مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 347

(49)
جلسة 5 من ديسمبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة صلاح عبد الفتاح سلامة وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد المنعم رفاعي عمارة والسيد السيد عمر المستشارين.

الطعن رقم 1509 لسنة 28 القضائية

مسئولية الدولة عن أعمالها الحربية - قواعد التعويض عنها.
القانون رقم 44 لسنة 1967 بتقرير معاشات أو إعانات أو قروض عن الخسائر في النفس والمال نتيجة للأعمال الحربية معدلاً بالقانون رقم 97 لسنة 1974 - قرار وزير الأوقاف والشئون الاجتماعية رقم 125 لسنة 1967 - قرار وزير الشئون الاجتماعية رقم 75 لسنة 1974.
قرر المشرع بنصوص خاصة استحقاق إعانات لما قد يحيق بأموال القطاعين الخاص والعام من خسائر نتيجة للأعمال الحربية - يترتب على ذلك التزام على عاتق الدولة لا يغير منه لفظ "يجوز" الذي استخدمه المشرع في النص المانح للإعانة - مؤدى ذلك أن كل شخص توافرت فيه شروط الاستحقاق يكون في مركز قانوني مقتضاه استحقاق التعويض المقرر قانوناً دون تفرقة بين الأشخاص المتساويين في المراكز القانونية - حدد المشرع أسس صرف المبالغ المذكورة - مؤدى ذلك أن الأمر لا يرجع لمحض تقدير الإدارة بحيث تعملها بالنسبة لبعض الأشخاص وتهملها بالنسبة للبعض الآخر - تلتزم الإدارة بتفسير القرارات الصادرة في هذا الشأن تفسير منضبطاً بلا توسعة أو تضييق لا تحتمله النصوص بمقولة أنها استثناء من أصل يقضي بعدم مسئولية الدولة عن الخسائر المترتبة على الأعمال الحربية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 20 من يوليه سنة 1982 أودع السيد الدكتور...... المستشار بإدارة قضايا الحكومة (هيئة قضايا الدولة) بصفته نائباً عن السيدة وزيرة الشئون الاجتماعية بصفتها قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1509 لسنة 28 قضائية عليا ضد ورثة المرحوم..... وهم السادة/ ..... و..... و...... عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - دائرة العقود الإدارية والتعويضات - جلسة 23 من مايو سنة 1982 في الدعوى رقم 1197 لسنة 34 ق المقامة من المطعون ضدهم ضد السيدين وزير الإسكان والتعمير ووزيرة الشئون الاجتماعية بصفتها والقاضي بإلزام وزيرة الشئون الاجتماعية بصفتها بأن تدفع للمدعي (المطعون ضدهم) مبلغ 8890 جنيهاً وكذلك أحقيتهم في التعويض عن القيمة الإيجارية للعقار طبقاً لأحكام القانون رقم 39 لسنة 1976 وإلزامهما المصروفات، وطلبت الجهة الطاعنة الأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضدهم مع إلزامهم المصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن قانوناً إلى المطعون ضدهم، وإذ توفيت المرحومة...... بتاريخ 29 من يوليو سنة 1983 وانحصر إرثها في ولديها...... و...... فقد تم إعلانهما وحضر ممثلهما بالجلسات. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه رفض طلب وقف التنفيذ والحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد حدد لنظر الطعن جلسة 19 من ديسمبر سنة 1984 أمام دائرة فحص الطعون. وتداول نظره أمامها على الوجه المبين بالمحاضر. وبجلسة 4 من مايو سنة 1987 قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) وحددت لنظره أمامها جلسة 6 من يونيه سنة 1987 ونظرته على الوجه المبين بالمحاضر حتى قررت بجلسة 7 من نوفمبر سنة 1987 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن مورث المطعون ضدهم أقام الدعوى رقم 1184 لسنة 1978 أمام محكمة القاهرة الابتدائية بصحيفة أودعت قلم كتابها بتاريخ 9 من فبراير سنة 1978 ضد كل من وزير الإسكان والتعمير ووزيرة الشئون الاجتماعية بصفتهما طالباً الحكم له بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بالعقار المملوك له بمدينة السويس بسبب العدوان الإسرائيلي الغاشم، فضلاً عن التعويض عن حرمانه من ثمار الانتفاع بالعقار لمدة جاوزت سنوات بما يقدر مجموعة بمبلغ 13890 جنيهاً. وبجلسة 20 من فبراير سنة 1980 حكمت محكمة شمال القاهرة الابتدائية بر فض الدفع المبدى من الحكومة خاصاً بعدم سماع الدعوى لتعلقها بعمل من أعمال السيادة، وحكمت بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري. وقد وردت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري حيث قيدت برقم 1197 لسنة 34 ق. وتحدد لنظرها جلسة 4 من يناير سنة 1981 وبها قرر الحاضر عن المدعي أنه توفى إلى رحمة الله تعالى فتأجل نظر الدعوى إلى جلسة أول مارس سنة 1981 حيث قام الورثة بإعلان المدعى عليهما بالدعوى طالبين الحكم لهم بطلبات مورثهم. وبجلسة 23 من مايو سنة 1982 حكمت المحكمة بإلزام وزيرة الشئون الاجتماعية بصفتها بأن تدفع للطاعنين مبلغ 8890 جنيهاً، وكذلك أحقيتهم في التعويض عن القيمة الإيجارية للعقار طبقاً لأحكام القانون رقم 39 لسنة 1976 وألزمتها بالمصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أنه بالنسبة إلى ما ذهبت إليه جهة الإدارة من أن منح التعويض يثار على أحكام القانون رقم 44 لسنة 1967 بشأن تقرير إعانات ومعاشات عن الخسائر في النفس والمال نتيجة الأعمال الحربية المعدل بالقانون رقم 97 لسنة 1974، هو أمر جوازي، فإنه وإن كان هذا صحيحاً طبقاً لصياغة نصوص ذلك القانون، إلا أنه وقد قامت الجهة الإدارية المنوط بها تقرير التعويض وعاينت الخسائر وقدرت تعويضاً عنها فإنه يجب أن يكون طبقاً للتقدير الذي حدده المشرع دون انتقاص. أما بالنسبة لما دفعت به الجهة الإدارية من عدم قبول الدعوى على أساس أن التقدير تم بالطريقة المرسومة قانوناً ودون أن يطعن مورث المطعون ضدهم على هذا التقدير أمام القضاء الإداري، فإن هذا الوجه من أوجه الدفاع غير واضح وغير كامل. ذلك أنه لا خلاف بين الطرفين في أن مورث المطعون ضدهم قد سلك الطريق المرسوم للحصول على الإعانة أو التعويض المقرر قانوناً. إلا أنه لم يقبل التقدير الذي قدرته اللجان المختصة فلجأ إلى القضاء المستعجل لإثبات حالة العقار وتقدير التعويض المستحق له طبقاً للقانون ثم رفع دعواه الحالية بطلباته الماثلة وهي دعوى تعويض وليست دعوى إلغاء. ولم تقدم الجهة الإدارية ملف العقار المشار إليه رغم طلبه وقدمت فقط المقايسة التي قدرت قيمة الترميمات بمبلغ 2500 جنيهاً، رغم أن المستفاد من الدعوى ومن دفاع الجهة الإدارية ذاته من وجود أوراق أخرى منها مثلاً قرار اللجنة التي عرضت عليها المقايسة المشار إليها واعتمدتها، ثم شكاوى مورث المطعون ضدهم من هذا القرار، ثم القرار الصادر بزيادة هذه القيمة إلى 3750 جنيهاً، وبتاريخ هذه القرارات وتاريخ إبلاغ المورث