مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 280

(40)
جلسة 28 من نوفمبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وفاروق عبد الرحيم غنيم والسيد السيد عمر المستشارين.

الطعنان رقما 445 و604 لسنة 27 القضائية

( أ ) دعوى - حكم في الدعوى - بطلان الأحكام - عدم إخطار المدعى عليه بتاريخ الجلسة - المادة (30) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بإصدار قانون مجلس الدولة. يعتبر إخطار ذوي الشأن بتاريخ الجلسة المحددة لنظر الدعوى إجراءاً أساسياً وضمانة جوهرية للخصوم ليتمكنوا من الحضور بأنفسهم أو بوكلاء عنهم لإبداء ما يعن لهم من أوجه الدفاع وتقديم ما يكون لديهم من مستندات ومن ثم يترتب على إغفاله بطلان في الإجراءات يبطل الحكم الذي استند إليها - إثبات الإخطار بورقة رسمية بناء على أمر من المحكمة لا يدحضه سوى اتباع إجراءات الطعن بالتزوير في بيانات محضر الجلسة والحصول على حكم بذلك - أساس ذلك/ : - أنه متى تحقق الإخطار ببياناته ثابتة بأوراق وسجلات رسمية بمعرفة موظفين عموميين مختصين بإثباتها بحكم وظائفهم فلا يكفي لإنكارها مجرد الادعاء بما يخالفها - تطبيق.
(ب) مسئولية المقاول عما يقيمه من مبان - التزامه بضمان الأعمال - مدة الضمان - متى تبدأ - المادة (651) من القانون المدني - لائحة المناقصات والمزايدات الملغاة.
مدة ضمان المقاول يقيمه من مباني أو منشآت هي عشر سنوات تبدأ من تاريخ تسليمه العمل الذي قام بتنفيذه إلى صاحبه - لا عبرة في هذا المجال بتاريخ التسليم المؤقت الذي سبق المعاينة الأخيرة التي يعقبها التسليم النهائي فذلك التاريخ هو الذي يحسب منه مدة الضمان المحددة بسنة واحدة طبقاً لنص المادة (98) من لائحة المناقصات والمزايدات الملغاة - نتيجة ذلك: لا يخل التسليم المؤقت بضمان المقاول الذي يبدأ من تاريخ التسليم النهائي – تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 3 من مارس 1981 أودع الأستاذ...... المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ..... قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 445 لسنة 27 القضائية ضد السيدين/ محافظ دمياط ورئيس مجلس مدينة دمياط في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 25 من يناير 1981 في الدعوى رقم 237 لسنة 1 القضائية القاضي برفض الدفع بسقوط حق المدعيين في رفع دعوى الضمان على المدعى عليه وفي الموضوع بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي لهما بصفتهما مبلغ 11000 جنيه (أحد عشر ألف جنيه) والمصروفات، وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم: أولاً: بصفه مستعجلة بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه. وثانياً: وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بسقوط حق المطعون ضدهما في رفع دعوى الضمان على الطاعن. وبرفض الدعوى بصفة أصلية، وبصفة احتياطية بانتداب مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة ليعهد إلى أحد خبرائه المختصين بأداء المأمورية التي تكلفه بها المحكمة ومنها بيان تاريخ ظهور العيوب بالمبنى محل النزاع على وجه التحديد وما إذا كانت هذه العيوب ناشئة عن خطأ في تنفيذ العملية أم كانت بسبب لا دخل لإدارة الطاعن فيه، وفي جميع الأحوال بإلزام المطعون ضدهما بصفتهما بالمصروفات عن الدرجتين شاملة أتعاب المحاماة.
