مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 873

(137)
جلسة 13 من فبراير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي وصلاح عبد الفتاح سلامه وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد المنعم رفاعي عماره المستشارين.

الطعن رقم 1715 لسنة 30 القضائية

عقارات - الاستيلاء على عقار لصالح التربية والتعليم.
القانون رقم 521 لسنة 1955 بتخويل وزير التربية والتعليم سلطة الاستيلاء على العقارات اللازمة للوزارة ومعاهد التعليم والقانون رقم 252 لسنة 1960 في شأن تعديل بعض الأحكام الخاصة بنزع الملكية للمنفعة العامة والاستيلاء على العقارات.
اشترط المشرع لإمكان الاستيلاء على العقارات اللازمة لحاجة وزارة التربية والتعليم أو إحدى الجامعات أو غيرها من الجهات المنصوص عليها أن يكون العقار خالياً - مفهوم الخلو في حكم هذا الشرط ألا يكون أحد مالكاً أو مستأجراً شاغلاً عند صدور قرار الاستيلاء عليه حتى لا يترتب على هذا القرار إخراج شاغله جبراً عنه وهو ما لم يقصده المشرع - صدور حكم بتسليم العقار محل الاستيلاء لا يفيد في إثبات شغل العقار طالما أنه لم يكن مشغولاً بالفعل وقت صدور قرار الاستيلاء عليه - أساس ذلك: أن العبرة في شغل العقار بالحيازة الفعلية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 29/ 4/ 1984 أودع الأستاذ..... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 8/ 3/ 1984 في الدعوى رقم 492 لسنة 35 قضائية القاضي برفض الدفع ببطلان عريضة الدعوى وبرفض الدفعين بعدم قبول الدعوى وبإخراج المدعى عليهما الثاني والثالث من الدعوى بلا مصاريف، وبقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع برفضها وإلزام المدعيين بالمصاريف، وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء هذا الحكم والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد أعلن الطعن قانوناً. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين بالمصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 10/ 4/ 1985 وتداول نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات، حتى قررت بجلسة 1/ 12/ 1986 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) وحددت لنظره جلسة 20/ 12/ 1986 وفيها تم نظر الطعن على الوجه الثابت بمحضر الجلسة وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 24/ 1/ 1987 وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 7/ 2/ 1987 وفي الجلسة الأخيرة قررت المحكمة إعادة الدعوى للمرافعة لجلسة 28/ 3/ 1987، وفيه قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 9/ 5/ 1987 ثم مدت المحكمة أجل النطق بالحكم لجلسة 6/ 6/ 1987. وبناء على طلب الطاعنين قررت المحكمة إعادة الدعوى للمرافعة لجلسة 17/ 10/ 1987، وبناء على طلب الطاعنين لتقديم مستندات، وتداول نظر الطعن عن الوجه الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت المحكمة بجلسة 16/ 1/ 1988 إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل في أنه بتاريخ 11/ 12/ 1980 أقامت المدعيتان هذه الدعوى بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري ضد السيد رئيس الجمهورية بصفته وبصفته رئيساً للوزراء والسيد وزير التعليم والسيد وزير المالية والاقتصاد وجامعة حلوان (خصماً منضماً إلى المدعى عليهم) وطالبة فيه بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم 426 لسنة 1980 فيما تضمنه من الاستيلاء على الفيلتين المملوكتين لهما وحرمانهما من استعمالهما، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقالت المدعيتان في شرح دعواهما أن من بين الممتلكات التي شملتها تدابير الحراسة بموجب الأمر رقم 138/ 1961 وآلت الدولة بمقتضى القانون رقم 150 لسنة 1964 الفيلا رقم 10 شارع...... المملوكة للسيدة/...... والفيلا رقم 4 شارع....... المملوكة للسيدة/...... وبموجب عقد ابتدائي بتاريخ 10/ 4/ 1963 باعت الحراسة العامة الفيلتين والأرض الملحقة بهما إلى شركة التأمين الأهلية المصرية. وفي 28/ 6/ 1964 تم تسليم الفيلتين ومنقولاتهما إلى رئاسة الجمهورية لاستخدامهما في أغراض الضيافة. إلا أن الرئاسة صرفت النظر عن شرائهما حيث تم بيعهما في 12/ 4/ 1966 إلى وزارة التربية والتعليم بعقود ابتدائية لم تسجل، وقد لجأت المدعيتان إلى القضاء وصدر لصالحهما حكم بإلغاء عقدي بيع الفيلتين وتسليمهما إليهما، إلا أن الجهة الإدارية بادرت بعد