مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 192

(26)
جلسة 14 من نوفمبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عزيز بشاي سيدهم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة د. محمد جودت الملط ومحمد معروف محمد وأحمد شمس الدين خفاجي وفريد نزيه تناغو المستشارين.

الطعن رقم 1722 لسنة 28 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - الواجبات الوظيفية والمخالفات التأديبية - الأعمال المحظورة عليهم - العمل التجاري.
المادة (77) من القانون رقم 47 لسنة 1978.
حظر المشرع على العامل الاشتراك في تأسيس الشركات - اصطلاح الشركات في تفسير قانون العاملين المدنيين بالدولة ينصرف إلى شركات الأموال وهي شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة - لا ينصرف هذا الاصطلاح لشركات التوصية البسيطة - أساس ذلك: أن شركات التوصية البسيطة لا تؤسس طبقاً لإجراءات تأسيس الشركات الواردة بقانون الشركات - ينبغي التفرقة بين الشريك المتضامن والشريك الموصي فالأول يكتسب صفة التاجر باشتراكه في الشركة أما الشريك الموصي فلا يكتسب صفة التاجر - أثر ذلك: جواز اشتراك الموظف كشريك موصي في شركة توصية بسيطة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 29/ 8/ 1982 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن مدير النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن برقم 1722/ 28 ق ضد........ في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بجلسة 3/ 7/ 1982 في الدعوى رقم 11/ 24 ق المقامة من النيابة الإدارية ضد المطعون ضده والقاضي ببراءة المتهم مما هو منسوب إليه وطلبت الهيئة الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بمجازاة المطعون ضده طبقاً لمواد الاتهام الواردة بتقرير الاتهام وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 23/ 4/ 1986 وبجلسة 28/ 5/ 1986 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) التي تداولته بالجلسات على النحو الثابت في المحضر وبعد أن استمعت المحكمة ما رأت سماعه من الإيضاحات قررت إرجاء إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وقد صدر الحكم بجلسة اليوم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية، ومن ثم يكون مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أن النيابة الإدارية أودعت في 20/ 3/ 1982 قلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا تقرير اتهام ضد/ ....... مدير عام بهيئة البريد تتهمه فيه أنه في الفترة من 1/ 1/ 1976 إلى 8/ 12/ 1981 خالف القواعد والأحكام المنصوص عليها في القوانين واللوائح بأن دخل شريكاً موصياً في شركة توصية بسيطة حال كونه موظفاً عاماً محظوراً عليه ذلك قانوناً، وبذلك يكون قد ارتكب المخالفة المنصوص عليها في المواد 53/ 11، 55/ 1 من القانون رقم 58 لسنة 1971 والمادة 76/ 3، 77/ 14، 78/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1978 وطلبت النيابة الإدارية محاكمته وفقاً للمواد السابقة، وذكرت النيابة الإدارية في مذكرتها المرفقة مع تقرير الاتهام أن هيئة البريد أبلغت النيابة الإدارية أن المطعون ضده مدير عام الإحصاء والتخطيط بهيئة البريد قد اشترك في تأسيس شركة توصية بسيطة وأصبح شريكاً موصياً مخالفاً بذلك حكم الفقرة (و) من المادة 77 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 التي حظرت على العامل أن يشترك في تأسيس الشركات أو يقبل عضوية مجالس إدارتها أو أي عمل فيها إلا إذا كان مندوباً عن الحكومة أو الهيئات العامة أو وحدات الحكم المحلي أو شركات القطاع العام. وقد وردت هذه المعلومات إلى الهيئة بكتاب لجنة التيسيرات الاستيرادية بقطاع التجارة الخارجية المؤرخ 7/ 4/ 1981 متضمناً أنه صدرت البطاقة الاستيرادية رقم 9771 في 30/ 11/ 1980 باسم.....، المركز العربي الأوربي للخدمات التجارية، شركة توصية بسيطة وقد تبين من المستندات أنه يعمل بهيئة البريد. وقد أفتت إدارة الفتوى المختصة بعدم جواز قيام المذكور بالدخول شريكاً موصياً في شركة توصية بسيطة لمخالفة ذلك القانون رقم 47 لسنة 1978 ولم يقم المطعون ضده بإخطار الإدارة قط بإنهاء وصفه كشريك موصي في الشركة المذكورة.
