مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 305

(43)
جلسة 28 من نوفمبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عزيز بشاي سيدهم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير ومحمد معروف محمد وأحمد شمس الدين خفاجي وفريد نزيه تناغو المستشارين.

الطعن رقم 857 لسنة 33 القضائية

( أ ) طبيعة الخصومة التي يصدر فيها حكم بالعقاب الجنائي أو التأديبي عن واقعات الإخلال بنظام الجلسة.
سلطة العقاب الجنائي أو التأديبي الفوري المقررة للمحكمة عن واقعات الإخلال بالجلسة هي سلطة استثنائية في خصومة استثنائية بلا خصوم - هذه السلطة مقررة للمحكمة وليس لرئيس الجلسة الذي ناط به القانون ضبط الجلسة وإدارتها - الطعن المقام من هيئة مفوضي الدولة في مثل هذه الخصومات لا يستوجب إعلان القاضي الذي أصدر الحكم لأنه ليس خصماً في الدعوى ولا يجوز اختصام القاضي عن الإخلال بواجبات وظيفته إلا بدعوى المخاصمة - لا يجوز قبول تدخل رئيس المحكمة في الطعن على حكم شارك في إصداره.
(ب) مفهوم الجلسة طبقاً لنص المادة (104) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
يقصد بلفظ الجلسة في مفهوم المادة السابقة من الناحية الزمانية:
الوقت الذي يستغرقه نظر القضايا والمنازعات، ويقصد به من الناحية المكانية الأبعاد الداخلية لقاعدة الجلسة أي الحجرة من الداخل - لا ولاية للمحكمة في تطبيق نص المادة (104) من قانون المرافعات على ما يقع خارج الحجرة - أساس ذلك: تحقيق التوازن بين المحكمة من ناحية وجمهور المتقاضين من ناحية أخرى فلا تلازم بين سلطة المحكمة في توقيع العقاب الفوري وبين قدرتها على فرض النظام والسكينة حتى على الشوارع المحيطة بها بعد أن استقر في ضمير الشعب المصري ضرورة الالتزام بالهدوء وتوفير السكينة للمحاكم والمستشفيات ودور العلم بغير حاجة لفرض النظام بالسلطة واقتضاء السكينة جبراً – تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 7 من فبراير سنة 1987 أودع السيد الأستاذ المستشار نائب رئيس مجلس ورئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد في سجلات المحكمة برقم 857/ 33 ق في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 3 من يناير سنة 1987 والقاضي بمجازاة........ الموظفة بمحاكم مجلس الدولة بالمنصورة بالخصم من أجرها لمدة يومين، وطلب رئيس هيئة مفوضي الدولة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الموظفة المذكورة بالخصم من أجرها لمدة يومين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 25/ 2/ 1987 وفيها حضرت........ ووصفت في محضر الجلسة بأنها المطعون ضدها وتقرر تأجيل نظر الطعن لجلسة 11/ 3/ 1987 وفيها حضر الوكيل عن المستشار المساعد...... متدخلاً مع المطعون ضدها. وتقرر تأجيل نظر الطعن لجلسته 13/ 5/ 1987 للتعقيب على تقرير هيئة مفوضي الدولة وليقدم طالب التدخل مذكرة بأسباب تدخله. ثم نظر الطعن بجلسة 13/ 5/ 1987 وفيها حضر الوكيل عن المستشار المساعد........ متدخلاً عنه وطلب ضم تقرير التفتيش الفني المعد بالرأي في تظلم طالب التدخل من إخطاره بالتخطي في الترقية بسبب اشتراكه في إصدار الحكم المطعون فيه. كما طلب ضم قرار المجلس الأعلى للهيئات القضائية في التظلم المقدم من طالب التدخل من إخطاره بالتخطي في الترقية طبقاً لحكم المادة 103 من قانون مجلس الدولة.
وضم قرار القومسيون الطبي عن الكشف الطبي على طالب التدخل وطبق عليه قانون مرض الموت وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الرابعة - وحددت لنظره أمامها جلسة 6/ 9/ 1987 ونظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا بجلسة المرافعة المنعقدة يوم السبت الموافق 6/ 6/ 1987 وفيها حضر الوكيل عن المستشار المساعد........ طالب التدخل. كما حضر أحد أعضاء هيئة قضايا الدولة عن السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة.
ودفع الحاضر عن طالب التدخل بعدم قبول الطعن لانتفاء الخصومة لأن السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة بصفته المطعون ضده كان من الواجب اختصامه عند تقرير الطعن ابتداء. وطلب عضو هيئة قضايا الدولة الحاضر عن مجلس الدولة التأجيل حتى ترد إليه البيانات المطلوبة وللرد على الدفع المبدى من طالب التدخل. وقرر الحاضر عن طالب التدخل طلب ضم المستندات المشار إليها في محضر جلسة دائرة فحص الطعون بجلسة 13/ 5/ 1987 وقدم المستشار المساعد...... المتدخل في الطعن تدخلاً اختصامياً والمعلن بتقرير الطعن مذكرة طلب فيها الحكم أولاً بقبول التدخل. ثانياً بعدم قبول الطعن. واحتياطياً وفي الموضوع بتأجيل نظر الطعن حتى تضم المستندات السابق طلب ضمها وحتى تسمع أقوال أعضاء المحكمة التأديبية بالمنصورة وأقوال أمين السر بها.
وتقرر تأجيل نظر الطعن بمجلس 20/ 6/ 1987 وفيها حضر الوكيل عن الوكيل عن المستشار........ وعن نفسه وطلب التصريح باستخراج صورة من المذكرة التي أعدتها إدارة التفتيش الفني بمجلس الدولة في شأن الحكم المطعون فيه بموجب هذا الطعن، وتقديم مذكرة عن مدى اعتبار الحكم المطعون فيه حكماً بقبول الطعن. ومدى صفة رئيس هيئة مفوضي الدولة في إقامة الطعن الماثل. وقدم مفوضي الدولة تقريراً ثانياً تكميلياً ارتأى فيه قبول الطعن المقام من هيئة مفوض الدولة شكلاً وبعدم قبول طلب التدخل المقدم من المستشار المساعد...... رئيس المحكمة التأديبية التي أصدرت الحكم المطعون فيه بموجب الطعن الماثل، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار. وقرر عضو هيئة قضايا الدولة الحاضر عن مجلس الدولة الانسحاب من الطعن لأنه لم يعلن به ولم يقدم الطعن من هيئة قضايا الدولة ولم تتدخل فيه هذه الهيئة، ولأن الطعن غير موجه إلى السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة - وذلك بناء على طلب السيد المستشار أمين عام مجلس الدولة بكتابه السري المؤرخ 15/ 6/ 1987 وقررت المحكمة تأجيل نظر الطعن لجلسة 27/ 6/ 1987 لضم تقرير التفتيش الفني المعد بالرأي في تظلم رئيس المحكمة التأديبية التي أصدرت الحكم المطعون فيه وللرجوع إلى الأمانة العامة لمجلس الدولة للإفادة عن المحكمة التي تعمل بها المحكوم عليها بموجب الحكم المطعون فيه وقت صدوره وما إذا كانت تعمل بالمحكمة التأديبية بالمنصورة أو بمحكمة أخرى من محاكم مجلس الدولة ونظر الطعن بجلسة 27/ 6/ 1987 وفيها قدم الوكيل عن المستشار المساعد........ مذكرة طلب فيها الحكم أصلياً ببطلان الطعن. واحتياطياً بعدم قبوله. وعلى سبيل الاحتياط الكلي برفضه. وفي تلك الجلسة قرر مفوض الدولة أن فرع مجلس الدولة بالمنصورة يشتمل على محكمة القضاء الإداري. وعلى محكمة إدارية وعلى محكمة تأديبية. وأن رئيس المحكمة طبقاً لحكم المادة 104 من قانون المرافعات هو أقدم الرؤساء ومن ثم يكون رئيس محكمة القضاء الإداري وهو بدرجة وكيل مجلس الدولة هو وحده صاحب السلطة في توقيع العقوبة الفورية طبقاً لحكم المادة 104 من قانون المرافعات. وقررت المحكمة إرجاء إصدار الحكم في الطعن لجلسة 18/ 7/ 1987 وفي تلك الجلسة قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لجلسة 24/ 10/ 1987 مع تكليف...... والشرطي المكلف بإحضارها وقت وقوع الواقعة سبب الجزاء لمناقشتهما. ونظر الطعن بجلسة 24/ 10/ 1987 وفيها قرر الحاضر عن طالب التدخل المستشار المساعد...... أنه يستشعر حرجاً لاشتراك رئيس المحكمة الإدارية العليا المستشار...... في الحكم في هذا الطعن - لأنه - أي رئيس المحكمة - قد أصدر حكماً في طلب إحالة المستشار المساعد...... إلى لجنة الصلاحية ومجلس التأديب وأوقع عليه عقوبة اللوم كما أنه - أي رئيس المحكمة - قد تصدى بالفعل في موضوع...... عند نظر طلب رئيس مجلس الدولة الفصل في أمر صلاحية المستشار...... وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم. وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 3/ 1/ 1987 وقد أودع الطعن فيه يوم السبت الموافق 7/ 2/ 1987 في الميعاد مستوفياً أوضاعه القانونية ومن ثم يكون الطعن مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر النزاع تتحصل في أن المحكمة التأديبية بالمنصورة منعقدة برئاسة رئيسها المستشار المساعد........ وعضوية المستشارين المساعدين........ و........ أصدرت بجلسة 3/ 1/ 1987 حكماً يتضمن حيثية واحدة تقول عبارتها أنه "أثناء انعقاد الجلسة سمعت جلبه بالخارج أمام باب المحكمة وبصوت مرتفع. سمعت المحكمة فقط (يا خرابي) بصوت امرأة تولول. وطلبنا من الحاضر عن الشرطة إحضارها فجرت إلى الخارج. وركبت السيارة. واتضح أنها موظفة بمحاكم مجلس الدولة بالمنصورة وقد كان ذلك وقت الانصراف للموظفين وقد أحدث هذا الصوت جلية أخلت بالجلسة وطبقاً للسلطات المخولة إلينا حكمت المحكمة بمجازاتها بالخصم من أجرها لمدة يومين. وعلى قلم الكتاب استخراج صورة رسمية من محضر الجلسة وإخطارها السيد الأستاذ المستشار أمين عام مجلس الدولة بذلك وتحمل نسخة الحكم الأصلية توقيع رئيس المحكمة وتوقيع أمين السر (السكرتير).
ويبين من الاطلاع على قرار الأمانة لمجلس الدولة رقم 862 لسنة 1985 المؤرخ في 24/ 12/ 1986 المتضمن توزيع العاملين بفرع مجلس الدولة بالمنصورة أنه تضمن وضع السيد/ ...... ضمن العاملين بالمحكمة الإدارية بالمنصورة قائمة بعمل سكرتير التحضير خارج الجلسة. وقد تضمن القرار الصادر من الأمين العام برقم 1037 لسنة 1986 المؤرخ 24/ 12/ 1986 إعادة توزيع السيدة/ ...... بفرع مجلس الدولة بالمنصورة بحيث تقوم بعمل سكرتير وحدة الصادر. ومفهوم ذلك أن العاملة المذكورة قد أسند إليها العمل لشغل وظيفة سكرتير وحدة الصادر على مستوى محاكم مجلس الدولة كلها بالمنصورة وهي محكمة القضاء الإداري والمحكمة التأديبية والمحكمة الإدارية.
وفي 10/ 3/ 1987 أرسل السيد الأستاذ المستشار نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس إدارة التفتيش الفني التظلم المقدم من السيد الأستاذ....... المستشار المساعد ( أ ) وحافظة المستندات المقدمة منه ومذكرة إدارة التفتيش الفني بالتعقيب على التظلم. وجاء في مذكرة رئيس إدارة التفتيش الفني عن الواقعة محل هذا الطعن أن السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة وجه الكتاب رقم 38 سري في 10 من فبراير سنة 1987 إلى السيد الأستاذ....... المستشار المساعد ( أ ) يخطره فيه بتخطيه في الترقية لعدم إلمامه بأحكام القانون ولعدم استيفائه الأهلية اللازمة لشغل وظيفة مستشار. واستند كتاب التخطي في الترقية إلى أن الحكم المطعون فيه بموجب هذا الطعن يتضمن أسباباً مخالفة لحكم المادة 104 من قانون المرافعات. إذ جاء بالحكم أن الإخلال بالنظام قد وقع خارج المحكمة وعلى السلم. وعقب رئيس المحكمة التأديبية في تظلمه المقدم إلى رئيس إدارة التفتيش الفني أن الحكم المطعون فيه لم يشتمل على عبارة خارج المحكمة أو أن الواقعة كانت خارج الجلسة وعلى السلم. وأكد أن الواقعة حدثت ملاصقة لباب الجلسة وإن حرم المحكمة يمتد إلى الباب مما يقع تحت بصر المحكمة وسمعها ولا يقتصر على الجدران الأربعة التي يجلس فيها القاضي وأضاف رئيس التفتيش في مذكرته أن الجلسة في تحديد مناط سلطة القاضي لإعمال حكم العقاب الفوري الجنائي أو التأديبي طبقاً لحكم المادة 104 من قانون المرافعات هي مكان انعقاد مجلس القضاء وزمانه حيث يجرى اتصال القاضي بالخصومات والأنزعة. ومن ثم كان مجلس القضاء هو ما يتسع زماناً ليشمل كل وقت اتصال القاضي بما يطرح عليه من قضايا، وهو يتسع مكاناً ليشمل كل المساحة المستوجبة لمجال اتصال القاضي بقضاياه وبجمهور المتنازعين وإن مجلس القضاء ضمناً يتحدد بما يحقق الاتصال بين القاضي والمنازعات وجمهور المتقاضين، ويتسع ويضيق زماناً ومكاناً بما يحقق ذلك وبما يمكن مباشرة إجراءات الدعاوى المطروحة. وتعريف الجلسة بهذا الوضع يتضمن قدراً من المرونة. والمظاهر المادية لا تكفي معياراً وحيداً للضبط والحصر، وقديماً كان مجلس القضاء يضيق عن حدود الجدران القائمة عندما كان يجلس القاضي في المجلس فيتحدد المجلس بالوضع الظاهر الذي يتخذه القاضي ومن يتحقق حوله من المتقاضين في إطار ما لا يشتبه أمره على الغرباء عنه، وبالمثل قد يمتد مجلس القضاء خارج الجدران القائمة حول مداخل القاعة وخارجها ما دامت تشمل جمهرة المتقاضين المتابعين إجراءات الجلسة ما دامت تقع تحت سمع القضاة وإبصارهم وتشكل مجالاً متصلاً بين القضاة وجمهور المتقاضين، والمحاضر التي يحررها القاضي لإثبات وقائع الإخلال بالنظام أثناء انعقاد الجلسات محاضر رسمية وهي بذلك صحيحة بما يثبت فيها من الإخلال بالنظام وزمان الواقعة ومكانها من حيث كونها حدثت بالجلسة وأثناء انعقادها. وقد حدد الحكم المطعون فيه مكان واقعة الإخلال بعبارة (بالخارج أمام باب المحكمة) ووصف رئيس إدارة التفتيش الفني هذه العبارة بأنها عبارة لا تتسم بالدقة اللازمة. وأضاف أن سياق الحكم ينبئ عن حدوث إخلال في مجلس القضاء بالصوت المسموع والجلية التي تحدث الاضطراب في المجلس. ولم يظهر من وقائع الموضوع أن المحكوم عليها أو غيرها نازع الحكم حجيته فيما أثبت من وقائع، وانتهى رئيس التفتيش الفني إلى أنه لا وجه لتخطي الأستاذ....... للأسباب الواردة في الإخطار بالتخطي الصادر له من رئاسة مجلس الدولة.