إعلانها بالحكم لتنفيذه - إلى استصدار القرار الجمهوري رقم 426 لسنة 1980 بالاستيلاء بالإيجار على الفيلتين لصالح وزارة التعليم العالي. ونعت المدعيتان على القرار سالف الذكر مخالفته للقانون وصدوره مشوباً بعيب إساءة السلطة، إذ أنه يمثل تحدياً صارخاً لحكم نهائي حاز حجية الشيء المقضى به. ولما لم تفلح الإدارة في كسبه عن طريق القضاء تحاول بلوغه عن طريق تسخير الرخصة الاستثنائية في الاستيلاء. ومعنى ذلك الانحراف بسلطة الإدارة الاستثنائية لتعطيل تنفيذ الأحكام القضائية. كما أنه وفقاً لأحكام القانون رقم 521 لسنة 1955 بتخويل وزير التربية والتعليم سلطة الاستيلاء على العقارات اللازمة للوزارة ومعاهد التعليم بشرط أن يكون العقار خالياً، وقد بين الحكم الصادر لصالحهما في أسبابه في هذه المسألة الجوهرية، حيث أوضح أن الفيلتين مخصصتان للسكنى وأنه تبعاً لذلك يجب أن يسلما إلى صاحبتهما، وأن عقود البيع الواردة عليهما - كسكن خاص أعد فعلاً لذلك - تعتبر ملغاة. وأن من حقهما طبقاً لقواعد التيسيرات التي تقررت للخاضعين الاحتفاظ بالسكن الخاص الذي أعد فعلاً لذلك. وأن الإقامة الفعلية لا تعتبر شرطاً لإسباغ هذا الوصف عليه، وهذا يعني أن القرار المطعون فيه وقد انصب على سكنهما الخاص يعتبر منعدماً. بالإضافة إلى أنه لا توجد ضرورة قانونية أو فعلية تدعوا إلى استخدام سلطة الاستيلاء، إذ أن النية متجهة بالفعل إلى نقل مباني الكلية التي تستخدم الفيلتان إما إلى حلوان أو إلى مدينة السادات، الأمر الذي تنتفي معه حالة الضرورة التي تجيز الاستيلاء. ولو جاز الاستناد إلى أحكام قانون نزع الملكية وهو القانون العام الذي أشير إليه في ديباجة القرار، فإن هذه الأحكام لا تجيز الاستيلاء المؤقت إلا لضرورة ملحة ولمدة ثلاث سنوات. ويبدو أن القرار رغم الإشارة في ديباجته للقانون رقم 252 لسنة 1960 إلا أنه لم يعمل بأحكامه اللازمة بدليل أنه لم يحدد مدة الاستيلاء، ولم تتوافر في شأنه حالة الضرورة اللازمة، ومما يقطع ببطلان القرار المطعون فيه أنه استند إلى قانونين يجيزان الاستيلاء بشروط متشابهة لكي تجد الجهة الإدارية السند الشرعي لغصبها ولاعتدائها على القضاء، كما أوضحت المدعيتان في مذكرتهما المقدمة لمحكمة القضاء الإداري بجلسة 9 من يونيه 1983، أنه عند فرض الحراسة على أملاك المدعيتين عام 1961 بالتبعية للسيد/...... زوج المدعية الأولى ووالد المدعية الثانية، كانت الفيلتان مشغولتين بسكنهما حيث غادرتا البلاد معه بعد أن حصل على تصريح أمن عام في 10/ 1/ 1962 لمدة ثلاث سنوات للعمل بشركة في ألمانيا. وفي عام 1964 وقبل بيع الحراسة للفيلتين إلى وزارة التعليم العالي بحوالي سنتين صدر القرار الجمهوري رقم 1876 لسنة 1964 الذي أجاز صراحة لكل شخص من الأشخاص الخاضعين لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 أن يحتفظ بسكنه الخاص الذي كان يشغله والذي كان مملوكاً له. وإذ لم تسفر الشكاوى التي تقدمت بها المدعيتان للاحتفاظ بسكنهما الخاص في الفيلتين، فأقامتا دعوى أمام القضاء العادي انتهت بصدور حكم من محكمة استئناف القاهرة بجلسة 29/ 3/ 1979 في موضوع الاستئناف رقم 134 لسنة 99 قضائية يقضي بإلغاء عقدي بيع الفيلتين وتسليمهما إليهما. وجاء بأسباب هذا الحكم أن الخاضع للحراسة من حقه الاحتفاظ بسكنه الخاص. وتبعاً لذلك فإن عقود البيع الصادرة من الحراسة ببيع سكن الخاضع للحراسة تعتبر ملغاة. كما أنه لا يشترط أن يكون الخاضع للحراسة شاغلاً بنفسه للعقار المملوك له، والذي يطلب الاحتفاظ به وقت صدور التيسيرات المذكورة طالما أن حقه ثابت لسكنه الخاص. وهدف المشرع ليس السماح له بالسكنى فقط وإنما تعود إليه الملكية فينتفع بأوجه الانتفاع المقررة قانوناً وهي الاستغلال والاستعمال والتصرف. وبدلاً من تنفيذ هذا الحكم صدر القرار المطعون فيه مهدراً حجية الحكم الصادر لصالحهما. وهذا القرار يعد مخالفاً للقانون لأنه لا يجوز اللجوء إلى القرار الإداري لتعطيل تنفيذ الأحكام القضائية إلا لضرورة قصوى يترتب عليها إخلال خطير بالأمن العام أو الصالح العام وليس في الأوراق ما يثبت أن الإدارة عاجزة عن الاستيلاء على عقارات أخرى أو شرائها أو نقل طلبه الكلية إلى جهة أخرى. وأكدت المدعيتان أن شرط خلو العقار للاستيلاء على الفيلتين - لم يكن متحققاً عند صدور القرار المطعون فيه لأنهما كانتا تشغلان الفيلتين حتى يناير 1962، ولم تتنازلا عن حيازتهما بدليل أن الحراسة عندما اغتصبت حيازتهما وجدت المفروشات والمنقولات بذات وضعها قبل المغادرة