مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 576

(88)
جلسة 5 من يناير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار أبو بكر دمرداش أبو بكر نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد حمادة وجمال السيد دحروج وفاروق علي عبد القادر وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي المستشارين.

الطعن رقم 1866 لسنة 30 القضائية

جنسية مصرية - سحبها - أثر ذلك على حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية.
المادة (19) من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية - المادة الأولى من القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما فيها حكمها.
إسقاط الجنسية المصرية عن المصري لدخوله في جنسية دولة أخرى دون إذن سابق - رد الجنسية المصرية إليه لا يرتب أي أثر في الماضي - متى ثبت أن الطاعن خلال الفترة ما بين إسقاط الجنسية وردها إليه كان غير مصرياً فإنه يسري في شأنه القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

بتاريخ 10/ 5/ 1984 أودع الأستاذ/ ...... المحامي قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن السيد/ ..... بموجب توكيل رسمي عام رقم 391 لسنة 1984 توثيق عام قصر النيل تقرير الطعن الماثل ضد السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بجلسة 25/ 3/ 1984 في الاعتراض رقم 422 لسنة 1978 والذي قضى بقبول الاعتراض شكلاً وفي الموضوع برفضه.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن، وللأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإلغاء قرار الاستيلاء الحاصل على أرضه الزراعية البالغ مساحتها 16 س 12 ط 21 ف والموضحة بطلب الاعتراض واعتبار القرار كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية وإلزام المطعون ضده بصفته بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 28/ 5/ 1984 أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده.
وتم تحضير الطعن أمام هيئة مفوضي الدولة التي أعدت تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
ثم نظر الطعن بعد ذلك أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 21/ 10/ 1987 إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره أمامها جلسة 24/ 11/ 1987 وفي هذه الجلسة الأخيرة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 5/ 1/ 1988. وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن فإنه لما كان القرار المطعون فيه صدر في 25/ 3/ 1984 وأودع تقرير الطعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا في 10/ 5/ 1984 أي خلال ميعاد الستين يوماً المقرر بنص المادة 13 مكرراً من الرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي، وإذ استوفى الطعن سائر الشروط والأوضاع المنصوص عليها في القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة فإنه من ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن واقعات النزاع تخلص حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 2/ 7/ 1978 أقام الطاعن الاعتراض رقم 422 لسنة 1978 بإيداع صحيفة سكرتارية اللجان القضائية للإصلاح الزراعي طلب في ختامها اعتبار أطيانه الموضحة بالصحيفة كأن لم يكن وتسليمها إليه وما يترتب على ذلك من آثار.
وقال الطاعن شرحاً لاعتراضه إنه يمتلك أرضاً زراعية مساحتها 6 س 13 ط 21 ف بمحافظة قنا موضحة الحدود والمعالم بالصحيفة، وبتاريخ 23/ 4/ 1964 تجنس بالجنسية البريطانية وظل محتفظاً بجنسيته المصرية، ورغم أنه لم يخضع لأحكام الأمرين رقمي 5، 5 ب لسنة 1956 كما هو وارد بكتاب إدارة الاستيلاء رقم 1117 في 14/ 3/ 1973 إلى إدارة الملكية والتعويض، إلا أنه فوجئ بالإصلاح الزراعي يتحفظ على أطيانه سالفة الإشارة في سنة 1966 بمقولة أنه غير مصري ويخضع لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية.
