مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 613

(94)
جلسة 16 من يناير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة جودة محمد أبو زيد وصلاح عبد الفتاح سلامة وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد المنعم رفاعي عمارة المستشارين.

الطعن رقم 1743 لسنة 29 القضائية

بعثات - التزامات المبعوث - الكفالة.
القانون رقم 112 لسنة 1959 بتنظيم شئون البعثات والإجازات الدراسية والمنح.
القانون هو المصدر المباشر لالتزام عضو البعثة أو الإجازة الدراسية أو المنحة بخدمة الحكومة للمدة التي حددها المشرع - يشترط تقديم كفيل تقبله إدارة البعثات يتعهد كتابة بمسئوليته التضامنية عن رد النفقات والمرتبات التي صرفت لعضو البعثة إذا قررت اللجنة التنفيذية مطالبته بها - أما التزام الكفيل برد هذه النفقات فمصدره التعهد الذي وقعه تنفيذاً لالتزام العضو الناشئ بمقتضى القانون - محل هذا الالتزام هو أداء تلك المبالغ بموجب المسئولية التضامنية للكفيل هو بذاته محل التزام المبعوث الأصيل - علة هذه الكفالة تمكين المبعوث من البعثة واطمئنان الدولة الدائنة إلى ضمان الكفيل لالتزام المبعوث وإلا انتفت العلة من الكفالة - مؤدى ذلك: أنه لا يجوز تحديد محل هذا الالتزام على وجه يخالف حكم القانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 21 من إبريل 1983 أودع الأستاذ...... المحامي بصفته وكيلاً عن السيدين/ ...... و...... قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً الطعن قيد بجدولها برقم 1743 لسنة 29 القضائية ضد: 1 - السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الطاقة النووية. 2 - السيد/ وزير التعليم عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (هيئة العقود الإدارية والتعويضات) بجلسة 20 من فبراير 1983 في الدعوى رقم 1577 لسنة 34 القضائية القاضي بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا للمدعي بصفته مبلغ 2650.653 (ألفان وستمائة وخمسون جنيهاً وستمائة وثلاثة وخمسون مليماً) والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 10/ 5/ 1980 حتى تمام السداد والمصروفات، وطلب الطاعنان للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدفع المبداة من الطاعنين وبرفض الدعوى واحتياطياً بإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري - هيئة العقود الإدارية والتعويضات للحكم فيها مجدداً مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهما بصفتهما المصروفات شاملة مقابل أتعاب المحاماة. وأعلن الطعن قانوناً وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة لوزير التعليم بصفته وبقبوله شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعن الأول بأن يؤدي إلى المطعون ضده الأول مبلغ 2650.653 جنيه والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 10/ 5/ 1980 ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وإعمال نص المادة 186 مرافعات بخصوص المصروفات. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 3/ 11/ 1986 وتداول بالجلسات طبقاً للثابت بالمحضر حتى قررت بجلسة 2/ 11/ 1987 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) لنظره بجلسة 28/ 11/ 1987 فنظرته المحكمة في هذه الجلسة على الوجه المبين بمحضرها. وبعد أن سمعت ما رأت لزومه من إيضاحات على الوجه الثابت بالمحضر قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 10/ 5/ 1980 أقام السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الطاقة النووية الدعوى رقم 1577 لسنة 34 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (هيئة العقود الإدارية والتعويضات) ضد السيدين/ ..... و..... طالباً الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له بصفته مبلغ 2650.653 جنيه والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة استناداً إلى أن الهيئة كانت قد أوفدت المدعى عليه الأول عضواً في بعثة للحصول على الدكتوراه من فرنسا من جامعة جرينوبل في الفترة من 13/ 2/ 1973 إلى 9/ 12/ 1976 وبعد أن حصل عليها عاد إلى الوطن وتسلم العمل ثم تقدم