أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 48 - صـ 764

جلسة 22 من مايو سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين المتناوي، محمد الجابري، ماجد قطب نواب رئيس المحكمة وأحمد عبد الكريم.

(151)
الطعن رقم 5119 لسنة 63 القضائية

إيجار "إيجار الأماكن". عقد. خلف "الخلف الخاص".
الإيجار السابق على التصرف الناقل للملكية. انصراف أثره إلى الخلف الخاص. شرطه. حقوق المؤجر والتزاماته. ثبوتها لهذا الخلف دون حاجة لاشتراط علمه بها وقت انتقال الشيء إليه. تقاضي المالك السابق لعين النزاع مبلغ خلو رجل ومقدم إيجار من المستأجر. عدم مسئولية المالكة الحالية عن الوفاء بهذه المبالغ. علة ذلك.
مفاد النص في المادتين 146، 604 من القانون المدني - وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض - إنه إذا كان الإيجار ثابت التاريخ وسابقاً على التصرف الذي نقل الملكية إلى الخلف أو لم يكن ثابت التاريخ ولكن الخلف تمسك به أو كان على علم بوجوده عند انتقال الملكية إليه فإن أثر الإيجار ينصرف إلى الخلف الخاص بحكم القانون فيحل هذا الخلف محل المؤجر في جميع حقوقه قبل المستأجر وفي كافة التزاماته نحوه. وتثبت للخلف هذه الحقوق والالتزامات دون حاجة لاشتراط علم الخلف بها وقت انتقال الشيء إليه اعتباراً بأن المشرع حور القاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 146 من التقنين المدني عند تطبيقها تطبيقاً تشريعياً على حالة انصراف أثر الإيجار إلى من انتقلت إليه ملكية العين المؤجرة وفقاً للتنظيم القانوني الذي قرره ويقصد بنفاذ الإيجار في حق الخلف الخاص للمؤجر كل ما نشأ عن العلاقة الإيجارية من التزامات وحقوق تتصل بالمكان المؤجر بحيث يصبح الخلف طرفاً في العقد سواء كان مصدر هذه الحقوق وتلك الالتزامات عقد الإيجار ذاته أو تعديلات لاحقة شريطة ألا تكون خارجة عن الرابطة العقدية أو مستقلة عنها ففي هذه الحالة الأخيرة لا تنتقل هذه الآثار للخلف إلا طبقاً للقاعدة العامة الواردة في المادة 146 مدني يؤيد هذا النظر أن المشروع التمهيدي للقانون المدني كان يتضمن نصاً صريحاً بأنه إذا كان الإيجار نافذاً في حق من انتقلت إليه الملكية أو لم يكن نافذاً ولكن تمسك هو به فإنه يحل محل المؤجر في جميع ما ينشأ عن عقد الإيجار من حقوق والتزامات ولئن حذف هذا النص في لجنة المراجعة اكتفاءً بالقواعد العامة فإن هذه القواعد تشير إلى ذات الحكم الذي تضمنه النص المحذوف.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون ضدها أقامت على الطاعن الدعوى رقم 6650 لسنة 1991 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة، وقالت بياناً لدعواها إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 8/ 1983 استأجر الطاعن من المالك السابق "..." - الذي فرضت عليه الحراسة - شقة النزاع، وبتاريخ 23/ 12/ 1989 قضت المحكمة العليا للقيم بتسليم العقار رقم (4) شارع.... قسم الساحل إلى مالكته - المطعون ضدها - مع أحقيتها في تحصيل الأجرة المستحقة على سكان العقار من تاريخ فرض الحراسة عليه ضمن ممتلكات الخاضع المذكور، وأن الطاعن قد تخلف عن سداد الأجرة المستحقة عليه لها عن الشقة محل التداعي عن المدة من 1/ 4/ 1985 حتى آخر شهر فبراير سنة 1991 وجملتها 2595.180 جنيه وكان الطاعن قد سبق له أن سدد مبلغ 300 جنيه إلى جهاز المدعي العام الاشتراكي إبان فرض الحراسة على العقار ومن ثم تكون ذمته مشغولة بمبلغ 2295.180 جنيه برغم تكليفه بالوفاء بها فأقامت الدعوى. ادعى الطاعن فرعياً طالباً الحكم ببراءة ذمته من القيمة الإيجارية المطالب بها عن المدة من 1/ 8/ 1983 حتى 31/ 5/ 1985 ورفض الدعوى الأصلية. حكمت المحكمة في الدعوى الأصلية بالطلبات وبرفض الدعوى الفرعية. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 7776 لسنة 109 ق القاهرة. وبتاريخ 10/ 4/ 1993 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن تأسيساً على عدم وجود علاقة فيما بين المالك السابق والمطعون ضدها - المالكة الحالية لعين التداعي - في حين أن الإيجار ينصرف أثره إلى الخلف الخاص بحكم القانون فيحل هذا الخلف محل المؤجر في جميع التزاماته وحقوقه تجاه المستأجر بما كان يتعين معه على المحكمة الاستئنافية المطعون في حكمها أن تخصم من الأجرة المدين بها للمطعون ضدها المبالغ التي قام بالوفاء بها إلى المالك السابق والمتمثلة في مبلغ 3000 جنيه كخلو رجل قضى بردها بموجب الحكم رقم 1371 لسنة 1985 أمن دولة الساحل ومبلغ 2088 جنيه كمقدم إيجار ومبلغ 300 جنيه سددت من الأجرة لجهاز المدعي العام الاشتراكي وقد قدم تلك المستندات أمام محكمة الموضوع وتمسك بدلالتها وقد أغفل الحكم الرد عليها وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن مفاد النص في المادتين 146، 604 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان الإيجار ثابت التاريخ وسابقاً على التصرف الذي نقل الملكية إلى الخلف أو لم يكن ثابت التاريخ ولكن الخلف تمسك به أو كان على علم بوجوده عند انتقال الملكية إليه فإن أثر الإيجار ينصرف إلى الخلف الخاص بحكم القانون فيحل هذا الخلف محل المؤجر في جميع حقوقه قبل المستأجر وفي كافة التزاماته نحوه وتثبت للخلف هذه الحقوق والالتزامات دون حاجة لاشتراط علم الخلف بها وقت انتقال الشيء إليه اعتباراً بأن المشرع حور القاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 146 من التقنين المدني عند تطبيقها تطبيقاً تشريعياً على حالة انصراف أثر الإيجار إلى من انتقلت إليه ملكية العين المؤجرة وفقاً للتنظيم القانوني الذي قرره ويقصد بنفاذ الإيجار في حق الخلف الخاص للمؤجر كل ما نشأ عن العلاقة الإيجارية من الالتزامات وحقوق تتصل بالمكان المؤجر بحيث يصبح الخلف طرفاً في العقد سواء كان مصدر هذه الحقوق وتلك الالتزامات عقد الإيجار ذاته أو تعديلات لاحقة شريطة ألا تكون خارجة عن الرابطة العقدية أو مستقلة عنها ففي هذه الحالة الأخيرة لا تنتقل هذه الآثار للخلف إلا طبقاً للقاعدة العامة الواردة في المادة 146 مدني، يؤيد هذا النظر أن المشروع التمهيدي للقانون المدني كان يتضمن نصاً صريحاً بأنه إذا كان الإيجار نافذاً في حق من انتقلت إليه الملكية أو لم يكن نافذاً ولكن تمسك هو به فإنه يحل المؤجر في جميع ما ينشأ عن عقد الإيجار من حقوق والتزامات ولئن حذف هذا النص في لجنة المراجعة اكتفاءً بالقواعد العامة فإن هذه القواعد تشير إلى ذات الحكم الذي تضمنه النص المحذوف. وتقوم التشريعات الجنائية الحديثة على مبدأ شخصية العقوبة - ويعني هذا المبدأ أن العقوبة لا يجوز أن تنزل بغير من يسأل عن الجريمة ولو كان واحداً من أفراد أسرة المسئول أو كان من ورثته. لما كان ذلك، وكان الواقع المطروح في الدعوى أن مبلغ خلو الرجل ومقدم الإيجار المدفوعان من الطاعن للمالك السابق - وهما جريمة جنائية - لم يتفق عليهما في عقد الإيجار كما وأنهما ليسا من مستلزمات العين المؤجرة، وأن الثابت أن الحكم الصادر في الجنحة رقم 1371 لسنة 1985 أمن دولة الساحل والذي قضى برد مبلغ خلو الرجل للطاعن قد صدر ضد المالك السابق، وأن مبلغ مقدم الإيجار فقد أقر تمسك الطاعن بصحيفة الاستئناف بأنه قد استحصل من المالك السابق على شيك بقيمة المبلغ المذكور وهو وشأنه بخصوص تحصيل قيمته أو تنفيذ ما قضى به الحكم الجنائي، بما مفاده أن المطعون ضدها - المالكة الحالية لعين النزاع - لا تعتبر وإن انتقلت إليها ملكية العقار من سلفها مسئولة عن الوفاء بالمبالغ التي تقاضاها المالك السابق باعتبارها التزاماً لا يتصل اتصالاً وثيقاً بالعلاقة الإيجارية ولا يعتبر بحسب طبيعته مترتباً عليها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وبني قضاءه بعدم حلول المطعون ضدها بوصفها خلف خاص للمالك السابق بخصوص التزامها برد المبلغ المشار إليه فإنه يكون قد تضمن قضاءً ضمنياً على ما لم يأخذ به من مستندات الطاعن ولم تطمئن إليها المحكمة فلا يعيبه أنه أغفل الرد عليها استقلالاً ومن ثم فإن الحكم يكون طبق صحيح حكم القانون على واقعة الدعوى ويضحى النعي عليه بهذه الأسباب يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الدعوى.