مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 698

(108)
جلسة 23 من يناير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي وجودة محمد أبو زيد وفاروق عبد الرحيم غنيم والسيد عبد الوهاب أحمد المستشارين.

الطعن رقم 1191 لسنة 31 القضائية

دعوى - الحكم في الدعوى - الطعن على الحكم - التنازل عن الطعن.
تنوب هيئة قضايا الدولة عن الدولة بكامل شخصياتها الاعتبارية العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها - هذه النيابة القانونية لا تمنع أياً من الأشخاص الاعتبارية العامة من أن تبدي ما تراه من دفوع أو دفاع باعتبارها صاحب الحق الأصيل في رفع الدعوى أو الدفاع عن نفسها في الدعوى المرفوعة عليها - قيام هيئة قضايا الدولة باسم الشخص الاعتباري بالطعن على حكم في دعوى أقامها الشخص الاعتباري وصدر فيها حكم ولم يطلب الشخص الاعتباري من هيئة قضايا الدولة الطعن على الحكم - إذا قامت الهيئة بالطعن فإنه يكون قد أقيم على غير إرادة الشخص الاعتباري - إذا طلب الشخص الاعتباري تنازله عن الطعن فلمحكمة الطعن أن تجيبه إلى طلبه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 2/ 3/ 1985 أودعت إدارة قضايا الحكومة (هيئة قضايا الدولة) بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 1191 لسنة 31 ق طالبة الحكم بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يتم الفصل في الطعن مع إلزام المطعون ضده بمصاريف وأتعاب هذا الطلب ثم إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أولاً: بالنسبة للقرار الثاني المطعون عليه (قرار اللجنة الوزارية العليا الصادر في 30/ 11/ 1983) بصفة أصلية بعدم قبول الطعن على هذا القرار لانتفاء وجود القرار الإداري النهائي وبصفة احتياطية برفض طلب وقف نفاذ هذا القرار، ثانياً: بالنسبة للقرار الثالث المطعون عليه (قرار اللجنة العليا للسياسات الصادر في 24/ 1/ 1984 برفض طلب نفاذ هذا القرار مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي في أية حال.
وقد أعلن الطعن قانوناً وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعي وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات.
وقد نظرت دائرة فحص الطعون الطعن بجلسة 3/ 2/ 1986 وتداول نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 16/ 11/ 1987 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) التي حددت لنظره جلسة 12/ 12/ 1987. وفي هذه الجلسة الأخيرة نظرت المحكمة الطعن على الثابت بالمحضر وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم. وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قدم في الميعاد القانوني مستوفياً أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 3787 لسنة 38 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة في 28/ 4/ 1984 ضد كل من السادة رئيس مجلس الوزراء ونائب رئيس مجلس الوزراء للخدمات رئيس اللجنة العليا لمتابعة إجراءات الرقابة على المواد الغذائية الواردة من الخارج بصفته الرئيس الأعلى للجمارك ووزير الاقتصاد والتجارة الخارجية ووزير التموين ووزير الصحة ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للسلع التموينية ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات طالباً الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار الامتناع عن الإفراج عن رسالة المسلي المستورد بمعرفة