المذكور بها. ولكل ذلك يكون هذا الوجه من أوجه الدفاع غير قائم على أساس سليم ويتعين الالتفات عنه. واستطردت المحكمة إلى أنه في مجال القانون الإداري لا يمكن ترتيب المسئولية على أساس تبعة المخاطر كأصل عام مقرر، بل يلزم لذلك نص تشريعي خاص. ومن ذلك القانون رقم 44 لسنة 1967 المشار إليه حيث نص في المادة (1) منه على أن تشكل لجان في كل محافظة تقع بها خسائر في النفس أو المال نتيجة للأعمال الحربية، وحدد في المادة (2) اختصاص هذه اللجان. ونصت المادة (3) على صرف إعانات أو معاشات أو قروض عن الأضرار الناجمة عن هذه العمليات وعلى أن يصدر وزير الشئون الاجتماعية قراراً بشروط وأوضاع وإجراءات صرف الإعانات أو المعاشات أو القروض في الحالات الآتية: (ب) بالنسبة للخسائر في المال: تصرف إعانة مساوية لقيمة الخسائر التي تلحق بالمال الخاص وبحد أقصى قدره عشرون ألفاً من الجنيهات للإعانة...... وإعمالاً لهذه النصوص صدرت قرارات وزير الشئون الاجتماعية أرقام 953 لسنة 1967 بتشكيل اللجان، و124 لسنة 1967 بشرط وأوضاع وإجراءات صرف معاشات وإعانات لمن أصيبوا بخسائر في النفس، و125 لسنة 1967 بشروط وأوضاع وإجراءات صرف مساعدات أو قروض عن الخسائر في الأموال نتيجة الأعمال الحربية، ونصت المادة (1) منه على أن "يعتبر خسارة في الأموال كل هلاك أو تلف ينتج عن الأعمال الحربية يصيب مبنى أو منشآت عامة أو.... وما تحتويه أي منها من معدات وآلات... وأثاث. وعدا ذلك من الأموال الثابتة أو المنقولة أو المتداولة..." ونصت المادة (2) على أن "تكون قيمة الخسارة في الأموال المشار إليها في الفقرة الأولى من المادة السابقة مساوية لقيمة الهلاك أو التلف الفعلي الذي أصابها بالإضافة إلى ما فات صاحب الشأن من كسب نتيجة استغلالها" ونصت المادة (3) على أن "تقدر قيمة الخسارة في الأموال على الوجه الآتي ( أ ) بالنسبة إلى المباني والمنشآت وما تحتويه من منقولات ثابتة - تقدر قيمة الخسارة على أساس نسبة الهلاك أو التلف الذي أصابها إلى قيمتها ونقدره بثمن الشراء أو التكلفة وذلك بعد استنزال قيمة الاستهلاك عن المدة من تاريخ اقتنائها حتى تاريخ حدوث الهلاك أو التلف...." ولما كان مورث المدعين (المطعون ضدهم) يطلب تعويضه عن ( أ ) الخسائر التي لحقت بالعقار المذكور (ب) حرمانه من ثمار الانتفاع به لعدة سنوات، فإنه بالنسبة إلى الشق الأول فالثابت من الأوراق أن المورث المذكور سبق أن أقام الدعوى رقم 38 لسنة 1977 مستعجل السويس ضد المدعى عليهم (الطاعنة وآخر) طالباً إثبات حالة عقاره وتقدير المبالغ التي يحتاجها ترميمه وإعادته إلى حالته السابقة قبل العدوان الإسرائيلي، فقام الخبير الهندسي المنتدب في الدعوى بمعاينة العقار بحضور أطراف الدعوى، وأثبت حالته، وقدر المبالغ اللازمة لترميمه وإعادته إلى حالته السابقة على العدوان، معتمداً في تقديره على أسعار إحدى شركات مقاولات القطاع العام، فبلغت هذه التكاليف 8890 جنيهاً. ورأت المحكمة مناسبة هذا التقدير. ولم تقدم جهة الإدارة أي اعتراض موضوعي على ما جاء بالتقرير. أما عن تقدير لجان الحصر الذي تتمسك به الجهة الإدارية فإنه مما يدل على عدم قيامه على أسس علمية سليمة ما تسلم به جهة الإدارة من أنه عندما تظلم المورث المذكور من قيمة هذه المقايسة، تم رفع قيمتها بنسبة 50% بحيث أصبح