بطلب لمنحه إجازة خاصة بدون مرتب لمدة عام ليلتحق بالأكاديمية العربية للنقل البحري بالإسكندرية. ولما رفض طلبه ترك العمل بالهيئة فتقرر مطالبته بالنفقات التي صرفت عليه بالخارج أثناء الإجازة الدراسية والبالغ مقدارها 2650.653 جنيه، وذلك لإخلاله بالتزامه بخدمة الجهة الموقرة المدة المقررة وفقاً للمادة 31 من القانون رقم 112 لسنة 1959 ولأن المطالبة الودية لم تجد فقد أقيمت هذه الدعوى. وبجلسة 20/ 2/ 1983 أصدرت المحكمة حكمها موضوع الطعن الماثل وأقامت قضاءها على أن المادة 31 من القانون رقم 112/ 1959 بشأن البعثات والإجازات الدراسية قد ألزمت عضو البعثة أو الإجازة الدراسية بخدمة الجهة الموقرة على أساس مدة تحسب بواقع سنتين عن كل سنة قضاها في البعثة أو الإجازة الدراسية وبحد أقصى مدة سبع سنوات. وطالما ثبت إبقاء المدعى عليه الأول في البعثة وثبت إخلاله بالتزامه بالعمل فيحق للجهة الإدارية مطالبته بالنفقات التي صرفت عليه وهي وفقاً للكشف المقدم منها 2650.653 جنيه منها 1955.833 جنيه مرتب و385.765 جنيه بدل جامعة و309.055 بدل تفرغ، وإذ قدم المدعى عليه الثاني إقراراً مؤرخاً 20/ 10/ 1976 (صحته 20/ 10/ 1979) يفيد أنه مسئول قبل هيئة الطاقة النووية عن جميع الالتزامات المسئولة عنها الهندسة..... بشأن كفالة نجله الدكتور مهندس..... في السفر إلى فرنسا في إجازة دراسية وذلك في حدود ما جاء بتعهدها المؤرخ 11/ 3/ 1973 (صحته 11/ 1/ 1973) بتضامنها مع المدعى عليه الأول في سداد كل ما يظهر عليه من التزامات أو ديون وفي رد المرتبات التي تصرف عليه طوال مدة دراسته في حالة إنهاء إجازته الدراسية وعدم عودته تنفيذاً للقرار الصادر بذلك ومن ثم يحق للهيئة أن تلزم المدعى عليه الثاني بالمبالغ المحكوم بها بطريق التضامن مع المدعى عليه الأول مع الفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية.
ومن حيث إن الطعن ينص على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله للأسباب المبينة تفصيلاً في تقرير الطعن ومبنى السبب الأول: أن الحكم التفت عن دفاعهما بطلب ضم ملف الخدمة وبيان تفصيل المبالغ موضوع الدعوى ومستندات صرفها للطاعن الأول لإنكاره قبضها وتسلمها فضلاً عن الخطأ والتضارب في البيان المقدم من الهيئة عنها. ذلك أن مفردات المبلغ المطالب به (2650.653) تخالف ما ثبت بالمستندات وهو كشف حساب المبالغ المطالب بها الطاعن الأول وجملتها (1787.548 جنيهاً) طبقاً للمستند رقم 1 من الملف رقم 1 المودع حافظة الحكومة، وباعتبار أن الدعوى من دعاوى الاسترداد لما دفع فشرط قيامها أن يثبت الدفع والقبض. ثم يثبت سبب الصرف. ولا تسترد مصاريف السفر وتذاكر الطائرة حتى في حالة المخالفة. كذلك فقد قام وكيل الطاعنين مذكرة خلال فترة حجز الدعوى للحكم لم تشر إليها المحكمة في أسباب حكمها مع وجوب الرد على ما أثير فيها من دفوع. وحاصل السبب الثاني: مخالفة القانون فقد تضمنت مذكرة الطاعنين المقدمة للمحكمة الدفع بعدم قبول دعوى وزير التعليم لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون وفقاً للمادة 25 وما بعدها من قانون مجلس الدولة، والدفع بعدم قبول التدخل الانضمامي لأنه لا يجوز فيه إبداء طلبات جديدة، والدفع بعدم قبول دعوى وزير التعليم لعدم ارتباطها بالدعوى الأصلية، والدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة إلى الطاعن الثاني لسقوط الكفالة التي كان مسئولاً عنها بمقتضى إقراره المؤرخ 20/ 10/ 1979 فلا تنطبق شروطها بعودة الطاعن الأول من الخارج وتسلمه العمل بالهيئة في 11/ 12/ 1976. ومؤدى السبب الثالث: أن الحكم قضى بالفوائد عن المبلغ المحكوم به على الرغم من أن المادة 226 من القانون المدني الخاصة بالفوائد قد أضحت غير دستورية بمقتضى تعديل المادة 5 من الدستور الذي جعل الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع. ومفاد السببين الرابع والخامس: أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون فهو ولئن أشار إلى المادة 31 من القانون رقم 112 لسنة 1959 إلا أنه لم يبين سنده في إلزام الطاعنين بالمبلغ موضوع الدعوى، فإذا كان هذا السند هو المادة 30 من القانون المذكور والمتعلقة بعدم العودة إلى الوطن.
