مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 778

(121)
جلسة 30 من يناير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي وصلاح عبد الفتاح سلامة وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد المنعم رفاعي عمارة المستشارين.

الطعن رقم 778 لسنة 31 القضائية

تعليم - مدارس خاصة - مدارس تمنح شهادة (جي - سي - إيه).
يتعين على المدارس الخاصة اعتماد مناهجها من وزارة التربية والتعليم - أساس ذلك: القانون رقم 16 لسنة 1969 بشأن التعليم الخاص وقانون التعليم رقم 139 لسنة 1981.
العبرة في تحديد نوعية المدرسة بالترخيص الصادر بفتحها.
لا ينال من ذلك إذ كان الترخيص الصادر بشأن المدرسة قد نص على أنها تعد لشهادة (جي سي إيه) - أساس ذلك: لا يعني ذلك خروجها عن نطاق أحكام قانون التعليم الخاص باعتبارها مدرسة خاصة تعاون في مجال التعليم وفقاً لخطط ومناهج وزارة التربية والتعليم - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 29 من شهر يناير 1985 أودع الدكتور...... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدول المحكمة برقم 778 لسنة 31 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" بجلسة 27/ 12/ 1984 في الدعوى رقم 5143 لسنة 38 قضائية المشار إليها وذلك فيما قضى به الحكم من رفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وطلب الطاعن وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، والحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المدعى عليهم بمصروفات الدعوى والطعن. وقد أعلن الطعن قانوناً. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون هذا الطعن بجلسة 2/ 11/ 1987 على الوجه الثابت بالمحضر حتى قررت بجلسة 7/ 12/ 1987 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات" وحددت لنظرة جلسة 16/ 1/ 1988. وفيها طلب الحاضر عن الطاعن والحاضر عن الجهة الإدارية حجز الطعن للحكم، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 30/ 1/ 1988 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تخلص في أنه بتاريخ 27/ 5/ 1984 أقام الطاعن وآخرون الدعوى رقم 5143 لسنة 38 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) طالبين الحكم بوقف تنفيذ قرار محافظ القاهرة الصادرة من خلال الإدارة التعليمية للتعليم الخاص بمصر الجديدة بإكراه مدرسة أكتوبر للغات على تغيير نظامها الداخلي والغاية من إنشائها والترخيص لها بمنح شهادة (جي. سي. إيه) لخريجيها، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليهما الأول والثاني بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال المدعون في بيان دعواهم أن مدرسة أكتوبر للغات وكانت من قبل المدرسة الإنجليزية (مانور هاوس) أنشئت بترخيص صادر من المجلس الشعبي بحي مصر الجديدة بموجب قراره رقم 3 في 27/ 1/ 1980 بالموافقة على توصيات لجنة التربية والتعليم والأوقاف وشئون الأزهر على الترخيص بفتح مدرسة أكتوبر للغات التي تعد بشهادة جي سي إيه. وقد صدر قرار المجلس المحلي لمحافظة القاهرة رقم 24 في 22/ 12/ 1980 بالتصديق على قرار المجلس الشعبي بحي مصر الجديدة واتخذ قرار الترخيص سبيله إلى إدارة مصر الجديدة التعليمية التي كانت تقر اللائحة الداخلية للمدرسة طبقاً للقرار الوزاري