مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 661

(102)
جلسة 19 من يناير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار أبو بكر دمرداش أبو بكر نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد حمادة وجمال السيد دحروج وفاروق علي عبد القادر وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي المستشارين.

الطعن رقم 1929 لسنة 30 القضائية

إصلاح زراعي - شروط الاستيلاء - الملكية الخالصة للخاضع.
القانون رقم 50 لسنة 1969.
الأصل في الاستيلاء أن ينصب على أطيان مملوكه للخاضع - لا يتحقق هذا الشرط طالما أن الموضوع مطروح على القضاء ولم يقل فيه كلمته بعد - مؤدى ذلك: إيقاف إجراءات الاستيلاء إلى أن يقول القضاء كلمته بحكم نهائي حول ملكية الأطيان محل الاعتراض - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 15 من مايو سنة 1984 أودع الأستاذ/ ..... المحامي بالإدارة العامة للشئون القانونية الوكيل عن السيد المهندس رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1929 لسنة 30 القضائية في القرار الصادر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بجلستها المنعقدة في 18 من مارس سنة 1984 في الاعتراض رقم 199 لسنة 1978 المقام من السيد/ ..... ضد الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والذي قضى (أولاً) قبول الاعتراض شكلاً. (ثانياً) رفض الدفع بعدم اختصاص اللجنة القضائية وباختصاصها. (ثالثاً) وفي الموضوع بإيقاف الاستيلاء على الأطيان موضوع الاعتراض لحين الفصل في الملكية. وطلب الطاعن، للأسباب المبينة بتقرير الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه والقضاء باستمرار الاستيلاء على الأرض محل الاعتراض رقم 199 لسنة 1978 الموضحة بصحيفته، وسلامة قرار الهيئة بشأن الاستيلاء عليها نفاذاً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 قبل المطعون ضده، مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن إلى ذوي الشأن على النحو المبين في الأوراق، قدم السيد/ مفوض الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً، وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بقنا لأداء المأمورية المشار إليها بالتقرير وإبقاء الفصل في المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 21 من أكتوبر سنة 1987 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة ثالثة) وحددت لنظره أمامها جلسة الأول من ديسمبر سنة 1987، وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يخلص من الأوراق في أن السيد..... أقام الاعتراض رقم 199 لسنة 1978 ضد/ وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، والهيئة العامة للإصلاح الزراعي، والسيدات/ ..... و..... و.... وذلك بصحيفة أودعت أمانة سر اللجان القضائية بتاريخ 15 من إبريل سنة 1978 وطلب في ختامها استبعاد مساحة (12 قيراط) و(26 فدان) المملوكة له ولزوجته/ ..... لوجود نزاع حول ملكية هذه الأطيان ما زال مطروحاً أمام القضاء لم يفصل فيه بعد، ولعدم معرفته حدود هذه الأطيان لعدم وضع اليد عليها منذ وفاة مورثه المرحوم.....، وذلك بسبب وضع هذه الأطيان تحت الحراسة القضائية. وقال شرحاً لاعتراضه أنه بتاريخ 18 من يناير سنة 1970 تقدم للهيئة العامة للإصلاح الزراعي بإقرار تجديد الملكية طبقاً للقانون رقم 50 لسنة 1969 أثبت فيه أن مجموع الأطيان المملوكة له ولأولاده القصر وزوجته السيدة/ ....، والسيدة/ ..... (1 سهم) و(11 قيراط) و(115 فدان) منها مساحة (25) فدان مملوكة لزوجته السيدة/ ....، وبتاريخ 18 من أكتوبر سنة 1970 تقدم المدعي بطلب تعديل للإقرار المذكور طلب فيه استبعاد مساحة (25) فداناً المملوكة لزوجته.... بالميراث الشرعي عن والدها المرحوم/ ..... و(12 قيراط)، و(1 فدان) مملوكة للمدعي في هذه التركة - لوجود هذه الأطيان تحت الحراسة القضائية، ولوجود نزاع حول ملكيتها، ولعدم معرفة حدود ومواقع هذه الأطيان لعدم وضع يده عليها مطلقاً، ولأنها شائعة في جميع تركة المرحوم..... التي تبلغ مساحتها (365) فداناً متعددة الأحواض والحدود ولتعدد الورثة، وأضاف المدعي أنه نظراً لأنه قد حدث تغيير في تركته وأن الملكية حول الأطيان المملوكة له ولزوجته/ ...... في تركة المرحوم/ ...... والبالغ مجموعها (12 قيراط) و(26 فدان) لا زالت منظورة أمام القضاء حيث إن المدعى عليهن الأخيرات ينازعن في الملكية ومقام بشأن هذا النزاع الدعوى رقم 307 لسنة 1971 مدني كلي قنا لا زالت متداولة بالجلسات، فقد تقدم المدعي في 22 من نوفمبر سنة 1977 بطلب لتصحيح الأوضاع واستبعاد هذه الأطيان من ملكيته حتى تستقر الملكية - إذ أن المدعى عليهن الأخيرات يدعين ملكية هذه الأطيان بطريق الشراء من المورث بموجب عقد بيع مؤرخ أول ديسمبر سنة 1942. وقدم المعترض إلى اللجنة القضائية حافظة مستندات حويت على ما يأتي:
1 - صورة رسمية طبق الأصل من الحكم الصادر في الاستئناف رقم 241 لسنة 1970 استئناف قنا بجلسة 3 من يناير سنة 1970 والذي قضى بعزل الحارسين المعينين بالحكم رقم 758 لسنة 1957 مدني مستعجل دشنا وتعيين حارس بدلاً منهما على تركة المرحوم.........
