مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 268

(39)
جلسة 24 من نوفمبر 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار أبو بكر دمرداش أبو بكر نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد حمادة وجمال السيد دحروج وفاروق علي عبد القادر وكمال زكي وعبد الرحمن اللمعي المستشارين.

الطعن رقم 2233 لسنة 29 القضائية

بنوك - مسئولية العاملين بها - مخالفة القواعد المالية - (مسئولية).
لا يجوز إصدار تعليمات للمرؤوسين في فرع البنك بعدم الالتزام بالانتقال إلى مقر منشأة العميل المقترض ومعاينتها معاينة جدية - لا وجه للتذرع بأن من شأن هذا الانتقال تأخير تنفيذ القروض - أساس ذلك: أن مثل هذه التعليمات تنطوي على تسيب واضح يتعارض مع ضرورة الحرص على المال العام – تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 29 من مايو سنة 1983 أودع الأستاذ/ ...... المحامي الوكيل عن الأستاذ/ ..... بصفته رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2233 لسنة 29 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا بجلسة 4 من إبريل سنة 1983 في الطعن رقم 83 لسنة 10 القضائية "تأديبي طنطا" والذي قضى بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار. وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه ورفض طعن المطعون ضده وإلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن إلى ذوي الشأن على النحو المبين في الأوراق قدم السيد/ مفوض الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه بشقيه العاجل والموضوعي.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 4 من مارس سنة 1987 وبجلسة 3 من يونيو سنة 1987 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - دائرة ثالثة - وحددت لنظره أمامها جلسة 13 من أكتوبر سنة 1987، وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يخلص من الأوراق في أن السيد/ ...... "المدعي" أقام الطعن رقم 83 لسنة 10 القضائية "تأديبي طنطا" أمام المحكمة التأديبية بطنطا ضد السيد/ رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية بصفته بصحيفة أودعت قلم كتاب تلك المحكمة بتاريخ 15 من أغسطس سنة 1982 وطلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي موضوعها بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه قد ندب مديراً لفرع بنك التنمية الصناعية الذي فتح بمدينة طنطا، وقد حقق نجاحاً ونشاطاً وسمعة طيبة، وكان من بين الأنشطة التي يقوم بها البنك بيع الآلات بالتقسيط للحرفيين وأصحاب الصناعات الصغيرة بمنطقة دمياط التابعة للفرع ضمن ثمان محافظات، إلا أن بعض عملاء البنك المستفيدين من نظام بيع الآلات بالأجل تحايلوا بالتواطؤ مع بعض موردي الآلات بأن تسلموا تلك الآلات بموجب محاضر استلام من مخازن الموردين ثم ردوها إليهم من وراء ظهر البنك ولم يكن ذلك تقصيراً منه كمدير للفرع دائما كان نتيجة لوجود قصور وثغرات بنظام البيع بالأجل ورغم أنه كان قد نبه مدير عام البنك من ديسمبر سنة 1981 إلى أن حجم عمل البنك في هذا المجال قد بلغ مليون جنيه ويلزم تنظيم برنامج التفتيش والمتابعة، كما أنه كان قد أرسل كتاباً آخر للإدارة العامة للتفتيش الداخلي تضمن الدعوة للقيام بزيارة مفاجئة لفرع طنطا لإيضاح الأخطاء والتنبيه لتلافيها، وأضاف المدعي أنه على الرغم من أن التواطؤ قد تم بين العملاء والموردين دون أي ذنب له إلا أن البنك أجرى معه تحقيقاً وفوجئ في 17 من يوليو سنة 1982 بإخطاره بمجازاته بخفض وظيفته وخفض مرتبه بمقدار علاوة.