الشركة التي يمثلها المدعي وقرار الامتناع عن تنفيذ قرار الجنة العليا لمتابعة إجراءات الرقابة على المواد الغذائية الواردة من الخارج والصادر في 30/ 11/ 1983 وقرار الامتناع عن تنفيذ قرار اللجنة العليا للسياسات الصادر في 24/ 1/ 1984 وفي الموضوع بإلغاء القرارات المطعون فيها مع تعويض المدعي بمبلغ 150 ألف جنيه عن الأضرار التي حاقت به من جراء صدور هذه القرارات مع إلزام المدعى عليهم (الطاعنين) متضامنين بمصروفات الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة. وقال المدعي شرحاً لدعواه إن الشركة التي يمثلها حصلت في 6/ 3/ 1983 على موافقة استيرادية لكمية من المسلي الصناعي من هولندا. ووصلت الرسالة إلى الإسكندرية على دفعتين الأولى في 17/ 10/ 1983 والثانية في 18/ 11/ 1983 ووافقت كل من وزارة الصحة والطب البيطري على الإفراج على الرسالة إلا أن الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات رفضت الرسالة لارتفاع درجة الانصهار عن الحد المقرر. وبعرض الموضوع على اللجنة العليا لمتابعة إجراءات الرقابة على المواد الغذائية الواردة من الخارج بتاريخ 30/ 11/ 1983 انتهت أن المشكلة ليست في درجة انصهار هذه المواد وقررت ما يلي: أولاً: منع استيراد الدهون الحيوانية 100% التي تستورد بغرض الاستهلاك المباشر لخطورتها على الصحة العامة وأن ما يتم استيراده فقط هو الشحوم الحيوانية لغرض التصنيع والخلط مع الزيوت النباتية وفي عبوات ليست للاستهلاك المباشر. ثانياً: الكميات التي بالمواني والتي لم يفرج عنها من هذا الصنف وكذلك الكميات التي فتحت اعتماداتها أو التي في الطريق إلى مصر لا يسمح بطرحها في السوق للاستهلاك المباشر بل لا بد من إعادة تصنيعها بخلطها بالزيوت النباتية ويتم ذلك بتسليمها للتموين على نفقة القطاع الخاص حتى يتم تسليمها للصناعة لإعادة خلطها وتهيئتها قبل طرحها في السوق للمستهلك مباشرة. وقد قامت الشركة من جانبها تنفيذاً لهذا القرار بإرسال كتاب في 14/ 12/ 1983 إلى الهيئة العامة للسلع التموينية لتنفيذ هذا القرار كما أرسلت في ذات التاريخ كتاباً إلى الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات التمست فيه الإفراج عن البضاعة تحت التحفظ لحين تسليمها لوزارة التموين لتخفيف أعباء التخزين والأرضيات، فوافقت على ذلك، إلا أن مصلحة الجمارك رفضت وعقب ذلك أعلنت الهيئة العامة للسلع التموينية قيامها بتنفيذ قرار 30/ 11/ 1983 وطلبت من المستوردين التقدم بمستنداتهم بالنسبة للمسلي الصناعي خلال موعد حددته، وخلال الموعد قدمت الشركة للهيئة مستنداتها، إلا أن الهيئة لم تنهض لإتمام إجراءات تنفيذ القرار. فقامت الشركة بتاريخ 11/ 2/ 1984 بإرسال كتاب إلى وكيل وزارة التموين ليرسل موافقة إلى الجمارك للإفراج عن البضاعة لتسليمها للهيئة. وفي 24/ 1/ 1984 عرضت مشكلة هذا النوع من المسلي على اللجنة العليا للسياسات فأصدرت قراراً بأن تتولى وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية إعداد دراسة عن الحالات التي يتم فيها استيراد دهون حيوانية نقية 100% عن طريق القطاع الخاص وملابسات كل حالة على حدة من خلاف أذون الاستيراد للتحقق من سلامة الإجراءات الاستيرادية فإذا تحقق حسن نية المستورد فيتم النظر في شراء الكمية المستوردة بالاتفاق مع وزير الصناعة. أما إذا تأكد سوء نية المستورد فتتخذ الإجراءات القانونية ضده. وقد أبدت الشركة موافقتها على تنفيذ هذا القرار بأن أبرقت إلى السيد