المؤقتة للمدعيتين وهذا ثابت بالحكم الاستئنافي، كما أن إدعاء جامعة حلوان حيازتهما للفيلتين اعتباراً من عام 1955 وقبل فرض الحراسة هو إدعاء غير صحيح. وقد نظرت محكمة القضاء الإداري الشق العاجل من الدعوى على النحو الثابت بمحاضر الجلسات. وأودع الحاضر عن الحكومة حافظة ضمت كتاب جهاز تصفية الحراسات بالرد على الدعوى. وطلبت جامعة حلوان بجلسة 17/ 3/ 1981 قبولها خصماً منضماً إلى المدعى عليهم، وأودعت حافظة المستندات المتعلقة بموضوع النزاع، ومذكرة طلبت في ختامها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة ولعدم سابقة التظلم وعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، واحتياطياً الحكم برفض وطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعيتين بالمصروفات ومن باب الاحتياط الكلي برفض الدعوى وإلزام المدعيتين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وبجلسة 5/ 5/ 1981 حكمت محكمة القضاء الإداري أولاً: بقبول تدخل جامعة حلوان خصماً منضماً إلى المدعى عليهم. ثانياً: برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعيتين بمصاريف هذا الطلب. ثم أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني بالنسبة لطلب الإلغاء ارتأت فيه بعد التأكد من سند الوكالة رفض الدفع المبداة بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها، وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهم بالمصروفات. وبجلسة 8/ 3/ 1984 قضت محكمة القضاء الإداري في طلب الإلغاء، برفض الدفع ببطلان عريضة الدعوى، وبرفض الدفعيين بعدم قبول الدعوى، وبإخراج المدعى عليهما الثاني والثالث من الدعوى بلا مصاريف وبقبول الدعوى شكلاً، وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعيتين بالمصروفات. وشيدت المحكمة قضاءها على أن الدفع المبدى من جامعة حلوان ببطلان صحيفة الدعوى واعتبارها كأن لم تكن وهو ما عبرت عنه الجامعة بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، استناداً إلى عدم توكيل المدعيتين للمحامي الذي وقع صحيفة الدعوى. هذا الدفع غير صحيح لما ثبت من أن موقع صحيفة الدعوى وكيل عن المدعية الثانية ونائب عن وكيل المدعى عليها الأولى، كما وأن توقيع صحيفة الدعوى من محام كإجراء من إجراءات التقاضي لا يستلزم سند وكالة - طبقاً لما تقضي به المادة 87 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 المقابلة للمادة 58 من القانون رقم 17 لسنة 1983، بينما نصت المادة 89 من القانون رقم 61 لسنة 1968 على أن للمحامي أن يحضر عن الموكل بمقتضى توكيل خاص أو عام، وهذه المغايرة تؤيد أن توقيع عريضة الدعوى كإجراء من إجراءات التقاضي لا يستلزم سند وكالة. وعن دفع إدارة قضايا الحكومة بإخراج المدعى عليه الثاني (وزير التعليم العالي) ووزير المالية والاقتصاد، فقد أجابت المحكمة إدارة قضايا الحكومة إلى هذا الطلب استناداً إلى أنه لا يبدو من الأوراق أن أحد منهما مصدر القرار المطعون فيه، أو له صفة في طلب الإلغاء خاصة بعد أن تدخلت جامعة حلوان المستفيدة من عين النزاع. وعن دفع جامعة حلوان بعدم قبول الدعوى لعدم سابقة التظلم من القرار المطعون فيه المبدى من جامعة حلوان فقد رفضته المحكمة لأنه ليس من بين القرارات التي استلزمت المادة 12 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 التظلم منها لقبول طلب الإلغاء، وعين الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد استناداً إلى أن نائباً عن المدعيتين وهو الدكتور...... قد أخطر بالقرار المطعون فيه وسلم إليه بتاريخ 13/ 9/ 1980 في حين أن الدعوى أقيمت في 11/ 12/ 1980 أي بعد فوات الميعاد القانوني فقد رفضت المحكمة هذا الدفع على سند من أنه لا يوجد دليل يؤكد أن الدكتور يعد من أصحاب الشأن، وأن إخطاره بالقرار المطعون فيه لا يقوم مقام إعلان المدعيين إعلاناً يبدأ من تاريخه حساب الميعاد المقرر لرفع دعوى الإلغاء. ولا يفيد هذا الإخطار العلم اليقيني من جانب المدعيتين بالقرار المطعون فيه. ومتى كان ذلك ولم يثبت إعلان المدعيتين بالقرار المطعون فيه، أو علمهما به علماً يقينياً في تاريخ معين سابق على رفع الدعوى بأكثر من ستين يوماً، فإن الدفع المشار إليه يكون على غير أساس سليم مما يتعين الحكم برفضه وقبول الدعوى شكلاً، وعن القرار المطعون فيه قالت المحكمة أنه قد أشار في ديباجته إلى القانون رقم 521 لسنة 1955، والقانون رقم 252 لسنة 1960 في شأن تعديل بعض الأحكام الخاصة بنزع الملكية