مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 374

(54)
جلسة 6 من ديسمبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عصام الدين السيد علام نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد يسري زين العابدين وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وعادل لطفي عثمان المستشارين.

الطعن رقم 243 لسنة 32 القضائية

دعوى - تكييف طلبات الخصوم - حدود سلطة محكمة القضاء الإداري في التكييف.
إسباغ الوصف القانوني الصحيح على طلبات الخصوم أمر تستقل به المحكمة بشرط ألا يصل ذلك إلى حد تعديل طلبات الخصوم بإضافة ما لم يطلبوا الحكم به صراحة - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 18/ 12/ 1985 أودع الأستاذ الدكتور/ ...... المحامي، بصفته وكيلاً عن الطاعن سكرتارية المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 243/ 32 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات) بجلسة 30/ 1/ 1985 في الدعوى رقم 1273/ 36 التي كانت مقامة من الطاعن ضد المطعون ضده والقاضي بعدم قبول إلغاء القرار المطعون فيه شكلاً لرفعه بعد الميعاد وبرفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت المدعي المصروفات - وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار والحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقيته في تسوية حالته وفقاً لأحكام قوانين الإصلاح الوظيفي المتعاقبة بدءاً بالقانون رقم 11 لسنة 75 وانتهاء بالقانون رقم 111 لسنة 81 باعتبار أن مدة خدمته متصلة على ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات عن الدرجتين.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل أسباب الحكم المطعون فيه على النحو السالف ذكره وبرفض الدعوى وإلزام الطاعن والإدارة المصروفات مناصفة.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فأمرت بإحالته إلى هذه المحكمة التي تداولت نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات فاستمعت إلى ما ارتأت لزوم سماعه من ملاحظات ذوي الشأن وقررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد والمداولة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 30/ 1/ 1985 وقدم الطاعن طلباً بمعافاته من الرسوم القضائية بتاريخ 21/ 3/ 1985 قيد برقم 75 لسنة 31 وقضى برفضه في 23/ 10/ 1985 فأقام طعنه بإيداع التقرير سكرتارية المحكمة بتاريخ 18/ 12/ 1985 فإنه يكون مقاماً في الميعاد القانوني مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراقها - تتحصل في أنه بتاريخ 26/ 1/ 1982 أقام الطاعن دعواه رقم 1273/ 36 أمام محكمة القضاء الإداري بطلب الحكم بقبولها شكلاً وفي الموضوع بأحقيته في تسوية حالته وفقاً لأحكام قوانين الإصلاح الوظيفي المتعاقبة بدءاً بالقانون رقم 11 لسنة 75 وانتهاء بالقانون رقم 111 لسنة 81 باعتبار أن مدة خدمته متصلة على ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، وقال شرحاً لدعواه أنه حصل على شهادة إتمام الدراسة الثانوية (القسم الخاص) سنة 1956 وعين بوظيفة كتابية بوزارة الحربية ثم نقل منها سنة 1959 إلى وزارة التعليم العالي وحصل على ليسانس الآداب سنة 1965 وأعير سبع سنوات للسعودية من سنة 1971 حتى 31/ 8/ 1978 وتم خلالها تسوية حالته بالقانون رقم 11 لسنة 1975 ثم قدم استقالته في 26/ 11/ 1978 ووافق عليها وكيل الوزارة للشئون المالية والإدارية في 28/ 11/ 1978 بمقتضى التفويض الصادر له من الوزير، إلا أنه قدم بتاريخ 23/ 12/ 1978 طلباً بالعدول عن الاستقالة ورأت شئون الأفراد عدم جواز سحب الاستقالة حيث إنه منقطع عن العمل من 1/ 9/ 1978 وأصدرت الوزارة القرار رقم 383 بتاريخ 23/ 5/ 1979 بإنهاء خدمته لانقطاعه عن العمل من هذا التاريخ وذلك دون إنذاره كتابة بالعودة إلى العمل كنص القانون مما يترتب عليه انعدام هذا القرار، وأنه لما عاد إلى الوظيفة تقدم بتاريخ 3/ 8/ 1979 بطلب الإعادة إلى العمل واعتبار مدة الانقطاع إجازة بدون مرتب فأصدرت الوزارة القرار رقم 736 بتاريخ 17/ 10/ 1979 بإعادة تعيينه