مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 454

(68)
جلسة 15 من ديسمبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار أبو بكر دمرداش أبو بكر نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد حمادة وجمال السيد دحروج وفاروق علي عبد القادر وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي المستشارين.

الطعن رقم 3166 لسنة 31 القضائية

عاملون بالقطاع العام - تأديب - ميعاد إقامة الدعوى التأديبية على من تنتهي خدمته.
المادة (91) من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين بالقطاع العام.
لا يجوز إقامة الدعوى التأديبية على من انتهت خدمته من العاملين بإحدى شركات القطاع العام عن مخالفة تأديبية لم يبدأ التحقيق بشأنها إلا بعد انتهاء الخدمة - يستثنى من ذلك المخالفات التي يترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية للشركة وذلك لمدة خمس سنوات من تاريخ انتهاء الخدمة - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 21/ 7/ 1985 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن النيابة الإدارية سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدول المحكمة برقم 3166 لسنة 31 ق ضد كل من:.....، .....، ....... في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بجلسة 22/ 5/ 1985 في الدعوى رقم 266 لسنة 26 ق المقامة من النيابة الإدارية ضد المطعون ضدهم وآخرين، والذي قضى بعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية على المحال الرابع..... (ثانياً) ببراءة المحال الأول..... والمحال الثاني....... والمحال الثالث........
وقد طلبت الهيئة الطاعنة في ختام تقرير الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبمجازاة المطعون ضدهم طبقاً للمواد الموضحة بتقرير الاتهام.
وقد علم المطعون ضدهم بالطعن وحضروا بواسطة وكلائهم وأبدوا دفاعهم بجلسات المرافعة.
وأحيل الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة حيث أودعت تقريراً برأيها القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من براءة المطعون ضدهم الأول والثاني والثالث، وبرفض الطعن فيما عدا ذلك.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) حيث تم نظره بجلسة 2/ 12/ 1986. وما تلاها من جلسات حتى تقرر حجز الطعن للحكم فيه بجلسة 7/ 4/ 1987. ثم تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 12/ 5/ 1987. ثم تقرر إعادة الطعن إلى المرافعة لنظره بجلسة 26/ 5/ 1987. وبجلسة 3/ 11/ 1987 قررت المحكمة حجز الطعن ليصدر الحكم فيه بجلسة 15/ 12/ 1987. وصرحت لمن يشاء بتقديم مذكرات خلال أسبوع. وبالجلسة المحددة للنطق بالحكم تمت تلاوة منطوقه علناً وأودعت مسودته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد أقيم خلال الميعاد القانوني. وإذ استوفى الطعن سائر الأوضاع الشكلية المقررة فمن ثم يتعين الحكم بقبوله شكلاً.
ومن حيث إن واقعات الطعن - حسبما يبين من الأوراق - تخلص في أنه بتاريخ 12/ 6/ 1984 أودعت النيابة سكرتارية المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بالقاهرة أوراق الدعوى التأديبية رقم 11 لسنة 1984 التي قيدت بسجل المحكمة برقم 266 لسنة 26 ق وتقرير اتهام فيها ضد كل من:
1 - ......: نائب رئيس مجلس إدارة شركة المقاولات المصرية.
2 - ......: رئيس قطاع المعدات والاحتياجات بشركة المقاولات المصرية.
3 - ........: مدير إدارة المعدات بشركة المقاولات المصرية.
4 - ......: رئيس مجلس إدارة شركة المقاولات المصرية سابقاً بالمعاش حالياً.