للمنفعة العامة والاستيلاء على العقارات. ونص في مادته الأولى على أن يستولى بالإيجار على كل مباني والأرض المحيطة بعقاري النزاع المتخذين مقراً لكلية الفنون الجميلة بالقاهرة التابعة لجامعة حلوان والمملوكتين، وأنه وفقاً لأحكام القانون رقم 521 لسنة 1955 والقانون رقم 252 لسنة 1960 فإن رئيس الجمهورية هو السلطة المختصة قانوناً بالاستيلاء على أي عقار خال يكون لازماً لوزارة التعليم ومعاهدها، وتقصت المحكمة وقائع الدعوى وخلصت منها إلى أنه عند صدور القرار المطعون فيه كانت الفيلتان محل الاستيلاء خاليتين، لأن الثابت أن المدعيتين غادرتا البلاد إلى الخارج في أول عام 1962 صحبة زوج الأولى ووالد الثانية السيد/......، ومهما يكن من أمر هذه المغادرة وسواء أكانت مؤقتة أو دائمة فإن المستفاد من أوراق الدعوى أنهما ظلتا في الخارج منذ عام 1962 وحتى تاريخ صدور القرار المطعون فيه في 10/ 8/ 1980 وبعد ذلك دون عودة مستقرة بالوطن. ومعنى ذلك أنهما في هذا التاريخ ومن قبله لأكثر من أربع سنوات لم تكونا شاغلتين للفيلتين. ومن ثم فإنهما تكونان خاليتين خلواً يتيح الاستيلاء عليهما طبقاً للقانون رقم 251 لسنة 1955، كما أن القرار المطعون فيه ليس من شأنه الإخلال بحجية حكم محكمة الاستئناف المشار إليه في عريضة المدعيتين ومذكراتهما، لأن هذا الحكم لم يقض بإلغاء عقدي البيع على أساس أن المدعيتين تشغلان الفيلتين، ولم يسجل الحكم في مدوناته تحقق شغلهما لهما بل على العكس من ذلك فإن المستفاد من مدونات هذا الحكم أنه لم يعول على سكنى المدعيتين للفيلتين، ولم يجعل هذه السكنى مناطاً لأساس قضائه بإلغاء العقدين. وجاء بأسبابه أن هدف المشرع أن تعود إلى الخاضع للحراسة الملكية فينتفع بأوجه الانتفاع المقررة قانوناً وهي الاستغلال والاستعمال والتصرف. وإذا كان الحكم قضى بتسليم الفيلتين للمدعيتين فإنه كما يكون هذا التسليم عيناً يمكن أن يكون حكماً، كما إذا استبقت جهة الإدارة عين النزاع لتشغلها بأحد مرافقها لسبب آخر، فالملكية قد عادت للمدعيتين، وما سلم به الحكم من أن الفيلتين سكن خاص للمدعيتين لا يعني بالضرورة أنهما تشغلانهما فعلاً لأن الحكم لم يرتب خصوصية السكن على شغل العين، ولا تعارض بين أن يكون العقار سكناً خاصاً لمالكه ولا يشغله فعلاً، والمحقق أن المدعيتين لم تكونا شاغلتين للفيلتين لا في تاريخ صدور الحكم ولا عند صدور القرار المطعون فيه. والثابت من الأوراق أن جامعة حلوان كانت تشغلهما قبل صدور الحكم ولسنوات طويلة. وقد قصد القرار بقاء شغل الجامعة لهما، وهو قصد يتوقى إخلالاً جسيماً بأحد مواقع مرفق التعليم العالي لأن ترك الكلية لمبانيها يعني توقف نشاطها التعليمي وهي تضم الألوف من الطلبة. لذلك فإن القرار لم يستهدف تعطيل الحكم القضائي أو إهدار حجيته، وليست غايته، ولا من مراده المصادرة على هذه الحجية، ولكنه تغيا مصلحة عامة ولا عوار في القرار الطعين إذ استند في ديباجته إلى القانونين رقمي 251 لسنة 1955 و252 لسنة 1960، فالأول هو الذي أجاز الاستيلاء على أي عقار لصالح مرفق التعليم، والثاني عهد بذلك إلى رئيس الجمهورية، وخلصت المحكمة إلى صحة القرار المطعون فيه ورفض الدعوى موضوعاً.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون للأسباب الآتية: أولاً: أنه ينبني على حكم محكمة استئناف القاهرة الصادرة بجلسة 29/ 3/ 1979 - سالف الذكر - أن كل ما تم من إجراءات ومنها تسليم الفيلتين لجامعة حلوان يعتبر باطلاً وبالتالي تكون حيازة هذه الجامعة للفيلتين قبل صدور قرار الاستيلاء المطعون فيه غصباً الأمر الذي يترتب عليه أن الحيازة القانونية كانت للطاعنتين عند صدور قرار الاستيلاء إذ كانتا شاغلتين للفيلتين كما ثبت لدى محكمة الاستئناف بعد أن أمرت بجلسة 13/ 12/ 1976 رئيس جهاز تصفية الحراسات ضم الملف الخاص بالمستأنفين المرفق به المستندات المتعلقة بالفيلتين موضوع النزاع إذ وجد بهما مفروشات ومنقولات وبعض الملابس الخاصة بالطاعنتين. ومن ثم فإن ما انتهى إليه حكم محكمة القضاء الإداري من أن الفيلتين خاليتان عند صدور قرار الاستيلاء قد جانبه الصواب. ثانياً: استقر القضاء على انعدام قرارات الحراسة التي فرضت على الأفراد، ولما كانت وزارة التعليم العالي قد فرضت يدها على الفيلتين مثار النزاع استناداً إلى قرار فرض الحراسة على السيد/..... وعائلته وقامت الوزارة بدورها بتسليمها لجامعة حلوان، لذلك فإن حيازة جامعة حلوان للفيلتين مثار النزاع عند صدور قرار الاستيلاء الطعين تكون منعدمة. وتكون الحيازة