وقد أشر السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة على الخطاب المرفق به مذكرة السيد الأستاذ المستشار رئيس إدارة التفتيش الفني معقباً بأن ما تضمنته مذكرة رئيس إدارة التفتيش الفني بشأن مجلس القضاء يتعارض مع أحكام قانون المرافعات الصريحة ومع حقيقة الواقعة وقد اعتد رئيس التفتيش الفني في تقدير الواقعة، مذكرات رئيس المحكمة التأديبية. والمحاكم في مصر تطبق أحكام قانون المرافعات. والمحكمة تعقد الجلسة في حجرة فيها باب، وتوجد قائمة الجلسة داخل الباب، أما ما يقع خارج الباب فيقع كله خارج الجلسة. وأكد السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة أنه لا يتفق في شيء مع ما جاء في مذكرة رئيس إدارة التفتيش الفني في هذا الشأن. وإن إحالة الأستاذ رئيس المحكمة التأديبية إلى الصلاحية قد أوقفت كل الإجراءات الخاصة بالتخطي في الترقية.
ومن حيث إنه عن طلب المستشار المساعد....... رئيس المحكمة التأديبية بالمنصورة التي أصدرت الحكم المطعون فيه التدخل اختصامياً في هذا الطعن لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا، وعن مدى جواز التدخل في الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا لأول مرة ممن لم يكن قد اختصم أو تدخل أمام المحكمة المطعون في حكمها. والقدر أن تحديد طرق الطعن في الأحكام هو عمل يملكه المشرع وحده، وكذلك تحديد طرق وأساليب التظلم من الأحكام. وقد حددت المادة 23 من قانون مجلس الدولة أحوال الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا، ولا تتسع هذه الأحوال لحالة الطعن في الحكم من الخارج عن الخصومة. وعلى ذلك فالأصل أن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا لا يجوز إلا ممن كان طرفاً في الخصومة التي انتهت بصدور الحكم المطعون فيه. ولما كان طعن الخارج عن الخصومة هو نوع من صور الاعتراض من الخارج عن الخصومة على الحكم الصادر فيها، ولقد كان قانون المرافعات السابق ينظم طعن الخارج عن الخصومة في فصل مستقل إلا أن قانون المرافعات الحالي والصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 ألغى طعن الخارج عن الخصومة كطريق مستقل للطعن في الأحكام ولم يبق عليه إلا في حدود ما أورده في الفقرة 8 من المادة 241 ضمن حالات الطعن في الأحكام بطريق التماس إعادة النظر - لذلك فإنه لا سند من القانون لاستبقاء طعن الخارج عن الخصومة أمام المحكمة الإدارية العليا ممن لم يكن طرفاً في الخصومة أو مثلاً لأحد الأطراف أو متدخلاً فيها أمام محكمة أول درجة. أما عبارة "ذوي الشأن" الواردة في المادة 23/ 2 من القانون رقم 47 لسنة 1972 فهم ذوي الشأن في الدعوى الذين كانوا أطرافاً فيها وفي الحكم الصادر فيها ولا تنصرف إلى كل من يدعي لنفسه مصلحة في الحكم المطعون فيه. وترتيباً على ذلك فإنه لا يجوز الطعن في الأحكام الصادرة من المحكمة التأديبية أمام المحكمة الإدارية العليا مباشرة ممن لم يكن طرفاً في الدعوى أو الطعن ولم يكن قد أدخل أو تدخل فيها، وممن يتعدى أثر الحكم إليهم. ويتعين عليه في هذه الحالة أن يلجأ إلى طريقة الطعن بالتماس إعادة النظر أمام المحكمة ذاتها التي أصدرت الحكم المطعون فيه. وهذا الطريق ليس وجهاً أو سبباً للطعن في الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا ممن لم يكن طرفاً فيه. وقد انتهت المحكمة الإدارية العليا الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1971 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984 إلى عدم جواز طعن الخارج عن الخصومة أمام المحكمة الإدارية العليا، وباختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم بنظر هذا الطعن في الحدود المقررة قانوناً لالتماس إعادة النظر (الحكم الصادر بجلسة 12/ 4/ 1987 في الطعنين رقمي 3387/ 29 ق المنضم إلى الطعن رقم 3382/ 29 ق).
ومن حيث إنه فضلاً عن ذلك فإن الخصومة الماثلة خصومة قضائية استثنائية بلا خصوم. وينصرف هذا الوصف إلى الخصومة في شكلها أمام المحكمة التأديبية المطعون في حكمها والتي شكلها في الطعن الماثل أمام المحكمة الإدارية العليا. ومحل هذا الخصومة وموضوعها هو التصدي الفوري للمحكمة - وليس لرئيس الجلسة - بسلطة الحبس أربعة وعشرين ساعة أو بتوقيع الغرامة بمقدار جنيه واحد على من لم يمتثل ويتمادى في الإخلال بنظام الجلسة، أو التصدي الفوري للمحكمة بسلطة توقيع الجزاء التأديبي في حدود ما يملك رئيس المصلحة من توقيعه من الجزاءات إذا كان الإخلال قد وقع ممن يؤدون وظيفة في المحكمة. وفي الحالتين لا يوجد خصوم. لأن سلطة العقاب الجنائي أو التأديبي الفوري المقررة للمحكمة على واقعات الإخلال بالجلسة هي سلطة استثنائية في خصومة استثنائية بلا خصوم. وهذه السلطة مقررة للمحكمة وليس لرئيس الجلسة الذي ناط به القانون ضبط الجلسة وإدارتها. متى كان ذلك وكان الطعن المرفوع من رئيس هيئة مفوضي الدولة هو طعن لمصلحة القانون ولمصلحة المشروعة التي تكون المحور الرئيسي لعمل المحاكم مجلس الدولة بجميع أنواعها ودرجاتها، لذلك كان من المتعين حتماً عدم إعلان المستشار المساعد........ بتقرير الطعن - لأنه ليس خصماً في المنازعة وتنتهي صلته بالمنازعة بمجرد تصدي المحكمة التي يرأسها لسلطة توقيع الجزاء الجنائي أو التأديبي الفوري على من أخل بنظام الجلسة ولم يتمثل وتمادى في الإخلال بنظامها. ومن ناحية أخرى فإن ولاية المحكمة على واقعة الإخلال بنظام الجلسة تنتهي بمجرد إصدارها الحكم بالعقاب الجنائي أو التأديبي الفوري على من صدر منه الإخلال بنظام الجلسة، وعلى ذلك يجوز بأي حال قبول التدخل من رئيس المحكمة التي أصدرت الحكم بتوقيع العقاب الجنائي أو التأديبي الفوري في الطعن المرفوع عن هذا الحكم أمام محكمة الطعن، لأنه لا يجوز أن يدافع القاضي عن حكم شارك في إصداره أمام محكمة الطعن كأنه خصم حقيقي لما يترتب على هذا التدخل من إحاطة جديته بظلال الريب عند إصداره الحكم المطعون فيه وفضلاً عن ذلك فإن القضاة لا تجوز مساءلتهم عن الإخلال بواجبات وظائفهم إلا بدعوى المخاصمة طبقاً لأحكام المواد 494 إلى 500 من قانون المرافعات ومخاصمة القضاة هو نظام لمسئوليتهم المدنية في حالات إخلالهم بواجبات وظائفهم التي حددها القانون. ورئيس هيئة مفوضي الدولة لم يختصم في تقرير الطعن رئيس المحكمة التأديبية بالمنصورة كما لم يختصم السيدة التي وقع عليها الجزاء بخصم أجر يومين لسلطة المحكمة في العقاب التأديبي الفوري على من كان يؤدي عملاً بالمحكمة وهي......، والتزامه - أي رئيس هيئة مفوضي الدولة صحيح حكم القانون فأقام طعنه على حكم المحكمة التأديبية بالمنصورة دون أن يختصم أحداً، لأن الخصومة في هذا الطعن خصومة لمصلحة المشروعية والتطبيق القانوني السليم - بلا خصوم كما أنه لا يجوز بأي حال اختصام القاضي عن الإخلال بواجبات الوظيفة إلا بدعوى المخاصمة في الحالات التي حددها القانون، متى كانت الخصومة في هذا الطعن بلا خصوم وكان لا يجوز قبول تدخل رئيس المحكمة في الطعن عن حكم شارك في إصداره، وكان من غير الجائز طعن الخارج عن الخصومة لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا لأنه من كانت لا تتوافر في حقه صفة الخصم أمام محكمة أول درجة ولم يتدخل في الخصومة أمامها ولم يدخل فيها لا يكون من الجائز قبول تدخله تدخلاً انضمامياً أو اختصامياً أمام المحكمة الإدارية العليا - لكل ذلك يكون إعلان المستشار المساعد...... بتقرير الطعن عملاً يخالف القانون ولا يجوز لقلم الكتاب والمحضرين والمسئولين عن إعلان تقرير الطعن إعلان أشخاص لم يرد ذكرهم في تقرير الطعن، ويكون تدخل المستشار المساعد...... في الطعن الماثل عملاً مخالفاً للقانون وغير جائز قانوناً - ومتى كان ما تقدم وكانت الخصومة في الطعن الماثل خصومة بلا خصوم وكان رئيس هيئة مفوضي الدولة قد طعن في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 3/ 1/ 1987 لمصلحة القانون والمشروعية ومتى كانت المحكمة التأديبية التي أصدرت الحكم المطعون فيه بتوقيع الجزاء التأديبي الفوري ضد........ عن الإخلال بنظام الجلسة رئيساً وأعضاء ليسوا خصوماً في النزاع، وكانت المنازعة الماثلة في جميع مراحلها سواء أمام المحكمة التأديبية أو أمام المحكمة الإدارية العليا منازعة بلا خصوم وكان إعلان رئيس المحكمة التأديبية بتقرير الطعن عملاً باطلاً وكان من غير الجائز لأقلام الكتاب اختصام أشخاص أمام المحكمة الإدارية العليا لم يرد ذكر أسمائهم في تقرير الطعن ومتى كان من غير الجائز اختصام رئيس المحكمة التأديبية بالمنصورة عن الخطأ في أداء وظيفته إلا بدعوى المخاصمة في الحالات التي حددها القانون، ولم تتجه إرادة رئيس هيئة مفوضي الدولة بموجب الطعن الماثل إلى مخاصمة المستشار المساعد...... بأي حال من الأحوال، وكان من غير الجائز أيضاً أن يطلب المستشار المساعد...... قبول تدخله أمام المحكمة الإدارية العليا في الطعن في حكم شارك هو في إصداره ولم يكن قط خصماً في المنازعة بشأنه - لكل ذلك لا يكون من الجائز قانوناً قبول تدخل المستشار المساعد..... تدخلاً انضمامياً أو اختصامياً في هذا الطعن، ويؤيد هذا القضاء الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا - الدائرة المنصوص في المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984 التي قضت بجلسة 12/ 4/ 1987 في الطعن رقم 3387/ 29 والمنضم إلى الطعن رقم 3382/ 29 ق بعدم جواز طعن الخارج عن الخصومة أمام المحكمة الإدارية العليا وباختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم بنظر الطعن في الحدود المقررة قانوناً لالتماس إعادة النظر ذلك أن المستشار المساعد...... خارج تماماً عن الخصومة في الطعن الماثل، وهو طعن كما تقدم بلا خصوم ولا تمتد الخصومة فيه بأي حال إلى رئيس المحكمة التأديبية التي أصدرت الحكم المطعون فيه لأنه لا يجوز مخاصمته عن أخطاء الوظيفة القضائية إلا بدعوى المخاصمة وحدها، وهي الدعوى التي لم يقيمها أحد عليه قط - لذلك فإنه يتعين الحكم بعدم جواز تدخل المستشار المساعد...... في هذا الطعن.
ومن حيث إن المادة 104 من قانون المرافعات تنص على أن (ضبط الجلسة وإدارتها منوطان برئيسها) ومع مراعاة أحكام قانون المحاماة يكون له في سبيل ذلك أن يخرج من قاعة الجلسة من يخل بنظامها فإن لم يمتثل وتمادى كان للمحكمة أن تحكم على الفور بحبسه أربعاً وعشرين ساعة وبتغريمه جنيهاً واحداً ويكون حكمها بذلك نهائياً، فإن كان الإخلال قد وقع ممن يؤدون وظيفة في المحكمة كان لها أن توقع أثناء انعقاد الجلسة ما لرئيس المصلحة توقيعه من الجزاءات التأديبية وللمحكمة إلى ما قبل انتهاء الجلسة أن ترجع عن الحكم الذي تصدره بناء على الفقرتين السابقتين) ويتضح من هذا النص أن المشرع حدد مجلس القضاء زماناً ومكاناً تحديداً حاسماً. فالمشرع يستخدم لفظ الجلسة ولا يصف الجلسة بأنها المحكمة إمعاناً من المشرع في تصغير المسمى وتحديده زماناً ومكاناً بالوصف الذي تستخدمه المحكمة في نظر المنازعات والقضايا المرفوعة أمامها بحيث لا يشمل هذا التحديد الوقت الذي تقضيه المحكمة في المداولة في الأحكام سراً بين القضاة مجتمعين، والوقت الذي تقضيه رئيس المحكمة والأعضاء في الاطلاع على الأوراق والقضايا وتسيير