مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 792

(123)
جلسة 30 من يناير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عزيز بشاي سيدهم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير ومحمد محمود البيار وثروت عبد الله ومحمد معروف محمد - المستشارين.

الطعن رقم 2647 لسنة 32 القضائية

دعوى - الحكم في الدعوى - بطلان الأحكام.
عدم رد المحكمة على ما ورد بحافظة المستندات المقدمة من الطاعن أو الإشارة إليها وكذلك عدم الرد على دفاعه بطريق مباشر أو غير مباشر يشكل إخلالاً بحق من الحقوق الجوهرية وهو حق الدفاع - الأثر المترتب على ذلك: التأثير في الحكم بما يؤدي إلى بطلانه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 22 من يونيه سنة 1986 أودع الأستاذ الدكتور.... المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ .... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2647 لسنة 32 القضائية عليا في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا بجلسة 28 من إبريل سنة 1986 في الدعوى رقم 175 لسنة 14 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد السيد/ ..... والذي قضى بمجازاته بالفصل من الخدمة.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء الحكم مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات. ومقابل أتعاب المحاماة وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ووقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجدداً ببراءة الطاعن مما هو منسوب إليه. وعين لنظر الطعن جلسة 28 من إبريل سنة 1986 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة وتداول نظره على النحو الموضح بمحاضر الجلسات وبجلسة 9 من ديسمبر سنة 1987 قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره بجلسة 26 من ديسمبر سنة 1987 وبتلك الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق، في أنه بتاريخ 27/ 11/ 1985 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة تقرير اتهام ضد..... مشرف مشروع الدواجن بالوحدة المحلية لقرية البكاتوش مركز قلين بالدرجة الرابعة ورد به أنه خلال المدة من 26/ 5/ 1983 حتى 30/ 6/ 1984 بدائرة الوحدة المحلية لقرية البكاتوش مركز قلين محافظة كفر الشيخ لم يؤد عمله بأمانة وخالف القواعد والأحكام المالية مما أدى إلى المساس بمصلحة مالية للدولة وذلك بأن اشترك مع..... في اختلاس كمية قدرها 939 جرام و612 كيلو و4 طن من العليقة بمزرعة الدواجن بقرية البكاتوش والبالغ قيمتها 1049.946 جنيه وستراً لذلك اشتراك مع المذكور في تزوير محاضر استهلاك العليقة بالمزرعة بأن حرر أصولاً لتلك المحاضر تخالف صورتها المودعة بالمخازن مرتكباً بذلك المخالفة المالية والإدارية المنصوص عليها بالمواد 76/ 1، 77/ 3/ 4، 78/ 1 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المتهم المذكور تأديبياً بالمواد الواردة بتقرير الاتهام وأودعت النيابة الإدارية مع تقرير الاتهام مذكرة بوقائعه وأسانيد ثبوته وملف الدعوى التأديبية رقم 273 لسنة 1985 التي تتلخص وقائعها فيما أبلغت به الوحدة المحلية لمركز ومدينة قلين بكتابها رقم 1301 في 31/ 1/ 1985 النيابة الإدارية بكفر الشيخ من أن مشرف الدواجن بمركز قلين أعد مذكرة قرر فيها أنه بالتفتيش على مزرعة دواجن البكاتوش تبين له وجود اختلاف في كميات العليقة المستهلكة في الفترة من 26/ 5/ 1983 إلى 30/ 6/ 1983 بين ما أثبت بمحاضر الاستهلاك الموجودة بالمزرعة وصورها المودعة بالمخازن