وفي يوم الثلاثاء الموافق 24 من مارس سنة 1981 أودعت إدارة قضايا الحكومة (هيئة قضايا الدولة بمقتضى القانون رقم 10/ 1986) نيابة عن السيدين/ محافظ دمياط ورئيس مجلس مدينة دمياط قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 604 لسنة 27 القضائية ضد السيد/ ...... عن ذات الحكم المطعون فيه بمقتضى الطعن الأول، وطلب الطاعنان للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي موضوعه بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي للطاعنين بصفتهما الفوائد القانونية بواقع 4% على المبلغ المحكوم به وقدره 11000 جنيه (أحد عشر ألف جنيه) من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد مع إلزام المطعون ضده بمصروفات هذا الطعن. وأعلن الطعنان قانوناً، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً عن الطعن الأول ارتأت فيه الحكم بصفة أصلية بقبوله شكلاً، وببطلان الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة لتنظرها من جديد، مع إبقاء الفصل في المصروفات وبصفة احتياطية بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصروفات. كما قدمت تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن الثاني اقترحت فيه الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع برفضه مع إلزام الطاعنين بصفتهما بالمصروفات.
وعرض الطعن رقم 445 لسنة 27 القضائية على دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 21/ 6/ 1982 وتداول بالجلسات طبقاً للمحاضر حتى قررت بجلسة 17/ 1/ 1983 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره بجلسة 12/ 3/ 1983. ثم عرض عليها الطعن برقم 604 لسنة 27 القضائية بجلسة 5/ 12/ 1983 وتداول بالجلسات على الوجه الثابت بالمحاضر حتى قررت بجلسة 19/ 12/ 1983 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره بجلسة 24/ 12/ 1983. وفي هذه الجلسة قررت المحكمة ضم الطعن رقم 604 لسنة 27 القضائية إلى الطعن رقم 445 لسنة 27 القضائية وحددت لإصدار الحكم فيهما جلسة 11/ 2/ 1984 التي قررت فيها مد أجل النطق به إلى جلسة 25/ 2/ 1984 حيث قضت بقبول الطعنين المضمومين شكلاً وتمهيدياً وقبل الفصل في موضوعهما بندب مكتب خبراء وزارة العدل بدمياط لأداء المأمورية المبينة بالحكم. وتداول نظرهما بالجلسات بعد ذلك على ما هو ثابت بالمحاضر حتى قررت بجلسة 1/ 12/ 1984 إحالتهما إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظرهما بجلسة 11/ 12/ 1984 وقد قررت بجلسة 22/ 10/ 1985 إحالتهما إلى هذه المحكمة (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) للاختصاص وحددت لنظرهما أمامها جلسة 7/ 12/ 1985، فعرضا عليها في هذه الجلسة والجلسات التالية طبقاً لمحاضرها حتى قررت بجلسة 24/ 3/ 1987 إصدار الحكم بجلسة 4/ 4/ 1987 وفيها أعيد الطعنان إلى المرافعة وبجلسة 18/ 4/ 1987 قررت المحكمة إعادة ملف الدعوى إلى الإدارة العامة لخبراء دمياط لندب خبير آخر لأداء المهمة التي تخلفت الخبيرة السابقة عن أدائها وتغريمها عشرة جنيهات، وبعد أن ورد تقرير مكتب خبراء دمياط وسمعت المحكمة ما رأت لزومه من إيضاحات، قررت بجلسة 14/ 11/ 1987 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 18/ 7/ 1978 أقام محافظ دمياط ورئيس مجلس مدينة دمياط الدعوى رقم 1885 لسنة 32 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود) ضد...... بطلب الحكم بإلزام المدعى عليه بأن يدفع