القانونية وقت صدور القرار المطعون فيه للطاعنتين دون غيرهما وبالتالي يكون القرار قد صدر بالمخالفة لحكم القانون رقم 521 لسنة 1955 الذي اشترط أن يكون العقار خالياً. ثالثاً: أنه طبقاً لما تقضي به المادة 957 من القانون المدني فإن الحيازة لا تنقضي إذا حال دون مباشرتها السيطرة الفعلية على الحق مانع وقتي. كما تنص المادة 962 من القانون المدني على أنه "إذا تنازع أشخاص متعددين على حيازة حق واحد اعتبر بصفة مؤقتة أن حائزه هو من له الحيازة المادية إلا إذا ظهر أنه قد حصل على هذه الحيازة بطريقة معينة، وجاء بالطعن أنه ذكر ذلك في معرض دفاعه أمام محكمة القضاء الإداري وأوضح أنه إذا اغتصبت الحيازة بطريقة مخالفة للقانون اعتبر العقار في حيازة صاحب الحق القانوني، وتكون المدة التي كان العقار فيها تحت يد الغاصب كأن لم تكن. ولم يرد حكم محكمة القضاء الإداري على هذا الدفاع ولم يناقشه رغم أنه دفاع جوهري لذلك يكون الحكم قد خالف القانون. رابعاً: جاء بحكم محكمة القضاء الإداري أن قرار الاستيلاء على الفيلتين مثار النزاع ليس فيه إخلال بحجية حكم محكمة الاستئناف المشار إليه إذ لم يقم قضاؤه بإلغاء عقدي بيع الفيلتين إلى وزارة التعليم العالي على أن المدعيتين لشغلانها، ولم يجعل هذه السكنى مناطاً لأساس قضائه، وأنه جاء بأسباب الحكم "أن هدف المشرع ليس أن يسمح له بالسكنى فقط، وإنما تعود إليه الملكية فينتفع بأوجه الانتفاع المقررة قانوناً، وهي الاستغلال والاستعمال والتصرف وقد جانب حكم محكمة القضاء الإداري الصواب إذ فسر حكم محكمة الاستئناف تفسيراً خاطئاً حيث إن هذا الحكم الصادر من المحكمة الاستئنافية قد قصد إعادة الحال إلى ما كان عليه كاملاً بحيث يجوز للطاعنتين مباشرة كافة حقوقهما كمالكتين للفيلتين وبحيث يجوز لهما الاستمرار في سكنى الفيلتين والتي عبر عنهما الحكم بالاستعمال كما يجوز لهما الاستغلال والتصرف، بل وأن عبارة الحكم واضحة حينما قال أن هدف المشرع ليس أن يسمح للمالك بالسكنى فقط بل أن يباشر كافة حقوقه الأخرى كمالك، بمعنى أن هذا الحكم لم ينف حق السكنى على الإطلاق بل أكده. ولما كانت الطاعنتان حسبما هو ثابت بملف الحراسة العامة قد غادرتا البلاد مغادرة مؤقتة مع السيد/...... زوج الأولى ووالد الثانية، ولم يقصدا بحال ما ترك الفيلتين للغير بل كان قصدهما الإبقاء على الفيلتين مشغولتين بالمنقولات والأثاث الخاص بكل منهما وبعض الملبوسات بحيث يكون لكل منهما سكن خاص دائم عند العودة للوطن، وليس في القانون ما يحرم المواطن من الاحتفاظ بمسكنه الخاص به إذا سافر للخارج بقصد العودة للوطن في أي وقت يشاء سواء كان هذا السفر للعمل بالخارج أو للدراسة أو لأي سبب آخر، ولا يمكن القول بأن هذا السكن يعتبر خالياً خلال المدة التي يكون المواطن فيها بالخارج. وانتهى الطعن إلى طلب الحكم بقبوله شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء هذا الحكم وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات عن الدرجتين شاملة أتعاب المحاماة. وطلبت جامعة حلوان رفض الطعن بشقيه مع إلزام الطاعنتين بالمصروفات مستندة إلى ما قضى به الحكم المطعون فيه، وأودعت حافظة مستندات ضمت صورة ضوئية لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 703 لسنة 1987 باعتبار مشروع إقامة كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان بالقاهرة من أعمال المنفعة العامة والاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على العقارات اللازمة والمنشور في الجريدة الرسمية العدد 27 في 2 يوليو 1987. وقدم الحاضر عن الطاعنين مذكرة شرح ما اتخذته الطاعنتان من إجراءات بعد صدور حكم محكمة استئناف القاهرة بجلسة 29/ 3/ 1979 والذي قضى بإلغاء عقدي البيع المؤرخين 12/ 4/ 1966 والمتضمن بيع جهاز تصفية الحراسة إلى وزارة التعليم العالي الفيلتين موضوع العقدين وبتسليم المستأنفة الأولى الفيلا رقم 10 شارع..... بالزمالك وتسليم المستأنفة الثانية الفيلا رقم 4 شارع..... بالقاهرة حيث قامتا بإعلان الحكم إلى الجهة الإدارية لتنفيذ مقتضاه. وطلبنا من السيد وزير التعليم العالي تحديد أقرب وقت لإخلاء الفيلتين وتسليمهما إليهما، وبمجرد صدور قرار الاستيلاء تقدم محامي الطاعنتان بتظلم لسحب هذا القرار. ثم أقام نيابة عنهما بتاريخ 11/ 12/ 1980 دعوى أمام محكمة القضاء الإداري قيدت برقم 492 لسنة 35 قضائية طلباً فيها بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الجمهوري فيما تضمنه من الاستيلاء على