مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 417

(62)
جلسة 12 من ديسمبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي وصلاح عبد الفتاح سلامة وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد المنعم رفاعي عمارة المستشارين.

الطعن رقم 2655 لسنة 30 القضائية

دعوى الإلغاء - ميعاد رفع الدعوى - أسباب انقطاع الميعاد.
المادة (24) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
حدد المشرع ميعاد رفع دعوى الإلغاء بستين يوماً من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه أو إعلان صاحب الشأن به - يقوم مقام هذا النشر أو الإعلان علم صاحب الشأن علماً يقيناً شاملاً في تاريخ معين بالقرار المطعون فيه - ينقطع هذا الميعاد بالتظلم الذي يقدم خلاله إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئاسية - لا ينتج هذا الأثر في قطع الميعاد سوى التظلم الأول دون التظلمات التالية له - ينقطع الميعاد برفع الدعوى خلاله ولو إلى محكمة غير مختصة ويظل هذا الأثر قائماً حتى يصدر الحكم بعدم الاختصاص فيجري الميعاد ثانية - مناط إعمال هذه القاعدة الأخيرة هو أن ترفع الدعوى إلى محكمة داخلة في جهة من جهات القضاء - ينحسر مجال هذه القاعدة إذا طرح النزاع على غير محكمة - مثال ذلك: اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي - أساس ذلك - أن هذه اللجنة غير مختصة ولائياً بنظر اعتراضات لجنة المنتفعين التي يطعن في قراراتها مباشرة أمام محكمة القضاء الإداري - لا وجه للحجاج بكونها جهة قضائية مستقلة عن جهتي القضائيين العادي والإداري وتعد قراراتها فيما أسند إليها أحكاماً قضائية - نتيجة ذلك: لا تعتبر هذه اللجان بحال داخله في مدلول المحكمة بالمعنى الصحيح في مفهوم القاعدة التي تقضي بانقطاع الميعاد برفع الدعوى خلاله إلى المحكمة غير مختصة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 19 من يوليو سنة 1984 أودع الأستاذ...... المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2655 لسنة 30 القضائية ضد كل من السيد/ ....... والسيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بصفته في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 21 من يونيه سنة 1984 في الدعوى رقم 1722 لسنة 37 القضائية المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهما والقاضي بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد وإلزام الطاعن المصروفات، وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم أولاً: بقبول الطعن شكلاً. وثانياً: بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه. وثالثاً: بعدم الاعتداد بالقرار الصادر من لجنة بحث مخالفات المنتفعين في 19 من يونيه سنة 1983 مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو المبين بالأوراق. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم أولاً: برفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه. وثانياً: بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً. وثالثاً: بإلزام الطاعن المصروفات. وعين لنظر الطعن جلسة الأول من ديسمبر سنة 1986 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة وتداول بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر حتى قررت بجلسة 18 من مايو سنة 1987 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) لنظره بجلسة 13 من يونيه سنة 1987 وتداول أمامها على الوجه المبين بالمحاضر حتى قررت بجلسة 14 من نوفمبر سنة 1987 إصدار الحكم بجلسة 28 من نوفمبر سنة 1987، وفيها قررت مد أجل الحكم إلى جلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضده الأول انتفع من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بمساحة مقدارها 21 س و11 ط و4 ف بناحية الجمالية التابعة لمنطقة أبيس قسم الرمل بالإسكندرية. وقررت اللجنة الخاصة ببحث مخالفات المنتفعين بأراضي الإصلاح الزراعي في 9 من يونيه سنة 1981 إلغاء انتفاعه بهذه المساحة ولم يصدق على قرارها. وبناء على اعتراض من زوجته أعيد عرض الموضوع على ذات اللجنة فقررت في 23 من نوفمبر سنة 1982 أولاً: العدول عن قرارها السابق. وثانياً: حفظ المخالفة المسندة إليه، لأنه كمنتفع بالأرض عهد بها إلى الطاعن لكبر سنه ووفاة ابنه خلال مدة التجنيد ومرض ابنته ومرافقة زوجته لها إبان مرضها، وهي ظروف كفيلة بجعله في وضع لا يسمح له أو لزوجته بمباشرة الأرض، مما ترى معه اللجنة العدول عن قرارها السابق وحفظ المخالفة المنسوبة إليه. وصدق على قرارها في 