رقم 70 لسنة 1982، ونصت المادة (5) من اللائحة على أن تسير الدراسة وفق خطة ومنهج خاص لإعداد الطلبة والطالبات للحصول على شهادة التعليم العامة (امتحانات جي. سي. إيه) مع الالتزام أيضاً بتدريس اللغة العربية والدين والمواد القومية لمن تنطبق عليهم القوانين والقرارات الخاصة بهذه المواد. وظلت المدرسة تواصل رسالتها منذ عام 1977 رغم كل ما وضع أمامها من العراقيل، حتى أخضعت للإشراف المالي والإداري بقرار من لجنة شئون التعليم الخاص في 12/ 10/ 1981 بسبب ما نسب إليها من مخالفات مالية، وفي 29/ 4/ 1982 استدعت الإدارة التعليمية بمصر الجديدة ممثل المدرسة وطلبت منه تعديل اللائحة الداخلية للمدرسة وألمحت إلى ضرورة تعديل مناهج المدرسة، أي إسقاط الغرض الأساسي من إنشاء المدرسة، وهو تدريس مناهج جي. سي. إيه. والاقتصار على تدريس المناهج المتبعة في مدارس اللغات، وذلك لإخراج المدرسة من وضعها المتميز الذي اكتسبته بمقتضى قرار إنشائها، لكي تصبح مدرسة عادية من مدارس التعليم الخاص والتي تلتزم التزاماً كاملاً بمناهج المدارس الرسمية. وقد تبين أن وزير البحث العلمي فرض على محافظة القاهرة تنفيذ خطة لإلغاء مدرسة أكتوبر. وذلك واضح من كتابه المؤرخ 30/ 1/ 1984 إلى محافظ القاهرة الذي تضمن ضرورة التزام جميع المدارس الخاصة لغات أو غيرها بتدريس المناهج المقررة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك. وقد بادرت الإدارة التعليمية بمصر الجديدة إلى الضغط على إدارة المدرسة لتغيير مناهج الدراسة تغييراً كاملاً، دون مراعاة المصالح والمراكز الذاتية التي تولدت للطلبة في سلك دراسة رخص بها من جانب الجهات الحكومية طبقاً لأحكام القانون رقم 16 لسنة 1969 والقرار الوزاري رقم 41 لسنة 1970 حيث أنشئت المدرسة في ظل العمل بهما. وفي 11/ 3/ 1984 أرسل مدير عام إدارة مصر الجديدة التعليمية خطاباً يمنح المدرسة مهلة خمسة عشر يوماً لإزالة المخالفات وتغيير اللائحة الداخلية. واجتمع مجلس الآباء بناء على طلب الإدارة التعليمية واعترض على القرار الصادر من وزير التعليم ومحافظة القاهرة والإدارة التعليمية بتعديل برنامج الدراسة والخروج عن الغرض الأساسي الذي أنشئت المدرسة من أجله وهو منح شهادة الـ (جي. سي. إيه) وفقاً لبرنامج دراسي خاص. وهذا القرار الصادر بوجوب تعديل لائحة النظام الأساسي للمدرسة يخالف القانون ويهدر الحقوق المكتسبة لجميع الطلبة الذين التحقوا بهذه المدرسة على أساس حصولهم على شهادة ال (جي. سي. إيه) ونعى المدعون على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون للأسباب الآتية: أولاً: أن القرار الصادر من المجلس الشعبي لحي مصر الجديدة والمؤيد بقرار المجلس المحلي لمحافظة القاهرة نص صراحة على الترخيص بفتح مدرسة أكتوبر للغات التي تعد لشهادة الـ (جي. سي. إيه) وهذا الترخيص الصادر في ظل القانون رقم 16 لسنة 1969 بشأن التعليم الخاص، والقرار الوزاري رقم 41 لسنة 1970 يكسب المدرسة والطلبة حقوقاً لا يجوز المساس بها استناداً إلى تنظيم تشريعي لاحق لا يسري بأثر رجعي. ثانياً: يفترض الوزير أن مدرسة أكتوبر لغات خاصة تلتزم بأن توافر التعليم الأساسي لجميع الأطفال المصريين على مدى تسع سنوات. ورتب على ذلك التزام المدرسة بالمناهج الرسمية. في حين أن مدرسة أكتوبر ليست مدرسة لغات، وإنما هي مدرسة بحكم إنشائها