رغم اعتمادها جميعاً من المختصين بالقرية وأن كمية العليقة المستهلكة بالمحاضر الموجودة بالمزرعة بلغت 61 جرام و577 كيلو و98 طن في حين أن نظيرتها بالمخازن 190 كيلو و103 طن وتناولت النيابة الإدارية الواقعة بالتحقيق حيث قرر..... مدير إدارة التنمية بمجلس مدينة قلين أنه شكلت لجنة برئاسته لفحص أعمال المزرعة أسفرت عن اختلاف كمية العليقة المستهلكة بمقتضى المحاضر الموجودة بالمزرعة ونظيرتها المودعة بالمخازن وعلل ذلك بأنها محاولة لتسوية عجز في كميات العليقة وأن ذلك مسئولية كل من وقع على محاضر الاستهلاك وبسؤال..... قرر أنه كان يعمل أميناً لمخازن قرية البكاتوش حتى نهاية عام 1983 وأنه قد تأكد من مراجعة الصور الخاصة باستهلاك كمية العليقة من 26/ 5/ 1983 حتى 10/ 9/ 1983 على أصولها وأنه لا يستطيع تعليل عدم مطابقة الصور للأصول سوى أنه ربما يكون...... و...... قد أخذا توقيعه على الأصول الموجودة بالمزرعة سهواً وبسؤال....... سكرتير قرية البكاتوش أقر بتوقيعه على أصول المحاضر الموجودة بالمزرعة وعدم توقيعه على الصور الموجودة بالمخازن وأنه كان قد وقع على صور أخرى مطابقة للأصل الموجود بالمزرعة وأنه إذا كان هناك تلاعب في تحرير هذه المحاضر وصورها فتلك مسئولية مشرفي المشروع..... و..... وبسؤال الأخير قدم أصول محاضر الاستهلاك وتبين عدم مطابقتها للصور المقدمة بمعرفة أمين المخازن في جميع بياناتها وقرر أن المحاضر الموجودة بالمزرعة هي السليمة وأنه كان يحررها هو وزميله...... ويسلمها إلى أمين المخازن وأنه لا يستطيع تعليل الاختلاف بينهما وبسؤال...... رئيس قرية البكاتوش أقر باعتماده محاضر استهلاك التغذية بعد اعتماد مشرف المشروع لها وعلى مسئوليته هو وأمين المخزن وأنه كان يتعين على أمين المخزن تحري الدقة عند استلام الصورة ومطابقتها للأصول الخاصة بها وباستدعاء...... مشرف المشروع تبين أنه في إجازة لمدة عام للعمل بالخارج وقد انتهت النيابة الإدارية إلى قيد الواقعة مخالفة مالية إدارية ضد.... (المطعون ضده) و.... مشرفي مشروع الدواجن بالوحدة المحلية بقرية البكاتوش و..... رئيس مجلس القرية و.... أمين المخازن واقترحت مجازاتهم إدارياً وبتاريخ 24/ 7/ 1984 أصدر رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة قلين القرار رقم 354 لسنة 1985 بمجازاتهم بعقوبة الخصم من راتبهم وبعرض الأوراق على الجهاز المركزي للمحاسبات رأى أن الجزاء الموقع على المطعون ضده لا يتناسب البتة وجسامة المخالفات الثابتة في حقه وأن الأمر يقتضي إحالته إلى المحاكمة التأديبية ومن ثم وافق السيد وكيل الجهاز المشرف على الإدارة المركزية الأولى للمخالفات المالية بتاريخ 3/ 8/ 1985 على إحالة المطعون ضده إلى المحاكمة التأديبية.
وبجلسة 28 من إبريل سنة 1986 أصدرت المحكمة التأديبية بطنطا حكمها المطعون فيه وبقضي بمجازاة السيد/ ..... بالفصل من الخدمة وأسست المحكمة حكمها على أن الثابت من الأوراق وهو صور من محاضر استهلاك العليقة بمخازن قرية البكاتوش عن الفترة من 26/ 5/ 1983 حتى 30/ 6/ 1984 تختلف عن أصولها الموجودة بمزرعة الدواجن بنفس القرية بما يفيد استهلاك كمية من العليقة بصورة المحاضر أكثر مما هو ثابت بأصولها الأمر الذي يتضح منه أن الصور أعدت خصيصاً لإيداعها المخازن لتسوية كمية من العليقة المنصرفة منها وإبقاء الأصول بالمزرعة بما يوافق الاستهلاك الحقيقي الأمر الذي يتأكد معه أن هناك اختلاساً لكمية الفروق بين الكميتين وقدرها 939 جرام و612 كيلو و4 طن وأن ذلك اقترن بالتزوير في صور المحاضر الخاصة باستهلاك العليقة المسلمة للمخازن وقد ثبت أن المتهم المذكور (المطعون ضده) اشترك مع زميله....... في اختلاس الكمية المذكورة من العليقة الخاصة بمزرعة دواجن قرية البكاتوش وستراً لذلك اشترك مع زميله...... في تزوير محاضر استهلاك العليقة بالمزرعة وبذلك يكون قد خرج على مقتضى الواجب الوظيفي ولم يؤد عمله بأمانة وانتهت إلى مجازاته بعقوبة الفصل.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بطلانه ومخالفته للقانون للأسباب الآتية:
