مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 935

(147)
جلسة 20 من فبراير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عزيز بشاي سيدهم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة ثروت عبد الله ومحمد معروف محمد وأحمد شمس الدين خفاجي وفريد نزيه تناغو المستشارين.

الطعن رقم 3063 لسنة 31 القضائية

أ - دعوى - إثبات - حرية القاضي في تكوين اقتناعه.
يتمتع القاضي التأديبي بحرية كاملة في مجال الإثبات - لا يلتزم بطرق معينة للإثبات - للقاضي أن يحدد بكل حريته طرق الإثبات التي يقبلها وأدلة الإثبات التي يرتضيها وفقاً لظروف الدعوى المعروضة عليه - للقاضي التأديبي أن يستند إلى ما يرى أهميته ويبنى عليه اقتناعه وأن يهدر ما يرى التشكك في أمره ويطرحه من حسابه - أساس ذلك: اقتناع القاضي التأديبي هو سند قضائه دون تقيد بمراعاة أسبقيات لطرق الإثبات أو أدواته - تطبيق.
ب - عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - الدعوى التأديبية - سقوطها (عقد إداري).
الدفع بسقوط الدعوى التأديبية بانتهاء مدة الضمان المحددة بالعقد الإداري - أساس ذلك: مدة الضمان العقدية هي إحدى الأحكام العقدية التي تحكم العلاقة بين المقاول وجهة الإدارة - لا أثر لهذه المدة على المسئولية التأديبية التي تبنى على المخالفات الإدارية التي تسقط وفقاً لميعاد سقوط الدعوى التأديبية دون ما ارتباط بميعاد الضمان اللائحي أو التعاقدي - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 17 من يوليو سنة 1985 أودع السيد الأستاذ.... المحامي بصفته وكيلاً عن السادة المهندسين..... و...... و...... و...... و......، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3063 لسنة 31 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للرئاسة والحكم المحلي بجلسة 25 من مايو سنة 1985 في الدعوى رقم 241 لسنة 26 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعنين والقاضي بمجازاة كل من الطاعنين بخصم أجر شهرين من راتبه.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع، أصلياً بنقض الحكم الطعين وإلغائه فيما قضى به من خصم شهرين من مرتب كل منهم وببراءتهم من جميع ما أسند إليهم واحتياطياً، إحالة الطعن من جديد إلى إحدى دوائر المحكمة التأديبية لتفصل فيه مجدداً دائرة غير التي أصدرت هذا الحكم.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 11 من نوفمبر سنة 1987 وبجلسة 13 من يناير سنة 1988 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الرابعة موضوع" لنظره بجلسة 23 من يناير سنة 1988 وبهذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 27 من أغسطس سنة 1984 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية للرئاسة والحكم المحلي تقريراً باتهام الآتية أسماؤهم:
1 - ..... مهندس بمديرية الطرق والنقل بمحافظة القاهرة.
2 - ..... مدير إدارة الطرق والنقل بمحافظة القاهرة.
3 - ..... مهندس بمديرية الطرق والنقل بمحافظة القاهرة.
4 - ..... مهندس بمديرية الطرق والنقل بمحافظة القاهرة.
5 - ..... مهندس بمديرية الطرق والنقل بمحافظة القاهرة.
لأنهم خلال المدة من 2/ 12/ 1981 حتى 28/ 7/ 1983 لم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وخالفوا القواعد والأحكام المالية مما أدى إلى الأضرار بأموال الدولة بأن:
الأول: أهمل في الإشراف على أعمال المقاول..... والخاصة بتنفيذ عملية التكسيات الحجرية لجسور النيل في المنطقة من شبرا إلى حلوان بدءاً من تاريخ التعاقد حتى انتهاء هذه الأعمال، مما نتج عنه عدم مطابقتها للمواصفات على النحو الموضح بالأوراق.