تأهل خريجيها للحصول على شهادة الـ (جي. سي. إيه) وهي لذلك وبحسب وثيقة إنشائها مرخص لها بعدم المساهمة في التعليم الأساسي لجميع الأطفال المصريين، وإنما هي مخصصة لطائفة محدودة من الأطفال المصريين ومن الأجانب من شتى الجنسيات للحصول على دراسة خاصة. ويكون من الطبيعي ألا تلتزم المدرسة بالمناهج الرسمية. ومع ذلك فقد قامت المدرسة بمقتضى المادة الخامسة من لائحتها بتدريس اللغة العربية والدين والمواد القومية لمن تنطبق عليهم القوانين والقرارات بهذه المواد في الامتحانات العامة من الطلبة والطالبات. ثالثاً: أن المادة 55 من القانون رقم 139 لسنة 1981 التي يستند إليها الوزير تقضي في فقرتها الثالثة بأن تنشأ المدارس الخاصة لتحقيق دراسة مناهج خاصة وفق ما يقرره الوزير بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم أي أن يبدأ إنشاء مدارس خاصة بمناهج خاصة يبدأ مقرر في القانون رقم 139 لسنة 1981. فإذا كانت المدرسة قد اكتسبت هذا الوضع في ظل القانون رقم 16 لسنة 1969، فليس من الجائز أن تخضع للإجراءات المستحقة بالمادة 55/ 3 من القانون رقم 39 لسنة 1981. رابعاً: حين أنشئت المدرسة كانت تهدف إلى تقديم خدمة خاصة لفئات معينة وهم أبناء العاملين بالسلك الدبلوماسي المصري والأجنبي الذين يوجد في بلادهم الأصلية مثل هذه النظم، إذ أن غالبية الدول العربية يوجد فيها مثل هذا القطاع من التعليم لأبناء المصريين الذين يرغبون في التقدم لامتحانات شهادة الـ (جي. سي. إيه). كما أن سياسة الانفتاح جذبت الآن المستثمرين الأجانب الذين يرغبون في الإقامة بمصر، ويرغبون في الخدمة التعليمية التي تناسبهم. كما أن ولي الأمر الذي يتقدم لقبول نجله بالمدرسة يعتبر متقاعداً معها فلا يجوز للمدرسة الإخلال بهذا العقد خصوصاً بالنسبة للطلاب الذين قضوا سنوات طويلة لدراسة هذا النظام. وقد دفعت هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد تأسيساً على أن المدعيين علموا بالقرار المطعون فيه علماً يقينياً بتاريخ 29/ 4/ 1982 تاريخ اجتماع الإدارة التعليمية بإدارة المدرسة المذكورة وأولياء أمور الطلبة. وقد وضع الاتفاق الذي أسفر عنه الاجتماع موضوع التنفيذ بكتاب إدارة المدرسة إلى الإدارة التعليمية المؤرخ 28/ 10/ 1982. فضلاً عن علم أولياء الأمور المقطوع به على وجه اليقين المستفاد من اطلاعهم على مناهج الدراسة التي تضمنتها الكتب المسلمة لأبنائهم. وقد أقام المدعون هذه الدعوى بعد مضي ما يزيد على العامين من تاريخ علمهم بالقرار المطعون فيه وتنفيذه فعلاً. كما طلبت رفض الدعوى موضوعاً استناداً إلى أن المدرسة الصادر بشأنها القرار المطعون فيه هي مدرسة خاصة ذات مصروفات وذات خطط ومناهج خاصة ومعتمدة من وزارة التربية والتعليم. وقد صدر الترخيص للمدرسة المذكورة بشرط اعتماد المناهج من وزارة التربية والتعليم وليس مجرد تدريس مناهج بدون اعتماد الوزارة ونظراً لأن المدرسة لم تلتزم بمناهج معتمدة من قبل الوزراء لمخالفتها لأحكام القانون رقم 16 لسنة 1969 والقانون رقم 139 لسنة 1981 فقد أنذرت الجهة الإدارية المدرسة بالالتزام بأحكام القانون رقم 139 لسنة 1981 والقرار الوزاري رقم 7 لسنة 1982 وأن تراعي اعتماد المناهج التي تسير عليها من وزارة التربية والتعليم. وقامت الإدارة التعليمية بالتفاهم مع إدارة المدرسة وأولياء الأمور