وزير الاقتصاد بتاريخ 25/ 12/ 1984 تطلب منه إيجاد حل للمشكلة إلا أنه رد عليها في 11/ 3/ 1984 بأن الموضوع ما زال محل البحث. وأوضح المدعي أنه يبين مما سلف أن الشركة كانت ضحية للعديد من القرارات السلبية المخالفة للقانون والتي تتحصل في قرار الامتناع عن تسليم رسالة المسلي المذكورة وقرار وزارة الاقتصاد والصناعة بالامتناع عن تسلم الرسالة وقد ترتب على هذه القرارات بقاء الرسالة بمخازن المنطقة الحرة أكثر من ستة أشهر مما يعرضها للتلف ويكبد الشركة مصاريف فادحة يحق لها التعويض عنها. واستطرد المدعي قائلاً أن قرار مصلحة الجمارك السلبي بالامتناع عن الإفراج عن رسالة المسلي محل النزاع قد استند إلى ما قررته في شأن هذه الرسالة الهيئة العامة للرقابة على الصادرات وقد جاء القرار الأخير وليد إجراءات باطلة بالمخالفة لنص الفقرة الثانية من المادة 74 من اللائحة التنفيذية لقانون الاستيراد والتصدير التي نظمت فحص الواردات من الخارج وحددت لذلك إجراءات واجبة الاتباع وقد صدر قرار الهيئة دون احترام هذه الإجراءات. ولا يجوز الاستناد إلى قرار اللجنة العليا لمتابعة إجراءات الرقابة على المواد الغذائية الصادر في 30/ 11/ 1983 لتبرير قرار الامتناع عن الإفراج عن الرسالة لأنها وردت في ظل العمل بالقرار الوزاري رقم 1410 لسنة 1975 الذي كان يجيز استيراد المسلي الصناعي. وإذ صدر قرار اللجنة العليا يفيد هذا الاستيراد أو يمنعه فلا يجوز تطبيق هذا القرار بأثر رجعي. وأضاف المدعي أن قرار اللجنة العليا لمتابعة إجراءات الرقابة على المواد الغذائية وكذلك قرار اللجنة العليا للسياسات الصادرين لمعالجة ما تم استيراده من هذا النوع من المسلي هما من القرارات الملزمة الواجبة التنفيذ. وقد أبدت الشركة المستوردة الاستعداد الكامل لتنفيذهما إلا أن الجهات المعنية تقاعست عن ذلك مما يشكل قراراً سلبياً مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن مصلحة الجمارك ردت على الدعوى بأن المستورد لم يتقدم للجمارك بالمستندات اللازمة للإفراج عن الرسالة ومنها موافقة هيئة الرقابة على الصادرات والواردات وفقاً للاتفاق الذي تم بين وزارتي التموين والصناعة - وبذلك ما كان في مقدور الجمارك الإفراج عن الرسالة ونفت أن تكون قد ارتكبت من جانبها أي خطأ تسأل عنه بالتعويض وطلبت إخراجها من الدعوى. كما ردت الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات مبينة أن المدعي تقدم بطلب لفحص رسالة المسلي في 30/ 11/ 1983 وانتهت نتيجة الفحص إلى عدم صلاحيتها لارتفاع نسبة الانصهار إلى 42.5 درجة مئوية بالمخالفة للقرار الوزاري رقم 1410 لسنة 1975 الخاصة بالمسلي الصناعي وقررت رفض الرسالة ولم يتقدم خلال 48 ساعة من إبلاغه بقرار الرفض بتظلم لاستثنائها من المخالفة كما يقضي بذلك القرار الوزاري رقم 1036 لسنة 1978 وإذ لم يتقدم المدعي بتظلم من قرار رفض الرسالة وتقاعس عن طلب الاستثناء في الميعاد القانوني الأمر الذي يكشف عن أنه ارتضى القرار الصادر برفض الرسالة فيكون هذا القرار سليماً ومطابقاً للقانون وانتهت الهيئة إلى طلب رفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
كما قدمت وزارة التموين والتجارة الخارجية مذكرة بدفاعها أوضحت فيها الاتفاق الذي تم بين وزارة التموين ووزارة الصناعة بشأن المسلي الصناعي الموجود بالجمارك، وأوضحت أن هدف الدولة من منع استيراد المسلي الصناعي هو حماية الصحة العامة لما له من أضرار بالنسبة للمواطنين.
