مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 178

(25)
جلسة 7 من نوفمبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد المنعم رفاعي عماره المستشارين.

الطعن رقم 3421 لسنة 32 القضائية

( أ ) إدارات قانونية - المحامون بها - شروط مزاولتهم للمحاماة.
المادة (8) من قانون المحاماة الصادرة بالقانون رقم 17 لسنة 1983 معدلاً بالقانون رقم 227 لسنة 1984.
حظر المشرع على محامي الإدارات القانونية مزاولة المحاماة لغير الجهة التي يعملون بها فيما عدا القضايا الخاصة بهم وبأزواجهم وأقاربهم حتى الدرجة الثالثة - بشرط ألا تكون القضايا الأخيرة متعلقة بالجهة التي يعملون بها - رتب المشرع البطلان على مخالفة هذا الحظر - أثر هذا البطلان: الحكم ببطلان العمل المزاول على وجه المخالفة أو بعدم القبول بحسب الأحوال - أساس ذلك: نص المادة (76) من قانون المحاماة - وكالة محامي آخر جائزة بشرط أن يكون العمل الموكل فيه جائزاً بالنسبة للأصيل والوكيل - مؤدى ذلك: لا يجوز لمحامي بالإدارة القانونية توكيل زميل له في قضية خاصة تتعلق بالجهة التي يعملون بها - تطبيق.
(ب) تأمين - صناديق التأمين الخاصة - إنشاؤها - تمويلها - دور الدولة في تمويلها.
القانون رقم 54 لسنة 1975 بإصدار قانون صناديق التأمين الخاصة معدلاً بالقانون رقم 10 لسنة 1981 بإصدار قانون الإشراف والرقابة على التأمين في مصر.
صناديق التأمين الخاصة لا تسري عليها أحكام القانون رقم 32 لسنة 1964 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة - حدد المشرع موارد الصندوق - من هذه الموارد ما تساهم به الدولة أو الجهة التي يتبعها الصندوق - ليس ثمة إلزام على الدولة أو الجهة التي يتبعها الصندوق بهذا الإسهام - أساس ذلك: أن المشرع أجاز هذه المساهمة فإذا لم تقرر فلا يجوز إجبار الدولة أو الجهة التي يتبعها الصندوق على هذا الإسهام - مؤدى ذلك: سلامة قرار رفض طلب تسجيل صندوق لأن نظامه الأساسي نص على مساهمة إحدى شركات القطاع العام في تمويله - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 13 من أغسطس سنة 1986 أودع الأستاذان/ ...... و........ المحاميان بصفتهما وكيلين عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 3421 لسنة 32 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 24 من يونيه سنة 1986 في الدعوى رقم 1666 لسنة 39 القضائية القاضي بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وإلزام المدعيين المصروفات، وطلب الطاعنون للأسباب المبينة بعريضة الطعن، عدم قبول الطعن شكلاً، أولاً وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه إلى حين الفصل في موضوع الطعن واعتبار الصندوق قائماً ومستمراً منذ أول يناير سنة 1983 واستمرار قيام المطعون ضدها الثانية في تحصيل الاشتراكات من العاملين المؤسسين. وثانياً الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه الصادر من المطعون ضدها الأولى رقم 4393 في صورة خطاب مبلغ إلى المطعون ضدها الثانية بتاريخ 14/ 11/ 1984 والمقيد بسجلاتها برقم 16183 واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار منها اعتبار الصندوق ولائحته مسجلين ومشهرين بقوة القانون والحكم القضائي مع إلزام المطعون ضدها الأولى المصروفات. وبعد إعلان الطعن قانوناًَ أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مع إلزام الطاعنين بمصروفاته وإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى من رفض الدعوى والحكم بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الهيئة المطعون ضدها الأولى بالمصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 2 من مارس سنة 1987 وتداول نظره بالجلسات على النحو المبين تفصيلاً بالمحاضر حتى قررت بجلسة 15 من يونيه سنة 1987 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) وحددت لنظره جلسة 17 من أكتوبر سنة 1987. وبتلك الجلسة نظرته المحكمة على الوجه المبين بالمحضر وقررت إصدار الحكم بجلسة 7 من نوفمبر سنة 1987 مع التصريح بمذكرات خلال أسبوع وخلال الأجل المصرح به أودعت الهيئة المصرية للرقابة على التأمين (المطعون ضدها الأولى) مذكرة انتهت فيها إلى طلب الحكم أصلياً بانتهاء الخصومة في الطعن واحتياطياً برفض الطعن وإلزام الطاعنين المصروفات كما أودع الطاعنون مذكرة انتهت إلى التصميم على الطلبات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الثابت من صحيفة الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري أن الدعوى رفعت في 31/ 12/ 1984 من المدعيين من الأول إلى الحادي عشر بصفتهم أعضاء مجلس إدارة الصندوق كذلك بصفتهم ومعهم باقي المدعيين أعضاء مؤسسين بالصندوق وجميعهم من العاملين بالشركة المدعى عليها الثانية ويشغلون من الأول إلى الحادي عشر أعمالاً مختلفة بالشركة أما من الثاني عشر إلى الخامس عشر فهم محامون بالإدارة القانونية بالشركة. وقد وقع على صحيفة الدعوى السادة.... و..... و.... وهم في ذات الوقت المدعون من الثالث عشر إلى الخامس عشر باعتبارهم محامين عن أنفسهم وعن باقي المدعين ومنهم المدعي الثاني عشر الأستاذ..... وأربعة أعضاء في الإدارة القانونية بالشركة، ووكالتهم عن المدعين من الأول إلى الحادي عشر ثابتة بتوكيل رسمي رقم أ 7249 لسنة 1984 بتاريخ 19 نوفمبر 1984 صادر لثلاثة منهم والأستاذ.... مجتمعين ومنفردين. وقد اتخذ جميع المدعين الخمسة عشر في صحيفة الدعوى محلاً مختاراً لهم مقر الإدارة القانونية للشركة المدعى عليها الثانية، وحررت صحيفة الدعوى على الأوراق المطبوعة للشركة المدعى عليها الثانية. أما صحيفة الطعن فمودعة في 13/ 8/ 1986 باسم الأستاذين..... و...... عن جميع الطاعنين (وهم المدعون أمام القضاء الإداري) وهما من بينهم (رقم 12 و13) بتوكيل عام رقم 3139 لسنة 1984 مكتب توثيق محرم بك ورقم 419 أ لسنة 1985 مكتب توثيق محرم بك. ووقع صحيفة الطعن الأستاذ..... وحده الطاعن رقم 11 وسبق توقيعه على صحيفة الدعوى أمام القضاء الإداري وحررت صحيفة الطعن كذلك على الأوراق المطبوعة للإدارة العامة للشئون القانونية بالشركة المطعون عليها الثانية. وإذ تنص المادة 8 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 المعمول به اعتباراً من 1/ 4/ 1983 اليوم التالي لتاريخ نشره بالجريدة الرسمية في 31/ 3/ 1983 طبقاً للمادة السادسة من قانون الإصدار، معدلة بالقانون رقم 227 لسنة 1984 المعمول به 19/ 10/ 1984 اليوم التالي لتاريخ نشره طبقاً للمادة الخامسة من قانون الإصدار على أنه "مع عدم الإخلال بأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية لا يجوز لمحامي الإدارات القانونية للهيئات العامة وشركات القطاع العام والمؤسسات الصحفية أن يزاولوا أعمال المحاماة لغير الجهة التي يعملون بها وإلا كان العمل باطلاً. كما لا يجوز للمحامي في هذه الإدارات القانونية الحضور أمام المحاكم الجنائية إلا في الادعاء بالحق المدني في الدعاوى التي تكون الهيئة أو الشركة أو المؤسسة طرفاً فيها وكذلك الدعاوى التي ترفع على مديرها أو العاملين بها بسبب أعمال وظائفهم. ولا يسري هذا الحظر بالنسبة للقضايا الخاصة بهم وبأزواجهم وبأقاربهم حتى الدرجة الثالثة وذلك في غير القضايا المتعلقة بالجهات التي يعملون بها". وقد استحدث هذا التعديل الوارد في الفقرة الثالثة بالقانون رقم 227 لسنة 1984 هذا الاستثناء والقيد عليه. وبذلك يكون محظوراً على محامي الإدارات القانونية مزاولة المحاماة لغير الجهة التي يعملون بها وإلا كان العمل باطلاً، فيما عدا القضايا الخاصة بهم وبأزواجهم وبأقاربهم حتى الدرجة الثالثة. باستثناء القضايا المتعلقة بالجهات التي يعملون بها، فلا يجوز لهم ذلك رجوعاً إلى أصل الحظر. فلا يجوز لهم في القضايا الخاصة بالجهات التي يعملون بها مزاولة المحاماة عن أنفسهم أو أقاربهم ولو حتى الدرجة الثالثة. وإذ قررت هذه المادة بطلان أعمال المحاماة التي تتم مزاولتها خلافاً لهذا الحظر، فقد أوضحت المادة 76 من قانون المحاماة أثر هذا البطلان فنصت على أنه "لا يجوز للمحامي التوقيع على صحف الدعاوى والطعون وسائر أوراق المحضرين والعقود المقدمة للشهر العقاري والحضور والمرافعة بالمخالفة لأحكام ممارسة أعمال المحاماة المنصوص عليها في هذا القانون وإلا حكم بعدم القبول أو البطلان بحسب الأحوال وذلك مع عدم الإخلال بمسئولية المحامي طبقاً لأحكام هذا القانون ومسئوليته قبل من أضر به الإجراء المخالف" بذلك فإن البطلان المقرر في المادة 8 من القانون المذكور على مخالفة أحكامها بقيام محامي القطاع العام بمزاولة أعمال المحاماة لغير الجهة التي يعمل بها ومزاولة الأعمال المذكورة في قضية ولو خاصة به أو بأحد أقاربه حتى الدرجة الثالثة تتعلق بالجهة التي يعمل بها، يستوجب الحكم ببطلان العمل المزاول على وجه المخالفة أو بعدم القبول بحسب الأحوال. وإذ كان الثابت من صحيفة الطعن أن الطعن مودع باسم الأستاذين/ ........ و........ وموقع عليه من أولهما وهو الذي قام بإيداع الصحيفة كما هو ثابت من محضر الإيداع.