لهما بصفتهما مبلغ 11000 جنيه وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، ثم قيدت الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة برقم 237 لسنة 1 القضائية، وأوضحت عريضتها أنه بتاريخ 9/ 4/ 1967 تم التعاقد مع المدعى عليه لتنفيذ عملية إنشاء فرن نصف آلي بدمياط بمبلغ إجمالي قدره 9687.340 جنيه وصدر أمر تشغيل له تحدد فيه يوم 10/ 8/ 1967 لبدء العمل ويوم 9/ 2/ 1968 لانتهائه وبتاريخ 9/ 2/ 1968 تحرر محضر تسليم ابتدائي ثبت فيه عدم إتمام بعض الأعمال. وبتاريخ 5/ 8/ 1969 تحرر محضر التسليم النهائي، وقد ظهر بمبنى الفرن بعض العيوب فتقرر تشكيل لجنة لمعاينته. وحررت اللجنة بتاريخ 17/ 2/ 1977 محضراً أثبتت فيه وجود عيوب بحجرتي التهوية وحجرة المكتب ومخزن أيمن المدخل والسقف أعلى بيت النار ومدخل المعجن القبلي وسقف المعجن القبلي وسقف المعجن البحري والسطح على الوجه المبين بعريضة الدعوى ورأت اللجنة إزالة الأسقف المعيبة وإعادة صبها مع عمل الترميمات اللازمة للحوائط والأرضيات وقد أفادت مديرية الإسكان والتعمير بأن قيمة الأعمال المشار إليها واللازمة لإصلاح هذه العيوب تقدر بمبلغ 11000 جنيه (أحد عشر ألف جنيه) وهو المبلغ الذي يلزم المدعى عليه بدفعه طبقاً لأحكام الضمان المقررة بلائحة المناقصات والمزايدات ونصوص القانون المدني. وبجلسة التحضير 4/ 6/ 1979 دفع الحاضر عن المدعى عليه بسقوط الحق في الرجوع عليه لفوات مدة الضمان طبقاً للمادة 651 من القانون المدني، حيث سلم المبنى بتاريخ 9/ 2/ 1968، وأقيمت الدعوى بعد مضي أكثر من عشر سنوات على هذا التاريخ. وأبدت إدارة قضايا الحكومة دفاعها وتمسكت بالطلبات مستندة إلى مسئولية المدعى عليها (المقاول) طبقاً لأحكام المادتين 651 و654 من القانون المدني. وبجلسة 25/ 1/ 1981 أصدرت المحكمة حكمها موضوع الطعن الماثل وأقامت قضاءها برفض الدفع بسقوط دعوى الضمان على أن المقصود بتاريخ تسلم المبنى الذي تبدأ منه مدة الضمان المنصوص عليها في المادة 651 من القانون المدني، هو التسليم النهائي الذي بمقتضاه ينتقل المبنى إلى حوزة صاحب العمل ويوضع موضع الاستعمال العادي وتنتهي به مدة الضمان الخاص المقررة بلائحة المناقصات والمزايدات. فإن حدثت العيوب بالمبنى خلال عشر سنوات من تاريخ هذا التسليم وكانت دعوى الضمان قد رفعت خلال ثلاث سنوات من تاريخ حصول الهدم أو انكشاف العيب طبقاً للمادة 654 من القانون المدني، فلا تسقط دعوى الضمان ضد المقاول. وإذ ثبت من الأوراق أن عملية إنشاء المخبز الآلي كانت قد سلمت ابتدائياً إلى جهة الإدارة بتاريخ 9/ 2/ 1968 وتم التسليم النهائي بتاريخ 6/ 8/ 1969 وثبتت عيوب المبنى بالمعاينة التي قامت بها اللجنة الفنية في 16/ 12/ 1976 فأقيمت الدعوى في 18/ 7/ 1978، فإن الدعوى تكون قد رفعت في الميعاد القانوني. ويكون الدفع بسقوط الحق في رفعها على غير أساس من الواقع والقانون. ولما كانت جهة الإدارة قد قدرت قيمة الأعمال والترميمات اللازمة لإصلاح عيوب المبنى بمبلغ 11000 جنيه ولم يناقش المدعى عليه هذا التقدير أو يعارض فيه فلا مناص من الحكم به للمدعيين، أما عن الفوائد المطالب بها عن هذا المبلغ فإن أحكام الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع طبقاً للدستور تحرم الربا في جميع صوره ومن بينها الفوائد التي تستحق على المدين وفقاً للمادة 226 من القانون المدني، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن امتنعت عن تطبيق حكم هذه المادة.
