مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 550

(85)
جلسة 3 من يناير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عصام الدين السيد علام نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وعادل لطفي عثمان والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.

الطعن رقم 2702 لسنة 30 القضائية

( أ ) دعوى - شرط المصلحة - تعدد المدعين في دعوى واحدة - شروطه - (بطلان).
وحدة مصلحة المدعين تكفي لجمع طلباتهم في صحيفة واحدة دون أن يلحقها دون أن يلحقها البطلان - أساس ذلك: أن البطلان لا يلحق الإجراء أو العمل إلا بنص صريح في القانون أو أن يكون الإجراء قد شابه عيب جوهري - تطبيق.
(ب) سلك دبلوماسي وقنصلي - ترقية أعضاءه - وظيفة وزير مفوض - المادة (15) من قانون نظام السلكين الدبلوماسي والقنصلي رقم 166 لسنة 1954.
الترقية لوظيفة وزير مفوض تتم بالاختيار - حرية الإدارة في اختيار المرشح للترقية مقيدة بقاعدة عدم جواز تخطي الأقدم إلا إذا كان الأحدث منه أصلح وأكثر كفاءة - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

بتاريخ 22 من يوليه سنة 1984 أودع الأستاذ..... المحامي بصفته وكيلاً عن السادة/ ..... و..... و..... و...... و...... و...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2702 لسنة 30 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 7 من يونيه سنة 1984 في الدعوى رقم 704 لسنة 34 القضائية المقامة منهم والسيد/ ..... والذي قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وبرفض الدفع ببطلان عريضة الدعوى وبإرجاع أقدمية المدعي الأول...... في وظيفة وزير مفوض بوزارة الخارجية إلى 29/ 8/ 1979 تاريخ صدور القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة بمصروفات هذا الشق وبرفض الدعوى بالنسبة لباقي المدعيين وألزمت كل منهم ما يخصه من مصروفات.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية كل من المدعين في أقدمية سابقة على المطعون في ترقيته في وظيفة وزير مفوض مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وبتاريخ 26 من يوليه سنة 1984 أودع الأستاذ الدكتور ثروت بدوي بصفته وكيلاً عن السيد/ .... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2759 لسنة 30 القضائية في حكم محكمة القضاء الإداري المشار إليه.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمن من رفض الدفع ببطلان صحيفة الدعوى وفيما تضمنه من إرجاعه أقدمية السيد/ ..... في وظيفة وزير مفوض وإلزام المدعين المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً وفي موضوع الطعن رقم 2702 لسنة 30 القضائية بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه إلغاء مجرداً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وبرفض الطعن رقم 2759 لسنة 30 القضائية وإلزام الطاعن مصروفاته.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي قررت ضم الطعن رقم 2759 لسنة 30 القضائية إلى الطعن رقم 2702 لسنة 30 القضائية ليصدر فيهما حكم واحد. وإحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" حيث تحدد لنظرهما أمامها جلسة 9 من نوفمبر سنة 1986. وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على النحو الثابت بمحاضر الجلسة قررت بجلسة 29 من نوفمبر سنة 1987 إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يستفاد من الأوراق - في أنه بتاريخ 20/ 1/ 1980 أقام السادة/ ..... و.... و.... و..... و.... و..... الدعوى رقم 704 لسنة 34 القضائية ضد رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية طالبين الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 776 لسنة 1979 الصادر بتاريخ 29/ 8/ 1979 بترقية السيد...... لوظيفة وزير مفوض بوزارة الخارجية فيما تضمنه من تخطيهم في الترقية لهذه الوظيفة وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقالوا شرحاً لدعواهم أنهم من أعضاء السلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية وتدرجوا في الترقيات إلى أن رقى الأول لوظيفة مستشار في 9/ 10/ 1974 ولوظيفة وزير مفوض في 30/ 10/ 1979 وكان ترتيبه في كشف الأقدمية في وظيفة مستشار قبل صدور القرار المطعون فيه الثالث، ورقى الثاني لوظيفة مستشار في 9/ 11/ 1974 ولوظيفة وزير مفوض في 30/ 10/ 1979 وكان ترتيبه في كشف الأقدمية في وظيفة مستشار قبل صدور القرار المطعون فيه الخامس، ورقى الثالث لوظيفة مستشار في 9/ 10/ 1974 وكان ترتيبه قبل صدور القرار المطعون فيه السادس، ورقى الرابع لوظيفة مستشار في 16/ 1/ 1975 وكان ترتيبه في كشف الأقدمية قبل صدور القرار المطعون فيه العاشر، ورقى الخامس لوظيفة مستشار في 1/ 1/ 1975 وكان ترتيبه قبل صدور القرار المطعون فيه التاسع عشر ورقى السادس لوظيفة مستشار في أغسطس سنة 1974 وكان ترتيبه قبل صدور القرار المطعون فيه الرابع والثلاثين، أما المطعون على ترقيته فكان ترتيبه في وظيفة مستشار قبل صدور القرار المطعون فيه الواحد والستين ومن ثم فهم أقدم منه ويتساوون معه في الكفاية وانتهوا إلى أن القرار المطعون فيه مشوب بعيب إساءة استعمال السلطة ومخالف لأحكام القانون.