وبذلك فإن مزاولة المحاماة بالتوقيع على صحيفة الطعن وإيداعها سكرتارية المحكمة تكون قد تمت بالمخالفة لأحكام المادة 8/ 1 من قانون المحاماة ويسري في شأنها حكم البطلان المقرر في هذه المادة ثم الأثر المقرر في المادة 76 من القانون المذكور. ويترتب على ذلك بطلان التوقيع على صحيفة الطعن وإيداعها بالنسبة لهؤلاء الطاعنين. ولا يقدح في ذلك بالنسبة إلى الطاعنين من الثالث عشر إلى الخامس عشر ما تنص عليه المادة 78 من قانون المرافعات من جواز وكالة المحامي عن غيره من المحامين إن لم يكن ممنوعاً من الإنابة صراحة في التوكيل والمادة 56 من قانون المحاماة التي تقضي بأن للمحامي سواء كان خصماً أصلياً أو وكيلاً في الدعوى أن ينيب عنه في الحضور أو في المرافعات أو في غير ذلك من إجراءات التقاضي محامياً آخر تحت مسئوليته دون توكيل خاص ما لم يكن في التوكيل ما يمنع من ذلك. ذلك أن الوكالة تقتضي أن يكون العمل الموكل فيه جائز بالنسبة إلى كل من الأصيل والوكيل، فإذا كان توكيل المحامي غيره من المحامين ممنوعاً في سند التوكيل على ما أوضحه النص فيكون غير جائز. وإذا كان العمل الموكل فيه غير جائز بالنسبة لكل من الأصيل والوكيل باعتبار كل منهما محامياً بالقطاع العام يخضع لحكم المادة 8 من قانون المحاماة التي تحظر قيامه بأعمال المحاماة لغير الجهة التي يعمل بها وتحظر عليه القيام بها ولو في شأن نفسه أو أقاربه إلى الدرجة الثالثة في أمر يتعلق بالجهة التي يعمل بها فيكون الحظر سارياً في حق كل من الموكل والوكيل الخاضعين لحكم النص المذكور، وبذلك يكون توقيع الموقع على صحيفة الطعن عن الطاعنين الثالث عشر وما بعده باطلاً كذلك. وبذلك تكون صحيفة الطعن بالنسبة إلى الطاعنين من الأول إلى الحادي عشر ومن الثاني عشر إلى الخامس عشر غير موقعة من محام فتكون باطلة طبقاً للمادة 44/ 2 من قانون مجلس الدولة الصادر به القانون رقم 47 لسنة 1972 مما يستوجب الحكم ببطلانها بالنسبة إليهم. أما بالنسبة إلى الطاعن الثاني عشر والثالث عشر والطعن مودع باسمها وموقع عليه من أولهما وهو الذي قام بالإيداع وذلك في قضية لهم ضد الشركة التي يعملون بها وهي المطعون عليه الثاني فتكون صحيفة الطعن بالنسبة إليهما باطلة في مواجهة المطعون ضده الثاني ويتعين الحكم ببطلانها على هذا الوجه. أما طعنهما في قضية خاصة بهما في مواجهة المطعون ضده الأول فتكون مقبولة طبقاً للمادة 8/ 3 من قانون المحاماة معدلة بالقانون رقم 227 لسنة 1984 المشار إليه. وبذلك يتعين الحكم ببطلان صحيفة الطعن بالنسبة إلى الطاعنين من الأول إلى الحادي عشر والرابع عشر والخامس عشر وبالنسبة إلى الطاعنين الثاني عشر والثالث عشر في مواجهة المطعون ضده الثاني ما يستتبع الحكم بعدم قبول الطعن في حقهم. وبذلك يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة إلى الطاعنين من الأول إلى الحادي عشر والرابع عشر والخامس عشر وعدم قبوله من الطاعنين الثاني عشر والثالث عشر في مواجهة المطعون ضده الثاني وقبوله بالنسبة إليهما فقط في مواجهة المطعون ضد الأول.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، في أن الطاعنين بصفتهم جميعاً أعضاء مؤسسين لصندوق التأمين الخاص للعاملين بشركة مساهمة البحيرة وبصفتهم من الأول إلى الحادي عشر أعضاء مجلس الإدارة المؤقت للصندوق، أقاموا بتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1984 الدعوى رقم 1666 لسنة 39 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) طالبين الحكم أولاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر من الهيئة المصرية للرقابة على التأمين رقم 4393 في صورة خطاب مبلغ إلى شركة مساهمة البحيرة (المدعى عليها الثانية) بتاريخ 14/ 11/ 1984 مع ما يترتب على ذلك من آثار منها اعتبار الصندوق ولائحته التنفيذية مسجلين ومشهرين بقوة القانون والحكم القضائي وثانياً وفي الموضوع بإلغاء القرار المشار إليه واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار منها اعتبار الصندوق ولائحته التنفيذية مسجلين ومشهرين بقوة القانون والحكم القضائي مع إلزام الهيئة المصرية للرقابة على التأمين المصروفات. وقال المدعون شرحاً لدعواهم أن إرادة العاملين بشركة مساهمة البحيرة، وهم حوالي خمسة آلاف عامل، احتجت خلال سنة 1982 على إنشاء صندوق تأمين خاص بهم تحت مسمى صندوق التأمين الخاص للعاملين بشركة مساهمة البحيرة استناداً إلى أحكام القانون رقم 54 لسنة 1975 بشأن قواعد إنشاء صناديق التأمين الخاصة. وقاموا بوضع لائحة النظام الأساسي للصندوق وبإعداد دراسة للتوريد له تقدموا بها عن طريق مجلس إدارة اللجنة النقابية وممثليهم بمجلس إدارة شركة مساهمة البحيرة إلى مجلس إدارة الشركة حيث عرض عليه الأمر بجلسته المنعقدة بتاريخ 4/ 1/ 1983 ثم تم العرض على الجمعية العمومية للشركة بجلستها بتاريخ 6/ 1/ 1983 برئاسة نائب