أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 42 - صـ 138

جلسة 10 من يناير سنة 1991

برئاسة السيد المستشار: محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد وليد الجارحي، محمد محمد طيطه محمد بدر الدين توفيق وشكري جمعه حسين.

(27)
الطعن رقم 1679 لسنة 54 القضائية

(1 - 4) التزام "أوصاف الالتزام" "الشرط والأجل". إيجار. "إيجار الأماكن" "عقد الإيجار" "حظر إبرام أكثر من عقد إيجار". حكم "تسبيب الحكم".
1 - الشرط والأجل اختلاف كل منهما عن الآخر. مؤداه.
2 - الشرط الواقف. أثره وقف نفاذ الالتزام إلى أن تتحقق الواقعة المشروطة. النص في عقد إيجار شقة النزاع على بدء تنفيذه فور الحصول على حكم نهائي في الاستئناف بإخلائها من مستأجرها السابق. اعتبار العقد المذكور معلقاً على شرط وقف.
3 - تحقق الشرط الواقف أو الفاسخ في عقد الإيجار. ليس له أثر رجعي. علة ذلك. مؤداه. قيام الالتزامات الناشئة عنه من وقت تحقق الشرط. م 270/ 1 مدني.
4 - انتهاء الحكم المطعون فيه إلى عدم تحقق الالتزامات المترتبة على عقد إيجار الطاعن إلا من وقت تحقق الشرط الواقف بصدور حكم نهائي بفسخ عقد إيجار المستأجر الأول وترتبه على ذلك عدم انتقال تلك الالتزامات إلى المالكين الجديدين. لا خطأ. عدم جواز تحدي الطاعن بسريان عقد الإيجار في حق المالك الجديد إعمالاً لحكم المادة 22 ق 52 لسنة 1969. علة ذلك.
5 - بيع "دعوى صحة التعاقد". عقد "بطلان العقد".
الدعوى بصحة ونفاذ العقد. نطاقها. اتساعه لإثارة جميع أسباب بطلان التصرف.
6 - إيجار "إيجار الأماكن" "عقد الإيجار" حكم. "تسبيب الحكم" صورية التفات الحكم المطعون فيه عن دفاع الطاعن بأن بيع المؤجرة للعقار الكائن به شقة النزاع تم بالتواطؤ مع المشتري للتخلص من الالتزامات المترتبة على عقد إيجارها. لا عيب. الطعن بالتواطؤ والاحتيال. لا يفيد الطعن بالصورية.
1 - مفاد النص في المادتين 265، 271/ 1 من التقنين المدني يدل على أنه وإن كان كل من الشرط والأجل وصفاً يلحق الالتزام إلا أنهما مختلفان في قوامهما اختلافاً ينعكس أثره على الالتزام الموصوف، بينما لا يكون الالتزام المعلق على شرط محققاً في قيامه أو بزواله إذا بالالتزام المضاف إلى أجل يكون محققاً في وجوده ولكنه مؤجل النفاذ أو مؤجل الانقضاء.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن من شأن الشرط الواقف أن يوقف تنفيذ الالتزام إلى أن تتحقق الواقعة المشروطة فيكون الالتزام في التعليق موجوداً غير أن وجوده ليس مؤكداً، وكان مفاد النص في البندين الثالث والرابع من عقد الإيجار المؤرخ (....) المبرم بين الطاعن والمطعون ضدها الثانية على أن يبدأ العقد فور الحصول على حكم نهائي في الاستئناف رقم (...) بإخلاء الشقة موضوع النزاع من مستأجرها السابق واعتبار العقد كأن لم يكن وأن العقد معلق على شرط واقف غير محقق الوقوع هو صدور حكم الاستئناف المشار إليه لصالح المؤجرة، فإن ما يثيره الطاعن من أنه مقترن بأجل يكون على غير أساس.
3 - إذ كان تحقق الشرط في عقد الإيجار - واقفاً كان هذا الشرط أو فاسخاً - ليس له أثر رجعي لأن طبيعة هذا العقد باعتباره عقداً زمنياً يتنافى مع الأثر الرجعي للشرط فإن وجود الالتزامات الناشئة عنه إنما يكون في الوقت الذي تحقق فيه الشرط طبقاً للمادة 270/ 1 من التقنين المدني.
4 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه فيما أورده من أن الالتزامات المترتبة على عقد إيجار الطاعن لا تتحقق إلا اعتباراً من تاريخ تحقق الشرط الواقف في (...) بصدور الحكم النهائي بفسخ عقد إيجار المستأجر الأول، وأن المطعون ضدها الثانية - المؤجرة - كانت قد باعت العقار الذي تقع به العين المؤجرة إلى من تدعى (....) بعقد أشهر في (....) قبل تحقق الشرط، ثم باعت هذه الأخيرة العقار للمطعون ضده الأول بعقد أشهر في (....) ورتب الحكم على ذلك عدم انتقال الالتزامات الناشئة عن عقد الإيجار المؤرخ (....) إلى المالكين الجديدين لأنه لم يعتبره موجوداً إلا بعد زوال ملكية المؤجرة فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ولا يجدي الطاعن التمسك بحكم المادة 22 من القانون رقم 52 لسنة 1969 التي تقضي بسريان عقود الإيجار القائمة على المالك الجديد ولو لم يكن لسند الإيجار تاريخ ثابت بوجه رسمي سابق على انتقال الملكية ذلك أن خلافة المالك الجديد للمالك القديم في هذا الشأن مشروطة بأن يكون عقد الإيجار قائماً قبل التصرف الناقل للملكية وهو الأمر غير المتوافر في واقعة النزاع على ما سلف بيانه.
