أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 42 - صـ 223

جلسة 17 من يناير سنة 1991

برئاسة السيد المستشار: نائب رئيس المحكمة عبد المنصف أحمد هاشم وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي نواب رئيس المحكمة ومحمد شهاوي.

(40)
الطعن رقم 650 لسنة 55 القضائية

(1) دعوى صحة التعاقد: التدخل فيها. حكم "حجية الحكم المدني" إفلاس.
القضاء السابق برفض طلب التدخل موضوعاً لعدم نفاذ التصرف قبل جماعة الدائنين. لا يعد مانعاً من العودة إلى طلب القضاء بصحته ونفاذه متى توافرت له شروط نفاذه في حقهم.
(2) "الحكم بشهر الإفلاس، غل يد المفلس".
الحكم بإشهار الإفلاس. أثره غل يد المفلس عن إدارة أمواله والتصرف فيها من تاريخ صدور الحكم. التصرفات التي يجريها المفلس بعد الحكم. اعتبارها صحيحة بين طرفيها غير نافذة في مواجهة جماعة الدائنين وحده طلب عدم نفاذ التصرف.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تفسير العقود".
محكمة الموضوع. سلطتها في تفسير الإقرارات والاتفاقات والمحررات متى أقامت قضائها على أسباب سائغة.
(4) تسجيل "تسجيل صحيفة دعوى إثبات التعاقد. دعوى "دعوى صحة التعاقد". شهر عقاري.
تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد ثم التأشير بمنطوق الحكم الصادر فيها على هامش التسجيل. أثره. اعتبار حق المشتري حجة على كل من ترتب له حقوق عينية على العقار ابتداء من تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى. المادتان 15، 11 ق 114 لسنة 1946، تسجيل المشتري صحيفة دعواه قبل أن يسجل الطاعن عقده الصادر إليه من ذات البائع. أثره.
(5) بيع. شيوع. قسمة.
بيع المالك على الشيوع لقدر مفرز من نصيبه قبل إجراء القسمة نافذ في حقه. أثر ذلك. تعلق نفاذه في حق باقي الشركاء على نتيجة القسمة.
1 - البين من الاطلاع على الحكم الصادر في الدعوى رقم 5669 لسنة 1978 مدني جنوب القاهرة الابتدائية أن الطاعنين أقاما هذه الدعوى على وكيل دائني تفليسة المفلس.. بطلب الحكم بصحة ونفاذ البيع الصادر إليهما من المفلس المذكور والمتضمن بيعه لهما العقار المبين في الصحيفة لقاء الثمن المسمى في العقد وتدخل فيها المطعون ضده الأول هجومياً بطلب رفض الدعوى استناداً إلى شرائه ووالده المطعون ضده الثاني العقار محل ذلك العقد بموجب عقد البيع سند الدعوى الراهنة وقد قضي فيها برفض طلبات المطعون ضده المذكور وأقام الحكم قضاءه في هذا الشأن على أن عقد شراء المطعون ضده المذكور ووالده للعقار محل النزاع لم يصدر به إذن من المحكمة ولم يتم بالمزاد العلني مما مفاده أن سبب رفض طلب التدخل موضوعاً قائم على عدم نفاذ التصرف سند المطعون ضده سالف الذكر قبل جماعة الدائنين، ولا يعتبر هذا القضاء مانعاً من العودة إلى طلب صحته ونفاذه متى توافرت له شروط نفاذه في حقهم.
2 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه وإن كانت المادة 216 من قانون التجارة الصادر سنة 1883 الذي يحكم واقعة النزاع - تقضي بوجوب غل يد المفلس عن إدارة أمواله والتصرف فيها من تاريخ صدور الحكم بإشهار الإفلاس فلا تصح له مباشرة الدعاوى المتعلقة بتلك الأموال حتى لا تضار جماعة الدائنين من نشاطه القانوني، إلا أن غل اليد لا يقتضي بطلان التصرفات التي يجريها المفلس في أمواله منقولة أو عقارية وإنما يؤدي إلى عدم نفادها في مواجهة جماعة الدائنين مع بقائها صحيحة بين طرفيها، ويكون لوكيل الدائنين وحده أن يطلب عدم نفاذ التصرف فلا يجوز للدائن بصفته أو للمتعاقد مع المفلس أن يطلبه.