لأنهم وغيرهم من العاملين في الفترة من 23/ 8/ 1982 وحتى 26/ 11/ 1982 بشركة المقاولات المصرية والشرق للتأمين، لم يؤدوا أعمالهم بذمة وأمانة، وخرجوا على مقتضى الواجب الوظيفي بأن:
(الأول والثاني والثالث) أغفلوا عمداً الإشارة إلى حادث سقوط الونش ماركة فاون يوم 23/ 8/ 1982. لدى طلب التأمين عليه ضمن معدات أخرى تضمنها الكتاب المؤرخ 26/ 8/ 1982 الذي أعده الثاني والثالث واعتمده الأول وذلك تمهيداً للحصول على قيمة التعويض عن التلفيات من شركة الشرق للتأمين دون وجه حق مع علمهم بوقوع الحادث قبل طلب التأمين على الونش.
(الثالث): أيضاً أخطر إدارة السيارات بتاريخ 26/ 11/ 1982 للمطالبة بتعويض التلفيات التي لحقت بالونش (الفاون) على أساس وقوع الحادث يوم 15/ 11/ 1982. رغم علمه بأن الحادث وقع يوم 23/ 8/ 1982. وذلك بقصد الحصول من شركة الشرق للتأمين دون وجه حق على قيمة تعويض التلفيات التي لحقت بالونش.
(الرابع والخامس والسادس): طالبوا شركة الشرق للتأمين بتعويض التلفيات التي لحقت بالونش (الفاون) على أساس أن الحادث وقع يوم 15/ 11/ 1982. خلافاً للحقيقة وذلك بأن أعد الخامس والسادس المطالبة بالتعويض المؤرخة 26/ 11/ 1982.. واعتمدها الرابع على الرغم من علمهم بأن الحادث وقع يوم 23/ 8/ 1982 وارتأت النيابة الإدارية أن المحالين ارتكبوا المخالفات المالية المنصوص عليها في المادتين 78/ 1، 4، 80/ 1 من قانون العاملين بالقطاع العام رقم 48 لسنة 1978.. وطلبت لذلك محاكمتهم تأديبياً إعمالاً لمواد الاتهام المشار إليها.
وبجلسة 22/ 5/ 1985 حكمت المحكمة بعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية على المحال الرابع استناداً إلى أنه أحيل إلى المعاش في 16/ 11/ 1983. وأن التحقيق بدأ في 11/ 9/ 1983. وأن ما نسب إليه عن الحادث الواقع في 15/ 11/ 1982 لا يشكل مخالفة يترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية للشركة، ومن ثم لا تجوز محاكمته تأديبياً طبقاً لحكم المادة 91 من القانون رقم 48 لسنة 1978. كما قضت ببراءة كل من المحال الأول والثاني والثالث استناداً إلى أن الكتاب المؤرخ 26/ 8/ 1982 يعد من قبيل الإجراءات الخاضعة للمراجعة من جانب شركة الشرق للتأمين، ومن ثم يخلو هذا الكتاب من التزوير الجنائي، وفضلاً عن ذلك لا يتوافر لدى المحالين سوء النية، وبالنسبة للباقين فقد حكمت بمجازاتهم بالعقوبات المشار إليها في هذا الحكم.
ومن حيث إن تقرير الطعن يستند إلى أن الحكم المطعون فيه مخالف للقانون ذلك أن المخالفة التي ارتكبها المطعون ضده الرابع من المخالفات المالية ومن ثم يتعين محاكمته تأديبياً، كما أن المطعون ضدهم الآخرين ارتكبوا المخالفة المسندة إليهم ولا وجه للتحدث عن سوء النية لأن حسن النية أو سوء النية لا يعد من أركان الجريمة التأديبية، وفضلاً عن ذلك فإن المحكمة تعرضت للشق الجنائي للواقعة وأهملت الجانب التأديبي الوارد بتقرير الاتهام.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المحال الرابع (المطعون ضده الرابع أيضاً) وهو رئيس مجلس إدارة شركة المقاولات المصرية السابق، قد أحيل إلى المعاش في تاريخ 17/ 8/ 1983. وأن التحقيق الذي أجرته النيابة العامة في وقائع الاتهام لم يبدأ إلا في 11/ 9/ 1983 بعد إحالته إلى المعاش.