المبلغ 3750 جنيهاً دون بيان الأساس الذي تم بناء عليه إعادة التقدير مما يبدو معه أن الأمر تم بطريق جزافي ودون أساس واقعي سليم. وذهبت المحكمة إلى أنه بالنسبة إلى الشق الثاني من طلبات مورث المطعون ضدهم وهو المتعلق بحرمانه من ثمار الانتفاع بالعقار لعدة سنوات فقد استعرضت المحكمة أحكام القوانين أرقام 24 لسنة 1967 و114 لسنة 1974 و39 لسنة 1976 وخلصت إلى أن المشرع قدس ثلاثة أنواع من التعويضات لمواطني محافظتا "القناة وسيناء أولهما التعويض عن الخسارة في المال الذي وضع له حداً أقصى، وثانيهما: التعويض عن فقد الأجر أو الدخل، وثالثهما: التعويض عن القيمة الإيجارية التي لم يتقاضاها مالك العقار الواقع في إحدى هذه المخالفات حتى نهاية سنة 1974 "وخص المشرع كلاً من هذه التعويضات بأحكامه وقواعده، ومن ثم يحق لمن يتوافر فيه سبب استحقاق أي منها أن يجمع بينه وبين غيره إن توافرت شروط استحقاقه. وعلى ذلك يكون من حق مورث المطعون ضدهم التعويض عن القيمة الإيجارية طبقاً لأحكام القانون رقم 39 لسنة 1976 المشار إليه.
ومن حيث إن مبنى الطعن المقام من الجهة الإدارية أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، ذلك أن نصوص القانون رقم 44 لسنة 1967 المقررة لمبدأ التعويض عن الأضرار الناتجة عن الأعمال الحربية قد وردت على خلاف الأصل الذي يقضي بعدم مسئولية الدولة عن الأعمال الحربية، ولم تقصد تلك النصوص أن يكون التعويض شاملاً لكافة عناصر الضرر أو أن تستهدف بها أن تتحمل الدولة بكافة المبالغ اللازمة لإعادة العقارات المهدمة إلى الحالة التي كانت عليها قبل الأعمال الحربية. بل استهدفت تلك النصوص مجرد تقديم إعانات مالية عن الخسائر التي تلحق بالمال تساهم بها الدولة في تمكين أصحابه من إصلاحه ومعاودة الانتفاع به. وقد قضى هذا القانون بتشكيل لجان في كل محافظة تقع بها خسائر في النفس أو المال نتيجة الأعمال الحربية لمعاينة وحصر الأضرار وتقدير الخسائر، ويجوز لها أن تصرف معاشات أو إعانات عن تلك الأضرار. وقد صدر القرار الوزاري رقم 125 لسنة 1967 بتحديد شروطه وأوضاع المساعدات والقروض التي يمكن صرفها طبقاً لذلك القانون. وعلى ذلك فإن ما تقدره تلك اللجان يجب أن يعول عليه وحده طالما كانت إجراءاتها صحيحة. وإذ كان الثابت بأوراق الدعوى أن اللجنة المختصة عاينت العقار المملوك لمورث المطعون ضدهم وقدرت الإعانة المستحقة عن التلفيات التي أصابته بسبب الحرب بمبلغ 2500 جنيه، فإن هذا التقدير هو الذي يجب أن يعتد به. ويكفي المطعون ضدهم أن مورثهم أقر بأن الإعانة المقررة له زيدت إلى مبلغ 3750 جنيه بناء على تظلمه. وجاء بمذكرة الجهة الطاعنة كذلك أن المبلغ الذي قدرته اللجنة لمورث المطعون ضدهم قد جاء بمراعاة ما تقضي به المادة الثالثة من القرار الوزاري رقم 125 لسنة 1967 من أن تقدر قيمة الخسائر على أساس نسبة الهلاك أو التلف الذي أصابها مقدره بثمن الشراء أو التكلفة وذلك بعد استنزال قيمة الاستهلاك عن المدة من تاريخ اقتنائها حتى تاريخ الهلاك أو التلف. وقد كان على الخبير الهندسي أن يراعي ذلك في تقديره لما يستحق مورث المطعون ضدهم، فإذا ما خالف ذلك بأن أقام تقديراته على أساس إصلاح المنزل وإعادته إلى أصله عند بنائه فإن تقديراته تكون قد تمت بالمخالفة للقانون بما يوجب الالتفات عنها.