(أولاً) مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، إذ جاء الحكم المطعون فيه مخالف للقانون فقد أخطأ في تقدير الوقائع مما أدى إلى خطأ للإسناد والقيد والوصف إذ أنه بعد أن انتهت النيابة الإدارية بكفر الشيخ إلى أن هناك فرقاً في كميات العليقة مما هو مدون بأصول محاضر الاستهلاك في المدة وبالكمية سالفة البيان وأسندت هذا العجز بعد وصفه بأنه اختلاس إلى الطاعن ومشرف المزرعة السيد/ ...... عادت النيابة الإدارية وقصرت الاتهام على الطاعن وحده - لأمر غير معلوم بالأوراق - وحقيقة الأمر أن نظام العمل كان يتم بالمزرعة خلال المدة المشار إليها بتقرير الاتهام على الوجه الآتي: تصرف كميات العليقة من المخزن باسم العمال المقيمين بها ليل نهار وهو ما تؤيده صور أذون الصرف الموقع عليها من أمين المخزن ووظيفة الطاعن وزميله....... تنحصر في الإشراف الفني على المزرعة والأمر بتقديم العليقة طبقاً لمعدلات رسمية محددة سلفاً وليس من واجبات وظيفته صرف أو استلام العليقة وكان زميل الطاعن السيد/ ...... يقوم بقيد الكميات اليومية في الكشف الإجمالي بعد انتهاء دفعة الدواجن توقع عليها لجنة مسئولة كما أن السيد/ ...... كان يقوم باستلام الكمية من العليقة من المخازن الرئيسية وإحضارها وتنظيمها وتحرير استمارات الصرف وتسلمها لأمين المخزن مع فاتورة الشراء لإضافة العليقة بالمخازن ومن ذلك يبين أن الطاعن ليس مسئولاً عن وجود أي عجز أو اختلاس في الكمية المنصرفة وهو ما لم يستوف التحقيق بشأنه من قبل النيابة الإدارية والمحكمة التأديبية كما أن التحقيق لم يستكمل بسؤال السيد/ ...... والسيد/ ...... رئيس قسم المشروعات وسكرتير القرية في ذلك الوقت كما لم تقم النيابة الإدارية والمحكمة التأديبية بفحص الأوراق المحالة إليها إذ أن هناك تصليحات في كمية التغذية المنصرفة من المخازن إلى المزرعة باستمارات الصرف فضلاً عن أن هناك معدلات مخزنية للتلف والفقد متعارف عليها في مثل صنف العليقة التي قد تتلف بمضي المدة ويفقد جزء منها أثناء نقلها من المخزن إلى محل الاستهلاك ولم تقم النيابة الإدارية والمحكمة الإدارية بتبين ذلك كما أن اللجنة التي بحثت الموضوع لم يثبت أنها قامت بجرد المخزن بالمزرعة على الطبيعة ومقارنة كشوف الصرف بالكمية الموجودة بالمخزن والمنصرفة منه حتى تتبين حقيقة العجز أو الاختلاس وما إذا كان سببه راجعاً إلى أمين المخزن أو إلى من قام بالصرف فعلاً وهم العمال، فضلاً عن أن تقرير اللجنة سالفة الذكر لم يثبت أن هناك عجزاً بالمخازن مما يؤكد عدم وجوده أصلاً وقد يكون الأمر مختلفاً والمستقر فقهاً وقضاء أن العامل لا يسأل إلا بالقدر المتيقن في حقه.
(ثانياً) عدم كفالة حق الدفاع إذ أن الحكم المطعون فيه قد أغفل حق الدفاع للطاعن في الأمور الآتية: ( أ ) طلب الطاعن استكمال التحقيق بسؤال كل من..... و.... أمام المحكمة ولم تلفت المحكمة لهذا الدفاع الذي أوضح المتهم أهميته بالنسبة لدرء الاتهام عنه (ب) لم يذكر الحكم في معرض استعراضه للوقائع بذكر دفاع المتهم في تحقيقات النيابة الإدارية ولم ينفذه ولم يلتفت إليه.
