مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 773

(120)
جلسة 30 من يناير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عزيز بشاي سيدهم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير ومحمد محمود البياد ومحمد معروف محمد وأحمد شمس الدين خفاجي المستشارين.

الطعن رقم 178 لسنة 31 القضائية

مشروعات خاصة - مشروع مواقف سيارات الأجرة - تأديب العاملين به (اختصاص).
مشروعات موقف سيارات الأجرة بمحافظة كفر الشيخ هو مشروع ذو نظام تأديبي خاص يستمد قواعده من الأحكام المنظمة للعاملين بأشخاص القانون الخاص - مؤدى ذلك: لا يجوز تطبيق الأحكام المنظمة للعاملين بأشخاص القانون الخاص على العاملين المخاطبين بأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة حتى ولو كان ذلك بدعوى عمل هؤلاء بصورة ما بجهة ما يخضع العاملون بها للقواعد التأديبية لأشخاص القانون الخاص - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق الثامن من ديسمبر سنة 1984 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن السيدين محافظ كفر الشيخ، ورئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة قلين والمشرف العام على مشروع سيارات الأجرة بكفر الشيخ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 178 لسنة 31 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا بجلسة 22 من أكتوبر سنة 1984 في الطعن التأديبي رقم 4 لسنة 12 القضائية المقام من..... ضد الطاعنين والقاضي بإلغاء القرار رقم 69 لسنة 1983 الصادر بتاريخ 15 من نوفمبر سنة 1983 بمجازاة الطاعن بخصم يومين من راتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ويطلب الطاعن - للأسباب الواردة في تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني ارتأت فيه - للأسباب المبينة به الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعا.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 25 من نوفمبر سنة 1987 وبجلسة 23/ 12/ 1987 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الرابعة - لنظره بجلسة 16 من يناير سنة 1988 وبتلك الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 14 من فبراير سنة 1984 أقام الطاعن الطعن رقم 4 لسنة 12 القضائية أمام المحكمة التأديبية بطنطا بإيداع صحيفته قلم كتاب تلك المحكمة طالباً فيه الحكم بإلغاء القرار الصادر من رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة قلين رقم 69 لسنة 1983 بتاريخ 14 من نوفمبر سنة 1983 بمجازاته بخصم يومين من راتبه وما يترتب على ذلك من آثار.
وقال الطاعن شرحاً لطعنه أن القرار قد صدر استناداً لما نسب إليه من تسببه في فقد التحقيقات أرقام 1، 12، 22، 32 لسنة 1983، ونظراً لأن هذا القرار قد صدر دون سند من الواقع والقانون فقد تظلم منه في 26 من نوفمبر سنة 1983 فأخطر برفض التظلم في 23 من يناير سنة 1984 وبادر بإقامة طعنه خلال الأجل القانوني.
ونعى الطاعن على القرار الطعين، أولاً، صدوره من غير مختص وهو رئيس الوحدة المحلية الذي ليس له اختصاص في توقيع الجزاء إلا على العاملين بمشرع سيارات الأجرة بكفر الشيخ وفقاً لما جاء بالمادة (6) من لائحة النظام الأساسي للمشروع دون غيرهم في حين أن الطاعن من العاملين بديوان عام المحافظة وانتدب بالمشروع الذي يعتبر من الأنشطة الخاصة وبذلك يكون الاختصاص بتوقيع الجزاء عليه عند ارتكابه أية مخالفة، منوط بجهة عمله الأصلية المنتدب فيها. وثانياً، صدور القرار المطعون فيه دون سند يقوم عليه ولأن ما نسب إليه كان غير مؤيد بالدليل، حيث إن واقعة تسلمه للمستندات التي فقدت لا دليل عليها.