ومن حيث إن المادة (3/ ب) من القانون رقم 44 لسنة 1967 بتقرير معاشات أو إعانات أو قروض عن الخسائر في النفس والمال نتيجة للأعمال الحربية معدلة بالقانون رقم 97 لسنة 1974 تنص على أن "يجوز أن تصرف معاشات أو إعانات أو قروض عن الأضرار الناجمة عن العمليات الحربية المشار إليها بالمادة السابقة طبقاً للشروط والأوضاع والإجراءات التي يصدر بها قرار نائب الرئيس ووزير الأوقاف والشئون الاجتماعية، وذلك في الحالات الآتية (ب) بالنسبة إلى الخسائر في المال: (1) تصرف إعانة مالية مساوية لقيمة الخسائر التي تلحق بالمال الخاص وبحد أقصى قدره عشرون ألف جنيه....." ونصت المادة (12) من هذا القانون على أن "على نائب الرئيس ووزير الأوقاف والشئون الاجتماعية ووزير الخزانة كل فيما يخصه إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ هذا القانون". وقد صدر قرار نائب الرئيس ووزير الأوقاف والشئون الاجتماعية رقم 125 لسنة 1967 بشروط وأوضاع وإجراءات صرف مساعدات أو قروض عن الخسائر في الأموال نتيجة للأعمال الحربية. ثم صدر قرار وزير الشئون الاجتماعية رقم 75 لسنة 1974 بشروط وأوضاع وإجراءات صرف إعانات عن الخسائر في الأموال نتيجة للأعمال الحربية، وبإلغاء القرار رقم 125 لسنة 1967 بشأن شروط وأوضاع وإجراءات صرف مساعدات أو قروض عن الخسائر في الأموال نتيجة للأعمال الحربية. ونصت المادة (1) من هذا القرار على أن "يعتبر خسارة في الأموال كل ما ينتج عن الأعمال الحربية من هلاك أو تلف لمبنى أو منشأة..... أو هلاك أو تلف لما يحتويه أي منها من معدات وآلات وعدد وأدوات ومهمات وقطع غيار وأثاث وبضائع وخامات ومنتجات ومواشي ودواب وغير ذلك من الأموال الثابتة والمنقولة أو المتداولة" وتنص المادة (2) على أن "تصرف إعانة مالية عن الخسارة في الأموال المشار إليها في المادة السابقة مساوية لقيمة الهلاك أو التلف الفعلي وقت حدوث الضرر وبحد أقصى قدره عشرة آلاف جنيه (زيد إلى عشرين ألف جنيه بالقانون رقم 97 لسنة 1974) للإعانة للفرد أو الشركة أو المنشأة الخاصة عن مجموع ما وقع من الخسائر....." كما تنص المادة (3) على أنه "تتولى الدولة بموافقة المالك ترميم المباني التي تحتاج إلى الترميم على نفقتها وتسليمها لأصحابها صالحة للسكنى والاستعمال عوضاً عن الإعانة المالية..." وقد صدر قرار وزير الشئون الاجتماعية رقم 78 لسنة 1974 بشأن تشكيل لجنة أو أكثر في كل محافظة لمعاينة وحصر وتقدير الخسائر في النفس والمال ونص في المادة (1) منه على أن "تشكل في كل محافظة لجنة أو أكثر لمعاينة وحصر وتقدير الخسائر في النفس والمال وتختص هذه اللجنة بمعاينة وحصر وتقدير الخسائر واستيفاء الملفات والمستندات والتأكد من سلامتها وفقاً للقرارات الوزارية الصادرة في هذا الشأن" وتنص المادة (2) على أن "تشكل في كل محافظة من محافظات القناة وسيناء لجنة أو أكثر للمراجعة.. وتختص هذه اللجنة بما يلي ( أ ) مراجعة قرارات لجنة المعاينة والحصر والتقدير والتأكد من سلامة الإجراءات والمستندات المؤيدة للتقدير وذلك بالنسبة للخسائر في المال فقط ولها أن تؤيد أو تعدل من قرارات لجنة المعاينة والحصر والتقدير......" وتنص المادة (3) على أن "تشكل لجنة عامة للتعويضات بالوزارة... وتختص هذه اللجنة بما يلي: ( أ ) إقرار ما انتهت إليه لجان مراجعة خسائر المال بمحافظة القناة وسيناء. (ب) مراجعة قرار لجان معاينة وحصر وتقدير خسائر المال في باقي محافظات الجمهورية.... بالتأكيد أو التعديل..." وتنص المادة (4) على أن "تعتمد قرارات اللجنة العامة من وزير الشئون الاجتماعية، وتقوم الإدارة العامة للتعويضات بإعداد القرارات الجمهورية واستصدار القرارات الوزارية ومتابعة إجراءات تنفيذها".
ومن حيث إن المشرع قرر بنصوص خاصة استحقاق إعانات لما قد يحيق بأموال القطاعين الخاص والعام من خسائر نتيجة الأعمال الحربية حيث صدر القانون رقم 44 لسنة 1967 المشار إليه في أعقاب قيام حرب عام 1967 مقرراً الإعانات وما في حكمها التي تصرف للأشخاص والجهات الذين يلحق بهم ضرر من جراء الأعمال الحربية. بمعنى أن القانون قد أنشأ التزاماً على عاتق الدولة في هذا الشأن نصت عليه المادة (3) من القانون المذكور حيث قررت أنه "يجوز أن تصرف معاشات أو إعانات أو قروض عن الأضرار الناجمة عن العمليات الحربية المشار إليها بالمادة السابقة طبقاً للشروط والأوضاع والإجراءات التي يصدر بها قرار من نائب الرئيس ووزير الأوقاف والشئون الاجتماعية..." وعلى ذلك فإن كل شخص تتوافر فيه الشروط والأوضاع التي صدر بها قرار الوزير المختص واتبع الإجراءات التي نظمها ذلك القرار يكون في مركز قانوني مقتضاه استحقاق التعويض المقرر في حدود القانون والقرارات المشار إليها، دون التفرقة بين الأشخاص المتساوين في المراكز القانونية، أو النزول عن الحدود التي وضعها القانون والقرارات الوزارية لقدر التعويض، أو الإعانات أو القروض المشار إليها، وأن هذا القانون قد قرر استحقاق مثل هذه المبالغ على خلاف الأصل الذي يقضي بعدم مسئولية الدولة عن الخسائر التي تنتج عن الأعمال الحربية ذلك أن نص المادة (3) المشار إليها يفيد أن مسئولية الدولة عن صرف المعاشات أو الإعانات والقروض في حالة الخسائر المترتبة على الحرب إنما تكون في حدود ما تنص عليه قرارات وزير الشئون الاجتماعية التي ناط بها المشرع تحديد الشروط والأوضاع والإجراءات التي تستحق في ضوئها تلك المبالغ. فالقرارات المشار إليها حددت فيها أسس صرف المبالغ المذكورة بحسب تقديرها لأوضاع الدولة الاقتصادية والمالية، وهي تطبق على وجه التساوي بالنسبة لجميع الأشخاص الذين يوجدون في مراكز قانونية متماثلة... فالأمر لا