وبجلسة 4 من أكتوبر سنة 1982 قدم المدعي مذكرة بدفاعه نفى فيها أنه أصدر ثمة توجيهات بالاكتفاء بأن يقوم خبير البنك التأشير برأيه على فاتورة العرض دون الانتقال إلى مقر المنشأة والاكتفاء بالاطلاع على ملف العميل وبزيادة الفاحص للمنشأة كما نفى أنه أصدر توجيهات بالاكتفاء بشهادة المحاسب دون بحث المركز الضريبي للعميل وكذلك عدم استكمال البيان المجمع وعدم استخدام الفرع لاستمارة التسهيلات المصرفية، وأنه لم يتجاوز في منح السلف وإنما استخدم سلطته التقديرية كمدير للفرع في شأن تقييم المعلومات المتعلقة بالعميل دون تعسف أو انحراف كما نفى الطعن أنه لم يلزم الفاحص بتقديم تقرير خاص بالزيارة للمنشأة كما أكد أنه كان يقوم بالإخطار عن المبالغ المحصلة من كل عميل مقابل أتعاب الخبير ومصروفات الانتقال وأتعاب دراسة الجدوى، واستطرد الطاعن نافياً صلته بما تم من تلاعب بين العملاء والموردين وأنه إذا كان هناك تقصير أو إهمال فمن فرع القاهرة. كما قدم البنك مذكرة بدفاعه أكد فيها أن الطاعن قد ارتكب المخالفات والتهم المنسوبة إليه وأن الجزاء الموقع عليه هو الحد الأدنى لما يستحق وطلب الحكم برفض الدعوى. وبجلسة 4 من إبريل سنة 1983 قضت المحكمة التأديبية بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار. واستهلت المحكمة أسباب حكمها بالقول أنه يبين من ضمن الأوراق أنه على فرض وجود الوقائع التي نسبت إلى الطاعن أنه ارتكبها تجاوزاً لتعليمات البنك فإن تكييف هذه الوقائع على أنه خطأ أو إهمال نشأ عنه أضرار مادية جسيمة "م/ 33 من اللائحة" يناهض الواقع وبجافي الحقيقة آية ذلك أن - تعليمات نظام البيع بالتقسيط الذي هدف إلى تسهيل مد عملاء البنك بالآلات والمعدات والأجهزة قد نصت على أن من ضمن دواعيه وأهدافه الخروج عن نظام تقديم ضمانات تقليدية اكتفاء بملكية البنك للآلات المباعة بنظام البيع بالتقسيط ولا تنتقل ملكيتها إلى العميل إلا بعد تسديد أخر قسط يستحق عليه من ثمن البيع بالكامل وحيازة العميل للآلات حتى تمام تسديد الثمن فإذا ظهر بعد اتخاذ كافة الإجراءات المؤدية إلى التعاقد مع العملاء أنه قد حدث تواطؤ بين الموردين والعملاء بأن يقوم المورد بدفع بعض المبالغ النقدية إلى بعض العملاء مقابل استبدال الآلة أو إعادتها للمورد أو عدم نقلها أساساً من مخازنه بهدف استفادة المورد بقروض البنك الميسرة في أغراض أخرى واتباع بعض وسائل النصب والاحتيال كالذي قام به المورد "...... بتأجير بعض الدرسين الكبيرة ذات المساحة المناسبة لاستقبال الآلات سحبت بدفع مائة جنيه إيجار للساعة الواحدة لصاحب الورشة مقابل أن يضع الآلة أو الآلات التي تعاقد البنك عليها لصالح أحد العملاء أو بهدف إظهار هذه الورشة على أنها ورشة العميل أثناء المعاينة من المهندس أو عند زيادة الفاحص فإن هذا التواطؤ على ما ثبت من أقوال الشهود وما جاء بالتقارير التي صدرت بهذا الشأن - لم يكن في مقدور أحد من العاملين في البنك سواء فرع طنطا الذي يرأسه المدعي أو الفرع الرئيسي بالقاهرة الذي كان مختصاً بالتعاقدات التي تزيد عن 30000 جنيه أن يعرف بهذا التواطؤ كما لم تساهم المخالفات المنسوبة إلى المدعي بأية مساهمة في الميل بالغرض المخصص للقروض إلى غرض آخر ومن ثم فإن التكييف القانوني الذي تبناه البنك للمخالفات المنسوبة للطاعن هو تكييف غير صحيح أدى إلى نتيجة غير صحيحة وغير مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً أو قانونياً ومضت المحكمة قائلة أنه مما يؤيد ذلك ويظاهره أن الوقائع التي أخذت على أنها مخالفات ارتكبها المدعي لا بد وأن ينظر إليها في نطاق الهدف المخصص الذي نشأ من أجله فرع طنطا لبنك التنمية الصناعي وأسند إلى المدعي رئاسته وحجم العمالة بدراسة الجدوى التي قام بها البنك لإنشاء فرع طنطا انتهت إلى أن نطاقه الجغرافي يشمل محافظات الغربية والدقهلية ودمياط وكفر الشيخ والمنوفية والشرقية والقليوبية ويبلغ عدد سكانها 33.73% من إجمالي سكان الجمهورية وأن عدد سكان الجمهورية ذوي النشاط الاقتصادي المشتغلين منهم والعاطلين والذين ستوجه إليهم خدمات فرع البنك قد بلغ 713557 عاملاً الأمر الذي كان يقتضي توافر أكثر عدد من حركة العمل لمدير الفرع حتى يمكنه المشاركة الفعالة في النشاط الاقتصادي الموكول به ولو أخذ بغير هذا وترك هذا الهدف وتركز العمل على مراعاة الروتين ووضع القيود لأصبح الجهاز عاجزاً ومشلولاً ثم انتقلت المحكمة بعد ذلك إلى مناقشة المخالفات المنسوبة إلى