وزير التعمير واستصلاح الأراضي فأقرت الجمعية العمومية بإنشاء الصندوق وصدقت على لائحته ونظامه المالي الذي سبق أن أقره الخبير الاكتواري. وصدق السيد وزير التعمير واستصلاح الأراضي على قرار الجمعية العمومية الصادر في هذا الشأن. فتقدم المدعون، بصفتهم مؤسسين للصندوق وبعضهم أعضاء بمجلس إدارته المؤقت، بطلب تسجيل الصندوق ولائحته التنفيذية بعد استيفاء كافة المستندات اللازمة لذلك والمنصوص عليها بالمادتين 4 و5 من القانون رقم 54 لسنة 1975. وقاموا بمليء النموذج رقم (1) صناديق وسداد الرسوم المقررة ومصاريف النشر بالوقائع المصرية. وأرفقوا بذلك تقرير الخبير الاكتواري الذي ينتهي إلى سلامة المركز المالي للصندوق. ولكن الهيئة المصرية للرقابة على التأمين لم تقم بإجراء التسجيل والنشر وما طلت في ذلك. فلجأوا إلى السيد رئيس مجلس إدارة الشركة الذي قام بإرسال خطاب مؤرخ 9/ 10/ 1984 يطلب فيه سرعة تسجيل وشهر الصندوق ولائحته الأساسية ورغم ذلك لم تستجب الهيئة لهذا الطلب وأرسلت كتاباً برقم 4393 ورد إلى الشركة يوم 14/ 11/ 1984 وقيد بسجلاتها تحت رقم 16183 يفيد بأن الهيئة أرجأت تسجيل أي صناديق تأمين جديدة، بناء على ما أوصت به اللجنة العليا للسياسات والشئون الاقتصادية ولحين الانتهاء من الدراسات التي تعد في هذا الشأن. وقال المدعون أن خطاب الهيئة المشار إليه هو قرار بالامتناع عن تسجيل وشهر الصندوق ولائحته الأساسية رغم أن القانون يوجب على الهيئة إجراء ذلك وليس لتوجيه اللجنة العليا للسياسات أن تعطل أو تلغي أحكام القانون. ولا يغير من الأمر ما قررته الهيئة من أنها أرجأت التسجيل لهذا التغيير إن هو إلا حيلة لتغطية تقصد من ورائها الإيهام بأن ما صدر عنها ليس امتناعاً أو مصادرة لحق إنشاء الصناديق الخاصة الذي نص عليه القانون. وفضلاً عن ذلك فإن الإرجاء أو التأجيل لحق مقرر قانوناً هو قرار إداري معيب ينحدر إلى الانعدام. وتأسيساً على ذلك انتهى المدعون إلى الطلبات المشار إليها. وبجلسة 24 من يونيه سنة 1986 حكمت محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعين المصروفات. وأقامت المحكمة قضائها على أنه يبين من استعراض أحكام المواد 2 و5 و6 و11 من صناديق التأمين الخاصة الصادر بالقانون رقم 54 لسنة 1975 وأحكام المادتين 6 و7 من قانون الإشراف والرقابة على التأمين في مصر رقم 10 لسنة 1981 أن تسجيل صندوق التأمين الخاص يتطلب بحكم القانون استيفاء الشروط والأوضاع التي ينص عليها القانون. ولا تصدر الهيئة المصرية للرقابة على التأمين قرارها بقبول تسجيل الصندوق إلا إذا تأكدت أن موارد الصندوق تكفي للوفاء بالتزاماته. ولا يجوز بأية حال إجراء التسجيل أو الموافقة على تعديل نظام الصندوق إذا تبين أن الاشتراطات التي تتكون منها موارد الصندوق غير ملائمة أو أن الموارد لا تكفي للوفاء بالتزامات الصندوق، وذلك حماية لحقوق المستفيدين والغير ولضمان تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للنشاط التأميني. والهيئة المصرية للرقابة على التأمين وهي تباشر اختصاصها المقرر قانوناً في الرقابة والإشراف على وحدات سوق التأمين ومنها صناديق التأمين الخاصة تتمتع بسلطة تقديرية متسعة بالتقدير اللازم لمباشرة وظيفتها وهي سلطة تتأبى على الرقابة القضائية طالما كانت متفقة مع حكم القانون، ولم يشبها تعسف أو انحراف فتقدير ما إذا كانت الموارد المالية للصندوق محل الدعوى للوفاء بالتزاماته فيكون جديراً بالموافقة على تسجيله أو غير كافية فلا يصح تسجيله أمر يخضع لمحض تقدير الهيئة في ضوء ما يستبين لها من دراسة أوضاع الصندوق وموارده المالية المحددة له والأسس الفنية التي يقوم عليها. ومتى كان الثابت من الأوراق ومن تقرير الخبير الاكتواري أن من موارد الصندوق محل الدعوى مساهمة سنوية هي ما يعادل نصف في المائة من الحصيلة النقدية من مبيعات الشركة من مبيعات الورش الإنتاجية والخردة، ونصف في المائة من الحصيلة النقدية من مبيعات الأراضي وذلك بحد أدنى متوسط قدره خمسون ألف جنية، ومبالغ تأسيسية مختلفة يستطيع الصندوق الحصول عليها حتى تاريخ العمل بنظامه وتقدر بحوالي أربعمائة وأربعين جنيهاً، فمتى كان ذلك وكانت اللجنة العليا للسياسات المنبثة من مجلس الوزراء قررت بجلستها المنعقدة بتاريخ 27/ 4/ 1983 عدم تمويل صناديق التأمين الخاصة من المبالغ المخصصة لحوافز الإنتاج أو من الميزانية العامة للدولة فمقتضى هذا القرار ولازمه أن يمتنع على الشركة الإسهام في تمويل موارد الصندوق الخاص محل الدعوى، وبالتالي تنقص موارده التي يعتمد عليها في إنشائه، ويكون ما ارتأته الهيئة، بما لها من اختصاص وخبرة في مجال النشاط التأميني، من أن الأساس الفني الذي بني عليه الصندوق المزمع إنشاؤه من حيث تحديد موارده المالية لم يعد قائماً على أساس سليم، مسوغاً لإعمال سلطتها التقديرية في الامتناع عن تسجيل الصندوق. ولا يقدح في ذلك القول