مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 684

(106)
جلسة 23 من يناير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد المهدي مليحي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة جودة محمد أبو زيد وصلاح عبد الفتاح سلامة وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد المنعم رفاعي عمارة المستشارين.

الطعن رقم 2653 لسنة 30 القضائية

استثمار مال عربي وأجنبي - تراخيص المشروعات الاستثمارية - شروط إلغاء الترخيص.
القانون رقم 43 لسنة 1974 بإصدار قانون نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة.
أناط المشرع بمجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار الموافقة على إنشاء المشروع الاستثماري وعلى إنشاء منطقة حرة خاصة به وذلك بما يحقق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفقاً للسياسة العامة للدولة وخطتها القومية - جعل المشرع مجلس إدارة الهيئة السلطة المهيمنة على شئون تلك المشروعات وخوله إصدار القرارات اللازمة لذلك الأمر الذي يسبغ عليه اختصاصات أصيلاً سواء في منح الترخيص ابتداء أو في مراقبة تنفيذه بعدئذ أو إلغائه في ضوء الغرض الذي قام عليه المشروع الاستثماري أو المنطقة الحرة - مؤدى ذلك - اختصاص مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار بإلغاء ترخيص المشروع إذا خالف الأغراض المحددة له - لا يكفي لإصدار قرار بإلغاء الترخيص للمشروع مجرد مخالفته لأية أحكام قانونية بصرف النظر عن مجالها وإنما يلزم أن تكون المخالفة قد نالت من ذات الاستثمار بما يناقض أغراض الهيئة وأهداف المشروع أو المنطقة الحرة - سلطة مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار في هذا الشأن هي سلطة تقديرية لا معقب عليها إلا في حالة إساءة استعمالها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 19 من يوليه سنة 1984، أودع الأستاذ...... المحامي بصفته وكيلاً عن الهيئة العامة لاستثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2653 لسنة 30 القضائية ضد السيد/ .....، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" بجلسة 24 من مايو سنة 1984 في الدعوى رقم 5344 لسنة 37 القضائية والقاضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وطلبت الهيئة الطاعنة، للأسباب المبينة في تقرير الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء هذا الحكم وبإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم أولاً بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وثانياً بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء هذا الحكم وبرفض طلب وقف التنفيذ وثالثاً بإلزام المطعون ضده المصروفات. وعين لنظر الطعن جلسة 5 من نوفمبر سنة 1984 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، وتداول بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر حتى قررت الدائرة بجلسة 18 من مارس سنة 1985 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات" لنظره بجلسة 4 من مايو سنة 1985، وتداول بالجلسات على الوجه المبين في المحاضر حتى قررت المحكمة بجلسة 5 من ديسمبر سنة 1987 إصدار الحكم بجلسة 26 من ديسمبر سنة 1987، وفيها تقرر التأجيل إدارياً لجلسة 16 من يناير سنة 1988 حيث تقرر مد أجل الحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، في أنه بتاريخ 22 من أغسطس سنة 1983 أقام السيد/ ..... الدعوى رقم 5344 لسنة 37 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد كل من السيد نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بصفته الممثل القانوني للهيئة والسيد وزير الاستثمار والتعاون الدولي بصفته رئيساً لمجلس إدارة الهيئة. وطلب الحكم أولاً بقبول الدعوى شكلاً، وثانياً بوقف تنفيذ القرار رقم 105 - 18 - 83 الصادر من الهيئة في 26 من يونيه سنة 1983 بإلغاء ترخيص إنشاء المنطقة الحرة الخاصة لمصنع موصيلاي للغزل والنسيج بمصر الجديدة وبعد سريان أحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 على هذا المشروع من تاريخ صدوره، وثالثاً بإلغاء هذا القرار، ورابعاً بتعويضه تسعة ملايين جنيهاً، وخامساً بإلزام المدعى عليهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وذكر المدعي أن الهيئة أصدرت قراراً في 20 من مايو سنة 1973 بالترخيص في إنشاء منطقة حرة خاصة لمصنع موصيلاي الذي يملكه، ثم أصدرت في 26 من يونيه سنة 1983 القرار المطعون فيه، وعلم به مصادفة قبل إعلانه إليه في 21 من أغسطس سنة 1983 فتظلم منه في أول أغسطس سنة 1983 إلى السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة ولم يتلق رداً على تظلمه، فرفع دعواه طعناً على هذا القرار لأنه أولاً مشوب بعيب عدم الاختصاص إذ أن القانون رقم 43 لسنة 1974 بنظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة لم يخول مجلس إدارة الهيئة حق إلغاء الترخيص، وثانياً مشوب بعيب مخالفة القانون لأن القانون المشار إليه لم ينص على إلغاء الترخيص إلا في المادة 27 التي جعلت سحب الترخيص جزاء عدم البدء في المشروع خلال مدة معينة ولأن الظروف المحيطة بصدور القرار المطعون فيه تدل على أنه عقوبة عن المخالفات التي نسبتها الهيئة إلى المدعي، وثالثاً مشوب بالانحراف في السلطة بالنظر إلى تلك الظروف. وعقبت الهيئة على الدعوى بأن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة انتهت إلى أنه يجوز لمجلس إدارة الهيئة إلغاء الترخيص بسبب المخالفات التي ارتكبها، وبناء عليه صدر القرار المطعون فيه مستهدفاً تحقيق المصلحة العامة حتى لا يستمر المشروع في هذه المخالفات الثابتة في حقه وهي (1) عدم سداد تكاليف مندوب الهيئة عن وردية واحدة وقيمتها 813 مليماً و11933 جنيهاً رغم المطالبات العديدة التي وجهت إليه وأخرها في 8 من مارس سنة 1982. (2) عدم سداد تكاليف حراسة أمن المواني والمتواضعة على تعيينها في الموقع. (3) تعريف المنتجات في السوق المحلية دون موافقة الهيئة أو سداد الرسوم الجمركية، فقد صرف أقمشة مختلفة بوزن 23.720 طناً بأطوال 72275 متراً وأقمشة فضلات بوزن 16.7 طناً بأطوال 4938 متراً ومخلفات بوزن 12.7 طناً مع فروق وزن بين الصادرات والواردات وزنها 50.58 طناً عن عام 1980. (4) التشغيل لحساب الغير دون موافقة الهيئة أو سداد الرسوم المستحقة، فقد شغل 300 ألف متر وقيمتها 270 ألف جنيه لشركة القاهرة للصباغة والتجهيز وصنع 150 ألف متر من قماش الصنفرة للشركة المصرية للصناعات الميكانيكية الدقيقة، وصنع للخارج 100 ألف متر قيمتها 97500 دولار أمريكي بمقتضى عقد مؤرخ أول يناير سنة 1981. (5) عدم سداد الرسوم المستحقة للهيئة على صادراته ومقدارها في 4 من نوفمبر سنة 1982 مبلغ 45587.88 دولاراً أمريكياً و2865 ماركاً ألمانياً و7520.85 جنيهاً استرلينياً. (6) عدم سداد ضريبة الإقرارات الشهرية للمرتبات والأجور. (7) عدم تمكين ممثلي الجهات الحكومية وهي الرقابة الصناعية والجمارك والضرائب والهيئة من أداء مهامهم في المشروع. (8) إصدار شيكات بدون رصيد سداداً لمستحقات هيئة التأمينات الاجتماعية وعدم السداد إلا بعد اتخاذ إجراءات البيع الجبري. (9) تخصيص مخزن داخل المنطقة الحرة الخاصة لصالح أحد البنوك دون مرافقة الهيئة. (10) وقائع تشكيل تهريباً جمركياً ومخالفات استيرادية تتولى نيابة الشئون المالية والتجارية تحقيقها في القضية رقم 119 لسنة 1980. وقضت محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" في جلسة 24 من مايو سنة 1984 بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وأسست قضاءها على أنه طبقاً للقانون رقم 43 لسنة 1974 المشار إليه، يملك مجلس إدارة الهيئة سلطة إلغاء الموافقة على إنشاء المنطقة الحرة الخاصة إذا خرج المشروع كلية في مجموع نشاطه أو غالبيته عن أهداف قيامه أو عن أغراض وجود المنطقة الحرة الخاصة، فلا تكفي المخالفات العادية المتوقعة أو المتصور حدوثها ما دامت لا تخرج المشروع عن هذه الأهداف أو الأغراض، وهو ما يصدق على المخالفات التي قام عليها القرار المطعون فيه، ولأنها إما متصلة بالتزامات عقدية وإما محدودة الأهمية والخطورة وإما مكونة جرائم جنائية تولت النيابة العامة أمرها ولا يوجد ما يدل على الإدانة فيها.