الطاعن الأول وتسلم عمله بالهيئة المطعون ضدها على ما سجله الحكم المطعون فيه أما إذا كان نص المادة 31 بشأن الالتزام بالخدمة فيقتضي ذلك طبقاً للمادة 33 صدور قرار يسبق الدعوى بالمطالبة، ولما كان موضوعها مرتبات وبدلات فلا تسري عليها أحكام هذه المادة فضلاً عن تعارض هذه الدعوى مع الدعوى رقم 489 لسنة 37 ق التي أشار إليها الحكم والمرفوعة من وزارة التعليم هذا إلى جانب أن الحكم صدر في الدعوى دون استيفاء أو تحضير سليم.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق وملف الإدارة الخاص بالطاعن الأول أن هيئة الطاقة النووية أوفدته بتاريخ 13/ 2/ 1973 للتدريب في فرنسا في مجال المفاعلات النووية لمدة تتراوح ما بين 6 إلى 12 شهراً على إحدى المنح الفرنسية المقدمة للدولة. وحتى يتمكن من الحصول على درجة الدكتوراه فقد منح إجازة دراسية بمرتب امتدت بموافقة اللجنة التنفيذية للبعثات حتى فبراير 1977 وقد حصل على هذه الدرجة العلمية في 29/ 10/ 1976 ثم عاد إلى الوطن في 9/ 12/ 1976 وتسلم العمل بالهيئة في 11/ 12/ 1976. وتقدم بطلب لمنحه إجازة خاصة بدون مرتب لمدة عام ليلتحق بالأكاديمية العربية للنقل البحري بالإسكندرية ورفض طلبه فترك العمل بالهيئة في 1/ 5/ 1977 والتحق بالأكاديمية وقد وافقت اللجنة التنفيذية للبعثات بتاريخ 31/ 7/ 1977 على رأي الإدارة العامة للبعثات بمطالبة العضو وضمانه بالنفقات لإخلاله بالتزاماته بخدمة الجهة الموفدة المدة المقررة بالمادة 31 من القانون رقم 112 لسنة 1959. ثم صدر قرار الهيئة رقم 445 لسنة 1978 برفع اسمه من عداد العاملين بها اعتباراً من تاريخ انقطاعه عن العمل في 1/ 5/ 1977 وتم سحبه بالقرار رقم 537 لسنة 1978 لاتخاذ الإجراءات التأديبية ضد المذكور، والثابت من كتاب مراقب شئون العاملين بالهيئة (المستند رقم 26) أنه تقاضى منها أثناء إجازته الدراسية بالخارج من 13/ 2/ 1973 حتى 9/ 12/ 1976 مبلغ 2650.653 جنيه ومفرداته 1955.833 جنيه ماهية 385.765 جنيه بدل جامعة 309.055 جنيه بدل تفرغ. وطبقاً للثابت من كشف الحساب الذي أعدته الإدارة العامة للبعثات بوزارة التعليم المؤرخ 6/ 