3 - لمحكمة الموضوع سلطة تفسير الإقرارات والاتفاقات وسائر المحررات بما تراه أوفى إلى نية أصحاب الشأن فيها ولا رقابة عليها في ذلك طالما لم تخرج عما تحتمله عبارات المحرر وتقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
4 - مفاد ما أبان عنه القانون رقم 114 لسنة 1946 الخاص بتنظيم الشهر العقاري في المادة الخامسة عشرة منه الدعاوى التي يجب تسجيلها ومن بينها دعاوى صحة التعاقد نص في الفقرة الأولى من المادة السابعة عشرة منه على أنه يترتب على تسجيل الدعاوى المذكورة بالمادة الخامسة عشرة أو التأشير بها أن حق المدعي إذا ما تقرر بحكم مؤشر به طبق القانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعوى أو التأشير بها. وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تسجيل صحيفة الدعوى التي يرفعها المشتري على البائع بإثبات صحة التعاقد الحاصل بينهما على بيع العقار ثم التأشير بمنطوق الحكم الصادر بصحة التعاقد على هامش تسجيل الصحيفة من شأنه أن يجعل حق المشتري حجة على كل من ترتبت له حقوق عينية على العقار ابتداء من تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى.
5 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه ليس ثمة ما يمنع المالك على الشيوع أن يبيع قدراً مفرزاً من نصيبه فهو وإن كان لا ينفذ في حق باقي الشركاء بل ويظل معلقاً على نتيجة القسمة، إلا أنه يعتبر بيعاً صحيحاً ونافذاً في حق الشريك البائع ومنتجاً لآثاره القانونية على نفس المحل المفرز المتصرف فيه قبل القسمة، ويحق للمشتري طلب الحكم بصحة ونفاذ هذا البيع قبل البائع له حتى يتسنى له تسجيل عقد شرائه. ومن ثم يستطيع أن يحاج به البائع له في فترة ما قبل القسمة حتى يمتنع عليه التصرف في هذا القدر إلى الغير.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر نائب رئيس المحكمة والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأولين أقاما الدعوى رقم 1675 سنة 77 مدني شمال القاهرة الابتدائية التي قيدت فيما بعد برقم 331 لسنة 81 إفلاس جنوب القاهرة الابتدائية على المفلس محمد رشاد أمين يوسف وعلى وكيل دائني تفليسته - المطعون ضده الثالث - بطلب الحكم على الأول في مواجهة الثاني بصحة ونفاذ عقد البيع وملحقه المؤرخ 30/ 4/ 1976 الصادر من الأول إليهما عن العقارين المبينين بالصحيفة والتسليم، وقالا بياناً لدعواهما أنهما اشتريا من المفلس بموجب هذا العقد وملحقه العقارين المذكورين لقاء ثمن مقداره 8500 جنيه وإذ تخلف البائع ووكيل تفليسته عن تنفيذ التزاماتهما بالتوقيع على عقد البيع النهائي فقد أقاما الدعوى بطلبيهما سالفي البيان، ولدى نظر الدعوى تدخل الطاعنان هجومياً على سند من شرائهما العقارين محل النزاع بعقد سجلا الحكم الذي قضى بصحته ونفاذه، ودفعا بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان، وبتاريخ 17/ 11/ 1983 قضت المحكمة بقبول التدخل شكلاً ورفضه موضوعاً وبصحة ونفاذ العقد وملحقه. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 695 لسنة 100 قضائية وبتاريخ 9 من يناير سنة 1985 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب ينعى الطاعنان بالأول والثاني والخامس منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولان أنه سبق لهما أن أقاما الدعوى رقم 5669 لسنة 1978 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على وكيل دائني تفليسة المفلس رشاد أمين محرم بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 11/ 6/ 1977 والمتضمن شراءهما من المفلس المذكور كامل أرضاً وبناء العقار الموضح بالصحيفة مقابل الثمن المسمى في ذلك العقد وتدخل فيها المطعون ضدهما الأولان تدخلاً هجومياً طالبين الحكم برفضهما تأسيساً على أنهما اشتريا ذات العقار من نفس البائع بموجب عقد بيع أقاما عنه دعوى بطلب الحكم بصحته ونفاذه، وقضت المحكمة بقبول تدخلهما وبرفض طلباتهما