يرجع إلى محض تقدير الإدارة بحيث تعملها بالنسبة لبعض الأشخاص وتهملها بالنسبة إلى البعض الآخر وإن تماثلت أوضاعهم القانونية وإنما تلتزم الإدارة بما جاء بالقانون والقرارات المنفذة له من أوضاع وحدود التعويض. كما تلتزم بتفسير تلك القرارات عند تطبيقها على الأفراد - على وجه منضبط بلا توسعة أو تضييق لا تحتمله النصوص إذ ليس من شأن القول بأن هذه المعونات قد قررها القانون لأصحاب الشأن على خلاف أصل يقضي بعدم مسئولية الدولة عن الخسائر المترتبة على الأعمال الحربية، أن تنال الإدارة من الحقوق التي قررها القانون نفسه للأشخاص الذين لحقت بهم الخسائر بحجة وجوب التضييق في أحكام ذلك القانون.
ومن حيث إن البين من الأوراق أن مورث المطعون ضدهم كان قد تقدم بطلب إلى منطقة تعمير السويس لتعمير المبنى موضوع الدعوى. وبتاريخ 12/ 9/ 1976 كتبت منطقة تعمير السويس بالجهاز التنفيذي لمشروعات التعمير بوزارة الإسكان والتعمير إلى وكيل الوزارة للإسكان والتعمير بمحافظة السويس تشير فيه إلى شكوى مورث المطعون ضدهم من إيقاف تعمير العقار المذكور وقد تأشر على ذلك الكتاب من المختصين بما يفيد ترميم العقار بمبلغ 2500 جنيه، وقد قدم مورث المطعون ضدهم هذه الأوراق إلى محكمة السويس الابتدائية لدى نظرها الدعوى المستعجل رقم 38 لسنة 1977 المقامة من مورث المطعون ضدهم وأثبتتها المحكمة في أسباب حكمها، الأمر الذي يفيد أن ثمة طلباً مقدماً من المورث المذكور إلى جهة الإدارة لأعمال أحكام القرار رقم 75 لسنة 1974 المشار إليه في شأن عقاره. كما يبين من كتاب مديرية الإسكان بمحافظة السويس المرفق بمحافظة الجهة الإدارية المقدمة بجلسة 11 من إبريل سنة 1982 إلى محكمة القضاء الإداري، إن مكتب الترميم والإزالة بالمديرية أفاد أنه بالنسبة لملف العقار موضوع النزاع فإن لجان حصر الخسائر في ذلك الوقت لم تحرر للعقارات التي تمت معاينتها سوى المقايسة فقط. وأرفقت المديرية بذلك الكتاب صورة معتمدة من المقايسة. وكل ذلك ينبئ عن أن جهة الإدارة قد وقفت عند حد تحرير هذه المقايسة دون أن تثبت اللجنة المشكلة وفقاً للقرار رقم 75 لسنة 1974 المشار إليه انتقالها إلى موقع العقار وقيامها بالمعاينة في الواقع وموافقة أعضائها أو غالبيتهم على تلك المقايسة. كما لا يبين ما إذا كانت أعمال تلك اللجنة قد عرضت على لجنة المراجعة بالمحافظة، وإذا كان مورث الطاعنين يذكر أنه تم رفع الإعانة من 2500 جنيه إلى 3750 جنيه بناء على تظلمه فلا يبين من الأوراق ما إذا كان ذلك قد تم بمعرفة لجنة المراجعة أو غيرها من الجهات. كما لا يبين من الأوراق كذلك ما إذا كان التقدير المذكور قد عرض على اللجنة العامة للتعويضات بالوزارة، وما إذا كان قد صدر قرار وزاري باعتماده ولم تقدم جهة الإدارة سوى القرار الوزاري رقم 71 لسنة 1983 بصرف التعويض