أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 48 - صـ 649

جلسة 14 من إبريل سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ عبد المنعم وفا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ لطف الله جزر، عبد العزيز محمد، منير الصاوي وزهير بسيوني نواب رئيس المحكمة.

(126)
الطعن رقم 139 لسنة 60 القضائية

(1) معاهدات "حصانة دبلوماسية".
عدم تمتع موظفي الأكاديمية العربية للنقل البحري بالمزايا والحصانات المقررة طبقاً للعرف الدولي للمبعوثين الدبلوماسيين. عدم اعتبار شاغل وظيفة مستشار قانوني بها من طائفة الخبراء الذين يتمتعون بالحصانات الدبلوماسية. م 25 من اتفاقية مزايا وحصانات جامعة الدول العربية.
(2) قوة قاهرة. محكمة الموضوع. التزام "انقضاء الالتزام".
شرطا توافر القوة القاهرة. استحالة التوقع والدفع. م 373 مدني. مثال. سرقة.
(3) مسئولية. نقض. محكمة الموضوع "سلطاتها".
استخلاص خطأ المدين الذي ينتفي معه قيام القوة القاهرة. من سلطة محكمة الموضوع مادام استخلاصها سائغاً. تكييف الفعل بأنه خطأ من عدمه. خضوعه لرقابة محكمة النقض.
1 - ولئن كانت اتفاقية إنشاء الأكاديمية العربية للنقل البحري الموقعة في القاهرة بتاريخ 9 نوفمبر 1975 والتي وافقت عليها جمهورية مصر العربية بقرار رئيس الجمهورية رقم 532 لسنة 1975 المنشور في الجريدة الرسمية في العدد رقم 18 في 5 مايو سنة 1977 والمصدق عليها من رئيس الجمهورية بتاريخ 14/ 6/ 1975 وعمل بها في جمهورية مصر العربية اعتباراً من 31/ 8/ 1975 - قد نصت في المادة 12 منها على تمتع الخبراء وموظفي الأكاديمية بالمزايا والحصانات الدبلوماسية طبقاً لاتفاقية مزايا وحصانات جامعة الدول العربية التي وافق عليها مجلس الجامعة بتاريخ 10 من مايو سنة 1953، إلا أن جمهورية مصر العربية عندما وافقت على تلك الاتفاقية الأخيرة بالقانون رقم 89 لسنة 1954 قد تحفظت عليها بعدم قبول ما جاء بالمادة الثانية والعشرين من تمتع الموظفين بجامعة الدول العربية هم وزوجاتهم وأولادهم القصّر بالمزايا والحصانات التي تمنح طبقاً للعرف الدولي للمبعوثين الدبلوماسيين. لما كان ذلك، وكان الخبراء الذين يتمتعون بالحصانات والمشار إليهم في المادة 25 من اتفاقية ومزايا وحصانات جامعة الدول العربية غير المستشارين.
2 - القوة القاهرة بالمعنى الوارد في المادة 373 من القانون المدني قد تكون سرقة بشرط أن يتوافر فيها استحالة التوقع واستحالة الدفع وينقضي بها التزام المدين.
3 - استخلاص خطأ المدين الذي ينتفي معه قيام القوة القاهرة مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع مادام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى، إلا أن تكييف الفعل بأنه خطأ ولا ينقضي به الالتزام أو نفي هذا الوصف عنه من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض، وأن رقابة المحكمة الأخيرة تمتد إلى تقدير الوقائع فيما يستلزمه التحقيق من صحة استخلاص الخطأ من تلك الوقائع والظروف التي كان لها أثر في تقدير الخطأ واستخلاصه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المصلحة المطعون ضدها أقامت على الطاعن والأكاديمية العربية للنقل البحري الدعوى رقم 2921 لسنة 1983 الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإلزامها متضامنين بأن يؤديا لها مبلغ 17751.200 جنيه وفوائده القانونية، وقالت بياناً لذلك أنه بتاريخ 5/ 12/ 1981 أفرج عن السيارة ماركة "شيفورليه" شاسيه رقم 217540 - 81 الخاصة بالطاعن بضمان الأكاديمية ولم يعد تصديرها رغم انتهاء مدة ترخيصها في 19/ 3/ 1983 فيستحق عليها رسوماً جمركية قدرها المبلغ المطالب به، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 26/ 1/ 1988 بإجابة المطعون ضدها لطلباتها، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 243 لسنة 44 ق الإسكندرية، كما أقامت الأكاديمية استئنافاً فرعياً، وبتاريخ 15/ 11/ 1989 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن والأكاديمية في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للأكاديمية وفي الموضوع برفض الطعن وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها، وفي 27/ 1/ 1997 حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للأكاديمية وأمرت الطاعن باختصامها في الطعن، وقد قام بتنفيذ ما أمرت به المحكمة.