ولذلك أحيل الموضوع إلى النيابة الإدارية التي قامت بتحقيق الواقعة وإحالة المطعون ضده إلى المحكمة التأديبية، وقد دافع المطعون ضده عن نفسه بأن الشريك الموصي هو صاحب مال فقط وأن مسئوليته محدودة بحصته ولا يجوز له أن يشترك في إدارة الشركة ولا أن يؤدي أي عمل فيها والشريك الموصي لا يعتبر تاجراً ولا يكتسب هذه الصفة لمجرد انضمامه أو اشتراكه في شركة توصية بسيطة وأن مساهمته في الشركة هي من قبيل توظيف الأموال فقط.
وبجلسة 3/ 7/ 1982 قضت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا ببراءة المتهم من الاتهام المنسوب إليه وأقامت هذا القضاء على أساس أن المادة (77) تحظر على العامل مزاولة أي عمل تجاري كما تحظر عليه الاشتراك في تأسيس الشركات أو قبول عضوية مجلس إدارتها أو أي عمل فيها إلا إذا كان مندوباً عن الحكومة أو الهيئات العامة أو وحدات الحكم المحلي أو شركات القطاع العام، والتاجر في مفهوم القانون التجاري هو كل من اشتغل بالمعاملات التجارية واتخذها حرفة معتادة له وليس من قبيل العمليات التجارية، اشتراك الشخص بدفع حصص نقدية في شركة توصية بسيطة وتتحدد مسئولية الشريك الموصي بحصته النقدية المدفوعة والشريك الموصي لا يعتبر تاجراً وتعتبر مساهمته من قبيل الأعمال المدنية والحظر المنصوص عليه في البند (14).. من المادة (77) من القانون رقم 47 لسنة 1978. وهو حظر تأسيس الشركات التي تتكون عن طريق إتمام إجراءات التأسيس، وقد سبق للمحكمة الإدارية العليا الحكم بأن اشتراك الموظف العام في شركة توصية بسيطة كشريك موصي لا يعتبر اشتراكاً في تأسيس الشركات المحظور عليه وأنه لا يعدو أن يكون توظيفاً لأمواله ولم توجه النيابة إلى المطعون ضده الاشتراك في نشاط الشركة ولم يثبت من الأوراق ممارسته لها وكل ما وجه إليه من اتهام هو دخوله شريكاً موصياً في الشركة واشتراكه في تأسيسها وهو لا يعتبر مخالفة تأديبية، وبالتالي يكون الاتهام غير قائم على أساس سليم من القانون ويكون المطعون ضده مستحقاً الحكم ببراءته من الاتهام المنسوب إليه ويقوم الطعن على أساس أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أن القانون رقم 47 لسنة 1978 في المادة 77/ 14 (و) قد حظر على الموظف الاشتراك في تأسيس الشركات أو قبول عضوية مجلس إدارتها أو أي عمل فيها ولم يستثن شركات التوصية البسيطة، ولم يشترط القانون أن يكون المؤسس تاجراً.
كما أن الحكم المطعون عليه قد جاءت حيثياته مجهولة لا تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها.
ومن حيث إن القانون رقم 47 لسنة 1978 ينص في المادة 77 على أنه يحظر على العامل بالذات أو بالواسطة (هـ) أن يزاول أي أعمال تجارية وبوجه خاص أن يكون له أي مصلحة في أعمال أو مقاولات أو مناقصات تتصل بأعمال وظيفته. (و) أن يشترك في تأسيس الشركات أو يقبل عضوية مجالس إدارتها أو أي عمل فيها إلا إذا كان مندوباً من الحكومة أو الهيئات العامة أو وحدات الحكم المحلي أو شركات القطاع العام.