الفيلتين وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار. وختم هذه المذكرة بأن الفيلتين موضوع هذا الطعن لا تستخدمان على الإطلاق بمعرفة جامعة حلوان للدراسة لطلبه كلية الفنون الجميلة الثابتة لهذه الجامعة نظراً لأن الفيلتين قديمتان ولا يحتوي كل منهما إلا على أربع حجرات فقط لا تصلح للتدريس. وقد أقامت الطاعنتان دعوى إثبات حالة أمام القضاء المستعجل وأحيلت إلى مجلس الدولة للاختصاص ولم يفصل فيها بعد. وانتهت المذكرة إلى طلب الطاعنتان الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار الصادر من السيد رئيس الجمهورية في 10/ 8/ 1980 برقم 426 لسنة 1980 بالاستيلاء على الفيلتين موضوع هذا الطعن وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات عن الدرجتين شاملة أتعاب المحاماة وقد تقدم وكيل الطاعنتين إلى المحكمة بطلب في 21/ 5/ 1987 - وكان الطعن محجوزاً للحكم لجلسة 6/ 6/ 1987. طالباً إعادة الطعن إلى المرافعة لتقديم مستندات فأجابته المحكمة إلى طلبه وأعادت الطعن للمرافعة لجلسة 17/ 10/ 1987، إلا أنه لم يقدم أي مستندات، وطلب بجلسة 14/ 11/ 1987 التأجيل - لأن الطاعنتين في سبيل إجراء صلح مع وزير التعليم - ليقدم ما يدل على هذا الصلح وأجابته المحكمة إلى طلبه أكثر من مرة ورغم ذلك لم يقدم شيئاً مع ملاحظة أن وزير التعليم ليس طرفاً في الطعن بل أخرجه الحكم المطعون فيه من الدعوى بلا مصاريف. وهو ما لم تطعن عليها الطاعنتان، ولم يقدم أي دليل آخر على هذا الصلح، ونفى الحاضر عن جامعة حلوان ذلك. بل قدم الحاضر عن الجامعة بجلسة 17/ 10/ 1987 صورة من قرار رئيس الجمهورية رقم 703 لسنة 1987 باعتبار مشروع إقامة كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان من أعمال المنفعة العامة والاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على العقارات اللازمة لذلك وهي محل النزاع وهو ما ينفي إبرام أي صلح من جانب الجهات المختصة قانوناً بإجرائه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد قام على أساس سليم من القانون بقضائه رفض الدفع ببطلان عريضة الدعوى، ورفض الدفعين بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً، مما يتعين تأييده في هذا الصدد للأسباب التي قام عليها.
ومن حيث إن الثابت من أوراق الدعوى أنه في 10/ 8/ 1980 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 426 لسنة 1980 ونص في مادته الأولى على أن "يستولي بالإيجار على كل من مباني العقارين والأرض المحيطة بهما الكائنتين 4 شارع...... بالزمالك، 10 شارع...... بالزمالك بالقاهرة التابعين لقسم قصر النيل بمحافظة القاهرة والمتخذين مقراً لكلية الفنون الجميلة بالقاهرة التابعة لجامعة حلوان، ومساحة العقار الأول المملوك للسيدة...... 2000 ألفان من الأمتار المربعة تقريباً، ومساحة العقار الثاني المملوك للسيدة/...... 2033.3 ألفان وثلاثة وثلاثون وثلاثة من عشرة من الأمتار المربعة تقريباً، وقد صدر هذا القرار مشيراً في ديباجته إلى القانون رقم 521 لسنة 1955 بشأن الاستيلاء بالإيجار على العقارات اللازمة لوزارة التربية والتعليم والقانون رقم 252 لسنة 1960 في شأن تعديل بعض الأحكام الخاصة بنزع الملكية للمنفعة العامة والاستيلاء على العقارات. ولما كانت المادة الأولى من القانون رقم 521 لسنة 1955 بشأن الاستيلاء بالإيجار على العقارات اللازمة لوزارة التربية والتعليم المعدلة بالقانون رقم 252 لسنة 1960 تقضي بأنه "يجوز لرئيس الجمهورية أن يصدر قرارات بالاستيلاء على أي عقار خال يراه لازماً لحاجة وزارة التربية والتعليم أو إحدى الجامعات المصرية أو غيرهما من معاهد التعليم على اختلاف أنواعها.... ويتبع في هذا الشأن الأحكام المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين. ومفاد ذلك أن القانون رقم 521 لسنة 1955 سالف الذكر قد اشترط لإمكان الاستيلاء على العقارات اللازمة لحاجة وزارة التربية والتعليم أو إحدى الجامعات أو غيرها من الجهات المنصوص عليها أن يكون العقار خالياً. ومفهوم الخلو في حكم هذا الشرط ألا يكون أحد مالكاً كان أو مستأجراً شاغلاً للعقار عند صدور قرار الاستيلاء عليه حتى لا يترتب على هذا القرار إخراج شاغله جبراً عنه وهو محظور أراد الشارع أن يتقيه. وإذ كان الثابت بيقين أنه في تاريخ صدور القرار الجمهوري سالف الذكر لم تكن الطاعنتان تشغلان عيني النزاع، إذ كانت تشغلهما من 12/ 4/ 1966 كلية الفنون الجميلة التابعة لجامعة حلوان بمقتضى عقدي البيع المؤرخين 