ومن حيث إن المدعي عقب بأن وزارة التموين لم تبين الأسباب التي استندت إليها في الامتناع عن تنفيذ قرار اللجنة العليا لمتابعة إجراءات الرقابة على المواد الغذائية الواردة من الخارج الصادر في 30/ 11/ 1983 فيما تضمنه من إلزام وزارة التموين بتسلم رسائل المسلي الصناعي رغم مخالفة هذا الامتناع لأحكام الدستور لأن هذا القرار بمثابة قرار من مجلس الوزراء يتعين على الوزارات تنفيذه طبقاً للمادة 156 من الدستور. وكذلك الشأن بالنسبة للقرار الصادر من اللجنة العليا للسياسات في 24/ 1/ 1984 والذي استهدف معالجة ما تم استيراده من هذا النوع من السلع وتأسيساً على ذلك يكون امتناع كل من وزارة التموين ووزارة الاقتصاد عن تنفيذ هذين القرارين قراراً سلبياً مخالفاً للقانون. ودفعت إدارة قضايا الحكومة بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن قرار رفض الإفراج عن رسالة المسلي قد صدر في 30/ 11/ 1983 وعلم به المدعي إبان سيره في إجراءات الإفراج عن الرسالة وكان يتعين عليه الطعن على هذا القرار خلال ستين يوماً من تاريخ عمله به وإذ تراخى في رفع الدعوى إلى 28/ 4/ 1984 فإنها تكون قد رفعت بعد الميعاد. وبالنسبة للطعن على قرار الامتناع عن تنفيذ قرار اللجنة العليا لمتابعة إجراءات الرقابة على المواد الغذائية الصادر في 30/ 11/ 1983 وقرار اللجنة العليا للسياسات الصادر في 24/ 1/ 1984 فإنه نظراً لخطورة رسالة الدهون الحيوانية التي استوردها المدعي على الصحة العامة فقد قررت اللجنة العليا لمتابعة إجراءات الرقابة على المواد الغذائية الواردة من الخارج بتاريخ 30/ 11/ 1983 عدم الإفراج عن هذا النوع من الدهون إلا طبقاً لإجراءات حددها هذا القرار والقرار الصادر من وزيري الصناعة والتموين. وإذ لم يسلك المدعي هذه الإجراءات فإن الجهة الإدارية المختصة ما كانت تملك الإفراج عن الرسالة ويكون امتناعها عن الإفراج عنها متفقاً والقواعد المعمول بها في هذا الشأن المزعوم بالإلغاء غير مقبول. وبالنسبة لطلب التعويض أوضحت المذكرة أنه وقد انتفى ركن الخطأ في مسلك الإدارة تجاه المدعي يكون طلب التعويض غير قائم على أساس سليم من القانون. واختتمت المذكرة أن عدم قبول دعوى الإلغاء يترتب عليه أن يصبح طلب وقف التنفيذ بدوره غير مقبول وطلبت الحكم بصفة أصلية بعدم قبول الدعوى شكلاً واحتياطياً برفض الدعوى بشقيها العاجل والموضوعي إلغاء وتعويضاً مع إلزام المدعي المصروفات. وبجلسة 1/ 1/ 1985 حكمت محكمة القضاء الإداري أولاً: بالنسبة للطعن في قرار الهيئة العليا للرقابة على الصادرات والواردات برفض رسالة المسلي الصناعي الخاصة بالمدعي بعدم قبول طلب وقف التنفيذ لرفعه بعد الميعاد وألزمت المدعي مصروفاته. ثانياً: بالنسبة للطعن في قرار الامتناع عن تطبيق قرار اللجنة العليا لمتابعة إجراءات الرقابة على المواد الغذائية في 30/ 11/ 1983 وقرار اللجنة العليا للسياسات في 24/ 1/ 1984 بقبول الدعوى شكلاً وفي الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما مع إلزام الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب. ثالثاً: بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتقدم تقريراًَ بالرأي القانوني في طلبي الإلغاء والتعويض. وشيدت المحكمة قضاءها بالنسبة لثانياً على أن قرار اللجنة العليا لمتابعة إجراءات الرقابة على المواد الغذائية الصادر في 30/ 11/ 1983 من القرارات التنظيمية العامة التي استهدفت حماية الصحة العامة وقد ألزم وزارتي التموين والصناعة بتنفيذهما. وقد تقدمت الشركة المدعية بالعديد من الطلبات لتنفيذ مقتضى هذا القرار دون جدوى مما يجعل امتناع هاتين