3 من فبراير سنة 1983. وعلم به الطاعن بمناسبة تنفيذه بمعرفة لجنة مشكلة من الهيئة حسب الوارد في محضرها المحرر في 6 من إبريل 1983 حيث بصم فيه الطاعن مقراً بهذا العلم. وتظلم الطاعن من هذا القرار في 18 من إبريل سنة 1983 إلى رئيس مجلس إدارة الهيئة الذي أحال التظلم إلى اللجنة الخاصة ببحث مخالفات المنتفعين فقررت في 19 من يونيه سنة 1983 تأييد قرارها الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1982 وصدق على قرارها في 24 من يونيه سنة 1983 وتظلم منه الطاعن إلى رئيس مجلس إدارة الهيئة في 2 من يوليه سنة 1983. كما أن الطاعن كان قد قدم الاعتراض رقم 226 لسنة 1983 في 19 من إبريل سنة 1983 إلى اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بالقاهرة طالباً استمرار حيازته للأرض وعدم التعرض له فيها من جانب الهيئة والمطعون ضده الأول. ثم قدم الطاعن الاعتراض رقم 382 لسنة 1983 في 14 من أغسطس سنة 1983 إلى ذات اللجنة طعناً على القرارين الصادرين من اللجنة الخاصة ببحث مخالفات المنتفعين في 23 من نوفمبر سنة 1982 وفي 19 من يونيه سنة 1983. وقررت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بالقاهرة إحالة الاعتراضين إلى اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بطنطا فقيدا لديها برقمي 6 و7 ط لسنة 1984 وقررت في 7 من إبريل سنة 1984 ضمهما ليصدر فيهما قرار واحد ثم قررت في 5 من مايو سنة 1984 عدم اختصاصها ولائياً بنظرهما لأن الأرض موضوع النزاع ليست من الأراضي المستولى عليها أو التي تكون محلاً للاستيلاء. وقد رفع الطاعن الدعوى رقم 1722 لسنة 17 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في 3 من سبتمبر سنة 1983 ضد المطعون ضدهما طالباً الحكم أولاً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من اللجنة الخاصة ببحث مخالفات المنتفعين في 23 من نوفمبر سنة 1982. وثانياً: بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع أصلياً بإلغاء قراري هذه اللجنة الصادرين في 23 من نوفمبر سنة 1982 - وفي 19 من يونيه سنة 1983 واحتياطياً بإحالة الدعوى إلى مكتب خبراء وزارة العدل واحتياطياً كلياً بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بدفع تعويض له مقداره ثلاثون ألف جنيه. وخلال نظر الدعوى قدم الطاعن في 30 من إبريل سنة 1984 مذكرة بتعديل طلباته إلى أولاً: قبول الدعوى شكلاً. وثانياً: بصفة مستعجلة عدم الاعتداء بقرار اللجنة الصادر في 19 من يونيه سنة 1983. وثالثاً: في الموضوع أصلياً إلغاء هذا القرار واحتياطياً إلزام المطعون ضدهما متضامنين بدفع تعويض له مقداره ثلاثون ألف جنيه. وقضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في 21 من يونيه سنة 1984 بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وألزمت الطاعن المصروفات وأمرت بإعادة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لاستكمال تحضيرها وإعداد تقرير فيها بالنسبة لطلب التعويض. وأقامت قضاءها بعد قبول الدعوى شكلاً على أن القرار موضوعها صدر في 19 من يونيه سنة 1983 وصدق عليه في 24 من يونيه سنة 1983 وتظلم منه الطاعن إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي في 2 من يوليه سنة 1983 ولم يرفع الدعوى إلا في 3 من سبتمبر سنة 1983 أي بعد مضي أكثر من ستين يوماً على علمه بالقرار.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله لأن القرار صدر في 19 من يونيه سنة 1983 وعلم به الطاعن في 27 من يوليه سنة 1983 وطعن عليه أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في القاهرة بالاعتراض رقم 382 لسنة 1983 في 14 من أغسطس سنة 1983 الذي ضم الاعتراض رقم 226 لسنة 1983 المقام أمامها عن ذات الموضوع في 19 من إبريل سنة 1983 وقد أحيل الاعتراضان إلى اللجنة القضائية بطنطا فقررت في 5 من مايو سنة 1984 عدم اختصاصها ولائياً بنظرهما والمستقر عليه أن رفع دعوى الإلغاء إلى محكمة غير مختصة يؤدي إلى قطع الميعاد كما أن الطاعن تظلم إلى الهيئة التي اتخذت مسلكاً إيجابياً في هذا الشأن مما يفتح باب الطعن أمامه.
ومن حيث إن المادة 24 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 حددت ميعاد رفع دعوى الإلغاء بستين يوماً من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه أو إعلان صاحب الشأن به. ويقوم مقام هذا النشر أو الإعلان علم صاحب الشأن علماً يقيناً شاملاً في تاريخ معين بالقرار المطعون فيه. وينقطع هذا الميعاد بالتظلم الذي يقدم خلاله إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئاسية.
