مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 231

(33)
جلسة 21 من نوفمبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عزيز بشاي سيدهم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير ومحمد معروف محمد وأحمد شمس الدين خفاجي وفريد نزيه تناغو المستشارين.

الطعن رقم 1645 لسنة 32 القضائية

جامعات - أعضاء هيئة التدريس بها - تأديب - (تعديل الاتهام).
إذا تعرض مجلس التأديب لوقائع لم تنسب للمحال في تقرير الاتهام ولم يحقق دفاعه فيها ولم يسمع أقواله بشأنها فإنه يكون قد أخل بضمانات المحاكمة المقررة لأستاذ الجامعة مما يستوجب إلغاء القرار الصادر بعقابه عن تلك الوقائع الجديدة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 9/ 4/ 1986 أودع الوكيل عن الدكتور....... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد في سجلات المحكمة برقم 1645/ 32 ق ضد رئيس جامعة القاهرة في الحكم الصادر من مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة بجلسة 21/ 5/ 1985 والقاضي بتوقيع عقوبة اللوم ضد الطاعن مع تأخير العلاوة المستحقة له لمدة سنة. والذي طعن فيه الطاعن أمام المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بالطعن رقم 28 لسنة 19 ق في 18/ 7/ 1985 وقد قضى في الطعن بجلسة 26/ 2/ 1986 بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطعن وأبقت الفصل في المصروفات. وقد أعقب ذلك إحالة الطعن الماثل في 9/ 4/ 1986. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه. وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده في 7/ 5/ 1986. وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 11/ 3/ 1987 وقررت الدائرة بجلسة 22/ 4/ 1987 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لتنظره بجلسة 23/ 5/ 1987. وبعد تداوله بالجلسات وسماع ما رأت المحكمة سماعه من الإيضاحات قررت إرجاء إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم. وقد صدر الحكم بجلسة اليوم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الطعن رقم 28/ 19 ق أمام المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا في 18/ 7/ 1985 بطلب الحكم بإلغاء القرار الصادر من مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة بجلسة 21/ 5/ 1985 بتوقيع عقوبة اللوم مع تأخير العلاوة المستحقة للطاعن لمدة سنة. وأقام الطعن على أساس أنه أستاذ ورئيس قسم الآثار الإسلامية بكلية الآثار بجامعة القاهرة ومنوط به تدريس مادة الآثار والحضارة الإسلامية. وفي 22/ 9/ 1983 وبعد اعتماد توزيع المناهج على الأساتذة أعضاء هيئة التدريس اعتذر الدكتور........ عن تدريس مادة تاريخ مصر الإسلامية 83/ 1984. وقد قرر مجلس قسم الآثار الإسلامية إسناد تدريس مادة تاريخ مصر الإسلامية إلى الطاعن نفسه. وإذ كان الأمر مباغتاً للطاعن فقد تمكن من إعداد عدد من فصول هذه المحاضرات أما باقي الفصول موضوع الاتهام فقد رأى استئذان الدكتور........ في نقل بعض فصول كتاب الحضارة الإسلامية حرفياً بعنوان كل فصل واسم كل مؤلف. وإذ أذن له الدكتور........... في ذلك فقد دفع إلى الطبع على الماكينة بالمؤلف المنقول عنه كما هو طلب من صاحب المكتبة نقل المؤلف حرفياً بعنوانه واسم مؤلفه دون تغيير. وقد فات الطاعن نظراً لمسئولياته الجسام كرئيس للقسم ولظروف عائلية محزنة وهي مرض ابنته ووفاتها - فات عليه أن يتحقق من قيام كتاب الماكينة بإثبات الفصول بعناوينها وهي ومؤلفها حسبما طلب. وقد أراد العميد أن ينال من الطاعن وأن يشهر به. وطلب منه العميد إيضاح بيان تلك الواقعة ثم سافر دون انتظار من الطاعن. وقام العميد بعد ذلك بإعداد مذكرة عن تلك المحاضرات دون سماع لأقوال الطاعن ورفعها إلى رئيس جامعة القاهرة وأجرى تحقيق مع الطاعن ثم صدر قرار مجلس التأديب المطعون فيه. أوقع مجلس التأديب في الخطأ إذ بينما انتهى المجلس إلى تبرئة الطاعن من السرقة الأدبية فقد عاد وحكم عليه بعقوبة اللوم على أساس وقوع السرقة الأدبية منه. وينعى الطاعن على قرار مجلس التأديب مخالفة القانون - ذلك أن التهمة المنسوبة إلى الطاعن وهي تهمة السرقة الأدبية مكونة من أفعال مباحة، وقد أكد بمعنى التأديب أنه استقر في ضمير أعضاء المجلس أن الدكتور........ لم يتعمد النقل عن مؤلفين دون أن ينكر أسماؤهم فالركن المادي لهذه الجريمة منتفي تماماً ومنعدم. فالشيء المعنوي لا يوجد إلا إذا كان شائعاً بين الناس منسوباً إلى صاحبه يكون إضافة إلى العلم والفن فلا ينسب الشيء إلا منسوباً إلى صاحبه. أما المقالات المستعان بها من الطاعن فهي مجرد سرد مبسط لأحداث تاريخية مشهورة وردت في جميع الكتب المبسطة المماثلة بنفس الترتيب ولا تكون إضافة إلى نظرية العلم، وهي حق لأصحابها، ولكن هنا عرف بالنسبة للمذكرات الجامعية التي لا تطبع بحروف المطبعة ولا أرقام إيداع خاصة بها في دار الكتب المصرية فهي مجرد محاضرات مبسطة بلا تعمق، وبلا إشارة إلى المراجع. وقد وقعت المكتبة في خطأ وأكد مجلس التأديب أنه استقر في ضمير أعضائه أن الطاعن لم يتعمد النقل عن مؤلفين دون أن ينكر أسمائهم. وطبقاً للعرف فإنه غير ملزم بكتابة أسماء المراجع لأن هذه الكتابة لا تكون لازمة إلا لما يكون إضافة للنظريات التاريخية. كما ينعدم الركن المعنوي للتهمة المنسوبة إلى الطاعن أيضاً. إذ أكد القرار المطعون فيه أن الطاعن لم يعتمد النقل من مؤلفين دون أن يذكر أسماءهم. إلا أن القرار وقع في خطأ عندما قرر أن الطاعن ارتكب خطأ جسيماً بعدم مراجعته مسودة المذكرات بنفسه واعتمد في ذلك على آخرين.
ويبين من الاطلاع على القرار المطعون فيه أنه صدر من مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة بجلسة 21/ 5/ 1985 ويقضي بمجازاة الطاعن الدكتور/ ....... الأستاذ بكلية الآثار جامعة القاهرة بعقوبة اللوم مع تأخير العلاوة المستحقة لمدة سنة واحدة. وكان الاتهام المنسوب إلى الطاعن أن نقل عن مؤلفين دون الإشارة إليهم ما يعد أمراً ماساً بالأمانة العلمية بعضو هيئة التدريس. وأورد القرار أن عميد كلية الآثار أبلغ رئيس الجامعة أن العضو المحال في كتابه المطعون "محاضرات في تاريخ مصر الإسلامية ومحاضرات في تاريخ الأيوبيين" قد نقل حرفياً الفصول السابع والثامن والتاسع والعاشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر والسابع عشر من المجلد الثاني من كتاب تاريخ الحضارة المصرية للسادة الأساتذة الدكتور/ ...... والدكتور/ ...... والدكتور/ ....... ولم ينكر الطاعن تطابق ما ورد في مؤلفه وما هو وارد في المؤلف الجماعي. وقد برر الطاعن ذلك بأن مؤلفه ليس عملاً علمياً منشوراً للكافة، ولكنه فقط مجموعة محاضرات ألقاها على طلبة الليسانس بكلية الآثار وأوضح شفاهة للطلبة مصادر المحاضرات ونسبها إلى مؤلفيها. وأضاف أنه استأذن الدكتور....... في نقل مقالته ولم يستأذن الباقين لوفاتهم. وأكد القرار أن الطاعن قد ذكر أنه أعطى المقالات المنقولة إلى الناشر دون حذف أسماء مؤلفيها وأن الناشر هو الذي استبعد هذه الأسماء وأن الطاعن لم يلاحظ ذلك لضيق الوقت حيث كلف بتدريس المادة في وقت متأخر عن العام بعد اعتذار الدكتور....... وأكد قرار مجلس التأديب أنه نظراً للتاريخ العلمي للمحال والملابسات التي أحاطت بالجامعة فإن المجلس يرى أن المحال لم يعتمد نقل هذه المقالات دون نسبها إلى أصحابها" إلا أن الطاعن قد أهمل إهمالاً جسيماً في عدم مراجعة المحاضرات قبل توزيعها على الطلبة للاستيثاق من نسبة المقالات إلى مؤلفيها، وكان يتعين عليه الإشارة في مقدمة الكتاب إلى نقله للمقالات المشار إليها مع الإشارة إلى أسماء مؤلفيها الأمر الذي يستوجب مجازاته تأديبياً بعقوبة اللوم مع تأخير العلاوة المستحقة له سنة واحدة. وكانت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا قد قضت بجلسة 26/ 2/ 1986 بعدم اختصاصها بنظر الطعون المقيدة في سجلها برقم 28/ 19 ق الأمر الذي لجأ الطاعن معه إلى إقامة الطعن الماثل في 9/ 4/ 1986.