الوزارتين عن اتخاذ الإجراءات المحددة في القرار المذكور مما يصم تصرفها بعيب مخالفة القانون. كما أن قرار اللجنة العليا للسياسات الصادر في 24/ 1/ 1984 يعتبر مكملاً للقرار الصادر من اللجنة العليا لمتابعة إجراءات الرقابة على المواد الغذائية المشار إليه ومتمماً للإجراءات الخاصة بكميات الدهون الحيوانية النقية 100% سواء التي بالمواني المصرية ولم يفرج عنها أو التي فتحت لها اعتمادات بالبنوك أو التي لا زالت في الطريق إلى المواني، ويكون الامتناع عن إعمال ما يقضي به هذا القرار بمثابة امتناع عن تنفيذ إجراءات يتعين اتخاذها قانوناً باعتبار أن تطبيق أحكام هذا القرار في شأن المدعي سيترتب عليه بالتبعية شراء الكميات التي استوردها.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك بالنسبة للبند ثانياً من الحكم. ذلك أن قرار اللجنة الوزارية العليا للرقابة على السلع الغذائية الواردة من الخارج لا يصبح نهائياً إلا بعد العرض على اللجنة العليا للسياسات للشئون الاقتصادية العامة للدولة التي تختص بالموافقة على قرار اللجنة الأولى أو تعديله حسبما تراه محققاً للسياسة الاقتصادية العامة للدولة. ولما كان القرار الإداري السلبي يفترض أن تكون جهة الإدارة ملزمة بإصدار قرار إيجابي طبقاً للقوانين واللوائح ثم تمتنع عن إصداره بالمخالفة لها. وإذ لا يعدو قرار اللجنة الوزارية العليا أن يكون توصية لدى اللجنة العليا للسياسات والشئون الاقتصادية ومن ثم فهو غير قابل للتنفيذ إلى أن يصدر القرار النهائي عن اللجنة الأخيرة الأمر الذي يترتب عليه عدم قبول الطعن على هذه التوصيات استقلالاً لأنها لا ترقى إلى مرتبة القرار الإداري النهائي وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك فقد خالف القانون ويتعين إلغائه. أما قرار اللجنة العليا للسياسات الاقتصادية الصادر في 24/ 1/ 1984 فإنه يتطلب إجراءات يتعين على المدعي اتخاذها. وهي تحديد موقفه من الرسالة المستوردة، وهل يرغب في إعادة تصديرها أو إعمال هذا القرار بشأنها وإذا كان يرغب في إعمال القرار المذكور فيتعين عليه إتمام عملية التخليص الجمركي والإفراج الصحي وفقاً لأحكامه، ثم يأتي بعد ذلك دور وزارة الاقتصاد لتقوم بالدراسة اللازمة في هذا الشأن والتي على ضوئها يتحدد موقف المدعي من عملية استيراده لهذه الرسالة وهل كان حسن النية أم سيئها بحيث إذا ثبت حسن نيته قامت وزارة التموين بدورها النهائي نحو تصفية هذه الصفقة وإعطاء المدعي حقوقه بعد أن يتم بيعها. وإذ كان الثابت أن المدعي لم يبادر باتخاذ الإجراءات الواجبة عليه فمن ثم لا يكون هناك امتناع من جانب جهة الإدارة في اتخاذ إجراءاتها ولا يشكل هذا الموقف قراراً إدارياً سلبياً كما ذهبت المحكمة في قضائها وانتهت الجهة الإدارية إلى طلب الحكم بطلباتها المنوه عنها بصدر هذا الحكم. وأثناء نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون قدمت الهيئة العامة للرقابة على الصادرات مذكرة طلبت فيها الحكم بإثبات تنازلها عن الطعن الماثل والمقام من إدارة قضايا الحكومة بدون مصروفات لانتفاء المصلحة بالنسبة للهيئة وبمقولة أنها باشرت دعواها أمام القضاء الإداري بمعرفة الإدارة القانونية دون قضايا الحكومة، وقد أقامت هذه الأخيرة الطعن بدون موافقتها ولا مصلحة لها فيه إذ أجيب طلبها برفض الحكم المطعون فيه ووقف تنفيذ القرار المطعون فيه. وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها أحالت فيها إلى ما جاء بردها على الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري وإلى أسباب الطعن في الحكم الصادر منها وصمت على طلباتها الواردة بصحيفة الطعن.