ومن حيث إن الطعن بني على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لأن الداعي لإلغاء الترخيص تحقق بارتكاب المشروع مخالفات لأحكام الترخيص الصادر له بمزاولة نشاطه في المنطقة الحرة الخاصة به، مثل مخالفة المادة 4 من الترخيص بعدم سداد تكاليف مندوب الهيئة وتكاليف حراسة أمن المواني، ومخالفة المادة 9 من الترخيص بالتشغيل لحساب شركات من القطاعين العام والخاص، وهي مخالفات تعتبر إخلالاً خطيراً بالأهداف والأوضاع التي حصل بمقتضاها على الترخيص وتشكل انحرافاً عن الأغراض المقصودة من المنطقة الحرة الخاصة، فليس يشترط خروج المشروع كلية في مجموع نشاطه أو غالبيته عن أهداف قيامه أو عن أغراض وجود المنطقة الحرة الخاصة وإلا كان هذا قيداً وحجراً على سلطة الهيئة في الإشراف والرقابة والمتابعة للمشرعات التي وافقت عليها، وهو ما رأته الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة في 4 من مايو سنة 1983.
ومن حيث إنه بالاطلاع على نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974، يبين أنه قضى في المادة 3 بأن يكون هذا الاستثمار لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية في إطار السياسة العامة للدولة وخطتها القومية، ونص في المادة 25 على أن الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة هيئة عامة لها شخصية اعتبارية ويكون مجلس إدارتها هو السلطة المهيمنة على شئونها وتصريف أمورها ووضع السياسة العامة التي تسير عليها واتخاذ ما يراه لازماً من القرارات لتحقيق أغراضها ويقوم نائب رئيس مجلس الإدارة بإدارتها وتصريف شئونها وتمثيلها أمام القضاء وأمام الغير، وعقد في المادة 27 لمجلس الإدارة سلطة الموافقة على طلبات الاستثمار وقضى فيها بسقوط هذه الموافقة إذا لم يقم المستثمر باتخاذ خطوات جدية بتنفيذها خلال ستة أشهر من صدورها ما لم يقرر مجلس الإدارة تجديدها للمدة التي يراها، وأجاز في المادة 30 لمجلس إدارة الهيئة إصدار قرار بإنشاء مناطق حرة خاصة تكون مقصورة على مشروع واحد، وجعل في المادة 31 مجلس إدارة الهيئة هو السلطة العليا المهيمنة على شئون المناطق الحرة ووضع السياسة العامة التي تسير عليها واتخاذ ما يراه لازماً من القرارات لتحقيق أغراضها، وخوله فيها على الأخص الإشراف على المناطق الحرة الخاصة، وجعل في المادة 34 الترخيص في شغل المنطقة الحرة شخصياً لا يجوز التنازل عنه كلياً أو جزئياً أو إشراك الغير فيه إلا بموافقة الجهة التي أصدرته. كما أنه باستقراء اللائحة التنفيذية لهذا القانون والصادرة بقرار وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادي رقم 375 لسنة 1977، يتضح أنها أوجبت في المادة 24 على المشرعات الموافق عليها من الهيئة الالتزام بالشروط والأهداف الأساسية التي تضمنتها طلبات الاستثمار المقدمة منها والتي حصلت الموافقة عليها، وقررت فيها عرض الأمر على مجلس الإدارة في حالة عدم الالتزام بالشروط أو الخروج عن الأهداف المحددة في الموافقات. ومفاد هذا أن القانون رقم 43 لسنة 1974 أناط بمجلس إدارة الهيئة الموافقة على إنشاء المشروع الاستثماري وعلى إنشاء منطقة حرة خاصة له وذلك بما يحقق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفقاً للسياسة العامة للدولة وخطتها القومية، وجعله السلطة المهيمنة على شئون المشروعات الاستثمارية والمناطق الحرة، وخوله إصدار القرارات اللازمة لذلك، الأمر الذي يسبغ عليه اختصاصاً أصيلاً سواء في منح الترخيص ابتداء أو