2/ 1979 بشأن مطالبة الطاعن الأول وضامنة بالنفقات بقرار اللجنة التنفيذية للبعثات بجلسة 31/ 7/ 1977 فقد صرف له مبلغ 1551.448 جنيه عن طريق المكتب و97.600 تذكرة سفر القاهرة/ باريس و138.500 جنيه تذكرة عودة الزوجة وقد أقيمت الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه بمطالبته وكفيلة بالمبالغ التي تقاضاها من الهيئة المطعون ضدها (2650.653 جنيه) فقد ثبت من محضر جلسة 2/ 5/ 1982 أن الحاضر عن الجهة الإدارية كان قرر تعديل الطلبات وإدخال خصوم جدد فتم التأجيل لتعديل الطلبات وإدخال خصوم جدد. وبجلسة 15/ 12/ 82 طلب الحاضر عن الجهة الإدارية ضم ملف الدعوى رقم 489 لسنة 37 ق إلى الدعوى المنظورة لوحدة الموضوع كما طلب أجلاً لتنفيذ القرار السابق. فقررت المحكمة التأجيل لجلسة 23/ 1/ 1983. وفيها قرر الحاضر عن الجهة الإدارية أن الدعوى رقم 489 لسنة 37 ق أمام هيئة المفوضين ولا مانع من السير في الدعوى الحالية بحالتها وكل دعوى على حدة.. وفي هذه الجلسة حجزت الدعوى للحكم ولم تصرح المحكمة للخصوم بتقديم مذكرات وثبت كذلك أن المهندسة...... وقد وقعت مع الطاعن الأول تعهداً في 13/ 1/ 1973 جاءت صيغته على النحو الآتي: "أتعهد أنا..... باعتباري كفيلاً عن السيد/ ..... الذي تقرر سفره إلى فرنسا في إجازة دراسية بالآتي: 1 - تضامني معه في سداد كل ما يظهر عليه من التزاماته أو ديون تنشأ أثناء إقامته بالخارج سواء لإدارة البعثات أو لغيرها من الهيئات والأفراد. 2 - تضامني معه في رد المرتبات التي تصرف عليه طوال مدة دراسته في حالة إنهاء إجازته الدراسية أو المهمة العلمية وعدم عودته تنفيذاً للقرار الصادر بذلك". وبموجب إقرار موقع من الطاعن الثاني (.....) محرر في 20/ 10/ 1979 أقر بالآتي: "أقر أنا..... بأني مسئول قبل هيئة الطاقة النووية عن جميع الالتزامات المسئولة عنها السيدة المهندسة/ ..... المدرسة المساعدة بقسم المفاعلات بهيئة الطاقة النووية والمترتبة على التعهد المقدم منها بتاريخ 11/ 1/ 1973 بشأن كفالة نجلي الدكتور المهندس/ ..... في السفر إلى فرنسا في إجازة دراسية وذلك في حدود ما جاء بالمتعهد قرار".