المدعي والتي قام عليها قرار الجزاء المطعون فيه فقالت بالنسبة للمخالفة الأولى التي تتلخص في إصداره توجيهات بالاكتفاء بأن يقوم خبير البنك بالتأشير برأيه على فاتورة العرض دون الانتقال إلى مقر المنشأة والاكتفاء بالاطلاع على ملف العميل وزيارة الفاحص للمنشأة: قالت: إن خبير البنك المهندس/ ...... قد شهد عند سؤاله - وهو الخبير الوحيد الذي سئل أنه كان يقوم بالمعاينة وذلك بالانتقال فوراً إلى دمياط لمعاينة الورش المطلوب لها الآلات وبعد أن تقدم العروض إليه يقوم بمعاينة الورشة والآلات الموجودة بها ثم يعود ويقدم تقريراً مستوفياً ومؤشراً على فاتورة العرض بالموافقة وتحديد السعر المناسب وفي بعض الحالات العاجلة يكتفي بالتأشير على الفاتورة إلى أن يتم كتابة التقرير ومن ثم فإن هذا الاتهام وإن كان مشكوكاً في صحته إلا أنه على فرض صحته بأنه كان في إطار سلطة الطاعن التقديرية بهدف إنجاز الأعمال بصورة غير روتينية لصالح تنشيط عمل البنك وما يقال عن هذه المخالفة يقال أيضاً عن المخالفة الخامسة الخاصة بالموافقة على نسخ العرض دون زيارة الفاحص أو الخبير أما عن المخالفة الثانية والتي تتلخص في إصدار المدعي توجيهات بالاكتفاء شهادة المحاسب دون بحث المركز الضريبي للعميل وكذلك عدم استكمال البيان الصحيح فقالت المحكمة أنها تطمئن لدفاع المدعي من أنه اكتفى بشهادة المحاسب لعدة أسباب أهمها أن السلف الممنوحة في هذا المجال لا دخل لها بالضرائب لأن الأشياء المباعة بالتقسيط تظل مملوكه للبنك حتى تمام السداد وليس لمصلحة الضرائب أي حق امتياز أو أولوية عليها وبالنسبة للمخالفة الثالثة المنسوبة إلى المدعي والخاصة بعدم استخدام أنواع الاستمارة للتسهيلات المصرفية فقد اقتنعت المحكمة بدفاع الطاعن الذي أبداه عند سؤاله من أن البيانات التي تتضمنها استمارة التسهيلات المصرفية هي بذاتها قد تضمنتها مذكرة الدراسة. وقالت المحكمة بالنسبة للاتهام السادس المنسوب إلى المدعي والخاص بموافقته على منح قرض غير مستوفى لبعض التحفظات اللازمة في بعض الحالات كاستيفاء الرخصة وعدم كفاية الاستعلام وقالت أن الاكتفاء بالإيصال نصت عليه تعليمات نظام البيع بالتقسيط في حالة حداثة الإنشاء أما استيفاء الموضوع بعد ذلك فهذا أمر يمكن إتمامه كما وعد المدعي عند التحقيق، وأضافت المحكمة أنه بالنظر إلى حجم العمل واتساع ميدانه فإن هذا السبب يعتبر مجرد ملاحظة يمكن للمدعي تغطيتها ليمنع من منح القرض وبالمثل تقديره لحسن سمعة بعض العملاء واعتبار أن الدستور الخاص بالعميل...... حالة طارئة لا تمس سمعته أو مكانته وهذا يدخل ضمن سلطته التقديرية ومن ثم لا يسأل المدعي عن هذين السببين أما عن المخالفة السابعة والخاصة بالتجاوز في منح القروض بالرغم من ظهور التلاعب بالسجل التجاري بإضافة مهنة الصناعة في السجل فقد انتهت المحكمة إلى عدم مساءلة المدعي عنها تأسيساً على أن الثابت من التحقيقات أن تلك الإضافة كانت تتم قبل التقدم بطلب القرض وكانت تتم بالطريق القانوني بالغرفة التجارية إذ وضح من الأوراق أن العملاء العاملين بتجارة الموبيليا وتصنيعها كانوا يكتفون بذكر مهنة الاتجار في سجلهم تهرباً من الضرائب حتى إذا أرادوا الاستفادة من القرض أضافوا مهنتهم الثانية عن طريق الغرفة التجارية وهو أمر خارج حدود تصرفات المدعي والعاملين بالبنك وبالنسبة للمخالفة الثامنة الخاصة بعدم إلزام الفاحص بتقديم تقرير خاص بزيارة المنشأة فقد رأت المحكمة عدم مسألة المدعي عن هذه المخالفة كذلك تأسيساً على أن مذكرة الدراسة التي يقدمها الفاحص تتضمن عادة نتيجة للزيارة تحت بيان وصف المنشأة وليس في الأوراق ما يبين القصد من هذه المخالفة وهل المقصود الزيارة الأولى أم الزيارات السابقة على منح القرض أم الزيارات اللاحقة لمنح القرض وتسلم الآلات أما عن المخالفة التاسعة والأخيرة والخاصة بعدم قيام المدعي بمتابعة عملية تحصيل أتعاب الخبرة وأتعاب دراسة الجدوى قبل بدء الدراسة وعدم إخطار فرع القاهرة لإضافتها لحساب العملاء فقد انتهت المحكمة إلى عدم مساءلتها عنها على سند من القول بأن الثابت أن التعليمات لم تؤكد على ضرورة استيفاء تلك الأتعاب قبل الدراسة أو الفحص وأضافت المحكمة أنه إلى جانب ما تقدم فإن المدعي كان موضوع تقدير البنك لما يتصف به من نشاط وفهم لسياسة وأهداف البنك مما أدى إلى اختياره لإنشاء وإدارة فرع طنطا اعتباراً من يناير سنة 1979 وتنطلق كل الأوراق بأنه بذل جهداً غير عادي في القيام بمهمته.
