ما تقضي به المادة 558 من القانون المدني أن الإيجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم، ولا يشترط أن يكون المؤجر مالكاً بما يعني أن إيجار ملك الغير صحيح في حدود العلاقة بين المؤجر والمستأجر وأنه ليس لهذا الأخير التنصل من آثاره طالما مكن من الانتفاع بالشيء المؤجر ولم يدع تعرض المالك له فيه. وحق لأي من طرفيه التقاضي بشأن المنازعات الناشئة عنه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورثة الطاعنين أقامت على المطعون ضده الدعوى رقم 9608 لسنة 1986 أمام محكمة طنطا الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة وفسخ عقد الإيجار المؤجر المؤرخ 1/ 1/ 1985 مع دفع التعويض في حالة تقاعسه عن الإخلاء ودفع المتأخرة من الأجرة عن شهري نوفمبر وديسمبر سنة 1986، وقالت شرحاً لذلك إنه بموجب ذلك العقد استأجر المطعون ضده منها شقة النزاع مفروشة لقاء أجرة شهرية قدرها عشرون جنيهاً وقد تخلف عن سداد الأجرة عن شهري نوفمبر وديسمبر سنة 1986 والبالغ قدرها 40 جنيه رغم إنذاره بتاريخ 6/ 11/ 1986 فأقامت الدعوى، كما أقام المطعون ضده على مورثة الطاعنين الدعوى رقم 9878 لسنة 1986 أمام محكمة طنطا الابتدائية بطلب الحكم بإثبات العلاقة الإيجارية بينهما عن شقة النزاع وإلزامها بتحرير عقد إيجار باعتبارها خالية بإيجار شهري قدره عشرون جنيهاً، ضمت المحكمة الدعويين للارتباط وأحالتهما للتحقيق وبعد سماع شهود الطرفين حكمت بإخلاء شقة النزاع ورفض دعوى المطعون ضده، استأنف الأخير هذا الحكم بالاستئناف رقم 339 لسنة 38 ق طنطا وبتاريخ 28/ 3/ 1993 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى رقم 9608 لسنة 1986 لرفعها من غير ذي صفة، وفي الدعوى الثانية بثبوت العلاقة الإيجارية عن شقة النزاع باعتبارها خالية، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنان على الحكم المطعون فيه التناقض ومخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولان إن منطوق الحكم جاء متناقضاً مع نفسه وأسبابه إذ جاء في شقه الثاني بعكس ما قضى به في شقه الأول ذلك أنه قضى في الشق الأول بعدم قبول الدعوى المستأنفة لرفعها من غير ذي صفة في حين أنه قضى في الشق الثاني بثبوت العلاقة الإيجارية بين الطرفين في حين أنه قضى بعدم قبول دعواها مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما تتعارض به الأسباب وتتهاتر فتتماحى ويسقط بعضها بعضاً بحيث لا يبقى منها ما يقيم الحكم أو يحمله، لما كان ذلك وكان مؤدى ما تقضي به المادة 558 من القانون المدني أن الإيجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم، ولا يشترط أن يكون المؤجر مالكاً بما يعني أن إيجار ملك الغير صحيح في حدود العلاقة بين المؤجر والمستأجر وأنه ليس لهذا الأخير التنصل من آثاره طالما مكن من الانتفاع بالشيء المؤجر ولم يدع تعرض المالك له فيه، وحق لأي من طرفيه التقاضي بشأن المنازعات الناشئة عنه. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته أن "مورثة المستأنف عليهم قد أقامت دعواها رقم 9068 لسنة 1986 مدني طنطا بعد أن زالت صفتها كمالكة لذلك العقار فإن الدعوى تكون قد أقيمت من غير ذي صفة" ورتب على ذلك قضائه بعدم قبول دعواها بالإخلاء لعدم سداد الأجرة في حين أنه قرر بمدوناته وبشأن دعوى المطعون ضده أن "ومن ثم فقد تعين القضاء إجابة المستأنف إلى طلب ثبوت العلاقة الإيجارية بينه وبين المستأنف عليهم خلفاً عن المالكة الأصلية مورثتهم المرحومة.... عن الشقة محل النزاع خالية...." وكان البين من ذلك أن الحكم قد تناقض مع نفسه إذ ذهب فيما يتعلق بدعوى مورثة الطاعنين بأنها ليس مالكة لعين النزاع ولا تقبل دعواها بالإخلاء ثم عاد في دعوى المطعون ضده وقضى بثبوت العلاقة الإيجارية بينه وبين الطاعنين وآخرين بحسبانهم ورثة المالكة الأصلية لشقة النزاع التي نفى عنها تلك الملكية من قبل في حين أن كلاً من الدعويين هي الوجه الآخر للدعوى الأخرى أي أن دعوى الإخلاء هي الوجه الآخر لدعوى تحرير عقد الإيجار عن ذات المكان المطلوب إخلاؤه وأنه بضم المحكمة لهما تم دمجهما الأمر الذي تتعارض معه الأسباب وتتهاتر بحيث لا يصلح أياً منها لإقامة الحكم أو حمله ذلك أن الحكم المطعون فيه قد خلص في كل دعوى على حدة إلى اتجاه يتناقض مع بعضها البعض بحيث لا يصلحان سوياً لحمل قضائه ويدل على اضطراب عقيدته في تكوين رأيه بما يعيبه ويوجب نقضه.