مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 535

(82)
جلسة 29 من ديسمبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار أبو بكر دمرداش أبو بكر نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة جمال السيد دحروج وفاروق علي عبد القادر وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي وعطية الله رسلان أحمد فرج المستشارين.

الطعن رقم 1092 لسنة 30 القضائية

( أ ) إصلاح زراعي - طبيعة القرارات الصادرة من اللجان القضائية للإصلاح الزراعي.
المادة (101) من قانون الإثبات.
تحوز القرارات الصادرة من اللجان القضائية للإصلاح الزراعي حجية الأمر المقضى ما دامت قد صدرت في حدود اختصاصها المقرر قانوناً - يشترط لقيام حجية الأمر المقضى اتحاد في الخصوم والمحل والسبب - تطبيق.
(ب) قرار الاستيلاء - دور المحكمة عند بحث مشروعيته والاعتراض عليه.
إذا ثبت سلامة الاستيلاء على أرض النزاع تنتفي مصلحة الطاعن في إلغاء القرار الصادر بعدم جواز نظر الاعتراض لسابقة الفصل فيه - يجب في هذه الحالة القضاء برفض الطعن - أساس ذلك - يستوي أمام الطاعن القضاء بعدم جواز نظر الاعتراض على القضاء برفض الاعتراض لسلامة الاستيلاء الموقع على سطح النزاع - إذا ثبت عدم سلامة قرار الاستيلاء لاكتساب ملكيته أرض النزاع بمضي المدة الطويلة تعين القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه وبإلغاء الاستيلاء - لا يتأتى ذلك في مباشرة الخبير مهامه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 27/ 2/ 1984 أودع الأستاذ/ ....... المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا، تقرير هذا الطعن نيابة عن السيد/ ..... بموجب قرار الإعفاء رقم 99 لسنة 29 الصادر في 31/ 12/ 1983. ضد كل من السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والسيدة/ ...... في القرار الصادر من اللجنة القضائية الخامسة للإصلاح الزراعي بجلسة 30/ 1/ 1983 في الاعتراض رقم 177 لسنة 1981 المقام من الطاعن على المطعون ضدهما، والذي قضى بعدم جواز نظر الاعتراض لسابقة الفصل فيه في الاعتراض رقم 599 لسنة 1979.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن، وللأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وبإلغاء الاستيلاء الموقع على أطيان النزاع وبإلزام المطعون ضده الأول بالمصروفات.
وقد تم تحضير الطعن أمام هيئة مفوضي الدولة التي أعدت تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً - بمراعاة إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما - وقبل الفصل في الموضوع، يندب مكتب خبراء وزارة العدل بأسيوط لأداء المأمورية المشار إليها بالتقرير، وإبقاء الفصل في المصروفات.
ثم نظر الطعن بعد ذلك أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 21/ 10/ 1987. إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره أمامها جلسة 24/ 11/ 1987. وفي هذه الجلسة الأخيرة قررت المحكمة بجلسة 29/ 12/ 1987 وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة في أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة ومن حيث إنه عن شكل الطعن فإنه لما كان القرار المطعون فيه صدر بجلسة 30/ 1/ 1983 وقدم طلب الإعفاء من رسوم الطعن عليه بتاريخ 23/ 3/ 1983.. وصدر قرار بقبول الطلب في 31/ 12/ 1983. وأودع تقرير الطعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 27/ 3/ 1984 فمن ثم يكون الطعن مقاماً خلال ميعاد الستين يوماً المنصوص عليه في المادة 13 مكرراً من القانون رقم 178 لسنة 1952 المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1971 طبقاً لنص المادة 9 من القانون رقم 15 لسنة 1963 وإذ استوفى الطعن سائر الشروط والأوضاع المنصوص عليها في المادة 44 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 فإنه من ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن أقام الاعتراض رقم 177 لسنة 1981 بصحيفة أودعت بتاريخ 10/ 3/ 1981 أشار فيها إلى أنه اشترى بموجب عقد ابتدائي مؤرخ 10/ 12/ 1972 من السيدة/ ...... أطياناً زراعية مساحتها (8 سهم) (14 قيراط) كائنة بناحية ساحل سليم محافظة أسيوط، وأن الإصلاح الزراعي استولى على هذه الأطيان طبقاً للقانون رقم 15 لسنة 1963 قبل السيد/ ....... على الرغم من أن ملكية الأطيان ثابتة له ولسلفه من قبله، بوضع اليد المدة الطويلة من سنة 1934 وخلص المقر من إلى طلب الحكم بإلغاء الاستيلاء الموقع على أطيان الاعتراض.