الثاني والثالث والرابع: بوصفهم أعضاء لجنة التسلم الابتدائي، أهملوا في تسلم الأعمال المشار إليها وأوصوا بتسلمها ابتدائياً في 13/ 6/ 1982 رغم عدم مطابقتها للمواصفات وظهور عيوب فنية في الأحجار المستعملة.
الأول والثاني والخامس: بوصفهم أعضاء لجنة التسلم النهائي، أهملوا في تسلم الأعمال المشار إليها بأن قرروا تسلمها نهائياً في 28/ 7/ 1983 رغم عدم مطابقتها للمواصفات.
وانتهت النيابة الإدارية إلى أن المذكورين قد ارتكبوا بذلك المخالفة المالية المنصوص عليها بالمواد 76/ 1، 77/ 4، 78 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة. وطلبت النيابة الإدارية محاكمتهم تأديبياً طبقاً للمواد سالفة الذكر وبالمادتين 80، 82 من القانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليها وتعديلاته بالقانون رقم 115 لسنة 1983 والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 58 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 171 لسنة 81 والمادتين 15 أولاً، 19/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 72 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة 25 من مايو سنة 1985 أصدرت المحكمة التأديبية حكمها بمجازاة كل من..... و...... و...... و...... و...... بالخصم من أجر كل منهم لمدة شهرين.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من ملف المناقصة رقم 9 لسنة 81/ 1982 المودعة بالأوراق والخاصة بعملية التكسيات الحجرية لجسور النيل في المنطقة من شبرا إلى حلوان أن مديرية الطرق والنقل بمحافظة القاهرة تعاقدت مع المقاول...... على تنفيذ عملية التكسية المذكورة، وذلك بقيمة إجمالية مقدارها 199800 جنيه ومن شروط التعاقد أن يقوم المقاول بتوريد أحجار من محجر معتمد بمقاسات لا تقل عن 50 سم لأعمال تكسيات جسور النيل، وذلك تكسيات حجرية بوضع الأسمنت والرمل بنسبة 35 كجم/ م3 رمل بسمك 50 سم على أن تشمل الفئة تجهيز وإصلاح الأورفيك الترابي وذلك لعمل الميول اللازمة وإزالة المخالفات على أن يتم تسليم الأورفيك الترابي بالميول للمهندس المشرف قبل البدء في عمل التكسية، مع عمل كحلة بارزة سمك 3 سم من مونة الأسمنت والرمل وتتم جميع الأعمال طبقاً لشروط المصلحة والمواصفات وتوريد ورض أحجار من محجر معتمد بمقاسات لا تقل عن 50 سم لعمل مقمة لأعمال التكسية في الأماكن التي يحددها المهندس المشرف.
وقالت المحكمة أن الثابت أن المديرية أسندت إلى المهندس.... الإشراف على أعمال المقاول المذكور أثناء التنفيذ، والثابت أن لجنة التسلم الابتدائي للأعمال مكونة من كل من المتهمين الثاني والثالث والرابع، ولجنة التسلم النهائي للأعمال مكونة من كل من المتهمين الأول والثاني والخامس وقد انتهت اللجنتان المذكورتان على تسلم الأعمال استناداً إلى ما ارتأته كل منها من أن الأعمال المنفذة مطابقة للمواصفات باستثناء جزء من الأعمال بلغ مجموعه 290 م2 ارتأت عدم مطابقته للمواصفات.
وأضافت المحكمة أنه من حيث إن الثابت من تقرير اللجنة الفنية المشكلة لفحص تلك الأعمال والمودع بالأوراق أن الأعمال التي قام بها المقاول المذكور والمتسلمة من قبل لجنتي التسلم سالفتى الذكر، غير مطابقة لمواصفات العقد وكذا غير مطابقة لأصول الصناعة، لما ثبت من وجود بعض الملاحظات العملية لعينات التكسيات الحجرية، وبعض الملاحظات الوصفية الميدانية للأعمال، على التفصيل الثابت بالتقرير.
