مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 922

(145)
جلسة 16 من فبراير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار أبو بكر دمرداش أبو بكر نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد حمادة وجمال السيد دحروج وفاروق علي عبد القادر وعطية الله رسلان أحمد فرج المستشارين.

الطعنان رقما 3512 لسنة 29 القضائية و1362 لسنة 30 القضائية

اختصاص - ما يدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - (جامعة الشعوب الإسلامية والعربية) (قرار إداري).
قرار رئيس الجمهورية رقم 533 لسنة 1980.
يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالطعن على قرار صادر من الأمين العام للجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب العربية والإسلامية بإنهاء خدمة أحد موظفيها المصريين - أساس ذلك - تبعية الجمعية المذكورة للإشراف المباشر لرئيس الجمهورية - لا وجه للقول بإعمال اتفاقية حصانات وامتيازات الجامعة العربية على الموظفين السابقين الموجودين بمصر بعد نقل مقر الجامعة إلى تونس - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 25 من أغسطس عام 1983 أودع الأستاذ المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة تقرير طعن بقلم كتاب المحكمة في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 29/ 6/ 1983 في الدعوى رقم 863 لسنة 35 ق المقامة من الدكتور...... ضد رئيس الجمهورية ووزير الخارجية وأمين عام جامعة الشعوب الإسلامية والذي قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات، وطلب الطاعن في تقرير طعنه الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وإعادتها إليها للفصل في موضوعها مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وأعلن تقرير الطعن لهيئة قضايا الدولة بتاريخ 3/ 9/ 1983.
وبتاريخ الثلاثاء 27/ 3/ 1984 أودع الأستاذ الدكتور....... المحامي تقرير طعن بقلم كتاب المحكمة في ذات الحكم وذلك بصفته وكيلاً عن الدكتور..... وذلك بعد أن تقدم بتاريخ 26/ 7/ 1983 بطلب الإعفاء من الرسوم القضائية قيد برقم 211 لسنة 29 ق فصل فيه بتاريخ 31/ 1/ 1984 فأقام طعنه المشار إليه طلب فيه الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار إنهاء خدمة الطاعن وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد تم تحضير الطعنين بهيئة مفوضي الدولة وأودعت فيهما تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وبإعادتها إليها للفصل في موضوعها مع إبقاء الفصل في المصروفات.
ونظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 23/ 3/ 1987 وفيها قررت ضم الطعن رقم 1362 لسنة 30 ق إلى الطعن رقم 3512 لسنة 29 ق ليصدر فيهما حكم واحد. وبجلسة 3/ 6/ 1987 قررت الدائرة الثالثة فحص طعون إحالة الطعن للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة - وحددت لنظره جلسة 20/ 10/ 1987 وبهذه الجلسة وما تلاها سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات وبجلسة 29/ 12/ 1987 أرجأت المحكمة النطق بالحكم لجلسة اليوم مع التصريح بتقديم مذكرات خلال أسبوعين وقد قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة وردت في 12/ 1/ 1988 طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الطعن لرفعه بعد الميعاد، واحتياطياً برفضه موضوعاً.


المحكمة

بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن كلاً من الطعنين قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أن الدكتور...... قد أقام الدعوى رقم 863 لسنة 35 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 27/ 1/ 1981 ضد رئيس الجمهورية ووزير الخارجية وأمين عام جامعة الشعوب الإسلامية طلب فيها الحكم بإلغاء القرار رقم 183 الصادر من الأمين العام للجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب العربية والإسلامية بتاريخ 23/ 10/ 1980 بإنهاء خدمة المدعي اعتباراً من 14/ 10/ 1980 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وأسس دعواه على أنه يعمل مديراً عاماً بالإنابة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التابعة لجامعة الدول العربية وقد اتفقت غالبية هذه الدول على نقل مقر الجامعة من القاهرة إلى تونس وذلك كرد فعل من هذه الدول لإبرام مصر لاتفاقية كامب ديفيد ومعاهد السلام مع إسرائيل، وقد اختار المدعي البقاء في القاهرة مستجيب إلى قرار رئيس الجمهورية بعدم شرعية قرارات دول الرفض وبقاء الجامعة بمنظماتها في القاهرة وظلت الحكومة المصرية تدير الجامعة إدارة مباشرة حيث لم يعد هناك أعضاء بها غير مصر وظل موظفو الجامعة من المصريين يباشرون أعمالهم تحت الإشراف المباشر للحكومة المصرية إلى أن صدر قرار رئيس الجمهورية في 9/ 10/ 1980 متضمناً إنشاء جامعة الشعوب الإسلامية والعربية وقضى في مادته السابعة على أن يتولى الأمين العام الإشراف على جامعة الدول العربية السابقة ومنظماتها بالقاهرة وتوجيه أعمالها لخدمة جامعة الشعوب الإسلامية والعربية وأبلغت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بهذا القرار بكتاب الجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب الإسلامية والعربية بتاريخ 12/ 10/ 1980 وقد تضمن هذا الخطاب أنه تنفيذاً لهذا القرار فإنه اعتباراً من 9/ 10/ 1980 يعهد عدم اتخاذ أي إجراء بشأن الموظفين أو صرف أية مبالغ إلا بعد الرجوع إلى الأمانة العامة وأن يكون التوقيع الأول على الشيكات للأمين العام المشرف على جامعة الدول العربية السابقة والتوقيع الثاني للمسئول المالي وأن توافى الأمانة العامة خلال ثلاث أيام ببيانات عن الموظفين والمركز المالي والأرصدة النقدية، وبذلك تكون الجمعية التأسيسية قد أفصحت عن وضع أعضاء الجامعة العربية السابقة وأنهم مجرد موظفين تابعين للجمعية التأسيسية للجامعة الجديدة ومن ثم موظفين في الحكومة المصرية التي تعتبر الجمعية التأسيسية جزءاً لا يتجزأ منها، وعلى أثر ذلك توالت من الأمين العام للجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب العربية والإسلامية قرارات إنهاء خدمة العاملين بجامعة الدول العربية دون مبرر ومن بين هذه القرارات القرار المطعون فيه رقم 183 بتاريخ 23/ 10/ 1980 المتضمن إنهاء خدمة الطاعن المدعي اعتباراً من 14/ 10/ 1980. وأضاف المدعي في عريضة دعواه أنه تقرر إعلان المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في 14/ 10/ 1980 من قبل الجمعية التأسيسية بقرار رئيس الجمهورية الصادر في 9/ 10/ 1980 وتفسيراً من الجمعية له أرسلت خطاباً مضمونه أن إشراف الأمين العام للجمعية التأسيسية على جامعة الدول العربية ومنظماتها لا تخول له ممارسة الأعمال التقليدية من إدارية ومالية لأن ممارسة هذه الأعمال هما من صحيح صلاحيات المديرين العامين للمنظمات العربية، وأجاب الأمين العام على ذلك بالقرار المطعون فيه مما يؤكد أن الفصل كان نتيجة لتلك المذكرة وأنه استند في ديباجته على هذه المذكرة. ونعى الطاعن على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون لأن الفصل قد تم دون مبرر ظاهر أو سبب مقبول وأن الفصل استند إلى مذكرة المنظمة للأمين العام للجمعية التأسيسية وقد وضح ذلك من أمرين: الأول: أن مذكرة المنظمة هي السبب في الفصل، والثاني: أن تحقيقاً لم يجر مع المدعي في أية مخالفة يمكن نسبتها إليه الأمر الذي يعيب القرار ولا يمكن القول بأن القرار المطعون فيه قد صدر في إطار تصفية جامعة الدول العربية لأنه قد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 513 لسنة 1980 بإنشاء الجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب العربية والإسلامية وقضى في المادة السابعة منه أن يتولى الأمين العام بالتعاون مع الجمعية التأسيسية إجراء الاتصالات اللازمة مع الجهات المعنية لاختيار ممثلي الشعوب العربية والإسلامية ومتابعة الأعمال التأسيسية للجامعة ويتولون الإشراف على جامعة الدول العربية السابقة ومنظماتها بالقاهرة وتوجيه أعمالها لخدمة أهداف جامعة الشعوب العربية والإسلامية وعلى أثر ذلك توالت الأصوات مطالبة ببقاء جامعة الدول العربية حتى لا ينقطع خيط الرجاء في عودة المتضامن العربي إلى سابق عهده واستجابة لهذه النداءات أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 578 لسنة 1980 بتعديل المادة السابعة حيث سلبت من الأمين العام للجمعية التأسيسية سلطة الإشراف على جامعة الدول العربية ومنظماتها وتعدل وضع الجامعة المشار إليه بما يقطع باستمرارها قائمة وإن كانت قد زالت عنها صفتها الدولية بحيث أصبحت تابعة لوزارة الخارجية المصرية، كما أنه في الوقت الذي تم فيه فصل المدعي وزملائه فقد تم تعيين غيرهم وخلص المدعي إلى القول بأن فصله بغير الطريق التأديبي لا يتفق وأحكام القانون وبالتالي يكون جديراً بالإلغاء.