ومن حيث إن حاصل أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه قد بني على ما لا أصل له من الأوراق وما يخالف الثابت بها كما أخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن تهاتر الأسباب وقصورها عن حمل النتائج التي استخلصت منها إذ لا صحة لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أنه قد منح للمطعون ضده كمدير بفرع طنطا بعض الصلاحيات على ما جاء بالبند الرابع من دراسة الجدوى - ذلك أنه فضلاً عن أن الذي جاء بدراسة الجدوى لا يعدو أن يكون اقتراحاً فإن الحكم لم يفصح عن هذه الصلاحيات التي تمت للمطعون ضده كما أنه من إجراءات البيع بالتقسيط الوقوف على الحالة المالية للعميل وذلك عن طريق مركزه الضريبي والبيان المجمع على اعتبار أن ذمته المالية من الضمانات وأن من أهم واجبات المطعون ضده اتخاذ كافة ما يلزم للتحقق من أن المبيع انتقلت حيازته من المورد للعميل المشتري وأن هذا الأخير لديه إمكانيات استخدامه والاستفادة منه ذلك أن الثابت من الأوراق أن بعض العملاء الذين منحوا القروض من المستحيل أن يستخدموها فيما صرفت من أجله بحكم طبيعة نشاطهم ولأنه لا يتوافر فيهم ما يمكنهم من ذلك من حيث الواقع والقانون وأضاف الطاعن أن الحكم بذل جهداً كبيراً في التدليل على أن المطعون ضده لم يكن ضليعاً مع الموردين والعملاء بطريق مباشر فيما قارفوه من تواطؤ وتحايل مع أن هذا غير ذي موضوع والاتهام لم يقل ذلك وإنما الذي قرره أن المطعون ضده بعدم التزامه بجدية الإجراءات وعلى نحو صارخ سهل لهؤلاء ذلك الأمر الذي يكون معه من حيث المسئولية سواء من حيث اشتراكه معهم في التحايل والتواطؤ بصفة مباشرة ومضى الطاعن قائلاً أنه لا صحة لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه بعدم صحة الاتهام الأول المسند إلى المطعون ضده على سند من القول بأن المهندس/ ...... الخبير بالبنك وهو الخبير الوحيد الذي سئل قرر أنه كان يقوم بالمعاينة لا صحة لذلك حيث إن المطعون ضده نفسه قرر صراحة في التحقيق أنه في بداية عمليات البيع بالتقسيط كان يقوم المهندس بزيارة المنشأة ثم اكتفى بعد ذلك بتأشيرة المهندس المختص على فاتورة العرض بأن السعر مناسب وهذا الذي قرره المطعون ضده قد أكده في التحقيق كل من المهندس...... و...... مقررين أن هذا كان بتعليمات من المطعون ضده وأضاف الطاعن أن الحكم المطعون فيه أورد أسباباً متهاترة لا تحمل النتائج التي قال بها في مقام نفي مسئولية المطعون ضده عند الاكتفاء بشهادة المحاسب دون المركز الضريبي والبيان المجمع وعدم استخدام استمارة الفحص المصرفي ومنح القروض رغم عدم استيفاء الرخصة وكفاية الاستعلام واعتبار البروتستو الخاص بأحد العملاء حالة طارئة لا تسيء إلى سمعته ومكانته والاعتماد على السجلات التجارية في صرف القروض مع التلاعب فيها بإضافة مهنة الصناعة وعدم التزام الفاحص بتقديم تقرير خاص بالزيارة للمنشأة وعدم متابعة تحصيل كل من أتعاب الخبرة ودراسة الجدوى.
وقدم المطعون ضده حافظتي مستندات ومذكرة بدفاعه طلب في ختامها الحكم برفض الطعن طويت الأولى على: (1) كتاب البنك المرسل إلى المطعون ضده والذي تضمن أنه تم إعادة أقدميته في وظيفة نائب مدير إدارة اعتباراً من أول إبريل 1979. (2) كتاب البنك المرسل إلى المطعون ضده الذي يفيد أنه تقرر ندبه بوظيفة مدير إدارة متابعة العمليات بالمركز الرئيسي اعتباراً من 26 من يناير سنة 1986. (3) كتاب البنك المرسل إلى المطعون ضده يفيد ترقيته إلى وظيفة مدير إدارة متابعة العمليات في 27 من يناير سنة 1987. (4) كتاب وارد من أحد البنوك بألمانيا إلى البنك الطاعن تفيد توجيه الشكر إلى المطعون ضده. (5) كشف متأخرات البنك حتى 31/ 12/ 1986.