مراقبة تنفيذه بعدئذ أو إلغائه انتهاء على أساس من الغرض الذي قام عليه المشروع الاستثماري أو المنطقة الحرة الخاصة وفقاً للسياسة التي رسمتها الهيئة للاستثمار عامة وللمناطق الحرة خاصة تحقيقاً لأهداف التنمية في إطار السياسة العامة للدولة وخطتها القومية، فكما أن لمجلس الإدارة حق إصدار الترخيص ابتداء صدوراً عن تحقق مناطه، فإن له أيضاً حق إلغاء هذا الترخيص انتهاء تبعاً لتخلف هذا المناط، إذ حرص القانون رقم 43 لسنة 1974 في المادة 25 على إطلاق سلطة مجلس الإدارة في إصدار القرارات اللازمة لتحقيق أغراض الهيئة بصفة عامة، كما حرص في المادة 31 على تخويله سلطة إصدار القرارات اللازمة لتحقيق الأغراض المستهدفة من المناطق الحرة بصفة خاصة، ومصداقاً لهذا قضت اللائحة التنفيذية له في المادة 24 بأنه في حالة عدم الالتزام بالشروط والأهداف الأساسية التي تضمنها طلب الاستثمار وحصلت الموافقة بناء عليها يعرض الأمر على مجلس الإدارة، وهذا الغرض يستهدف منه بداهة النظر في هذا الخروج وإصدار القرار اللازم حياله، وهو قرار قد يصل إلى حد إلغاء الترخيص برمته إذ ثبت أن المشروع الاستثماري تنكب الأغراض المحددة له أو المستهدفة من المنطقة الحرة الخاصة له أو الأهداف المنشودة من الهيئة بأن وقعت منه مخالفة أو مخالفات تأباها هذه الأغراض والأهداف كمناط للترخيص ابتداء وبناء على نحو ما يقدره مجلس الإدارة دون صلف أو عسف. فلا يكفي لإصدار هذا القرار مجرد مخالفة المشروع لأية أحكام قانونية بصرف النظر عن مجالها، وإنما يلزم أن تكون المخالفة قد نالت من ذات الاستثمار بما يناقض مبتغاة ممثلاً في أغراض الهيئة العامة وأهداف المشروع أو المنطقة الحرة خاصة وذلك حتى تستوي المخالفة مسبباً قانونياً في مجال الاستثمار لطي مظلته وحسر مزيته، وهو ما يترخص مجلس الإدارة في وزنه بمحض سلطته التقديرية التي لا معقب عليها إلا في حالة إساءة استعمالها. ولا يقدح في هذا القانون رقم 43 لسنة 1974 لم يفض في المادة 27 بسقوط الموافقة على طلب الاستثمار إلا في حالة عدم اتخاذ خطوات جدية بتنفيذها خلال ستة أشهر من صدورها ما لم يقرر مجلس الإدارة تجديدها للمدة التي يراها، لأن هذه المادة تناولت حالة عدم تنفيذ الترخيص على هذا النحو وقررت سقوطه بما يتسق وعدم التنفيذ أصلاً، وبذا لا تنبسط دلالته إلى ما قد يعرض بعد التنفيذ من دواعي إلغاء الترخيص قانوناً. وعلى هذا فإن مجلس إدارة الهيئة يملك إلغاء الترخيص السابق صدوره بإنشاء المشروع الاستثماري أو بإنشاء منطقة حرة خاصة له، إذا ثبت ارتكابه مخالفة أو مخالفات للأغراض المحددة للمشروع أو للمنطقة الحرة وبالتالي لأهداف الهيئة في مجال الاستثمار والمناطق الحرة وذلك بمحض سلطته التقديرية في وزن خطورتها تلمساً لتحقيق الصالح العام.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أنه في 20 من مايو سنة 1973 أصدر مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة قراراً بالموافقة على طلب المطعون ضده إقامة مشروع استثماري باسم مشروع "موصيلاي" لتجهيز الأنسجة القطنية وتحويلها إلى شمواه وفرو صناعي. كما أصدر في 2 من يونيه سنة 1974 قراراً بالترخيص للمشروع في شغل منطقة حرة خاصة في المنطقة الصناعية بمصر الجديدة، وتضمن الترخيص الأخير أحكاماً منها أنه ترخيص شخصي ولا يجوز التنازل عنه كلياً أو جزئياً أو إشراك الغير فيه ويلتزم صاحبه بدفع أجور ومرتبات الموظفين الذين تكلفهم الهيئة بالعمل في المنطقة الحرة الخاصة وبعدم إدخال