وقد ردت جهة الإدارة على الدعوى بمذكرة قالت فيها إن القضاء المصري غير مختص بنظر الدعاوى التي ترفع على جامعة الدول العربية والمنظمات المتخصصة استناداً إلى أحكام اتفاقية مزايا وحصانات جامعة الدول العربية المصدق عليها في مصر بالقانون رقم 89 لسنة 1954 علماً بأن مصر ما زالت عضواً في جامعة الدول العربية ولم تنسحب منها أو من المنظمات التابعة لها وأن قيام جامعة الشعوب الإسلامية والعربية لا يتعارض مع وجود واستمرار جامعة الدول العربية ومنظماتها المتخصصة.
وقد نظرت محكمة القضاء الإداري الدعوى على النحو المبين بمحاضر جلساتها وبجلسة 29/ 6/ 1983 قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن نقل جامعة الدول العربية من مصر وتجميد عضويتها بها لا يعنى انقضاء الجامعة أو زوال شخصيتها لأن مصر ما زالت متمسكة بعضويتها فيها ولم تنسحب منها وقد أصدرت الحكومة المصرية بياناً في 3 من إبريل سنة 1979 بعدم الاعتداد بالقرارات غير الشرعية التي صدرت من الدول العربية في مؤتمر بغداد في نوفمبر سنة 1978 ومارس 1979 واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتأمين استمرار الجامعة ومنظمتها في إدارة أعمالها وإذ اتجه الرأي إلى تغيير أو إنهاء خدمة أحد العاملين بأجهزة جامعة الدول العربية ومنظماتها بالقاهرة فإنه يتعين الالتزام بالقواعد والإجراءات المعمول بها طبقاً للأنظمة واللوائح الخاصة بالجامعة العربية ومنظماتها بالقاهرة وأنه استناداً إلى أحكام اتفاقية مزايا وحصانات جامعة الدول العربية التي صدقت عليها مصر بالقانون رقم 89 لسنة 1954. فإن القضاء المصري لا يختص بنظر هذه الدعوى.
ومن حيث إن طعن هيئة مفوضي الدولة يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون الآتي:
أولاً: أن المدعي وقت صدور القرار المطعون فيه رقم 183 في 23/ 10/ 1980 بإنهاء خدمته اعتباراً من 14/ 10/ 1980 - لا يمكن القول باعتباره في ذلك الوقت من العاملين بإحدى المنظمات التابعة لجامعة الدول العربية حتى يمكن القول بتمتعه بمزايا وحصانات جامعة الدول العربية، وإنما كان مع غيره من موظفي الجامعة المصريين الذين رفضوا الانتقال إلى تونس استجابة لدواعي وظيفية واستمروا يباشرون أعمال وظائفهم بالقاهرة تحت إشراف الأمانة العامة لجامعة الشعوب العربية والإسلامية تطبيقاً للقرار الجمهوري رقم 533 لسنة 1980.