بأن اللجنة العليا للسياسات لا يجوز لها أن تعطل حكم القانون الذي يوجب تسجيل الصناديق الخاصة متى استوفت الشروط القانونية لأن اللجنة العليا للسياسات منبثقة من مجلس الوزراء المعتمد بحكم الدستور الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة الذي يتولى بحكم الدستور أيضاً الاشتراك مع رئيس الجمهورية في وضع السياسة العامة للدولة والإشراف على تنفيذها ومتابعة أعمال الوزارات والأجهزة التابعة لها. وعلى ذلك يكون قرار اللجنة العليا للسياسات قد صدر من السلطة الرئاسية لمختلف الجهات الإدارية ومنها الجهة التي يتبعها الصندوق فيتعين عليها أن تتقيد به بحيث يمتنع عليها الإسهام في موارد الصندوق. وينعكس أثر ذلك على سلطة الجهة التي تقوم بتسجيل الصندوق التي يتعين عليها إعمال حكم القرار عند النظر في تسجيل الصندوق باستبعاد مساهمة الجهة التي يتبعها الصندوق، فإذا كانت الهيئة قد قررت أن موارد الصندوق، بعد استبعاد إسهام الجهة التي يتبعها الصندوق، لم تعد تكفي للوفاء بالتزاماته فهذا التقدير مستخلصاً من أصول تنتجه مادياً وقانونياً، فيكون امتناعها عن تسجيل الصندوق صحيحاً لا محل للنعي عليه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أولاً: فساد الاستدلال إذ قد جانب الحكم المطعون فيه الصواب في استخلاص الوقائع. فقد أورد أن الهيئة المطعون ضدها الأولى قد تبينت أن موارد الصندوق المالية لا تغطي التزاماته مما كان أساساً لرفضها تسجيله، في حين أن أوراق الدعوى خلت مما يفيد ذلك. بل إن كتاب الهيئة موضوع الدعوى، يشير صراحة كما يوصي ضمناً بأن أوراق شهر الصندوق صحيحة ومطابقة للقانون. وأن تقدير الخبير الاكتواري تقدير جيد، وأنها انتهت إلى إرجاء تسجيل الصندوق بالرغم من صلاحيته للتسجيل تنفيذاً لتعليمات اللجنة العليا للسياسات. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استند فيما استخلصه إلى ما ورد بمذكرة الهيئة المطعون ضدها فما ورد بهذه المذكرة هو قول مرسل لا يسنده واقع أو أصل بالأوراق. ومن ناحية أخرى فالحكم المطعون فيه أسبغ على قرارات اللجنة العليا للسياسات قوة القانون، وأقام قضاءه على خلط بين الأعمال المادية التنفيذية والأعمال التشريعية فجعل من المادة 56 من الدستور سنداً لإسباغ سلطة التشريع للجنة العليا للسياسات ولمجلس الوزراء المنبثقة عنه مما يبيح لها أن توقف أو تجب القوانين الصادرة من السلطة التشريعية الأصلية. وثانياً: القصور في التسبيب ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أسباب قاصرة لا تستند إلى صحيح الواقع أو القانون فجعل من السلطة المخولة للهيئة المصرية للرقابة على التأمين في حدود القانون، سلطة مطلقة لا معقب عليها في قبول أو رفض طلب تسجيل الصناديق الخاصة الأمر الذي يتنافى مع القواعد القانونية والمبادئ القضائية. وفضلاً عن ذلك فما أورده الحكم المطعون فيه من التزام الهيئة بقرارات اللجنة العليا للسياسات يهدر مبدأً قانونياً مستقراً يتمثل في ضرورة مراعاة مدراج التشريعات، إذ لا يمكن أن يكون مؤدى هذا الالتزام تعطيل حكم ورد بقانون. ثالثاً: أن الحكم المطعون فيه تبنى كافة الأقوال المرسلة الواردة بمذكرة الهيئة دون أن يكون لهذه الأقوال سند من الواقع أو القانون. رابعاً: التفتت المحكمة عن صحيح التكييف القانوني للدعوى وعن صحيح الوقائع والمستندات إلى تكييف آخر ووقائع لم يشر إليها أي مستند. خامساً: أن الحكم المطعون فيه تضمن سرداً لوقائع غير ثابتة وأقام عليها أسباباً تسانده لقرارات الهيئة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن مجلس إدارة شركة مساهمة البحيرة وافق بجلسته بتاريخ 4/ 1/ 1983 على إنشاء صندوق تأمين للعاملين بالشركة وفق أحكام القانون رقم 54 لسنة 1975 بإصدار قانون صناديق التأمين الخاصة ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير الاقتصاد رقم 78 لسنة 1977 وعلى اعتماد النظام الأساسي للصندوق كما قرر المجلس بذات الجلسة تعديل فائض الميزانية العمومية للشركة في 30/ 6/ 1982 على ضوء قراره بإنشاء الصندوق. (مستند رقم 1 من حافظة مستندات الطاعنين المقدمة لمحكمة القضاء الإداري بجلسة 29/ 1/ 1985) وبجلسة 6/ 1/ 1983 قررت الجمعية العمومية للشركة الموافقة على مساهمة الشركة في صندوق التأمين الخاص بالعاملين حسب ما جاء بقرار مجلس الإدارة مع تجنيب مبلغ 200 ألف جنيه كل سنة ولمدة سنتين اعتباراً من ميزانية 81/ 82 من الفائض قبل حساب الضرائب كمساهمة من الشركة للصندوق الجاري تأسيسه طبقاً لأحكام القانون رقم 54 لسنة 1975 (مستند رقم 2 من الحافظة المشار إليها). وبتاريخ 6/ 1/ 1983 أعد خبير اكتواري، بناء على طلب الشركة، تقريراً عن مشروع الصندوق المزمع إنشاؤه (مستند رقم 4 من الحافظة المشار إليها) وتضمن التقرير تحت عنوان المزايا التأمينية أنه بناء على ما اقترحته الشركة من مزايا ومساعدات مالية