بدون حساب مدة الانقطاع إجازة فتقدم بطلب آخر في 8/ 3/ 1981 بالتماس إعادة النظر في قرار إنهاء خدمته واعتبار المدة إجازة بدون مرتب طبقاً لقانون العاملين المدنيين، وبتاريخ 3/ 6/ 1983 أصدر مجلس وكلاء الوزارة توصية تجيز حساب مثل تلك المدة ووافق الوزير عليها بتاريخ 4/ 6/ 1983 إلا أنه أخطر بتاريخ 28/ 11/ 1983 بأن هذا القرار لن ينفذ وعدل عنه لمخالفته للقانون. وأضاف أن إعادة تعيينه تعني سحب قرار إنهاء خدمته واتصال مدة خدمته وأنه عدل عن الاستقالة قبل مضي شهر من تقديمها وبالتالي يستفيد من أحكام القانون رقم 111 لسنة 1981. وأن قرار إنهاء خدمته منعدم لا يتحصن بمضي المدة. وبجلسة 30/ 1/ 1985 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها محل هذا الطعن وأقامته على أسباب محصلها أن التكييف الصحيح لطلب المدعي اعتبار خدمته متصلة يعد طعناً بالإلغاء على قرار إنهاء خدمته يتقيد بميعاد الستين يوماً المقررة في قانون مجلس الدولة لرفع دعوى الإلغاء، وأن الثابت أنه قدم تظلماً من هذا القرار بتاريخ 26/ 11/ 1979 وقيد بمكتب التظلمات الإدارية برقم 54 لسنة 1979 وأحيل إلى مكتب مفوض الدولة لبحثه وانتهى الرأي فيه بموجب المذكرة المؤرخة 26/ 3/ 1980 إلى عدم قبول التظلم لرفعه بعد الميعاد، وإذ كانت الدعوى لم ترفع إلا في 26/ 1/ 1982، أي بعد انقضاء ميعاد رفع الدعوى المقرر في المادة 24 من قانون مجلس الدولة، فإنها تكون غير مقبولة شكلاً، وأن عدم إنذار العامل طبقاً للمادة 98 من القانون رقم 47/ 78 لا يؤدي إلى انعدام القرار وإنما يجعله مشوباً فقط بعيب مخالفة القانون ويتحصن بالتالي بمضي هذا الميعاد، وأنه عن طلب تطبيق أحكام القانون رقم 11 لسنة 75 والقانون رقم 135 لسنة 80 المعدل بالقانون رقم 111 لسنة 81 فإن هذا الطلب يقوم على أساس الحكم للمدعي بالطلب الأول الذي انتهى الأمر فيه إلى ما تقدم، مما يتعين معه القضاء برفضه باقي طلباته.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه خطأ في تفسيره وتأويله، إذ أن أسباب الحكم تناولت الشكل دون بحث الدعوى وأنه ولئن كان تكييف الدعوى من إطلاقات المحكمة إلا أنه يتعين بألا تخرج بالمنازعة عن طلبات الطاعن الختامية وهي ليست دعوى إلغاء بل هي من دعاوى التسوية باعتبار أن مطلب المدعي الأساسي هو تطبيق القانون رقم 135 لسنة 1980 وتعديلاته والقانون رقم 11 لسنة 75 وتعديلاته لتوافر شروط تطبيق هذه القوانين بوجوده في الخدمة في 31/ 12/ 1974 و1/ 7/ 1980 وبالتالي فهي أساساً دعوى حقوقية، وأنه ما كان يجوز للوزارة بعد صدور قرار مجلس الوكلاء متوجاً بقرار الوزير أن تعطل أو توقف تنفيذه أو أن تسحبه، وعندئذ لا يعدو طلب الطاعن أن يكون تسوية حالته نفاذاً لقرار صحيح لا يجوز سحبه، وهو تسوية لا تتقيد بميعاد ولا يجوز دفعها بعدم القبول طالما أن قرار إنهاء الخدمة قد سحب بالفعل بقرار مجلس الوكلاء المصدق عليه من الوزير بإعادة الطاعن مما يعد في حقيقته سحباًَ لقرار إنهاء خدمته وكان يتعين اعتبار مدة خدمته متصلة خاصة وأن أحكام القضاء الإداري استقرت على جواز سحب قرار الفصل سواء كان صحيحاً أو غير صحيح، كما أخطأ الحكم حين اعتبر القانون رقم 111 لسنة 1981 تعديلاً بالقانون رقم 135 لسنة 1980، كما أن إغفال إنذار العامل بعد الانقطاع طبقاً للمادة 98 من القانون رقم 47 لسنة 1978 يعد إغفالاً لإجراء جوهري يترتب عليه انعدام قرار إنهاء الخدمة وبالتالي يتعين اعتبار مدة خدمته متصلة في شأن تطبيق القانون رقم 11 لسنة 1975 والقانون رقم 135 لسنة 1980 وتعديلاتها خاصة وأن مرتبه يقل كثيراً عن مرتب بعض زملائه، وأن إعمال المادة 98 غير سليم حيث إن استقالة الطاعن بتاريخ 26/ 11/ 1978 وهو في حالة انقطاع عن العمل تحكمها المادة 97 من القانون رقم 47 لسنة 1978 وبالتالي فإن قبولها وهو غير موجود بالخدمة ف مخالفة للقانون، وأنه متى أعيد إلى العمل في 17/ 10/ 1979 فإنه يكون موجوداً بالخدمة في تاريخ العمل بالقانون رقم 135 لسنة 1980، خصوصاً وأن مؤهله مضاف إلى جدول القانون رقم 83 لسنة 1973 بقرار وزير الدولة للتعليم والبحث العلمي رقم 128 لسنة 1980.