ثانياً: إن الحكم المطعون فيه قد أغفل حقيقة أن جامعة الدول العربية ومنظماتها المتخصصة ومنها المنظمة التي يتبعها المدعي - لم يعد لها وجود بعد نقل مقرها ونقض وتجميد عضوية مصر بها تنفيذاً لقرارات مؤتمر بغداد. كما أن الطعن المقام من الدكتور....... يقوم على ذات السببين المشار إليهما مضافاً إليهما أنه حين تم فصل الطاعن وزملائه من رؤساء الاتحادات والمنظمات التابعة للجامعة العربية قد تم إلحاق غيرهم بالعمل مما يدل على أنه لم يكن هناك مبرر للفصل وأن تصريحات المسئولين في الصحف كانت قاطعة الدلالة على بقاء الجامعة مجردة من صفتها الدولية. كما أن الفصل كان بأثر رجعي من 14/ 10/ 1980 وبغير الطريق التأديبي مما يجعله على غير سند من الشرعية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن الدكتور...... كان يعمل بوظيفة مدير أول ومدير عام بالإنابة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وهي إحدى المنظمات المنبثقة عن جامعة الدول العربية وأنه عقب إبرام حكومة جمهورية مصر العربية اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام مع إسرائيل عقد مؤتمر بغداد في مارس سنة 1979 وفيه قررت الدول العربية المجتمعة من بين القرارات التي اتخذت تجميد عضوية مصر في جامعة الدول العربية ونقل مقر الجامعة وجميع المنظمات والمكاتب التابعة لها من القاهرة إلى تونس وبعض البلاد العربية وقد تم تنفيذ القرار بالفعل ونقل مقر الجامعة إلى تونس وتبع ذلك أن العاملين بجامعة الدول العربية ومنظماتها من غير المصريين نقلوا تبعاً لذلك أما الطاعن ومعه نفر من العاملين بالجامعة ممن يحملون جنسية جمهورية مصر العربية فقد أثروا البقاء في القاهرة ورفضوا الانتقال إلى مقر الجامعة الجديد في تونس واستمروا يباشرون أعمال وظائفهم بالقاهرة.
ومن حيث إنه بتاريخ 6 من أكتوبر سنة 1980 صدر بقرار رئيس الجمهورية رقم 533 لسنة 1980 بإنشاء الجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب العربية والإسلامية ونص في المادة السابعة منه على أن يتولى الأمين العام لجامعة الشعوب الإسلامية والعربية الإشراف على جامعة الدول العربية السابقة ومنظماتها بالقاهرة وتبعاً لذلك فإن موظفوا جامعة الدول العربية السابقة يباشرون أعمال وظائفهم تحت الإشراف المباشر للأمين العام لجامعة الشعوب العربية والإسلامية وقد قامت الأمانة العامة لجامعة الشعوب الإسلامية والعربية بإرسال الكتاب رقم 690 في 12/ 10/ 1980 إلى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التي يتولى الطاعن إدارتها - ذكرت فيه أنها تبلغها بقرار رئيس الجمهورية الصادر في 6/ 10/ 1980 ونرجو اعتباراً من هذا التاريخ مراعاة ما يأتي:
(1) عدم اتخاذ أي إجراء في شأن الموظفين أو صرف أية مبالغ إلا بعد الرجوع للأمانة العامة.
(2) يكون التوقيع الأول على الشيكات للأمين العام المشرف على جامعة الدول العربية السابقة ومنظماتها بالقاهرة والتوقيع الثاني للمسئول المالي.
(3) توافي الأمانة العامة خلال ثلاثة أيام ببيانات وافية عن الموظفين والمركز المالي والأرصدة النقدية.
وقد ردت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بخطابها رقم 626 المرسل للأمانة العامة لجامعة الشعوب العربية والإسلامية في 14/ 10/ 1980 بأنه لا تتفق مع الأمانة العامة فيما ذهبت إليه من تفسير قرار رئيس الجمهورية الصادر في 6/ 10/ 1980 بإنشاء الجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب الإسلامية والعربية ذلك لأن إشراف الأمين العام للجمعية التأسيسية على جامعة الدول العربية ومنظماتها لا يخوله ممارسة الأعمال التنفيذية من إدارية ومالية المشار إليها في مذكرة الأمانة العامة لأن ممارسة هذه الأعمال هي من صحيح صلاحيات المديرين العامين للمنظمات العربية. وبتاريخ 23/ 10/ 1980 أصدر الأمين العام للجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب الإسلامية والعربية قراره رقم 183 بإنهاء خدمة السيد الدكتور....... اعتباراً من 14/ 10/ 1980 وقد تضمن القرار في ديباجته أنه صدر بعد الاطلاع على مذكرة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم رقم 626 بتاريخ 14/ 10/ 1980 "خطاب المنظمة المشار إليه".