ومن حيث إن الطعن رقم 445 لسنة 27 القضائية يقوم على أن الحكم المطعون فيه جاء مجحفاً بحقوق الطاعن وخالف الواقع والقانون للأسباب الواردة تفصيلاً في تقرير الطعن. وبني السبب الأول: أنه ولئن كان محامي الطاعن قد حضر جلسة التحضير المنعقدة في 4/ 6/ 1979 ودفع بسقوط حق المدعيين في إقامة الدعوى وتكرر حضوره في الجلسات التالية حتى حجز الدعوى للتقرير بجلسة 14/ 1/ 1980 إلا أنه منذ هذا التاريخ لم يتم إخطاره ولا إخطار الطاعن شخصياً بأية جلسة من جلسات المرافعة أمام المحكمة المطعون في حكمها، ومن ثم تكون الإجراءات التي اتخذت في غيبته إجراءات باطلة ومخالفة لنصوص المواد 25 و27 و29 و30 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، الأمر الذي يترتب عليه بطلان الحكم لابتنائه على إجراءات باطلة. فأغفل الإعلان عن تاريخ الجلسة المحددة لنظر الدعوى يترتب عليه الإخلال بضمانة أساسية هي تمكين صاحب الشأن من الحضور بنفسه أو بوكيل عنه لإبداء دفاعه وتتبع سير الدعوى حتى يصدر الحكم فيها. وحاصل السبب الثاني: أن الحكم أخطأ في فهم وقائع الدعوى مما يترتب عليه الخطأ في تطبيق القانون. فقد انتهى الحكم إلى وجود عيوب في المبنى محل التعاقد وأخذ بتاريخ المعاينة التي قامت بها اللجنة الفنية في 16/ 12/ 1976 تاريخاً لسريان ميعاد سقوط دعوى الضمان. بينما الثابت من الأوراق أن الطاعن قام بتسليم المبنى تسليماً ابتدائياً في 9/ 2/ 1968 دون أن يثبت أي تقصير من جانبه في تنفيذ العملية. ومضت مدة السنة التي نصت عليها المادة 67 من لائحة المناقصات والمزايدات وقامت جهة الإدارة بتسلم المبنى نهائياً في 5/ 8/ 1969 وصرفت للطاعن جميع مستحقاته، مما يدل على أن المبنى الذي أقامه لم يكن به أي عيوب وإذ انقطعت صلته بالمبنى وبالجهة المتعاقدة منذ ذلك التاريخ ومضت مدة تزيد على عشر سنوات دون أن يخطر بظهور أي عيب في المبنى فإن الدعوى وقد رفعت في 18/ 7/ 1978 بعد أكثر من عشر سنوات على تاريخ تسلم المبنى في 9/ 2/ 1968 تكون قد أقيمت بعد انقضاء مدة الضمان المنصوص عليها في المادة 651 من القانون المدني، ولا يغير من ذلك ما جاء بالحكم المطعون فيه من أن اللجنة الفنية أثبتت وجود عيوب بالمبنى في 16/ 12/ 1976 طالما أن المحكمة لم تبين ما إذا كانت تلك العيوب نتيجة لأعمال الطاعن أم أنها ناتجة من استعمال المبنى استعمالاً خاطئاً أم لغير ذلك من الأسباب، وتلك مسألة فنية لا تستقل بها المحكمة فلا تقضي بمسئولية الطاعن دون الاستعانة بأهل الخبرة، خاصة وقد أثبت الحكم واقعة تسليم المبنى إلى جهة الإدارة بصفة نهائية دون أن يكون لها أية تحفظات وأن مجلس مدينة دمياط لم يقم بتشغيل الفرن مباشرة وإنما قام بتسليمه إلى مؤسسة المطاحن التي أجرت به بعض التعديلات من الداخل وأحدثت بأعمال الهدم شروخاً بالمبنى. كذلك وقع الحكم المطعون فيه في خطأ آخر حين ألزم الطاعن بدفع مبلغ أحد عشر ألف جنيه مع أن الثابت من الأوراق أن قيمة إجمالي العملية التي رست على الطاعن 9687.340 جنيهاً ولا يستقيم الحكم في ذلك إلا إذا كان المبنى قد تهدم بالكامل وهو الأمر الذي لم يحدث. ويقوم السبب الثالث على أن الحكم المطعون فيه حدد تاريخ ظهور العيوب في المبنى تحديداً جزافياً. فقد ثبت أن بعض المسئولين عن المخبز الآلي تقدموا بشكاوى عن تصدع سقف المخبز دون أن يبين التاريخ الذي قدمت فيه هذه الشكاوى مع أنه الذي يحدد وقت حدوث العيوب واكتشافها فتبدأ منه مدة الضمان، وليس من تاريخ المعاينة التي قامت بها اللجنة الفنية في 16/ 12/ 1976.