12/ 4/ 1966 بين الحراسة العامة ووزارة التعليم العالي، ولا يمكن أن ينسب إلى جامعة حلوان أي خطأ أو اعتداء أو غصب في شغلها لعيني النزاع لأن وزارة التعليم العالي قد اشترتهما من الحراسة العامة بموجب عقدي البيع المؤرخين 12/ 4/ 1966 بعد فرض الحراسة على الطاعنتين. ولا يؤثر في ذلك، القول بانعدام قرار فرض الحراسة والقضاء بإلغاء عقدي البيع، فتلك أمور لا شأن بها للجهة شاغلة العين فلم تكن مصدرة لقرارات فرض الحراسة التي تقرر انعدامها، ولم تسلب من جانبها حيازة الطاعنتين. بل كانت حيازتها على عقد شراء ممن كان يملك البيع عند صدور العقد طبقاً للقوانين التي كان معمولاً بها في ذلك الحين. ومن ثم فإنه لا يجدي الطاعنتان نفعاً الاستناد إلى حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بجلسة 29/ 3/ 1979 والذي قضى بإلغاء عقدي البيع وتسليمهما الفيلتين سالفتى الذكر، إذ قام هذا الحكم على ما قرره رئيس الجمهورية بالقرار رقم 1876 لسنة 1964 - بموجب التفويض المنصوص عليه في القانون رقم 150 لسنة 1964 - في شأن سريان بعض القواعد على الأشخاص الخاضعين لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 التي تقضي بأنه يجوز لكل شخص من هؤلاء الأشخاص أن يحتفظ بمسكنه الخاص الذي يشغله فعلاً. وقد أشار الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة أنه لا خلاف بين الطرفين على أن الفيلتين محل عقدي البيع موضوع التداعي تمتلك كل من المستأنفين إحداهما وهي مسكن خاص لها ولا تمتلك مسكناً آخر غيره، لذلك كان من حقهما أن يطلبا إلغاء البيع الصادر من الحراسة إلى وزراء التعليم العالي. واستطرد الحكم إلى القول بأنه لا يشترط أن يكون الخاضع شاغلاً بنفسه للعقار المملوك له والذي يطلب الاحتفاظ به وقت صدور التيسيرات المذكورة طالما أنه معد فعلاً لسكنه إذ أن هدف المشرع ليس أن يسمح له بالسكنى وإنما أن تعود عليه إليه الملكية فينتفع بأوجه الانتفاع المقررة قانوناً وهي الاستغلال والاستعمال والتصرف ومن ثم فإن هذا الحكم لا يفيد الطاعنتين في إثبات شغلهما لعيني النزاع في تاريخ صدور القرار المطعون فيه. الأمر الذي يكون معه الإدعاء لعدم خلو الفيلتين من الطاعنتين غير قائم على سند صحيح من الواقع، لأنه لن يترتب على هذا القرار إخراجهما جبراً عنهما من عيني النزاع. كما أن الحكم المذكور قد صدر بإلغاء عقدي البيع استناداً إلى مخالفته لحكم المادة 7 من القانون رقم 150 لسنة 1964 وقرار رئيس الجمهورية رقم 1876 لسنة 1964 بإجازة احتفاظ الخاضع بمسكنه الخاص الذي كان يشغله، وبذلك لم يكن للبائع بين العقارين فلم يقضى ببطلان عقد البيع باعتباره بيعاً لملك الغير الذي لا يملك إبطاله إلا المشتري، ووصف العقار بالسكن الخاص المشغول بالمالك في حكم هذه النصوص ليس وصفاً عينياً يلحق العين على التأييد يلتصق بها لا يزاولها، وإنما وصف اشترطت النصوص المذكورة توافره عند العمل بأحكامه وبصدد تطبيقها فقط ولا يمتد إلى غير مجال إعمالها، وهو ما قرره صراحة حكم محكمة الاستئناف المشار إليه حين قرر أنه لا يشترط لتطبيق النصوص المذكورة أن يكون الخاضع شاغلاً بنفسه للعقار المملوك له والذي يطلب الاحتفاظ به وقت صدور التيسيرات المذكورة طالما أنه معد فعلاً لسكنه إذ أن هدف المشرع ليس أن يسمح له بالسكنى وإنما أن تعود إليه الملكية ينتفع بها بأوجه الانتفاع المقررة قانوناً وهي الاستغلال والاستعمال والتصرف. ولا يترتب علي صدور الحكم المذكور بأية حال اعتبار العقارين مشغولين فعلاً بالمالكتين عند صدوره وطوال المدة السابقة على ذلك كما لا يترتب عليه بأية حال زوال حيازة المشتري القائمة عند صدوره والتي قامت على سند من عقد بيع اطمأن إلى صدوره ممن يملكه وانتهى حكم أول درجة إلى سلامته وهي حيازة ظاهرة مستمرة، فالحيازة واقع قانوني قائم أن زوال الحق الذي قامت على سند منه بأثر رجعي فلا يمتد ذلك إليها فهي واقع قانوني قائم ولا يزول إلا بزوالها الحقيقي الفعلي بانتقالها من يد الحائز المحكوم بزوال حقه إلى المحكوم له بهذا الحق تنفيذاً للحكم أو لأي سبب آخر أو للغير، وهو قول غير متصور حتى في مقام الجدل الخالص لعدم استناده إلى أن مفهوم قانوني، فحيازة جامعة حلوان لعقاري النزاع كان قائماً عند صدور الحكم المشار إليه قياماً حقيقياً فعلياً، وهو ما قرره ذات الحكم بل وأوضح أن استعمال الحق في التيسيرات المقررة للخاضع بشأن السكن الخاص ليس هدفه السماح للخاضع المحتفظ بالسكنى وإنما بعودة الملكية إليه فينتفع بها بأوجه الانتفاع المقررة من استغلال واستعمال وتصرف؛ ولم يغير صدور الحكم من هذا الواقع القانوني الذي استوضحه وقرره، ولم يثبت من الأوراق خروج العين عند صدور القرار المطعون فيه أو قبل ذلك أن الفترة بين صدور الحكم وصدور قرار الاستيلاء المطعون عليه وتنفيذه، بل ظلت العين منذ صدور الحكم وحتى صدور قرار الاستيلاء تحت يد الحائز الحقيقي الفعلي وحدد جامعة حلوان المطعون ضدها بهذا الطعن، وبذلك فلم يكن العقاران عند صدور قرار الاستيلاء مشغولتين بالمالكتين المحكوم لصالحهما بحكم محكمة الاستئناف ولا بغيرهما غير جامعة حلوان التي استمرت حيازتها فكانت هي شاغلة العقار عند صدور الحكم وعند صدور قرار الاستيلاء المطعون عليه فما قضى به الحكم مع إلغاء البيع من تسليم العقارين للمالك لم يثبت تنفيذ الحكم بصدده فلم تنقل الحيازة من الحائز المحكوم ضده إلى المحكوم لصالحة بأي وجه من الوجوه المقررة قانوناً لذلك، فظل هو شاغلاً فعلاً للعقارين. وبذلك وإذ ثبت خلو الفيلتين من غير المستفيد من قرار الاستيلاء عند صدوره فيعتبرين خاليين في مدلول القانون رقم 521 لسنة 1955 المشار إليه الذي استند إليه قرار الاستيلاء رقم 426 لسنة 1980 وبذلك يعتبر العقاران خاليين في مدلول القانون رقم 521 لسنة 1955 المشار إليه على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة، وبذلك يكون القرار المطعون فيه قد صدر مطابقاً للقانون من حيث أركانه وغايته. ولا يقال أن الحيازة نشأت في أصلها بالغصب فاتسمت منذ البداية بسوء النية استناداً إلى ما قيل من أنه عند تخصيص العقارين استراحة لرياسة الجمهورية وهي واقعة ليست محل إنكار الطاعنين، ثم الاستيلاء عليهما بما فيهما من منقولات بل وأشياء شخصية من ملابس وغيرها حتى أخطرت الحراسة بعدم حاجة رياسة الجمهورية للعقارين، فتسلمتها ثم قامت بتسليمهما إلى كلية الفنون الجميلة وبيعهما لها، فالواقعة المذكورة تمت بعد بيع العقارين لشركة التأمين الأهلية في 10/ 4/ 1963، وقد تم تسلم الرياسة لهما في 28/ 6/ 1964، تحت يد كل من الحراسة وشركة التأمين الأهلية، ولكن لم تكن لا الحراسة العامة ولا كلية الفنون الجميلة مرتكبة ما ادعته الطاعنتان من أفعال وسمتاها بالغصب ولم تقم حيازة الحراسة العامة ولا كلية الفنون الجميلة على هذا الغصب المدعي بل إن حيازة الحراسة العامة وشركة التأمين الأهلية سابقة على الواقعة المدعاة لأن الحيازة ثابتة لها منذ فرض الحراسة، وإذا كانت خرجت من يدها إلى يد رئاسة الجمهورية فلم يثبت أن ذلك تم بغير علمها ورضاها على سبيل الغضب ولم يكن له موجب، بل كان يكفي لتحقيقه أمر من الذي فرض الحراسة أو من المسئول عن الحراسة لإتمام هذا التسليم الذي وصف بالغضب ولم يقيم عليه أي دليل من الأوراق سوى أقوال الطاعنين استناداً إلى ما نسبتاه من أقوال إلى خدمهما وعلى قولهما تم ذلك قبل تقرير التيسيرات لهما أي قبل نشوء حقها الذي كان سندهما في استصدار حكم محكمة الاستئناف المشار إليه. وإذ عادت الحيازة بعد ذلك من رياسة الجمهورية إلى الحراسة ثم سلمت هي العقارين إلى كلية الفنون الجميلة وأبرمت معهما عقد بيعهما، وبذلك لا يتفق مع الواقع أو القانون وصم هذه الحيازة بالغصب أو عدم المشروعية، بل نشأت حيازة صحيحة سليمة ممن كان يملك نقلها مطابقة لحكم القانون آنذاك مستندة إلى عقد بيع صحيح. وأخيراً فالقول بتعطيل القرار المطعون فيه للحكم الصادر من محكمة الاستئناف لصالح الطاعنين وقد صدر مؤكداً ما قرره الحكم من ملكية الطاعنين للعقار مقرراً الاستيلاء عليهما آخذاً بحكم القانون رقم 521 لسنة 1955 على سبيل التأجير، فصدر مستنداً إلى قانون يسوغه مطابقة لحكمه مستهدفاً تحقيق الصالح العام، ولم يتعرض للحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة وليس من شأنه تعطيل تنفيذه. فالقرار المطعون فيه لم يمس ملكيتهما، كما أن القضاء بتسليمهما الفيلتين لا يحول دون صدور قرار الاستيلاء، لأن العبرة في صحة القرار ليست بالتسليم من عدمه وإنما هي بخلو العقار أو شغله، وقد تحققت واقعة خلو العقار من الطاعنتين وغيرهما عدا المستفيد عن صدور قرار الاستيلاء، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه قد صدر صحيحاً وموافقاً للقانون. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض الدعوى موضوعاً فإنه يكون قد أصاب القانون في قضائه، ويكون الطعن عليه غير سديد ويتعين القضاء برفضه مع إلزام الطاعنين بالمصروفات عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وألزمت الطاعنين بالمصروفات.