شئون المحكمة، وتحديده مكاناً بمكان الجلسة. أي الأبعاد الداخلية للحجرة أو القاعة التي تعقد فيها المحكمة جلساتها لنظر القضايا والمنازعات. وفي مجال تحديد سلطة المحكمة على من يصدر منه الإخلال بنظام الجلسة فقد خول المشرع رئيس الجلسة في معنى ضبط الجلسة وإدارتها - سلطته أن يخرج من قاعة الجلسة من يخل بنظامها، فإن خرج من قاعة الجلسة من أمره رئيس الجلسة بالخروج أو اعتذر واستأذن رئيس الجلسة في أن يستمر في قاعة الجلسة لم يعد هناك محل لتوقيع العقاب الجنائي أو التأديبي الفوري، أما إن لم يتمثل المخالف وتمادى في مسلكه المخالف فإن السلطة في العقاب تنقل من رئيس الجلسة الولاية في ضبط الجلسة وإدارتها وإصدار أوامر الخروج عن قاعة الجلسة لمن يخل بنظامها إلى المحكمة كلها، فالمحكمة هي وحدها صاحبة الولاية في توقيع الجزاء الجنائي أو الجزاء التأديبي الفوريين على من يخل بنظام الجلسة. وواضح من عبارة (فإن لم يمتثل وتمادى) أن المشرع أراد أن يحكم سلطة العقاب الفوري المقررة للمحكمة على وقائع الإخلال بنظام الجلسة فلم يخول المحكمة هذه السلطة إلا إذا تكرر الإخلال بنظام الجلسة ولم يمتثل المخطئ بأوامر المحكمة وتمادى في مسلكه المعيب. فإن وقع الإخلال بنظام الجلسة ممن يؤدون وظيفة في المحكمة فقد أجاز لها المشرع أن توقع أثناء انعقاد الجلسة أحد الجزاءات التي يملك رئيس المصلحة توقيعها على المخالفين. وقد قطع المشرع في حكم المادة 104 مرافعات بأن سلطة ضبط الجلسة وإدارتها منوطة برئيس الجلسة أما سلطة توقيع الجزاء الفوري بالحبس أو الغرامة أو سلطة توقيع الجزاء التأديبي الفوري على المخالف الذي يخل بنظام الجلسة منوطة بالمحكمة كلها، وما يصدر عن المحكمة يعتبر في الحالتين حكماً من الأحكام بصريح النص. وقد جعل المشرع هذه السلطة للمحكمة كلها تأكيد لرغبته في كبح سلطة العقاب الفوري المقررة للمحاكم. وأخيراً فقد جعل المشرع للمحكمة إلى ما قبل انتهاء الجلسة أن ترجع عن الحكم التي تصدره بالعقاب الجنائي أو التأديبي الفوري في الحالتين السابقتين. فالمشرع قصر سلطة رئيس الجلسة على إخراج من يخل بنظام الجلسة من القاعة وناط بالمحكمة سلطة توقيع العقاب الجنائي أو التأديبي الفوري في صورة حكم نهائي. وجعل للمحكمة أن تعدل عن الحكم إلى ما قبل إنهاء الجلسة. والسلطة المخولة لرئيس الجلسة وللمحكمة طبقاً لحكم المادة 104 من قانون المرافعات سلطة استثنائية ومن ثم فإنه لا يجوز التوسع فيها أو القياس عليها أو تفسيرها تفسيراً واسعاً. ولما كان المشرع قد استخدم عبارات، الجلسة، وضبط الجلسة، وإدارتها، والإخلال بنظام الجلسة والإخراج من قاعة الجلسة فإن حكم المادة 104 برمته يرد زماناً على الوقت الذي يستغرقه نظر القضايا والمنازعات ويرد مكاناً على الأبعاد الداخلية لقاعة الجلسة أي أنها "الحجرة من الداخل" القاعة من الداخل التي تنعقد فيها المحكمة. أما القول بأن مجلس القضاء هو ما يتسع زماناً ليشمل كل وقت اتصال القاضي بما يطرح عليه من قضايا ويتسع مكاناً ليشمل كل المساحة المستوعبة لمجال اتصال القاضي بقضاياه وبجمهور المتنازعين، وأن مجلس القضاء مجال ممتد يتحدد بما يحقق الاتصال بين القاضي والمنازعات وجمهور المتقاضين فمردود عليه بأن هذا النظر لا يتفق وحكم المادة 104 من قانون المرافعات الذي يفهم منه بالضرورة أن مجلس القضاء زماناً يشمل فقط الوقت الذي يستغرقه نظر المنازعات والقضايا وأن مجلس القضاء مكاناً ينصرف إلى الأبعاد الداخلية للحجرة التي تجلس فيها المحكمة لنظر المنازعات المتقاضين، وإن كل ما يقع خارج الأبعاد الداخلية للحجرة التي تجلس فيها المحكمة للفصل في المنازعات لا ولاية للمحكمة عليه في تطبيق المادة 104 من قانون المرافعات. وهذا النظر الذي تأخذ به هذه المحكمة هو الذي يحقق التوازن بين المحكمة من ناحية وبين جمهور المتقاضين من ناحية أخرى. بحيث تقتصر ممارسة السلطة الاستثنائية المقررة بالمادة 104 مرافعات للمحكمة على واقعات الإخلال بنظام الجلسة على ما يقع من هذه الواقعات داخل الأبعاد الداخلية للحجرة التي تجلس فيها المحكمة لنظر المنازعات. كما يحقق هذا النظر أيضاً مصلحة المتقاضين وحرياتهم لأنه يقتصر استخدام السلطة الاستثنائية على مساحة ضيقة لا تتعدى كل ما يقع بين جنبات الجدران الداخلية لقاعة الجلسة التي تعقد فيها المحكمة ويوفر الحماية لجمهور المتقاضين خارج هذه الجدران من أن تصل إليهم سلطة المحكمة في العقاب الفوري الجنائي أو التأديبي فمجلس القضاء في تطبيق حكم المادة 104 مرافعات هو بالتحديد الدقيق الأبعاد الداخلية لجدران الحجرة التي تجلس فيها المحكمة. ولا يمتد هذا المجلس ليشمل ما يقع وراء الأبعاد الداخلية لجدران الحجرة التي تجلس فيها المحكمة. والثابت في خصومة الوقائع التي تناولها الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 3/ 1/ 1987 أن ما نسب إلى السيدة/ ........ من الإخلال بنظام الجلسة قد وقع كله خارج المحكمة وأمام بابها وهو ما عبرت عنه المحكمة في الحكم المطعون فيه بعبارة (جلبة بالخارج أمام باب المحكمة) وإذ كان ما وقع من العاملة المذكورة قد وقع خارج المحكمة وأمام بابها فإنه لا تمتد إليه سلطة المحكمة التأديبية بالعقاب الفوري المنصوص عليها في المادة 104 من قانون المرافعات المنوه عنها. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون فيما قضى به من مجازاة........ بالخصم من أجرها لمدة يومين عن واقعة الإخلال بنظام الجلسة لوقوع الإخلال منها خارج قاعة المحكمة وأمام باب القاعة على النحو الذي يؤكده الحكم المطعون فيه بعبارات قاطعة في هذا المعنى.