ومن حيث إن القانون رقم 112 لسنة 1959 بتنظيم البعثات والإجازات الدراسية والمنح ينص في المادة 31 على أن "يلتزم عضو البعثة أو الإجازة الدراسية أو المنحة بخدمة الجهة التي أوفدته أية جهة حكومية أخرى ترى إلحاقه بها بالاتفاق مع اللجنة التنفيذية للبعثات لمدة تحسب على أساس سنتين عن كل سنة قضاها في البعثة أو الإجازة الدراسية وبحد أقصى قدره 7 سنوات لعضو البعثة و5 سنوات لعضو الإجازة الدراسية إلا إذا تضمنت شروط البعثة أو الإجازة الدراسية أحكام أخرى". وينص في المادة 33 على أن "للجنة التنفيذية أن تقرر إنهاء بعثة أو إجازة أو منحة كل عضو يخالف أحكام أخرى إحدى المواد (23 و25 و27 و29 و30) كما أن لها أن تقرر مطالبة العضو بنفقات البعثة أو المرتبات التي صرفت له في الإجازة أو المنحة إذا خالف أحكام المادة (25 و31). وينص في المادة 35 على أن "يقدم عضو البعثة أو الإجازة الدراسية أو المتمتع بمنحة أجنبية أو دولية كفيلاً تقبله إدارة البعثات يتعهد كتابة بمسئوليته التضامنية عن رد النفقات والمرتبات المشار إليها في المادة (33)..". ومؤدى ذلك أن القانون هو المصدر المباشر لالتزام عضو البعثة أو الإجازة الدراسية أو المنحة بخدمة الحكومة للمدة المقررة بشرط تقديم كفيل تقبله إدارة البعثات يتعهد كتابة بمسئوليته التضامنية عن رد النفقات والمرتبات التي صرفت له. وإذا ما قررت اللجنة التنفيذية مطالبته بها، أما التزام الكفيل برد هذه النفقات والمرتبات فمصدره التعهد الذي يوقعه تنفيذاً لالتزام العضو الناشئ بمقتضى القانون ومحله أداء هذه المبالغ بموجب مسئوليته التضامنية معه كما ورد النص على ذلك في المادة 35 ذلك أنه من الأصول المقررة في تفسير العقود مدنية أو إدارية عدم اقتصار العقود على إلزام المتعاقد بها بل يتناول أيضاً ما هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام وهو أصل تضمنته المادة 148/ 2 من القانون المدني وهي لا تتعارض مع طبيعة الالتزامات الناشئة عن عقود إدارية ولا مع طبيعة تلك العقود ولا مع أصول القانون الإداري وأحكام القانون العام ومن تلك الأصول أيضاً قواعد التفسير التي توجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ مع الاستهداء في ذلك لطبيعة التعامل وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين وفقاً للعرف الجاري في المعاملات. وإذ حدد قانون البعثات التزام المبعوث ومحله على وجه الدقة تحديداً منضبطاً وأوجب تقديم كفيل متضامن مع المبعوث في ذلك الالتزام على الوجه الذي حدده وبذلك يكون محل التزام الكفيل هو بذاته وطبقاً لصريح نص القانون محل التزام المبعوث الأصيل الذي يرد عليه تضامن الكفيل مع الأصيل وهو من مستلزمات الكفالة حتى تحقق غرضها فيمكن المبعوث من البعثة وتطمئن الدولة الدائنة إلى ضمان الكفيل لالتزام المبعوث إزاءها بشمول التزام الكفيل ذات محل التزام المبعوث وهو موجب الكفالة وإلا أصبحت عديمة المعنى والجدوى وانتفت العلة التي من أجلها أوجبها القانون تقديم الكفالة فلا يمكن أن تعبث إدارة الكفيل فتعدل في محل التزامه ليختلف عن محل التزام الأصيل. وإذا كان هذا هو حكم القانون فهو ما استقر عليه العرف وما تقتضيه العدالة بحسب طبيعة الالتزام، وهو موجب الإرادة المشتركة للمتعاقدين وما تقتضيه طبيعة التعامل وما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة في التعامل بين الدولة الدائنة والمبعوث المدين الأصيل والكفيل المتضامن وبذلك فلا يمكن أن يستبعد تعهد الكفيل أو عنصراً من عناصر التزام المبعوث الأصيل إلا إذا اتفق الطرفان الدائن والمدين وأقراه صراحة، أما التعهد المطبوع نصه فلا بد أن ينصرف في نية الطرفين إلى محل الالتزام الذي ألقاه القانون على الأصيل وضماناً له أوجب تقديم كفيل. وبذلك فلا يجوز تحديد محل هذا الالتزام على وجه يخالف حكم القانون وإلا انتهت العلة من إلزام العضو بتقديم كفيل تقبله إدارة البعثات يتعهد كتابة بمسئوليته التضامنية عن رد المبالغ المشار إليها. وعلى هذا الأساس فطالما أن الثابت أن الطاعن الأول قد أوفد في إجازة دراسية بمرتب إلى فرنسا للحصول على درجة الدكتوراه وانتهت بحصوله على هذه الدرجة وعودته إلى الوطن، فيلتزم بخدمة الهيئة التي أوفدته المدة المقررة طبقاً للمادة 31 من القانون المشار إليه. وإذ انقطع عن العمل قبل انقضاء كامل هذه المدة فيكون قد أخل بالتزامه المشار إليه، فيحل مقرراً الالتزام البديل بأن يلزم بالتضامن مع الكفيل الذي ندبه بكامل النفقات والمرتبات التي صرفت عليه أثناء مدة الإجازة الدراسية بالخارج بناء على قرار اللجنة التنفيذية الصادر بذلك في 31/ 7/ 1977 إعمالاً لنص المادة 33 سالفة الذكر. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأداء المبلغ المطالب به، فيكون قد صادف صحيح حكم القانون، فلا يعيبه ما أثير في أسباب الطعن عن الإخلال بحق الدفاع طالما أن السند في ذلك المذكرة المقدمة بعد حجز الدعوى للحكم والتي لم تصرح المحكمة بتقديمها فضلاً عن أن ما ورد بها من دفوع تتعلق بدعوى وزير التعليم وتدخله الانضمامي جاء على غير أساس من واقع هذه الدعوى فقد ثبت أن الوزير لم يكن طرفاً أصلياً ولا متدخلاً فيها، ولا وجه للمنازعة في حقيقة المرتبات المطالب بها فهي تخص المبالغ التي تقاضاها الطاعن الأول من الهيئة المطعون ضدها بصفة مرتب وبدلات على الوجه المفصل بملفه الإداري وبذلك لا تختلط بما قد يكون مطلوباً منه لإدارة البعثات بوزارة التعليم كنفقات صرفت عليه أثناء مدة الإجازة الدراسية بالخارج والتي تخرج عن نطاق هذه الدعوى أما القول بسقوط الكفالة المقدمة من المهندسة...... والتي انتقلت إلى الطاعن الثاني في حدود ما ورد بها بموجب إقراره سالف الذكر استناداً إلى عدم وجود النص في تعهدها على التزام الكفيل برد المرتبات التي تصرف على الطاعن الأول طوال مدة إجازته الدراسية في الخارج في حالة إخلاله بالتزامه بخدمة الجهة الموفدة المدة المقررة وتقر الكفالة في هذا الصدد على حالة إنهاء الإجازة وعدم العودة فمردود عليه بما سبق ذكره من أن محل التزام الكفيل محدد نطاقه سلفاً بنص المادة 35 من القانون رقم 112/ 1959 فإذا جاءت الكفالة مضيفة لمحل هذا الالتزام أعملت في النطاق المحدد لها بهذه المادة طبقاً للقانون، كذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة الدستور لما قضى به من إلزام الطاعنين بالفوائد القانونية عن المبلغ المحكوم به غير سديد فقد سبق أن قضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 4 مايو 1985 في القضية رقم 20 لسنة 1 القضائية (دستورية) بدستورية نص المادة 226 من القانون المدني الخاصة بالفوائد كما أن النص عليه بأنه أخطأ في تطبيق القانون لعدم بيان سنده في إلزام الطاعنين بالمبلغ المحكوم به ولم يصدر قرار سابق على رفع الدعوى بمطالبتهما به طبقاً للمادة 33 من القانون المشار إليه فهو بدوره غير صائب ذلك أن الحكم وإن لم يشر في أسبابه إلى هذا القرار إلا أن الثابت على ما سلف البيان أنه صدر فعلاً من اللجنة التنفيذية للبعثات في 31/ 7/ 1977 ومن ثم فإن إغفاله الإشارة إليه غير مؤثر في سلامة قضائه كما لا ينال منه ما أثير عن التعارض مع الدعوى رقم 489 لسنة 37 والتي لم يتقرر ضمها ولا القول بصدور الحكم قبل التحضير لعدم صحته وبذلك يغدو الطعن على غير أساس مستوجباً الرفض وإلزام الطاعنين بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنين بالمصروفات.