وأضاف الطاعن في صحيفة اعتراضه قائلاً أنه تبين له أن وزارة الداخلية قد أسقطت عنه الجنسية المصرية في 10/ 1/ 1965، ونظراً لأن إسقاط الجنسية كان بدوافع خارجية منذ تقدم بطلب لاسترداد جنسيته المصرية. فقررت وزارة الداخلية في 27/ 1/ 1976 رد الجنسية المصرية إليه بموجب القرار رقم 255 لسنة 1976، ونتيجة لما تقدم يتعين أن تعود إلى الطاعن أطيانه السابق التحفظ عليها سيما وأنه لم تتم إجراءات النشر بالنسبة لقرار الاستيلاء ثم خلص الطاعن في ختام صحيفة الاعتراض إلى الطلبات المشار إليها آنفاً.
وقد تدوول نظر الاعتراض أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي على النحو الموضح بمحاضر جلساتها وبجلسة 25/ 3/ 1984 قررت اللجنة قبول الاعتراض شكلاً ورفضه موضوعاً وذلك تأسيساً على أن قرار إسقاط الجنسية المصرية عن المعترض لتجنسه بالجنسية البريطانية دون إذن سابق صدر مطابقاً صحيح حكم القانون ويتعين إعمال أثره وتطبيق القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية في حق المعترض باعتباره أجنبياً حال صدور هذا القانون ويتعين بالتالي إعمال نص المادتين 1، 2 من القانون المشار إليه في حق المعترض واللتان تفيدان حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها وتؤول ملكيتها للدولة، وبالبناء على ما تقدم يكون قرار الاستيلاء على أطيان المعترض قد صادف صحيح حكم القانون.
ومن حيث إن القرار المشار إليه لم يلق قبولاً لدى الطاعن فقد أقام طعنه الماثل تأسيساً على خطأ القرار المطعون فيه وتطبيق القانون ذلك أنه طبقاً لنص المادة 29 من القانون رقم 82 لسنة 1958 والذي صدر قرار إسقاط الجنسية المصرية عنه في ظله يجب أن يتم نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية. وأن مجرد العلم بالقرار المسقط للجنسية لا يقوم مقام النشر الذي نص عليه القانون والدستور وأن القرار لا يترتب أثاره إلا من تاريخ نشره وهو ما يعد ضمانة دستورية وقانونية منشؤها الصالح العام.
وإذا كان الأمر كما تقدم فإن القول بأن مجرد العلم بصدور القرار الجمهوري بإسقاط الجنسية عن الطاعن يلغي وجوب النشر في الجريدة الرسمية هو قول داحض ولا يجوز التعويل عليه، ولما كانت اللجنة في قرارها المطعون فيه قد أغفلت أن نص المادة 29 المشار إليها يوجب نشر قرار الإسقاط في الجريدة الرسمية فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون مما يستوجب إلغاء القرار المطعون فيه. ثم خلص الطاعن في ختام تقرير طعنه إلى طلب الحكم له بطلباته المبينة بصدور هذا الحكم.
وبتاريخ 4/ 10/ 1987 أودع الطاعن تأييداً لطعنه مذكرة بدفاعه صمم فيها على طلباته الواردة بعريضة طعنه. كما أودع بجلسة 21/ 10/ 1987 حافظة مستندات طويت على: (1) صور ضوئية من مضبطة الجلسة السابعة والأربعين لمجلس الشعب في 23/ 4/ 1975 التي نوقش فيها مشروع قانون الجنسية الجديد. (2) صورة ضوئية من ملحق المضبطة المذكورة ومعه تقرير اللجنة التشريعية عن مشروع قانون الجنسية. (3) صورة ضوئية من مضبطة الجلسة الثانية والأربعين عند أخذ الرأي النهائي على مشروع قانون الجنسية. (4) صور ضوئية لعشر قرارات برد الجنسية المصرية إلى مجموعات من المواطنين التي أسقطت عنهم جنسيتهم ومن بينها القرار رقم 255 لسنة 1976 في 27/ 1/ 1976 والذي أدرج اسم الطاعن في الكشف المرفق به.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل هو بيان ما إذا كان الطاعن عام 1966 وقت تطبيق أحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 عليه فاقداً للجنسية المصرية ومن ثم يسري في شأن حالته القانون المذكور أم يعتبر متمتعاً بهذه الجنسية ومن ثم يكون سريان هذا القانون على حالة الطاعن على غير أساس سليم.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 10/ 1/ 1965 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 74 لسنة 1965 بإسقاط الجنسية عن الطاعن لتجنسه بالجنسية البريطانية دون إذن سابق من رئيس الجمهورية ثم صدر بتاريخ 27/ 1/ 1976 قرار وزير الداخلية رقم 255 لسنة 1976 برد الجنسية إلى الطاعن وكذا أربعة عشر مواطناً آخرين دون أن يتضمن هذا القرار الآخر ثمة نص على أن يكون رد الجنسية بالنسبة لهم بأثر رجعي. ولما كانت المادة 19 من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية والذي صدر قرار وزير الداخلية