وبجلسة 22 من أكتوبر سنة 1984 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
وأقامت قضاءها على أنه يبين من الرجوع إلى لائحة النظام الأساسي لمشروع مواقف سيارات الأجرة المودع ملف الطعن أن المادة السادسة مقررة 9 منها تقضي بأن اللجنة العليا لإدارة المواقف تختص بتعيين العمال اللازمين للمشروع وتوقيع الجزاءات التأديبية عليهم طبقاً للائحة الجزاءات، وتنص المادة 35 من ذات اللائحة على أن تسري أحكام قانون العمل على العاملين بالمشروع.. وينص البند أولاً بالقواعد الأساسية من لائحة الجزاءات التأديبية للعاملين بالمشروع، على أن كل عامل يخالف الواجبات الأساسية الواردة بالقانون رقم 13 لسنة 1981 الخاص بنظام العمل وتعديلاته وأحكام اللائحة بتنظيم العمل المعتمدة لمواقف سيارات الأجرة بدائرة محافظة كفر الشيخ والأوامر الصادرة إليه من إدارة المواقف أو من رؤسائه أو يخرج على مقتضى الواجب في أدائه عمله، يعاقب تأديبياً طبقاً لأحكام هذه اللائحة، وذلك مع عدم الإخلال بإقامة الدعوى المدنية أو الجنائية ضد المخالف عن الاقتضاء.. وتنص الفقرة 3 من البند ثالثاً من ذات اللائحة على أن للمشرف العام سلطة توقيع الجزاءات بناء على تحقيقات تجرى في حدود ثلاثة أيام على العاملين التابعين للمشروع.
وقالت المحكمة أنه يبين من جماع النصوص المتقدمة أن مشروع مواقف سيارات الأجرة لمحافظة كفر الشيخ لا يعدو أن يكون من الأنشطة الخاصة تسري على العاملين به أحكام قانون العمل.
وبمقتضى هذه النصوص فإن اختصاص المشرف العام على المشروع يقتصر على سلطة توقيع الجزاءات على العاملين بالمشروع ممن يسري عليهم قانون العمل دون سواهم.
وقالت المحكمة إنه يبين من الأوراق أن الطاعن يعتبر موظفاً عاماً، إذ أنه من العاملين بديوان عام محافظة كفر الشيخ وانتدب للعمل بالمشروع. وأياًً كانت مشروعية هذا الندب فإنه لا يخلع عنه صفة الموظف العام ومدرجة ضمن العاملين الذين تسري عليهم أحكام قانون العمل، ومن ثم فإن المنطق القانوني يستوجب بقاء السلطة المختصة بتأديبه وفقاً لأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 وهي طبقاً لهذه الأحكام لشاغلي الوظائف العليا أو المحافظة باعتباره السلطة المختصة.
وانتهت المحكمة التأديبية إلى أنه لما سبق يكون القرار المطعون فيه قد صدر ممن لا يملكه، وبالتالي يكون غير مطابق للقانون، ويضحى طلب إلغائه على أساس سليم من القانون جدير بالقبول.
ومن حيث إن مبنى الطعن أنه لا خلاف على أن المطعون ضده موظف عام حيث إنه من العاملين بديوان عام المحافظة ومنتدب للعمل بمشروع سيارات الأجرة بمدينة كفر الشيخ، وبالتالي فإنه يخضع لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1978 وليس قانون العمل ولما كان المشرف العام على هذا المشروع المنتدب إليه المطعون ضده هو رئيس مجلس مدينة قلين وقد أصدر هذا الأخير قرار مجازاة المطعون ضده بخصم يومين من راتبه فإنه بذلك يكون قد طبق في حق المطعون ضده قانون العاملين المدنيين بالدولة وليس قانون العمل، إذ ليس بالأوراق ما يشير إلى أن الجزاء الموقع على المطعون ضده قد تم توقيعه طبقاً لقانون العمل أو لائحة المشروع المشار إليه، ومن ثم يخضع المطعون ضده لحكم المادة 82 من قانون العاملين المدنيين بالدولة التي حددت الاختصاص بالتحقيق والتأديب بالنسبة للعاملين بالدولة الذين يندبون لأية جهة من الجهات وقد جاء هذا النص مطلقاً لم يفرق بين جهة أخرى، ومن هذا يتضح أن الجهة المنتدب إليها المطعون ضده تكون هي الجهة التي تملك تأديبه ويكون قرار الجزاء المطعون فيه قد صدر ممن يملك إصداره مطابقاً للقانون، ويكون الحكم المطعون فيه قد خالف أحكام القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إن مثار البحث في هذا الطعن يتركز أساساًَ حول تحديد مدى اختصاص مصدر القرار التأديبي المطعون فيه بإصداره.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على هذا القرار الصادر برقم 61 لسنة 1983 بتاريخ العاشر من نوفمبر سنة 1983 أنه قد تصدرته ديباجة تشير إلى صدوره من المشرف العام على مشروع مواقف سيارات الأجرة بمحافظة كفر الشيخ وأنه يستند ضمن القواعد التنظيمية التي يستند إليها إلى لائحة النظام الأساسي لمشروع مواقف سيارات الأجرة بدائرة المحافظة.
ومن حيث إن المادة (1) من تلك اللائحة تنص على أن "يعتبر مشروع مواقف سيارات الأجرة بمحافظة كفر الشيخ أحد مشروعات الخدمات والتنمية المحلية بالمحافظة خارج اعتمادات الميزانية العامة ويسير على أساس تتفق وطبيعة العمل ويكون مقره مدينة كفر الشيخ.
ومن حيث إن المادة (6/ 9) من اللائحة المذكورة تنص على اختصاص اللجنة العليا للمواقف بتعيين العمال اللازمين للمشروع وتوقيع الجزاءات التأديبية عليهم طبقاً للائحة الجزاءات، وأن المادة (35) من ذات اللائحة تنص على أن تسري أحكام قانون العمل على العاملين بالمشروع.. وقد تضمنت لائحة الجزاءات التأديبية بالمشروع في البند (أولاً) من الباب الأول أن كل عامل يخالف الواجبات الأساسية الواردة بالقانون رقم 13 لسنة 1981 الخاص بنظام العمل وتعديلاته الجديدة، وأحكام اللائحة بتنظيم العمل المعتمدة لمواقف سيارات الأجرة بدائرة كفر الشيخ.. يعاقب تأديبياً طبقاً لأحكام هذه اللائحة. وتضمنت في البند (ثالثاً/ 3) أن للمشرف العام سلطة توقيع الجزاءات بناء على تحقيقات تجرى في حدود ثلاثة أيام على العاملين التابعين للمشروع.
ومن حيث إن الواضح من النصوص المتقدمة أن مشروع موقف سيارات الأجرة بمحافظة كفر الشيخ - أياً كان النظام القانوني الذي يحكمه - هو مشروع ذو نظام تأديبي خاص يستمد قواعده من الأحكام المنظمة للعاملين بأشخاص القانون الخاص.
ومن حيث إنه لا يجوز تطبيق الأحكام المنظمة للعاملين بأشخاص القانون الخاص على العاملين المخاطبين بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة حتى ولو كان ذلك بدعوى عمل هؤلاء بصورة ما بجهة يخضع العاملون بها للقواعد التأديبية بأشخاص القانون الخاص.
ومن حيث إن قرار الجزاء المطعون ضده قد صدر من رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة قلين بوصفه المشرف العام على مشروع مواقف سيارات الأجرة بمحافظة كفر الشيخ إعمالاً للقواعد التأديبية ذات الطبيعة الخاصة المتقدمة البيان فإنه يكون قد صدر ممن لا يملك توقيع الجزاء التأديبي على عامل بديوان عام محافظة كفر الشيخ، ولا يحول دون ذلك القول بأن رئيس الوحدة المحلية هو من شاغلي وظائف الإدارة العليا الذين يملكون توقيع الجزاءات التأديبية، لأن الطاعن الذي وقع عليه الجزاء ليس من العاملين في نطاق هذه الوحدة المحلية.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن القرار الطعين قد صدر من غير مختص بتوقيع الجزاء الوارد به، ومن ثم يكون قد صدر معيباً واجب الإلغاء.
ومن حيث إن هذا هو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه، فإن الحكم يكون قد وافق صحيح حكم القانون، الأمر الذي يكون معه الطعن عليه دون سند صحيح من القانون مما يستوجب القضاء برفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.