ومن حيث إن المادة 91 من القانون رقم 48 لسنة 1978. بإصدار قانون نظام العاملين بالقطاع العام تنص على أنه (لا يمنع انتهاء خدمة العامل لأي سبب من الأسباب من الاستمرار في محاكمته تأديبياً إذا كان قد بدأ في التحقيق معه قبل انتهاء مدة خدمته ويجوز في المخالفات التي يترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية للشركة إقامة الدعوى التأديبية ولو لم يكن قد بدئ في التحقيق قبل انتهاء الخدمة وذلك لمدة خمس سنوات من تاريخ انتهائها.
ومفاد هذا النص أنه لا يجوز إقامة الدعوى التأديبية على ما انتهت خدمته من العاملين بإحدى شركات القطاع العام عن مخالفة تأديبية لم يبدأ التحقيق بشأنها إلا بعد انتهاء الخدمة، ويستثنى من ذلك المخالفات التي يترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية للشركة.
ومن حيث إن المخالفة المنسوبة إلى المطعون ضده الرابع من المخالفات التي يترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية للشركة التي كان يعمل بها فمن ثم فلا يجوز إقامة الدعوى التأديبية ضده من أجلها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بذلك فإنه يكون قد أصاب وجه الحق ويكون الطعن فيه غير مستند إلى سند صحيح من القانون خليقاً بالرفض، هذا وإن كانت المحكمة تهيب بالمشرع أن يعالج هذا النص في التشريع بتعديل نص المادة 91 المشار إليه من القانون رقم 48 لسنة 1978 بجعل هذا الاستثناء شاملاً أية مخالفة يترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية للدولة أو لإحدى وحدات القطاع العام، حتى يمكن الحفاظ على المال العام ولتحقيق التناسق بين هذا القانون والنص المقابل له في المادة 88 من القانون رقم 47 لسنة 1978. بنظام العاملين المدنيين بالدولة والذي يجيز إقامة الدعوى التأديبية عن كل مخالفة يترتب عليها ضياع حق من حقوق الخزانة العامة.
ومن حيث إنه بالنسبة للمحال الأول والثاني والثالث المطعون ضدهم بهذا الوصف أيضاً فإن ما ينسب إليهم ينحصر في إغفالهم عن الإشارة إلى حادث سقوط الونش (الفاون) يوم 23/ 8/ 1982. لدى طلبهم التأمين عليه ضمن معدات أخرى تضمنها الكتاب المؤرخ 26/ 8/ 1982. الذي أعده الثاني والثالث وأعتمده الأول، فإنه يرد على هذا الاتهام بأن الإشارة إلى حادث سقوط الونش يوم 23/ 8/ 1982 في الكتاب المؤرخ 26/ 8/ 1982 هي أمر غير مطلوب وغير جوهري في عملية التأمين على هذه المعدة حيث إن شركة الشرق للتأمين هي المسئولة عن المعاينة الفنية والمعاينة على الطبيعة لما يتم التأمين عليه من معدات بصرف النظر عن المعلومات أو البيانات التي يرد ذكرها في طلبات التأمين التي تقدم إليها من العملاء، كذلك فإن المطعون ضدهم الثلاثة الأول لم يثبت تعمدهم إغفال الإشارة إلى هذا الحادث طالما أنه أمر غير لازم، وغير ملزم في شيء لشركة التأمين، كذلك لم يثبت بالنسبة لهذا الاتهام أن لهم ثمة مصلحة خاصة في إغفال هذا البيان، وكل ما يلزم هو المطالبة من جانبهم بالتأمين على هذا الونش بالحالة التي عليها عند التأمين وهو أمر خاضع لمراجعة شركة التأمين ويخضع لمطلق تقريرها، ومن ثم ينتفي في شأن المطعون ضدهم المسئولية عن هذا الاتهام، ويكون ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من تبرئتهم عنه قد جاء على مقتضى صحيح حكم القانون ويتعين رفض الطعن في هذا الشق منه.
