مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 787

(122)
جلسة 30 من يناير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عزيز بشاي سيدهم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير ومحمد محمود البيار ومحمد معروف محمد وأحمد شمس الدين خفاجي المستشارين.

الطعن رقم 3109 لسنة 31 القضائية

دعوى - إجراءات الدعوى - الإعلان في الموطن (مدلول الموطن).
المادة (13) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
الموطن هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة - ينبغي أن يتوافر في الموطن عنصر الاستقرار ومعنى الاستيطان وهو يقوم على الإقامة الفعلية مع الأهل والأولاد والأسرة - ينبغي ألا يكون قصد الشخص الارتحال عنه - لا يجوز أن يقتصر الموطن على المسكن - ينبغي أن يتوافر في الموطن أن يقيم فيه الشخص وأن تكون إقامته فيه بصفة مستمرة على وجه يتحقق به شرط الاعتياد ويتوافر فيه معنى الرابطة بين الشخص ومكان معين بالذات في البلد الذي يقيم فيه عادة - هذه الشروط لا تتوافر في السكن الذي يقيم فيه الشخص الذي يعمل في البلاد العربية بنظام الإعارة أو التعاقد الشخصي إذ لا تقوم أية رابطة بين الشخص وبين مكان السكن في الخارج ولا يوصف مسكن هؤلاء العاملين بأنه موطن لأنه مسكن عارض ولا يصلح محلاً للإقامة المعتادة والاستقرار وعدم الارتحال - الإعلان في الموطن المعلوم في مصر صحيح حتى لو كان هناك موطن معلوماً في الخارج - إن لم يوجد في موطنه في مصر يتسلم الورقة المطلوب إعلانها أو وجد وامتنع عن استلامها فإن تسلم الورقة وإعلانه بها ينبغي أن يتم في مواجهة النيابة العامة مع بيان آخر موطن معلوم له في مصر بالورقة المطلوب إعلانها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 18 من يوليو سنة 1985 أودع الأستاذ/ ...... المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ..... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3109 لسنة 31 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 19 من مايو سنة 1985 في الدعوى رقم 497 لسنة 11 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد السيد.......، القاضي بمجازاته بالفصل من الخدمة.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
وأعلن تقرير الطعن إلى الجهة المطعون ضدها على الوجه المبين بالأوراق وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة لإعادة محاكمة الطاعن فيما هو منسوب إليه مجدداً من هيئة أخرى وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 22 من إبريل سنة 1987 وبجلسة 11 من نوفمبر سنة 1987 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره بجلسة 21 من نوفمبر سنة 1987 وبهذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 26/ 12/ 1987 وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 13 من مارس سنة 1983 أودعت النيابة الإدارية - قلم كتاب المحكمة التأديبية بالمنصورة أوراق الدعوى التأديبية التي قيدت بسجل المحكمة تحت رقم 497 لسنة 11 القضائية مرفقاً بها تقرير اتهام ضد السيد/ ..... المدرس بمدرسة بور سعيد الابتدائية بدائرة محافظة بور سعيد درجة ثالثة لأنه خلال المدة من 1/ 9/ 1982 حتى 7/ 2/ 1983 خالف القانون بأن انقطع عن عمله في غير حدود الإجازات المقررة قانوناً، وبذلك يكون المخالف المذكور قد ارتكب المخالفة الإدارية المنصوص عليها بالمادة (62) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة، وطلبت النيابة الإدارية محاكمته طبقاً لهذه المادة والمادتين 80، 82 من القانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليه والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية والمادتين 15 و19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة 19 من مايو سنة 1985 أصدرت المحكمة حكمها بمجازاة السيد المذكور بالفصل من الخدمة.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المتهم انقطع عن عمله بغير إذن اعتباراً من 1/ 9/ 1982 ولم يعد إلى عمله، ومن ثم فإن المخالفة المنسوبة إليه تكون ثابتة في حقه وتعد خروجاً من جانبه على مقتضى الواجب الوظيفي ومخالفة لأحكام القانون ويتعين لذلك مساءلته عنها تأديبياً.
وأضافت المحكمة أن طول مدة انقطاع المتهم عن العمل والتي جاوزت ثلاثة أعوام إنما يمثل عزوفاً من جانبه عن الوظيفة وعدم حرص عليها.