المحكوم به إلى المطعون ضدهما. وكل ذلك مما ينبئ عن أنه وإن كان مورث المطعون ضدهم في مركز قانوني يخوله الحق في أحد أمرين: إما قيام جهة الإدارة بترميم عقاره الذي أضير بسبب العمليات الحربية بحيث يعود صالحاً للسكنى والاستعمال، وإما أن تقرر له إعانة نقدية في الحدود التي نص عليها القانون والقرار الوزاري. ولقد وقفت جهة الإدارة عند حد إعداد مقايسة لترميم العقار بمبلغ 2500 جنيه، لم يقبلها مورث المطعون ضدهم، ولم تقم جهة الإدارة بترميم العقار سواء في حدود ذلك المبلغ أو غيره، كما لم تعرض المقايسة المذكورة سواء في صورتها الأولى أو بعد زيادتها - على ما يذكر المورث على لجان المراجعة، ولم يصدر بها قرار وزاري، وحتى بعد أن لجأ إلى القضاء المستعجل لانتداب خبير لمعاينة العقار وتقدير ما يلزم من إصلاحات وأعلن وزيري الإسكان والتعمير والشئون الاجتماعية بما صدر من حكم في هذا الشأن فلم تحرك الجهة الطاعنة ساكناً. وعليه فقد لجأ إلى القضاء للنزاع في عناصر التقدير الذي احتوته المقايسة المذكورة والبالغ 2500 جنيه وإذ أخذت محكمة القضاء الإداري بتقديرات الخبير المنتدب باعتبارها قد قامت على أساس معاينة فعلية تمت في مواجهة الحاضرين عن جهة الإدارة. واسترشد الخبير المنتدب فيما قدره من أسعار بفئات بعض شركات القطاع العام المتخصصة، فإن حكمها في هذا الشأن يكون قائماً على أساس سليم من القانون حيث إن مقايسة جهة الإدارة بالحافظة المقدمة بأوراق الدعوى لا تساندها عناصر تجعلها جديرة بالاعتبار عند البت في التعويض المقرر عن تلفيات العقار موضوع الدعوى، على ما سلف البيان، ولا وجه للطعن على أعمال الخبير المنتدب من أن المبلغ الذي قدرته اللجنة قد جاء بمراعاة ما تنص عليه المادة الثالثة من القرار الوزاري رقم 125 لسنة 1967 من أن تقدير قيمة الخسائر على أساس نسبة الهلاك أو التلف الذي أصابها مقدرة بثمن الشراء أو التكلفة بعد استنزال قيمة الاستهلاك عن المدة من تاريخ اقتنائها حتى تاريخ الهلاك أو التلف في حين أن الخبير المنتدب لم يراع ذلك في تقديره، ذلك أن القرار الوزاري رقم 125 لسنة 1967 كان قد تم إلغاؤه عند تقديم مورث المطعون ضدهم لطلب ترميم عقاره، وأحكام القرار رقم 75 لسنة 1974 الذي حل محل القرار المذكور تفيد أن جهة الإدارة إما أن تقوم بالترميم مباشرة وتتحمل تكاليفه، وإما أن تؤدي إعانة مالية عن الخسارة في الأموال.... مساوية لقيمة الهلاك أو التلف الفعلي وقت حدوث الضرر.... أي أن تقدير الإعانة يرتكز على أساس قيمة الهلاك أو التلف الفعلي وهو ما أخذ به الخبير المنتدب، وبذلك فإن الطعن المقام من الجهة الإدارية لا يرتكز على أساس سليم من القانون، ويتعين القضاء برفضه وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفض الطعن وألزمت الجهة الطاعنة بالمصروفات.