ومن حيث إن الطعن في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 3/ 1/ 1987 بمجازاة........ بالخصم من أجرها لمدة يومين قد تم طبقاً لأحكام قانون مجلس الدولة من رئيس مفوضي الدولة بعيداً تماماً عن معنى مخاصمة المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه أو مخاصمة رئيسها، وقد تم الطعن لمصلحة القانون والمشروعية بقصد التوصل إلى حكم من المحكمة الإدارية العليا حول سلطة المحاكم في توقيع العقاب الجنائي والتأديبي الفوري طبقاً لحكم المادة 104 من قانون المرافعات على واقعة الإخلال بنظام الجلسة. ولما كانت الخصومة حول تطبيق حكم المادة 104 من قانون المرافعات هي منازعة بلا خصوم لذلك كان رئيس هيئة مفوضي الدولة على حق حين أقام الطعن دون اختصام أحد فيه، ومن ثم يكون إعلان المستشار المساعد...... بتقرير الطعن عملاً باطلاً قانوناً إذ لا يملك كتاب المحكمة تحديد من يتم إعلانهم بتقرير الطعن إن كان الطاعن نفسه قد قصد إلى عدم إعلانهم وعدم إدخالهم في الخصومة في الطعن، ومن ثم يقع باطلاً إعلان المستشار.... بتقرير الطعن ولا يمتد البطلان إلى تقرير الطعن ذاته، ولا يعتبر الطعن الماثل بأي حال اختصاماً لرئيس المحكمة التأديبية التي أصدرت الحكم بل أنه لا شأن لرئيس المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بهذا الطعن. ومن المقرر أنه لا يجوز رفع الدعوى على القاضي عن أخطاء عمله القضائي إلا بموجب دعوى المخاصمة وحدها في الحالات المنصوص عليها في المادة 494 من قانون المرافعات بقصد مساءلته بالتعويضات عن الأضرار الناتجة عن هذه الأخطاء. ولا ريب أن الطعن الماثل لا يعتبر بأي حال دعوى مخاصمة لرئيس المحكمة التأديبية التي أصدرت الحكم المطعون فيه أما إعلان رئيس المحكمة التأديبية بتقرير الطعن فليس له معنى أو هدف أو غاية مهما ترتب عليه من نتائج، ولا سيما أن رئيس هيئة مفوضي الدولة لم يختصمه في الطعن، وهو الخارج عن الخصومة ولا تمتد إليه آثار الحكم الذي شارك في إصداره، وقد تم إعلان رئيس المحكمة التأديبية بتقرير الطعن لأن المسئولين عن الإعلان بمجلس الدولة وقعوا أسرى الدهشة حين صادفهم الطعن الماثل، خصومة بلا خصوم، ومنازعة من طرف واحد فاخترعوا الخصوم من أنفسهم دون أن يختصمهم الطاعن رئيس هيئة مفوضي الدولة، وكان ذلك سبباً للنعي على الطعن بأنه اختصام لرئيس المحكمة التأديبية التي أصدرت الحكم المطعون فيه وما هو كذلك بأي حال. وقد أدى ذلك إلى طلب التدخل في الخصومة أمام المحكمة الإدارية العليا من الخارج عنها وهو أمر غير جائز ما دام الحكم المطعون فيه لا يمس مصالح طالب التدخل المستشار المساعد........ وإذ وجد طالب التدخل أنه في موقف الخصم وحده في الطعن لذلك فقد أعلن أن تدخله تدخله اختصامي وليس تدخلاً انضمامياً لأنه لم يجد خصماً آخر ينضم إليه في طلباته في منازعة بلا خصوم أصلاً. ولا يشترط في الخصومة الماثلة أن يكون فيها خصوم ولا يقبل فيها تدخل من الخارج عن الخصومة لأنها أصلاً خصومة بلا خصوم، وتنعقد الخصومة فيها أمام المحكمة الإدارية العليا بمجرد إيداع تقرير الطعن من رئيس هيئة مفوضي الدولة بلا خصوم، وقد قطع المشرع في المادة 104 من قانون المرافعات بأن ما تصدره المحكمة من أحكام بالعقاب الفوري الجنائي أو التأديبي على واقعات الإخلال بالجلسة هي أحكام حقيقية إلا أنه أجاز للمحكمة إلى ما قبل انتهاء الجلسة أن ترجع وتعدل عن الحكم الذي تصدره بناء على سلطة العقاب الفوري الجنائي أو التأديبي من غير أن يطعن أحد في هذه الأحكام. وطبقاً لنظام القضاء الإداري فإنه يجوز الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا (م 23 من القانون رقم 47 لسنة 1972) في الأحكام التي تصدرها محكمة القضاء الإداري أو المحاكم التأديبية عن واقعات الإخلال بنظام الجلسات، لأنها لم تستثن من الطعن فيها بنص في قانون مجلس الدولة، وقد أوجب قانون المرافعات أن تصدر هذه الأحكام من المحكمة وليس فقط من رئيسها، وأناط برئيس الجلسة فقط ضبط الجلسة وإدارتها ومؤدى ذلك أن الحكم المطعون فيه قد صدر عن المحكمة التأديبية بالمنصورة وينسب صدوره إليها بعد مداولة سرية بين القضاة مجتمعين ويكفي لإصداره أن يبني صدوره على أغلبية الآراء. ولا ينسب الحكم إلى رئيس المحكمة التي أصدرته. ومتى كان الطعن الماثل منازعة بلا خصوم مقامة من رئيس هيئة مفوضي الدولة لصالح القانون وسلامة تطبيقه ولصالح المشروعية فإن مجلس الدولة لا يعتبر طرفاً في هذه الخصومة أمام المحكمة الإدارية العليا ولا يجوز تدخله في الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا لأول مرة حيث لم يكن طرفاً في الخصومة التي انتهت بصدور حكم المحكمة التأديبية بالمنصورة بالطعن عليه. والثابت أن مجلس الدولة لم يطعن على الحكم المطعون فيه ولم يطلب التدخل في الخصومة أمام المحكمة الإدارية العليا، كما أن مفوضي الدولة لا تمثل مجلس الدولة قانوناً أمام القضاء ويمثله فقط السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة وحده. أما القول بأن انعدام المطعون ضده في هذا الطعن يؤدي إلى انعدام الطعن فلا تقوم له قائمة فقول لا ينطبق على هذا الطعن، لأنه خصومة استثنائية بلا خصوم حيث لا يوجد في الخصومة إلا الطاعن وحده وهو رئيس هيئة مفوضي الدولة الذي باشر الطعن بعد رفعه لتحقيق التطبيق السليم للقانون ولا محل للتشكيك في طبيعة الحكم الذي تصدره المحكمة وفقاً لحكم المادة 104 مرافعات، ذلك أن المشرع في المادة 104 من قانون المرافعات قد قطع في أمرين أن الحكم الذي يصدر بالعقاب الجنائي أو التأديبي الفوريين يجب أن يصدر من المحكمة، ومعنى ذلك أنه يجب أن يصدر بعد مداولة سرية ويكفي لإصداره أن يبنى على أغلبية الأصوات أن هذا الحكم له طبيعة الأحكام القضائية ومن ثم يعتبر حكماً، إلا أنه لما كانت الخصومة في مجال تطبيق المادة 104 من قانون المرافعات تعتبر خصومة استثنائية فقد أجاز المشرع للمحكمة إلى ما قبل انتهاء الجلسة أن ترجع عن الحكم الذي أصدرته أن استظهرت المحكمة مبررات هذا الرجوع. ولئن كان المشرع قد أكد أن الحكم الصادر بناء على حكم المادة 104 من قانون المرافعات من المحكمة الجزئية أو الابتدائية أو الاستئناف أو من محكمة النقض يكون نهائياً ولا يجوز الطعن فيه، إلا أنه لما كان قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 قد أجاز الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في جميع الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري والمحاكم التأديبية ولم يستثن من ذلك ما يصدر عن هذه المحاكم من الأحكام الخاصة بجرائم الإخلال بنظام الجلسات لذلك فإن الأخذ من قانون المرافعات طبقاً