وحظر الاشتراك في تأسيس الشركات واصطلاح الشركات في تفسير القانون ينصرف إلى شركات الأموال التي يجرى تأسيسها وهي شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة ولا ينصرف هذا الاصطلاح إلى شركات التوصية البسيطة لأن هذه الشركات (التوصية البسيطة) لا تؤسس طبقاً لإجراءات تأسيس الشركات المنصوص عليها في قانون الشركات رقم 26 لسنة 54 والقانون رقم 159 لسنة 1981 وقد خلا القانون التجاري من النص على إجراءات تأسيس شركات التضامن وشركات التوصية البسيطة ولم يرد به عن هذه الشركات اصطلاح المؤسسين ويطلق على الشركاء في هذه الشركات الأخيرة لفظ (الشركاء) ويعتبر الشريك المتضامن في هذه الشركات من التجار ويسأل في جميع أمواله أما الشريك الموصي فلا تتوافر في حقه صفة التاجر، ويعتبر اشتراك الموظف العام كشريك موصي في شركات التوصية البسيطة أمر جائز طالما لا يتعارض مع واجبات الوظيفة وطبيعتها ولا يشكل مخالفة مسلكية موجبة للمؤاخذة التأديبية لأن هذا العمل لا يعتبر قط من الأعمال التجارية وهو ليس أكثر من صورة من صور توظيف الأموال المسلم بصحته قانوناً وهو عمل مشروع للعاملين في الدولة وغيرهم على حد سواء ولا يكسب الموظف صفة التاجر بأي حال ما دام لم يقترن بنشاط آخر يضفي على هذا العمل الصفة التجارية طبقاً لأحكام القانون التجاري.
وعلى ذلك يكون اشتراك الموظف في شركة توصية بسيطة كشريك موصي من الأعمال غير التجارية ومن ثم لا ينصرف إليه الحظر المنصوص عليه في الفقرة (هـ) من المادة 77/ 14 من القانون رقم 47 لسنة 1978 الخاص بحظر مزاولة أعمال التجارة، كما لا يعتبر اشتراكاً محظوراً في تأسيس الشركات لأن التأسيس طبقاً للقانون رقم 26 لسنة 1954.. والقانون رقم 159 لسنة 1981 ينصرف فقط إلى تأسيس شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة ولا يعتبر تكوين شركات التوصية البسيطة من أعمال تأسيس الشركات المحظورة طبقاً للفقرة (و) من المادة 77/ 14 من القانون رقم 47 لسنة 1978، وعمل الشريك الموصي في شركات التوصية البسيطة هو لون من ألوان توظيف الأموال وهو عمل مشروع للعاملين في خدمة الدولة وغيرهم ومتى كان الثابت أن المطعون ضده شريك موصي في شركة توصية بسيطة قائمة لا يعتبر تاجراً بسبب اشتراكه في الشركة المذكورة في صورة شريك موصي، كما لا يعتبر المطعون ضده قد اشترك بهذا العمل في تأسيس إحدى الشركات التي ترد عليها إجراءات التأسيس وهي شركات المساهمة والتوصية بالأسهم والمسئولية المحدودة ومن شركات الأشخاص وهي شركات التضامن والتوصية البسيطة، وعلى ذلك يكون اشتراك المطعون ضده في شركة توصية بسيطة من الأعمال غير المحظورة عليه بصفته موظفاً عاماً يخضع لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1978 ومن ثم يكون اتهامه بمخالفة القانون لأنه دخل شريكاً موصياً في شركة توصية بسيطة حال كونه موظفاً عاماً في غير محله وعلى غير أساس سليم من القانون ويكون من المتعين الحكم ببراءته ما هو منسوب إليه، وإذ قضى الحكم المطعون فيه ببراءته مما هو منسوب إليه فإنه يكون قد جاء مطابقاً لأحكام القانون ويكون الطعن فيه في غير محله وعلى غير أساس سليم من القانون ويتعين لذلك الحكم لذلك الحكم برفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه برفضه.