ونظرت اللجنة القضائية الاعتراض بجلسة 4/ 4/ 1981 وما تلاها من الجلسات على النحو الموضح بمحاضرها، حيث قدمت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي مذكرة بدفاعها التمست فيها الحكم أصلياً بعدم جواز نظر الاعتراض لسابقة الفصل فيه والاعتراض رقم 599 لسنة 1979 واحتياطياً برفض الاعتراض موضوعاً استناداً إلى أن العقد سند الاعتراض لاحق لتاريخ العمل بالقانون رقم 15 لسنة 1963. واستناداً إلى دفع الهيئة المشار إليه، تقرير ضم الاعتراض رقم 599 لسنة 1979 للاعتراض. وبجلسة 30/ 1/ 1983. أصدرت اللجنة قرارها سالف الذكر استناداً إلى أنه سبق للمعترض إقامة الاعتراض رقم 799 لسنة 1979 وقضى بعدم قبول هذا الاعتراض لانعدام وجود منازعة، وقد تبين وجود اتحاد في الخصوم والمحل والسبب بين الاعتراض السابق والاعتراض الماثل.
وإذا لم يلق القرار المشار إليه قبولاً لدى الطاعن لذلك فقد أقام الطعن الماثل ناعياً على القرار المطعون فيه أنه مخالف للقانون لآن قضاء الاعتراض رقم 599 لسنة 79 يستند إلى عدم وجود استيلاء على أطيان النزاع، بينما الاعتراض الماثل مقام بسبب استيلاء الإصلاح الزراعي على أطيان النزاع قبل الخاضع الأجنبي، كما أن الاعتراض محل الطعن يستند إلى التقادم المكسب، ومن ثم يكون الاستيلاء الموقع على أطيان النزاع مخالفاً للقانون لتملكها بوضع اليد المدة الطويلة منذ سنة 1934.
ومن حيث إن المادة 101 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 تنص على أن الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضى تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجة، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلاً وسبباً، وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها.
ومن حيث إن هذه المحكمة قد استقر قضاؤها على أن قرارات اللجان القضائية للإصلاح الزراعي تحوز حجية الأمر المقضى ما دامت قد صدرت في حدود اختصاصها ومن المقرر أنه يشترط لقيام حجية الأمر المقضى فيما يتعلق بالحق المدعي به أن يكون هناك اتحاد في كل الخصوم والمحل والسبب.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم وإذ كان الثابت من مطالعة ملف الاعتراض رقم 599 لسنة 1979، أن الطاعن أقام الاعتراض المذكور طالباً الحكم بالاعتداد بعقد البيع المؤرخ 10/ 11/ 1972 الصادر من السيدة/ ...... استناداً إلى أن أطيان الاعتراض كانت ضمن أطيان احتفاظ البائعة الخاضعة للقانون رقم 50 لسنة 1969 وأن هذه الأطيان كانت تحت الحراسة وتم التصرف فيها خلال المدة القانونية بعد الإفراج عنها وبجلسة 10/ 11/ 1979 قررت اللجنة القضائية ندب كاتب خبراء وزارة العدل بأسيوط لأداء المأمورية المشار إليها بمنطوق القرار. وبتاريخ 3/ 1/ 1980. أودع مكتب خبراء وزارة العدل بأسيوط تقريراً تضمن أن أطيان الاعتراض مساحتها (8 سهم) (14 قيراط) كائنة بحوض قلقة البلح (44) بزمام ساحل سليم وشائعة في مساحة (23 سهم) (21 قيراط) (2 فدان) وأنها آلت إلى المعترض من السيدة/ ..... بموجب عقد مؤرخ 10/ 11/ 1972 وأن المعترض ومن قبله البائعة ومورثها المرحوم....... وضعوا اليد على أطيان النزاع منذ سنة 1934 وحتى تاريخ إعداد التقرير، ووضع اليد هادئ وظاهر ومستمر وبنية التملك، إذ أن البائعة للمعترض ومورثها من قبلها اكتسبا ملكية أرض الاعتراض بمضي المدة الطويلة، وأن الإصلاح الزراعي لم يستولى على أطيان الاعتراض قبل المرحوم/ ...... أو ابنته....، وأن والد البائعة للمعترض والبائعة للمعترض غير خاضعين لقوانين الإصلاح الزراعي - وبجلسة 1/ 6/ 1980 قضت اللجنة القضائية بعدم قبول الاعتراض استناداً إلى أنه ثبت من تقرير الخبير عدم وجود استيلاء على أطيان الاعتراض ومن ثم لا توجد منازعة، وتنتفي بالتالي مصلحة المعترض من إقامة الاعتراض.