أو إخراج أية أدوات أو مهمات أو منتجات إلا بحضور مندوبي الهيئة وبمراعاة أحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 ولائحته التنفيذية والتعليمات والقرارات التي تصدرها الهيئة. ونسبت الهيئة إلى المشروع في المنطقة الحرة الخاصة له ارتكاب عدة مخالفات. وبناء على هذه المخالفات قرر مجلس الإدارة إلغاء قراره بإنشاء منطقة حرة خاصة للمشروع وعدم سريان أحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 عليه. وصدر بذلك القرار رقم 105 - 18 - 83 في 26 من يونيه سنة 1983. وباستعراض الواقعات المشكلة للمخالفات المشار إليها حسب ظاهر الأوراق وبالقدر اللازم للفصل في طلب وقف التنفيذ، يتضح أن منها أولاً ما لا يقتصر على مجال الاستثمار وحده بل يعرض في مختلف المجالات على السواء باعتباره خروجاً عن أحكام قانونية عامة التطبيق وتتسنى مواجهته طبقاً لما مثل الواقعات الخاصة بعدم سداد مبالغ معينة، وثانياً ما يحدث في مجال الاستثمار وحده ولكن دون أن ينال من أغراض المشروع أو المنطقة الحرة الخاصة له أو أهداف الهيئة مثل مجرد الاعتراض على تعيين حراس المواني طالما للهيئة حق الالتفات عنه بل واتخاذ ما يقتضي التمكين لهم من مباشرة مهامهم إن لزم الأمر، وثالثاً ما يتعلق بالاستثمار خاصة ويتصل بالأغراض والأهداف المتقدمة مثل واقعة تخصيص مخزن داخل المنطقة الحرة الخاصة لأحد البنوك إذ تصور الهيئة هذه الواقعة بأنها إشراك للغير في الترخيص وهو أمر محظور، في حين أن دفاع المطعون ضده قائم على أن هذه الواقعة تتمثل في رهن لصالح البنك جائز قانوناً ولا تقطع الأوراق المقدمة بحسب الظاهر منها بالوجه الصحيح لهذه الواقعة، ومثل واقعة التشغيل لحساب الغير فإنه علاوة على أنها تدخل حسب الظاهر من الأوراق ضمن المخالفات التي تشكل وقائع التهريب الجمركي والمخالفات الاستيرادية والنقدية المطروحة أمام الجنح المستأنفة فإن هناك موافقة من الهيئة للمطعون ضده سابقة على 3 من نوفمبر سنة 1980 لتصنيع أقمشة الصنفرة لشركة سابي وكذلك واقعات تصريف المنتجات في السوق المحلية وغيرها مما يشكل جرائم جنائية تحققها النيابة العامة حيث لم تقدم الهيئة ما يفيد صدور أحكام نهائية في الواقعات موضوع القضية رقم 119 لسنة 1980 التي أشارت إليها في تعقبها على الدعوى خاصة وأن الظاهر مما قدمه المطعون ضده، ولم تجحده الهيئة، أن الحكم الصادر بإدانته في القضية رقم 2 لسنة 1985 جنح شئون مالية بجلسة 19 من فبراير سنة 1985 تم استئنافه وبذا أوقفت حجيته طبقاً للقاعدة المقررة في المادة 466 من قانون الإجراءات الجنائية وقضت محكمة جنوب القاهرة للجنح المستأنفة في جلسة 7 من مارس سنة 1987 أولاً بقبول الاستئناف شكلاً. وثانياً قبل الفصل في الموضوع بندب لجنة على مستوى عال لتقديم تقرير في المخالفات المنسوبة إلى المطعون ضده نظراً لأن وقائع الدعوى ومستنداتها غير كافية لتكوين عقيدة المحكمة وجرى التأجيل بعدئذ أكثر من مرة حتى 9 من يناير سنة 1988 كي تقدم اللجنة المنتدبة تقريرها، وبذلك لم يتم بعد القطع بثبوت هذه الواقعات حسب الظاهر من الأوراق المقدمة وبالقدر اللازم للفصل في الطلب المستعجل دون خوض في الموضوع أو ثبر لغوره أو مساس بأصله، ومن ثم فإنه لا مندوحة من وقف تنفيذ القرار المطعون فيه على نحو ما جرى به منطوق الحكم محل الطعن، وبالتالي فإنه يتعين الحكم برفض الطعن وإلزام الهيئة الطاعنة المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الهيئة الطاعنة بالمصروفات.