ومن ثم تقضي بفصله من الخدمة باعتبار أنه لا يجدي معه أي جزاء آخر ومن غير المعقول الإبقاء على رابطة وظيفية لا يحرص المتهم على الإبقاء عليها وإذا كان الفصل من الخدمة يحقق للمتهم رغبته في عدم العودة إلى العمل فإنه يضع شوكة في حياته الوظيفية.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله. لأن الطاعن لم يعلن بقرار إحالته إلى المحاكمة التأديبية ولم يخطر بجلسات محاكمته على الوجه المبين بالقانون رغم أن له موطناً معلوماً في الخارج وبالتالي فإنه لم يعلم بمحاكمته تأديبياً حتى يتمكن من الدفاع عن نفسه ودرء الاتهام الموجه إليه وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه قد صدر باطلاً.
ومن حيث إن المادة (34) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تقضي بأن يقوم قلم كتاب المحكمة التأديبية بإعلان ذوي الشأن بقرار الاتهام وتاريخ الجلسة. ويكون الإعلان في محل إقامة المعلن إليه أو في محل عمله بخطاب موصى عليه بعلم وصول.
وحكمة هذا النص واضحة وهي توفير الضمانات الأساسية للعامل المحال إلى المحاكمة التأديبية للدفاع عن نفسه لدرء الاتهام عنه وذلك بإحاطته علماً بأمر محاكمته بإعلانه بقرار إحالته إلى المحاكمة التأديبية المتضمن بياناً بالمخالفات المنسوبة إليه وتاريخ الجلسة المحددة لمحاكمته حتى يتابع إجراءات المحاكمة التأديبية ويستكمل دفاعه عن نفسه.
ومن حيث إن المادة (13) الفقرة (9) من قانون المرافعات تنص على أن يكون إعلان الأوراق القضائية للأشخاص الذين لهم موطن معلوم في الخارج بتسليمها إلي النيابة العامة وكلف القانون النيابة العامة بإرسال الأوراق إلى وزارة الخارجية لتوصيلها إلى المعلن إليه بالطرق الدبلوماسية وتنص الفقرة (10) على إعلان الأوراق القضائية بتسليم صورتها إلى النيابة العامة إذا كان موطن المعلن إليه غير معلوم في مصر أو في الخارج، على أن تشتمل الورقة على أخر موطن له معلوم في مصر أو في الخارج، وفي الحالة المعروضة لا يوجد للمطعون ضده موطن معلوم في الخارج، ذلك أن الموطن هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة وينبغي أن يتوافر في الموطن عنصر الاستقرار ومعنى الاستيطان، وهو يقوم على الإقامة الفعلية مع الأهل والأولاد والأسرة، وينبغي ألا يكون قصد الشخص الارتحال عنه، ولا يجوز أن يقتصر الموطن على السكن، ولكن ينبغي أن يتوافر في الموطن أن يقيم فيه الشخص، وأن تكون إقامته فيه بصفة مستمرة على وجه يتحقق به شرط الاعتياد. ويتوافر فيه معنى الرابطة بين الشخص ومكان معين بالذات في البلد الذي يقيم فيه عادة، وهذه الشروط لا تتوافر في - السكن الذي يقيم فيه الشخص الذي يعمل في البلاد العربية بنظام الإعارة أو التعاقد الشخصي إذ لا تقوم أية رابطة بين الشخص وبين مكان السكن في الخارج، ولا يوصف مسكن هؤلاء العاملين بأنه موطن بأي حال لأن هذا السكن عارض وليس هو محل الإقامة على سبيل الاعتياد ولا تتوافر بشأنه الاستيطان المعتاد والاستقرار فيه وعدم الارتحال منه ولذلك فإنه يكون من المتعين النظر إلى الطاعن على أنه ليس له موطن معلوم في الخارج ولذلك لا يسري في حقه حكمي الفقرة (9) من المادة 13 من قانون المرافعات، وإنما يسري في حقه حكم الفقرة (10) من هذه المادة ومن ثم يكون إعلانه بالأوراق القضائية صحيحاً أن جرى في موطنه المعلوم في مصر وبافتراض أن للطاعن موطناً معلوماً في الخارج فإن إعلانه يجب أن يتم في موطنه المعلوم والمعتاد في مصر ويكون إعلانه في مصر في مواجهة النيابة العامة صحيحاً حتى ولو كان له موطن معلوم في الخارج فإن لم يوجد في موطنه في مصر من يتسلم الورقة المطلوب إعلانها له أو وجد وامتنع عن استلامها، فإن تسليم الورقة وإعلانه بها ينبغي أن يتم في مواجهة النيابة العامة مع بيان أخر موطن معلوم له في مصر بالورقة المطلوب إعلانها. والثابت من الأوراق أن الطاعن قد اتبع إعلانه بالأوراق القضائية الخاصة بالمحاكمة التأديبية في موطنه المعلوم في مصر وهو في بور سعيد المنطقة السادسة عمارة رقم 12 شقة رقم 3 ولم يوجد من يتسلم عنه تقرير الاتهام والإخطارات بتحديد جلسات المحكمة التأديبية بالمنصورة في مواجهة النيابة العامة - يكون هذا الإعلان إعلاناً صحيحاً منتجاً لآثار الإعلان قانوناً.
ومتى كان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد خالف القانون بأن انقطع عن العمل في غير حدود الإجازات المقررة قانوناً المدة من 1/ 9/ 1982 إلى 7/ 2/ 1983 بمديرية التربية والتعليم في بور سعيد فإنه يكون قد ارتكب المخالفة المنصوص عليها في المادة 92 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة، وإذ كان الطاعن كارهاً للوظيفة عازفاً عنها فإن استمرار وجوده في الوظيفة العامة مما يضر إضراراً بليغاً بالمصلحة العامة، ويكون من المتعين مجازاته بالفصل من الخدمة. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بفصل الطاعن من الخدمة فإنه يكون قد صادف الحق والصواب وصحيح حكم القانون، ويكون الطعن فيه في غير محله وعلى غير أساس سليم من القانون، الأمر الذي يتعين معه الحكم برفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه برفضه.