وذكرت المحكمة أنه من حيث إن الثابت من الأوراق أن المتهم الأول كان مكلفاً بالإشراف على أعمال المقاول المذكور، كما أنه كان عضواً بلجنة التسلم النهائي لتلك الأعمال، وهذا ما لم ينكره، ولما كان الثابت من تقرير اللجنة الفنية المشكلة لفحص تلك الأعمال أنها غير مطابقة لمواصفات العقد وغير مطابقة لأصول الصناعة على التفصيل سالف البيان فمن ثم يكون ما نسب إليه بتقرير الاتهام من أنه أهمل في الإشراف على أعمال المقاول المذكور مما نتج عنه عدم مطابقة تلك الأعمال للمواصفات كان مستنداً إلى صحيح سببه. وكذلك ما نسب إليه من أنه أهمل بصفته عضواً في لجنة تسلم الأعمال المشار إليها حيث قرر مع أعضاء اللجنة تسلمها نهائياً رغم عدم مطابقتها للمواصفات، حيث لم يقدم المتهم المذكور ما يدفع عنه مسئوليته هذه، الأمر الذي يشكل في حقه ذنباً تأديبياً لخروجه على مقتضى واجباته الوظيفية بعدم أدائه العمل المنوط به بدقة وأمانة مما أدى إلى الإضرار بمالية الدولة.
ومن حيث إن الثابت أن كلاً من المتهمين الثاني والثالث والرابع بصفتهم أعضاء بلجنة التسلم الابتدائي لأعمال المقاول المذكور أوصوا بتسلم تلك الأعمال وهذا ما لم ينكروه، ولما كان الثابت من تقرير اللجنة الفنية المشكلة لفحص تلك الأعمال أنها غير مطابقة لمواصفات العقد وغير مطابقة لأصول الصناعة، فمن ثم يكون ما نسب إلى كل منهم بتقرير الاتهام قائماً على صحيح سببه.
ومن حيث إن الثابت أن كلاً من المتهمين الثاني والخامس بصفتهما أعضاء بلجنة التسلم النهائي للأعمال المشار إليها أوصوا بتسلم تلك الأعمال، وهذا ما لم ينكراه، ولما كان الثابت من تقرير اللجنة الفنية المشكلة لفحص تلك الأعمال أنها غير مطابقة لمواصفات العقد وغير مطابقة لأصول الصناعة فمن ثم يكون ما نسب إليهما بتقرير الاتهام قائماً على صحيح سببه.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد صدر معيباً من نواح عديدة، هي:
أولاً: الخطأ في فهم الواقع وتحصيله: فقد انطوت مذكرة الدفاع على عدم صحة البلاغ المقدم للرقابة الإدارية، آية ذلك أن المواقع الموجودة بالصور المرفقة بالبلاغ غير تلك المسندة إلى المقاول المذكور فضلاً عما ورد بالبلاغ من أنه لم يتم خصم 180 جنيهاً مقابل عدم انتظام جزء من أعمال التكسيات في حين أن المبلغ المذكور خصم فعلاً من واقع المستخلص النهائي الذي تم صرفه في 27/ 6/ 1982. ومع ذلك التفتت المحكمة عن هذا الدفاع رغم أهميته، الأمر الذي يستوجب إلغاء الحكم الطعين.
ثانياً: قيام الحكم على إجراءات باطلة: فقد اعتدت المحكمة بتقرير لجنة الفحص رغم بطلان تشكيلها لخلوه من عنصرين من مديرية الطرق والنقل بالمحافظة ومن ثم يكون الحكم قد بني على إجراءات باطلة، يضاف إلى ما تقدم أن لجنة الفحص فحصت (22) عينة بينما بنت المحكمة قضاءها على خمس عينات، فضلاً عن عدم تحليل تلك العينات مما قد يؤدي إلى احتمال اختلاطها بغيرها من العينات الأمر الذي يثير الشك في النتائج الواردة بالتحليل مما يجعل الأخذ به أمراً باطلاً.