الذين يشاركون في إدارة المدرسة إلى تصحيح مناهج الدراسة بالمدرسة المذكورة على النحو الذي يتفق وحكم القانون وقد استجابت المدرسة إلى طلب الإدارة التعليمية ولا يسوغ لأولياء الأمور الادعاء بأن القرار المطعون فيه ليس حقاً مكتسباً لهم ولأبنائهم إذ لا يجوز الادعاء بحقوق على خلاف القانون. وطلبت هيئة قضايا الدولة عدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً رفض الدعوى موضوعاً بشقيها العاجل والموضوعي مع إلزام المدعيين بالمصروفات. وأودعت هيئة قضايا الدولة حافظة مستندات ضمنت كتاب إدارة مصر الجديدة التعليمية المؤرخ 29/ 4/ 1984 بشأن ردها على الدعوى والأوراق المتعلقة بالمدرسة المذكورة. وبجلسة 27/ 12/ 1984 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً استناداً إلى أنه لم يثبت علم المدعيين بالقرار المطعون فيه علماً يقينياً في تاريخ سابق على رفع الدعوى. ورفضت طلبت وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعين بالمصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على تخلف ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه إذ أن المادة (1) من قانون التعليم الخاص رقم 16 لسنة 1969 الصادر في ظله الترخيص بإنشاء مدرسة أكتوبر نص على أن تعتبر مدرسة خاصة في تطبيق أحكام هذا القانون كل منشأة غير حكومية تقوم أصلاً أو بصفة فرعية بالتربية والتعليم أو الإعداد المهني أو بأية ناحية من نواحي التعليم العام أو الفني قبل مرحلة التعليم العالي، ولا تعتبر مدرسة خاصة في تطبيق أحكام هذا القانون: 1 - المراكز والمعاهد الثقافية التي تنشئها الدول الأجنبية أو الهيئات الدولية في جمهورية مصر العربية استناداً لاتفاقات ثقافية بينها وبين هذه الدول. 2 - المدارس الخاصة التي تقتصر على تعليم أبناء العاملين بإحدى هيئات التمثيل الدبلوماسي والقنصلي لدولة واحدة. 3 - دور الحضانة غير الثابتة أو الملحقة بالمدارس. وتنص المادة 2 من هذا القانون على أن تنشأ المدارس الخاصة لتحقيق الأغراض الآتية كلها أو بعضها حسب الأحوال: أ - المعاونة في مجال التعليم الفني وفقاً لخطط ومناهج تعتمدها وزارة التربية والتعليم. ب - التوسع في دراسة اللغات الأجنبية بجانب المناهج الرسمية المقررة. ج - دراسة مناهج خاصة في نطاق أحكام هذا القانون. وتنص المادة 3 على أن تخضع المدارس الخاصة لقوانين التعليم العام والتعليم الفني كما تخضع لرقابة وزارة التربية والتعليم ومديريات التربية والتعليم بالمحافظات، وتفتيشها في الحدود وبالقيود الواردة بهذا القانون والقرارات الوزارية الصادرة تنفيذاً له. وخلصت محكمة القضاء الإداري من هذه النصوص إلى أن مدرسة أكتوبر هي مدرسة خاصة شأنها شأن أية مدرسة خاصة تلتزم بحفظ مناهج وزارة التربية والتعليم والترخيص للمدرسة بأن تؤهل خريجيها للتقدم لامتحان شهادة الـ (جي. سي. إيه) لا يقوم على سند من القانون. كما أنه لا أساس لما جاء بدفاعهم من أن مدرسة أكتوبر قد اكتسبت في ظل القانون رقم 16 لسنة 1969 حقوقاً لا يجوز المساس بها استناداً إلى تنظيم تشريعي لاحق، لأنها لم تكتسب أي حقوق أو أوضاع تختلف في سائر المدارس الخاصة ومن ثم لا تسري عليها أحكام التعليم الخاص الواردة في قانون التعليم رقم 139 لسنة 1981 شأنها في ذلك شأن باقي المدارس الخاصة. ويكون من حق الجهة الإدارية المختصة مطالبتها بتعديل مناهجها الدراسية بما يتفق والمناهج التي تسير عليها الوزارة. والبادئ من رد الإدارة التعليمية بمصر الجديدة أن مدرسة أكتوبر تقوم بتدريس مناهج لم تعتمد من الوزارة، ولذلك فإنها تكون قد خالفت القانون، ويكون من حق الجهة الإدارية المختصة مطالبتها بتعديل مناهجها بما يتفق والمناهج التي تسير عليها الوزارة، ومن ثم فإنه لا أساس لدعوى المدعيين.