أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 48 - صـ 749

جلسة 18 من مايو سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى حسيب، حسين نعمان، سعيد فوده نواب رئيس المحكمة وفتحي محمد حنضل.

(147)
الطلب رقم 2979 لسنة 66 القضائية

(1 - 3) أعمال تجارية "السمسرة". عقد "عقد السمسرة". إثبات "البينة".
(1) أجر السمسار. وجوبه على من كلفه من طرفيّ العقد بالسعي في إتمام الصفقة. وجوبه على كليهما. شرطه. ثبوت أنهما أناطا به سوياً هذا المسعى ما لم يقم اتفاق على غير ذلك.
(2) أعمال السمسرة. اعتبارها عملاً تجارياً محترفاً كان السمسار أو غير محترف ومدنية كانت الصفقة التي توسط في إبرامها أو تجارية. انضباط هذا الوصف وتحققه في شأن السمسار وحده ولا يتعداه إلى غيره ممن يتعاملون معه. اختلاف الوضع بالنسبة للعميل باختلاف ما إذا كان تاجراً أو غير تاجر وتبعاً لطبيعة الصفقة التي يطلب السمسار التدخل في إبرامها.
(3) التعاقد بين تاجرين ولأعمال تجارية. وجوب اتباع قواعد الإثبات في المواد التجارية بالنسبة لهما. قيامه بين تاجر وغير تاجر أو بين تاجرين لأعمال لا تتصل بالتجارة أو مدنية بطبيعتها. مؤداه. وجوب اتباع قواعد الإثبات في المواد المدنية على من كان التصرف مدنياً بالنسبة له، وقواعد الإثبات في المواد التجارية لمن كان التصرف تجارياً بالنسبة له.
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الأصل في أجر السمسار أنه إنما يجب على من كلفه من طرفيّ العقد بالسعي في إتمام الصفقة، ولا يجب على كليهما إلا إذا أثبت السمسار أنهما أناطا به سوياً هذا المسعى وذلك ما لم يقم الدليل على غير ذلك.
2 - إذ كانت السمسرة عملاً تجارياً بطبيعته محترفاً كان السمسار أو غير محترف ومدنية كانت الصفقة التي توسط السمسار في إبرامها أو تجارية إلا أن هذا الوصف لا ينضبط ولا يتحقق إلا في شأن السمسار وحده ولا يتعداه إلى غيره ممن يتعاملون معه، ذلك أن النص في المادة الثانية من قانون التجارة على اعتبار السمسرة عملاً تجارياً إنما يراد به أعمال السمسرة أو الوساطة في ذاتها وهي من خصائص السمسار وحده ولا شأن لعميله بها، وهو بذلك لا ينصرف إلى اعتبار عقد السمسرة عملاً تجارياً في حق السمسار وحق عميله سواء بسواء، بحيث يقال إن هذا الأخير إذ يوسط سمساراً في إبرام صفقة ما يباشر عملاً تجارياً ٍهو الآخر وهو ما لا يسوغ، ومن ثم تعتبر السمسرة عملاً تجارياً من جانب واحد هو جانب السمسار دائماً وفي جميع الأحوال، ولا يجرى عليه نفس الوصف بالنسبة للجانب الآخر وإنما يختلف الوضع باختلاف ما إذا كان هذا الجانب تاجراً أو غير تاجر وتبعاً لطبيعة الصفقة التي يطلب إلى السمسار التدخل في إبرامها.
3 - متى كان التعاقد بين تاجرين ولأعمال تجارية اتبعت في إثباته قواعد الإثبات في المواد التجارية وإن كان بين تاجر وغير تاجر أو بين تاجرين ولكن لأعمال لا تتصل بالتجارة أو تجارياً بطبيعتها فإن قواعد الإثبات في المواد المدنية هي التي تسري على من كان التصرف تجارياً بالنسبة له وقواعد الإثبات في المواد المدنية هي التي تتبع بالنسبة لمن كان التصرف مدنياً بالنسبة إليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1117 سنة 1995 مدني الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يؤدي له مبلغ 23750 جنيهاً، وقال بياناً لذلك إنه بصفته سمساراً كلف من الطاعن وآخر بالتوسط في بيع العقار المملوك لهما وآخرين بثمن مقداره مبلغ 4750000 جنيه، وقد بذل أقصى جهده حتى نجح في إتمام الصفقة مع المشتري وبذلك يستحق عمولته بواقع 2.5% من الثمن، وإذا امتنع الطاعن - وحده - دون باقي شركائه عن دفع نصيبه فيها رغم إنذاره فقد أقام الدعوى. بتاريخ 30/ 9/ 1995 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون عليه المبلغ المطالب به. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 19358 سنة 112 ق، وبتاريخ 14/ 2/ 1996 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه لم يكلف المطعون عليه بالتوسط والسعي لإتمام صفقة عقد بيع الفيلا، وإنما كان مكلفاً في ذلك من قبل المشتري ولمصلحته فلا يحق له مطالبته بأجره، واستدل على ذلك بما ورد بإقرار المطعون عليه المؤرخ 7/ 11/ 1994 من أنه لم يكلف من قبل البائعين للتوسط في ذلك، كما دفع بعدم جواز إثبات عكس ما ورد بهذا الإقرار بغير الكتابة لأن عقد السمسرة يعد تصرفاً مدنياً بالنسبة له, غير أن الحكم المطعون فيه مؤيداً للحكم الابتدائي اعتبر عقد السمسرة عملاً تجارياً جائزاً إثباته بطرق الإثبات كافة وفي جميع الأحوال - بالمخالفة لحكم المادة 2/ 9 من قانون التجارة التي استثنت الأعمال المختطة من الأعمال التجارية والتي لا يجوز إثباتها في مواجهة من تعتبر تصرفاً مدنياً بالنسبة له إلا طبقاً لقواعد الإثبات المدنية وأثبت قيام السمسرة بينهما على ما استخلصه من شهادة مشتري العقار وموثق عقد البيع بالشهر العقاري ومن دفع إخوة الطاعن للمطعون عليه مبلغاً من النقود مهدراً دلالة إقرار المطعون عليه سالف الذكر رغم عدم جحده له، ودون أن يورد أسباباً لذلك وهو ما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله, ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الأصل في أجر السمسار أنه إنما يجب على من كلفه من طرفي العقد بالسعي في إتمام الصفقة، ولا يجب على كليهما إلا إذا أثبت السمسار أنهما ناطا به سوياً هذا المسعى وذلك ما لم يقم اتفاق على غير ذلك، وأنه وإن كانت السمسرة عملاً تجارياً بطبيعته محترفاً كان السمسار أو غير محترف ومدنية كانت الصفقة التي توسط السمسار في إبرامها أو تجارية إلا أن هذا الوصف لا ينضبط ولا يتحقق إلا في شأن السمسار وحده ولا يتعداه إلى غيره ممن يتعاملون معه، ذلك أن النص في الماد الثانية من قانون التجارة على اعتبار السمسرة عملاً تجارياً إنما يراد به أعمال السمسرة أو الوساطة في ذاتها وهي من خصائص السمسار وحده ولا شأن لعميله بها، وهو بذلك لا ينصرف إلى اعتبار عقد السمسرة عملاً تجارياً في حق السمسار وحده وحق عميله سواء بسواء بحيث يقال أن هذا الأخير إذ يوسط سمساراً في إبرام صفقة ما يباشر عملاً تجارياً هو الآخر وهو ما لا يسوغ، ومن ثم تعتبر السمسرة عملاً تجارياً من جانب واحد هو جانب السمسار دائماً وفي جميع الأحوال، ولا يجري عليه نفس الوصف بالنسبة للجانب الآخر وإنما يختلف الوضع باختلاف ما إذا كان هذا الجانب تاجراً أو غير تاجراً وتبعاً لطبيعة الصفقة التي يطلب إلى السمسار التدخل في إبرامها. ومؤدى ذلك أنه يرجع في الإثبات إلى القواعد القانونية العامة ومن مقتضاها أنه متى كان التعاقد بين تاجرين ولأعمال تجارية اتبعت في إثباته قواعد الإثبات في المواد التجارية. وإن كان بين تاجر وغير تاجر أو بين تاجرين ولكن لأعمال لا تتصل بالتجارية أو مدنية بطبيعتها فإن قواعد الإثبات في المواد التجارية هي التي تسري على من كان التصرف تجارياً بالنسبة له، وقواعد الإثبات في المواد المدنية هي التي تتبع بالنسبة لمن كان التصرف مدنياً بالنسبة إليه. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بدفاعه الوارد بسبب النعي، وبدلالة إقرار المطعون عليه المؤرخ 7/ 11/ 1994 - المقدم صورته من الطاعن - وما تضمنه من أن البائعين لم يكلفوه بالتوسط لإتمام صفقه عقد بيع الفيلا المملوكة لهم، وأنه إنما كان مكلفاً من قبل المشتري لها، وما يترتب على ذلك من عدم أحقيته في مطالبته بالأجر، كما دفع بعدم جواز إثبات ما يخالف الثابت بالإقرار المشار إليه بغير الكتابة، وكان البيّن أن الحكم المطعون فيه مؤيداً للحكم المستأنف قد اعتبر السمسرة بين الطاعن والمطعون عليه عملاً تجارياً جائزاً إثباته بكافة طرق الإثبات وفي جميع الأحوال، ورتب على ذلك جواز إثباتها بالبيّنة وأقام قضاءه بإلزام المطعون عليه بأجر السمسرة على ما استخلصه من أقوال شاهدي المطعون عليه، ومن قيام شركاء الطاعن بدفع مبلغ من النقود له بمناسبة هذا البيع، رغم أن الصفقة التي توسط المطعون عليه فيها مدنية بطبيعتها مما مقتضاه اتباع قواعد الإثبات المدنية لإثبات عقد السمسرة عنها في مواجهة الطاعن ومنها عدم جواز إثبات ما يخالف الثابت كتابة إلا بالكتابة، مادام أن الطاعن قد تمسك بهذا الدفاع وطالما لم يجحد المطعون عليه الإقرار الصادر منه وأقر ما دوّن به فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وبني قضاءه على أدلة غير جائز الاستدلال بها على ما سلف بيانه ودون أن يورد أسباب إهداره دلالة إقرار المطعون عليه آنف البيان فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.