ثالثاً: الخطأ في تطبيق القانون: آية ذلك أن العملية المسندة على المقاول سلمت تسليماً مؤقتاً في 17/ 6/ 1982 وتنتهي مدة الضمان في شأنها في 17/ 6/ 1983، وقد جاء تقرير الرقابة الإدارية عن فحص البلاغ في 24/ 5/ 1984، الأمر الذي لا مجال معه لمساءلة الطاعنين، فإذا خلا الحكم من الرد على هذا الدفاع فإنه يكون قد اخطأ في تطبيق القانون الأمر الذي يستوجب إلغاءه.
ومن حيث إن عناصر المنازعة في الطعن الماثل تخلص في أنه بتاريخ 2/ 12/ 1981 تعاقدت مديرية الطرق والنقل بمحافظة القاهرة مع المقاول...... لتنفيذ عملية التكسيات الحجرية لجسور النيل في المنطقة من شبرا إلى حلوان بقيمة إجمالية 199800 جنيه وذلك طبقاً للشروط والمواصفات الواردة بالعقد، وبتاريخ 12/ 4/ 1984 عاينت الرقابة الإدارية التكسيات محل العقد فتبين أن المقاول المذكور لم يلتزم المواصفات الواردة بالعقد ورغم ذلك قامت مديرية الطرق بتسلم الأعمال الأمر الذي دعا إلى إبلاغ النيابة الإدارية التي طلبت من الهيئة العامة للطرق والكباري تشكيل لجنة لفحص الأعمال وتقديم تقرير بالرأي الفني، وفي 12/ 7/ 1984 أودع مدير إدارة المعامل المركزية بالهيئة تقريراً تضمن أنه قد تم استحضار خمس عينات من الأحجار التي استخدمت في عملية التكسية من مناطق متفرقة بمعرفة مندوبي المعامل المركزية، وقد تبين من إجراء التجارب (1) من حيث الملاحظات العملية لعمليات التكسيات الحجرية، تبين أن ثلاث عينات تخرج عن حدود المواصفات للتكسية من حيث النوع في تجربة الامتصاص والتحلل وعينتين تتطابقان وحدود المواصفات (2) من حيث الملاحظات الوصفية الميدانية تبين أن معظم الأحجار مقاسات 30 - 40 سم وتقل بذلك عن الحد المطلوب وهو 50 سم، وأن مقطم المسطحات المنفذة لن يتم الالتزام بتنفيذ الكحلة البارزة سمك 3 سم طبقاً لشروط العقد ما عدا القطاع الغربي لكوبري قصر النيل فقد تبين أنه بالسمك المطلوب وأن معظم المسطحات المنفذة فيها الأحجار غير منتظمة وكمية المونة الأسمنتية غير كافية ويوجد فجاوي غير معبأة بالكمية المناسبة لمونة الأسمنت وأنه في معظم المسطحات المنفذة تلاحظ عدم تجهيز وإصلاح الأورتيك الترابي حيث تبين عدم انتظام الميول الطولية والعرضية، وأن اسماك التكسيات تقل عن الاسمال المطلوبة وذلك على النحو الموضح تفصيلاً بتقرير اللجنة المذكورة. (3) بالنسبة لمونة الأسمنت المستحقة في البناء لم يتم اختبارها لعدم الامتصاص في ذلك. (4) هناك مسافة تقرب من 90 م2 بمنطقة روض الفرج التكسية بها غير منتظمة ويوجد بها ميل وتكريش.
ومن حيث إن الثابت من هذا التقرير على ما تقدم أن كثيراً من الأعمال المسندة إلى المقاول المشار إليه لم تنفذ طبقاً للشروط والمواصفات المتعاقد عليها.