2 - صورة رسمية طبق الأصل من عريضة الدعوى رقم 307 لسنة 1976 مدني قنا المقامة من..... و..... و..... و.... ضمن باقي ورثة المرحوم/ ..... البالغ عددهم 46 وارثاً بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ أول ديسمبر سنة 1942 المنسوب صدوره من المورث عن معظم أطيان التركة.
3 - صورة رسمية من محضر الجلسة في القضية رقم 307 لسنة 1976 التي كانت منظورة بجلسة 27 من مايو سنة 1978 وتأجلت لجلسة 21 من أكتوبر سنة 1978 لتبادل المذكرات.
4 - صورة رسمية طبق الأصل من محضر جلسة 27 من أكتوبر سنة 1979 في القضية رقم 307 لسنة 1979 كلي قنا - وفيها حكمت المحكمة بانقطاع سير الخصومة لوفاة إحدى المدعى عليهم وهي.....
5 - صورة من صحيفة الاستئناف رقم 212 لسنة 56 القضائية المقام من بعض ورثة المرحوم...... طرفاً في الحكم الصادر في الدعوى رقم 307 لسنة 1976 والذي يدعون فيه أن المورث باع لهم معظم التركة.
6 - صورة رسمية من محضر جلسة محكمة استئناف قنا - الدائرة المدنية والتجارية استئناف رقم 212 لسنة 56 القضائية يوم 13 من مايو سنة 1983 والذي يفيد أن الاستئناف ما زال منظوراً بالجلسات، وقد قررت المحكمة في تلك الجلسة التأجيل لجلسة 15 من نوفمبر سنة 1983.
7 - صورة رسمية من محضر جلسة محكمة استئناف قنا في الاستئناف المذكور يوم 18 من يناير سنة 1984 وفيه قررت المحكمة التأجيل لجلسة 21 من مارس سنة 1984 لتصحيح شكل الاستئناف.
وقدم المعترض مذكرة بدفاعه طلب فيها إيقاف إجراءات الاستيلاء الواقعة على مساحة الـ (15 فداناً) لحين الفصل في الملكية بحكم نهائي.
كما قدم الحاضر عن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي مذكرة بدفاع الهيئة ضمنها أنه قد ورد كتاب جهاز الخبراء والقضايا رقم 62 في 6 من يناير سنة 1982.. تضمن أن المساحة المطلوب الاستيلاء عليها قبل زوجة الخاضع شائعة في تركة ورثة المرحوم والدها...... ومرفوع بشأنها عدة قضايا منظورة أمام المحاكم منذ سنة 1946 وأنها مشاعة في عدة قرى وعدة أحواض الأمر الذي لا يمنع ولا يحول دون الاستيلاء عليها من قبل الإصلاح الزراعي، وأضاف الحاضر عن الهيئة المذكورة أن اللائحة التنفيذية للقانون رقم 50 لسنة 1969 نصت في المواد 28، 29، 30، 31، 32، 33 على أن الفرز وتجنب نصيب الدولة في الأطيان الشائعة يجرى طبقاً للقانون المذكور، وأن اللجنة القضائية لا تختص بنظر فرز الأطيان الشائعة المستولى عليها والزائدة عن النصاب القانوني - واختتم مذكرته بطلب إصدار القرار بعدم اختصاص اللجنة القضائية بنظر هذا النزاع.
وبجلسة 18 من مارس سنة 1984 قررت اللجنة (الخامسة) - (أولاً) قبول الاعتراض شكلاً. (ثانياً) رفض الدفع بعدم اختصاص اللجنة القضائية وباختصاصها (ثالثاً) وفي الموضوع بإيقاف الاستيلاء على الأطيان موضوع الاعتراض لحين الفصل في الملكية وشيدت اللجنة قرارها برفض الدفع المقدم من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بعدم الاختصاص على أن الطلب المقدم من المدعي لا يتعلق بتوزيع مال شائع، ولكنه يتعلق بالاستيلاء، وبصريح نص القانون تختص اللجان القضائية بأمور الاستيلاء، كما أقامت قرارها بإيقاف إجراءات الاستيلاء على أن الثابت لدى اللجنة أن الأرض المطلوب إيقاف إجراءات الاستيلاء عليها تدخل ضمن أطيان مرفوع بشأنها مدينة منظورة أمام المحاكم، ولم يفصل فيها بعد، أي أن الملكية فيها لم تستقر سواء للمدعي أو لخصومه، والأصل أن تكون ملكية الأرض، المستولى عليها ثابتة للمستولى عليه.