لحكم المادة الثالثة من قانون إصدار قانون مجلس الدولة تحكمه القاعدة العامة وهي ضرورة مراعاة طبيعة نظام القضاء الإداري التي تجيز الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في جميع الأحكام التي تصدرها محكمة القضاء الإداري والمحاكم التأديبية. وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 3/ 1/ 1987 حكماً له صفة وخصائص الأحكام، ويكون الطعن فيه جائزاً طبقاً لحكم المادة 23 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 من رئيس هيئة مفوضي الدولة. وقد صدر الحكم المطعون فيه من المحكمة التأديبية بالمنصورة بوصفها (سلطة قضاء) وليس بوصفها سلطة إدارية في حدود ما يملك رئيس المصلحة توقيعه من الجزاءات التأديبية طبقاً لأحكام قانون العاملين. فالحكم المطعون فيه بموجب نص المادة 104 من قانون المرافعات ينتسب إلى سلطة القضاء وتصدره المحكمة التي وقع الإخلال بنظام الجلسة في رحاب مجلس قضاتها في حدود السلطة التأديبية التي يملكها رئيس المصلحة طبقاً لأحكام قانون العاملين. وقد تقدم القول أن مجلس القضاء محدد زماناً بالوقت الذي يستغرقه نظر القضايا ومحدد مكاناً بالأبعاد الداخلية للقاعة أو الحجرة التي تجلس فيها المحكمة، ولا يمتد البعد المكاني لمجلس القضاء ليشمل أية مساحة تقع خارج قاعة الجلسة في تطبيق المادة 104 من قانون المرافعات. فقاعة الجلسة هي كل الأبعاد الداخلية للحجرة التي تعقد فيها المحكمة مجلس القضاء - ولذلك فإن كل ما يقع خارج الأبعاد الداخلية للقاعة التي تجلس فيها المحكمة يكون صدقاً وعدلاً بمنأى عن سلطة المحكمة في العقاب الجنائي أو التأديبي الفوري طبقاً لحكم المادة 104 مرافعات ولئن كانت بعض المحاكم تفرض النظام على الواقفين خارج قاعدة الجلسة وتلزمهم السكينة والحرص على عدم إزعاج المحكمة والمتقاضين فإن ذلك لا يعني أن للمحكمة سلطاناً عليهم وأنها تملك توقيع العقاب الجنائي أو التأديبي الفوري عليهم إذ لا تلازم بين سلطة المحكمة في توقيع العقاب الفوري وبين قدرتها على فرض النظام والسكينة حتى على الشوارع المحيطة بها وقد استقر في ضمير الشعب المصري ضرورة الالتزام بالهدوء وتوفير السكينة للمحاكم والمستشفيات ودور العلم بلا حاجة لفرض النظام بالسلطة واقتضاء السكينة جبراً وقسراً من الأفراد وإذا كانت بعض المحاكم في مجلس الدولة قد ألزمت العاملين وجمهور المتعاقدين مع محاكم المجلس دروباً معينة في المرور بين أقسام المجلس، وسلماً معيناً يتدرجون فيه فليس ذلك من باب استخدام السلطة المخولة للمحاكم بالمادة 104 مرافعات، ولكنه من قبل الحرص على حياة الناس وعلى مبنى المجلس، وحتى لا يؤدي الاستعمال اليومي الثقيل للسلم الخشبي العتيق إلى سقوطه بأحماله من الناس وتدل الاستجابة لطلب المحكمة على أدب شعب مصر وحضارته العريقة وتقديره لطلب المحكمة وحرصه على توفير أرقى معاملة للقضاء والمحاكم باعتبار ذلك من الضمانات المقررة لأفراد الشعب جميعاً حتى تستطيع المحاكم النظر في قضاياها في أطيب مناخ ممكن من الهدوء والسكينة.
ومن حيث إن مجمل الوقائع - كما صورها الحكم المطعون فيه - أن السيدة/ ........ العاملة بمحاكم مجلس الدولة بالمنصورة في يوم 3/ 1/ 1987 أحدثت جلبة خارج قاعة المحكمة أمام بابها، وبحسب تعبير المحكمة التأديبية بالمنصورة سمعت جلبة بالخارج أمام باب المحكمة بينما كانت المحكمة التأديبية منعقدة بمدينة المنصورة فطلب رئيس المحكمة إحضار السيدة التي أحدثت الولولة والضجة إلا أنها جرت إلى خارج المحكمة وركبت السيارة واتضح للمحكمة أنها عاملة بمحاكم مجلس الدولة بالمنصورة، وكان ذلك وقت انصراف العاملين. وقد أحدث هذا الصوت إخلالاً بنظام الجلسة. ومن ثم فقد أصدرت المحكمة التأديبية بالمنصورة فوراً حكمها بمعاقبة العاملة المذكورة بالخصم من أجرها لمدة يومين. وإذ وقعت الواقعة المتقدمة خارج قاعة الجلسة فإن سلطة العقاب التأديبي الفوري المقررة للمحاكم بموجب المادة 104 من قانون المرافعات لا تمتد إليها، ويكون الحكم المطعون فيه لذلك قد انطوى على خروج حتمي على أحكام القانون. ويتعين لذلك الحكم في موضوع الطعن بإلغاء الحكم المطعون فيه لمخالفته الشديدة للقانون كما يتعين الحكم بعدم جواز تدخل المستشار المساعد بالمجلس........ وببطلان إعلانه بتقرير الطعن.
ومن حيث إنه عن المذكرة الأخيرة المقدمة من الأستاذ........ المحامي نيابة عن الأستاذ........ المستشار المساعد بالمجلس وطالب التدخل الاختصامي في هذا الطعن - فقد وردت بها عبارات تحمل معنى التجريح الظاهر لرئيس المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) فقد جاء فيها أن رئيس المحكمة كان أولى به أن يبادر إلى التنحي عن نظر الطعن لما اتسم به موقفه من المستشار المساعد........ ومن الموضوع المطروح على المحكمة بموجب هذا الطعن من رأي ظاهر وتحامل شخص بالغ وعمدي لكونه أحد أعضاء لجنة الصلاحية التي نظرت طلب رئيس المجلس النظر في صلاحيته للبقاء في الخدمة، وقد شارك في نظر الحكم وإعمال النظر فيه واستخلص ما عساه يكون قد اعتبره من خطأ وكون رأياً بشأنه على وجه يفقده صفاء نفسه وحيدته وتجرده - فإن ذلك مردود عليه بأن هذا التجريح صادر ممن لا يجوز تدخله في الخصومة أصلاً وقد جاء في حكم مجلس تأديب أعضاء مجلس الدولة بشأن الواقعة محل هذا الطعن أنه (وفي خصوصية الحالة المعروضة فإن ما نسب إلى العاملة...... معروض على المحكمة الإدارية العليا للفصل فيه مما يغل يد المجلس عن التصدي للحكم على هذه الواقعة خصوصاً بعد أن طعنت فيه هيئة مفوضي الدولة بالطعن رقم 857/ 33 ق وإن إصدار الحكم بالصورة التي صدر بها لا يرقى إلى مرتبة السبب الموجب لعدم صلاحية من أصدره) ويتضح من ذلك أن لجنة الصلاحية ومجلس تأديب أعضاء مجلس الدولة لم يقتربا قط من موضوع الطعن الماثل لأنه كان معروضاً على القضاء أمام المحكمة الإدارية العليا حتى صدر قرار مجلس التأديب بجلسة 28/ 6/ 1987 وليس صحيحاً أن رئيس هذه المحكمة على صلة تحامل شخصي عمدي بالأستاذ........ فهو لا يعرفه ولم يتصل به قط إلا من خلال عمل لجنة الصلاحية ومجلس التأديب. أما القول بوجود اتجاه مسبق عند رئيس المحكمة للاستغناء عن شهادة الشهود والفصل في الطعن بحالته فمردود عليه بأنه لا توجد أية اتجاهات مسبقة لعمل أي شيء أو لترك أي شيء في خصوص هذا الطعن كما أن وظيفة المحكمة الإدارية العليا هي الحكم على مدى صحة ومشروعية الحكم المطعون فيه الصادر من المحكمة التأديبية العليا بالمنصورة بجلسة 3/ 1/ 1987 في حدود ما هو ثابت فعلاً في الأوراق من الوقائع بما لا يدع مجالاً لسماع شهادة جديدة للشهود، وقد رأت المحكمة - وهذا حقها - الاستغناء عن سماع الشهود اكتفاء بتصوير الوقائع على النحو الثابت في الأوراق في الحكم المطعون فيه. ومتى كانت لجنة الصلاحية ومجلس التأديب لم يفعلا، بل لم يقتربا أي اقتراب من الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 3/ 1/ 1987 لذلك فإن القول بعدم صلاحية رئيس المحكمة لنظر هذا الطعن يكون من قبيل الإسراف والمغالاة في سوء الظن والاتهام بغير سبب مقبول خصوصاً وقد صدر هذا المسلك من شخص لم يقبل تدخله في الخصومة في الطعن الماثل أمام المحكمة الإدارية العليا، وكان يتعين على المستشار المساعد........ رئيس المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه أن يأبى بنفسه عن هذه الخصومة ولا يسعى للتدخل فيها، ولا يتعقب الطعن في حكم شارك في إصداره ويسعى للتدخل في الخصومة أمام المحكمة الإدارية العليا تدخلاً اختصامياً ويطلب منها الحكم برفض الطعن وتثبيت حكم الإدانة الذي شارك في إصداره ضد السيدة........ كان يتعين عليه أن يقدر حق التقدير أنه ليس خصماً في هذا الطعن، وأنه قاض، ومن البديهيات أنه لا يجوز للقاضي أن يتعقب حكماً شارك في إصداره فيتدخل في الخصومة في الطعن أمام محكمة الطعن ويطلب طلبات من تلك المحكمة بقصد تثبيت الحكم ورفض الطعن فيه، كان عليه أن يكف عن متابعة قضاة المحكمة الإدارية العليا الذين ينظرون هذا الطعن بأسباب عدم الصلاحية التي صنعها خيال متعال متعاظم وكأنه خصم أصيل في الطعن، كان يتعين عليه أن يعرف أن بوصفه رئيس المحكمة التأديبية التي أصدرت الحكم المطعون فيه لا يجوز له أن يكون خصماً في الطعن المرفوع من رئيس هيئة مفوضي الدولة عن هذا الحكم، وأنه يمتنع عليه الدفاع عن الحكم المطعون فيه أمام محكمة الطعن، كما يمتنع عليه مهاجمة المحكمة التي تفصل في هذا الطعن على النحو الثابت في مذكرته الأخيرة المقدمة يوم السبت 31/ 10/ 1987. كان عليه أن يعرف أن هيئة مفوضي الدولة لم تختصمه في الطعن، وأن إعلانه بتقرير الطعن عمل باطل لا يترتب عليه أي أثر ولا يخوله حق الهجوم على المحكمة الإدارية العليا وتجريح تصرفات رئيسها بالصورة التي صدر عنها طالب التدخل المرفوض. كان يتعين على طالب التدخل أن يعرف أن ولايته في المنازعة انتهت تماماً بإصداره الحكم المطعون فيه من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 3/ 1/ 1987 وأنه لا يملك قانوناً حق التوجه بطلبات أمام محكمة الطعن عن حكم شارك هو في إصداره. وأنه لأمر بالغ الغرابة وغير مسبوق في القضاء أن يدافع قاض وهو ما زال قاضياً عن حكم شارك هو في إصداره أمام محكمة الطعن عن موقف التدخل الاختصامي ويتقدم بطلبات أمام محكمة الطعن بشأن الحكم الذي شارك هو في إصداره ثم ينعى على قضاة محكمة الطعن ويرمي رئيس المحكمة بعدم الجدية وعدم التجرد وبكل أسباب التجريح، ويصور نفسه على أنه لم يسمح باتخاذ إجراءات الرد رغم قيام موجباته، فكأنه يجود على المحكمة ويمن عليها بكريم المعاملة، ويصور الاعتبارات التي أملت عليه هذا الموقف بأنها اعتبارات (الناحية الأدبية) واستخدام عبارة (الناحية الأدبية) يدل أوثق دلالة على شحوب وفقر الاعتبارات الأدبية في موازينه. وكل زعم أن رئيس المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) قد اتصل بالحكم محل الطعن وقام بدراسته وقلب وجه الرأي فيه في مرحلة إجراءات لجنة الصلاحية ومجلس التأديب زعم باطل، إذ كان يكفي جميع أعضاء لجنة الصلاحية ومجلس التأديب أن يعرفوا أن الحكم المطعون فيه قد طعن فيه فعلاً أمام المحكمة الإدارية العليا ليبعدوا عن مناقشته وينأوا عن الاقتراب منه مجرد الاقتراب منه. فليس صحيحاً أن رئيس المحكمة الإدارية العليا قد سبق له نظر قضية........ في مرحلة لجنة الصلاحية ومجلس التأديب كما أنه ليس صحيحاً أيضاً أن بين رئيس المحكمة الإدارية العليا وطالب التدخل الاختصاص عداوة يرجع معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل فالعداوة لا تنشأ بين القاضي وبين من يحاكمه ولو أنها كانت تنشأ كما يتصور المتدخل لعجز البشر عجزاً كاملاً عن توفير قاض واحد في تاريخهم كله وأغلب الظن أن المتدخل يعرف ذلك. وأخيراً يقول المتدخل أن رئيس المحكمة كان له رأي سابق وموقف معلن مطرد في شأن موضوع الطعن ثابت في محاضر جلسات دائرة التسويات (ب) بمحكمة القضاء الإداري عندما كان رئيساً لها على نحو يجب تنحيه حتى يكمل لدى المتدخل الاطمئنان إلا أن اختيار رئيس المحكمة لرئاسة الهيئة لم يتأثر بموقف المذكور. ومن المسلم به طبقاً لأحكام المواد من 146 إلى 165 من قانون المرافعات أن أسباب عدم الصلاحية لا تتوافر في حق القاضي إلا إذا كان قد أبدى الرأي في الخصومة عينها المنظورة أمام المحكمة التي يجلس فيها مجلس القضاء، وهو ما لم يصدر عن رئيس المحكمة قط، أما ما كان يصدر عن رئيس المحكمة من إثباته وقائع الشغب التي تحدث خارج قاعة المحكمة في محضر الجلسة ويحيل الأمر إلى السيد المستشار الأمين العام للتصرف فيه فلا يعني أن لرئيس المحكمة رأياً في موضوع المنازعة الماثلة، سابقاً ومعلناً متصوراً في إذ ربما كان رئيس المحكمة يقصد إلى أكثر من الإشارة إلى عدم ملاءمة القاعة التي تنعقد فيها دائرة التسويات (ب) لكونها تقع بين فكي حصار شامل من جيوش العاملين وهى المحكمة التي كانت تتعامل مع أكثر من مائة دعوى وطعن كل أسبوع تخص مئات من العاملين. ويحتم القانون على طالب التدخل أو تنتهي صلته تماماً بالنزاع بمجرد مشاركته في إصدار الحكم فيه، إلا أن طالب التدخل وقف أمام المحكمة الإدارية العليا موقف الدفاع عن حكم شارك في إصداره وطلب التدخل في الخصومة تدخلاً اختصامياً وكانت له أمام المحكمة الإدارية العليا طلبات في شأن النزاع كواحد من الخصوم، وهو رئيس المحكمة المطعون في حكمها. وهذا الموقف الفريد ليست له سابقة، ترخص لطالب التدخل وهاجم رئيس المحكمة وخلط بين هذه المنازعة وبين طلب الإحالة إلى لجنة الصلاحية وإلى مجلس التأديب متصوراً أن مجرد الاشتراك في لجنة الصلاحية ومجلس التأديب الذي كان يحاكمه ينبغي أن يحجب من اشترك فيها عن نظر هذا الطعن بحجة أنه لا بد أن يكون قد كون رأياً في موضوع هذه المنازعة، وهو تصور خاطئ، ذلك أن لجنة الصلاحية ومجلس التأديب لم يقتربا أي اقتراب من الطعن الماثل ومن موضوع الحكم المطعون فيه الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 13/ 1/ 1987 بمجازاة........ بالخصم من أجرها لمدة يومين.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وببطلان إعلان تقرير الطعن إلى المستشار المساعد........ وبعدم جواز تدخله في الخصومة أمام المحكمة الإدارية العليا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 3/ 1/ 1987 بمجازاة........ بالخصم من أجرها لمدة يومين.