ومن حيث إن الطعن رقم 604 لسنة 27 القضائية ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون فيما قضى به من رفض طلب إلزام المدعى عليه بالفوائد القانونية عن المبلغ المطلوب في الدعوى وذلك على سند من أن المادة 226 من القانون المدني التي تقضي باستحقاق هذه الفوائد واجبة التطبيق، ولا تملك المحكمة الامتناع عن أعمال حكمها، إذ أن سلطتها تكون في وقف الدعوى وإحالة النزاع إلى المحكمة الدستورية العليا إن رأت أن هذه المادة تتعارض مع نص وارد في الدستور.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الطعن رقم 445 لسنة 77 القضائية وعن سببه المتعلق ببطلان الحكم المطعون فيه لعدم إخطار المدعى عليه بتاريخ الجلسة التي نظرت فيها الدعوى أمام المحكمة فإنه ولئن كان إخطار ذوي الشأن بتاريخ الجلسة المحددة لنظر الدعوى - وفق ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - إجراء أوجبه القانون طبقاً للمادة 30 من قانون مجلس الدولة ويعد ضمانة جوهرية للخصوم ليتمكنوا من الحضور بأنفسهم أو بوكلاء عنهم لإبداء ما يعن لهم من أوجه الدفاع وتقديم ما قد يكون لديهم من مستندات، ومن ثم يترتب على إغفاله بطلان في الإجراءات فيبطل الحكم المستند إليها، إلا أن الثابت من محاضر جلسات المحكمة المطعون في حكمها أن أول جلسة نظرت فيها الدعوى كانت جلسة 22/ 6/ 1980 التي لم يحضرها المدعى عليه وقررت المحكمة التأجيل لجلسة 14/ 12/ 1980 بناء على طلب الحاضر عن الإدارة للاطلاع على تقرير مفوض الدولة وعلى السكرتارية إعادة إخطار المدعى عليه وبجلسة 14/ 12/ 1980 لم يثبت سوى حضور محامي الإدارة وقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة 25/ 1/ 1981 وفيها صدر الحكم المطعون فيه، والمستفاد من ذلك أنه سبق إرسال إخطار إلى المدعى عليه بتاريخ أول جلسة نظرت فيها الدعوى وإلا ما كانت المحكمة قد أمرت سكرتاريتها بإعادة إخطار المدعى عليه بالجلسة التالية وهذه الواقعة في حد ذاتها تعد مستمدة من ورقة رسمية لا يدحضها إلا اتباع طريق الطعن بالتزوير في بيانات محضر الجلسة والحصول على حكم بذلك. ومن ناحية أخرى فقد أمرت هذه المحكمة أثناء نظر هذا الطعن بإجراء تحقيق في واقعة عدم إخطار الطاعن بجلسة 22/ 6/ 1980 المشار إليها. وثبت من التحقيق الإداري المرفق أوراقه بملف الطعن أنه تم إخطار السيد/ ...... (الطاعن) بجلسة 22/ 6/ 1980 بالكتاب رقم 4739 بتاريخ 2/ 6/ 1980 حسبما أفاد المشرف على فرع المنصورة. كما أفاد كتاب سكرتير قضائي محكمة القضاء الإداري بالمنصورة رقم 17230 المؤرخ 10/ 12/ 1983 المرسل إلى مراقب المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) بأنه بالبحث بسجلات دفاتر الوارد لم يرد إخطار السيد المذكور من جلسة 22/ 6/ 1980 حتى 31/ 12/ 1980، وهذه البيانات الثابتة بأوراق وسجلات رسمية بمعرفة موظفين عموميين مختصين بإثباتها بحكم وظائفهم لا يكفي لإنكارها مجرد الادعاء بما يخالفها، وبالتالي لها لا يصدق سبب الطعن المبني على عدم إخطار الطاعن بجلسات المرافعة التي نظرت فيها الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه فيتعين طرحه.