ومن حيث إن الطاعن أقام دعواه أمام محكمة القضاء الإداري طالباً الحكم بأحقيته في تسوية حالته وفقاً لأحكام قوانين الإصلاح الوظيفي المتعاقبة بدءاً بالقانون رقم 11 لسنة 1975 وانتهاء بالقانون رقم 111 لسنة 81 باعتبار أن مدة خدمته متصلة مع ما يترب على ذلك من آثار وفروق مالية، دون أن يضمن طلباته أي طعن بإلغاء القرار الصادر بإنهاء خدمته لانقطاعه عن العمل، سواء في طلباته المبتدأة أو أثناء مراحل نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري، فإنه لا يجوز لهذه المحكمة أن تضيف إليها طلباً بإلغاء القرار المذكور بمقولة أنه التكييف الصحيح لطلبه اعتبار خدمته متصلة، إذ أنه ولئن كان إسباغ الوصف القانوني الصحيح على طلبات الخصوم هو مما تستقل به المحكمة، إلا أن ذلك لا يصل إلى حد التعديل في طلباتهم بإضافة ما لم يطلبوا الحكم به صراحة، مما يكون معه الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، حقيقاً بالإلغاء لهذا السبب.
ومن حيث إنه عن طلبات الطاعن المنوه عنها، فالثابت أنه قد سويت حالته طبقاً لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1975، وإذ لم يبين الطاعن أي مأخذ على هذه التسوية فإنه يتعين الالتفات عن الطلب.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى أحكام القانون رقم 135 لسنة 1980 المعدل بالقانون رقم 111 لسنة 1981 على حالة الطاعن، فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يشترط لتطبيقه شروط ثلاثة: الأول: أن يكون العامل موجوداً بالخدمة فعلاً في 31/ 12/ 1974 تاريخ العمل بالقانون رقم 11 لسنة 1975. والثاني: أن يكون موجوداًَ بالخدمة فعلاً في 1/ 7/ 1980 تاريخ العمل بالقانون رقم 135 لسنة 1980. والثالث: أن تكون خدمة العامل مستمرة بين التاريخين المذكورين.
ومن حيث إنه ولئن كان الطاعن موجوداً بالخدمة فعلاً في 31/ 12/ 1974 وفي 1/ 7/ 1980 إلا أن الثابت أنه انقطع عن عمله اعتباراً من 1/ 9/ 1978 عقب انتهاء إعارته للسعودية لمدة سبع سنوات، وصدر القرار رقم 383 بتاريخ 23/ 5/ 1979 باعتبار خدمته منتهية من 1/ 9/ 1978 لانقطاعه عن العمل عملاً بالمادة 98 من القانون رقم 47 لسنة 78، وهو قرار قائم ومنتج لآثاره لم يتم سحبه طبقاً للثابت بكتاب مدير الإدارة العامة للأنشطة الطلابية رقم 887 في 29/ 11/ 1981 المقدم تحت رقم/ 8 بحافظة مستندات الطاعن، كما لم يقض بإلغائه بناء على طلب الطاعن، إذ لم يتقدم الطاعن بهذا الطلب سواء في طلباته المبتدأة أمام محكمة القضاء الإداري أو أثناء مراحل نظر الدعوى أمامها، ما ينتفي معه الشرط الثالث من شروط تطبيق القانون رقم 135 لسنة 1980 المعدل بالقانون رقم 111 لسنة 1981 على حالة الطاعن، ومن ثم فتكون دعواه جديرة بالرفض ليس علي ما قام عليه الحكم المطعون فيه بل لتخلف شرط إفادة المدعي من أحكام القانون رقم 135 لسنة 1980 معدلاً بالقانون رقم 111 لسنة 1981 على الوجه السالف بيانه وهو ما يتعين معه القضاء برفض دعواه وإلزامه بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.