وحيث إن الطعن أُقيم على سببين ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول أن نص المادة 12 من اتفاقية إنشاء الأكاديمية العربية للنقل البحري قد منحته الحصانة المقررة بالمادة 25 من اتفاقية إنشاء مزايا وحصانات جامعة الدول العربية، فينحسر الاختصاص عن المحاكم العادية وينعقد لهيئة فض المنازعات المنصوص عليها بالمادة 31 من الاتفاقية الأخيرة، غير أن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وطبق عليه حكم المادة 22 من الاتفاقية على اعتبار أنه موظف في حين أنه مستشاراً فيعتبر من طائفة الخبراء الذين ينطبق عليهم نص المادة 25 من الاتفاقية.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، وذلك أنه ولئن كانت اتفاقية إنشاء الأكاديمية العربية للنقل البحري الموقعة في القاهرة بتاريخ 9 نوفمبر 1974 والتي وافقت عليها جمهورية مصر العربية بقرار رئيس الجمهورية رقم 532 لسنة 1975 المنشور في الجريدة الرسمية في العدد رقم 18 في 5 مايو سنة 1977 - والمصدق عليها من رئيس الجمهورية بتاريخ 14/ 6/ 1975 وعمل بها في جمهورية مصر العربية اعتباراً من 31/ 8/ 1975 - قد نصت في المادة 12 منها على تمتع خبراء وموظفي الأكاديمية بالمزايا والحصانات الدبلوماسية طبقاً لاتفاقية مزايا وحصانات جامعة الدول العربية التي وافق عليها مجلس الجامعة بتاريخ 10 من مايو سنة 1953 إلا أن جمهورية مصر العربية عندما وافقت على تلك الاتفاقية الأخيرة بالقانون رقم 89 لسنة 1954 قد تحفظت عليها بعدم قبول ما جاء بالمادة الثانية والعشرين من تمتع الموظفين الرئيسيين بجامعة الدول العربية هم وزوجاتهم وأولادهم القصر بالمزايا والحصانات التي تمنح طبقاً للعرف الدولي للمبعوثين الدبلوماسيين، لما كان ذلك، وكان الخبراء الذين يتمتعون بالحصانات والمشار إليهم في المادة 25 من اتفاقية ومزايا وحصانات جامعة الدول العربية غير المستشارين وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم اختصاص القضاء الوطني تأسيساً على أن الطاعن لا يتمتع بالمزايا والحصانات المقررة طبقاً للعرف الدولي للمبعوثين الدبلوماسيين لكونه يشغل وظيفة مستشار قانوني، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الثابت من المحضر رقم 3482 لسنة 1982 جنح الرمل أنه أبلغ بتاريخ 18/ 7/ 1982 بتركه سيارته أمام مسكنه الساعة الثانية عشرة ليلاً وفي الساعة الثامنة والنصف صباحاً اكتشف سرقتها ثم قيدت الواقعة سرقة ضد مجهول وحفظت لعدم معرفة الفاعل، فإن هذه السرقة تعد قوة قاهرة يستحيل معها تنفيذ التزامه بإعادة تصدير السيارة وينقضي بها هذا الالتزام وفقاً للمادة 373 مدني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبار أن تركه السيارة ليلاً أمام مسكنه بالطريق دون اتخاذ الاحتياطيات الواجبة لمنع سرقتها يعد خطأ منه يمتنع معه الدفع باستحالة التنفيذ، دون أن يبين ماهية تلك الاحتياطيات ووجه الإهمال الذي يسند إليه بالرغم من أنه قد ثبت من التحقيقات سرقة السيارة في الطريق العام الذي تقوم الدولة بحراسته، فإنه يكون معيباً مستوجباً نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن القوة القاهرة بالمعنى الوارد في المادة 373 من القانون المدني قد تكون سرقة بشرط أن يتوافر فيها استحالة التوقع واستحال الدفع وينقضي بها التزام المدين، لما كان ذلك وكان استخلاص خطأ المدين الذي ينتفي معه قيام القوة القاهرة مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى، إلا أن تكييف الفعل بأنه خطأ ولا ينقضي به الالتزام أو نفي هذا الوصف عنه من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض وأن رقابة المحكمة الأخيرة تمتد إلى تقدير الوقائع فيما يستلزمه التحقيق من صحة استخلاص الخطأ من تلك الوقائع والظروف التي كان لها أثر في تقدير الخطأ واستخلاصه، لما كان ما تقدم، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه استند في إثبات خطأ الطاعن الذي ينفي القوة القاهرة ويحمله تبعه عدم تنفيذ التزامه بإعادة تصدير السيارة إلى قوله "إن ادعاء السرقة لو صحت لا يعتد به ذلك أنه كان مصحوبا ًبتقصير المدين الذي ترك سيارته ليلاً أمام مسكنه بالطريق دون اتخاذ الاحتياطات الواجبة لمنع سرقتها فذلك خطأ منه يمتنع معه الدفع باستحالة التنفيذ" دون أن يبين ماهية تلك الاحتياطيات التي تحول دون وقوع سرقة السيارة وتقاعس الطاعن عن اتخاذها مما يتوافر معه الخطأ في جانبه، فإن ذلك يكون إبهاماً في الحكم من شأنه أن يعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيق القانون على وجهه الصحيح بما يعيبه بالقصور في التسبيب ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.