ومن حيث إنه عن وجه الطعن القائم على سقوط الحق في رفع دعوى الضمان ضد الطاعن وغيره من أوجه الطعن الأخرى فالثابت من ملف عملية إنشاء المخبز الآلي (ملف رقم 1/ 10/ 149) المودع ملف الطعن أن الطاعن تعاقد بتاريخ 9/ 4/ 1967 مع محافظ دمياط ورئيس مجلس المدينة على تنفيذ عملية إنشاء فرن نصف آلي بدمياط حسب الشروط والمقايسات الواردة ببيان أعمال هذا العقد مقابل مبلغ 9687.340 جنيهاً على أن يقوم بتنفيذ العملية في مدة ستة شهور من تاريخ استلام الموقع ونص العقد على أن يلتزم المقاول بتنفيذ ما ورد بشروط ومواصفات العملية ونص في البند 5 على أن هذه العملية تخضع تماماً للشروط العامة للعمليات والمواصفات الفنية المعمول بها بوزارة الإسكان والمرافق وأحكام لائحة المناقصات والمزايدات والقرارات المعدلة لها. وبمقتضى البند (10) يقر المقاول بضمان العملية لمدة سنة من تاريخ الاستلام الابتدائي مع عدم الإخلال بمدة الضمان المنصوص عليها في القانون المدني. وقد نصت المادة 651 من القانون المدني على أن (1) يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي فيما شيدوه من مبان أو أقاموه من منشآت ثابتة أخرى وذلك ولو كان التهدم ناشئاً عن عيب في الأرض ذاتها...... (2) ويشمل الضمان المنصوص عليه في الفقرة السابقة ما يوجد في المباني والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته. (3) وتبدأ مدة السنوات العشر من وقت تسلم العمل.... كما نص في المادة 654 على أن "تسقط دعاوى الضمان المتقدمة بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب" ومؤدى ذلك أن مدة ضمان المقاول لما يقيمه من مباني أو منشآت هي عشر سنوات تبدأ من تاريخ تسليمه العمل الذي قام بتنفيذه إلى صاحبه. وأساس هذا الضمان هو النص الوارد في المادة 651 من القانون المدني والذي أحال إليه العقد المبرم مع الطاعن، كما أحالت إليه المادتين 98 و99 من لائحة المناقصات والمزايدات المنطبقة في هذه المنازعة. ولا عبرة في هذا المجال بتاريخ التسليم المؤقت الذي سبق المعاينة الأخيرة التي يعقبها التسليم النهائي، فذلك التاريخ هو الذي يحسب منه مدة الضمان المحددة بسنة واحدة طبقاً للمادة 98 من اللائحة المذكورة. ولا يخل هذا الضمان بضمان المقاول يبدأ من تاريخ التسليم النهائي. وإلى هذا المعنى أشارت المادة 98 سالفة البيان فنصت على أن "يضمن المقاول الأعمال موضوع العقد وحسن تنفيذها على الوجه الأكمل لمدة سنة واحدة من تاريخ التسليم المؤقت وذلك دون إخلال بمدة الضمان المنصوص عليها بالقانون المدني. والثابت من ملف العملية وسائر أوراق الطعن أن مبنى الفرن موضوع التعاقد قد سلمه الطاعن إلى الجهة الإدارية تسليماً مؤقتاً في 9/ 7/ 1968 وتم تسليمه نهائياً في 5/ 8/ 1969 وبلغت قيمة ختامي العملية 11617.339 جنيهاً ثم اتضح أن بالمبنى عيوباً جوهرياً لم تنكشف من الناحية الهندسية والفنية إلا بالمعاينة التي أجرتها اللجنة الفنية في 16/ 12/ 1976: فاتضح لها وجود ترخيم وشروخ بخرسانة