وفي ضوء ما استقر عليه الرأي بعد الدراسة فيمكن تلخيص هذه المزايا على النحو التالي..... بند 8 ب: المساهمات السنوية: ثانياً: ما يعادل 0.5% من الحصيلة النقدية من مبيعات الشركة من مبيعات ومصنعات الورش الإنتاجية ومبيعات الخردة و0.5٪ من الحصيلة النقدية من مبيعات الأراضي بحد أدنى متوسط قدره خمسون ألف جنيه سنوياً على أن يقدم الصندوق ما يفيد إمكانية حصوله على هذه الموارد سنوياً مع تحديد السلطة الشرعية التي لها سلطة إصدار القرار بهذا التمويل سنوياً. ج - مبالغ تأسيسية مختلفة سوف يستطيع الصندوق الحصول عليها حتى تاريخ العمل بالصندوق أو على الأقل في 1/ 7/ 1983 وتقدر بحوالي أربعمائة وأربعين ألف جنيه وتوزع على النحو الآتي 1 - مساهمة من الشركة تدفع على قسطين قيمة كل قسط 200 ألف جنيه مساهمة لمقابلة أعباء المدة السابقة. 2 - حصة الصندوق من مبيعات ومصنعات الورش الإنتاجية 15000 جنيه. 3 - حصة الصندوق من بيع الأراضي الزراعية وتقدر بحوالي 25000 جنيه. وانتهى التقرير إلى سلامة المركز المالي للصندوق وكفاية الاشتراكات والأموال لمواجهة الالتزامات، وإلى بعض التوصيات بشأن تحديد الحد الأقصى لمعدل المصاريف الإدارية والعمل على إعادة التأمين واستثمار الأموال بما يحقق عائداً لا يقل عن 11%. وبتاريخ 18/ 7/ 1983 تقدم ممثل المؤسسين للصندوق بطلب تسجيله لدى الهيئة المصرية للرقابة على التأمين (مستند رقم 1 من حافظة مستندات الهيئة المقدمة بجلسة المرافعة أمام هذه المحكمة بتاريخ 4/ 5/ 1987) وبكتاب مؤرخ 30/ 8/ 1983 أفادت الهيئة الشركة بأنه بدراسة كل من التقرير الاكتواري والنظام الأساسي تبين أن موارد الصندوق مبلغ تساهم به الشركة. ولما كانت أحكام القانون رقم 54 لسنة 1975 تقضي بضرورة تحقق الهيئة باعتبارها جهاز الإشراف والرقابة على صناديق التأمين الخاصة من كفاية الموارد لتغطية المزايا والتحقق من ضمان تحصيل هذه الموارد. وطلبت الهيئة موافاتها بالقرارات الخاصة باعتماد الوزارة المختصة ومحضر اجتماع الجمعية العمومية للشركة بالموافقة تفصيلاً عن المساهمات المشار إليها واستمرارها أو موافقة العاملين على خصم اشتراك الصندوق من مرتباتهم. (المستند رقم 5 من حافظة مستندات الهيئة المشار إليها). وبكتاب مؤرخ 10/ 10/ 1983 رد رئيس مجلس إدارة الشركة (مستند رقم 5 من حافظة مستندات الطاعن المشار إليها) بأنه سبقت موافاة الهيئة بما تطلب من بيانات بكتابها المؤرخ 30/ 8/ 1983، وقد سبق للشركة أن أفادت الهيئة بذلك بكتابها المؤرخ 13/ 9/ 1983، إلا أن الشركة فوجئت بتأشيرة الهيئة بتاريخ 24/ 9/ 1983 على صورة الكتاب المشار إليه بما يفيد أن الهيئة لا توافق حالياً إلا على التمويل الذاتي للصناديق الخاصة دون أية مساهمة من الميزانية. وتضمن كتاب الشركة المشار إليه أنها قد حصلت على صورة من توجيهات سبق إرسالها إلى جهة قامت بتسجيل الصندوق الخاص بها. وقد ورد بتلك التوجيهات أن السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء قد وجه في اجتماع اللجنة العليا للسياسات والشئون الاقتصادية المنعقدة في 6/ 7/ 1983 عند نظر موضوع صناديق التأمين التكميلية إلى ما يلي: 1 - عدم المساس بصناديق التأمين التكميلية القائمة. 2 - عدم تمويل هذا النوع من الصناديق من المبالغ المخصصة لحوافز الإنتاج أو من موازنة الدولة. 3 - عدم إنشاء صناديق جديدة حتى تنتهي الدراسة التي تعدها وزارة التأمينات الاجتماعية حول إنشاء نظام تأميني تكميلي موحد. واستطرد كتاب الشركة بأن هذه التوجيهات لا تنطبق على صندوق التأمين الخاص بالعاملين بالشركة حيث إنه أنشئ في 1/ 1/ 1983 واعتمدت هذا الإنشاء الجمعية العمومية بتاريخ 6/ 1/ 1983 فضلاً عن أن الصندوق غير ممول من موازنة الدولة ولا من حوافز الإنتاج، وطلبت الشركة اتخاذ ما يلزم لتسجيل الصندوق. وتلقت الهيئة المطعون ضدها الأولى كتاب وزارة التأمينات المؤرخ 30/ 7/ 1983 الذي تضمن توجيهات رئيس مجلس الوزراء في شأن صناديق التأمين التكميلي بما يتفق مع ما أوردته الشركة في كتابها المشار إليه. وبكتاب مؤرخ 25/ 3/ 1984 موجه إلى السيد/ وزير الاقتصاد أفاد السيد/ وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية بأن موضوع صناديق التأمين التكميلية أثير باجتماع اللجنة العليا للسياسات والشئون الاقتصادية بتاريخ 7/ 3/ 1984 فأوصت بما يلي: بالنسبة للصناديق الجديدة عدم السماح للجهات بإنشاء صناديق تأمين تكميلية جديدة إلا بشرط أن تمول ذاتياً من موارد العاملين أنفسهم وحظر تمويلها ولو جزئياً من موارد الدولة بكل أنواعها وبشرط موافقة كل من وزارة المالية ووزارة التأمينات على إنشاء هذه الصناديق. وبالنسبة للصناديق القائمة تؤكد اللجنة توصيتها السابقة في هذا الشأن من أن تقوم وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بالتنسيق مع وزارة التأمينات بإعداد الدراسة المطلوبة لأوضاع هذه الصناديق (مستند رقم 2 من حافظة مستندات الهيئة المقدمة بجلسة المرافعة أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 19/ 3/ 1985). وبكتاب مؤرخ 14/ 4/ 1984 أفاد السيد وزير الاقتصاد رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية للرقابة على التأمين بأن اللجنة العليا للسياسات والشئون الاقتصادية أوصت بجلسة 11/ 4/ 1984 بعدم تسجيل أي صناديق تأمين تكميلية جديدة في ظل القوانين القائمة سواء كان تمويلها ذاتياً أو عاماً وينطبق هذا الحظر بالنسبة لطلبات التسجيل التي قدمت وبدئ في بحثها ولم يصدر قرار التسجيل من الهيئة المصرية للرقابة على التأمين وذلك نظراً لأن قانون التأمين والمعاشات الجديد قد حل هذه الصناديق التكميلية. (مستند رقم 1 من حافظة مستندات الهيئة المشار إليها). ورداً على كتاب الشركة بتاريخ 9/ 10/ 1984 بطلب استكمال إجراءات تسجيل الصندوق أفادت الهيئة بتاريخ 21/ 10/ 1984 بأنها أرجأت تسجيل أية صناديق تأمين جديدة وذلك بناء على ما أوصت به اللجنة العليا للسياسات والشئون الاقتصادية ولحين الانتهاء من الدراسة التي تعد في هذا الشأن. (مستند رقم 7 من حافظة مستندات الطاعنين المقدمة بجلسة المرافعة أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 29/ 1/ 1985). وبتاريخ 3/ 2/ 1985 طلبت الشركة إحالة المنازعة بينها وبين الهيئة المصرية للرقابة على التأمين إلى إحدى هيئات التحكيم وبكتاب مؤرخ 29/ 6/ 1986 أفاد السيد وكيل وزارة الاقتصاد الهيئة المصرية للرقابة على التأمين بالتوصيات التي وافقت عليها اللجنة العليا للسياسات بجلسة 24/ 5/ 1986 ومؤداها اعتماد صناديق التأمين التكميلية التي تعتمد على التمويل الذاتي من الأعضاء دون أية مساهمة من ميزانية الجهة التي تنشأ بها وعدم قيام تلك الجهة بسداد أي عجز قد يطرأ في أموال الصندوق (مستند رقم 3 بحافظة مستندات الجهة المقدمة بجلسة 4/ 5/ 1987). وبتاريخ 5/ 8/ 1986 تقدم ممثل المؤسسين بطلب آخر لتسجيل الصندوق، كما أعدت الدراسة الاكتوارية عن موارد الصندوق والتزاماته بتاريخ 10/ 8/ 1986 وانتهت الدراسة إلى سلامة المركز المالي للصندوق (المستندان رقما 1، 6 من حافظة مستندات الجهة المقدمة بجلسة المرافعة أمام هذه المحكمة بتاريخ 4/ 5/ 1987)، كما أعد نظام أساسي جديد للصندوق على أساس أن يكون تمويل الصندوق ذاتياً (المستند رقم 3 من حافظة مستندات الطاعنين المشار إليها) وبتاريخ 25/ 12/ 1986 أصدرت الهيئة القرار رقم 184 لسنة 1986 بتسجيل الصندوق (مستند رقم 4 من حافظة مستندات الهيئة المقدمة بجلسة 4/ 5/ 1987).
ومن حيث إن القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي نص على أن تسري أحكامه على العاملين المدنيين بالجهاز الإداري للدولة والهيئات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها وغيرها من الوحدات الاقتصادية بالقطاع العام كما تسري أحكامه على فئات أخرى، كل ذلك على النحو المنصوص عليه في المادة (2) من قانون التأمين الاجتماعي. كما نص القانون رقم 54 لسنة 1975 بإصدار قانون صناديق التأمين الخاصة في المادة (1) من مواد الإصدار على أن يعمل بأحكام القانون المرافق في شأن الصناديق التي تبلغ قيمة اشتراكها ألف جنيه سنوياً وأكثر وعلى عدم سريان أحكام القانون رقم 32 لسنة 1964 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة على الصناديق الخاضعة لأحكام قانون صناديق التأمين الخاصة. وبذلك تخضع صناديق التأمين الخاصة لأحكام القانون رقم 54 لسنة 1975 المشار إليه وحده دون القانون رقم 32 لسنة 1964 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة. وإذ نص هذا القانون معدلاً بالقانون رقم 10 لسنة 1981 بإصدار قانون الإشراف والرقابة على التأمين في مصر على تحديد أغراض هذه الصناديق وأناط بالجهة الإدارية، بعد أخذ رأي مجلس إدارة الهيئة المصرية للرقابة على التأمين، تحديد الشروط الواجب توافرها في النظم الأساسية للصناديق الخاصة (م 2 من القانون) كما نعى في المادة (3) على أنه "يجب أن تسجل صناديق التأمين الخاصة بمجرد إنشائها وفقاً للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون. وتكتسب تلك الصناديق الشخصية القانونية بمجرد تسجيلها. ولا يجوز للصناديق أن تمارس نشاطها قبل التسجيل". كما تنص المادة (6) على أن "يصدر رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية للرقابة على التأمين قراراً بقبول طلب تسجيل الصندوق". وترخص المادة (5) لرئيس مجلس إدارة الهيئة قبل البت في طلب التسجيل أو التعديل أن يطلب فحص الشروط العامة للعمليات التي يتولى الصندوق مباشرتها والأسس الفنية التي يقوم عليها بواسطة أحد الخبراء الاكتواريين، وفي هذه الحالة لا يجوز إجراء التسجيل أو الموافقة على التعديل إلا إذا قرر الخبير أن الاشتراكات والشروط الأخرى ملائمة وأن موارد الصندوق تكفي للوفاء بالتزاماته.
