مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 384

(56)
جلسة 8 من ديسمبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار أبو بكر دمرداش أبو بكر نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد حمادة وجمال السيد دحروج وفاروق علي عبد القادر وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي المستشارين.

الطعن رقم 2363 لسنة 32 القضائية

عاملون بالقطاع العام - تأديب - ميعاد سقوط الدعوى التأديبية.
المادة (59) من القانون رقم 61 لسنة 1971 بنظام العاملين بالقطاع العام (الملغي).
تسقط الدعوى التأديبية بانقضاء ثلاث سنوات من يوم وقوع المخالفة - إذا كون الفعل جريمة جنائية فلا تسقط الدعوى التأديبية إلا بسقوط الدعوى الجنائية - القاعدة هي استقلال كل من الوصف الجنائي والوصف التأديبي للواقعة - عدم عرض أمرهم على المحكمة الجنائية ليس من شأنه أن يغل سلطة المحكمة التأديبية في مجال بحث مدة سقوط الدعوى التأديبية وما يقتضيه ذلك من تكييف الوقائع وخلع الوصف الجنائي السليم عليها - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

بتاريخ 31/ 5/ 1986 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير هذا الطعن ضد السيد/ ..... في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم بجلسة 31/ 3/ 1986 في الدعوى رقم 8/ 26 ق والذي قضى بسقوط الدعوى التأديبية ضد المتهم (المطعون ضده) لما نسب إليه بتقرير الاتهام.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن، وللأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بتوقيع الجزاء المناسب على المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وبتاريخ 1/ 7/ 1986 أعلن تقرير الطعن للمطعون ضده، وقد تم تحضير الطعن أمام هيئة مفوضي الدولة التي أعدت تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة أوراق الدعوى التأديبية رقم 8 لسنة 26 ق إلى المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم للفصل في موضوعها.
ثم نظر الطعن بعد ذلك أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 20/ 5/ 1987 إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره أمامها جلسة 16/ 6/ 1987. ثم تداول نظر الطعن بعد ذلك أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 3/ 11/ 1987 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 8/ 12/ 1987 مع التصريح بمذكرات لمن يشاء خلال أسبوع، وأثناء هذا الأجل وبتاريخ 10/ 11/ 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة ختامية بدفاعها صممت فيها على طلباتها الواردة بتقرير الطعن، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن فإنه لما كان الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 31/ 3/ 1986 ورغم أن تقرير الطعن عليه أودع قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 31/ 5/ 1986، أي في اليوم الحادي والستين إلا أنه نظراً لأن يوم 30/ 5/ 1986 صادف يوم (جمعة) وهو يوم عطلة رسمية فإنه من ثم يمتد الميعاد لليوم التالي وبناء على ذلك يكون الطعن قد أقيم في ميعاد الستين يوماً المقررة قانوناً وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية الأخرى فإنه من ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 10/ 12/ 1983 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 8/ 26 ق ضد المطعون ضده والذي يشغل وظيفة أخصائي شئون العاملين بالشركة المصرية لإنتاج اللحوم والألبان بالدرجة الثالثة - لأنه خرج على الواجب الوظيفي والأمانة وسلك مسلكاً معيباً مما أضر بمالية الشركة التي يعمل بها لأنه:
1 - اشترك مع مجهول في اصطناع شهادة بمدة خبرة سابقة له بمصلحة الأملاك الأميرية بوظيفة كتاب باليومية خلال المدة من 1/ 8/ 1957 حتى 12/ 5/ 1963 م وختمها بخاتم هذه المصلحة.
2 - استغل تلك الشهادة فيما زورت من أجله بأن قدمها إلى جهة عمله وحصل بناء عليها على ترقية وفروق مالية قدرها (436 جنيهاً) بدون وجه حق.
وارتأت النيابة الإدارية لذلك أن المطعون ضده يكون قد ارتكب المخالفة المالية والإدارية المنصوص عليها بالمادتين 78/ 1، 4، 5، 80/ 1 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمته تأديبياً طبقاً للمادتين المشار إليهما آنفاً وكذلك بالمادتين 81، 84/ 3 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام سالف الذكر وبالمادة 14 من القانون رقم 17 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 171/ 1981 وبالمادتين 15، 19 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
وبعد أن تداولت تلك الدعوى بجلسات المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم على النحو المبين بمحاضر الجلسات، قضت المحكمة المذكورة بجلسة 31/ 3/ 1986 بسقوط الدعوى التأديبية ضد المتهم (المطعون ضده) بالنسبة لما نسب إليه وقد شيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المدة بين استعمال الشهادة التي قيل بأنها مزورة وأول إجراء من إجراءات الاتهام أو التحقيق والمحاكمة والذي حدث بتاريخ 20/ 1/ 1982 تتجاوز ثلاث سنوات وهي المدة المحددة قانوناً لسقوط الدعوى التأديبية طبقاً للمادة 59 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971. والمادة 93 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978.