أسقف المبنى ذات المنسوب الواطي بامتداد الواجهتين الأمامية والخلفية نتيجة سوء صرف مياه الأسطح، ووجدت شروخ بحوائط المبنى تحت البلاطات المعيبة. وتقرر أولاً: إزالة البلاطات المعيبة وإعادة عملها طبقاً للأصول الفنية. ثانياً: ترميم وتنكيس الشروخ والحوائط. ثالثاً: معالجة السطح لجميع المبنى وذلك بوضع طبقة عازلة من الأسفلتومين وخرسانة ميول وبلاط وأسطح لضبط المبول وتحسين الصرف ووقاية بلاطة السقف من تراكم مياه الأمطار. وتبع ذلك المعاينة الفنية التي تمت قي 17/ 2/ 1977 التي أوضحت وجه الجسامة في عيوب المبنى من ترخيم بالسقف وتآكل حديد التسليح بشدة وتساقط غطاء الخرسانة وهبوط بالأرضيات وتساقط بياض السقف والشروخ النافذة به وبالحوائط، ثم محضر إثبات الحالة المؤرخ 17/ 12/ 1977. ومن ثم تكون العيوب التي شابت المبنى قد حدثت خلال مدة الضمان المحددة بعشر سنوات من تاريخ التسليم النهائي الحاصل في 5/ 8/ 1969، ولما كانت دعوى الضمان قد رفعت ضد الطاعن بتاريخ 18/ 7/ 1978 أي قبل انقضاء ثلاث سنوات على تاريخ انكشاف هذه العيوب على الوجه السابق بيانه، فإنها تكون قد أقيمت في الميعاد القانوني، ويكون الطعن على الحكم من هذا الوجه غير سديد، أما قول الطاعن في الطعن وفي المذكرات التي قدمها بأن مؤسسة المطاحن كانت قد تسلمت المبنى بعد إتمامه، ثم أدخلت عليه بعض التعديلات من الداخل، وقامت بأعمال هدم أدت إلى إحداث شروخ بالمبنى، وأن ثمة اختلافاً بين المواصفات التي قام الطاعن بتنفيذها طبقاً لشروط عقده وبين المواصفات التي أثبتتها لجنة المعاينة والتي ذكرت من بين المواد المستعملة البيوتمين والبلاط أعلى السقف والدكة، مع أن الطاعن قام بوضع طبقة خيش وليس بيوتمين أو دكة ولم يقم بوضع بلاط أعلى السقف ولم يصرف مبالغ عنه طبقاً للثابت من محضر ختامي العملية، هذا القول لا يسانده الواقع الثابت من الأوراق، فضلاً عن أن تقرير مكتب الخبراء المودع ملف الطعن نفى قيام مؤسسة المطاحن بإجراء أي أعمال بسقف الفرن وأثبت قيامها فقط بهدم وإعادة بناء طاقات النار للفرن تحت إشراف الجهة الإدارية المختصة. كما أثبت أن سقف المبنى نفذ بالمخالفة لأصول الصناعة المرعية وإن من العيوب الثابتة والمؤثرة في سلامة المبنى تسرب مياه الأمطار من خلال بلاطات السقف وضعف الطبقة العازلة وتآكل حديد التسليح (والمقصود على ما هو واضح البلاطة الخرسانية التي يتكون منها السقف وليس قطع بلاط الأرضية التي توضع فوق السقف بعد إتمامه لاستعماله أرضية للطابق الأعلى منه مباشرة) وهذا كله لا يحدث عادة من تعديلات تكون قد أجرتها تلك المؤسسة بطاقات بيت النار ولا وجه لأية شبهة في الأعمال التي ثبت مخالفتها لشروط ومواصفات العملية ونسبتها إلى الطاعن خاصة أن الثابت من كشف الدفعة الرابعة المؤرخ 5/ 12/ 1969 الذي تضمن بياناً بالأعمال التي قام بها حتى هذا التاريخ أن من بين هذه الأعمال الخرسانة المسلحة للأسقف والكمرات والقواعد والمسلات والأعمدة، ودكة خرسانية وطبقة عازلة أفقية من الأسفلت