استناداً إلى أن عقد شرائهما لم يصدر به إذن من المحكمة ولم يتم بالمزاد العلني مما مفاده أنه غير نافذ، وقد أصبح هذا الحكم نهائياً بالنسبة لهما بعدم الطعن عليه منهما وإذ كان هذا الحكم يحوز حجية بين أطرافه فيما قضى به في منطوقه وأسبابه المرتبطة بهذا المنطوق وحسم النزاع حول صحة ونفاذ عقد المطعون ضدهما الأولين فإنه لا يجوز لهؤلاء الأطراف العودة إلى مناقشة هذه المسألة في أية دعوى أخرى ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها، غير أن الحكم المطعون فيه عاود البحث في ذات المسألة التي حسمها الحكم الصادر في الدعوى رقم 5669 سنة 78 مدني جنوب القاهرة المشار إليهما وفصل فيها بقضاء مخالف لقضاء الحكم السابق بعد أن اعتبر إجازة وكيل الدائنين للبيع موضوع الدعوى في المذكرتين المقدمتين منه إلى المحكمة بجلستي 25/ 5/ 1982، 13/ 1/ 1983 مما يصح به التصرف ويصبح نافذاً، رغم أن ذلك لا يؤدي إلى ما رتبه عليه الحكم لأن الدائنين أصبحوا في حالة اتحاد قبل أن يعين السنديك الذي أجازه ويتعين لبيع عقارات المفلس طبقاً للمادة 374 من قانون التجارة أن يحصل السنديك على إذن مسبق من مأمور التفليسة وأن يتم البيع بالمزاد طبقاً لقانون المرافعات، وإذا أضيف إلى ذلك أن الحكم لم يبين الدليل الذي استخلص منه أن التصرف الصادر لصالح المطعون ضدهما الأولين فيه مصلحة لمجموع الدائنين، واعتد بإجازة وكيل الدائنين وحدها فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن البين من الاطلاع على الحكم الصادر في الدعوى رقم 5669 سنة 78 مدني جنوب القاهرة الابتدائية أن الطاعنين أقاما هذه الدعوى على وكيل دائني تفليسة المفلس رشاد أمين محرم بطلب الحكم بصحة ونفاذ البيع الصادر لهما من المفلس المذكور والمتضمن بيعه لهما العقار المبين في الصحيفة لقاء الثمن المسمى في العقد وتدخل فيها المطعون ضده الأول هجومياً بطلب رفض الدعوى استناداً إلى شرائه ووالده المطعون ضده الثاني العقار محل ذلك العقد بموجب عقد البيع سند الدعوى الراهنة وقد قضي فيها برفض طلبات المطعون ضده المذكور وأقام الحكم قضاءه في هذا الشأن على أن عقد شراء المطعون ضده المذكور ووالده للعقار محل النزاع لم يصدر به إذن من المحكمة ولم يتم بالمزاد العلني مما مفاده أن سبب رفض طلب التدخل موضوعاً قائم على عدم نفاذ التصرف سند المطعون ضده سالف الذكر قبل جماعة الدائنين، ولا يعتبر هذا القضاء مانعاً من العودة إلى طلب صحته ونفاذه متى توافرت له شروط نفاذه في حقهم، لما كان ذلك وكان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه وإن كانت المادة 216 من قانون التجارة الصادر سنة 1883 الذي يحكم واقعة النزاع - تقضي بوجوب غل يد المفلس عن إدارة أمواله والتصرف فيها من تاريخ صدور الحكم بإشهار الإفلاس فلا تصح له مباشرة الدعاوى المتعلقة بتلك الأموال حتى لا تضار جماعة الدائنين من نشاطه القانوني إلا أن غل اليد لا يقتضي بطلان التصرفات التي يجريها المفلس في أمواله منقولة أو عقارية. وإنما يؤدي إلى عدم نفاذها في مواجهة جماعة الدائنين مع بقائها صحيحة بين طرفيها، ويكون لوكيل الدائنين وحده أن يطلب عدم نفاذ التصرف فلا يجوز للدائن بصفته الفردية أو للمتعاقد مع المفلس أن يطلبه. ومن ثم فإنه لا يجوز للطاعنين بصفتهما متعاقدين مع المفلس التمسك بعدم نفاذ التصرف الصادر لصالح المطعون ضدهما الأولين أو المنازعة في إجازة وكيل الدائنين له، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بصحة ونفاذ عقد البيع مثار النزاع بعد أن خلص إلى صحة إجازة وكيل الدائنين له وصيرورته نافذاً لا يكون قد صدر على خلاف ما قضى به الحكم الصادر في الدعوى رقم 5661 سنة 978 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ويضحى النعي بهذه الأسباب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق، وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان تأسيساً على أن عقد البيع