(ثالثاً) قصور التسبيب، ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يقم الدليل على إسناد الواقعة إلى الطاعن إنما استعرض تحقيقات النيابة الإدارية فقط في حين أن استعراض الحكم للوقائع وحدها لا يصلح تسبيباً للحكم.
(رابعاً) مخالفة صريح نص القانون، ذلك أن المادة 39 من قانون مجلس الدولة أوجبت وقف الدعوى التأديبية حتى يتم الفصل في الدعوى الجنائية، ولما كانت المخالفة المسندة إلى الطاعن هي اختلاس كمية من العليقة بلغت قيمتها 1049.946 جنيه ووزنها 93 جرام و612 كيلو و4 طن فقد كان الأمر يحتم على المحكمة أن تحيل الأمر إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها نحو الواقعة ثم توقف الأمر لحين الفصل في الدعوى الجنائية وهو ما لم تقم به المحكمة مما يشوب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون.
(خامساً) من المبادئ المستقرة في شرعية العقاب التأديبي عدم جواز توقيه عقوبتين على فعل واحد وقد أشار الحكم المطعون فيه إلى أن الجهة الإدارية قد وقعت عقوبة الخصم من راتب الطاعن بالقرار رقم 354 لسنة 1985 وأن الجهاز المركزي للمحاسبات قد طلب إبعاده عن الأعمال المالية والمخزنية وقرر خصم قيمة العليقة من راتبه مناصفة مع السيد/ ..... ثم قضت المحكمة بعد ذلك بفصل الطاعن وفي ذلك مخالفة للمبدأ المشار إليه كما أن عقيدة المحكمة لم تتكون من خلال الأوراق جميعها ولم تقم بمقابلة أدلة الاتهام بما هو ثابت بالتحقيقات.
(سادساً) بطلان الإجراءات ويبين ذلك في عدم إعمال التعليمات المالية والمخزنية وتحريك الدعوى بدون استكمال الإجراءات التي نصت عليها اللائحة المالية للميزانية والحاسبات في المادة 79 منها في مثل هذه الحالات والتي نصت عليها لائحة المخازن في المادة 49 منها وأن تقاعس الجهة عن أعمال وجه التعليمات المالية والمخزنية أمر يعد خطأ من جانبها لا يصح أن يتحمله الطاعن وهذا القصور في اتخاذ الإجراءات حجب عن المحكمة التأديبية وقائع وحقائق مما يشوب الإجراءات بالبطلان وينعكس بالضرورة على الحكم بالبطلان.
ومن حيث إنه عما ينعيه الطاعن على الحكم المطعون فيه فإنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن فالثابت أن النيابة الإدارية بكفر الشيخ قد انتهت في تحقيقها في القضية رقم 273/ 85 كفر الشيخ في موضوع الطعن الماثل إلى ثبوت وجود عجز في كميات العليقة بمشروع الدواجن بالوحدة المحلية لقرية البكاتوش واستخلصت هذه النتيجة من اختلاف حجم الكميات المدونة في صور محاضر الاستهلاك بالمزرعة عما هو مدون بأصول هذه المحاضر المدونة بالمخازن ونسبت إلى الطاعن أنه اختلس كمية العجز والثابت من الاطلاع على حافظة مستندات المقدمة من الطاعن إلى المحكمة التأديبية بطنطا أن أذون الصرف في الفترة محل الاتهام (الفترة من 26/ 5/ 1983 حتى 30/ 6/ 1984 لا تتضمن اسمه من بين الذين قاموا باستلام العليقة في هذه الفترة فضلاً عن أن وظيفة الطاعن كمشرف على المزرعة مع زميله... تنحصر في الإشراف الفني على المزرعة والأمر بتقديم العليقة طبقاً للتعليمات ومن ثم فإنه ليس من وظيفتهما صرف واستلام العليقة ولقد دفع المطعون عليه اتهامه باختلاس كمية العجز بهذا الدفاع والثابت أن المحكمة لم ترد على ما ورد بحافظة المستندات المقدمة من الطاعن ولم تشر إليها ولم ترد على دفاع الطاعن بطريق مباشر أو غير مباشر ومن ثم فإن هذا يشكل