ومن حيث إنه في خصوصية المنازعة الماثلة، فالثابت أن الخبير الاكتواري قدم تقريراً مؤرخاً 10/ 1/ 1983 بشأن الطلب المقدم من الطاعنين لتسجيل صندوق التأمين الخاص المنشأ بشركة مساهمة البحيرة وهي إحدى شركات القطاع العام، وأورد بالتقرير تحت عنوان المزايا التأمينية أنه يمكن تلخيص هذه المزايا على النحو التالي "بند 8 ب: المساهمات السنوية...... ثانياً: ما يعادل 0.5% من الحصيلة النقدية من مبيعات الشركة من مبيعات ومصنعات الورش الإنتاجية ومبيعات الخردة و0.5% من الحصيلة النقدية من مبيعات الأراضي بحد أدنى متوسط قدره خمسون ألف جنية سنوياً على أن يقدم الصندوق ما يفيد إمكانية الصندوق الحصول على هذه الموارد سنوياً مع تحديد السلطة الشرعية التي لها سلطة القرار بهذا التمويل سنوياً. فضلاًَ عن المبالغ التأسيسية التي تتحمل الشركة منها 400 ألف جنيه تدفع على قسطين. ولا يبين من الأوراق أن المؤسسين قد قدموا عند طلبهم تسجيل الصندوق ما يفيد تدارك الملاحظة التي أوردها الخبير الاكتواري بتقريره والخاصة بمساهمة الشركة في موارد الصندوق وفي مصروفاته التأسيسية. فإذا كانت الهيئة قد طلبت بكتابها المؤرخ 30/ 8/ 1983 موافاتها بالقرارات الخاصة باعتماد الوزارة المختصة ومحضر اجتماع الجمعية العمومية للشركة بالموافقة تفصيلاً على المساهمات المشار إليها واستمرارها وكذلك موافقة العاملين على خصم اشتراك الصندوق من مرتباتهم، استناداً إلى اختصاصها في التحقق من كفاية الموارد لتغطية المزايا والتحقق من ضمان تحصيل هذه الموارد، وكان الثابت أن اللجنة العليا للسياسات، وهي إحدى لجان مجلس الوزراء المنوط بها إجراء الدراسات وإعداد التوصيات في المجال المحدد لها وتعرض توصياتها على مجلس الوزراء بالاجتماع التالي له لإقرارها، قد أوصت بجلستيها المنعقدتين بتاريخ 6/ 7/ 1983 و7/ 3/ 1984 بعدم تمويل صناديق التأمين الخاصة من موارد الدولة بكل أنواعها، فلا تثريب على الهيئة إن هي امتنعت عن تسجيل الصناديق التي تقوم على شيء من ذلك بحسبان أن مورد المساهمة من موارد الدولة أصبح من هذا التاريخ غير مسموح به مما يقتضي بالتالي لإمكان إصدار القرار بقبول طلب التسجيل ألا يكون النظام الأساسي للصندوق معتمداً في موارده على إسهام من موارد الدولة. وليس فيما أصدرت اللجنة العليا للسياسات في هذا الشأن ما يتعارض مع حكم في القانون. وأنه ولئن كانت المادة (11) من قانون صناديق التأمين الخاصة تنص على أن تتكون موارد الصندوق المالية من ".... 2 - ما تساهم به الدولة أو الجهة التي يتبعها الصندوق... إلا أنه ليس ثمة إلزام على الدولة أو الجهة التي يتبعها الصندوق بهذا الإسهام. فكل ما في الأمر أن هذه المساهمة جائزة قانوناً أن قررتها الجهة المختصة، وبحيث يعتبر ما تساهم به من موارد الصندوق. أما إذا لم تقرر المساهمة فلا إلزام قانوناً عليها بالمساهمة ولا يمكن إجبارها عليها. وهذا الإسهام إنما يكون وفقاً للسياسة العامة للدولة ولا يصح بذاته سنداً لأن تقرر شركة القطاع العام، ما أنشئ من مساهمة، هي في مردها الأخير، مساهمة من موارد الدولة دون النزاع بما يصدر من توجيهات في هذا الشأن إذ أن فائض الأموال بعد النفقات يرد إلى الدولة باعتبارها صاحبة رأس المال ولا تملك الشركة التصرف في هذا الفائض وتحميله التزامات لا يقضي بها القانون لما في ذلك من مساس بحق الجهات المختصة في الدولة في التصرف في ملك الدولة - وإذ كان رفض طلب التسجيل المقدم من الطاعنين كان متعيناً صدوره باعتبار أن النظام الأساسي للصندوق المطلوب تسجيله كان ينطوي على مساهمة إحدى شركات القطاع العام في موارده ولم يتدارك مؤسسو الصندوق ذلك حتى صدر قرار الهيئة المشار إليها فيكون هذا الرفض قائماً على أساس سليم من القانون. وإذ تقدموا بعد ذلك بطلبهم الآخر المؤرخ 8/ 8/ 1986 الذي أرفق به النظام الأساسي الجديد. وقد خلا من مساهمة في موارد الصندوق، فأصدر رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية للرقابة على التأمين القرار رقم 184 لسنة 1986 بتاريخ 25/ 12/ 1986 بقبول التسجيل فكان هذا التسجيل مطابقاً للقانون وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى سلامة قرار رفض تسجيل الصندوق على الوجه الذي قدم به أولاً على أساس مساهمة الشركة فيكون حكمه برفض الدعوى قد أصاب وجه الحق والقانون في قضائه ويكون الطعن عليه متعين الرفض.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها إعمالاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن بالنسبة إلى الطاعنين من الأول إلى الحادي عشر والرابع عشر والخامس عشر وعدم قبوله بالنسبة للطاعنين الثاني عشر والثالث عشر في مواجهة المطعون ضده الثاني وقبوله بالنسبة إليهما في مواجهة المطعون ضده الأول وفي الموضوع برفض الطعن وإلزام الطاعنين بالمصروفات.