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على سند من أن الحكم المطعون فيه خالف الواقع والقانون لأن مدرسة أكتوبر صدر بشأنها قرار من السلطة الخاصة لا بد وأن يتضمن نظام الخطة والمناهج الدراسية ولكي يصدر الترخيص لا بد وأن يرفق بطلب الترخيص اللائحة والمناهج الدراسية. والثابت أن الجهة الإدارية المطعون ضدها قد رخصت بفتح مدرسة أكتوبر للغات على أساس أنها تعد التلاميذ لنيل شهادة جي. سي. إيه. واللائحة الداخلية قد اعتمدت من الجهة الإدارية المختصة. وتنص المادة (5) من هذه اللائحة على أن تسير الدراسة وفق خطة ومنهج خاص لإعداد الطلبة والطالبات للحصول على شهادة التعليم العامة (امتحان شهادة الـ جي. سي. إيه) مع الالتزام بتدريس اللغة العربية والدين والمواد القومية لمن تنطبق عليهم القوانين والقرارات الخاصة بهذه المواد في الامتحانات العامة من الطلبة والطالبات. فالخطة الأصلية المعتمدة للتدريس بهذه المدرسة هي خطة الـ جي. سي. إيه. والالتزام الوحيد للمدرسة هو أن تطبق مناهج المدارس الرسمية في مواد اللغة العربية والدين والمواد القومية لمن تنطبق عليهم القوانين والقرارات الخاصة بهذه المواد في الامتحانات العامة من الطلبة والطالبات، وهذا معناه أن المدرسة لا تقوم بتدريس المناهج الرسمية إلا في هذه المواد الواردة على سبيل الحصر، وبالنسبة لطائفة من الطلبة واردة على سبيل الحصر. ومن ثم فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن مدرسة أكتوبر تقوم بتدريس مناهج لم تعتمد من الوزارة لا أساس له من الواقع، كما أنكر الحكم أن المدرسة قد اكتسبت حقوقاً لا يجوز المساس بها تأسيساً على ما افترضه الحكم من أن المدرسة تقوم بتدريس مناهج لم تعتمد، ويقول الطاعن أن الثابت أن مدرسة أكتوبر قد اكتسبت حقاً بمقتضى الترخيص الممنوح لها واللائحة الداخلة المعتمدة في أن يكون التدريس بها وفقاً لمناهج الـ (جي. سي. إيه) والتحق الطلبة أبناء الطاعنين بالمدرسة على أساس أن منهج الدراسة يؤهلهم لنيل شهادة الـ (جي. سي. إيه) فلا يجوز المساس بهذه المراكز والحقوق التي اكتسبت في ظل القانون رقم 16 لسنة 1969 بقانون لاحق. ومن ثم فليس من الجائز في القانون تعديل هذه المناهج التي تعلقت بها حقوق الطلبة الذين التحقوا بالمدرسة على أساس هذه المناهج. كما نعى الطاعن على الحكم المطعون فيه ما قضى به على سند من أن الترخيص لمدرسة أكتوبر بأن تؤهل خريجيها للتقدم لامتحان شهادة الـ (جي. سي. إيه) لا يخرجها من نطاق النظام العام الذي يحكم المدارس الخاصة بمصر، ولا يعطيها وضعاً متميزاً على سائر تلك المدارس، لأن هذا يصطدم بما هو مقرر في القانون من الترخيص لمراكز تعليم اللغات بإعداد خريجيها للحصول على شهادات معتمدة في اللغات بذات إجراءات الترخيص للمدارس الخاصة، ولم يقل أحد بالتزام هذه المراكز بالخضوع للنظام العام الذي يحكم المدارس الخاصة بمصر. وذلك أن القانون يعرف