ومن حيث إن الطاعن الأول قد كلف بالإشراف على أعمال المقاول المذكور وكان عضواً بلجنة التسلم النهائي، فإنه وقد تبين من الأوراق أن تلك الأعمال لم تأت مطابقة للشروط والمواصفات فإن ما نسب إلى الطاعن الأول يكون ثابتاً في حقه لأنه بذلك يكون قد أخطأ مرتين مرة حين أهمل متابعة الإشراف على أعماله متابعة منتظمة تمكنه من كشف الخطأ في حينه والتنبيه إليه، ومرة حين قبل تسلم الأعمال تسلماً نهائياً رغم ما بها من قصور وعيوب.
ومن حيث إن الطاعنين الثاني والثالث والرابع بصفتهم أعضاء لجنة التسلم الابتدائي تسلموا الأعمال من المقاول المذكور رغم عدم مطابقتها للشروط والمواصفات الأمر الذي يشكل ذنباً إدارياً يوجب مساءلتهم عنه. ولا محاجة في هذا الصدد بما أوصت به اللجنة المذكورة من خصم مبلغ 180 جنيه قيمة بعض الأعمال غير المطابقة للشروط والمواصفات ذلك أن لجنة الفحص أثبتت من المخالفات ما يفوق المبلغ المشار إليه ومن ثم تكون المخالفة المنسوبة لهؤلاء الطاعنين ثابتة في حقهم.
ومن حيث إن الطاعنين الأول والثاني والخامس، بصفتهم أعضاء لجنة التسلم النهائي قد أوصوا بتسلم الأعمال محل التعاقد رغم عدم مطابقتها للشروط والمواصفات على النحو السالف بيانه ومن ثم فإن المخالفة المنسوبة إليهم تكون ثابتة في حقهم.
ومن حيث إنه عما ذهب إليه الطاعنون من بطلان أعمال لجنة الفحص لخلو تشكيلها من ممثلي مديرية الطرق والنقل فهو نعي في غير محله لعدم وجود نص يستوجب ذلك، فضلاً عن أن لجنة الفحص قد شكلت من جهة متخصصة لإنشائه على أعضائها ولا مطعن عليهم، الأمر الذي تطمئن معه المحكمة إلى ما جاء بتقريرها من ملاحظات.
ومن حيث إنه عن النعي على الحكم المطعون فيه بمقولة أن المحكمة بنت قضاءها على خمس عينات فحص من اثنين وعشرين عينة وأن ما فحص لم يفرز، فهو نعي مردود بأن القضاء التأديبي يتمتع بحرية كاملة في مجال الإثبات، وأن القاضي التأديبي غير ملتزم بطرق معينة للإثبات، فهو الذي يحدد بكل حريته طرق الإثبات التي يقبلها وأدلة الإثبات التي يرتضيها وفقاً لظروف الدعوى المعروضة عليه، وله أن يستند إلى ما يرى أهميته ويبني عليه اقتناعه ويهدر ما يرى التشكك في أمره ويطرحه من حسابه، فاقتناع القاضي التأديبي هو سند قضائه، دون تقيد بمراعاة أسبقيات لطرق الإثبات أو أدواته.
ومن حيث إنه عن النعي على الحكم المطعون فيه بسقوط المخالفة المنسوبة إلى الطاعنين بانتهاء مدة الضمان المحددة للعملية فهو نعي في غير محله لأن مدة الضمان العقدية هي إحدى الأحكام العقدية التي تحكم العلاقة بين المقاول وجهة الإدارة ولا أثر لها على المسئولية التأديبية التي تبنى على المخالفات الإدارية تلك التي تسقط وفقاً لميعاد سقوط الدعوى التأديبية دون ما ارتباط بميعاد الضمان اللائحي أو التعاقدي.
ومن حيث إن مقتضى ما تقدم أن حكم المحكمة التأديبية المطعون فيه يكون قد صدر موافقاً لصحيح حكم القانون بما لا مطعن عليه. الأمر الذي يتعين معه الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً وفي موضوعه برفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه برفضه.