وردت الجهة الإدارية على الدعوى بأن الترقية لوظيفة وزير مفوض تتم بالاختيار وهي من الملائمات التي تترخص فيها الإدارة ما دام الاختيار قد استند إلى عناصر صحيحة وأجرت مفاضلة بين المرشحين للتعرف على مدى كفاءتهم وأضافت بأنها أجرت هذه المفاضلة ورأت أن المطعون على ترقيته يفضل المدعين.
وأثناء نظر الدعوى تدخل السيد/ ..... خصماً منضماً إلى الجهة الإدارية حيث دفع ببطلان عريضة الدعوى لاشتمالها على أكثر من مدع لا ارتباط بينهم من حيث موضوع الدعوى ولا تجمع بينهم وحدة المسألة المثارة إذ لا يجوز تعدد المدعين في صحيفة واحدة إلا في حالة الارتباط بين الدعاوى وحالة قيام وحدة المسألة المثارة في حين أن المدعين يطعنون في قرار ترقية السيد/ ..... فيما تضمنه من تخطي كل منهم في الترقية. ولما كان الأمر يختلف من حيث الكفاية والأقدمية من مدع لآخر فإن صحيفة الدعوى تكون باطلة، كما دفع بعدم قبول الدعوى لرفعها دون سابقة التظلم من القرار المطعون فيه بالنسبة لبعض المدعين أو لرفعها بعد الميعاد بالنسبة للبعض الآخر. وبالنسبة للموضوع فإن الترقية للوظيفة محل الطعن تتم بالاختيار للكفاية دون الاعتداد بالأقدمية فهو حاصل على تقرير بدرجة ممتاز عن السنوات العشر السابقة على الترقية أما باقي التقارير فتتراوح بين ممتاز وجيد كما أن بملف خدمته إطراء وإشادة بكفاءته الفذة وقدراته الفائقة منذ عمله بالوزارة حتى تاريخ تعيينه وزيراً مفوضاً.
وبجلسة 7/ 6/ 1984 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وبرفض الدفع ببطلان عريضة الدعوى وبإرجاع أقدمية المدعي الأول في وظيفة وزير مفوض بوزارة الخارجية إلى 29/ 8/ 1979 تاريخ صدور القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الشق وبرفض الدعوى بالنسبة لباقي المدعين وألزمت كل منهم ما يخصه من مصروفات.
وأسست المحكمة قضاءها برفض الدفع ببطلان عريضة الدعوى على أن الثابت من الأوراق أن أساس الدعوى الراهنة هو تخطي المدعين في الترقية لوظيفة وزير مفوض بقرار واحد بمن هو أحدث منهم في الأقدمية في حين ينتظمهم كشف أقدمية واحد في وظيفة مستشار وكانوا أسبق منه في التعيين في تلك الوظيفة كما أنهم جميعاً تجمعهم مصلحة واحدة في الدعوى هي عدم ترقية الأحدث منهم وترقية من عليه الدور فيها من بينهم ومن ثم فإنه يبين بوضوح من هذه الظروف مجتمعة قيام رابطة بينهم تسوغ تقدير تحقيق المصلحة في الجمع بين طلباتهم في عريضة واحدة. فضلاً عن أن هذا لا يعني أنها دعوى واحدة وإنما هي عدة دعاوى انتظمتها صحيفة واحدة.