موضوع الدعوى وملحقه معلق على شرط واقف لم يتحقق هو الحكم برد اعتبار المفلس بعد قيام المطعون ضدهما الأولين بسداد الديون المستحقة على التفليسة لأصحابها واستدلا على ذلك بالظروف التي أحاطت بالعقد وما سبقه من اتفاق يتصل بموضوعه وقيام المفلس ببيع ذات العقار لهما وإجازة وكيل الدائنين لهذا التصرف، واستمرار إجراءات تسوية ديون التفليسة منهما، غير أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفاع على سند من أن الطلب الذي تضمن هذا الشرط قد عدل عنه المشتريات والبائع ضمناً بتحريرهم عقد البيع وملحقه المؤرخ 30/ 4/ 1976 دون النص فيه على تعليق التزام أي من الطرفين على شرط أو أجل وأن الطلب المذكور لا يعد تمهيداً لعقد البيع سند الدعوى ولا مرتبطاً به، في حين أن الثابت في الأوراق أن الظروف التي أحاطت بالتعاقد تدل على أن ما تضمنه الطلب المذكور متصل بالعقد وأنه يكشف عن اتجاه نية الطرفين المشتركة إلى إنشاء بيع معلق على شرط واقف هذا إلى أن الحكم المطعون فيه لم يورد الوقائع والظروف التي استند إليها في القول بتلاقي إرادة الطرفين على العدول عن التعاقد الموقوف على شرط ولم يعرض إلى الأدلة والقرائن التي تمسك الطاعنان بدلالتها على بقاء البيع معلقاً على الشرط الواقف ويخضعها لتقديره فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن محكمة الموضوع لها تفسير الإقرارات والاتفاقات وسائر المحررات بما تراه أوفى إلى نية أصحاب الشأن فيها ولا رقابة عليها في ذلك طالما لم تخرج عما تحتمله عبارات المحرر وتقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن البيع محل النزاع غير معلق على شرط واقف وأقام قضاءه على أن طلب المستأنف عليه الأول الذي تعهد فيه بسداد كافة الديون والالتزامات المستحقة والثابتة على تفليسة البائع على أن يقوم بشراء جزء من العقار 6 شارع زنانيري ملك المفلس بقيمة مقابل ما سدده من ديون وذلك بعد الحكم برد اعتبار المفلس فإن هذا الطلب الذي أشار إليه وكيل الدائنين في تقريره قد عدل عنه ضمنياً المشتريان والبائع بتحريرهم عقد البيع وملحقه المؤرخ 30/ 4/ 1976 دون النص فيه على تعليق التزام أي من الطرفين على شرط أو أجل ولا يعتبر الطلب المذكور تمهيداً لعقد البيع سند الدعوى ولا مرتبطاً به.. وكان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً لا خروج فيه عما تحتمله عبارات عقد البيع سند الدعوى وملحقه المؤرخ 30/ 4/ 1976 ويكفي لحمل قضائه، فلا على محكمة الموضوع في هذه الحالة إن لم تتبع كل حجة للخصوم وترد عليها استقلالاً طالما أن في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها، ومن ثم فإن هذا النعي يكون في غير محله. وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسببين الرابع والسادس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بصحة ونفاذ عقد البيع موضوع الدعوى وملحقه على أن هذا البيع وقع صحيحاً بين المفلس وبين المتصرف إليهما ونافذاً في حق جماعة الدائنين لإجازة السنديك لهذا التصرف، وحجة على الطاعنين تأسيساً على أن المطعون ضدهما الأولين قد قاما بتسجيل صحيفة دعواهما بصحة ونفاذ عقدهما قبل أن يسجل الطاعنان الحكم الصادر بصحة ونفاذ عقدهما، في حين أنه يترتب على تسجيل الحكم الصادر لصالحهما بصحة ونفاذ عقد شرائهما للعقار محل النزاع انتقال ملكية هذا العقار إليهما وخروجه من التفليسة وتصبح معه إجازة وكيل الدائنين لعقد البيع الصادر لصالح المطعون ضدهما الأولين واردة على غير محل ولا تنتج أثراً، هذا إلى أن سبق تسجيل المطعون ضدهما صحيفة الدعوى بصحة ونفاذ عقدهما غير كاف ليكون الحكم الصادر لهما حجة على الطاعنين من يوم تسجيل الصحيفة إذ يشترط التأشير بمنطوق حكم صحة التعاقد على هامش تسجيل صحيفة الدعوى لكي يكون حق المشتري حجة على كل من ترتبت له حقوق عينية على العقار - ابتداء من تاريخ تسجيل الصحيفة وهو ما لم يتم، كما قضى الحكم المطعون فيه بنفاذ العقد في مواجهة الطاعنين ولم يقف عند القضاء بصحته بين عاقديه ومن ثم فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن القانون رقم 114 لسنة 1946 الخاص بتنظيم الشهر العقاري بعد أن بين في المادة الخامسة عشرة منه الدعاوى التي يجب تسجيلها ومن بينها دعاوى صحة التعاقد نص في الفقرة الأولى من المادة السابعة عشرة منه على أنه يترتب على تسجيل الدعاوى المذكورة بالمادة الخامسة عشرة أو التأشير بها أن حق المدعي إذا ما تقرر بحكم مؤشر به طبق القانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعوى أو التأشير بها ومفاد ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تسجيل صحيفة الدعوى التي يرفعها المشتري على البائع بإثبات صحة التعاقد الحاصل بينهما على بيع عقار ثم التأشير بمنطوق الحكم الصادر بصحة التعاقد على هامش تسجيل الصحيفة من شأنه أن يجعل حق المشتري حجة على كل من ترتبت له حقوق عينية على العقار ابتداء من تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص مما له أصل ثابت في الأوراق أن المطعون ضدهما الأولين قد سجلا صحيفة دعواهما في 2/ 10/ 78 قبل أن يسجل الطاعنان الحكم الصادر بصحة ونفاذ عقدهما أو الصادر إليهما من ذات البائع ورتب على ذلك أنهما لا يحاجان بهذا التسجيل الأخير، ولا تنتقل به الملكية إلى الطاعنين بالنسبة لهما وأن هذا التسجيل لا يحول دون أن يحكم لهما بصحة ونفاذ عقدهما العرفي حتى إذا أشر بهذا الحكم وفق القانون يكون حجة على الطاعنين، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويغدو النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب السابع على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولان أنهما دفعا أمام محكمة الموضوع بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن البائع للمطعون ضدهما الأولين يستند في ملكيته لما باعه إلى الحكم الصادر بفرز وتجنيب حصة الخيرات وتوزيع باقي التركة على مستحقي الوقف ومن بينهم البائع وأن هذا الحكم لم يصبح نهائياً بعد للطعن عليه بالاستئناف من باقي المستحقين ووزارة الأوقاف غير أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع على سند من أن الثابت في الدعوى تسجيل الطاعنين للحكم الصادر لصالحهما في دعوى صحة ونفاذ العقد الصادر إليهما من ذات المفلس مما مفاده أن الحكم الصادر من لجنة القسمة قد صار نهائياً في حين أن التسجيل لا يصح عقداً صادراً من غير مالك ولا يفيد نهائية الحكم الصادر بالفرز والتجنيب وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه ليس ثمة ما يمنع المالك على الشيوع أن يبيع قدراً مفرزاً من نصيبه، فهو وإن كان لا ينفذ في حق باقي الشركاء بل ويظل معلقاً على نتيجة القسمة، إلا أنه يعتبر بيعاً صحيحاً ونافذاً في حق الشريك البائع ومنتجاً لآثاره القانونية على نفس المحل المفرز المتصرف فيه قبل القسمة، ويحق للمشتري طلب الحكم بصحة ونفاذ هذا البيع قبل البائع له حتى يتسنى له تسجيل عقد شرائه ومن ثم يستطيع أن يحاج به البائع له في فترة ما قبل القسمة حتى يمتنع عليه التصرف في هذا القدر إلى الغير، لما كان ذلك فإنه وعلى فرض أن القسمة بين البائع للمطعون ضدهما الأولين وباقي شركائه في الوقف لم تصبح نهائية فإنه ليس من شأن ذلك أن يسلب المطعون ضدهما الأولين الحق في طلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع موضوع التداعي وملحقه المؤرخ 30/ 4/ 76 وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى القضاء بصحة ونفاذ هذا العقد وملحقه فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة ويكون تعييبه فيما أقام عليه قضاءه غير منتج لأنه متى - انتهى الحكم صحيحاً في قضائه فإنه لا يبطله ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية إذ لمحكمة النقض تصحيح هذه الأسباب دون أن تنقضه، ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.