وقدم الطاعن حافظة مستندات لجلسة 11/ 3/ 1987 تضمنت إقراراً من........ الوكيل المدرس المساعد بقسم الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة يفيد أنها كانت موجودة عندما سلم الطاعن أصول محاضرات في تاريخ مصر الإسلامية وطلب من صاحب المكتبة كتابتها على الآلة الكاتبة على أن يتضمن كل فصل من هذه الفصول اسم مؤلفها وبالحافظة شهادة من الدكتور........ تفيد أن الدكتور........ قد حصل على موافقة سابقة على الفصول التي كتبها حتى في كتابه (تاريخ الحضارة المصرية) لإضافتها إلى مؤلف الطاعن الخاص بتاريخ مصر الإسلامية وذلك خدمة لطلابه، وقد أذن له في ذلك دون أي مقابل مادي.
وقدم الطاعن مذكرة أكد فيها أن الأجزاء المنقولة لا تتضمن ابتكاراً يكون إضافة جديدة إلى علم التاريخ بحيث لا تكون ملكية أدبية ولا يجوز ذكرها إلا منسوبة إلى كاتبها وهي مجرد سرد بسيط لأحداث تاريخية مشهورة وردت بنفس الترتيب في جميع الكتب الماثلة. فهي من قبيل الأمر المألوف بين مدرسي الجامعة. بل هي فعل مباح وقد نفى مجلس التأديب في قراره التهمة التي أحيل بشأنها الطاعن. وأكد أمانة الطاعن العلمية إلا أن المجلس أضاف اتهاماً جديداً إلى الطاعن بمقولة أنه لم يراجع المحاضرات قبل توزيعها على الطلاب للاستيثاق من نسبة المقالات إلى مؤلفيها وهذه المخالفة الجديدة قد أضيفت دون أن يحقق المجلس دفاع الطاعن بشأنها، ولا يعيب الطاعن تكليف بعض المعاونين مراجعة الاستنسيل عوضاً عنه. ومن ثم ينتفي الإهمال الجسيم في حقه. وهو أمر مألوف من الأساتذة والتهمة الجديدة لم يحقق دفاع الطاعن عنها ولم يواجه بها أصلاً. وصمم الطاعن على الطلبات.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أنه في 13/ 10/ 1984 رفعت مذكرة للعرض على رئيس جامعة القاهرة بشأن تحقيق في الوقائع المنسوبة إلى الدكتور....... جاء فيها أن عميد كلية الآثار أعد مذكرة بشأن واقعة نقل الطاعن جزءاً كبيراً من كتاب تاريخ الحضارة المصرية إلى كتابه تاريخ مصر الإسلامية وقد تبين من التحقيق أن الطاعن نقل إلى كتابه (محاضرات في تاريخ مصر الإسلامية) و(محاضرات في تاريخ الأيوبيين) للفصول السابع والثامن والتاسع والعاشر والتاسع عشر والرابع عشر والخامس عشر والسابع عشر من المجلد الثامن من كتاب تاريخ الحضارة المصرية للسادة الأساتذة الدكتور/ ........ و........ و........ وقدء أقر الطاعن بأنه نقل هذه الفصول. وبرر ذلك بأن الكتاب لا يعدو أن يكون محاضرات تلقى على الطلاب وأنه حصل على إذن مسبق من الدكتور........ وبأنه كان يذكر أسماء الدكاترة الذين نقل منهم في المحاضرات التي ألقاها على الطلبة وبأن باقي الأساتذة الذين لم يحصل على إذن مسبق منهم قد توفوا إلى رحمة الله الأمر الذي حال بينه وبين الحصول على إذن منهم بالنقل عنهم. وإن إبداء بيع المذكرات لم يتجاوز خمسمائة جنيه (500 ج) تبرع به للطلبة ليخصص كجائزة لمن يحصل على أعلى درجة في المادة. وأقر الطاعن بأنه لم يذكر أسماء الأساتذة الذين نقل عنهم في كتابه. وأضافت المذكرة أن النقل دون الإشارة إلى أسماء المنقول منهم يعتبر أمراً ماساً بالأمانة