وأسست قضاءها بالنسبة لموضوع الدعوى على أن الثابت من الأوراق والملفات السرية المقامة من الوزارة أن المطعون على ترقيته حصل عام 1974 على تقرير ممتاز وذكر رئيسه المباشر أنه من أكفأ العناصر الذين عملوا معه وأنه مخلص في عمله سريع ودقيق الأداء وحسن العلاقة برؤسائه وإخوانه ولم يحرر عنه تقرير عن عامي 1975، 1976 ثم حصل على تقرير ممتاز عام 1977 وصدر قرار بتوليه أعمال إدارة الهيئات الدولية في يناير سنة 1977 وهو تميز خاص بالنسبة له وشارك في اجتماعات مشكلة الشرق الأوسط وكان يعهد إليه بمسئوليات رئيسية وعمل مع بعض وزراء الخارجية وتلقى خطاب شكر عن بعض أعمال أنجزها من وزير الخارجية. وبالنسبة للمدعي الأول فقد حصل في عامي 1974، 1975 على تقرير ممتاز وفي عام 1976 على تقرير جيد وفي عام 1977 على تقرير ممتاز وجاء بهذه التقارير أنه أكفأ العناصر خلقاً وعملاً فهو مخلص في عمله متفان فيه أمين عليه ويحترم سريته ويقدر المسئولية وحكمه على الأمور سليم ومتعاون مع مرؤوسيه وزملائه ورؤسائه ومظهره مشرف وصلاته الاجتماعية ممتازة وسمعته طيبة ومحبوب من الجميع ودمث الأخلاق هادي الطبع وعمل قنصلاً عاماً لمدة أربع سنوات ومهتم بإحاطة الوزارة في كل تقاريره بكل صغيرة وكبيرة وسطر مدير إدارة الشكاوى والتظلمات بوزارة الخارجية كتاباً أوضح فيه أنه حائز لجميع عناصر الصلاحية التي تضعه موضع الامتياز يضاف إلى كل ما تقدم أن الوزارة قامت بترقيته لوظيفة وزير مفوض اعتباراً من 30/ 10/ 1979 أي بعد شهرين من صدور القرار المطعون فيه.
واستطردت المحكمة قولها بأنه يبين من مقارنة حالة المطعون على ترقيته بحالة المدعي الأول خلال الخمس سنوات السابقة على تاريخ صدور القرار المطعون فيه - وهي مدة شغلهما للوظيفة السابقة على الوظيفة محل الطعن - أنهما متساويان في الكفاية وليس أدل على ذلك من أن الوزارة قامت بترقية المدعي الأول بعد صدور القرار المطعون فيه بشهرين أي بعد مدة قليلة لا تجعل الحكم على كفايته يتغير. ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر مخالفاً للقانون إذا تخطى المدعي الأول..... في الترقية لوظيفة وزير مفوض بالرغم من أن ترتيبه في كشف الأقدمية في وظيفة مستشار قبل صدور القرار المطعون فيه كان الثالث وترتيب المطعون في ترقيته في هذه الوظيفة كان الواحد والستين ذلك أن هذا القرار لم يتبع قاعدة الترقية بالاختيار التي تقضي عند التساوي في الكفاية بترقية الأقدم الأمر الذي يكون معه هذا القرار متعين الإلغاء فيما قضى به من هذا التخطي.
ومن حيث إن الوظيفة المتنازع عليها في هذه الدعوى هي وظيفة وزير مفوض واحد وقد انتهت المحكمة إلى أحقية السيد/ ...... في إرجاع أقدميته في هذه الوظيفة إلى تاريخ صدور القرار المطعون فيه باعتبار أنه أقدم المدعين في كشف الأقدمية في وظيفة مستشار قبل صدور هذا القرار فمن ثم يكون باقي المدعين غير محقين في دعواهم بطلب إلغاء القرار المذكور فيما تضمنه من تخطيهم في الترقية لذات الوظيفة المتنازع عليها.
ومن حيث إن الطعن رقم 2702 لسنة 30 القضائية يقوم على أن الحكم المطعون فيه وقد قضى بعدم مشروعية القرار المطعون فيه وإرجاع أقدمية المدعي الأول في وظيفة إلى تاريخ صدوره أن يقضي بنفس المبدأ لباقي المدعين، إلا أنه حرمهم من هذه الأقدمية ومكن المرقى بقرار غير مشروع سلمت المحكمة بإلغائه بأن يكون أقدم منهم في الوظيفة الجديدة رغم أسبقيتهم عليه في الوظيفة السابقة عليها وهي وظيفة مستشار.
ومن حيث إن الطعن رقم 2759 لسنة 30 القضائية يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون عندما قضى برفض الدفع ببطلان عريضة الدعوى تأسيساً على أن أساس الدعوى هو تخطي المدعين في الترقية لوظيفة وزير مفوض بقرار واحد لأن هذا القرار يصبح 6 قرارات إذا نظر إليه من زاوية المدعين لأنهم وإن كانوا يسبقونه في الأقدمية إلا أن المفاضلة أسفرت عن تميزه عليهم جميعاً لأسباب وأسس تختلف من واحد إلى آخر فقد تفوق على البعض بجميع المعايير وعلى البعض الآخر ببعض المعايير وتساوى مع هذا البعض في بعض المعايير وما دام أن أساس التخطي ليس واحداً بالنسبة لهم فإن من أساس الطعن لن يكون واحداً بالنسبة للجميع. كما خالف القانون عندما خلط بين الكفاءة اللازمة للترقية بالأقدمية والكفاية المؤهلة للترقية بالاختيار. ذلك أن الترقية بالاختيار تقوم على تقدير كفاية الموظف طوال حياته الوظيفية أما الترقية بالأقدمية فتعتمد على تقدير كفاية الموظف في السنة أو السنتين الأخيرتين بحيث ألا يجوز تخطي الأقدم إلا لعدم الصلاحية، فقد أغفل الحكم ما هو ثابت بالأوراق وفي حيثيات الحكم نفسه من اختلاف بين درجات الكفاية بين السيد/ ...... وبين السيد/ ...... فبينما نجد الأول محل تقدير وإعجاب جميع من عمل معهم فضلاً عن حصوله على تقارير ممتاز بصفة دائمة طوال الخمس عشرة سنة الأخيرة ما عدا سنة واحدة حصل فيها على تقدير جيد ونجد ملف الثاني مليئاً بالمآخذ والتحقيقات. يضاف إلى ذلك أن ترقية السيد/ ...... في 30/ 10/ 1979 كانت ترقية بالأقدمية. وتمت بعدها ترقية غيره من المدعين بالأقدمية أيضاً ووضعت لكل منهم تقارير كفاية تجعله صالحاً للترقية بالأقدمية.
وأثناء نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون تقدم الحاضر عن السيد/ ..... بمذكرة تضمنت أن الحكم المطعون فيه قضى بقبول تدخله خصماً منضماً للحكومة في حين أن الطعن رقم 2702 لسنة 30 القضائية أغفل اختصاصه ومن ثم فإن هذا الطعن يكون قد شابه عيب جوهري يبطله. فضلاً عن بطلانه لكونه مقاماً من عدد من الطاعنين تختلف مراكزهم القانونية وتتعارض مصالحهم وتتباين كفاءاتهم الوظيفية.
كما تقدم بمذكرة أثناء نظر الطعن أمام المحكمة أشار فيها إلى أنه يجب التمييز بين الترقية بالأقدمية والترقية بالاختيار فالترقية بالأقدمية يحكمها ضابطان الأقدمية والصلاحية أما الترقية بالاختيار فيحكمها ضابطان كذلك التميز في الكفاية والصلاحية وتقوم على تقدير كفاية الموظف طوال حياته الوظيفية ومن الخطأ الاستناد إلى أن بعض المدعين رقي إلى وظيفة وزير مفوض بعد فترة قصيرة للقول بأنهم كانوا صالحين للترقية بدلاً من السيد/ ..... لأنهم رقوا جميعاً إعمالاً لقواعد الأقدمية وليس إعمالاً لقواعد الاختيار فضلاً عن أن ملفات المدعين تزخر بالمآخذ والتقارير السيئة التي يستحيل معها أن تكون ترقيتهم تمت بالاختيار.
كما قدمت الجهة الإدارية مذكرة بدفاعها تضمنت أن الترقية إلى وظيفة مستشار أو قنصل عام من الدرجة الأولى وما يعلوها بالاختيار للصلاحية دون التقيد بالأقدمية وأنها أهملت هذه القاعدة عند اختيارها للسيد/ ..... باعتباره يتميز عن الطاعنين جميعاً من حيث الكفاءة والصلاحية والقدرة على قيادة الوظائف العليا. وقدمت صورة المذكرة التي حررها الدكتور بطرس غالى بتاريخ 24/ 11/ 1986 وكذا المذكرة التي حررها الدكتور أسامة الباز بتاريخ 27/ 4/ 1987 حيث تضمنت كل منهما الإشادة بكفاءته.
وقدم الطاعنون مذكرة تضمنت الرد على الدفوع التي أبداها المطعون في ترقيته وأكدت على ما جاء بتقرير الطعن من أحقيتهم في إرجاع أقدميتهم في وظيفة وزير مفوض بحيث تكون سابقة على أقدمية المطعون في ترقيته.
ومن حيث إن ما ينعاه المطعون في ترقيته على الحكم المطعون فيه في خصوص ما قضى به من رفض الدفع ببطلان صحيفة الدعوى فمردود عليه بأن القول بأن القرار المطعون فيه يصبح 6 قرارات إذا نظر إليه من زاوية المدعين ليس له سند من الواقع أو القانون لأن الإدارة لم تفصح عن إرادتها إلا مرة واحدة، وهذا الإفصاح تضمن تخطي المدعين في الترقية لوظيفة وزير مفوض وذلك بترقية من هو أحدث منهم في ترتيب أقدمية وظيفة مستشار. ومثل هذا الأمر يجعل لهم مصلحة واحدة تتمثل في طلب إلغاء هذا القرار بما يترتب على ذلك بحكم اللزوم من عودة المطعون في ترقيته إلى ذات المركز الوظيفي الذي كان يشغله وبنفس ترتيب الأقدمية الذي كان عليه قبل صدور القرار المطعون فيه. ووحدة مصلحة المدعين هذه كافية لجمع طلباتهم في صحيفة واحدة دون أن يلحقها البطلان، لأن البطلان لا يلحق الإجراء أو العمل إلا بنص صريح في القانون أو إذا كان الإجراء أو العمل قد شابه عيب جوهري. وأي من هذين الأمرين لم يتحقق في صحيفة الدعوى المقامة من المدعين حتى يقال ببطلانها. ومن أجل ذلك يكون ما أثاره المطعون في ترقيته في خصوص ببطلان عريضة الدعوى أو تقرير الطعن المقام من المدعين لا أساس له متعيناً الالتفات عنه.
كما أن ما أثاره خاصاً ببطلان الطعن المقام من المدعين لإغفال اختصاصه فمردود عليه بأنه ليس بأحكام القانون ما يوجب على الخصم عند الطعن على الحكم اختصام من تدخل في الدعوى منضماً إلى الخصم الآخر في طلباته لكي يثار أمر بطلان تقرير الطعن عند إغفال هذا الإجراء. وحتى بفرض وجود مثل هذا الالتزام فإن أحكام قانون المرافعات صريحة في عدم جواز الحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء. وهو ما ينطبق على المطعون على ترقيته، وتبعا لذلك يكون ما أثير في هذا الخصوص لا أساس له كذلك مما يتعين طرحه جانباً وعدم التعويل.
ومن حيث إن المادة 15 من قانون نظام السلكين الدبلوماسي والقنصلي رقم 166 لسنة 1954 تنص على أنه....... وتكون الترقية إلى وظيفة مستشار أو قنصل عام من الدرجة الأولى وما يعلوها من وظائف بالاختيار للصلاحية دون التقيد بالاقدمية....
وواضح من استقراء النص المتقدم أن ما أشار إليه المطعون في ترقيته من أن الترقية لوظيفة وزير مفوض تتم بالاختيار أو بالأقدمية - حيث تمت ترقيته إلى هذه الوظيفة بالاختيار في حين رقى المدعين إليها بالأقدمية - ليس له نصيب من الصحة لأن أحكام هذا النص صريحة في أن الترقية إلى وظيفة مستشار وما يعلوها تتم في جميع الأحوال بالاختيار للصلاحية دون التقيد بالأقدمية.
وإذا كانت الترقية تتم بالاختيار دائماً كما سلف القول فإن حرية الإدارة في اختيار المرشح للترقية مقيدة بالقاعدة الأصولية في كل نظم التوظف وهي عدم جواز تخطي الأقدم عند إجراء حركة الترقية إذا كان يتساوى من حيث الصلاحية أو الكفاءة مع الأحدث بمعنى أنه لا يجوز ترقية الأحدث إلا إذا كان أصلح أو أكثر كفاءة لشغل الوظيفة من الأقدم.
ومن حيث إنه يبين من مقارنة حالة كل من المطعون في ترقيته والمدعي الأول...... من واقع الأوراق والمعلومات والبيانات المقدمة من جهة الإدارة وبصفة خاصة ما كان منها يعد من المصادر الأساسية التي تستمد منه عناصر الصلاحية كملفات الخدمة والتقارير السرية وما أبداه الرؤساء عن كل منهما وكفاءته في ممارسة أعمال الوظائف التي أسندتها إلى جهة الإدارة منذ التحاقه بالخدمة وحتى إجراء الترقيات المطعون فيها يتضح بجلاء أن المدعي الأول...... يتساوى من حيث الصلاحية والكفاءة مع المطعون في ترقيته، ومن أجل ذلك فلم يكن جائزاً قانوناً تخطيه في الترقية لوظيفة وزير مفوض بمن هو أحدث منه في ترتيب الأقدمية وهو السيد/ ..... وإذا صدر القرار المطعون فيه متضمناً ترقية المذكور دون المدعي فإن هذا القرار يكون قد صدر مخالفاً لحكم القانون. وتبعاً لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق عندما قضى بإلغاء هذا القرار فيما تضمنه من تخطي السيد/ ....... في الترقية لوظيفة وزير مفوض ومن ثم يضحى الطعن رقم 2759 لسنة 30 غير قائم على سند من القانون حرياً بالرفض.
ومن حيث إنه وإن كان باقي المدعين أقدم من السيد/ ..... المطعون في ترقيته إلا أنهم يلون السيد/ .... في ترتيب الأقدمية. ولما كان مؤدى إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي السيد/ ...... في الترقية هو إلغاء ترقية السيد/ ..... إلى وظيفة وزير مفوض وعودته إلى وظيفته التي كان يشغلها وهي وظيفة مستشار بذات ترتيب أقدميته فيها وإحلال السيد/ ..... محله في وظيفة وزير مفوض التي تمت الترقية إليها، لأن حركة الترقيات موضوع النزاع تمت إلى وظيفة واحدة وبالتالي فلا يتسع المجال لأن يرقى أكثر من واحد عليها. وهو ما يؤدي بحكم اللزوم إلى عدم جواز ترقية باقي المدعين لانعدام محلها مما يتعين معه رفض دعواهم بطلب إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطيهم في الترقية بعد أن ألغيت ترقية السيد/ ..... بما يترتب على ذلك - بقوة القانون - من عودته إلى ذات مركزه الوظيفي الذي كان يشغله وبذات ترتيب الأقدمية الذي كان عليه قبل صدور القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات لأنها هي التي ألجأتهم إلى التقاضي بترقية المطعون في ترقيته الذي يليهم في ترتيب الأقدمية وبعدم إعادته إلى ذات مركزه الوظيفي الذي كان يشغله وبذات ترتيب الأقدمية الذي كان عليه كأثر من آثار تنفيذ الحكم الصادر بإلغاء قرار ترقيته إلى وظيفة وزير مفوض.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم يتعين الحكم بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع:
أولاً: برفض الطعن رقم 2759 لسنة 30 القضائية المقام من السيد/ ..... وإلزامه مصروفات هذا الطعن.
ثانياً: بتعديل الحكم المطعون فيه إلى الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعي الأول...... في الترقية لوظيفة وزير مفوض مع ما يترتب على ذلك من آثار ورفض الدعوى بالنسبة لباقي المدعين وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وذلك على النحو المبين بالأسباب.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين 2702 لسنة 30 و2759 لسنة 30 شكلاً وفي الموضوع:
أولاً: بالنسبة للطعن رقم 2702 لسنة 30 بتعديل الحكم المطعون فيه إلى الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعي الأول...... في الترقية إلي وظيفة وزير مفوض مع ما يترتب على ذلك من آثار ورفض الدعوى بالنسبة لباقي المدعين وألزمت الجهة الإدارية المصروفات وذلك على النحو المبين بالأسباب.
ثانياً: برفض الطعن رقم 2759 لسنة 30 موضوعاً وألزمت الطاعن مصروفاته.


[(1)] تراجع الأحكام الصادرة في الطعون الرقمية 2697 و2698 و2699 و2700 لسنة 30 ق، و371 لسنة 31 ق والمحكوم فيها بذات الجلسة وقد تضمنت هذه الأحكام الإشارة إلى أنه ليس في أحكام القانون ما يوجب على الخصم عند الطعن على الحكم اختصام من تدخل في الدعوى متضمناً إلى الخصم الآخر في طلباته لكي يثار أمر بطلان تقرير الطعن عند إغفال هذا الإجراء - أساس ذلك: أنه لا يجوز الحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء - تطبيق.