ومن حيث إن المطعون ضده أوضح أن مؤدى تنفيذ الحكم المستعجل المطعون عليه أن تقوم الدولة بتسلم رسالة المسلي الصناعي التي استوردها من الخارج وأن تؤدي الجهة الإدارية له قيمة هذه الرسالة وهذا ما حدث فعلاً، ولم يعد ممكناً ردها للمطعون ضده وبالتالي لم يعد لها مصلحة في المنازعة في الحكم المستعجل بعد أن تم تنفيذه فعلاً ولم يعد من الممكن من الناحية الواقعية أو الفعلية العدول عن ذلك وإعادة الحال إلى ما كانت عليه ومن ثم يدفع المطعون ضده بعدم قبول الطعن لانتفاء شرط المصلحة الذي يجب أن يستمر قائماً طوال مدة النزاع وإلا وجب الحكم بعدم قبولها - وفي الموضوع يستند المطعون ضده إلى ما جاء بتقرير مفوض الدولة للحكم برفض هذا الطعن من الناحية الموضوعية وما عسى أن تجده عدالة الطعن لانتفاء شرط المصلحة واحتياطياً برفضه مع إلزام الطاعنين المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إنه عن طلب الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات الحكم بإثبات تنازلها عن الطعن الماثل المقام من إدارة قضايا الحكومة بدون مصروفات فإن هيئة قضايا الدولة تنوب عن الدولة بكامل شخصياتها الاعتبارية العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها.. وهذه النيابة القانونية لا تمنع أياً من الأشخاص الاعتبارية العامة من أن تبدي ما تراه من دفوع أو دفاع باعتبارها صاحب الحق الأصيل في رفع الدعوى أو الدفاع عن نفسها في الدعوى المرفوعة عليها.. وإذ أقامت هيئة قضايا الحكومة الطعن باسم الهيئة دون طلب منها رغم قيام الأخيرة بمباشرة دعواها بنفسها أمام القضاء الإداري وعدم قيامها بنفسها بالطعن على الحكم المذكور ولم تطلب من قضايا الحكومة الطعن عليه، ومن ثم فإن الطعن بالنسبة للهيئة المذكورة يكون مقاماً على غير إرادتها وإذ طلبت إثبات تنازلها عنه فإن المحكمة تجيبها إلى طلبها بدون مصروفات.
ومن حيث إنه عن طلب المطعون ضده الحكم أصلياً بعدم قبول الطعن لانتفاء شرط المصلحة فإن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قام بتنفيذ الحكم المطعون عليه الصادر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار الامتناع عن تطبيق قرار اللجنة العليا لمتابعة إجراءات الرقابة على المواد الغذائية الصادر في 30/ 11/ 1983 وقرار اللجنة العليا للسياسات الصادر في 24/ 1/ 1984 وبذلك بتسليم رسالة المسلي المستوردة بمعرفة الشركة واسترداد قيمتها. وهذا التنفيذ الذي أوجبه القانون لا ينفي مصلحة الجهة الإدارية الطاعنة في الاستمرار في نظر الطعن لإلغاء الحكم المطعون فيه. ومن ثم يتعين رفض طلب المطعون ضده الحكم بعدم قبول الطعن لانتفاء شرط المصلحة.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن الثابت من الأوراق أن الشركة التي يمثلها المطعون ضده (شركة ميدابست للتجارة) وهي إحدى شركات القطاع الخاص قد حصلت في 6/ 3/ 1983 على موافقة استيرادية لكمية من المسلي الصناعي من هولندا ووصلت الرسالة إلى الإسكندرية في 17/ 10/ 1983 و18/ 11/ 1983 وقررت الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات رفض الرسالة لارتفاع درجة الانصهار إلى اثنين وأربعين درجة ونصف الدرجة بدلاً من أربعين درجة وذلك بالمخالفة للقرار الوزاري رقم 410 لسنة 1975 مادة (2) بند (2) وأخطرت الشركة برفض الرسالة بالإخطار رقم 7480 في 1/ 12/ 1983. فأرسلت إلى الهيئة المذكورة والهيئة العامة للسلع التموينية بتاريخ 14/ 2/ 1983 وإلى وزارة التموين في 9/ 1/ 1984 و11/ 2/ 1984 ووزارة الاقتصاد في 25/ 2/ 1984 و22/ 4/ 1984 لتسلم الرسالة المذكورة تطبيقاً لقرار اللجنة العليا لمتابعة إجراءات الرقابة على المواد الغذائية الواردة من الخارج والصادر في 30/ 11/ 1983. وقد استند رفض الرسالة المذكورة إلى ما تقضي به الفقرة (2) من المادة الثانية من قرار وزير