ولا ينتج هذا الأثر في قطع الميعاد سوى التظلم الأول دون التظلمات التالية له. كما ينقطع الميعاد برفع الدعوى خلاله ولو إلى محكمة غير مختصة ويظل هذا الأثر قائماً حتى يصدر الحكم بعدم الاختصاص فيجرى الميعاد ثانية. غير أن مناط إعمال هذه القاعدة الأخيرة هو أن ترفع الدعوى إلى محكمة داخلة في جهة من جهات القضاء فينحسر مجالها إذا طرح النزاع على غير محكمة بهذا المعنى مثل اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي وهي جهة غير مختصة ولائياً بنظر اعتراضات لجنة المنتفعين التي يطعن فيها مباشرة أمام محكمة القضاء الإداري لأنها وإن كانت تعتبر جهة قضائية مستقلة عن جهتي القضاء العادي والإداري وتعد قراراتها فيما أسند إليها أحكاماً قضائية حسبما قضت بذلك المحكمة الدستورية العليا بجلسة 7 من فبراير سنة 1981 في القضية رقم 9 لسنة 1 القضائية (دستورية)، إلا أنه لا يعتبر بحال داخله في مدلول المحكمة بالمعنى الصحيح في مفهوم القاعدة التي تقضي بانقطاع الميعاد برفع الدعوى خلاله إلى محكمة غير مختصة.
ومن حيث إنه يؤخذ من الواقعات السابق سردها أن الدعوى التي صدر فيها الحكم محل الطعن، وإن رفعت ابتداء بشق مستعجل انصرف إلى القرار الصادر من اللجنة الخاصة ببحث مخالفات المنتفعين في 23 من نوفمبر سنة 1982 وبشق موضوعي شمل هذا القرار وكذلك القرار الصادر من ذات اللجنة في 19 من يونيه سنة 1983، ثم اقتصرت الدعوى في شقيها المستعجل والموضوعي حسب الطلبات الختامية للطاعن في مذكرته المقدمة في 30 من إبريل سنة 1984 على القرار الأخير، إلا أن الدعوى في حقيقتها منذ البداية تنصب أساساً على القرار الأول الذي أحدث الأثر القانوني بالعدول عن إلغاء انتفاع المطعون ضده الثاني وبضرب الصفح عن المخالفة المنسوبة إليه كمنتفع، كما تتعلق تبعاً بالقرار الثاني الذي شفع بالتأييد القرار الأول، وكذلك تضم في مفهوم قانون مجلس الدولة طلباً مستعجلاً بوقف التنفيذ وطلباً موضوعياً بالإلغاء، وذلك بصرف النظر عن ظاهر العبارات مثلما ورد في الطلب المستعجل ضمن الطلبات الختامية من عدم الاعتداد بالقرار، لأن العبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ، والمباني ولأن تكييف الدعوى يخضع لرقابة المحكمة على هدي من هذه المقاصد والمعاني. والثابت أن القرار الأول صدر من اللجنة في 23 من نوفمبر سنة 1982 وصدق عليه في 3 من فبراير سنة 1983 وعلم به الطاعن في 6 من إبريل سنة 1983 وبذلك جرى ميعاد الطعن فيه من هذا التاريخ بالنسبة إليه، وقد انقطع هذا الميعاد بالتظلم الذي قدم خلاله من الطاعن في 18 من يونيه سنة 1983 إلى رئيس الهيئة وعرض على ذات اللجنة التي أصدرت القرار الثاني في 19 من يونيه سنة 1983 وصدق عليه في 24 من يونيه سنة 1983 بتأييد القرار الأول، وقد علم الطاعن بالقرار الثاني في 2 من يوليه سنة 1983 وليس في 29 من يوليه سنة 1983 كما يزعم، إلا أنه رفع الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري في 3 من سبتمبر سنة 1983 أي بعد أكثر من ستين يوماً محسوبة من تاريخ علمه برفض تظلمه بصدور القرار الثاني والتصديق عليه. ولئن تظلم الطاعن في 2 من يوليه سنة 1983 من هذا القرار الصادر في تظلمه الأول، إلا أن هذا التظلم الثاني من قبله لا يجدي نفعاً في قطع الميعاد مرة أخرى بعد سبق قطعه بالتظلم الأول. كما أن الميعاد لا ينقطع كذلك، سواء بالاعتراض رقم 226 لسنة 1983 المقدم من الطاعن إلى اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بالقاهرة في 19 من إبريل سنة 1983 بشأن القرار الأول أو بالاعتراض رقم 382 لسنة 1983 المقدم منه إلى ذات اللجنة في 14 من أغسطس سنة 1983 طعناً على القرارين الأول والثاني معاً، إذ أن هذه اللجنة وهي غير مختصة ولائياً بنظر منازعات المنتفعين لا تعد محكمة بالمعنى الصحيح حتى ينقطع الميعاد برفع الدعوى إليها رغم عدم اختصاصها. فلا صحة لما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد القانوني، فيتعين الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.