العلمية ضد هيئة التدريس. ولا يغير من ذلك حصول الطاعن على إذن مسبق من أحد الأساتذة المنقول عنهم أو أن الباقين قد توفوا إلى رحمة الله لأن الأذن بالنقل أو وفاة المؤلف الأصلي لا يبرران إغفال الإشارة إلى المنقول عنه، ولا يغني عن الإشارة في الكتاب إلى المؤلفين الأصليين بمجرد أن يذكر الطاعن أسماء المنقول عنهم في المحاضرات الملقاة على الطلاب، كما أن تبرعه بناتج بيع الكتاب كجائزة باسمه لا يحول دون مساءلته لأن التخلص من الناتج غير المشروع لا يعفى من العقاب. وانتهت المذكرة إلى إحالة الطاعن إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس لمساءلته عن نقله للفصول من السابع إلى العاشر ومن الثالث عشر إلى السابع عشر من المجلد الثاني من كتاب تاريخ الحضارة المصرية إلى كتاب محاضرات في تاريخ مصر الإسلامية دون إشارة إلى المؤلفين المنقول عنهم، وفي اليوم ذاته أصدر رئيس الجامعة القرار رقم 313 في 13/ 10/ 1984 بإحالة الطاعن إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بالجامعة لخروجه على مقتضيات الواجب الوظيفي بأن نقل عن مؤلفين دون الإشارة إليهم مما يعد أمراً ماساً بالأمانة العلمية لعضو هيئة التدريس وهو ما أقر به - ويبين من الاطلاع على التحقيقات الإدارية التي أجريت مع الطاعن أن أقواله فيها لا تخرج عن أقواله التي أوردها في تقرير الطعن أمام المحكمة التأديبية للعاملين من مستوى الإدارة العليا وفي تقرير الطعن أمام هذه المحكمة.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطاعن أحيل إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بالجامعة لخروجه على مقتضيات الواجب الوظيفي بأن نقل عن مؤلفين دون الإشارة إليهم الأمر الذي يعتبر ماساً بالأمانة العلمية لعضو هيئة التدريس. والثابت أن مجلس التأديب عرض الوقائع وملابساتها وظروفها وقضى بأن المحال لم يتعمد نقل هذه المقالات دون نسبتها إلى أصحابها. واستند مجلس التأديب في قراره إلى أن المؤلف المنسوب إلى الطاعن لا يعتبر عملاً علمياً منشوراً للكافة ولكنه مجموعة من محاضرات ألقيت على الطلاب بالسنة النهائية لكلية الآثار بجامعة القاهرة. وأن الطاعن قد أوضح للطلاب مصادر المحاضرات ونسبتها إلى مؤلفيها، وأن الطاعن قد استأذن الدكتور........ في نقل مقالاته فوافقه على النقل بلا مقابل خدمة للطلاب وأن الطاعن لم يستأذن باقي الأساتذة في نقل المقالات الباقية لوفاتهم قبل نشر مؤلف الطاعن. كما أن الطاعن قرر أنه أعطى المقالات المنقولة إلى الناشر دون حذف أسماء مؤلفيها وأن الناشر هو الذي استبعد هذه الأسماء. وأن الطاعن لم يلاحظ حذف أسماء المؤلفين الأصليين لضيق الوقت حيث كلف بتدريس المادة في وقت متأخر من العام بعد اعتذار أستاذ الجامعة الدكتور/ ...... وخلص مجلس التأديب إلى أن التاريخ العلمي للطاعن، والظروف والملابسات التي أحاطت بالواقعة ولا يكون الطاعن قد تعمد نقل المقالات دون نسبتها إلى أصحابها. وتضيف المحكمة إلى هذه الظروف والملابسات أن الطاعن كانت له بنت تعالج في فرنسا وقد توفيت في تاريخ معاصر لهذه الوقائع، وأن الطاعن تبرع بنصيبه من