ومن حيث إنه بالنسبة لما نسب إلى المطعون ضده الثالث بمفرده من الاتهام بأنه أخطر إدارة السيارات بتاريخ 26/ 11/ 1982 للمطالبة بتعويض التلفيات التي لحقت بالونش (الفاون) على أساس أن الحادث وقع يوم 15/ 11/ 1982 رغم علمه أن الحادث وقع يوم 23/ 8/ 1982. وذلك بقصد الحصول من شركة الشرق للتأمين دون وجه حق على قيمة تعويض التلفيات التي لحقت الونش المشار إليه فإن هذا الاتهام ثابت في حقه بالنظر إلى صفته الوظيفية باعتباره مديراً لإدارة المعدات بالشركة ومما ثبت من أقوال كل من...... مدير إدارة السيارات بالشركة، و...... رئيس ملاحظي السيارات بالشركة من أن المطعون ضده الثالث هو الذي اتصل تليفونياً بـ...... يوم 26/ 11/ 1982 وطلب منه إعداد خطاب لاتخاذ إجراءات معاينة الونش الفاون وتقرير ما به من تلفيات وأبلغه أن الحادث الذي وقع للونش حدث يوم 15/ 11/ 1982 طبقاً للمحضر الذي تم عن ذلك الحادث الوهمي بشرطة الهرم برقم 1010 في 16/ 11/ 1982.
ومن حيث إن أقوال العاملين المشار إليها بالتحقيقات وصفة المطعون ضده الثالث باعتباره مدير إدارة المعدات المختص بالمطالبة بالتأمين على المعدات، وسبق توقيعه على الكتاب المؤرخ 26/ 8/ 1982 الذي تضمن الونش (الفاون) ضمن المعدات المطلوب التأمين عليها كل ذلك يؤكد مسئوليته عن الكتاب المؤرخ في 27/ 11/ 1982 والموقع عليها من كل من...... و..... باعتبار أن هذا الكتاب تضمن واقعة غير صحيحة هي تاريخ سقوط الونش يوم 15/ 11/ 1982 على خلاف الحقيقة وأن هذه الواقعة كانت بعلم المطعون ضده الثالث وتحت نظره منذ تاريخ إعداد الكتاب الأول المرسل إلى شركة التأمين في 26/ 8/ 1982، وكون العاملين...... و...... ليس من اختصاصهما وليس لأي منهما مصلحة خاصة في أن يتسابقا إلى طلب التأمين على هذه المعدة وأن واقع الحال ومنطق الأمور يؤكد صدق ما ورد على لسانهما بالتحقيقات من أن المسئول عن ذلك والذي طلب إليهما اصطناع الخطاب المؤرخ 27/ 11/ 1982 بتصوير حادث سقوط الونش على أنه تم يوم 15/ 11/ 1982 هو السيد/ ...... المطعون ضده الثالث، ومن ثم يتعين معاقبته بالعقوبة المناسبة عن تلك المخالفة، وإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من تبرئته من هذا الاتهام.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاًً وفي موضوعه وبإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من براءة المطعون ضده الثالث....... وبمعاقبته بخصم عشرة أيام من راتبه، وبرفض ما عدا ذلك من الطلبات.


[(1)] نوهت المحكمة في حكمها إلى أن نص المادة (91) من القانون رقم 48 لسنة 1978 في حاجة إلى تعديل يجعل الاستثناء الوارد به شاملاً لأية مخالفات يترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية للدولة أو لإحدى وحدات القطاع العام حتى يمكن الحفاظ على المال العام وتحقيق التناسق مع النص المقابل له في المادة (88) من القانون رقم 47 لسنة 1978. والذي يجيز إقامة الدعوى التأديبية عن كل مخالفة يترتب عليها ضياع حق من حقوق الخزانة العامة.