ومن حيث إن ميثاق جامعة الدول العربية الموقع بالقاهرة في عام 1945 لا يخرج من كونه مجموعة من قواعد القانون الدولي التي تقوم أساساً على رضا المخاطبين بأحكامه وأنه بصدور قرار مؤتمر بغداد في مارس سنة 1979 بتجميد عضوية مصر في جامعة الدول العربية ونقل مقر الجامعة ومنظماتها المتخصصة من القاهرة إلى تونس لم يعد لها وجود دولي في مصر بالمعنى القانوني الدولي وأن بقاء مبنى الجامعة في مصر ومنظماتها بعد ذلك بالفعل لا يسبغ عليها الصفة الدولية التي زالت عنها بصدور قرارات الدول العربية في مؤتمر بغداد ونقل مقر الجامعة إلى تونس، ولا يغير من ذلك أن حكومة جمهورية مصر العربية قد أصدرت بياناً بتاريخ 3 من إبريل سنة 1979 بعدم الاعتداد بالقرارات غير الشرعية التي صدرت من الدول العربية في مؤتمري بغداد في نوفمبر سنة 1978 ومارس سنة 1979 واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتأمين استمرار الجامعة ومنظماتها في أداء أعمالها ذلك لأن هذا البيان لا يغير من الواقع شيئاً ولا يبعث الحياة لمقر جامعة الدول العربية في مصر ولا تقوم بعد ذلك وتكتسب الصفة الدولية والحصانات القانونية بإرادة مصر المنفردة ببيانها السابق الإشارة إليه. والقول بأعمال اتفاقية حصانات وامتيازات الجامعة العربية على موظفي الجامعة السابقة الموجودين في مصر لا يجد له سنداً من القانون الدولي بعد النقل إلى تونس والإجراءات المشار إليها وهذه الوجهة من النظر تجد لها سنداً قوياً من الاعتراف الرسمي بهذه الحقيقة ذلك لأنه يبين من مطالعة نصوص قرار رئيس الجمهورية رقم 533 لسنة 1980 المشار إليه بإنشاء الجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب العربية والإسلامية أنه قضى في المادة السابعة على أن يتولى الأمين العام للجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب الإسلامية والعربية الإشراف على جامعة الدول العربية السابقة ومنظماتها بالقاهرة فلفظ جامعة الدول العربية السابقة صريح في الدلالة على أن الجامعة العربية لم يعد لها وجود في القاهرة هي أو المنظمات المتخصصة المنبثقة عنها من الناحية الفعلية والقانونية.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه قد صدر من الأمين العام للجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب الإسلامية والعربية المنشأة بقرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 533 لسنة 1980 الصادر في 6 من أكتوبر سنة 1980 وذلك باعتبار الأمين العام مشرفاً على جامعة الدول العربية السابقة ومنظماتها بالقاهرة. وذلك إعمالاً لنص المادة السابعة من القرار الجمهوري آنف الذكر وبالتالي صادر من سلطة تتبع الإشراف المباشر لرئيس الجمهورية وفي موضوع جائز الطعن فيه فمن ثم فإن الاختصاص بنظر الطعن في هذا القرار ينعقد لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري وتختص به محكمة القضاء الإداري. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى خلاف هذا المذهب وقضى بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى على سند من القول بأن القضاء المصري لا يختص بنظره - يكون هذا الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويتعين لذلك القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد اقتصر قضاؤه على مسألة الاختصاص فقط ولم يتطرق للموضوع فإنه إعمالاً لنص المادة 369 من قانون المرافعات يتعين إعادة أوراق الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للفصل في موضوعها، وحتى لا تهدر درجة من درجات التقاضي وهو حق أصيل للخصوم.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلتزم بمصروفاته عملاً بنص المادة 184 مرافعات وأن الطعون المقامة من رئيس هيئة مفوضي الدولة لا تستحق عليها رسوم ومن ثم فإن الفصل في المصروفات يقتصر على الطعن رقم 1362 لسنة 30 ق المقام من الدكتور....... وإذ خسرت الجهة الإدارية هذا الطعن فيتعين إلزامها بمصروفاته.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بنظر الدعوى رقم 863 لسنة 35 ق وبإعادة أوراقها إليها للفصل في موضوعها وألزمت جهة الإدارة مصروفات الطعن رقم 1362 لسنة 30 ق.