محصلة هذه المذكرات كجائزة لمن يحصل على أكبر الدرجات في هذه المادة، أي أن الطاعن لم يستفيد مادياً من نشر هذه المقالات بالصورة التي تم بها النشر. ومعنى ما تقدم أن مجلس التأديب قد برأ الطاعن من الاتهام المنسوب إليه لأنه اتهام من ارتكاب أفعال عمدية بطبيعتها وقد ذهب مجلس التأديب إلى أن الطاعن لم يتعمد نقل المقالات دون نسبتها إلى أصحابها. ومتى كان مجلس قد انتهى إلى أن الطاعن لم يتعمد نقل المقالات دون نسبتها إلى أصحابها فقد كان من المتعين عليه أن يقضي ببراءة الطاعن من الاتهام الوحيد الذي أحيل بسببه إلى مجلس التأديب. والذي جرى تحقيقه دفاع الطاعن عنه وسمعت بشأنه أقواله. وعلى ذلك يكون مجلس التأديب حين قضى بأن المحال قد ارتكب إهمالاً جسيماً في عدم مراجعة المحاضرات قبل توزيعها على الطلاب للاستيثاق من نسبة المقالات إلى مؤلفيها وكان يجب عليه الإشارة في مقدمة الكتاب إلى نقله للمقالات مع الإشارة إلى أسماء مؤلفيها يكون قد أدان الطاعن من وقائع لم تنسب إليه في تقرير الاتهام ولم يحقق دفاعه عنها ولم يسمع أقواله بشأنها ومن ثم يكون قرار مجلس التأديب المطعون عليه قد أخل بضمانات التحقيق والمحاكمة المقررة لأستاذ الجامعة واستحدث اتهامات عن وقائع جديدة لم يحقق دفاع المدعي بشأنها ومع ذلك خلص المجلس إلى إدانة الطاعن عنها رغم عدم سماع أقواله وتحقيق دفاعه عنها، وأهدر بذلك الضمانات القانونية المقررة لأستاذ الجامعة عند محاكمته تأديبياً عن المخالفات المسلكية التي نسبت إليه. ومتى كان ذلك فإن القرار المطعون فيه يكون قد صادف الحق والصواب وصحيح حكم القانون فيما قضى به من أن الطاعن لم يتعمد نقل المقالات دون نسبتها إلى أصحابها. ويكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله فيما قضى به من مجازاة الطاعن بعقوبة اللوم مع تأخير العلاوة لمدة سنة واحدة عن واقعة الإهمال الجسيم في مراجعة المحاضرات قبل توزيعها على الطلاب للاستيثاق من نسبتها إلى مؤلفيها والإشارة في مقدمة المؤلف إلى واقعة نقل المقالات والإشارة إلى أسماء مؤلفيها، لعدم ورود هذه الاتهامات في تقرير الاتهام وقرار إحالته إلى مجلس التأديب، فضلاً عن عدم سماع أقوال الطاعن من هذا الاتهام وعدم تحقيق دفاعه - ولذلك فإنه يتعين الحكم بإلغاء قرار مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة الصادر بجلسة 21/ 5/ 1985 بتوقيع عقوبة اللوم مع تأخير العلاوة المستحقة لمدة سنة واحدة، لمخالفة ذلك القرار للقانون، ولورود هذا القرار على وقائع لم يتم تحقيقها وسماع أقوال الطاعن بشأنها، ويتعين الحكم ببراءة الطاعن مما أسند إليه من المخالفات الإحالة إلى مجلس التأديب رقم 313 الصادر من رئيس جامعة القاهرة في 13/ 10/ 1984.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء القرار الصادر من مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة بجلسة 21/ 5/ 1985 بتوقيع عقوبة اللوم في حق الطاعن مع تأخير العلاوة المستحقة له لمدة سنة واحدة وببراءته من الاتهام المنسوب إليه بقرار الإحالة الصادر من رئيس جامعة القاهرة برقم 313 في 13/ 10/ 1984.