وقد عقب المطعون ضده على كشف المتأخرات المشار إليها بالقول بأن هذه المتأخرات تبلغ 25897585 جنيه بأن هذه المبالغ لا تعتبر خسارة للبنك ولكنها عبارة عن أقساط لم يستحق أداؤها بعد لعدم حلول ميعاد الوفاء بها - وكثيراً ما يتأخر العملاء في الوفاء بالقروض ويقوم البنك بجدولة ديونهم بمنحهم آماداً أطول.
وقدم الحاضر عن بنك التنمية الصناعية أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة حافظتي مستندات طويت الأولى على شهادة صادرة من السيد/ المدير العام وعضو لجنة الإدارة للشئون القضائية بتاريخ 24 من مارس سنة 1987 جاء بها أن البنك قام بإبلاغ جهاز المدعي الاشتراكي ونيابة دمياط الكلية ضد موردي وعملاء منطقة دمياط والذين قام فرع البنك بطنطا بمنحهم تسهيلات ائتمانية بشراء آلات بنظام البيع بالتقسيط والبالغ عددهم 136 عميلاً وذلك لعدم وجود الآلات المباعة لديهم فضلاً عن عدم وجود ورش لدى بعضهم وقد قيدت شكاوى البنك ضد المذكورين برقم 1، 2، 3، 4، 5 لسنة 1984 حصر كلي أموال عامة دمياط ورقم/ 1 سنة 1985 حصر كلي أموال عامة دمياط وقد أحالت النيابة العامة عدد ثلاث وثمانون عميلاً ومورداً وموظفاً من موظفي فرع طنطا إلى محكمة الجنيات حيث قيدت برقم 1544 لسنة 1985 جنايات أمن دولة عليا وجاري استعمال التحقيق بالنسبة لباقي المهنة، وأضاف البنك أنه قد بلغت جملة المبالغ المنصرفة بمعرفة فرع طنطا بهؤلاء العملاء 2666225 مليونان وتسعمائة وستة وستون ألف ومائتان خمسة وعشرون جنيهاً وقد وصل الرصيد الحالي بعد اتخاذ الإجراءات المشار إليها من جانب البنك بمبلغ 1786160 (مليون وسبعمائة ستة وثمانون ألف ومائة وستون جنيهاً لا غير).
وطويت الحافظة الثانية على شهادة أخرى من البنك المذكور تضمنت أن الكشوف المقدمة من السيد/ ........ (المطعون ضده) ببيان المتأخرات حتى 31 من ديسمبر سنة 1986 بالنسبة لبعض عملاء البنك بأن هذه الكشوف تتضمن المتأخرات بالنسبة لهؤلاء العملاء وهي لا تمثل خطراً على البنك للأسباب الآتية:
(1) إن العملاء الوارد أسماؤهم بهذه الكشوف لديهم ضمانات تزيد بما يعادل ثلاثة أضعاف التسهيلات الائتمانية الممنوحة لهم.
(2) إن غالبية هؤلاء العملاء من العملاء التنظيميين ولم يحالوا إلى الشئون القضائية لاتخاذ الإجراءات ضدهم.
(3) إن الذين أحيلوا للإجراءات لا يمثلون أي خطورة على البنك لأن الضمانات المقدمة منهم تفي مستحقات البنك المطلوبة.
كما قدم الطاعن مذكرة بدفاعه طلب في ختامها الحكم بطلباته الواردة بصحيفة طعنه مع إلزام المطعون ضده المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه والذي قضى بمجازاة المطعون ضده بخفض مرتبه بمقدار علاوة وخفض وظيفته قد صدر استناداً إلى نص المادة 33 من لائحة الجزاءات المعمول بها في البنك وقد بني هذا القرار على أساس مخالفة المطعون ضده لنظام العمل بالبنك بارتكابه المخالفات الآتية:
(1) أصدر توجيهات بالاكتفاء بأن يقوم خبير بالتأشير برأيه على فاتورة العرض دون الانتقال إلى مقر المنشأة والاكتفاء بالاطلاع على ملف العميل وبزيارة الفاحص للمنشأة.
(2) أصدر توجيهات بالاكتفاء بشهادة المحاسب دون بحث المركز الضريبي للعميل وكذلك عدم استكمال البيان المجمع.
(3) عدم استخدام الفرع لاستمارة التسهيلات المصرفية.
(4) التجاوز في منح السلف بالرغم من أن نتيجة الاستعلام غير كافية وغير مطمئنة.
(5) الموافقة على منح القرض بالرغم من عدم زيارة أي من المختصين (فاحص أو خبير) للمنشأة حتى تاريخ الموافقة.
(6) الموافقة على منح القرض غير مستوفي بعض التحفظات اللازمة في بعض الحالات كاستيفاء الرخصة.
(7) التجاوز في منح القروض بالرغم من ظهور التلاعب بالسجل التجاري بإضافة مهنة الصناعة في السجل مما أدى إلى منح القرض لغير العاملين بالصناعة.
(8) عدم إلزام الفاحص بتقديم تقرير خاص بالزيارة.