ومن حيث إن الثابت من مقارنة الاعتراض رقم 599 لسنة 1979 السالف الإشارة إليه والاعتراض رقم 177 لسنة 1981 محل الطعن الماثل أن هناك اتحاداً في الخصوم والمحل، يبين أنهما يختلفان اختلافاً كلياً في السبب، ذلك أن السبب في الاعتراض الأول يتمثل في كون العقد صادراً من خاضعة ويتعلق بأطيان احتفاظ ومبرم خلال المدة القانونية بعد الإفراج عن الأطيان من الحراسة بينما أن السبب والاعتراض الثاني هو التقادم المكسب، ومن ثم فإن القرار الصادر في الاعتراض الأول لا يجوز حجية الأمر المقضى بما من شأنه حجب اللجنة القضائية عن نظر الاعتراض الثاني محل الطعن وذلك لتخلف أحد شرائط هذه الحجية وهو اتحاد السبب وفضلاً عن ذلك فإن القرار الصادر في الاعتراض السابق لم يقض في الموضوع واستند إلى ما أثبته الخبير من عدم وجود استيلاء قبل البائعة بينما أن الثابت من الأوراق أن أطيان النزاع مستولى عليها قبل السيد/ ..... طبقاً للقانون رقم 15 لسنة 1963 وهذا ما جاء بكتاب اللجنة العامة للإصلاح الزراعي رقم 595 في 5/ 4/ 1983 المرفق بملف الاعتراض محل الطعن ومفاد ما تقدم أن الاعتراض محل الطعن مستند إلى الاستيلاء الموقع قبل الخاضع الأجنبي وإلى التقادم المكسب، ولذا يكون القضاء بعدم جواز نظر الاعتراض لسابقة الفصل فيه في الاعتراض رقم 599 لسنة 1979 مخالفاً للقانون واجب الإلغاء.
ومن حيث إن تقرير الخبير المرفق بملف الاعتراض رقم 599 لسنة 1979 خلا من بيان ما إذا كانت أطيان الاعتراض مستولى عليها قبل الخاضع....... طبقاً للقانون رقم 215 لسنة 1963 وبيان ما إذا كانت تلك الأطيان متصرفاً فيها من الخاضع الأجنبي لصالح مورث البائعة للطاعن، أم أنها داخلة في ملكية مورث البائعة المذكورة، ولذا يتعين استيلاء الحقيقة إعادة الأوراق إلى مكتب الخبراء السابق ندبه لتحقيق ملكية أطيان الاعتراض وبيان ما إذا كانت داخله في ملكية مورث البائعة للطاعن، أم داخلة في ملكية الخاضع الأجنبي مع تحيد سبب الاستيلاء على تلك الأطيان قبل الخاضع الأجنبي، وبيان التصرفات الصادرة من الخاضع بشأن تلك الأطيان وما إذا كانت الأطيان متصرفاً فيها من الخاضع لصالح مورث البائعة للطاعن وتحديد ما إذا كان الخاضع قد أدرج هذه الأطيان في إقراره المقدم طبقاً لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 وبيان ما إذا كانت البائعة للطاعن ومورثها من قبلها قد اكتسبا ملكية أرض النزاع بمضي المدة الطويلة قبل العمل بالقانون رقم 15 لسنة 1963، مع تحديد ما إذا كانت الحيازة مستوفاة للشرائط القانونية المقررة من عدمه.
ومن حيث إنه في ضوء ما يقرره الخبير المنتدب يستبين مدى سلامة الاستيلاء الموقع على أطيان النزاع، ولذا فإنه لا فائدة من التقرير بإلغاء القرار المطعون فيه قبل مباشرة الخبير لمهمته سالفة البيان، ومفاد ذلك أنه لو ثبت سلامة الاستيلاء الموقع على أرض النزاع، فعندئذ لا مصلحة للطاعن في القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه المتضمن عدم جواز نظر الاعتراض لسابقة الفصل في ذلك أن الواجب عندئذ القضاء برفض الطعن، إذ يستوي أمام الطاعن القضاء بعدم جواز نظر الاعتراض مع القضاء برفض الاعتراض لسلامة الاستيلاء الموقع على مسطح النزاع (حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 16/ 6/ 1981 في الطعن رقم 896 لسنة 26 ق - غير منشور) وأما إذا ثبت عدم سلامة قرار الاستيلاء لاكتساب ملكية أرض النزاع بمضي المدة الطويلة أو لدخولها في ملكية مورث البائعة للطاعن فعندئذ يتعين القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه وبإلغاء الاستيلاء الموقع على أطيان الاعتراض ولذلك فإنه من الضروري قبل مباشرة الخبير لمهمته سالفة البيان ومعرفة النتائج التي يقررها إعادة الأوراق إليه لبيان وجه الحق في النزاع الماثل.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وتمهيدياً وقبل الفصل في الموضوع ندب مكتب خبراء وزارة العدل بأسيوط لأداء المأمورية المشار إليها في هذا الحكم وللخبير في سبيل أداء مأموريته أن يطلع على ما يراه من أوراق ومستندات لدى أية جهة رسمية وتحت يد أي شخص وله سماع من يرى لزوماً لسماعه من شهود بغير حلف يمين وحددت المحكمة مبلغ خمسون جنيهاً أمانة على ذمة أتعاب ومصاريف لمكتب الخبراء على الطاعن إيداعه خزانة المحكمة وصرحت لمكتب الخبراء بصرفه دون أية إجراءات وعينت جلسة 19/ 1/ 1988 في حالة عدم دفع الأمانة وجلسة 29/ 2/ 1988 في حالة إيداعها وأبقت الفصل في المصروفات وعلى قلم كتاب المحكمة إخطار مكتب الخبراء وطرفي الخصومة بهذا الحكم.