ومن حيث إن حاصل أسباب الطعن أن اللجنة غير مختصة بنظر الاعتراض تأسيساً على أن الأطيان محل الاعتراض، وباعتراف المعترض ذاته بصحيفة اعتراضه شائعة في جميع تركة المرحوم.... وعدم وضع يد المعترض عليها لعدم معرفته حدودها وموقعها واللجان القضائية لا تختص بفرز الأطيان الشائعة، وبالإضافة إلى ذلك فإن اللجان القضائية لا تختص بإيقاف إجراءات الاستيلاء ذلك أنها - طبقاً للقانون - تختص بتحقيق الإقرارات التي تخص ملكية الأراضي المستولى عليها أو التي تكون محلاً للاستيلاء، كما أنه بفرض اختصاصها بنظر الاعتراض فإن الأطيان المذكورة قد آلت إلى المعترض وزوجته بالميراث الشرعي وهي واقعة غير مجحودة وثابتة إلى أن يثبت عكسها، وأضاف الطاعن أن القدر الزائد المستولى عليه قد تعلق به حق الإصلاح الزراعي ووجب الاستيلاء عليه نفاذاً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم الاختصاص المقدم من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بمقولة أن الأطيان محل الاعتراض شائعة في جميع تركة المرحوم...... ولم يضع المعترض يده عليها واللجان القضائية لا تختص بفرز الأطيان الشائعة، وأن هذا الدفع في غير محله، ذلك أن الثابت أن المنازعة مثار الطعن الماثل لا تتعلق بفرز نصيب المعترض أو زوجته الشائع في تركة المرحوم/ ...، وإنما تدور أساساً حول إيقاف إجراءات الاستيلاء إلى أن يستقر أمر ملكية هذه الأطيان بحكم نهائي، وهذه المسألة مما تختص بنظره اللجان القضائية على اعتبار أنه يلزم للاستيلاء على أطيان الخاضع أن تكون ملكيته لها مستقرة ولا ينازعه فيها أحد وهو الأمر الذي لا يتوافر بالنسبة للمساحة من الأطيان المقدم بشأنها الاعتراض.
ومن حيث إن الثابت من المستندات المقدمة من المعترض أمام اللجنة القضائية أن السيدات/ ....، و....، و....، و.... أقمن الدعوى رقم 307 لسنة 1976 مدني كلي قنا ضد ورثة المرحوم/ ..... ومنهم السيد/ ..... مدعين أنه بمقتضى عقد بيع ابتدائي مؤرخ أول ديسمبر سنة 1942 باع المرحوم..... أطياناً قدرها (20 سهم) و(1 قيراط) و(312 فدان). وماكينة وعقارات مساحتها (1599.28 متراً مربعاً) وأنه قد قضى بصحة ونفاذ هذا العقد بالنسبة لنصيب المدعى عليهما الأول والثاني في الدعوى رقم 393 لسنة 1946 مدني كلي قنا وتأيد هذا الحكم في الاستئنافين رقمي 26 لسنة 26 القضائية أسيوط، 253 لسنة 26 القضائية أسيوط - وإذ قضى في هذه الدعوة بجلسة 28 من مارس سنة 1981 برفضها، فقد أقام ورثة السيدات المذكورات الاستئناف رقم 312 لسنة 56 القضائية ضد ورثة المرحوم/ .... ومنهم السيد/ ..... (المعترض) والذي ما زال متداولاً بالجلسات لم يصدر فيه حكم بعد على ما يبين من محاضر الجلسات المقدم صورها الرسمية من المعترض.
ومن حيث إن المستفاد مما تقدم أن هناك ثمة منازعة قضائية بين ورثة المرحوم/ .... ومنهم المعترض حول ملكية الأطيان المتروكة من المورث المذكور فقد ادعى بعض الورثة أنه قد اشترى هذه الأطيان من المورث عام 1941 وهو ما لا يسلم به باقي الورثة ومنهم المعترض ولم يصدر حتى الآن حكم نهائي بشأن هذه المنازعة، وهو ما لا تنكره الهيئة العامة للإصلاح الزراعي فقد أقرت الهيئة المذكورة في المذكرة المقدمة منها إلى اللجنة القضائية في 23 من فبراير سنة 1984.. أن المساحة المطلوب الاستيلاء عليها قبل زوجة الخاضع شائعة في تركة المرحوم والدها/ ..... ومرفوع بشأنها عدة قضايا منظورة أمام المحاكم منذ سنة 1948، لذلك، ونظراً لأن الأصل في الاستيلاء أن يكون على أطيان مملوكة للخاضع وهو ما لم يتحقق حتى الآن طالما لم يصدر حكم نهائي بعد، فإنه يتعين إيقاف إجراءات الاستيلاء إلى أن يقول القضاء كلمته - بحكم نهائي - حول ملكية الأطيان محل الاعتراض.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه قد ذهب هذا المذهب فيكون قد أصاب وجه الحقيقة في الواقع والقانون ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس سليم متعيناً رفضه وإلزام الهيئة الطاعنة المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه، وألزمت الهيئة الطاعنة المصروفات.