(9) عدم قيامه بمتابعة عملية تحصيل أتعاب الخبرة وكذلك أتعاب دراسة الجدوى قبل بدء الدراسة مخالفاً بذلك قرار مجلس الإدارة الصادر في 15 من يوليو سنة 1981 ولم يثبت إخطاره فرع القاهرة بإضافتها لحساب العملاء.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى الأوراق والتحقيقات التي استخلص منها بنك التنمية "الطاعن" الدين الموجب لمسائلة المطعون ضده يبين أن البنك المذكور كان قد شكل لجنة لدراسة موقف عملاء البنك الحاصلين على تسهيلات بيع بالتقسيط بمدينة دمياط وبتاريخ 23 من مايو سنة 1982 أعيد الأستاذ/ ...... مدير عام الشئون القانونية وعضو اللجنة المذكورة - تقريراً متضمن أنه قد تحقق له وللسيد/ ...... مدير عام متابعة التعليمات وعضو اللجنة أن بعض عملاء البيع بالتقسيط بدمياط استلم جزءاً من الآلات ولم يتسلموا الباقي والبعض الآخر لم يتسلم الآلات إطلاقاً وأنه استلم بدلاً منها نقوداً من المورد وقد استبان للجنة أن ذلك يرجع إلى ما يلي:
(1) عدم تطبيق بعض الإجراءات الهامة في نظام البيع بالتقسيط حيث لم تكن هناك معاينة للورش ومدى استيفائها للشروط اللازمة لتركيب وتشغيل الآلات المطلوبة ومدى حاجة العميل من حيث طبيعة وكمية نشاطه لمثل هذه الحالات حيث كان يقتصر الأمر في أغلب الحالات على تقرير هندسي بأن السعر مناسب.
(2) عدم وجود تسليم فعلي واقعي للآلات بواسطة مندوب البنك حيث يتضح من الوقائع أن محاضر التسليم كانت تتم مكتبياً أما في مكتب المورد بدمياط أو في مكتب الفاحص بفرع البنك.
(3) القروض المقدمة للعميل وفواتير الشراء ومحاضر التسليم لم تتضمن الأرقام المميزة لكل أمر منها.
(4) عدم معاينة الآلة فنياً بعد تسليمها بوقت قصير للتحقق من تركيبها وصلاحيتها للتشغيل خلال مدة الضمان على الأقل.
وبعرض المذكرة المشار إليها على السيد رئيس مجلس الإدارة إشارة بإحالة المخالفات إلى التحقيق ضد السيد/ ...... المطعون ضده وكل من شارك في هذه المخالفات.
كما تبين أنه عند سؤال المطعون ضده في التحقيق الذي أجرى معه بتاريخ 27 من مايو سنة 1982 عن نظام البيع بالتقسيط قرر بأن الفرع يقوم باستقبال العميل بواسطة الفاحص الذي يقوم بوظيفة الإرشاد والتوجيه ومعه عرض أو أكثر للآلات المطلوب الحصول عليها فإذا كانت أوراق مقوماته سليمة تحرر له استمارة سلفة وبعد ذلك يخطر الاستعلامات والائتمان والمهندس بالدراسة واتخاذ اللازم ثم يقوم الفاحص المختص بالمنطقة بالزيارة أو أي فاحص آخر عنده برنامج زيارات هناك وكذلك المهندس ويقدم كلا منهما تقريره هذا بخلاف الاستعمالات وتجمع هذه البيانات والدراسات لدى الفاحص وتعد مذكرة تعرض على مدير الفرع المطعون ضده تضمنه التوصية بالموافقة أو الرفض ثم تحرر مذكرة بالتسهيلات المتضمنة تشمل البيانات الأساسية والتسهيل والغرض منه وبيانات إحصائية ويرفق بها حافظة المستندات ويوقع عليها مدير فرع طنطا المطعون ضده بالموافقة وترسل لفرع القاهرة للمراجعة وفي حالة الموافقة ترسل لإدارة العقود لتحرير العقد ثم يصدر الشيك من فرع القاهرة ثم يسلم الشيك إلى فرع طنطا الذي يقوم الفاحص بالتوجه به إلى مخازن المورد لتسليم العميل الآلات محل التعاقد مقابل حصول الفاحص من العميل على الإقرار بالاستلام ثم يقوم الفرع بعد ذلك بإخطار إدارة العقود بالمركز الرئيسي بأصل محضر التسليم وكذلك فرع القاهرة بصورة منها لعمل التأمين وإخطار إدارة متابعة العمليات لتقوم بمعاينة الآلات بعد تركيبها وتشغيلها.
وأنه بمواجهة المطعون ضده بالمخالفات التي كشف عنها تقرير اللجنة المشار إليه قرر أنه بالنسبة لعدم استعمال استمارة التسهيلات المصرفية فلم يجد ضرورة لذلك ذلك أنه لم يكن يستعملها أثناء عمله بالمركز الرئيسي كما أن الحالات التي كانت ترسل لفرع القاهرة لم يطلب منه مثل هذه الاستمارة كما أفاد بالنسبة لعدم تضمن الملفات للتقرير الهندسي بالمعاينة فكان المتبع أن يقوم المهندس بالانتقال إلى دمياط لمعاينة عدة حالات وبعد عودته كان يقوم بتقديم تقرير تفصيل بالمعاينة مبيناً أوصاف المنشأة وإمكان استيعابها للآلات موضوع التعامل ولكن أخيراً كان يكتفى بالتأشير على العرض بموافقته على إعطاء الآلات للورشة مع تحديد سعرها وهذه مسئولية المهندس.