التجارة رقم 1410 لسنة 1975 بالرقابة على المستورد من المسلي الصناعي التي تنص على اشتراط تراوح درجة الانصهار بين 36 - 40 درجة مئوية، ومن ثم كان على المطعون ضده أن يتخذ الإجراءات التي ينص عليها القانون في حالة رفض الرسالة المستوردة لمخالفته شروط الاستيراد والقرار الوزاري المذكور. فالرسالة كانت عند وصولها 17/ 10 و18/ 11/ 1983 مخالفة لشروط الاستيراد المقررة في ذلك الحين وذلك كله قبل قرارات اللجان الوزارية التي يستند إليها المطعون ضده. فقد عرض موضوع المسلي الصناعي (دهون حيوانية 100%) على اللجنة الوزارية العليا لمتابعة إجراءات الرقابة على المواد الغذائية الواردة من الخارج بجلسة 30/ 11/ 1983 وبعد المناقشات التي دارت بين أعضاء اللجنة على النحو الوارد بمحضر الاجتماع والتي توضح أن المواصفات العالمية تفيد أن درجة الانصهار في هذا النوع قد تصل إلى 48 درجة مئوية وأن ذلك ليس لب المشكلة ولكن المشكلة في تأثير هذا النوع من الدهون في رفع نسبة الكولسترول في جسم الإنسان مع الوقت وفي الآن البعيد. وفي ضوء ما دار من مناقشات وما أبدي من آراء وما تبين للجنة من أن المشكلة ليست في درجة انصهار هذه الشحوم بل هو في تأثير هذا النوع على زيادة نسبة الكولسترول في جسم الإنسان قررت اللجنة أولاً: منع استيراد الدهون الحيوانية النقية 100% لغرض الاستهلاك المباشر لخطورتها على الصحة العامة وقصر استيراد هذا النوع لأغراض التصنيع فقط. ثانياً: الكميات التي بالمواني والتي لم يفرج عنها من هذا النوع.. لا يسمح بطرحها في السوق للاستهلاك المباشر بل لا بد من تسليمها لوزارة التموين لتقوم بالتنسيق مع وزارة الصناعة باتخاذ إجراءات إعادة تصنيعها وخلطها بالزيوت النباتية لإنتاج مسلي صناعي وفقاً للمعايير المقررة، وعلى أن تقوم وزارة التموين بمحاسبة مستوردي القطاع الخاص على التكلفة الاستيرادية للرسائل التي يتسلمها منهم حتى وصولها للمواني المصرية أو مخازن المستوردين. وواضح أن الدهون المشار إليها في ثانياً كان المقصود بها تلك التي وردت مطابقة لشروط الاستيراد المقررة عن استيرادها والتي كانت على هذا الوجه جائزاً استيرادها في ذلك الحين وأصبح ذلك غيرها تطبيقاً للبند الأول من قرار اللجنة فتخضع للبند الثاني نفسه ولا يسري ذلك على المواد الواردة مخالفة لشروط الاستيراد المحدد لها عند هذا الاستيراد كما هو الحال في شأن المواد محل الطعن. كما عرض ذات الموضوع على اللجنة العليا للسياسات بجلسة 24/ 1/ 1984 وقررت أن "تتولى وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية إعداد دراسة عن الحالات التي تم فيها استيراد دهون حيوانية نقيه 100% عن طريق القطاع الخاص وملابسات كل حالة على حدة من خلال أذون الاستيراد وللتحقق من سلامة الإجراءات الاستيرادية فإذا تحقق حسن نية المستورد فيتم النظر في شراء الكمية المستوردة بالاتفاق مع وزير الصناعة والثروة المعدنية أما إذا تأكد سوء نية المستورد فتتخذ الإجراءات القانونية ضده، فتطبيق هذه التوصية مشروط بحسن نية المستورد وهو ما لا يتحقق في حالة استيراده مواد محظور أصلاً استيرادها عند الاستيراد كما هو الحال في المواد محل الطعن. وبذلك لم يكن قرار اللجنة سارياً على المواد المستوردة محل الدعوى والطعن للمطعون ضده لمخالفتها أصلاً للمواصفات المعمول بها عند استيرادها. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك فيكون أخطأ في تطبيق القانون متعين الإلغاء وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:
أولاً: إثبات تنازل الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات عن الطعن بدون مصروفات.
ثانياً: قبول الطعن شكلاً ورفض الدفع بعدم قبول الطعن لانتفاء شرط المصلحة في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض طلب وقف التنفيذ مع إلزام المطعون ضده بمصروفاته.