مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 342

(48)
جلسة الأول من ديسمبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار أبو بكر دمرداش أبو بكر نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد حمادة وجمال السيد دحروج وفاروق علي عبد القادر وعطية الله رسلان أحمد فرج المستشارين.

الطعن رقم 1711 لسنة 31 القضائية

قرار إداري - وقف تنفيذه - شروطه - ركن الجدية.
المادة (98) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة.
لا وجه لإعمال قرينة الاستقالة الضمنية إذا اتخذت جهة الإدارة الإجراءات التأديبية ضد العامل المنقطع عن العمل خلال الشهر التالي لانقطاعه - مؤدى ذلك بقاء العلاقة الوظيفية قائمة ومستمرة - أثر ذلك: انتفاء ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن إنهاء خدمة المدعي - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 10 من إبريل سنة 1985 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن السيد/ محافظ القاهرة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1711 لسنة 31 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات) بجلسة 25 من مارس سنة 1985 في الدعوى رقم 2930 لسنة 39 القضائية المقامة من السيد/ ...... ضد السيد/ محافظ القاهرة والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الشق المستعجل بوقف تنفيذ قرار الإدارة السلبي بالامتناع عن إنهاء خدمة المدعي اعتباراً من تاريخ انقطاعه عن العمل بدون إذن وإعطاؤه ما يفيد ذلك وخلو طرفه ومدة خدمته وإلزام الإدارة مصروفات هذا الطلب وإحالة الشق الموضوعي لهيئة المفوضين لتحضيره. وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن. الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه والقضاء في الدعوى (أصلياً) بعدم قبول طلب وقف التنفيذ في القرار المطعون عليه واحتياطياً رفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون عليه، ومن قبيل الاحتياط الكلي رفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف والأتعاب عن درجتي التقاضي.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن إلى ذوي الشأن على النحو المبين في الأوراق قدم السيد/ مفوض الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الثانية جلسة 27 من إبريل سنة 1987 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن في الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره أمامها جلسة 20 من مايو سنة 1987 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يخلص من الأوراق في أن السيد...... أقام الدعوى رقم 2930 لسنة 39 القضائية ضد السيد/ محافظ القاهرة أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات) بصحيفة أودعت قلم كتاب تلك المحكمة بتاريخ 7 من مارس سنة 1985 وطلب في ختامها الحكم (أولاً) وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن إنهاء خدمته اعتباراً من تاريخ انقطاعه عن العمل، وإعطائه ما يفيد هذا الإنهاء وخلو طرفه ومدة خبرته (ثانياً) وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات. وقال المدعي شرحاً لدعواه، إنه يعمل مدرساً بمدرسة التحرير الابتدائية التابعة لإدارة شرق القاهرة التعليمية وانقطع عن عمله عازفاً عن الوظيفة اعتباراً من الأول من أكتوبر سنة 1984 وحتى تاريخ إقامة الدعوى، فتقدم إلى الجهة الإدارية طالباً إعطائه ما يفيد إنهاء خدمته وخلو طرفه ومدة خبرته فامتنعت بغير مسوغ من واقع أو قانون، إذ أنه طبقاً لنص المادة 98 من القانون رقم 47 لسنة 1978 تعتبر خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه، لذا فقد كان يتعين على الجهة الإدارية إصدار قرار بإنهاء خدمته من ذلك التاريخ، وأضاف المدعي أن امتناع الجهة الإدارية عن إنهاء خدمته وإعطائه شهادة بهذا الإنهاء وبخلو طرفه ومدة خبرته يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها ويتوافر به ركن الاستعجال فضلاً عن توافر ركن الجدية.
وبجلسة 8 من يوليو سنة 1987 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى محكمة القضاء الإداري دائرة ثالثة وحددت لنظره أمامها جلسة 3 من نوفمبر سنة 1987. وبجلسة 25 من مارس سنة 1985 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وفي الشق المستعجل بوقف تنفيذ قرار الإدارة السلبي بالامتناع عن إنهاء خدمة المدعي اعتباراً من تاريخ انقطاعه عن العمل بدون إذن وإعطائه ما يفيد ذلك، وخلو طرفه ومدة خبرته وإلزام الإدارة مصروفات هذا الطلب وإحالة الشق الموضوعي لهيئة المفوضين لتحضيره، وشيدت المحكمة قضاءها على أنه طبقاً لنص المادة 98 من القانون رقم 47 لسنة 1978 فإن العامل يعتبر مستقيلاً إذا انقطع عن عمله المدد المبينة في النص المذكور، والثابت من ظاهر الأوراق دون التعرض لأصل طلب الإلغاء أن المدعي انقطع عن العمل بدون إذن اعتباراً من الأول من أكتوبر سنة 1984 ثم استمر عازفاً عن الوظيفة ولم تتخذ ضد الجهة الإدارية أي إجراء تأديبي خلال الشهر التالي للانقطاع ومن ثم فإن خدمته تعتبر - بحسب الظاهر - منتهية من تاريخ الانقطاع مما يتوافر معه ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ، وأضافت المحكمة أن امتناع الإدارة عن إنهاء خدمة المدعي الذي انقطع عن عمله وانتهت خدمته باعتباره مستقيلاً دون مبرر قانوني يمثل عقبة قانونية تحرمه من السفر والانتقال طالما كان الثابت من جواز سفره أو بطاقته العائلية أو الشخصية أنه موظف بها إذ أن الأمر يحتاج إلى موافقتها على السفر كما يترتب على عدم منح المدعي شهادة بمدة خدمته عدم إفادته من مدة خبرته السابقة في الوظيفة الجديدة عند تقدمه إلى عمل آخر يكتسب منه، وهي كلها أمور تقيد حريته وتعارض ما كفله الدستور من حرية الانتقال والهجرة والعمل في حدود القانون، وهذه وتلك نتائج يتعذر تداركها مما يتوافر معه ركن الاستعجال.
ومن حيث إن حاصل أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله عندما قضى بقبول طلب وقف نفاذ القرار المطعون فيه على الرغم من عدم قيام المدعي بالتظلم منه وذلك أنه من المبادئ المستقرة في الفقه والقضاء الإداري أن قرارات إنهاء الخدمة وما في حكمها من قرارات سلبية يجب التظلم منها قبل طلب إلغائها، وأضاف الطاعن أن قرينة الاستقالة الضمنية المنصوص عليها في المادة 98 من القانون رقم 47 لسنة 1987 والمستفادة من انقطاع العامل عن العمل المدة المنصوص عليها قانوناً مقررة لصالح الجهة الإدارية التي يتبعها العامل فلها أن تعملها وتعتبر العامل مستقيلاً كما أن لها أن تهدرها بأن تتخذ ضد العامل الإجراءات التأديبية المقررة ومؤدى إعمال القرينة المشار إليها أن انتهاء خدمة العامل إعمالاً لها لا يترتب حتماً وبقوة القانون ولمجرد توافر شروط إعمال تلك القرينة وإنما يلزم لذلك أن تصدر جهة الإدارة قراراً إدارياً في شأن المطعون ضده بإعمال قرينة الاستقالة الحكمية في شأنه وإذْ لم تقم جهة الإدارة بإصدار القرار الإداري بإنهاء خدمته للانقطاع عن العمل فمن ثم تكون رابطة التوظف ما زالت قائمة، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بخلاف ذلك قد خالف القانون.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن القرار السلبي بالامتناع عن إنهاء الخدمة ليس من القرارات التي يجب التظلم منها قبل المطالبة بإلغائها أو وقف تنفيذها كما هو منصوص عليه في البنود ثالثاً ورابعاً وتاسعاً من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
ومن حيث إن المادة 98 من القانون رقم 47 لسنة 1978 الصادر بنظام العاملين المدنيين بالدولة تقضي بأنه (يعتبر العامل مقدماً استقالته في الحالات الآتية:
1 - إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية ما لم يقدم خلال الخمسة عشرة يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول، وفي هذه الحالة يجوز للسلطة المختصة أن تقرر عدم حرمانه من أجره عن فترة الانقطاع إذا كان له رصيد من الإجازات يسمح بذلك وإلا وجب حرمانه من أجره عن هذه المدة، أما إذا لم يقدم العامل أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت واعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
2 - إذا انقطع عن عمله بغير إذن تقبله جهة الإدارة أكثر من ثلاثين يوماً غير متصلة في السنة تعتبر خدمته منتهية في هذه الأحوال من اليوم التالي لاكتمال هذه المدة.
وفي الحالتين السابقتين يتعين إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه لمدة خمسة أيام في الحالة الأولى وعشرة أيام في الحالة الثانية ولا يجوز اعتبار العامل مستقيلاً في جميع الأحوال إذا كانت قد اتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي لانقطاعه عن العمل.
ومن حيث إن هذه المادة تتطلب لإعمال حكمها باعتبار العامل مقدماً استقالته لانقطاعه عن العامل المدة المبينة بها ألا تكون الجهة الإدارية، وبما لها من سلطة تقديرية في هذا الشأن، قد اتخذت ضده ثمة إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي لانقطاعه عن العمل.
ومن حيث إن إدارة شرق القاهرة التعليمية قد أفادت بكتابها المؤرخ 11 من مارس سنة 1985 أن السيد/ ........ قد انقطع عن العمل بدون إذن اعتباراً من الأول من أكتوبر سنة 1984 وأحيل إلى التحقيق الإداري في الأول من نوفمبر سنة 1984، وبهذه المثابة تكون الجهة الإدارية قد اتخذت ضد المدعي إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي لانقطاعه عن العمل بما لا يسوغ معه اعتباره مستقيلاً من الخدمة أو اعتبار خدمته منتهية، وتبعاً لذلك تظل علاقته الوظيفية بالجهة الإدارية التي يتبعها قائمة ومستقرة وبناء على ذلك ينتفي ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن إنهاء خدمة المدعي مما يضحى معه هذا الطلب في غير محله جديراً بالرفض.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ انتهى قضاؤه إلى وقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن إنهاء خدمة المدعي، فإن قضاؤه يكون قد خالف حكم القانون ويتعين لذلك إلغاؤه ورفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي المصروفات.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضده المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده المصروفات.