وبالنسبة لواقعة الاكتفاء بشهادة المحاسب دون دراسة الموقف الضريبي اعترف بذلك وبررها بالقول أن السلف الممنوحة خاصة بنظام البيع بالتقسيط وأن هذه الآلات مملوكة للبنك وليس بمصلحة الضرائب أي أولوية أو امتياز كما اعترف بأنه وافق على منح سلفة لأحد العملاء على الرغم من وجود بروتستو ضده بمقولة أنه قد علم أن هذا البروتستو كان لظروف طارئة هذا كما اعترف المطعون ضده بأنه قد تم إبلاغه بقرار مجلس الإدارة الصادر بجلسته المنعقدة في 15 من يوليو سنة 1981 والخاص بتحصيل أتعاب دراسة الجدوى إلا أنه لم يلتزم بتحصيل هذه الأتعاب على أساس جذب العملاء دون إرهاقهم بأي مصاريف في بدء الدراسة وختم المطعون ضده أقواله في التحقيق بالقول بأن ظروف إنشاء الفروع والنطاق الجغرافي الذي سبب مشروعية نشاطه وهو سبع محافظات مع القوى العاملة بالفرع وحداثة المعينين وعدم وجود عاملين يقومون بالمراجعة كل ذلك أدى إلى حدوث الثغرات التي تناولها هذا التحقيق والتي تمت بحسن نية وطلب المطعون ضده مراعاتها عن تحديد المسئولية ووعد بعدم تكرارها مستقبلاً مع الأخذ في الاعتبار ملف خدمته وتقاريره.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه عند سماع أقوال السيد/ ...... الموظف بالشئون الإدارية بالبنك قرر لدى مواجهته بوجود ملفات خاصة ببعض العملاء غير مرفق بها تقرير المعاينة وتقرير المهندس الذي يفيد أن المنشأة في حاجة إلى هذه الآلة قرر أن العمل جرى على أن يقوم المهندس بالتأشير برأيه على فاتورة العرض دون أن يقدم تقرير تفصيل.
كما قرر كل من السادة/ ..... و..... و..... أن المتبع هو منح السلف للعملاء دون قيامهم بالانتقال إلى مقر المنشأة باعتبارهم فاحصين وكان الغرض من ذلك تحقيق أكبر قدر من التسهيلات وأضافوا أن العمل كان يجرى على منح السلف دون دراسة المركز الضريبي - أما الآن فيجرى بحث المركز الضريبي للعميل وجاء بأقوال المهندس/ ...... (ص 26) أنه كان يطلب منه في بعض الحالات المستعجلة الاكتفاء بتقديم تأشيرة على الفاتورة دون الانتقال إلى مقر المنشأة.
وأورى المهندس/ ...... بالقسم الهندسي بالبنك أنه كان يحضر إلى فرع طنطا ليقوم بالمهمات التي يكفله بها البنك وفي إحدى المرات عرض عليه الفاحصون ملفات خاصة لعملاء دمياط وطلبوا تحديد السعر الخاص بالآلات وكذلك مدى احتياج المنشآت لهذه الآلات من واقع الملفات فأعرض على ذلك وطلب ضرورة الانتقال إلى دمياط للتأكد من هذه البيانات، وتوجه الأستاذ/ ...... مدير الفرع ومعه الفاحص فأخبره المدير بالاكتفاء بالاطلاع على الملف ومن واقع البيانات المكتوبة (ص 27 من التحقيق).
وقد أجرى المحق مواجهة مع المهندس/ ........ والسيد/ ...... للتأكد من صحة قيام السيد/ مدير فرع طنطا بإعطاء توجيهات بالاكتفاء بالبيانات الواردة بالملف دون القيام بالسفر للمعاينة أكد السيد/ ...... على ما قرره السيد/ ...... في هذا الصدد وبسماع أقوال المهندس/ ...... أن المهندس كان يكلف بالتأشير على الفاتورة بناء على التوجيهات السيد/ ...... (المطعون ضده) حيث قال لهم "أن حجم العمل كبير والانتقال للمعاينة قد يؤخر تنفيذ القروض" وأضاف أن هذه الإجراءات غير متبعة بفرع القاهرة.