رقم 255 لسنة 1976 المشار إليه آنفاً في ظله تنص على أن "لا يكون للدخول في الجنسية المصرية أو سحبها أو إسقاطها أو استردادها أو ردهما أي أثر في الماضي ما لم ينص على غير ذلك واستناداً إلى نص في القانون "فإنه من ثم يكون الطاعن خلال الفترة ما بين صدور القرارين رقمي 74 لسنة 1965 و255 لسنة 1976 السالف الإشارة إليهما فاقداً للجنسية المصرية وتسري في شأنه بالتالي أحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 يحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها والتي تقضي المادة الأولى منه بأنه "يحظر على الأجانب سواء أكانوا أشخاصاً طبيعيين أم اعتباريين تملك الأراضي الزراعية وما في حكمها من الأراضي المقابلة للزراعة والبور والأراضي الصحراوية في الجمهورية العربية المتحدة ويشمل هذا الحظر الملكية التامة كما يشمل ملكية الرقبة أو حق الانتفاع".
ومن حيث إن الثابت أنه عام 1966 استولى الإصلاح الزراعي على أطيان زراعية مملوكه للطاعن بطريق الميراث عن والده كائنة بزمام محافظة قنا استناداً إلى القانون رقم 15 لسنة 1963 فمن ثم يكون قرار الاستيلاء على الأراضي المملوكة للطاعن قد صدر صحيحاً مطابقاً للقانون باعتبار أن الطاعن قد أصبح فاقداً للجنسية المصرية ويعامل بوصفه أجنبياً منذ 10/ 1/ 1965 تاريخ صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 74 لسنة 1965 والذي أسقط الجنسية المصرية عنه ولا ينال من ذلك ما يثيره الطاعن في من أن القرار الصادر بإسقاط الجنسية المصرية عنه لم يتم نشره بالجريدة الرسمية تطبيقاً لحكم المادة 29 من القانون رقم 82 لسنة 1958 الذي صدر القرار المذكور في ظل العمل بأحكامه وأن هذا القرار لا يحدث أثره القانوني إلا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية حسبما نصت عليه المادة 29 المذكورة والتي تقضي بأن "جميع القرارات الخاصة بكسب جنسية الجمهورية العربية المتحدة أو سحبها أو بإسقاطها أو باستردادها تحدث أثرها من تاريخ صدورها. ويجب نشرها في الجريدة الرسمية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدورها ولا يمس ذلك حقوق حسني النية من الغير وهذا القول من جانب الطاعن مردود عليه بأن هذه المحكمة قد استقرت في قضائها على أنه ولئن كانت المادة 29 من القانون الجنسية المصرية رقم 82 لسنة 1958 سالفة الذكر قد أوجبت نشر القرارات المكسبة أو المسقطة للجنسية في الجريدة الرسمية إلا أن المشرع لم يرتب على عدم النشر أية نتائج من شأنها المساس بوجود القرار أو بسريان أثره من تاريخ صدوره، ومفاد ذلك أن المشرع قصد من إجراء النشر أن يكون قرينة قانونية على علم ذوي الشأن بالقرار (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 437 لسنة 16 ق بجلسة 26/ 6/ 1976 منشور في مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا في 15 عاماً الجزء الأول، صحيفة 92).
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم وإذ كان الثابت أن قرار إسقاط الجنسية المصرية عن الطاعن قد صدر بتاريخ 10/ 1/ 1965 فإنه من ثم يعتبر أجنبياً في تطبيق أحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها منذ تاريخ صدور ذلك القرار، وبالتالي يكون القرار الصادر من الإصلاح الزراعي بالاستيلاء على الأراضي الزراعية المملوكة للطاعن عام 1966 قد صدر صحيحاً متفقاً وصحيح حكم القانون وإذ ذهبت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في قرارها المطعون فيه هذا المذهب وقضت برفض الاعتراض المقام من الطاعن استناداً إلى الأساس المتقدم، فإنها تكون والأمر كذلك قد صادفت الحقيقة وأصابت حكم القانون وبالتالي يكون الطعن على القرار المذكور غير قائم على أساس سليم واجب الرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.


[(1)] هذا المبدأ تأكيداً لما سبق أن قضت به المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 545 لسنة 20 ق جلسة 7/ 6/ 1977 والمنشور بمجموعة الأحكام الإدارية العليا الجزء الأول صفحة 425 - يراجع أيضاً الحكم الصادر في الطعن رقم 512 لسنة 22 ق بجلسة 9/ 6/ 1981 والمنشور بمجموعة السنة 26 مبدأ 144.