نظماً تختلف عن نظم المدارس الخاصة. والمرجع في ذلك أولاً وأخيراً هو اعتماد جهة الإدارة للنظام وترخيصه وما دامت مدرسة أكتوبر قد رخص لها في إعداد الطلبة للحصول على شهادة الـ (جي. سي. إيه) بالإضافة إلى تدريس مقررات اللغة العربية والدين والتربية القومية فلا يمكن مطابقتها بالخضوع لما تخضع له المدارس الخاصة للغات، مثلها في ذلك مثل مراكز تعليم اللغات - وإلا كان في ذلك إهدار لحق المدرسة في تأهيل خريجيها للحصول على شهادة الـ (جي. سي. إيه) وهو أمر لم ينكره الحكم في أسبابه بل اعتبره مسلماً به، وأن أجبر المدرسة على الخضوع للبرامج القومية المعتمدة. وليس في الحكم ما يعني على أي وجه حق الإدارة في أن توقف العمل بنظام الـ (جي. سي. إيه) على خلاف الترخيص الصادر للمدرسة ولائحتها الداخلية. ولم تدع الجهة الإدارية أنها تفعل ذلك. غير أن مسلك الإدارة وإن لم يتجه إلى ذلك صراحة إلا أن يؤدي إلى هذه النتيجة بطريقة غير مباشرة لأن إلزام المدرسة باتباع المناهج الرسمية يعني تصفية نظام الـ (جي. سي. إيه). وكان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يتبين ما في مسلك الإدارة من تحايل في هذا الشأن.
ومن حيث إن الثابت من أوراق الطعن أنه في 28/ 5/ 1977 تقدم لمديرية التربية والتعليم بمحافظة القاهرة أصحاب مدرسة أكتوبر للغات بمصر الجديدة بطلب لفتح مدرسة خاصة. وتحدد الغرض من إنشائها بتقديم الخدمة التعليمية التالية مقابل مصروفات "تقدم المدرسة الخدمة التعليمية مقابل مصروفات وذلك لإعداد الطلبة والطلبات للتقدم لامتحانات شهادة الـ (جي. سي. إيه) الإنجليزية من لندن هذا بالإضافة إلى مناهج اللغة العربية في جميع المراحل" كما أوضح الطلب عن نوع المدرسة أنها تعتبر مدرسة خاصة ذات مصروفات وذلك وفق خطط ومناهج خاصة معتمدة من وزارة التربية والتعليم. وفي 30/ 12/ 1979 قرر المجلس الشعبي لحي مصر الجديدة الموافقة على توصيات لجنة التربية والتعليم والأوقاف وشئون الأزهر على الترخيص بفتح مدرسة أكتوبر للغات التي تعد لشهادة الـ (جي. سي. إيه). وأن يرفع هذا القرار لمحافظة القاهرة للموافقة على قرار المجلس الشعبي لحي مصر الجديدة بالترخيص بفتح مدرسة أكتوبر للغات التي تعد لشهادة الـ (جي. سي. إيه). مع تشكيل لجنة للتحقق من مدى قانونية التصريح لهذه المدارس، وإعداد تقرير يعرض على المجلس في جلسة قادمة. وعقب ذلك تم اعتماد اللائحة الداخلية للمدرسة من السلطة المختصة. إلا أنه إزاء ارتكاب المدرسة لبعض المخالفات فقد تم وضعها تحت الإشراف المالي والإداري لإدارة مصر الجديدة التعليمية اعتباراً من 18/ 10/ 1981 ورفع يد مثل أصحاب المدرسة. وفي 28/ 10/ 1982 وجه أصحاب المدرسة إلى مدير عام إدارة مصر الجديدة التعليمية التماساً تعهدوا فيه فيما تعهدوا بالالتزام بالتقيد بالخطط والمناهج الدراسية المطبقة بالمدارس المصرية في الصفين الأول الابتدائي والثاني الابتدائي على أن نجد هذا في العام الدراسي المقبل 83/ 1984، والتزمت المدرسة التزاماً تاماً بتدريس اللغة العربية والتربية الدينية في جميع الصفوف المناظرة الملتزمة بالتعليم الأساسي. وتفيد أوراق الدعوى أنه تم رفع الإشراف المالي والإداري عن المدرسة في 26/ 1/ 1983. واستجابت المدرسة إلى طلب الإدارة التعليمية بتصحيح مناهج الدراسة بالمدرسة، واعتماد المناهج التي تسير عليها.
ومن حيث إنه عن وضع مدرسة أكتوبر للغات بمصر الجديدة فإن القانون رقم 16 لسنة 1969 في شأن التعليم الخاص المعمول به وقت صدور الترخيص للمدرسة المذكورة ينص في المادة (1) على أن تعتبر مدرسة خاصة في تطبيق أحكام هذا القانون كل منشأة غير حكومية تقوم أصلاً أو بصفة فرعية بالتربية والتعليم أو الإعداد المهني أو بأية ناحية من نواحي التعليم العام أو الفني قبل مرحلة التعليم العالي. ولا تعتبر مدرسة خاصة في تطبيق أحكام هذا القانون: (1) المراكز والمعاهد الثقافية التي تنشئها الدول الأجنبية أو الهيئات في جمهورية مصر العربية استناداً لاتفاقيات ثقافية بينها وبين هذه الدول. (2) المدارس الخاصة التي تقتصر على تعليم أبناء العاملين بإحدى هيئات التمثيل الدبلوماسي والقنصلي الأجنبي لدولة واحدة. (3) دور الحضانة غير التابعة أو الملحقة بالمدارس. كما تنص المادة (2) من هذا القانون على أن تنشأ المدارس الخاصة لتحقيق الأغراض الآتية كلها أو بعضها حسب الأحوال. أ - المعاونة في مجال التعليم الفني وفقاً لخطط ومناهج تعتمدها وزارة التربية والتعليم. ب - التوسع في دراسة اللغات الأجنبية بجانب المناهج الرسمية المقررة. ج - دراسة مناهج خاصة في نطاق أحكام هذا القانون. وتنص المادة (3) من القانون سالف الذكر على أن تخضع المدارس الخاصة لقوانين التعليم العام والتعليم الفني، كما تخضع لرقابة وزارة التربية والتعليم ومديريات التربية والتعليم بالمحافظات وتفتيشها في الحدود وبالقيود الواردة بهذا القانون والقرارات الوزارية الصادرة تنفيذاً له. وبتطبيق هذه النصوص على مدرسة أكتوبر للغات يبين بوضوح أنها مدرسة خاصة تلتزم بالخطط والمناهج التي تعتمدها وزارة التربية والتعليم والادعاء بأنها ليست مدرسة لغات خاصة تلتزم بالمناهج الرسمية، وتؤهل خريجيها للحصول على شهادة الـ (جي. سي. إيه) أمر يجافي الواقع والقانون. إذ أن الطلب المقدم من أصحاب الشأن قد أوضح أنها مدرسة خاصة ذات مصروفات وذات خطط ومناهج معتمدة من وزارة التربية والتعليم. وإذا كان الترخيص الصادر بشأن هذه المدرسة قد نص على أنها تعد لشهادة الـ (جي. سي. إيه)، فلا يعني هذا خروجها عن نطاق أحكام قانون التعليم الخاص باعتبارها مدرسة خاصة يجب أن تكون معاونتها في مجال التعليم وفقاً لخطط ومناهج تعتمدها وزارة التربية والتعليم. وقد استجابت المدرسة لحكم القانون والتزمت بتصحيح مناهجها الدراسية والتقيد بالخطط والمناهج المعتمدة.
ومن حيث إنه لذلك فإن الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح حكم القانون فيما قضى به من رفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه. وليس فيه مساس بحقوق الطلبة، لأنه صدر متفقاً وأحكام القانون الذي صدر الترخيص للمدرسة في ظله، والذي يلزم المدرسة بالمعاونة في مجال التعليم وفقاً لخطط ومناهج تعتمدها وزارة التربية والتعليم. لذلك فإن الطعن الماثل لا يقوم على سند صحيح من الواقع أو القانون، الأمر الذي يتعين معه رفضه، وإلزام الطاعن بالمصروفات عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.