ومن حيث إن مبنى الطعن على هذا الحكم أنه أخطأ في تطبيق القانون تأسيساً على أن الفعل كون إثماً تأديبياً مرتبطاً بالجريمة الجنائية بحيث يدور معها وجوداً وعدماً ومفاد ذلك أن جريمة استعمال المحرر ظلت قائمة طالما كان المحرر منتجاً لأثره في ترتيب وضع قانوني خاطئ للمطعون ضده، وهو تاريخ سحب التسوية والتي كان يتعين حساب التقادم من ذلك التاريخ باعتبار أن جريمة استعمال المحرر جريمة مستمرة باستمرار استعمال المحرر.
ومن حيث إن المادة 59 من القانون رقم 61/ 1971 بنظام العاملين بالقطاع العام (الملغي) تنص على أن (تسقط الدعوى التأديبية بمضي سنة من تاريخ علم الرئيس المباشر بوقوع المخالفة، وتسقط هذه الدعوى في كل حال بانقضاء ثلاث سنوات من يوم وقوع المخالفة، وتنقطع هذه المدة بأي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة ومع ذلك فإذا كان الفعل جريمة جنائية لا تسقط الدعوى التأديبية إلا بسقوط الدعوى الجنائية). كما تنص المادة 93 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بنظام العاملين بالقطاع العام الحالي على أن تسقط الدعوى التأديبية بالنسبة للعامل الموجود بالخدمة بمضي سنة من تاريخ علم الرئيس المباشر بوقوع المخالفة أو ثلاث سنوات من تاريخ ارتكابها أي المادتين أقرب.
ومع ذلك إذا كون الفعل جريمة جنائية تسقط الدعوى التأديبية إلا بسقوط الدعوى الجنائية.
ومن حيث إنه يستفاد مما تقدم أن كلاً من نظامي العاملين بالقطاع العام الملغي والحالي قد قررا كأصل عام سقوط الدعوى التأديبية بانقضاء ثلاث سنوات من يوم وقوع المخالفة، ومع ذلك فإنه إذا كونت هذه المخالفة جريمة جنائية فإن الدعوى التأديبية في هذه الحالة لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية.
ومن حيث إن هذه المحكمة قد استقر قضاؤها على أنه وإن كان الأصل أن الفعل إذا تولدت عنه في ذات الوقت جريمة جنائية إلى جانب المخالفة التأديبية، فإن كلاً منهما تستقل عن الأخرى باعتبار أن لكل منهما نظاماً قانونياً خاصاً ترتد إليه سلطة خاصة تتولى توقيع الجزاء عن الفعل بوصفه مخالفة تأديبية لا شأن لها بالوصف الجنائي للواقعة إلا أن هذا الاستقلال ليس من شأنه أن تلتفت المحكمة التأديبية مطلقاً عن الوصف الجنائي للوقائع المكونة للمخالفة. ولها أن تأخذ في الاعتبار هذا الوصف والعقوبة الجنائية المقررة له في مجال تقرير جسامة الفعل عند تقديرها للجزاء التأديبي الذي توقعه، كما لها أن تتصدى لتأسيس الوقائع المعروضة عليها وتحدد الوصف الجنائي لها لبيان أثره في استطالة مدة سقوط الدعوى، ولا محاجة في أن عدم إبلاغ النيابة العامة بالمخالفات المنسوبة إلى المطعون ضده أو عدم عرض أمرها على المحكمة الجنائية ليصدر فيها حكم جنائي من شأنه أن يغل سلطة المحكمة التأديبية من أجل النظر في مدة سقوط الدعوى التأديبية أو تكييف الوقائع المنسوبة إلى المطعون ضده وبحسب ما تنظره من تلك الوقائع وتخلع عليها الوصف الجنائي السليم (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 816 لسنة 20 ق بجلسة 24/ 11/ 1979).
ومن حيث إن المخالفات المنسوبة إلى المطعون ضده تشكل جناية تزوير واستعمال محرر المنصوص عليها في المادتين 113/ 2، 114 مكرراً من قانون العقوبات حيث ثبت في حقه تزوير شهادة بمدة خبرته السابقة بمصلحة الأملاك الأميرية بوظيفة كاتب وختمها بخاتم هذه المصلحة ثم استغل هذا المحرر المزور فيما زور من أجله بأن قدمه إلى جهة عمله وحصل بناء عليه على ترقية وفروق مالية قدرها 436 جنيهاً بدون وجه حق، الأمر الذي من شأنه أن يجعل للدعوى التأديبية المتعلقة بهذه المخالفة ذات مدة سقوط الدعوى الجنائية الخاصة بالجنايات وهي عشر سنوات من تاريخ وقوع الفعل وهي مدة لم تبلغ نهائياً عند إجراء التحقيق أو الاتهام في الوقائع المقام عنها الدعوى التأديبية الماثلة، حيث بدأ التحقيق في 20/ 1/ 1982 وارتكبت المخالفة بتاريخ 7/ 6/ 1975. وبهذه المثابة فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون فيما انتهى إليه من سقوط الدعوى التأديبية المقامة ضد المطعون ضده دون بحث التكيف الجنائي لما نسب إليه من مخالفات وأثر ذلك في مجال سقوط الدعوى التأديبية. الأمر الذي يتعين معه الحكم بإلغاء هذا الحكم وإعادة الدعوى للمحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم للفصل في موضوعها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة أوراق الدعوى التأديبية رقم 8/ 26 ق إلى المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم للفصل في موضوعها.


[(1)] راجع الطعن رقم 816 لسنة 20 القضائية بجلسة 24/ 11/ 89 والطعن رقم 885 لسنة 30 ق بجلسة 4/ 12/ 86.