ودهان بالبيوتمين وتوريد وتركيب بلاط أسمنت إلى غير ذلك من أعمال ورد ذكرها تفصيلاً بالكشف. يضاف إلى ما تقدم أن تقرير مكتب الخبراء عرض تفصيلاً لدفاع الطاعن الذي أثار فيه مسائل هندسية وفنية وأثبت الرد عليه من المهندس المختص على وجه لا يتناقض مع الثابت من الأوراق. وبناء على ذلك يتحقق الموجب لضمان المقاول المذكور بإلزامه بالمبلغ الذي تكبدته الجهة الإدارية المتعاقدة فعلاً في عمليات الترميم والإصلاح للمبنى موضوع العقد بعد أن رفض الاستجابة لطلب الإدارة القيام بهذه الأعمال وإذ ثبت من محضر أعمال الخبير أن قيمة ختامي العملية اللازمة للترميم والإصلاح 7515.640 جنيهاً في الممارسة التي أجريت بتاريخ 20/ 2/ 1979 ورست على المقاول........ وقدمت الحكومة الكشف الختامي لمستند صرف هذا المبلغ للمقاول المذكور. فمن ثم يتعين إلزام الطاعن بأدائه إلى الجهة الإدارية المدعية (المطعون ضدها) تطبيقاً لنصوص العقد المبرم معه وعملاً بأحكام الضمان المنصوص عليها في القانون المدني. ولا وجه لإلزامه بغيرها استناداً إلى مقايسات تقريبية كانت هي المتاحة وقت رفع الدعوى، قبل أن يتحقق بيقين المبلغ الذي أنفقته الإدارة في هذا السبيل على الوجه المتقدم بيانه، إذ يتعين أن تكون المطالبة قائمة على أساس ثابت وبموجب مستندات رسمية لكي يتسنى الحكم على مقتضاها بالمبالغ المطلوبة لجهة الإدارة.
ومن حيث إنه عن الطعن رقم 604 لسنة 27 القضائية القائم على سند من نص المادة 226 من القانون المدني الخاصة بالفوائد فلم يعد ثمة أساس لاستحقاقها إذ لا تسري الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية إلا عن المبالغ التي تكون معلومة المقدار وقت رفع الدعوى، وتكون كذلك إذا كان تحديد مقدارها قائماً على أسس ثابتة فيكون معها للقضاء سلطة التقدير وفي الدعوى النظيرة كانت المطالبة بمبلغ 11000 جنيه مستندة إلى مقايسة تقديرية طبقاً للثابت من ملف العملية ولم يتحدد المبلغ على وجه القطع واليقين إلا بعد أن رست الممارسة في عملية الإصلاح والترميم على مقاول آخر بتاريخ 20/ 2/ 1979 بعد رفع الدعوى في 17/ 8/ 1978 على نحو ما سلف بيانه فقد ثبت أن المبلغ الذي تكبدته الإدارة فعلاً 7515.640 جنيه وبالتالي لا يحكم بأية فوائد عن هذا المبلغ من تاريخ المطالبة القضائية. وإذ خالف الحكم المطعون فيه النظر المتقدم بإلزام الطاعن في الطعن رقم 445 لسنة 27 القضائية بدفع مبلغ 11000 جنيه فيكون مستوجباً التعديل في هذا النطاق والقضاء بإلزامه بالمبلغ الذي تكبدته الإدارة فعلاً وهو 7565.640 جنيه فقط، وطالما أنه خاسر لدعواه وطعنه وكان المتسبب في رفع الدعوى والطعن الآخر من جانب الحكومة فيلزم بمصروفات الطعنين.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي موضوعهما بتعديل الحكم المطعون فيه إلى إلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعية مبلغ 7515.640 جنيه (سبعة آلاف وخمسمائة وخمسة عشر جنيهاً وأربعون وستين قرشاً) وألزمته بمصروفات الدعوى.