ومن حيث إن المستفاد من الاستعراض المتقدم أن المطعون ضده بصفته مدير فرع البنك بطنطا كانت تعرض عليه بإقراره أعمال الفاحصين والمهندسين والمراجعين المتعلقة بطلبات الحصول على تسهيلات ائتمانية لشراء آلات من البنك، متضمنة التوصية بالموافقة أو الرفض على طلب العملاء ويعتمدها المطعون ضده ويرسلها بالموافقة إلى فرع القاهرة للمراجعة. وإذ كان الأمر كذلك وكان الثابت أن المطعون ضده لم يلتزم بالإجراءات التي كانت تستوجبها عمليات فحص ومراجعة الفاحصين والمهندسين والمراجعين بمقولة التيسير على العملاء في الحصول على الائتمانات المطلوبة، ويتضح ذلك بجلاء من أن أوراق الفحص التي كانت تعرض عليه في بعض الحالات، كانت خالية من تقارير المعاينات والفحص، ولقد سلم المطعون ضده بذلك حين أشار إلى أن ظروف إنشاء الفرع المعينين فيه وعدم وجود عاملين يقومون بالمراجعة كل ذلك أدى إلى حدوث الثغرات التي تناولها التحقيق والتي تمت - على ما يقول به - بحسن النية، ووعد بعدم تكرارها مستقبلاً، فقد قرر السيد/ ...... الموظف بالشئون الإدارية بالبنك بأن العمل جرى في فرع البنك المذكور على أن يقوم المهندس بالتأشير برأيه على فاتورة العرض دون أن يقدم تقريراً تفصيلياً وأضاف كل من السادة/ ...... و...... و...... الفاحصين بفرع البنك بطنطا أن منح السلف للعملاء كان يتم دون قيامهم بالانتقال إلى مقر المنشأة وأن الغرض من ذلك كان على ما يزعمونه تحقيق أكبر قدر من التسهيلات، وقرروا أن منح السلف كان يتم أيضاً دون بحث المركز الضريبي للعملاء، كما ذكر المهندس/ ...... أنه كان يطلب منه في بعض الحالات المستعجلة الاكتفاء بالتأشيرة على الفاتورة دون الانتقال إلى مقر المنشأة كما ذكر المهندس/ ...... أنه توجه إلى المطعون ضده ومعه الفاحصين معترضاً على ما قرروه له من عدم ضرورة الانتقال إلى مقر العملاء للتأكد من صحة طلباتهم، فأخبره المطعون ضده بالاكتفاء بالاطلاع على الملف من واقع البيانات المكتوبة، وقد تأكد ذلك من المواجهة التي أجرها المحقق بين المهندس المذكور والفاحص/ ...... كما شهد المهندس/ ...... بأنه كان يكلف بالتأشير على الفاتورة بناء على توجيهات المطعون ضده والذي كان يقرر لهم أن حجم العمل كبير والانتقال للمعاينة قد يؤخر تنفيذ القروض.
ومن حيث إنه بالإضافة إلى ما تقدم فقد ثبت من الأوراق، ومن إقرار المطعون ضده ذاته اكتفائه بشهادة المحاسب دون دراسة المركز الضريبي، وموافقته على منح سلفة لأحد العملاء على الرغم من وجود بروتستو ضده وعدم قيامه بتحصيل أتعاب دراسة الجدوى رغم إبلاغه بقرار مجلس الإدارة الصادر بجلسته المنعقدة في 15 من يوليو سنة 1981 على ما أقر به في التحقيقات.
ومن حيث إن مسئولية المطعون ضده في الخروج على ما تقضي به التعليمات التي اعترف بها وقررها وما تقضي به ضرورة الحرص على المال العام من أن يتبدد وأن بصرف في غير أغراضه وهي مسئولية جسيمة فما كان يجوز له إطلاقاً أن يصدر أي تعليمات لمرؤوسيه في فرع البنك بعدم الالتزام بالانتقال إلى مقر منشأة ومعاينتها معاينة جدية. ولا وجه للتذرع في هذا الشأن بأن من شأن هذا الانتقال أن يؤخر تنفيذ القروض لأن مثل هذه التعليمات تنطوي على تسيب واضح وقد أدى هذا التسيب فعلاً إلى تلاعب العملاء وإعادة تسليم الموردين للآلات والمهمات الممنوحة لهم من فرع البنك وما قد يترتب على ذلك من ضياع حقوق البنك قبل هؤلاء العملاء. فقد أفاد بنك التنمية الصناعي بأن جملة المبالغ التي صرفت بمعرفة فرع طنطا إلى العملاء الذين تبين عدم وجود الآلات المبيعة لديهم فضلاً عن عدم وجود ورش لدى بعضهم بلغت أكثر من مليوني جنيه، وأن النيابة العامة أحالت ثلاثة وثمانين عميلاً ومورداً وموظفاً من موظفي فرع طنطا إلى محكمة الجنايات حيث قيدت القضية برقم 1544 لسنة 1985 جنايات أمن دولة عليا - ولم يتيسر استرداد سوى مليون جنيه تقريباً والباقي مشكوك في أمر تحصيلها.
ومن حيث إن ما نسب إلى المطعون ضده من أنه ارتكب خطأ أو إهمالاً نشأ عنه أضراراً مالية جسيمة يكون قد ثبت في حقه ويكون الجزاء الموقع عليه وقد تم تطبيقاً لحكم المادة 33 من لائحة العاملين بالبنك وهو خفض المرتب لعلاوة واحدة مع خفض الوظيفة صحيحاً في الواقع والقانون بما لا مجال للطعن عليه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى.