مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 652

(100)
جلسة 17 من يناير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عصام الدين السيد علام نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد يسري زين العابدين وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل لطفي عثمان والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.

الطعن رقم 1162 لسنة 31 القضائية

دعوى - حكم في الدعوى - طلب تفسير حكم.
حجية الأمر المقضى تثبت للمنطوق دون أسباب الحكم إلا أن الأسباب تكون لها هذه الحجية أيضاً إذا ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بمنطوقه بحيث لا يقوم المنطوق بغير هذه الأسباب - مثال لتفسير الحكم مرتبطاً بأسبابه.


إجراءات الطعن

بتاريخ 26/ 2/ 1985 أودع الأستاذ/ ..... المحامي، وكيلاً عن الأستاذ الدكتور/ .... المحامي، بصفته وكيلاً عن الدكتور...... سكرتير المحكمة طلب تفسير قيد بجدولها تحت رقم 1162 لسنة 31 القضائية، عن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) بجلسة 19/ 2/ 1984 في الطعن رقم 668 لسنة 27 القضائية.. والقاضي بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار رئيس جامعة عين شمس الصادر في 14 من ديسمبر سنة 1977 بإلغاء الإعلان عن شغل وظيفة أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية بكلية التربية وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جامعة عين شمس المصروفات طالباً إصدار تفسير لهذا المنطوق كي يتسنى تنفيذه من جانب المحكوم ضدهم.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه تفسير الحكم الصادر في الطعن رقم 668/ 27 ق بأن تقوم الجامعة باستصدار قرار من رئيس الجامعة بسحب قراره السابق صدوره في 24/ 12/ 1977 بعدم الموافقة على ترشيح الطالب لشغل وظيفة أستاذ مساعد تخصص دراسات إسلامية بقسم اللغة العربية بكلية التربية بجامعة عين شمس وإلغاء الإعلان عن هذه الوظيفة، ثم بعرض القرارات السابق صدورها في شأن الطالب من اللجنة العلمية الدائمة التي عرض عليها إنتاجه وقررت أهليته للوظيفة، ومن مجلس القسم ومجلس الكلية بالموافقة على ترشيح الطالب لهذه الوظيفة، على مجلس الجامعة ثم عرض الأمر كله على وزير التعليم العالي لإصدار القرار اللازم في هذا الشأن.
وعرض الطلب على دائرة فحص الطعون فأمرت بإحالته إلى هذه المحكمة التي تداولت نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات واستمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من ملاحظات ذوي الشأن وقررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم، وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - حسبما يبين من أوراقها - تتحصل في أن الطالب سبق له أن أقام الطعن رقم 668/ 27 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 26/ 2/ 1981 في الدعوى رقم 809/ 32 ق التي كانت مقامة منه ضد وزير التعليم العالي ومدير جامعة عين شمس، طالباً الحكم بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تعيينه في وظيفة أستاذ مساعد بكلية التربية بجامعة عين شمس مع ما يترتب على ذلك من آثار. وبجلسة 19/ 2/ 1984 أصدرت المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) حكمها المنوه عنه وأقامته على أسباب محصلها أن قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 بين الشروط الواجب توافرها فيمن يعين أستاذ مساعداًَ بالجامعة والجهات ذات الشأن في التحقيق منها وذات الاختصاص في إصدار قرار التعيين. فنص في المادة 69 على أنه يشترط فيمن يعين أستاذاً مساعداً - بالإضافة إلى ما يشترط في - عضو هيئة التدريس - من الحصول على درجة الدكتور وأن يكون محمود السيرة حسن السمعة - الاشتغال بوظيفة مدرس مدة خمس سنوات على الأقل في إحدى الجامعات أو في معهد علمي من طبقتها والقيام في مادته وهو مدرس بإجراء بحوث مبتكرة ونشرها والالتزام في عمله ومسلكه بواجبات أعضاء هيئة التدريس وإحسان أدائها، ويدخل في الاعتبار نشاطه العلمي والاجتماعي الملحوظ في الكلية أو المعهد. ونص في المادة 73 على أن تتولى لجان علمية دائمة فحص الإنتاج العلمي للمتقدمين لشغل وظائف الأستاذة أو الأساتذة المساعدين وتشكل على الوجه الوارد بها وتقدم كل لجنة تقريراً مفصلاً ومسبباً تقوم به الإنتاج العلمي للمتقدمين وما إذا كان يؤهلهم لشغل الوظيفة أو اللقب العلمي مع ترتيبهم عند التعدد بحسب الأفضلية وقد أجملت المادة 65 من القانون مراحل التعيين فنصت على أن: "يعين وزير التعليم العالي أعضاء هيئة التدريس بناء على طلب الجامعة بعد أخذ رأي مجلس الكلية ومجلس القسم ويكون التعيين من تاريخ موافقة مجلس الجامعة". مما مفاده أن الأمر في التعيين هو إلى مجلس الجامعة، بعد الإعلان عن الوظيفة وفحص الإنتاج العلمي للمتقدمين، واقتراح مجلس القسم والكلية. وأن الثابت بالأوراق أن الجامعة أعلنت في 25/ 5/ 1977 عن حاجتها إلى شغل وظيفة أستاذ مساعد للدراسات الإسلامية بقسم اللغة العربية وآدابها، تقدم لها الطاعن وعرض إنتاجه العلمي على اللجنة العلمية الدائمة فقررت أهليته للوظيفة، ووافق مجلس القسم والكلية على تقريراً للجنة وعلى ترشيح الطاعن للوظيفة المعلن عنها، وكان الأصل أن يعرض أمر التعيين بعد ذلك على مجلس الجامعة، طبقاً للقانون، إلا أن رئيس الجامعة حجب ذلك عنه، بناء على ما جاءه من مكتب الأمن برقم 6561 في 17/ 11/ 1977 بعدم الموافقة على ترشيح المذكور، خلافاً لما جاء بكتابه السابق المؤرخ 26/ 10/ 1977 من أنه لا يوجد ما يمنع من تعيينه أستاذاً مساعداً بالكلية، ووقف رئيس الجامعة بالأمر عند هذا الحد بتأشيره المؤرخ 24/ 12/ 1977 بالموافقة على مذكرة أمين الجامعة بإلغاء الإعلان عن هذه الوظيفة. وهو قرار مخالف للقانون من حيث ما يوجبه من عرض أمر التعيين على مجلس الجامعة، إذ لا يملك رئيس الجامعة البحث في الأمر منفرداً. كما أنه قرار غير صحيح من جهة دواعيه وبقدر إصداره إذ لا يقوم على سبب صحيح من الواقع أو القانون، لأن القانون لم يجعل للجهة التي اعترضت على تعيين المدعي شأناً في هذا الخصوص، كما لم يجعل اعتراضها القول الفصل في موضوع أهلية المرشح للتعيين في الوظيفة، إذ الاختصاص بأمر التعيين معقود للسلطات الجامعية المشار إليها آنفاً هي التي تقدر مسلك المرشح وسيونه، كما أن ما يصدر من هذه السلطات لا يكون صحيحاً إلا إذا اعتمد على أصل ثابت في الأوراق وكان تقديرها لما يترتب عليه سليماً. وأن ما تبديه الجهة المذكورة ليس إلا مجرد تحريات وهي بذاتها ليست دليلاً على صحة ما جاء فيها، وليس في الأوراق ما يدل على صحة ما انتهت إليه، ولم تورد أسباب له تحمله، والأصل هو استصحاب حال المدعي السابقة منذ عمله بمجمع اللغة العربية طالما لم يوجد دليل على تغيرها من حيث صلاحية الوظيفة، ونجاحه وأن تقرير مجلس الكلية بترشيحه لاستيفاء شروطه ومن جملتها أنه محمود السيرة حسن السلوك لم يسمع عنه ما يشينه أو يحط من قدره بين الناس حافزاً لما يؤهله من الاحترام الواجب للوظيفة التي رشح لها، وهي شهادة ثانية باستقامة حاله، وقد سبق أن انتهى رأي الجهة المذكورة إلى عدم وجود مانع يمنع من ذلك، ولم يحدث شيء يسوغ عدولها، وفي مثل المدة التي تم فيها. وفي تناقض رأيها على هذا النحو ما يشكك في سلامة ما انتهت إليه أخيراً، ويبين انعدام أساسه وما تطوع به محامي الجامعة أو قبل به للمدعي سبباً لرأي تلك الجهة، لا يصلح سبباً، إذ ليس في عمله في التدريس بالجامعة الليبية ما يؤخذ عليه، كما أن كتاباته في الصفحة الدينية في المجلات العربية والإسلامية في ليبيا وفي الكويت أو غيرها، هي كما ذكر بحوث في موضوعات في مجال تخصصه في الدراسات الإسلامية، ومتصلة بعمل الوظيفة المرشح لها، وليس فيها ما يبرر الاعتراض عليه، إذ أن إبداء الرأي في مجال البحث العلمي يتعلق بما هو مكفول لكل شخص من حرية الرأي، ولم تقدم الجهة المذكورة ما يخالفه ولم تسند إلى المدعي أفعالاً أو تصرفات محددة فيها خروج على القانون أو مساس باعتباره كعضو هيئة تدريس وبذلك فإن قرار رئيس الجامعة لا يقوم على مسببة، فضلاً عن عدم جواز انفراده بالأمر، باعتباره من اختصاص مجلس الجامعة، ومن ثم فكان على الجامعة أن تمضي بإجراءات التعيين إلى غايتها وليس لرئيس الجامعة اعتبار ما تم كأن لم يكن، إذ هو واقع، ترتب عليه للمدعي حقاً وصدرت به قرارات من اللجنة العلمية ومجلس القسم والكلية، وكلها ذات شأن في موضوعه فلا وجه لإهدارها - ولا يملك رئيس الجامعة حفظ قرار مجلس الكلية وحجب موضوعه عن مجلس الجامعة أصلاً، وبذلك يكون قراره مخالف للقانون متعيناً القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن مبنى هذا الطلب أن الطالب تقدم إلى جامعة عين شمس لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ الحكم الصادر لصالحه باستكمال إجراءات تعيينه في وظيفة أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية بكلية التربية والتي ما زالت شاغرة حتى الآن، إلا أن الجامعة أفادت بأن الحكم الصادر لصالحه يشوبه الغموض ويكتنفه الإبهام من حيث تنفيذه ويحتاج إلى صدور تفسير له من المحكمة التي أصدرته حتى يمكن تنفيذ الحكم طبقاً للتفسير المطلوب.
ومن حيث إن الحكم محل طلب التفسير قضى في منطوقه بإلغاء قرار رئيس مجلس جامعة عين شمس الصادر بتاريخ 14 من ديسمبر سنة 1977 بإلغاء الإعلان عن شغل وظيفة أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية بكلية التربية وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن المقرر أن الأصل أن حجية الأمر المقضى به تثبت لمنطوق الحكم دون أسبابه إلا أن الأسباب تكون لها هذه الحجية أيضاً إذا ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بمنطوقه بحيث لا يقوم المنطوق بغير هذه الأسباب.
ومن حيث إن البادي من أسباب الحكم محل طلب التفسير، السابق بيانها، أن هذه الأسباب ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بمنطوق الحكم بحيث لا يقوم هذا المنطوق بغيرها ومن ثم فإن هذه الأسباب تحوز ذات حجية الأمر المقضى به التي يحوزها المنطوق، وعلى هذا المقتضى، فإن منطوق الحكم، مرتبطاً بأسبابه، إنما استهدف إلزام الجامعة بالمضي في اتخاذ إجراءات تعيين المدعي في الوظيفة المذكورة، وذلك بعرض ما تم من إجراءات على مجلس الجامعة لاتخاذ القرار في شأن تعيينه بتلك الوظيفة، بعد أن بينت الأسباب أن اعتراض مكتب الأمن على تعيين المذكور لا يجد له سنده من القانون ومن ثم فلا يصح أن يتخذ سبباً لعدم تعيين المدعي فيها، بعد أن استوفى كافة شرائط هذا التعيين، وهو ما تؤدي إليه تلك الأسباب حتماً، وإذ ارتبطت تلك الأسباب بمنطوق الحكم ارتباطاً وثيقاً لا يقوم هذا المنطوق بدونها، فإنه يتعين تفسير هذا المنطوق حسبما ذكر والقضاء به.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطلب شكلاً وفي موضوعه بتفسير حكمها الصادر في الطعن رقم 668 لسنة 27 ق بجلسة 19 من فبراير سنة 1984 بإلزام جامعة عين شمس بالمضي في اتخاذ إجراءات تعيين المدعي في وظيفة أستاذ مساعد للدراسات الإسلامية بقسم اللغة العربية بكلية التربية وذلك بعرض ما تم من إجراءات على مجلس الجامعة لاتخاذ القرار بشأن تعيينه في تلك الوظيفة وألزمت جامعة عين شمس المصروفات.