5 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الدعوى بصحة ونفاذ العقد تتسع لإثارة جميع أسباب البطلان أو عدم النفاذ التي توجه إليه التصرف. ومن ثم فإنه لا يجدي الطاعن ما أثاره من أن اعتراض المطعون ضده الأول على التسليم لا يحول دون القضاء بصحة ونفاذ عقد الإيجار الصادر لصالحه.
6 - لا يعيب الحكم - المطعون فيه - إن التفت عما جرى به دفاع الطاعن من أن بيع المطعون ضدها الثانية العقار المشتمل على الشقة موضوع النزاع تم بالتواطؤ مع من اشتريا هذا العقار وبقصد التخلص من الالتزامات التي رتبها عقد الإيجار سالف البيان ذلك أن هذا الدفاع لا يستند إلى أساس قانوني صحيح ولا يغير من النتيجة التي انتهى إليها الحكم مجرد الطعن بالتواطؤ والاحتيال لا معنى الطعن بالصورية ولا يفيده ومن ثم فهو غير مانع من جدية التعاقد ومن قيام الرغبة في إحداث آثار قانونية له.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدها الثانية الدعوى رقم 1663 لسنة 1980 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد الإيجار المؤرخ 20/ 3/ 1976 وبتسليمه الشقة موضوع هذا العقد. وقال شرحاً لذلك إنه استأجر الشقة المبينة في الصحيفة من المطعون ضدها المذكورة بالعقد سالف البيان، وقد نص في البند الثالث منه على التزامها بتسليمه العين المؤجرة عند صدور حكم لصالحها في الاستئناف رقم 2692 لسنة 52 ق القاهرة بإخلاء الشقة من مستأجرها السابق، وإذا امتنعت عن تسليمها له رغم تحقق هذا الشرط فقد أقام دعواه. تدخل المطعون ضده الأول في الدعوى بطلب رفضها تأسيساً على أن ملكية العقار المشتمل على تلك الشقة قد آلت إليه، وأنه يحوزها بصفته مالكاً لها. ومحكمة أول درجة حكمت برفض طلب التدخل موضوعاً وبصحة ونفاذ عقد الإيجار المشار إليه وبالتسليم. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 5014 لسنة 100 ق القاهرة. وبتاريخ 11/ 4/ 1984 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذا عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقول إن دفاعه أمام محكمة الموضوع قام على أن عقد الإيجار موضوع النزاع قد اكتملت له أركانه منذ تاريخ انعقاده ومن ثم فهو يسري في حق المطعون ضده الأول - المالك الجديد - إعمالاً لحكم المادة 22 من القانون رقم 52 سنة 1969، حتى ولو كان قد أرجئ تنفيذه باعتبار أن الحق المقترن بأجل حق كامل الوجود ويكون نفاذه مترتباً على حلول الأجل. كما دفع بأن بين المطعون ضدها الثانية العقار تخلصاً من آثار ذلك العقد. وإذا لم يفطن الحكم المطعون فيه إلى هذا الدفاع الجوهري ولم يقسطه حقه من التمحيص، وأقام قضاءه على أن عقد استئجاره لم يكن له وجود قبل تحقق الشرط الواقف بتاريخ 19/ 3/ 79 في حين أن هذا العقد نافذ بين طرفيه، وأن المنازعة التي أثارها المطعون ضده الأول قد اقتصرت - حسبما جاء بطلباته في الاستئناف المرفوع منه - على طلب إلزامه بتسليم الشقة موضوع النزاع دون طلب رفض الدعوى، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن النص في المادة 265 من التقنين المدني على أن: (يكون الالتزام معلقاً على شرط إذا كان وجوده أو زواله مترتباً على أمر مستقبل غير محقق الوقوع) وفي المادة 271/ 1 منه على أن: (يكون الالتزام لأجل إذا كان نفاذه أو انقضاؤه مترتباً على أمر مستقبل محقق الوقوع) يدل على أنه وإن كان كل من الشرط والأجل وصفاً يلحق الالتزام إلا أنهما يختلفان في قوامهما اختلافاً ينعكس أثره على الالتزام الموصوف على شرط محققاً في قيامه أو زواله إذا بالالتزام المضاف إلى أجل يكون محققاً في وجوده ولكنه مؤجل النفاذ ومؤجل الانقضاء. ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن من شأن الشرط الواقف أن يوقف تنفيذ الالتزام إلى أن تتحقق الواقعة المشروطة فيكون الالتزام في فترة التعليق موجوداً غير أن وجوده ليس مؤكداً وكان مفاد النص في البند الثالث والرابع من عقد الإيجار المؤرخ 20/ 3/ 1976 المبرم بين الطاعن والمطعون ضدها الثانية على أن يبدأ العقد فور الحصول على حكم نهائي في الاستئناف رقم 2692 لسنة 92 ق بإخلاء الشقة موضوع النزاع من مستأجرها السابق وإلا اعتبر العقد كأن لم يكن وأن العقد معلق على شرط واقف غير محقق الوقوع هو صدور حكم في الاستئناف المشار إليه لصالح المؤجرة، فإن ما يثيره الطاعن من أنه مقترن بأجل يكون على غير أساس. ولما كان تحقق الشرط في عقد الإيجار - واقفاً كان هذا الشرط أو فاسخاً - ليس له أثر رجعي لأن طبيعة هذا العقد باعتباره عقداً زمنياً تتنافى مع الأثر الرجعي للشرط فإن وجود الالتزامات الناشئة عنه إنما يكون في الوقت الذي تحقق فيه الشرط طبقاً للمادة 270/ 1 من التقنين المدني، هذا إلى أن القول بوجود عقد الإيجار سالف الذكر منذ تاريخ إبرامه في 20/ 3/ 1976 - إعمالاً للأثر الرجعي للشرط يتعارض مع الحظر الذي تفرضه المادة 16/ 3 من القانون رقم 52 سنة 1969 - الذي تخضع له واقعة النزاع. التي تحظر على المالك إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه، وإلا وقع العقد أو العقود اللاحقة للعقد الأول باطلاً. ذلك أن عقد الإيجار السابق الذي كان مبرماً مع المستأنف في الاستئناف رقم 2692 لسنة 92 ق القاهرة المشار إليه ظل حتى ذلك التاريخ قائماً أي لم يكن الحكم بفسخه قد أصبح نهائياً بعده والمقرر أن الطعن بالاستئناف يوقف حجية الحكم المستأنف مؤقتاً حتى يفصل في هذا الاستئناف. ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في قضائه وذلك بما أورده من أن الالتزامات المترتبة على عقد إيجار الطاعن لا تتحقق إلا اعتباراً من تاريخ تحقق الشرط الواقف في 19/ 3/ 1979 بصدور الحكم النهائي بفسخ عقد إيجار المستأجر الأول، وأن المطعون ضدها الثانية - المؤجرة - كانت قد باعت العقار الذي تقع به العين المؤجرة إلى من تدعى فاتن جابر عبد العال بعقد أشهر في 17/ 3/ 1977 - قبل تحقق الشرط، ثم باعت هذه الأخيرة العقار للمطعون ضده الأول بعقد أشهر في 26/ 9/ 1981، ورتب الحكم على ذلك عدم انتقال الالتزامات الناشئة عن عقد الإيجار المؤرخ 20/ 3/ 1976 إلى المالكين الجديدين لأنه لم يعتبره موجوداً إلا بعد زوال ملكية المؤجرة، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ولا يجدي الطعن التمسك بحكم المادة 22 من القانون رقم 52 سنة 1969 التي تقضي بسريان عقود الإيجار القائمة على المالك الجديد ولو لم يكن لسند الإيجار تاريخ ثابت بوجه رسمي سابق على انتقال الملكية ذلك أن خلافة المالك الجديد للمالك القديم في هذا الشأن مشروطة بأن يكون عقد الإيجار قائماً قبل التصرف الناقل للملكية وهو الأمر غير المتوافر في واقعة النزاع على ما سلف بيانه. كذلك فإنه لا يجدي الطاعن ما أثاره من أن اعتراض المطعون ضده الأول على طلب التسليم لا يحول دون القضاء بصحة ونفاذ عقد الإيجار الصادر لصالحه، ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الدعوى بصحة ونفاذ العقد تتسع لإثارة جميع أسباب البطلان أو عدم النفاذ التي توجه إلى التصرف، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه صحيحاً إلى أن عقد الإيجار الصادر للطاعن كان عقداً ثانياً وقت إبرامه ومن واقع باطلاً، وأنه عندما تحقق الشرط الواقف بفسخ عقد الإيجار الأول كانت ملكية المؤجرة قد زالت - وهو ما يستتبع ألا يكون العقد نافذاً في حق المطعون ضده الأول - المالك الجديد - الذي تدخل في الدعوى طالباً رفضها ويحول دون القضاء للطاعن بصحة ونفاذ ذلك العقد فإن النعي يكون على غير أساس. ولا يعيب الحكم إن التفت عما جرى به دفاع الطاعن من أن بيع المطعون ضدها الثانية العقار المشتمل على الشقة موضوع النزاع تم بالتواطؤ مع من اشتريا هذا العقار وبقصد التخلص من الالتزامات التي رتبها عقد الإيجار سالف البيان ذلك أن هذا الدفاع لا يستند إلى أساس قانوني صحيح ولا يغير من النتيجة التي انتهى إليها الحكم فمجرد الطعن بالتواطؤ أو الاحتيال لا يعني الطعن بالصورية ولا يفيده ومن ثم فهو غير مانع من جدية التعاقد ومن قيام الرغبة في إحداث آثار قانونية له.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.