إخلالاً بحق الدفاع وهو من الحقوق الجوهرية التي يترتب على الإخلال بها التأثير في الحكم بما يؤدي إلى بطلانه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن اللجنة المشكلة بالوحدة المحلية لمركز قلين قد انتهت في مذكرتها المؤرخة 13/ 1/ 1985 المعروضة على رئيس المركز قد أنهت في مذكرتها إلى القول بوجود اختلاف بين كمية العليقة المستهلكة بمحاضر الاستهلاك الموجودة بالمزرعة ونظيرتها الموجودة بالمخازن واقتصرت اللجنة على القول بوجود هذا الاختلاف ونسبته إلى المسئولين عن استهلاكات المزرعة ولم تقم اللجنة بجرد المخزن بالمزرعة على الطبيعة ومقارنة الكميات الموجودة به بالكميات المنصرفة بأصول المحاضر وصورها حتى تتبين حقيقة العجز ومقداره وتتأكد من وجدود اختلاس من عدمه ويتضح لها أسبابه إن وجد وتحدد المسئولية عن هذا العجز، ولما كان إجراء الجرد الفعلي يعد أمراً جوهرياً في إثبات وجود العجز الفعلي من عدمه وتحديد المسئولين عنه إن وجد فإن تخلف اللجنة عن القيام بهذا الإجراء يترتب عليه زعزعة النتيجة التي انتهت إليها وعدم الثقة بها ومن ثم فإن تقرير هذه اللجنة كان ينبغي أن تأخذه المحكمة دليلاً تستخلص منه إدانة الطاعن بجريمة الاختلاس والتزوير على النحو الذي تبناه الحكم المطعون فيه مما يجعل الحكم معيباً لاستخلاصه النتيجة التي انتهى إليها استخلاصاً غير سائغ.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى ثبوت اتهام الطاعن باختلاس كمية العليقة المنوه عنها بالأوراق وتزوير محاضر الاستهلاك ولم يبين الحكم أدلة هذا الثبوت بل اكتفى بسرد الوقائع المستخلصة من تقرير اللجنة وتحقيق النيابة الإدارية ولا يعد ذلك دليلاً كافياً في إسناد الاتهام إلى الطاعن بما يجعل الحكم المطعون فيه مشوباً بالقصور في التسبيب.
ومن المقرر أن من الضمانات الأساسية للعامل وجوب تسبيب الأحكام التأديبية على أن يكون التسبيب كافياً ومنتجاً في فهم الواقع إذ أن الحكم التأديبي يجب أن يقوم على كامل سببه حتى يكون الجزاء متلائماً مع التهمة المسندة إلى المتهم وإلا اختلت الموازين وأهدرت العدالة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى مجازاة الطاعن بعقوبة الفصل من الخدمة وكان الثابت أنه غير مستمد من أصوله التي تنتجها مادياً وقانونياً إذ أن النتيجة التي انتهى إليها منتزعة على خلاف الثابت بالأوراق لذلك فإن الطعن عليه يكون مستعداً إلى أسبابه التي تبرره مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن وإلغاء الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن الدعوى مهيأة للفصل فيها.
ومن حيث إن القدر المتيقن من المخالفات التي يمكن نسبتها إلى الطاعن هو توقيعه على محاضر الاستهلاك العليقة الخاصة بمشروع الدواجن بالوحدة المحلية بقرية البكاتوش عن المدة من 26/ 5/ 1983 حتى 30/ 6/ 1984 دون أن يتأكد من مطابقة أصولها المودعة بالمخازن بصورها المودعة بالمزرعة مما ترتب عليه وجود اختلاف بين الكميات المثبتة في الأصول عن تلك المثبتة بالصور وأن هذا الإهمال يشكل إخلال من الطاعن بواجبات وظيفته باعتباره إهمالاً في أداء هذه الواجبات وتقدر معه المحكمة الجزاء الذي توقعه عليه لهذا السبب بخصم أجر شهرين من مرتبه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة...... بالفصل من الخدمة وبمجازاته بخصم أجر شهرين من مرتبه.